مساعد أحمد الصبحي
:: مطـًـلع ::
- إنضم
- 2 أكتوبر 2010
- المشاركات
- 143
- الكنية
- أبو سعود
- التخصص
- عقيدة
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- حنبلي
قال الله تعالى:-
﴿وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ...﴾ الآية102 من سورة النساء
أقول:-
قد وقع في نفسي قديما هذا القول وأنا أتلو سورة النساء في بدايات الطلب فأزريت على نفسي وزجرتها حتى انزجرت ثم أذكرنيه الشيخ الشعراوي في إحدى خواطره فهو أشهر معاصر قائل به.
ومن أمارات القول الصحيح عندي أنه لا يزداد مع كثرة الاطلاع والتأمل إلا وجاهة وقوة.
قال القرطبي:-
«..وهذه الآية خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهو يتناول الأمراء بعده إلى يوم القيامة .. هذا قول كافة العلماء . وشذ أبو يوسف وإسماعيل بن علية فقالا : لا نصلي صلاة الخوف بعد النبي ﷺ ؛ فإن الخطاب كان خاصا له بقوله تعالى : {وإذا كنت فيهم} وإذا لم يكن فيهم لم يكن ذلك لهم ؛ لأن النبي ﷺ ليس كغيره في ذلك ، وكلهم كان يحب أن يأتم به ويصلي خلفه ، وليس أحد بعده يقوم في الفضل مقامه ، والناس بعده تستوي أحوالهم وتتقارب ؛ فلذلك يصلي الإمام بفريق ويأمر من يصلي بالفريق الآخر ، وأما أن يصلوا بإمام واحد فلا . وقال الجمهور : إنا قد أمرنا باتباعه والتأسي به ﷺ .. فلزم اتباعه مطلقا حتى يدل دليل واضح على الخصوص .. ثم إن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين اطرحوا توهم الخصوص في هذه الصلاة وعدَّٰوْه إلى غير النبي ﷺ وهم أعلم بالمقال وأقعد بالحال.»
قلتُ:-
لا بد أن تقوم الحجة الظاهرة البيـّـنة على أن القيد المذكور ليس بشرط وأنه قيد أغلبي، أو صفة كاشفة ونحو ذلك، وإلا فالأصل في كل قيد هو اعتبار مفهومه وأنه مراد كالمنطوق، فكيف إذا كان هذا القيد في غاية المناسبة للحكم والصفة المخصوصة الواردة.
وإذا تقرر الحكم المناسب بظاهر القرآن فلا يشكل عليه قلة من قال به. ولا حجة إلا في عمل مستفيض ظاهر يُلغى بمثله مفهوم القرآن الكريم المناسب الظاهر.
قال الشافعي في الأم [455/2] :-
«وإن رأوا سوادا مقبلا وهم ببلاد عدو أو بغير بلاد عدو فظنوه عدوا أحببت أن لا يصلوا صلاة الخوف، وكل حال أحببت أن لا يصلوا فيه صلاة الخوف إذا كان الخوف يسرع إليهم أمرت الإمام أن يصلي بطائفة فيكمل كما يصلي في غير خوف وتحرسه أخرى فإذا فرغ من صلاته حرسَ ومن معه الطائفةَ الأخرى وأمر بعضهم فأمهم. (قال الشافعي) : وهكذا آمر المسلحة في بلاد المسلمين تناظر المسلحة للمشركين أن تصنع إذا تراخى ما بين المسلحتين شيئا وكانت المسلحتان في غير حصن أو كان الأغلب أنهم إنما يتناظرون بناظر الربيئة لا يتحاملون.»
وقال الشافعي-رحمه الله-[470/2]:-
«وإذا خافت الجماعة القليلة السبع أو السباع فصلوا صلاة الخوف كما صلى رسول الله ﷺ بذات الرقاع أجزأهم ذلك إن شاء الله تعالى، وأحب إلي أن تصلي منهم طائفة بإمام ثم أخرى بإمام آخر. وإذا خافوا الحريق على متاعهم أو منازلهم فأحب إلي أن يصلوا جماعة ثم جماعة أو فرادى، ويكون من لم يكن معهم في صلاة في إطفاء النار.»
