العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

فهم التشيع جزء 9 صراع المشروعية وأثره في تشكيل الفكر الشيعي (3)

د. نعمان مبارك جغيم

:: أستاذ أصول الفقه المشارك ::
إنضم
4 سبتمبر 2010
المشاركات
197
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
الجزائر
المدينة
-
المذهب الفقهي
من بلد يتبع عادة المذهب المالكي
صراع المشروعية وأثره في تشكيل الفكر الشيعي (3)

ثالثا: صراع المشروعية ضد الصحابة وأهل السنة

لقد قام الفكر الشيعي على أساس أن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وذريته من بعده أولى بالخلافة، وأن تلك الأولوية قائمة بأمرٍ من الله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم. وبسبب عدم وجود نصوص في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية الصحيحة تثبت ذلك، زيادة على أن الواقع التاريخي ينفي ذلك، حيث تولى الخلافة أبو بكر وعمر وعثمان قبل علي بن أبي طالب، وبايعهم علي بن أبي طالب بالخلافة وكان من المساعدين المستشارين لهم، فإنه لابد لهم من البحث عن مبررات شرعية تثبت مشروعية فكرتهم وتؤيدها. وقد سلكوا في إثبات رأيهم ذلك طرقاً مختلفة: أولها: الطعن في الصحابة واتهامهم بتحريف القرآن الكريم، وثانيها: تأويل الآيات القرآنية، وثالثها: تأويل الأحاديث النبوية والزيادة فيها بما يفيد النصّ على خلافة علي، ورابعها: وضْعُ نصوص أخرى من عندهم ونسبتها غالباً إلى أئمتهم خاصة إلى جعفر الصادق وأبيه محمد الباقر وعليّ بن أبي طالب، وأحياناً إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وخامسها: التدليس والاختلاق. وفيما يأتي نماذج تبيِّن ذلك.

1- ادعاء تحريف القرآن الكريم

لقد كانت الرغبة في إثبات صحة النظرة الشيعية للإمامة جامحة إلى درجة أعْمَتْ بعض أصحابها، وأوصلتهم إلى التشكيك في اكتمال القرآن الكريم الموجود بين المسلمين، واتهام الصحابة بحذف آيات تتحدث عن إمامة علي بن أبي طالب وذريته، وحذف الآيات التي تصف المهاجرين والأنصار بالنفاق.

ومن الصور التي ظهر فيها ذلك التشكيك ادعاء أن عليّ بن أبي طالب انفرد بجمع القرآن كاملا صحيحا، وهو ادعاء يوحي بنقصان القرآن الموجود بين أيدي المسلمين. روى الكليني بسنده منسوبا إلى محمد الباقر: "مَا ادَّعَى أَحَدٌ من الناس أنّه جَمَعَ القُرآن كُلَّهُ كَمَا أُنْزِلَ إلاّ كَذَّابٌ، ومَا جَمَعَهُ وحَفِظَهُ كَمَا نَزَّلَهُ اللهُ تعالى إلاّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام والأئمّة من بعده عليهم السلام".([1])

وقد تجاوز الأمر ذلك الادعاء، ووصل إلى حدّ وضع نصّ والزعم أنه آية مفقودة من القرآن الكريم. روى الكليني بسنده عن زرارة قال: "سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزّ وجلّ: (وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا) ما الرّسول وما النّبيّ؟ قال: النّبيّ الذي يَرَى في مَنَامِه ويَسْمَعُ الصَّوت ولا يُعَايِنُ الـمَلَك، والرّسول الذي يسمع الصوت ويرى في المنام ويُعَايِنُ الـمَلَك. قلت: الإمام مَا مَنْزِلَتُه؟ قال: يسمع الصوت ولا يرى ولا يُعَايِنُ الـمَلَك، ثُمَّ تَلاَ هذه الآية: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ ولا مُحَدَّث).([2]) وكذلك روى بسنده عن بُرَيْدٍ "عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام في قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ ولا مُحَدَّث)...".([3]) انظر إلى الكليني كيف يروي هذا النص بزيادة عبارة (ولا محدَّث) على أنه آية من القرآن، ويبدو أنه على يقين من ذلك، وينسبُه إلى الله سبحانه وتعالى دون أي تَحَرُّجٍ أو تَوَرُّع!

ولست أدري كيف كان موقف الكليني الذي يعد واحدا من أكابر المذهب الشيعي الإثني عشري من قول الله سبحانه وتعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)،([4]) وقوله تعالى واصفاً القرآن الكريم: (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (*) لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ).([5]) فالآيات صريحة في أنّ الله سبحانه وتعالى قد تكفّل بحفظ القرآن الكريم بنفسه. فهل يمكن القول بأنّ القرآن الكريم قد يتعرّض في أيّ وقت للتّحريف وإخفاء بعض الآيات منه؟ إن القول بمثل هذا لن يكون له أيّ تفسير سوى التكذيب بهذه الآيات الكريمة.

من الواضح أن واضعي هذه الأخبار يريدون بذلك أن يثبتوا مَفْخَرَةً عظيمةً للعلويين وشيعتهم بأنهم هم وحدهم الذين يملكون القرآن الكامل، أما غيرهم من المسلمين فإنهم كاذبين في ادعاء اكتمال القرآن الموجود عندهم، وأن القرآن الكريم قد نص على الوصية لعلي بن أبي طالب بالخلافة، ولكن الصحابة أخفوا ذلك. ولكن الواقع أن الشيعة يستعملون مصحف أهل السنة الذي جمعه الصحابة في عهد أبي بكر وعثمان، ولم يستطيعوا إظهار ما يسمونه "مصحف عليّ" و"مصحف فاطمة"، بل ظلوا عبر التاريخ إلى يومنا هذا يعتمدون المصحف العثماني الذي كُتب في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهذا يدل على أن ما تذكره كتبهم من "مصحف علي" و"مصحف فاطمة" مجرد دعاية كاذبة للمزايدة والطعن في الصحابة. وقد أصبحت تلك الدعاية مصدرَ إحراجٍ للشيعة، وسببا للتشهير بمذهبهم بكونه مذهباً يطعن في القرآن الكريم؛ ولذلك انبرى كُتَّابهم في الكتابات المعاصرة الموجَّهة لغير الشيعة لردّ هذه التهمة، وبيان أن الشيعة يعتقدون أن المصحف الموجود بين المسلمين كامل لا نقصان فيه.

