العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الزواج العرفي ومساؤه

محمد متولي داود

:: متابع ::
إنضم
1 أغسطس 2018
المشاركات
23
الكنية
د/محمدداود
التخصص
القانون العام
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الحنفي
الزواج العرفي
فهذا نهي من النبي صلى الله عليه وسلم عن ترك النكاح، فلا يجوز تركه، وهو دليل على وجوبه.
- وأجيب عن هذا: بأن النهي هنا ليس لترك الواجب، وإنما لترك ما ندبهم إليه من الأخذ بسنته عليه الصلاة والسلام ولأجل الإعراض عنها، فالراجح - والله أعلم - :أن الزواج في حال الاعتدال ومن حيث الأصل سنة ومندوب إليه، وليس بواجب، وهو قول الجمهور، وذلك لقوة أدلته،ووجود قرائن صارفة عن الوجوب.
اقسام الناس في الزواج
سبق بيان حكم الزواج في الظروف العادية، أو الوضع المعتاد، ولكن قد يختلف الحال من شخص لآخر، من حيث الشهوة، والقدرة على القيام بأعباء الزوجية، وأداء الحقوق، وتعففه عن الزنا، لذا يعتري الزواج الأحكام الخمسة التكليفية نظرا لحال كل شخص وظروفه، وهي كما يلي:

ظ،- الزواج الواجب: يجب الزواج على الشخص الذي لديه شهوة مفرطة، وتوقان إلى النكاح، بحيث يخاف الوقوع في محرم إن لم يتزوج. ويجد القدرة المالية والأمن من الجور بالزوجة، لأن المطلوب منه إعفاف نفسه والبعد عن الرذائل.

ظ¢- الزوج المندوب إليه: يندب الزواج في حق الشخص الذي تتوق نفسه إلى النكاح مع القدرة المالية، ولكنه يستطيع التحكم بنفسه، فيأمن الوقوع في الزنا، وهذا حال الاعتدال كما ذكرنا، فالزواج في حقه سنة ومستحب.

3- الزواج المكروه: يكره الزواج للشخص الذي يستطيع أن يتزوج، ولكنه يخاف من التقصير في أداء الحقوق الزوجية، ولا يأمن الجور على الزوجة.
ظ¤- الزواج المحرم: يحرم الزواج لمن يتيقن من عدم القيام بأعباء الزوجية،
وأداء الحقوق، أو يقصد الإضرار بالمرأة وظلمها، لعدم الجماع، أو النفقة، وقد قال الله تعالى:
(ولا تمسكوهن ضرارا
ولأن الزواج شرع لتحصين نفس المرأة، كما هو مشروع لتحصين نفس الرجل، فمن لا يستطيع تحصينها يحرم عليه الزواج، ومنه الزواج في دار الحرب ، لئلا يعرض أهله للفاحشة، أو ينجب أولادا فيستعبدون أو تتغير فطرهم.
5- الزواج المباح: يكون الزواج مباحة في حق الشخص الذي (لا شهوة له) كالعنين " وكبير السن، مع عدم الإضرار بالمرأة، كمن يريد القيام بها، وحفظها وهي تعلم حاله .

الحكمة من مشروعية الزواج
شرع الشارع الحكيم الزواج لحكم كثيرة ومقاصد نبيلة، وأغراض سامية، تجمع بين غرائز الإنسان الفطرية، وبين سموه الروحي والعاطفي، وبين طهارة المجتمع وقوة تماسكه؛ ومن أهم هذه الحكم:

ظ،- المحافظة على النسل البشري: وذلك ببقائه والاستمرار فيه، لعمارة الأرض، لحكمة يعلمها الله تعالى، يقول الإمام الشاطبي - رحمه الله -: (النكاح مشروع للتناسل بالمقصد الأول) ، ولا يقال: يمكن وجود النسل بالوطء بأي طريقة كانت؛ لأن وجود النسل بطريق غير شرعي مستلزم للتظالم والسفك وضياع الأنساب، فلا بد أن يكون إذا على الوجه المشروع .
