العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

شبهة حول صيام الستة أيام من شوال

إنضم
10 مارس 2020
المشاركات
5
التخصص
الخطاب الشرعي وقضايا العصر
المدينة
أكادير
المذهب الفقهي
المذهب المالكي
بسم الله الرحمن الرحيم

شبهة يلقيها بعضهم ( صيام الست من شوال بدعة لأن الحديث ضعيف فيه سعد بن سعيد ولم يخرجه إلا مسلم )
خرج بعض الأغمار المطموسين , الذين لا يعلم لهم لافضل ولا علم , ولا يذكرون لا في العير ولا في النفير ليقول للناس إياكم وصوم ست من شوال فهي بدعة , وحديث مسلم ضعيف لأن فيه سعدبن سعيد , فهل ما قاله هذا صحيح أم أنه مجرد إدعاء أو أنه جهل مفزع ؟؟؟
لكي نعرف أهو صادق أم كاذب في دعواه يجب أن نعرف أمورا :

  • سعد بن سعيد هل أجمعت كتب التراجم والرجال على تضعيفه ؟
  • هل كل طرق الحديث ضعيفة ؟ لأن الحديث قد يكون ضعيفا من طريق وسند فيتقوى بالمتابعات والشواهد إذا كان قابلا للتقوي بها .
  • ماذا قال العلماء في الحديث , وهل إحتجوا به أم لا ؟