2- تأويل آيات القرآن الكريم

من أجل إثبات نظرية الإمامة والصفات الخيالية التي نسبها الشيعة إلى أئمتهم عمدوا إلى تأويل كل ما جاء في القرآن الكريم بخصوص المؤمنين والصالحين عبر تاريخ الرسالات السماوية، أو في وصف بعض الأنبياء ممن لم تذكر أسماؤهم، بأن ذلك ورد في علي بن أبي طالب والأئمة من ذريته. فما جاء في القرآن الكريم من مدح وثناء فالمراد به عليّ بن أبي طالب وأئمة الشيعة الإثني عشرية من ذريته، وما جاء في القرآن الكريم من عتاب أو ذمّ أو وصف بالنفاق والردة فالمراد به الصحابة رضي الله عنهم. وإذا نظرت في كتب التفسير والحديث والعقائد عندهم تجد المئات من تلك الأمثلة، ويكفي هنا الإشارة إلى بعضها: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)([6]) المقصود بأولي الأمر عندهم هو علي بن أبي طالب والأئمة من ذريته. وقوله تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)([7]) المراد بأهل الذّكر أئمة الشيعة الإثني عشرية. وقوله تعالى: (إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ)([8]) المقصود بالهادي علي بن أبي طالب. وقوله تعالى: (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ)([9]) الذي عندهُ علمُ الكتاب هو عليّ بن أبي طالب.

وفي قوله تعالى: (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (*) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)([10]) الذين تبيضّ وجوههم هم أئمة الشيعة الإثني عشرية وشيعتهم، والذين تسودّ وجوههم هم الصحابة رضي الله عنهم وأتباعهم. وهذا ضرب من الهوس القائم على التعصب الأعمى لا يحتاج إلى مناقشة ودحض؛ لأنه لا يقول به أو يصدقه إلا من أعماه التعصب والجهل.

3- تأويل معاني الأحاديث النبوية والزيادة فيها

أكثر ما يذكره كُتَّاب الشيعة للاستدلال على أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه هو وصيُّ الرسول صلى الله عليه وسلم في أمور الدين والدنيا ثلاثة أحاديث: الأول: قوله صلى الله عليه وسلم: "أَلا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلاَّ أَنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِي"، والثاني: قوله: "من كنت مولاه فعليٌّ مولاه"، والثالث: حديث الثقلين. والأحاديث أصلها صحيح ولكن أنصار التشيُّع أضافوا إليها عبارات ونسجوا حولها روايات كثيرة لا أساس لها من الصحة، كما أنهم يقتطعون الأحاديث عن سياقها لتحميلها المعاني التي يريدونها.

أما الحديث الأول فقد روى البخاري عن مُصْعَب بن سَعْدٍ عن أبيه أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم خرج إلى تَبُوك واسْتَخْلَف عليًّا، فقال: "أَتُخَلِّفُنِي فِي الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاء؟ قَالَ أَلا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلاَّ أَنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِي".([11]) ويقتطع الشيعة من هذه القصة قوله صلى الله عليه وسلم "ألا ترضى أن تكون مني بمنْزِلة هارون من موسى" ويؤولونه على أن المقصود به أنه يكون الوصيّ من بعده صلى الله عليه وسلم في أمور الدين والدنيا.

وعند النظر في سياق الحديث نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك عندما راجعه علي بن أبي طالب رضي الله عنه مبديا حُزْنَهُ على تركه في المدينة مع النساء والأطفال حين خرج كل الصحابة للجهاد، فيُطَيِّبُ الرسولُ صلى الله عليه وسلم خاطره بتشبيه تركه لرعاية أهل المدينة عند خروجه إلى غزوة تبوك بتولية موسى لأخيه هارون على قومه عندما خرج إلى ميعاد تلقي الوحي من الله سبحانه وتعالى.([12])

الحديث الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم: "من كُنت مولاه فعليٌّ مولاه"، وتزيد بعض الروايات "اللهم وال من والاه وعاد من عاداه". وقد ورد ذكر هذا في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في المكان الذي يسمى "غدير خم" عند رجوعه صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع. أما أصل الخطبة فهو ثابت، وقد أوردها مسلم في صحيحه -كما سيأتي في الحديث الثالث- ولكنه لم يذكر عبارة "من كنت مولاه فعلي مولاه"، ولا عبارة "اللهم وال من والاه وعاد من عاداه". وأما عبارة "اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه" فقد جاء النص في رواية في مسند الإمام أحمد على أنها ليست من قول النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هي من زيادة الرواة، ونص الرواية كالآتي: حدَّثنا عبدُ الله، حدَّثني حَجَّاجٌ ابن الشَّاعر، حدَّثنا شَبَابَةُ، حدَّثني نُعَيْمُ بن حكيم، حدَّثني أبو مَرْيَمَ، وَرَجُلٌ مِنْ جُلَسَاءِ عليٍّ، عن عليٍّ: أَنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال يوم غدير خُمٍّ: "مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ" قَالَ: فَزَادَ النَّاسُ بَعْدُ: "وَالِ مَنْ وَالاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ."[13] وأما عبارة "من كُنت مولاه فعليٌّ مولاه" فقد أوردها الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سُنَنِه وقال عنها: "هذا حديث حسن غريب."