غ²- إشباع الغريزة الفطرية عند الإنسان: لأن الله - سبحانه وتعالى - عندما خلق الإنسان وضع فيه غريزة جنسية، يحتاج في إشباعها إلى جنس آخر . وهو – أيضا – سبب لإيجاد النسل وإنجاب الأولاد من أجل الحفاظ على النوع البشري من التلاشي والانقراض مع الحفاظ على الأنساب، وقد وضع لحماية هذه الغريزة، وصون الأعراض، وحفظ الأنساب ضابطة، بأن يكون ذلك عن طريق الزواج الشرعي، قال تعالى: والذين هم لفروجهم حافظون لنا إلا علي أزواجهم أو ما ملكت أيهم فإنهم غير ملومين )، وقال رسول الله : «إذا أحدكم أعجبته المرأة فوقعت في قلبه، فليعمد إلى امرأته فليواقعها فإن ذلك يرد ما في نفسه».
(غ³): الزواج الشرعي وسيلة صحيحة التحصين الفرج وإعفاف النفس، وغض البصر للرجل والمرأة معا، فإن الرجل كما يعف نفسه بالزواج يعف زوجته، وإلى هذا أرشد النبي بقوله: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج». .
ظ¤- تكوين الأسرة الصالحة وحفظ الأنساب: الأسرة هي اللبنة الأولى للمجتمع، فإذا صلحت الأسرة وكونت على أسس سليمة صلح المجتمع، واشتد ساعده، وحفظت الأنساب، وصونت من الضياع، وعرفت الأقارب، وحصل الترابط بين العوائل، وكل ذلك من الدعائم القوية للأسرة الصالحة، إذ فيه إشباع غريزة الأبوة والأمومة، والانتساب إلى أسرة شريفة، ومسئولية تربية الأولاد والعكس بالعكس فإذا ضعفت الأسرة أو تفرقت وانحلت روابطها تدهور المجتمع بل الأمة، ومن ثم فقد عني القرآن الكريم بهذا الترابط وتأكيد المودة والرحمة بين أفرادها، قال تعالى: ياايها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير.
5- تحقيق السكن النفسي: الحياة لا تخلو من المتاعب والمشقات، وكل إنسان يحتاج إلى لحظات س?ون واطمئنان، وراحة نفسية، وهذا الذي جعله الله في الزواج، حيث يعود الرجل إلى منزله بعد كد وكدح فيسكن إلى زوجته، فتكون أمينة سره، وحافظة له وماله في غيبته، كما يكون هو أمينا عليها، حامية لها، محافظة عليها، وهذا ما يشيع الأمان والاطمئنان والبهجة في حياتهما الزوجية، ويكون عونا لهما على مواجهة الحياة بمتاعبها وأثقالها؛ وفي هذا يقول تعالى: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزوجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم بمودة ورحمة.
6- الزواج الشرعي سبب لتكثير الأمة المسلمة ليتحقق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم )،
حيث قال: «تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم).
غ·- توزيع الأعباء بين الزوجين بما يحقق راحتهما وسعادتهما، وانتظام حال الأسرة، وذلك يؤدي إلى انتظام المجتمع، فالزوج يقوم بالعمل من أجل المال لينفق على زوجه وأولاده ومن يمون سواهم، والزوجة تقوم بوظيفة تربية الأولاد، ورعاية المنزل والقيام بشؤونه، فضلا عن العناية بالرجل والعمل على إسعاده، ولا شك أن ذلك ينعكس إيجابا على المجتمع بما يتحقق معه زيادة الإنتاج، وإعمار الأرض....
والخلاصة في هذا:
أن حكمة مشروعية النكاح أجل من الوصف، وأشهر من أن تذكر، وأكثر من أن تحصر، ففي مشروعيته حكم جليلة، وفوائد عظيمة، ومقاصد سامية، وحسبه أن من تأمله وجده جامعة لأسباب حفظ الدين والنفس والنسب والعرض ).
أركان عقد الزواج وشروطه
المطلب الأول: أركان عقد الزواج.