  • أقوال أهل الجرح والتعديل في سعد بن سعيد :
قال الحافظ المزي في تهذيب الكمال :
(سَعْد بن سَعِيد بن عَمْرو الأَنْصارِيّ ، الْمَدَنِيّ، أخو يَحْيَى بْن سَعِيد، وعبد ربه بن سَعِيد...... قال عَبد اللَّهِ بْن أَحْمَد بْن حنبل، عَن أبيه: ضعيف.
وكذلك قال يَحْيَى بْن مَعِين فِي رواية ، وَقَال فِي رواية أخرى : صَالِح.
وَقَال مُحَمَّد بْن سعد : كان ثقة، قليل الحديث.
وَقَال النَّسَائي : ليس بالقوي.
وَقَال عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أَبي حَاتِم : سمعت أَبِي يَقُول: سَعْد بْن سَعِيد الأَنْصارِيّ مؤدي، يَعْنِي أنه: كَانَ لا يحفظ ويؤدي ما سمع .
وَقَال أَبُو أَحْمَد بْن عدي : لَهُ أحاديث صالحه تقرب من الاستقامة، ولا أرى بحديثه بأسا بمقدار ما يرويه.
وذكره ابنُ حِبَّان فِي كتاب "الثقات" وَقَال : كان يخطئ.
...... استشهد بِهِ الْبُخَارِيّ فِي "الجامع"وروى له في "الأدب"، وروى لَهُ الباقون.)[1]
وقد ذكره ابن حبان في موضعين من كتابه الثقات , قال في الموضع الأول : (2998 - سعد بْن سعيد بن قيس بن قهد الْأنْصَارِيّ أَخُو يحيى وعَبْد ربه يروي عَن أنس بْن مَالك عداده فِي أهل الْمَدِينَة روى عَنهُ بن الْمُبَارك كَانَ يخطىء)[2] , وقال في الموضع الآخر : (8189 - سعد بْن سَعِيد بْن قَيْس بن فَهد الْأنْصَارِيّ أَخُو يحيى بْن سعيد وَعبد ربه بْن سعيد يروي عَن عمر بن ثَابت عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ روى عَنهُ بن عُيَيْنَة وَالنَّاس مَاتَ سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَة وَكَانَ يخطىء لم يفحش خطأه فَلذَلِك سلكناه مَسْلَك الْعُدُول) فهنا بين أن خطأ سعد لم يكن بالفاحش وثقه لصلاحية للإحتجاج به .
وقد ذكره ابن شاهين مرة في الثقات ومرة في الضعفاء , قال ابن شاهين في أسماء الثقات :
(423 - وَقَالَ بن عمار سعد بن سعيد أَخُو يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ ثِقَة)[3]
وقال في تاريخ أسماء الضعفاء : (239- سعد بن سعيد. أخو يحيي بن سعيد الأنصاري. ضعيف الحديث)[4]
وذكره في المختلف فيهم فقال : (روى ابن شاهين، أن أحمد بن حنبل قال: سعد بن سعيد أخو يحيى بن سعيد الأنصاري، ضعيف الحديث , وقال ابن عمار: هو ثقة.
قال أبو حفص: وهذا الخلاف من أحمد، وابن عمار، يوجب التوقف فيه، وهو قليل الحديث، ولست أعلم من أي جهة ضعيف)[5]
ذكره ابن عدي في الضعفاء لكنه قال : (ولسعد بْن سَعِيد أحاديث صالحة تقرب من الاستقامة، ولاَ أرى بأسا بمقدار ما يرويه.)[6]
قال الذهبي عن سعد أنه أحد الثقات وذكر ذلك في سير أعلام النبلاء[7] وقال في تاريخ الإسلام أنه قد وثق [8] , وقال في من تكلم فيه وهو موثق : (وثق وضعفه أحمد وقال النسائي ليس بالقوي وقال الدارقطني ليس به بأس أنكر عليه حديثه عن عمرة في الصلاة)[9].
وقال في ميزان الإعتدال : (3109 - سعد بن سعيد [م، عو] ، أخو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني.
عداده في التابعين.
ضعفه أحمد بن حنبل.
وقال النسائي: ليس بالقوي.
وقال ابن
سعد: ثقة، قليل الحديث.
وقد أخرج له مسلم من حديث يحيى بن سعيد الأموي، عن سعد، عن عمر بن ثابت، عن أبي أيوب، حديث: صوم ست من شوال.
ومدار الحديث عليه.
وقد رواه عنه أخوه وشعبة والسفيانان.
وروى جماعة عن سعد بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة - مرفوعاً: كسر عظم الميت ككسره حيا.
قال ابن عدي: لا أرى بحديثه بأسا.
وروى أبو معاوية عنه عن القاسم، عن عائشة: أنها أهدت بدنتين فضلتا..أخرجه الدارقطني.
[وقال أبو حاتم: سعد بن سعيد مود.
قال شيخنا ابن دقيق العيد: اختلف في ضبط مود، فمنهم من خففها، أي هالك.
ومنهم من شددها أي حسن الاداء)[10] .
قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل : (370 - سعد بن سعيد بن قيس بن عمرو الأنصاري أخو يحيى وعبد ربه ابني سعيد الأنصاري روى عن أنس بن مالك والسائب بن يزيد روى عنه عبد العزيز الدراوردي وعبد الله بن نمير وأبو أسامة سمعت أبي يقول ذلك.
حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل - قال قال أبي: سعد بن سعيد أخو يحيى بن سعيد ضعيف.
حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: سعد ابن سعيد صالح.
حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول: سعد بن سعيد الأنصاري مؤدى ,قال أبو محمد يعني أنه كان لا يحفظ، يؤدي ما سمع )[11]
قال ابن سعد في الطبقات : (وكان ثقة قليل الحديث دون أخيه)[12] .
قال الحافظ ابن حجر : (2237- سعد ابن سعيد ابن قيس ابن عمرو الأنصاري أخو يحيى صدوق سيء الحفظ من الرابعة مات سنة إحدى وأربعين)[13].
وقد ذكره ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكين [14]
يتلخص من هذه النقول والأقوال أن العلماء في سعد بن سعيد على أربعة أقسام :
التوثيق والصلاحية للإحتجاج
التضعيف
التردد بين القولين
التوقف

  • ابن معين
  • ابن عمار
  • ابن حبان
  • ابن سعد
  • العجلي
  • الدارقطني
  • الذهبي
  • الحافظ ابن حجر