وعند النظر في الروايات التي تتحدث عن سياق تلك الخطبة نجد أنها جاءت لتبرئة ساحة علي رضي الله عنه مما وقع فيه من طعن، لأمرين: أحدهما: أنه لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن لتخميس الغنائم أخذ جارية من الـخُمُس كانت من نصيبه فكره بعض الناس ذلك وتكلموا فيه وبلَّغوا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم. والأمر الثاني: أنه لما أراد الرجوع من اليمن مع الجماعة الذين كانوا معه أستأذنوه في ركوب إبل الزكاة بسبب ما وقع من خلل في إبلهم فلم يأذن لهم في ذلك. وقد تركهم علي رضي الله عنه في اليمن بعد أن أَمَّرَ عليهم رجلا وأسرع هو إلى مكة لإدراك الحج مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ من الحج رجع إليهم فلقيهم في الطريق قادمين ووجد أن الرجل الذي أمَّرَهُ عليهم قد كساهم حُلَلا من الغنائم أو الصدقات، فلامهم على ذلك وأمرهم بنزعها. فحصل في نفوس بعض الناس وحشة منه وتكلموا فيه ووصفوه بالشدة والإعنات.[14] فلما كان النبي صلى الله عليه وسلم في طريق عودته إلى المدينة توقف في منطقة تدعى "غدير خم" وخطب خطبة كان منها مدح علي رضي الله عنه وتبرئة ساحته.

الحديث الثالث: حديث "الثقلين" و"العترة". والأصل الصحيح في ذلك ما أخرجه مسلم عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: "قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خُمًّا بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال: أَمَّا بَعْدُ، ألا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كتَابُ اللهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بكِتَابِ اللهِ، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ. فحثَّ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: وأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي."([15]) والحديث ليس فيه الوصية باتِّبَاع أهل البيت، وإنما فيه الوصية باتِّبَاع كتاب الله تعالى، والإحسان إلى أهل بيته صلى الله عليه وسلم. فالحُجَّة في كتاب الله تعالى، ولا حُجّة في أهل البيت، إنما حقّ أهل البيت التكريم والإحسان إليهم.

ويؤيد ذلك ما ورد في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: "وقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ ما لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ، كِتَابُ اللهِ، وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ."([16])

هذا هو الصحيح الثابت فيما يتعلق بالثقلين، أما الروايات التي تجعل الحُجّة في كتاب الله وأهل البيت معا، مثل: "إني تارك فيكم أمرين لن تضلوا إن اتبعتموهما، وهما كتاب الله، وأهل بيتي عترتي"، و"فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين. فلما سئل عن الثقلين قال: الأكبر كتاب الله... والأصغر عترتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض"، و"أيها الناس إني تارك فيكم أمرين لن تضلوا إن اتبعتموهما، وهما كتاب الله وأهل بيتي عترتي"، ما يُشبهُها من الروايات، فهي كلها روايات لا تتوفر فيها شروط الصحة، وهي من نسج أنصار التشيُّع. ومما يؤيد عدم صحتها -زيادة على أنه لا توجد فيها رواية بسند صحيح- مخالفتُها لمبادئ الدين؛ فإن مصدر الشرع والهداية كتاب الله تعالى وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، أما أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم فهم ليسوا أنبياء ولا رسلا، بل هم بَشَرٌ مثل غيرهم من البَشَر يهتدون بكتاب الله وسنّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم، وهم يصيبون ويخطئون وفيهم الـمُحْسِن والمسيء مثل غيرهم من المسلمين، ولا يُعقل أن يقرن النبي صلى الله عليه التمسُّك بهم بالتمسك بكتاب الله تعالى. كما يؤيد ذلك الواقع؛ فلو كان الانتساب إلى أهل البيت يعصم صاحبه من الزيغ والانحراف لكان ذلك عاصما للشيعة الذين ينتسبون إليهم. والواقع يخالف ذلك، حيث إن الشيعة كانوا أكثر الطوائف انحرافا، فقد ظهرت فيهم عشرات الفرق التي تنتسب إلى أهل البيت وفيها ظهرت جميع الانحرافات مثل ادعاء النبوة، وتناسخ الأرواح، وادعاء الألوهية، وإسقاط الشريعة، والاستغاثة بالأموات، وغيرها.

وهنا قضيتان يجب التنبيه عليهما: أولاهما: أن الروايات المصنَّفة في مرتبة "الحسن" لا تصل إلى مرتبة "الصحيح"، وهي في أصلها عند الأوائل من علماء الحديث تنتمي إلى مرتبة "الضعيف"، ولكن لما كان الضَّعْف مراتب فقد أضاف بعض علماء الحديث مرتبة "الحسن" وأدخلوا ضمنها الروايات التي هي في أقلِّ مراتب الضّعف. القضية الثانية: أنه شاع بين بعض علماء الحديث القول بقبول الروايات الضعيفة في الفضائل على اعتبار أنها لا تتعلق بأصول الدين والأحكام الشرعية الأساسية. والأولى أن يكون خلافُ ذلك، حيث يكون التشديد في قبول الروايات المتعلقة بفضائل الأشخاص وفضائل الأعمال وفضائل الأطعمة والأشربة؛ لأن تلك المواضيع كانت مرتعا خصبا لوضع الروايات ونسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم. لقد أدى الصراع السياسي بين العشائر والقبائل والطوائف (وهو الصراع الذي أُعْطِيَ فيما بعد بُعْدا دينيا) إلى وضع روايات كثيرة في فضائل بعض الصحابة من أجل كسب المشروعية الدينية للتيارات السياسية والفرق الدينية. كما وضع بعض القُصَّاص والمغرضون وبعض الزُّهاد الـجُهَّال روايات كثيرة في فضائل الأعمال من أجل ترغيب الناس في تلك الأعمال أو بغرض إفساد الدين بنشر الخرافات. ووضع بعض التُّجّار الفُجَّار روايات نسبوها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أو إلى الصحابة في فضائل الأطعمة والأشربة التي يريدون الترويج لها. وقد نتج عن ذلك وجود رُكام ضخم من الروايات المتعلقة بتلك الفضائل، واختلطت الزيادات الموضوعة مع الأصول الصحيحة، وربما أدى ذلك إلى التباس الأمر على بعض الرواة فيُلحقون الزيادات التي لا أصل لها بالأصول الصحيحة، ولذلك وجب التدقيق في الروايات المتعلقة بتلك الموضوعات، ويكون الأصل أن لا يُقبل من الروايات المتعلقة بتلك الفضائل إلا ما كان صحيحا لا شائبة فيه. ولا ينبغي أن يكون معيار العمل بالرواية هو كون المسألة من فضائل الأعمال أو من الأحكام الأساسية، بل ينبغي أن يكون المعيار هو ثبوت الرواية عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو عدم ثبوتها، حتى لا يُنسب إليه صلى الله عليه وسلم شيءٌ لا تثبت نسبتُه إليه.