تعريف الركن لغة واصطلاحا: الأركان: جمع ر?ن، وركن الشيء في اللغة: جانبه الأقوى . وفي الاصطلاح: (ما تتوقف عليه حقيقة الشيء). اركان عقد الزواج
أركان عقد الزواج: هي جوانبه وعناصره التي إذا وجدت متكاملة تحقق وجود عقد الزواج، وإذا انعدمت كلها أو بعضها لم يوجد عقد الزواج حقيقة، وأركان الزواج هي:
- الصيغة: وهي الإيجاب والقبول؛ لأن ماهية الزواج مركبة منهما ومتوفقة عليهما، ولا ينعقد الزواج إلا بهما مرتبين.
اولا - الإيجاب: وهو اللفظ الصادر من قبل ولي المرأة، أو من يقوم مقامه، كأن يقول: زوجت، أو أنكحته. فالموجب: هو الولي أو وكيله..
ثانيا - القبول: وهو اللفظ الصادر من قبل الزوج، أو من يقوم مقامه، كأن يقول: قبلت أو رضيت هذا الزواج، فالقابل: هو الزوج ومن ينوب عنه...
فالإيجاب والقبول ركنان أساسيان للزواج، وقد اتفق جميع الفقهاء على أنه لا يصح عقد الزواج إلا بهما، كما اتفقوا على صحة الزواج بألفاظ التزويج والإنكاح، والقبول، واختلفوا في غيرها، والأرجح أنه يصح بكل لفظ يدل على وجود النكاح، ويفهم منه حل الاستمتاع بين الزوجين على مدى الحياة، لأنه يحصل به المقصود من عقد الزواج.
ظ£- العاقدان: أي الزوجان الخاليان من الموانع: وجود الزوج والزوجة ركن من أركان الزواج، إذ هما طرفاه، وبهما ينعقد، وفقدان أحدهما يخل بالنكاح، فلا ينعقد، ويجب أن يكونا خاليين من موانع الزواج، كالحرمة بينهما لأجل النسب أو الرضاعة أو المصاهرة، أو الكفر في أحدهما غ” عدا كون الزوجة كتابية (يهودية، أو نصرانية) - ، أو الإحرام، أو كون المرأة في عدة، أو ذات زوج أو خامسة، ونحو ذلك مما هو مفصل في مظانه من كتب الفقه....
شروط عقد الزواج.
تعريف الشرط لغة واصطلاحا:
الشروط في اللغة: جمع شرط، بمعنى العلامة، وأشراط الساعة علاماتها .
والشرط في الاصطلاح: (ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته))، وهو خارج عن ماهية الشيء.
وهو عند الأصوليين: ما يتوقف عليه الوجود، وليس بمؤثر في الحكم، ولا مفضي إليه.
ويسمى الموقوف بالمشروط، والموقوف عليه بالشرط؛ كالوضوء شرط موقوف عليه للصلاة، وليس بداخل فيها، ولا يؤثر فيها .
بغŒان شروط عقد الزواج
يشترط لصحة عقد الزواج عدد من الشروط، فإذا توفرت صح العقد، وإذا انعدمت أو انعدم بعضها لم يصح، وبيانها كما يلي:
ظ،- الولي": الولي شرط لصحة عقد الزواج عند الجمهور، فلا يصح ن?اح المرأة بكرة كانت أو ثيبا صغيرة كانت أو كبيرة إلا بوليها الذي يتولى عقد الزواج، ولا يجوز لها أن تتولى عقد الزواج لنفسها أصالة أو نيابة أو وكالة حتى لو أذن لها وليها بإجرائه، وسواء زوجت نفسها من كفء أم غير كفء..، فلو عقدت من غير ولي فالن?اح باطل، يفسخ في كل حال، قبل الدخول وبعده، وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية وغيرهم).
يقول ابن المنذر: «روي هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعن علي ابن أبي طالب، وابن مسعود وابن عباس، وأبي هريرة، وبه قال سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وعمر بن عبد العزيز، وجابر بن زيد، والثوري، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، وابن المبارك، والشافعي، وعبيد الله بن الحسن - العنبري - وأحمد وإسحاق، وأبو عبيد .
قال ابن عبد البر: (ولا تلي امرأة عقد ن?اح نفسها ولا لغيرها شريفة كانت أو دنية، أذن لها وليها أو لم يأذن، فإن عقدت ن?اح فسخ أبدا قبل الدخول وبعده)).