قلتُ:
الظاهر من مجموع كلام الشافعي في (الأم) هو مشروعية تلك الصفات الواردة لكل جمع من المجاهدين ولا يشترط حضور النبي ﷺ معهم فالأظهر أن الحكم عنده تعبدي غير معقول المعنى لأنه لو كان عنده لأجل كراهية تفرق المؤمنين في صلاتهم على جماعتين فأكثر فلَأن يُكره في يسير الخوف أَولىٰ وأحرىٰ.
وإذا شُرع تعدد الجماعات في يسير الخوف فأولى أن يُشرع ذلك عند اشتداد الخوف، فلم يبق من علة للصفات المخصوصة الواردة في القرآن والسنة إلا التعديل والتسوية بين المؤمنين المجاهدين في الصلاة مع رسول الله ﷺ إذا كان حاضرا.
وإلا كان الحكم تعبديا محضا ولا تُعقل له علة على التفصيل وإذن فلا نتجاوز به محله المنصوص ولايُعدّىٰ إلى غيره حتى يوافقه في جميع أوصافه ولا يتحقق هذا لأحد بعد النبي ﷺ
ولكن الأوفق لهذه الشريعة هو بناء أحكامها على المعاني والحكم الظاهرة فالأصل والغالب هو معقولية المعنى حتى يتعذر علينا ذلك في مثل أعداد الركعات وغيرها من المحدَّدات الشرعية كأنصبة الزكاة وفروض الميراث ونحو ذلك.
وبعد سبر المعاني المعقولة من صلاة الخوف يبدو أن التسوية بين المؤمنين في الصلاة مع النبي ﷺ أظهر مناسبةً، وفيه تقوية لنفوسهم حين البأس، بل إنه يشبه العلة المنصوصة بظاهر الآية﴿وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ...﴾
أما تعدد جماعة الصلاة فلا بأس به عند الحاجة والمصلحة الراجحة، وصلاة المؤمنين جماعتين مستـقـرّتـيـن أولىٰ من صلاتهم جماعةً واحدةً فيها مفارقة وتأخر وتربص وخروج ودخول لولا أن النبي ﷺ معهم فيشق على بعضهم فوات الصلاة معه ﷺ
﴿وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ...﴾ الآية102 من سورة النساء
أقول:-
قد وقع في نفسي قديما هذا القول وأنا أتلو سورة النساء في بدايات الطلب فأزريت على نفسي وزجرتها حتى انزجرت ثم أذكرنيه الشيخ الشعراوي في إحدى خواطره فهو أشهر معاصر قائل به.
ومن أمارات القول الصحيح عندي أنه لا يزداد مع كثرة الاطلاع والتأمل إلا وجاهة وقوة.
قال القرطبي:-
«..وهذه الآية خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهو يتناول الأمراء بعده إلى يوم القيامة .. هذا قول كافة العلماء . وشذ أبو يوسف وإسماعيل بن علية فقالا : لا نصلي صلاة الخوف بعد النبي ﷺ ؛ فإن الخطاب كان خاصا له بقوله تعالى : {وإذا كنت فيهم} وإذا لم يكن فيهم لم يكن ذلك لهم ؛ لأن النبي ﷺ ليس كغيره في ذلك ، وكلهم كان يحب أن يأتم به ويصلي خلفه ، وليس أحد بعده يقوم في الفضل مقامه ، والناس بعده تستوي أحوالهم وتتقارب ؛ فلذلك يصلي الإمام بفريق ويأمر من يصلي بالفريق الآخر ، وأما أن يصلوا بإمام واحد فلا . وقال الجمهور : إنا قد أمرنا باتباعه والتأسي به ﷺ .. فلزم اتباعه مطلقا حتى يدل دليل واضح على الخصوص .. ثم إن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين اطرحوا توهم الخصوص في هذه الصلاة وعدَّٰوْه إلى غير النبي ﷺ وهم أعلم بالمقال وأقعد بالحال.»