4- وضع الأخبار
ومن ذلك وضع نصوص تزعم وجود وصية من عند الله تعالى تنصّ على تخصيص عليّ وذريته من فاطمة بالخلافة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، نورد منها نصين:

روى الكليني بسنده منسوبا إلى جعفر الصادق: "إنّ الوصيّة نزلت من السماء على محمد كتاباً، لم يُنْزَل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم كتاب مختوم إلاّ الوصيّة. فقال جبريل عليه السلام: يا محمد! هذه وصيّتك في أمتك عند أهل بيتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أيّ أهل بيتي يا جبريل؟ قال: نجيب الله منهم وذريته ليرِثَك علمَ النبوّة كما وُرِثَهُ إبراهيم عليه السلام، وميراثه لعليّ عليه السلام وذريتك من صلبه، قال: وكان عليها خواتيم، قال: ففتح عليّ عليه السلام الخاتم الأول ومضى لِمَا فيها، ثم فتح الحسن عليه السلام الخاتم الثاني ومضى لِمَا أُمِرَ به فيها، فلما توفيّ الحسن ومضى فتح الحسين عليه السلام الخاتم الثالث فوجد فيها أن قاتل فاقْتُل وتُقْتَل واخْرُجْ بأقوامٍ للشهادة لا شهادة لهم إلاّ معك، قال: ففعل عليه السلام، فلما مضى دفعها إلى عليّ بن الحسين عليه السلام قبل ذلك، ففتح الخاتم الرابع فوجد فيها أن اصْمُتْ وأطْرِقْ لِما حُجِبَ العلم، فلما توفيّ ومضى دفعها إلى محمد بن عليّ ففتح الخاتم الخامس فوجد فيها أنْ فَسِّرْ كتابَ الله تعالى وصدِّق أباكَ وورِّث ابنك واصطنع الأمَّة وقُمْ بحقّ الله عزّ وجلّ وقُلِ الحقّ في الخوف والأمْن ولا تَخْشَ إلاّ الله، ففعل، ثُمّ دفعها إلى الذي يليه، قال: قلت له: جُعِلْتُ فِدَاك فأنت هو؟ قال: فقال: ما بِيَ إلاّ أنْ تذهب يا معاذ فتروي عليَّ، قال: فقلت: أسأل الله الذي رزقك من آبائك هذه المنْزِلة أن يرزقك من عقبك مثلها قبل الممات، قال: قد فعل الله ذلك يا معاذ، قال: فقلت: فمن هو جعلت فداك؟ قال: هذا الراقد -وأشار بيده إلى العبد الصالح- وهو راقد".([17])

الظاهر من نص هذه الرواية أنها وُضِعت في نهاية عهد جعفر الصادق أو بعد ذلك، وهي رواية موجَّهة إلى إثبات حَصْر الخلافة في عليّ وذريته من فاطمة، وادعاء أن أولئك الأئمة قد ورثوا علم النبوّة كما ورثوا الحكم. كما أنها موجّهة لتبرير تنازل الحسن بن علي عن الخلافة، وسكوت الأئمة الذين جاءوا بعد الحسين عن المطالبة بالحكم من خلال إظهار أن ذلك السكوت كان بأمر من الله تعالى وجدوه مكتوبا في تلك الوصية.

ويبدو أن النص السابق لم يكن وافيا بالأغراض المرجوة من القول بالوصية، فوضع بعض منظري الشيعة الإثني عشرية فيما بعد نصا آخر في الوصية لتحقيق الأغراض المتبقية. فأضافوا القول بأنه ورد في الوصية إخبار عليّ بن أبي طالب بأن الخلافة ستُغتصَب منه، وأن حُرمَتَه ستُنتهَك، وطُلِب منهم الصبر على ذلك، كما أضافوا إلى مضمون الوصية اشتمالها على سنن الله وسنن رسوله صلى الله عليه وسلم وليس فقط الوصية بالإمامة. والنص طويل جدا سأورد منه مقاطع فقط. روى الكليني بسنده منسوبا إلى موسى بن جعفر الصادق أنه قال: "قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أليس كان أمير المؤمنين عليه السلام كاتب الوصية ورسول الله صلى الله عليه وسلم المملي عليه وجبرائيل والملائكة المقربون عليهم السلام شهود؟ قال: فأطرق طويلاً ثم قال: يا أبا الحسن! قد كان ما قلتَ، ولكن حين نزل برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأمر، نزلت الوصيّة من عند الله كتاباً مسجلاً، نزل به جبرائيل مع أُمَنَاءِ الله تبارك وتعالى من الملائكة، فقال جبرائيل: يا محمد! مُرْ بإخراج مَنْ عندك إلاّ وصيّك، ليقبضها منّا وتُشْهِدَنا بدفعك إيّاها إليه ضامناً لها، يعني عليّاً عليه السلام؛ فأَمَرَ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بإخراج من كان في البيت مّا خلا عليّاً عليه السلام، وفاطمة فيما بين السِّتْر والباب، فقال جبرائيل: يا محمد! ربُّك يقرِئُك السلام ويقول هذا كتابُ مَا كنتُ عهدتُ إليك وشرطتُ عليك وشَهِدْتُ به عليك وأشهدت به عليك ملائكتي وكَفَى بي يا محمد شهيدا، قال: فارتعدت مفاصل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا جبرائيل! ربِّي هو السلام وإليه يعود السلام، صَدَق -عزّ وجلّ- وبَرَّ، هاتِ الكتاب، فدفعه إليه وأمره بدفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: أقرأه، فقرأه حرْفاً حرْفاً، فقال: يا عليّ! هذا عهْد ربي تبارك وتعالى إليّ وشرطه عليّ وأمانته، وقد بلَّغْتُ ونصحت وأدَّيت... وكان فيما اشترط عليه النبيّ بأمر جبرائيل عليه السلام فيما أمَرَ الله عزّ وجلّ أنْ قال له: يا علي! تَفِي بما فيها من مُوَالاَةِ مَن وَالَى اللهَ ورسولَه والبراءة والعداوة لِمَن عَادى اللهَ ورسولَهُ والبراءة منهم على الصّبْر منك [و] على كظْم الغيظ وعلى ذهاب حقِّكَ وغَصْبِ خُمُسِك وانْتِهَاك حُرْمَتِك؟ فقال: نعم يا رسول الله!...فقال أميرُ المؤمنين عليه السلام: والذي فَلَقَ الحبَّة وبَرَأ النَّسَمة لقد سمعت جبرائيل عليه السلام يقول للنبي: يا محمد! عرِّفه أنه يُنْتَهَك الحرمةُ وهي حُرْمَة الله وحرمةُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى أن تُخَضَّبَ لِحْيَتُه من رأسه بدم عبيط... ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمةَ والحسن والحسين وأعلمهم مثل ما أعلم أمير المؤمنين، فقالوا مثل قوله، فختمت الوصيّة بخواتيم من ذهب لم تَمُسّه النّار ودُفِعَت إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فقلت لأبي الحسن: بأبي أنت وأمي ألاَ تذكر ما كان في الوصية؟ فقال: سنن الله وسنن رسوله، فقلت: أكان في الوصيّة توثُّبُهم وخلافهم على أمير المؤمنين عليه السلام؟ فقال: نعم والله شيئاً فشيئاً، وحرفاً حرفاً..."([18])