ويقول الإمام الشافعي: (فأي امرأة نكحت بغير إذن وليها فلا ن?اح لها)). وقال ابن قدامة: (إن النكاح لا يصح إلا بولي، ولا تملك المرأة تزويج نفسها ولا غيرها، ولا توكيل غير وليها في تزويجها، فإن فعلت لم يصح)).
- أما الحنفية: فخالفوا الجمهور، وذهبوا إلى عدم اشتراط الولاية في عقد الزواج، وقالوا: بأن المرأة لو زوجت نفسها بغير ولي فزواجها صحيح، ويجوز لها أن تتولى عقد النكاح لنفسها أو لغيرها، بكرة كانت أو ثيبا، إذا كانت عاقلة بالغة إلا أنه خلاف المستحب (غ²).
قال المرغيناني: (ينعقد ن?اح الحرة العاقلة البالغة برضاها وإن لم يعقد عليها ولي، بكرة كانت أو ثيبا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله في ظاهر الرواية)
و أدلة الجمهور: استدل الجمهور بالكتاب والسنة والمعقول على اشتراط
الولاية في عقد الزواج، ومن أهم هذه الأدلة ما يلي: |
- من الكتاب:
ظ،- قوله تعالى: (وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىظ° مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ غ? إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ غ— وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).
وجه الاستدلال: الخطاب في الآية الأولياء، وليس للأزواج، إذ لو أراد الأزواج لقال: (وان?حوا) بغير همزة قطع، وكانت الألف للوصل، وفي هذا دليل على أن عقد الزواج إلى الولي، وليس للمرأة أن تنكح نفسها بغير ولي ).
2- قوله تعالى: ولا نكحوا المشركين حتى يؤمنوا ...
وجه الاستدلال: (أن الله تعالى خاطب بإنكاح الرجال، ولم يخاطب به النساء، فكأنه قال: لا تن?حوا أيها الأولياء مولياتكم للمشركين) (4) ففي الآية: (دلغŒل بالنص على أن لا ن?اح إلا بولي).
فالخطاب إذا في الآية موجه إلى الأولياء أيضا - كما الآية السابقة - وذلك بالنهي عن تزويج المشركين حتى يؤمنوا، ولا يوجه الخطاب بالنهي عن شيء لمن لا يملكه؛ فدل ذلك على أن ولاية التزويج لا يملكها إلا الأولياء، وإلا ما صح توجيه الخطاب إليهم أصلا، ولكان توجيهه خلوة من الفائدة .
مناقشة الاستدلال:
نوقش الاستدلال بهذه الآية: بأنها مترددة بين أن يكون الخطاب للأولياء أو لأولي الأمر، إذ تحتمل كلا الأمرين ، فلا دليل فيها على اشتراط الولي في الزواج.
النقاش بان الظاهر من الآية أن الخطاب للأولياء، ومنهم الأمراء عند فقد الأولياء أو عضلهم لقوله - عليه الصلاة والسلام -:
فالسلطان ولي من ولا ولي له»(1). فبطل قوله – أي قول المناقش: إنه متردد بين الأولياء والأمراء). ظ£- قوله تعالى: { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ غ— ذَظ°لِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ غ— ذَظ°لِكُمْ أَزْكَىظ° لَكُمْ وَأَطْهَرُ غ— وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ{ (232)
وجه الاستدلال:
إن الخطاب في قوله تعالى: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم.
فنهاهم الله تعالى أن يمنعوا المرأة من نكاح من ترضاه، وفي هذا دليل قاطع على أن ولاية النكاح إليهم، ولا تصح مباشرة المرأة عقد الزواج، لأنه لو لم يكن لهم حق الولاية لما نهوا عن العضل، ويؤيده سبب نزول هذه الآية، فهي نزلت في معقل بن يسار حين امتنع عن تزويج أخته التي طلقها زوجها، وبعد انقضاء العدة أراد أن ينكحها فمنعها معقل، فنزلت الآية ثم زوجها معقل ، فلو كان الأمر ولفظه عن معقل بن يسار قال: «زوجت أختا لي من رجل فطلقها، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها، فقلت له: زوجتك، وأفرشتك، وأكرمتك، فطلقتها، ثم جئت تخطبها؟ لا، والله لا تعود إليك أبدا، وكان رجلا لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله هذه الآية، ولا ينوهه فقلت: الآن أفعل يا رسول الله، قال: فزوجها إياه» إليها لم تحتج إلى أخيها، ودخل فيه الثيب والبكر .
