العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

المؤلف البطين الأكول الشره المزور

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
المؤلف البطين الأكول الشره المزور


نقاط سريعة في الكتب التي تصدر بأسماء مؤلفين؛ وحقيقة صناعة الكتاب كان من جندي مجهول؛ سواء كان دوره كليا أو جوهريا:

أولا: هذا نوع من الكذب؛ وينطبق عليه تماما لبس الزور والمتشبع بما لم يعط.
عن أسماء أن امرأة قالت: (يا رسول الله، إن لي ضرة فهل علي جناح إن تشبعت من زوجي غير الذي يعطيني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور) رواه البخاري.

- هذه الظاهرة مرت عليها سنون؛ وقد فاحت اليوم رائحة عفنها؛ وصارت من حديث المجالس؛ هذا الكتاب إنما هو من تأليف فلان؛ وفلان لم يؤلف شيئا! وكل كتبه من كدِّ غيره.

- هناك غباء من هؤلاء المزورين؛ لأن اتفاقاتهم مع الباحثين؛ محدودة بمدة؛ ولا يأمنون من إذاعة الخبر الحقيقي بعد أمد!
بل صار الباحثون ينصون على ذلك في سيرهم الذاتية.

وحينئذ نتأسف على حياة سنمار لما هندس البرج العاجي اليتيم؛ فكان جزاؤه أن أسقطه صاحب البرج من رأس برجه!
لأن بقاءه حيا يعني بقاء الفكرة حية في رأس سنمار!

- لهؤلاء شبه هي من نسج العنكبوت؛ وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون.
منها:
أن المؤلف الرمز المشهور يرجى منه انتشار كتبه، وفي هذا انتشار للخير والعلم، وهذا يذكرنا بالمتصدقة صاحبة الفرج المكدود؛ *لك الويل لا تزني ولا تتصدقي!*

*ومن شبههم*: أن هناك عقدا وتراضيا بين المؤلف المزور والمؤلف الحقيقي؛ فالعقود تنص على أن الحقوق الفكرية كاملة للمؤلف المزور.
إيه!
متى كانت العقود تبيح الحرام والكذب والزور؟

هل العقود منزلة من السماء؟ مطهرة من الآثام؟

أين نحن من إحدى غضبات النبي صلى الله عليه وسلم حتى صعد المنبر وقال: *كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، كتاب الله أحق، وشرط الله أوثق*.

أما كنا نسخر من الذين يبيحون الربا بدعوى التراضي ونثقل عليهم القول؟

أما كنا يدا واحدة تدفع بصدور الذين يحللون الزنا بدعوى التراضي بين الطرفين؛ وإنما يجرمون الاغتصاب؟

لماذا يجوز الكذب *ومعناه عدم مطابقة القول للواقع* بدعوى التراضي بين الكذابين، ولا يجوز الربا والزنا بالتراضي؟

أليس الكذب من كبائر الذنوب؛ وتكبر إذا كانت إذا كانت مستحلة؟
كالأشيمط الزاني؛ فهو شيخ عجوز خارت قواه وتحتضر شهوته؛ وما زال في غيه ...

ومن الشبه القياس على المنسق والمفهرس والمدقق اللغوي ...
ليت شعري؛ ما أعظم الفرق بين (*صناعة النص)*، وهو موضوع حديثنا، *و(خدمة النص)*؟!
أي قياس هذا؟ ما أوهنه! لكن ماذا نقول؟!

*ومن الشبه: أنه لا وقت لديه:* حسنا؛ ما يمنعك أن تكون مشرفا أو ممولا أو منسقا؟

أليس هذا غاية الصفاء والنقاء والتكامل بين قوى المجتمع المعرفي؟
أم أنه يجب أن تكون كذابا؟!

أيكون صانعوا الأفلام والمسلسلات خيرا منا حين ينسبون كل عمل إلى صاحبه حتى المساعدين والمصورين الذين يقبعون خلف الكاميرا.
بل حتى درجات النص؛ فهناك المؤلف، وهناك محول الرواية إلى رواية قصة والسيناريو ...

ومن الشبه: أن الفكرة فكرته، وإنما ذاك المستأجر جمع له المادة العلمية ...
ومن خلال تجارب على أرض الواقع فإن جمع المادة يتطور شيئا فشيئا حتى يكون هو التصنيف نفسه ...
وكل هؤلاء ييحثون بداية عمن يجمع له المادة، ولا يفضح أحدهم نفسه ويقول: أنا أبحث عن مؤلف! ما أفظعه من قول!
ثم يستحيل جامع المعلومات إلى مؤلف حقيقي شكلا ومضمونا.