في هذه الرواية ترى العجب عن الهالة التي أحيطت بها الوصية، والغريب أنها جعلت الوصيّة سرية لا يعلم بها أحد سوى علي وفاطمة والحسن والحسين. والمفترض في وصيّة بهذه الخطورة أن تُعلن على الملأ ليعلم بها جميع الناس، ويعملوا بما فيها من طاعة وخضوع للأوصيّاء بعد النبيّ صلى الله عليه وسلم، فهي لا تتطلَّب إحاطتها بالسرِّية، بلْ تتطلَّب جَمْع الناس وإبلاغهم بإرادة الله تعالى بحصْر الخلافة في أوصيّاء معلومين حتى تُقَام الحجَّة على الناس، ولا يحتَجّ الناس على الله تعالى يوم القيامة بأن الوصيّة لم تبْلُغهم لأنها كانت سرّية. وإذا كانت الوصيّة قد أُرِيدَ لها أن تكون سريّةً لا يعلمها سوى عليّ وفاطمة وابنيهما، ولا يعلم بها حتى أهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم: فَلِمَاذا اللَّوْمُ إذاً على الصَّحابة إذا لم يعْلَمُوا بها ولم يعْمَلُوا بها، فهي كانت سرِّية، وهم قَدْ مُنِعُوا قَصْداً مِن العِلْمِ بنُزُولِها فضلاً عن معرفة مضمونها؟

ويبدو أن القول بإحاطة الوصية بالسرية كان لتبرير عدم وجودها. فالسؤال البديهي الذي يطرح على القائلين بالوصية: إذا كانت الوصية موجودة فأين هي؟ كيف لم يعلم بها الصحابة، ولم يروها الرواة؟ وكيف لم يعلم بها أتباع الفرق الشيعية الأخرى ولم يعملوا بها؟ فأراد واضعها أن يتجنب هذا الإشكال بالنص على أنها نزلت بشكل سري!

وأكبر دليل أن هذه النصوص موضوعة أن الشيعة أنفسهم وضعوا روايات كثيرة -سيأتي الحديث عنها في فصل الإمامة- تنصّ على أن تعيين الإمام يكون بطرق أخرى غير هذه الوصيّة. والدليل الآخر على أنها مكذوبة أن الشيعة كانوا يختلفون بعد وفاة كل إمام في من يكون الإمام بعده، ولو كانت الوصية بأسماء الأئمة موجودة لما وقع ذلك الاختلاف بينهم. وقد أورد اليعقوبي مختلف الحوادث التاريخيّة المتعلقة بالعلويين وشيعتهم منذ البداية إلى عام 259هـ، ولم يذكر في كلّ ذلك مسألة الوصيّة أو الاحتجاج بها. فمثلاً عند حديثه عن بيعة أبي بكر الصديق وما صاحب ذلك من مناقشات بين مختلف التيارات السياسية أورد حجج كلّ فريق، ولكنه لم يذكر أبداً أنّ عليّ بن أبي طالب أو واحداً من أنصار ترشيحه للخلافة قد احتجّ على المخالفين بكون الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بالخلافة بعده لعليّ بن أبي طالب، ولو كانت الوصيّة موجودة لَمَا تَوانَى عليّ وأنصارُه رضي الله عنهم في الاحتجاج بها! وكلّ ما ذكرته المصادر القديمة هو احتجاج عليّ رضي الله عنه بالقرابة من الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث كان ابن عمه وزوج ابنته.


5- التدليس والاختلاق
سلك كتاب الشيعة المعاصرون في الدعوة إلى المذهب الشيعي مسلك التّدليس والتزوير؛ ومن أمثلة ذلك التظاهر بالاستدلال بالروايات الموجودة في كتب أهل السنّة على صحّة معتقدات الشيعة من باب إلزام الخصوم بما هو موجود عندهم. وهم يعلمون أنّ عامة القُرّاء يصعب عليهم الرّجوع إلى المصادر الأصليّة والتّحقُّق مما ينسبه كُتّاب الشيعة إليها، وقد تميّز أسلوبهم هذا بما يأتي:

1- يأخذون نصوص بعض الروايات من الكتب الشيعيّة ثم يبحثون عن رواية في كتب أهل السنّة تشترك مع تلك الرواية في بعض الكلمات ولكنّها تختلف معها في البعض الآخر وتختلف معها في المعنى، ثم ينسبون الرواية الشيعية الموضوعة إلى كتب أهل السنّة بما يُوهِم القارئ أنّ تلك الروايات قد وردت فعلاً بتلك الألفاظ والمعاني في كتب أهل السنّة.

2- أورد علماء أهل السنّة في الكتب التي جمعت الحديث -دون الاقتصار على الصحيح منه- روايات ضعيفة وموضوعة مع بيان أنها ضعيفة أو موضوعة، وهم إنما أوردوها من باب بيان عدم صحتها وتنبيه الناس عليها، ولكنّ كُتّاب الشيعة ينقلونها من تلك المصادر دون بيان لذلك، ليوهموا القارئ بأنّ تلك الروايات صحيحة عند أهل السنّة ولكنهم لم يعملوا بها.