مناقشة الاستدلال:
نوقش هذا الاستدلال: بأن الخطاب للأزواج وليس للأولياء، لأن الخطاب لهم في أول الآية في قوله تعالى: ووإذا طلق النساء الآية؛ أي (لا تمنعوهن) بالرجوع من أن يتزوجن بعد انقضاء العدة ).
الجواب:
أجيب عن هذا الاعتراض: بأنه لو قيل: إن الخطاب للأزواج، لم يصح
المعنى، ذلك أن عضل الزوج إما أن يكون قبل انقضاء العدة أو بعده، فإذا كان قبل انقضاء العدة، فلا يقال: إنه عضلها عن الزواج بمن تريد، لأن زواجها قبل انقضاء العدة محرم عليها، وإذا راجعها لا يمنعها من نفسه، وإذا كان العضل بعد انقضاء العدة، فلا يكون من الزوج لأنه ليس بيده شيء من الأمر حتى يعضلها، ويمنعها من أن تتزوج من تشاء، فلا يبقى إلا أن يكون الخطاب للأولياء ..
- من السنة:
1- حديث أبي موسى - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله : «لا ن?اح إلا بولي» والنفي في الحديث للحقيقة الشرعية، أي لا ن?اح شرعي إلا بولي)، فإذا انتفى الشرط انتفت الصحة، إذ لا يصح الشيء بدون شرطه المعلق عليه، وإذا ما كان ثمة وجه لتعليقه عليه، والنفي في قوله : «لا ن?اح» ينصب على الصحة فيرفعها، لأنها أقرب شيء إلى نفي الذات.
ففي الحديث دليل صريح على اشتراط الولي في الزواج، وهو حديث مطلق، إذ لم يفرق بين الصغيرة والكبيرة، ولا بين البكر والثيب .
غ²- حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله : «أيما امرأة ن?حت بغير إذن وليها فن?احها باطل، فن?احها باطل، فن?احها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، وإن اشتجروا فالسلطان ولي من ولا ولي لها» وفي رواية: «أيما امرأة لم ينكحها الولي فن?احها باطل .... ».
وجه الاستدلال: الحديث صريح في بطلان زواج المرأة إذا تم بغير إذن الولي، وفيه بيان أن المرأة لا تكون ولية نفسها، وهو دليل على اشتراط الولاية في زواج النساء كلهن: البكر والثيب، والشريفة والوضيعة، لعموم صيغة الحديث ).
- من الآثار:
ظ،- ما ورد أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رد ن?اح امرأة نكحت بغغŒر ولي ).
غ²- ما رواه محمد بن سغŒرغŒن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: (كانوا يقولون: إن المرأة التي تزوج نفسها هي الزانية) (غ³) ونحو هذه الرويات.
بل إن المشتهر عن الصحابة - رضوان الله عليهم - قولا وفعلا أن الذي يزوج النساء إنما هو أولياؤهن من الرجال، حتى إن ابن المنذر قد نقل إجماع الصحابة على القول بأنه لا ن?اح إلا بولي (4)
- من المعقول:
استدلوا بدلغŒل عقلي وهو: أن من مقاصد الزواج تحقيق السكن والاستقرار والمحبة والألفة بين الزوجين، وإنجاب الأولاد وتربيتهم والمحافظة عليهم، وهذه المقاصد المرجوة من رباط الأسرة تتوقف على حسن النظر ودقة التأمل في اختيار الزوج شريك حياتها، وتفويض عقد الزواج إلى النساء دون الأولياء مخل بهذه المقاصد والأغراض، لأنهن سريعات التأثر والاغترار فيسرعن في الاختيار وإتمام العقد مع قلة خبرتهن في هذا الأمر؛ فيخترن من لا يصلح لهن في معاشرتهن بالمعروف.
ثم الحياء وعدم ذكر النكاح مقصود من المرأة بمقتضغŒ محاسن الشريعة ومكارم الأخلاق وصفات أهل الصيانة والغيرة والمروءة (3)، وهذا كله يقتضي الا تتولى المرأة عقد الزواج.