وهم يعتنون عند التفتيش عن جامع المعلومات هذا من ناحية مهاراته في العلم والتصنيف والصياغة؛ وليس هو عامل في مكتبة، يقتصر دوره على نقل نصوص محددة من كتب معينة.

بل إن جمع المعلومات هو مربط الفرس وقصارى الجهد، ومن أبرز صفات المؤلفين حسن الانتقاء، وما أجملها من صفة.

وكل معلومة إذا أحسن توظيفها فإنها تجر إلى معلومة أخرى، في سلسلة هادية إلى أسرار المسألة، ولذا من يبحث عمن يجمع له مادة المسألة هو في حقيقته يبحث عمن يقوده ويطعمه ويسقيه، الجمع خطوة لازمة للبحث، غير منفكة عنه، وهو طريق متسلسل، له مفاتيحه ورموزه وأسراره، ولا توجد حتى الساعة أي حدود معترف بها دوليا بين جمع معلومات المسألة وتحريرها.

وهناك صور متعددة للتزور في نسبة الكتب، فهي طبقات وأشكال وألوان:
فهناك:
*المزور الصريح*.
وهناك: *المشارك البطال* ، فهو يزاحم المؤلف الحقيقي باسمه بدعوى أنه مشهور! أو أنه صاحب الدار! أو أنه صاحب المال!
وهناك: *الجندي المجهول* الذي أخفي اسمه من فريق العمل لسبب ما إما خلاف، وإما انتقام، وإما خوف من نسبة العمل إليه لمهارته، وقد يشار إليه في إحدى مغارات الكتاب المظلمة.
وهناك *القسمة الضيزى*، فيكون العمل الجوهري الجاد الطويل من جهد اثنين، فيقحم معهم ثلاثة بأدوار كومبارسية، أو أن يبرز اسم الكومبارس في الغلاف، ويختفي المؤلفون الحقيقيون في دهاليز الكتاب...
وهناك ... وهناك ....

*ويوما ما سيأتي ذهبي هذا العصر؛ ويكتب تاريخ المؤلفين قائلا:*
أما فلان: فكان مكثارا في الكتابة؛ يستأجر المؤلفين بدراهمه أو بموقع منصبه.
وأما فلان: فكل ما كتبه بعد رسالة الدكتوراه فهي لغيره، وفوق ذلك كان ظلوما أكولا، يأكل الحقوق، ويماطل.
وأما فلان: فكان يشتري الكتب وينسبها لنفسه.
وأما فلان: فلا عمل له في الكتاب إلا مراجعته.
وأما فلان: فكان يكتب المقدمة ويضع ملحوظاته..
وأما فلان: فكتبه القديمة كان يكتبها بنفسه حتى كسل وكثرت أشغاله؛ فدفعها إلى من يكملها فنزلت درجتها.
وأما فلان: فكتبه كلها من عمل فلان، إلا كتاب كذا، فهو من عمل فلان الآخر.


ثم يأتي يوم: يقوم الناس فيه لرب العالمين؛ وتنشر فيه الكتب؛ ويتساءلون ثم يسألون؛ وكل نفس بما كسبت رهينة.



خلاصات وتوصيات:

  • نسبة الكتب إلى غير مؤلفيها الحقييقين من الكذب الصريح، ومن تشبع الإنسان بما لم يعط، وهو كلابس ثوبي زور، وينافي أخلاقيات حرفة الكتابة، وأدبيات التصنيف، وإذا كان من بركة العلم نسبة القول إلى قائله، فكيف ببتره عن صاحبه، ونسبته إلى نفسه، وإذا كانت بعض صور التدليس في رواية الحديث تعد جرحا في صاحبها، وهي لها وجوه من التأويل، فكيف بهذا الكذب الصريح.
  • هناك فرق بين (صناعة النص)، وهو موضوع الحديث هاهنا، و(خدمة النص)، كالتنسيق الفني والفهرسة والتدقيق اللغوي، وإن كان الكمال نسبة كل ذلك إلى أصحابه.
  • (جمع المعلومات) هو الخطوة الجوهرية الأولى في التصنيف، ولا يمكن فصله عن التصنيف، وإذا كان الجامع ماهرا، فهو مصنف، وإذا كان مغفلا فلا قيمة لجمعه، وإذا كان الجمع لا يكون إلا من ماهر له خبرة وانتقاء وحسن ترتيب وتصنيف، فهو حينئذ في روح التصنيف وصميمه.
  • الكذب في نسبة الكتب، له صور وأشكال، وهو على درجات وطبقات.
  • أقترح دراسة معمقة، لهذه الظاهرة، وما تبعها من بروز المكاتب البحثية الخادمة لبعض الأشخاص، ودراسة أسبابها ومظاهرها وإشكالاتها، وسبل تطويرها، وتلافي أخطائها.
 
التعديل الأخير:
أعلى