وفيما يأتي أمثلة قليلة لمجرّد التنبيه على خصائص صراع المشروعية في العصر الحديث.

المثال الأول: آية التطهير فيمن نزلت؟

يقول رجل الدين الشيعي محمد مهدي الآصفي في رسالة له بعنوان: آية التطهير: "وإمعاناً في تحديد أهل البيت في الخمسة الذين نزلت فيهم الآية الكريمة، وفي غيرهم، وإعلاماً للأمة بما لا يقبل الشكّ والتأويل بأهل البيت وعددهم في عصر نزول الآية الكريمة، أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو هذه الآية الكريمة كلّ يوم على باب بيت الزهراء عليها السلام، حيث يجمع عليّاً والزهراء والحسنين عليهم السلام، بمرأى ومسمع من المسلمين..."([19]) ثم أورد بعض الروايات لتأييد تلك الدعوى ونسبها إلى كتب أهل السنة.

بداية نلفت النظر إلى أن قول الكاتب: "حيث يجمع عليّاً والزهراء والحسنين عليهم السلام "، اختلاق من عنده، حيث لا يوجد في الروايات الواردة أيّ ذكر لكون الرسول صلى الله عليه وسلم كان يجمع عليّاً وفاطمة وابنيهما، بل الروايات تقول إنه كان يَمُرّ على باب بيت فاطمة ويسلِّم ويقرأ هذا المقطع من الآية. وقول الكاتب: "بمرأى ومسمع من المسلمين"، يوحي بأنّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان يجمع المسلمين ليشهدوا ذلك، أو أنه كان يتعمّد فعله أمام جمع كبير من المسلمين ليشهدوا على ذلك، ولكن الحقيقة أن الروايات ليس فيها شيء من ذلك.

وفيما يأتي بعض الروايات التي أوردها الكاتب، وبيان وجه التدليس والتزوير فيها:
الرواية الأولى: أورد الكاتب الرواية الآتية: "عن أبي برزة، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة عشر شهرا، فإذا خرج من بيته أتى باب فاطمة عليها السلام فقال: الصلاة عليكم (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا). ثم قال عنها: "رواها في مجمع الزوائد."([20])

والرواية الحقيقية في مجمع الزوائد كالآتي: عن أبي برزة قال: "صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة عشر شهراً فإذا خرج من بيته أتى باب فاطمة فقال: الصلاة عليكم (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا). رواه الطبراني وفيه عمر بن شبيب المسلي وهو ضعيف.([21])

فصاحب مجمع الزوائد نقل هذا الخبر عن الطبراني وبيّن أنّه غير صحيح ولا يُعْمَلُ به، ولكن الكاتب لم يذكر حكم الهيثمي على هذا الأثر بعدم الصحّة، وأوهم القُرّاء بأنّ الهيثمي رواه وهو يعتقد أنه صحيح.

وقد أورد الهيثمي في مجمع الزوائد روايات أخرى بهذا المعنى وحكم عليها بأنها مكذوبة، ومنها ما روي عن أبي الحمراء قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي باب عليّ وفاطمة ستة أشهر فيقول: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا). رواه الطبراني، وفيه أبو داود الأعمى وهو كذَّاب".([22])

الرواية الثانية: أورد محمد مهدي الآصفي الرواية: "عن أنس بن مالك: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة عشر شهرا، فإذا خرج من بيته أتى باب فاطمة عليها السلام فقال: الصلاة عليكم (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) كلّ يوم خمس مرات". ثم نسبها إلى كتب أهل السنّة فقال: (رواها الترمذي في الصحيح، وأحمد في المسند، والطياليسي في المسند، والحاكم في مستدرك الصحيحين، وابن الأثير في أسد الغابة، والطبري وابن كثير والسيوطي في تفاسيرهم).([23])

وفيما يأتي الروايات الحقيقية في كتب أهل السنة التي نسبها إليها:

رواية أنس بن مالك عند الترمذي

أولا: ينبغي الإشارة إلى أن تسميّة سنن الترمذي بـ"الصحيح" لم يَقُلْ بها أهل السنّة ولا الترمذي نفسه، بل هي زيادة من عند الكاتب فقط لِيُوهِمَ القارئ بأنّ الخبر الذي ينسبه إلى الترمذي هو حديث صحيح يجب العمل به. ومن المعلوم عند أهل السنّة أن كتاب "سنن الترمذي" فيه من الأحاديث الصحيح، والحسن، والضعيف. والترمذي نفسه لم يزعم أنّ كتابه يشتمل على الأحاديث الصحيحة فقط، بل هو نفسه يصنّف الأحاديث التي يرويها إلى صحيح وحسن وغريب.

ثانيا:
الرواية الموجودة في سنن الترمذي كالآتي: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمُرُّ بِبَابِ فَاطِمَةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ إِذَا خَرَجَ إِلَى صَلاةِ الفَجْرِ يَقُولُ: "الصَّلاةَ يَا أَهْلَ البَيْتِ" (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) (الأحزاب: 33).([24])

رواية أنس بن مالك عند أحمد

الرواية الحقيقية في مسند أحمد هي: "عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمُرُّ بِبَيْتِ فَاطِمَةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ إِذَا خَرَجَ إِلَى الْفَجْرِ فَيَقُولُ: الصَّلاةَ يَا أَهْلَ الْبَيْتِ (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا).([25])

رواية أنس بن مالك عند الحاكم

الرواية الحقيقية في المستدرك للحاكم: "عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمرّ بباب فاطمة رضي الله عنها ستة أشهر إذا خرج لصلاة الفجر يقول: "الصلاة يا أهل البيت (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)".([26])

وعند النظر في الروايات التي عند الترمذي وأحمد والحاكم نلاحظ الآتي:
- الروايات تنص على أنّ هذا الفعل كان لمدة "ستة أشهر" فقط، ولكن محمد مهدي الآصفي جعلها سبعة عشر شهراً، ولست أدري من أين جاءت الأحد عشر شهراً الزائدة؟
- الروايات تنصّ على أنّ الحادثة كانت تقع عند الذهاب إلى صلاة الفجر فقط، مرة واحدة في اليوم، ولكن محمد مهدي الآصفي جعلها خمس مرات في اليوم!
- الروايات تنصّ على أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان يوقِظ أهل بيت عليّ بن أبي طالب لصلاة الفجر فيقول: "الصلاة يا أهل البيت"، ولكن محمد مهدي الآصفي جعلها بصيغة "الصلاة عليكم"!