هذا والإمام الشافعي - رحمه الله - يحلل مضمون عقد الزواج معنغŒ ووظيفة، ومقصدا، ليستنبط الدليل على وجوب اشتراط الولي لصحة عقد النكاح، حيث يذكر أن النكاح من جانب النساء، عقد إضرار؛ بنفسه، وحكمه، وثمراته"):
غ±- اما نفسه: فإنه رق، وأسر، قال النبي - -: «فاتقوا الله في النساء، فإنهن عوان عندكم أي أسرى في أيديكم والمعنى: أسيرات، والإرقاق إضرار)، أو كالأسيرات.
2- وأما حكمه - أي أثره الثابت -: فإنه (ملك)، فالزوج يملك التصرف في منافع بضعها، (الاستمتاع)، استيفاء بالوطء، وإسقاط بالطلاق، ويملك حجرها عن الخروج والبروز، وعن التزوج بزوج آخر.
ظ£- وأما ثمرته: فالاستفراش ?رها، وجبرة، ولا شك أن هذا إضرار، إلا أنه قد ينقلب (مصلحة) وينجبر ما فيه من الضرر، إذا وقع وسيلة إلى المصالح الظاهرة والباطنة، ولا يستدرك ذلك إلا بالرأي الكامل، ورايها ناقص؛ لنقصان عقلها، الغلبة عاطفتها بحكم الأمومة ، فبقي النكاح مضرة، فلا تملكه، دفعة للضرر عنها، فلا بد أن يملكه الأولياء، لينقلب عقد منفعة.
و أدلة الحنفية:
استدل الحنفية على عدم اشتراط الولاية في الزواج بالكتاب والسنة والمعقول:|
* الكتاب:
ظ،- قوله تعالى:
فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىظ° تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ غ— فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ غ— وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230(
غ²- وقوله تعالى:
{ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ غ— ذَظ°لِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ غ— ذَظ°لِكُمْ أَزْكَىظ° لَكُمْ وَأَطْهَرُ غ— وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ { (232)
(1) المقصود بنقصان العقل: غلبة عاطفتها المثيوبة على حكمة العقل، وأحكامه، ومنطقه.؟ وذلك واقع
بل وفطري، بحكم أنوثتها التي هي منبع مشاعر الأمومة المفطورة عليها، فلا يعترض علينا بكمال عقلها، لأن هذا لا ينكره أحد، بدليل كمال التكليف، ولكنه كثيرا ما يكون عقلها مغلوبا على أمره بسلطان العاطفة المهيمنة.
وجه الاستدلال: إسناد النكاح إلى المرأة دون الولي في هاتين الآيتين وأمثالهما دليل على عدم اشتراطه، بل نهي الأولياء عن العضل الذي هو المنع من الزواج يفيد أنه لا حق للولي فيه، وأن المرأة هي صاحبة حق وقرار، فإذا رضيت بزوج، وعقدت لنفسها جاز.
مناقشة الاستدلال:
اجيب عن هذا الاستدلال: بأنه لا يصح؛ لأن النكاح عندكم حقيقة في الوطء، فلا يكون المراد به هنا العقد عندكم، ولاسيما في الآية الأولى، ثم إسناد النكاح إلى المرأة جاء باعتبارها محل العقد، ولا بد من رضاها، مع شرط الولي، والنهي عن العضل يؤكد على اشتراطه، لأنه لو جاز لها تزويج نفسها لم يكن للعضل تأثير؛ لأن المنع إنما يتحقق لمن بيده الممنوع، ومن كان أمره بيده لا يقال: إن غيره منعه منه *من السنة:
حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله : «الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها، وإذنها صماتها».. وفي رواية: «ليس للولي مع الثيب أمره).
وجه الاستدلال:
أثبت الحديث الحق للمرأة الأيم في نفسها، وحقها مقدم على حق الولي، بل الرواية الأخرى قطعت حق الولي، وهذا دليل واضح على صحة ولاية المرأة لعقد الزواج، وعلى أن الولي ليس بشرط.