  • أحمد بن حنبل
  • النسائي
  • ابن الجوزي

  • ابن عدي
  • ابن شاهين
أبو حفص

ويظهر أن الذين رأوه صالحا للإحتجاج به وقبول روايته أكثر من الذين ضعفوه , وابن عدي وإن ذكره في الضعفاء فإنه يميل إلى قبول روايته كما مضى النقل عنه, بالتالي لم يجمع أهل الجرح والتعديل على تضعيفه بل الأكثرون على قبول روايته , والقول بأنه ضعيف بإطلاق ليس صحيحا بل الصواب أن فيه ضعفا من قبل حفظه كما قال الترمذي والحافظ ابن حجر , ولكن هذا الضعف اليسير منجبر بوجود متابعات وشواهد ورواية الثقات المدقيقن عنه .

  • هل احتج به أصحاب الكتب الستة :
قال المزي : (استشهد بِهِ الْبُخَارِيّ فِي "الجامع"وروى له في "الأدب"، وروى لَهُ الباقون)[15]
ومن أمثلة استشهاد البخاري به في صحيحه ما ذكره معلقا بصيغة الجزم في كتاب الزكاة باب خرص الثمر :
(وقال سليمان: عن سعد بن سعيد، عن عمارة بن غزية، عن عباس، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أحد جبل يحبنا ونحبه» قال أبو عبد الله: «كل بستان عليه حائط فهو حديقة، وما لم يكن عليه حائط لم يقل حديقة»)[16]
وهذا بدل على صلاحيته للإحتجاج به , أما مسلم فقد خرج له حديث الصيام مدار الحديث وقد خرجه أيضا أبوداود والترمذي والدارمي وابن ماجه وابن أبي شيبة والطحاوي والبيهقي والإمام أحمد , وهذا يرد على شبهة أن الديث لم يخرجه إلا مسلم بل خرجه مسلم وغيره ولو لم يكن صالحا للإحتجاج لما خرج له مسلم في صحيحه.