قلتُ:-
لا بد أن تقوم الحجة الظاهرة البيـّـنة على أن القيد المذكور ليس بشرط وأنه قيد أغلبي، أو صفة كاشفة ونحو ذلك، وإلا فالأصل في كل قيد هو اعتبار مفهومه وأنه مراد كالمنطوق، فكيف إذا كان هذا القيد في غاية المناسبة للحكم والصفة المخصوصة الواردة.
وإذا تقرر الحكم المناسب بظاهر القرآن فلا يشكل عليه قلة من قال به. ولا حجة إلا في عمل مستفيض ظاهر يُلغى بمثله مفهوم القرآن الكريم المناسب الظاهر.
قال الشافعي في الأم [455/2] :-
«وإن رأوا سوادا مقبلا وهم ببلاد عدو أو بغير بلاد عدو فظنوه عدوا أحببت أن لا يصلوا صلاة الخوف، وكل حال أحببت أن لا يصلوا فيه صلاة الخوف إذا كان الخوف يسرع إليهم أمرت الإمام أن يصلي بطائفة فيكمل كما يصلي في غير خوف وتحرسه أخرى فإذا فرغ من صلاته حرسَ ومن معه الطائفةَ الأخرى وأمر بعضهم فأمهم. (قال الشافعي) : وهكذا آمر المسلحة في بلاد المسلمين تناظر المسلحة للمشركين أن تصنع إذا تراخى ما بين المسلحتين شيئا وكانت المسلحتان في غير حصن أو كان الأغلب أنهم إنما يتناظرون بناظر الربيئة لا يتحاملون.»
وقال الشافعي-رحمه الله-[470/2]:-
«وإذا خافت الجماعة القليلة السبع أو السباع فصلوا صلاة الخوف كما صلى رسول الله ﷺ بذات الرقاع أجزأهم ذلك إن شاء الله تعالى، وأحب إلي أن تصلي منهم طائفة بإمام ثم أخرى بإمام آخر. وإذا خافوا الحريق على متاعهم أو منازلهم فأحب إلي أن يصلوا جماعة ثم جماعة أو فرادى، ويكون من لم يكن معهم في صلاة في إطفاء النار.»
قلتُ:
الظاهر من مجموع كلام الشافعي في (الأم) هو مشروعية تلك الصفات الواردة لكل جمع من المجاهدين ولا يشترط حضور النبي ﷺ معهم فالأظهر أن الحكم عنده تعبدي غير معقول المعنى لأنه لو كان عنده لأجل كراهية تفرق المؤمنين في صلاتهم على جماعتين فأكثر فلَأن يُكره في يسير الخوف أَولىٰ وأحرىٰ.
وإذا شُرع تعدد الجماعات في يسير الخوف فأولى أن يُشرع ذلك عند اشتداد الخوف، فلم يبق من علة للصفات المخصوصة الواردة في القرآن والسنة إلا التعديل والتسوية بين المؤمنين المجاهدين في الصلاة مع رسول الله ﷺ إذا كان حاضرا.
وإلا كان الحكم تعبديا محضا ولا تُعقل له علة على التفصيل وإذن فلا نتجاوز به محله المنصوص ولايُعدّىٰ إلى غيره حتى يوافقه في جميع أوصافه ولا يتحقق هذا لأحد بعد النبي ﷺ
ولكن الأوفق لهذه الشريعة هو بناء أحكامها على المعاني والحكم الظاهرة فالأصل والغالب هو معقولية المعنى حتى يتعذر علينا ذلك في مثل أعداد الركعات وغيرها من المحدَّدات الشرعية كأنصبة الزكاة وفروض الميراث ونحو ذلك.
وبعد سبر المعاني المعقولة من صلاة الخوف يبدو أن التسوية بين المؤمنين في الصلاة مع النبي ﷺ أظهر مناسبةً، وفيه تقوية لنفوسهم حين البأس، بل إنه يشبه العلة المنصوصة بظاهر الآية﴿وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ...﴾
أما تعدد جماعة الصلاة فلا بأس به عند الحاجة والمصلحة الراجحة، وصلاة المؤمنين جماعتين مستـقـرّتـيـن أولىٰ من صلاتهم جماعةً واحدةً فيها مفارقة وتأخر وتربص وخروج ودخول لولا أن النبي ﷺ معهم فيشق على بعضهم فوات الصلاة معه ﷺ