مناقشة الاستدلال:
نوقش الاستدلال بهذا الحديث: بأن كلمة «أحق» ليس فيها ما يدل على استقلالية المرأة بالزواج، بل إنها تدل على أن للولي حقا معها في تزويجها، إلا أن حقها أولى وأكد، وحق الولي مباشرة العقد، وحق المرأة اختيار الزوج، فلا بد من اجتماع حقيهما ورضاهما.
- المعقول:
إن المرأة إذا تولت العقد بنفسها تكون قد تصرفت في خالص حقها، وهي من أهله، لكونها عاقلة بالغة حرة، فصح إذا تولته بنفسها دون الولي ".
وأجيب عن هذا الدليل:
بأنه ليس من خالص حقها، بل هو حق مشترك بينها وبين وليها، إلا أن حقها آكد في الاختيار، ولكن لا بد من الولي في العقد لتعلقه بشرف الأسرة وكرامتها، ولأن مباشرتها بالعقد تنافي حال أهل الصيانة والمروءة، ثم اشتراط الولي لا ينقص من حقها ولا من أهليتها، لأنه قد يمنع مانع من التصرف مع كون الشخص أهلا له في الظاهر، ?العبد البالغ العاقل ممنوع من كثير من التصرفات مع وجود العقل والبلوغ.
- الترجيح ووجهه:|
الراجح - والله أعلم - هو قول الجمهور؛ القائل باشتراط الولاية في عقد الزواج، وذلك لقوة أدلته، ووضوحها، كما أن على ذلك عمل سلف هذه الأمة، فإن العرف الشائع بين المسلمين في مختلف عصورهم هو أن أنكحة النساء بأيدي أوليائهن من الرجال، كما قال الترمذي - رحمه الله -:
(والعمل في هذا الباب على حديث النبي صلى الله عليه وسلم : «لا ن?اح إلا بولي» عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب، وعبدالله بن عباس، وأبي هريرة وغيرهم، وهكذا روي عن بعض التابعين أنهم قالوا: (لا ن?اح إلا بولي) منهم: سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وشريح، وإبراهيم النخعي، وعمر بن عبدالعزيز، وبهذا يقول سفيان الثوري، والأوزاعي ومالك، وعبد الله بن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق) زاد البيهقي عن الفقهاء الذين ينتهي إلى قولهم من تابعي أهل المدينة كانوا يقولون: (لا تعقد المرأة عقدة النكاح في نفسها ولا في غيرها).
ويقول ابن العربي متعجبا: (عجبا لأبي حنيفة متى رأى امرأة قط عقدت ن?اح نفسها) فضلا عما فيه من شبهة نكاح البغايا، كما قال ابن عباس - رضي الله عنهما: البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير أولياء).
وفيه سد لكثير من أبواب الفساد لاسيما في العصر الحاضر الذي كثرت فيه الفتن وتنوعت، فلو لم يكن فيه إلا الاحتياط للأنكحة حفظ للأعراض والأنساب لكان حرية أن لا يعدل عنه إلى غيره .
 
إنضم
28 نوفمبر 2008
المشاركات
62
الإقامة
مكة المكرمة
الجنس
ذكر
التخصص
كيمياء
الدولة
السعودية
المدينة
مكة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: الزواج العرفي ومساؤه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يوجد لدي استفسار هنا
الكلام عن الزواج العرفي وما تورده وتدلل عليه من وجوب الولي يفهم منه ان الزواج هذا يكون بدون ولي للزوجة
اليس هذا صحيح
هذا الظاهر مما اوردته لكن طالما ان الصورة هذه هي حقيقة هذا النوع من الزواج فلما تسمونه او تقبلونه تسميته بالعرفي وهو متعة وهذا النوع من الزواج لا يحتاج لولي وشهود بل قبول وايجاب يقول الرجل زوجيني نفسك وتقول الانثى قبلت هذا الزواج وهناك شرط يضعه الزوج في مدة الزواج تكون صيغة عرضه زوجيني نفسك لمدة يوم او اسبوع والرد يكون قبلته هذا النكاح

صحيح بعضهم يجيز النكاح ولا يجيز الدخول انما هل يسمى نكاح بدون دخول
 
أعلى