  • هل طرق الحديث كلها قد انفرد بها سعيد بن سعد على فرض ضعفه؟ :
لم ينفرد سعد بن سعيد برواية الحديث قال الطحاوي : (هذا الحديث لم يكن بالقوى فى قلوبنا من سعد بن سعيد , ورغبة أهل الحديث عنه , حتى وجدناه قد أخذه عنه من ذكرنا من أهل الجلالة فى الرواية والتثبت , ووجدناه قد حدث به عن عمرو بن ثابت: صفوان بن سليم وزيد بن أسلم ويحيى بن سعيد الأنصارى وعبد ربه بن سعيد الأنصارى ".)[17]
أما حديث صفوان ابن سليم مقرونا بسعد بن سعيد فقد خرجه أبوداود والدارمي , قال أبو داود :
(- حدثنا النفيلي، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن صفوان بن سليم وسعد بن سعيد، عن عمر بن ثابت الأنصاري
عن أبي أيوب صاحب النبي -صلى الله عليه وسلم-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من صام رمضان، ثم أتبعه بست من شوال، فكأنما صام الدهر)[18]
قال محقق سنن أبي داود : (حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من جهة صفوان بن سليم، حسن من جهة سعد بن سعيد -وهو ابن قيس الأنصاري- عبد العزيز بن محمد -وهو الداروردي- صدوق لا بأس به، وسعد بن سعيد حسن الحديث في المتابعات، وقد توبعا.)[19]
وقال الدارمي حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ وَسَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَليهِ وسَلم قَالَ: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتَّةً مِنْ شَوَّالٍ فَذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ.)[20]
وقد خرجه ابن عبد البر في الإستذكار من طريق أبي داود , قال : (أخبرناه عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن بكر قال أخبرنا أبو داود قال حدثنا النفيلي
وأخبرنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرنا خلاد بن أسلم قالا حدثنا عبد العزيز بن محمد عن صفوان بن سليم وسعد بن سعيد عن عمر بن ثابت الأنصاري عن أبي أيوب صاحب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر).[21]
قال الطحاوي : (كما قد حدثنا يوسف بن يزيد، قال: حدثنا سعيد بن منصور، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد، قال: أخبرني صفوان بن سليم، وزيد بن أسلم، عن عمر بن ثابت، عن أبي أيوب الأنصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر "
... كما حدثنا أحمد بن شعيب، قال: حدثنا هشام بن عمار، عن صدقة، قال: حدثنا عتبة، قال: حدثني عبد الملك بن أبي بكر، قال: حدثني يحيى بن سعيد، عن عمر بن ثابت، قال: غزونا مع أبي أيوب الأنصاري، فصام رمضان وصمنا، فلما أفطرنا قام في الناس , فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من صام رمضان وصام ستة أيام من شوال كان كصيام الدهر "
ووجدنا ممن رواه أيضا عن عمر هذا عبد ربه بن سعيد الأنصاري كما حدثنا أحمد بن شعيب، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن الحكم، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، قال: حدثنا شعبة بن الحجاج، عن عبد ربه بن سعيد، عن عمر بن ثابت، عن أبي أيوب الأنصاري، ولم يرفعه أنه قال: " من صام شهر رمضان ثم أتبعه بستة أيام من شوال فكأنما صام السنة )[22]
فالحديث لم ينفرد به سعدبن سعيد بل رواه معه صفوان بن سليم ويحيى بن سعيد وعبد ربه بن سعيد , بذلك حكم الألباني بصحته في إرواء الغليل فقال : (* صحيح.
رواه مسلم (3/169) وأبو داود (2433) وكذا الترمذى (1/146) والدارمى (2/21) وابن ماجه (1716) وابن أبى شيبة (2/180/2) والطحاوى فى " مشكل الآثار " (3/117 ـ 119) والبيهقى (4/292) والطيالسى (رقم 594) وأحمد (5/417 و419) من طرق كثيرة عن سعد بن سعيد أخى يحيى بن سعيد عن عمر بن ثابت الأنصارى عن أبى أيوب به. وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
قلت: سعد بن سعيد صدوق سىء الحفظ كما فى " التقريب " , وقد أخذ هذا من قول الترمذى عقب الحديث: " قد تكلم بعض أهل الحديث فى سعد بن سعيد من قبل حفظه ".
ولذلك قال الطحاوى: " هذا الحديث لم يكن بالقوى فى قلوبنا من سعد بن سعيد , ورغبة أهل الحديث عنه , حتى وجدناه قد أخذه عنه من ذكرنا من أهل الجلالة فى الرواية والتثبت , ووجدناه قد حدث به عن عمرو بن ثابت: صفوان بن سليم وزيد بن أسلم ويحيى بن سعيد الأنصارى وعبد ربه بن سعيد الأنصارى ".
قلت: ثم ساق أسانيده إليهم بذلك , فصح الحديث والحمد لله , وزالت شبهة سوء حفظه سعد بن سعيد.
وحديث صفوان بن سليم , أخرجه أبو داود أيضا والدارمى مقرونا برواية سعد بن سعيد.
ويزداد الحديث قوة بشواهده , وهى كثيرة فمنها:
عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم مرفوعا به نحوه وزاد: " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ".
أخرجه ابن ماجه (1715) والدارمى والطحاوى (3/119 , 120) وابن حبان (928) والبيهقى (4/293) وأحمد (5/280) والخطيب فى " تاريخ بغداد " (2/362) من طرق عن يحيى بن الحارث الذمارى عن أبى أسماء الرحبى عنه.
ولفظ الطحاوى: " جعل الله الحسنة بعشرة , فشهر بعشرة أشهر , وستة أيام بعد الفطر تمام السنة ".
وهكذا أخرجه ابن خزيمة فى " صحيحه " كما فى " الترغيب " (2/75) وإسنادهم جميعا صحيح.[23])
وقد صحح الحديث كذلك قبل الألباني ابن القيم في حاشيته على سنن أبي داود فقال بعد أن ساق الروايات (فالحديث صحيح )[24].