وفضلا عن هذا التدليس والتزوير الذي وقع فيه الكاتب، فإن هذه الروايات كلها غير صحيحة؛ لأنها كلها مروية عن علي بن زيد (وهو ابن جدعان)، وهو ضعيف لا تُقبل روايته، وهو من رجال الشيعة الذين كانوا يُنتجون الروايات التي تدعم معتقداتهم. وزيادة على عدم صحّة سَنَد تلك الروايات، فإن علامات الوضع ظاهرة عليها، إذْ كيف يبقى الرسول صلى الله عليه وسلم سبعة عشر شهرا -أو ستة أشهر- يذهب خمس مرات في اليوم -أو مرة واحدة في الفجر- لينادي أهل بيت عليّ بن أبي طالب للصلاة؟ ألم يكن له شاغل طوال هذه الشهور يصرفه عن ذلك الذهاب ولو بضع مرات؟ وأنس بن مالك الذي نُسبت إليه الرواية ألم يكن له شاغل طوال تلك الشهور يصرفه عن حضور تلك الدعوة ولو مرة واحدة؟ وأهل عليّ بن أبي طالب هل كانوا كسلاء إلى درجة أنهم يحتاجون إلى أن يوقظهم الرسول صلى الله عليه وسلم لصلاة الفجر كل يوم لمدة سبعة عشر شهرا؟

المثال الثاني: بيت عائشة مطلع قرني الشيطان

يقول الكاتب الشيعي التيجاني السماوي في معرض القدح في عائشة رضي الله عنها وتعداد ما يظنه من جرائمها: "كما أخرج البخاري أيضاً في كتاب الشروط باب ما جاء في بيوت أزواج النبي، قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيباً فأشار نحو مسكن عائشة فقال ههنا الفتنة، ههنا الفتنة، ههنا الفتنة من حيث يطلع قرن الشيطان".([27])

وهو بهذا يريد أن يوهم القارئ بأنّ الرسول صلى الله عليه وسلم يَصِفُ عائشة رضي الله عنها بأنها سوف تكون مصدرَ الفتنة، وأنّ بيتها هو منبع الفتنة، ومنه يطلع قرن الشيطان.

ولكن الناظر في الروايات الواردة في ذلك يجد المعنى مختلفاً تماماً، وإليك بعض تلك الروايات:
1 ـ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ: قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا فَأَشَارَ نَحْوَ مَسْكَنِ عَائِشَةَ فَقَالَ هُنَا الْفِتْنَةُ ثَلاثًا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ".([28])

2ـ عن سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِي اللَّه عَنْهمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: "أَلا إِنَّ الْفِتْنَةَ هَاهُنَا يُشِيرُ إِلَى الْمَشْرِقِ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ".([29])

واضح من الأحاديث أنّ بيت عائشة رضي الله عنها كان جهة المشرق فلمّا وصف الراوي الجهة التي أشار إليها الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر أنّها الجهة التي فيها بيت عائشة وهي جهة المشرق، وتلك الإشارة من باب تحديد الجهة التي قصدها الرسول صلى الله عليه وسلم. والروايات كلّها مرويّة عن نفس الصحابي، وهو عبد الله بن عمر، وقد اختلفت صيغها بين الطول والاختصار بسبب تصرُّف الرواة.
ومن الطبيعي أنّ هذا المعنى لا يمكن أن يخفى على التيجاني السماوي، ولكنها الرغبة في الانتصار على المخالف وتشويه سمعته ولو كان ذلك بالتدليس والكذب.

الخلاصة أن هذا الأسلوب الذي يستعمله كُتَّاب الشيعة يجعل الإنسان لا يثق في كلِّ ما يكتبونه؛ إذ كيف تثق بكتابة من يتعمّد التّدليس والكذب على الآخرين وتقويلهم ما لم يقولوه؟ وكُتَّاب الشيعة -بطبيعة الحال- لا يشعرون بالحرج من ذلك؛ فالتدليس والكذب من أجل نُصرة المذهب من باب التّقيّة الجائزة عندهم. وإذا كانوا ينسبون إلى أئمتهم -الذين يقولون إنهم معصومين- الكذب وتضليل الأتباع باسم التقية فما المانع من أن يفعل الأتباع ذلك؟ فالتقيّة عندهم تبرّر كلَّ شيء ما عدا المسح على الخفين والنبيذ على حسب ما رواه الكليني!

النقد الذاتي

المرويات الموضوعة موجودة في كتب أهل السنّة كما هي موجودة في كتب الشيعة، ولكن الفرق بينهما أن حركة النّقد عند أهل السنّة والجماعة قامت بإبعاد الروايات التي وُضِعَت لأغراض سياسية أو طائفية، مثل الروايات التي وُضِعت في فضل الخلفاء الراشدين ومعاوية بن أبي سفيان وعائشة وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم، والروايات التي وُضِعت في أولويّة شخص بالخلافة، سواء كان ذلك متعلِّقاً برموز أهل السنّة والجماعة أم برموز الطوائف الأخرى.

وعلى الرغم من أنّ تلك المرويات الموضوعة يمكن أن يستخدمها أتباع المذهب السنّي للرد على التيار الشيعي، وتكون الـمُقَابلَ لِمَا وضعه الشيعة من روايات في أولويّة عليّ وذريته بالخلافة، إلاّ أن علماء أهل السنّة أثبتوا أنّها موضوعة ورفضوا الأخذ بها؛ فلا مجال عندهم لمقايضة سلامة الدين وصفاء مصادره بمسألة إثبات شرعيّة وصحّة خلافة الخلفاء الراشدين أو غيرهم. إن فضل الخلفاء الراشدين مشهور في تاريخ الإسلام ولا ينكره إلاّ جاحد أو مُتَحَامِل، ومشروعيّة خلافتهم يكفي فيها أنّها تَمَّتْ باختيار ورضا الأمة، ولا حاجة للبحث عن نصّ من الرسول صلى الله عليه وسلم على خلافتهم أو اللجوء إلى وضع مثل تلك النصوص.

وقد ساعد أهل السنة على جدية النقد لتلك الروايات أنّ الإمامة لا تمثِّل -عندهم- ركناً أو أساساً في الدين، فهي مبحث فقهيّ كغيره من مباحث الفقه السياسي، والمهم هو نَصْبُ خليفة يَحْكُمُ الأمة وِفْقَ الكتاب والسنّة.

أمّا نَقْدُ الشيعة الإثني عشرية للروايات المتعلّقة بموضوع الإمامة فإنه ينحصر في نقد الروايات المخالفة لمذهبهم، أيّ روايات أهل السنّة أو الفِرق الشيعيّة المخالفة لهم في سلسلة الأئمة، أو بعض المرويات التي وصلت قمة الغلو فرفعت بعض أئمتهم إلى درجة الألوهية. ولم يجرؤا على الوصول بالنّقد إلى المرويّات التي تمسّ أصل الإمامة وصفات الأئمة وكيفية تعيينهم؛ والمانع الذي منعهم من الوصول بعمليّة النّقد إلى هذه الدائرة هو أنّ فكرة الإمامة في أصلها موضوعة ولا أساس لها، وكل ما بُني عليها من المرويات موضوع، ولو توجهوا إليها بالنقد الحقيقي لانهدمت كلها وكان ذلك طعناً في المذهب وهدماً له من أصله؛ فهو مذهب سياسيّ في أصله قام على أساس حَصْرِ الإمامة في عليّ وذريته. وكذلك الأمر مع المعتقدات الشيعية الأخرى مثل التقية، والعصمة، والبداء، وآل البيت، فهي كلها معتقدات موضوعة لا أساس لها في الإسلام، ولو توجهوا بالنقد الحقيقي للروايات التي وضعت فيها لانهدمت تلك المعتقدات كلها وانهدم معها البناء الشيعي، وهذا الأمر لا يجرؤون عليه طبعا.

([1]) الكليني. أصول الكافي. ج2. ص332.
([2]) المرجع نفسه. ج1. ص248؛ نص الآية التي في القرآن الكريم: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ) (الحج: 52)، ولكن الكليني يضيف لفظ "ولا محدث" على أنه جزء من الآية!!
([3]) الكليني. أصول الكافي. ج1. ص249.
([4]) الحجر: 9.
([5]) فصلت: 41-42.
([6]) النساء: 59.
([7]) النحل: 43.
([8]) الرعد: 7.
([9]) الرعد: 43.
([10]) آل عمران: 106-107.
([11]) البخاري، محمد بن إسماعيل. (1422هـ). صحيح البخاري. تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر. (د.م.): دار طوق النجاة. كتاب المغازي. باب غزوة تبوك. ج6. ص3.
([12]) انظر القصة كاملة في: اليعقوبي. تاريخ اليعقوبي. ج2. ص52؛ الطبري. تاريخ الطبري. ج2. ص183.
[13] مسند أحمد بن حنبل، تحقيق شعيب الأرنؤوط وآخرون (بيروت: مؤسسة الرسالة، ط1، 1421هـ/ 2001م)، ج2، ص434.
[14] أبو الفداء إسماعيل بن كثير، البداية والنهاية، تحقيق رياض عبد الحميد مراد (دمشق: دار ابن كثير للطباعة والنشر، ط1، 1428هـ/ 2007م) ج5، ص107-110، 288.
([15]) مسلم بن الحجاج. (د.ت.). صحيح مسلم. تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. بيروت: دار إحياء التراث العربي. كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم. باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه. ج4. ص1873.
([16]) مسلم. (د.ت.). صحيح مسلم. كتاب الحج. باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم. ج2. ص886.
([17]) الكليني. أصول الكافي. ج2. ص28-29.
([18]) الكليني. أصول الكافي. ج2. ص31-34.
([19]) محمد مهدي الآصفي. آية التطهير. مبحث: أهل البيت عليهم السلام: من هم أهل البيت عليهم السلام. http://www.al-islam.org/short/arabic/tathir/3.htm.
([20]) محمد مهدي الآصفي. آية التطهير. مبحث: أهل البيت عليهم السلام: من هم أهل البيت عليهم السلام.
([21]) الهيثمي، أبو الحسن نور الدين علي بن أبي بكر. (1414هـ/ 1994م). مجمع الزوائد ومنبع الفوائد. تحقيق: حسام الدين القدسي. القاهرة: مكتبة القدسي. ج9. ص169.
([22]) الهيثمي. (1414هـ/ 1994م). مجمع الزوائد ومنبع الفوائد. ج9. ص121.
([23]) محمد مهدي الآصفي. آية التطهير. مبحث: أهل البيت عليهم السلام: من هم أهل البيت عليهم السلام.
([24]) الترمذي. سنن الترمذي. أبواب تفسير القرآن. باب: ومن سورة الأحزاب. ج5. ص205.
([25]) أحمد بن حنيل. (1421هـ/ 2001م). مسند أحمد. تحقيق: شعيب الأرنؤوط – عادل مرشد وآخرون. بيروت: مؤسسة الرسالة. ï»پ1. مسند أنس بن مالك. ج21. ص273.
([26]) الحاكم، محمد بن عبد الله بن محمد. (1411هـ/1990م). المستدرك على الصحيحين. تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا. بيروت: دار الكتب العلمية. ط1. ج3. ص172.
([27]) السماوي، محمد التيجاني. (1414هـ/ 1993م). ثم اهتديت. لندن: مؤسسة الفرقان. ص146.
([28]) البخاري. صحيح البخاري. كتاب فرض الخمس. باب ما جاء في بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم. ج4. ص376.
([29]) البخاري. صحيح البخاري. كتاب المناقب. باب (5). ج4. ص515.
 
التعديل الأخير:
أعلى