أما قول الإمام مالك رحمه الله في الموطأ : (وقال يحيى: سمعت مالكا يقول، في صيام ستة أيام بعد الفطر من رمضان: إنه لم ير أحدا من أهل العلم والفقه يصومها. ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف. وإن أهل العلم يكرهون ذلك، ويخافون بدعته. وأن يلحق برمضان ما ليس منه، أهل الجهالة والجفاء. لو رأوا في ذلك رخصة عند أهل العلم. ورأوهم يعملون ذلك)[25]
فقد أجاب عنه ابن عبد البر في الإستذكار بقوله : (وأما صيام الستة الأيام من شوال على طلب الفضل وعلى التأويل الذي جاء به ثوبان - رضي الله عنه - فإن مالكا لا يكره ذلك إن شاء الله لأن الصوم جنة وفضله معلوم لمن رد طعامه وشرابه وشهوته لله تعالى وهو عمل بر وخير وقد قال الله عز وجل (وافعلوا الخير) الحج 77 ومالك لا يجهل شيئا من هذا ولم يكره من ذلك إلا ما خافه على أهل الجهالة والجفاء إذا استمر ذلك وخشي أن يعدوه من فرائض الصيام مضافا إلى رمضان وما أظن مالكا جهل الحديث والله أعلم لأنه حديث مدني انفرد به عمر بن ثابت وقد قيل إنه روى عنه مالك ولولا علمه به ما أنكره وأظن الشيخ عمر بن ثابت لم يكن عنده ممن يعتمد عليه وقد ترك مالك الاحتجاج ببعض ما رواه عن بعض شيوخه إذا لم يثق بحفظه ببعض ما رواه وقد يمكن أن يكون جهل الحديث ولو علمه لقال به والله أعلم)[26]
فالحديث إذن صحيح ولعل مالكا لم يعلم به أو علم به ولم يصح عنده , وقد ذهب الشافعية والحنابلة إلى العمل بهذا الحديث قال النووي رحمه الله : (قوله صلى الله عليه وسلم (من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر) فيه دلالة صريحة لمذهب الشافعي وأحمد وداود وموافقيهم في استحباب صوم هذه الستة وقال مالك وأبو حنيفة يكره ذلك قال مالك في الموطأ ما رأيت أحدا من أهل العلم يصومها قالوا فيكره لئلا يظن وجوبه ودليل الشافعي وموافقيه هذا الحديث الصحيح الصريح وإذا ثبتت السنة لا تترك لترك بعض الناس أو أكثرهم أو كلهم لها وقولهم قد يظن وجوبها ينتقض بصوم عرفة وعاشوراء وغيرهما من الصوم المندوب....)[27]
قال المبارك فوري : (قَوْلُهُ (وَقَدِ اسْتَحَبَّ قَوْمٌ صِيَامَ سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ) وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ)[28]
قال السندي في حاشيته على ابن ماجه : (وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي نَدْبِ صِيَامِ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ وَعَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا الْحَنَفِيَّةِ أَخَذُوا بِهِ وَلَعَلَّ الْقَائِلَ بِالْكَرَاهَةِ يُؤَوِّلُ هَذَا الْحَدِيثَ بِأَنَّ الْمُرَادَ هُوَ كَصَوْمِ الدَّهْرِ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَدْ جَاءَ لَا صِيَامَ لِمَنْ صَامَ الْأَبَدَ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُفِيدُ كَرَاهَةَ صَوْمِ الدَّهْرِ لَكِنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ مَرْدُودٌ بِمَا وَرَدَ فِي صَوْمِ ثَلَاثٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أَنَّهُ صَوْمُ الدَّهْرِ وَنَحْوِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ صَوْمَ الدَّهْرِ تَحْقِيقًا مَكْرُوهٌ وَمَا لَيْسَ بِصَوْمِ الدَّهْرِ إِذَا وَرَدَ فِيهِ أَنَّهُ صَوْمُ الدَّهْرِ فَهُوَ مَحْبُوبٌ وَجَاءَ فِي الْبَابِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ وَقَدْ جَوَّزَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ بِالْكَرَاهَةِ لِعَدَمِ بُلُوغِ الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.)[29]
قال الأمير الصنعاني : (فيه دليل على استحباب صوم ستة أيام من شوال وهو مذهب جماعة من الآل وأحمد والشافعي (وقال) مالك يكره صومها قال: لأنه ما رأى أحدا من أهل العلم يصومها ولئلا يظن وجوبها (والجواب) أنه بعد ثبوت النص بذلك لا حكم لهذه التعليلات وما أحسن ما قاله ابن عبد البر إنه لم يبلغ مالكا هذا الحديث يعني حديث مسلم....)[30]
قال الشوكاني : (استدل بأحاديث الباب على استحباب صوم ستة أيام من شوال، وإليه ذهب الشافعي وأحمد وداود وغيرهم، وبه قالت العترة. وقال أبو حنيفة ومالك: يكره صومها، واستدلا على ذلك بأنه ربما ظن وجوبها وهو باطل لا يليق بعاقل فضلا عن عالم نصب مثله في مقابلة السنة الصحيحة الصريحة، وأيضا يلزم مثل ذلك في سائر أنواع الصوم المرغب فيها ولا قائل به.)[31]
قال العظيم آبادي : ((قَالَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ) وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى اسْتِحْبَابِ صَوْمِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَدَاوُدُ وَغَيْرُهُمْ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ يُكْرَهُ صَوْمُهَا وَاسْتُدِلَّ لَهُمَا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُ رُبَّمَا ظَنَّ وُجُوبَهَا وَهُوَ بَاطِلٌ فِي مُقَابَلَةِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ
وَأَيْضًا يَلْزَمُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي سَائِرِ أَنْوَاعِ الصَّوْمِ الْمُرَغَّبِ فِيهَا وَلَا قَائِلَ بِهِ
وَاسْتَدَلَّ مَالِكٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ بِمَا قَالَ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ أَنَّهُ مَا رَأَى أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَصُومُهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ النَّاسَ إِذَا تَرَكُوا الْعَمَلَ بِسُنَّةٍ لَمْ يَكُنْ تَرْكُهُمْ دَلِيلًا تُرَدُّ بِهِ السُّنَّةُ)[32]

يتلخص مما سبق أن الحديث صحيح ثابث ولم يتفرد به مسلم بل خرجه غيره من أصحاب السنن , وسعد بن سعيد لم ينفرد بالحديث بل رواه صفوان بن سليم ويحيى بن سعيد وعبد ربه بن سعيد , وله شواهد كثيرة وقد صححه الترمذي والطحاوي وبن القيم والألباني , وقد احتج به العلماء على صحة وسنية صيام الستة أيام من شوال وقد أعتذر ابن عبد البر لمالك بأنه ربما لم يبلغه الحديث أول بلغه لكنه لم يصح عنده .
والله أعلى وأعلم
وكتبه محبكم في الله أبو أنس محمد حمو في فاتح شوال لعام 1441 موافق 24 ماي 2020



[1] الكتاب: تهذيب الكمال في أسماء الرجال المؤلف: يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف، أبو الحجاج، جمال الدين ابن الزكي أبي محمد القضاعي الكلبي المزي (المتوفى: 742هـ)ج 10ص262- 264-265 المحقق: د. بشار عواد معروف الناشر: مؤسسة الرسالة – بيروت الطبعة: الأولى، 1400 - 1980

[2] الثقات , ج 4 ص 298, طبع بإعانة: وزارة المعارف للحكومة العالية الهندية تحت مراقبة: الدكتور محمد عبد المعيد خان مدير دائرة المعارف العثمانية الناشر: دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند ,الطبعة: الأولى، 1393 ه‍ = 1973

[3] تاريخ أسماء الثقات , ص 96 , المحقق: صبحي السامرائي الناشر: الدار السلفية – الكويت الطبعة: الأولى، 1404 - 1984

[4] تاريخ أسماء الضعفاء والكذابين , ص 126 , المحقق: عبد الرحيم محمد أحمد القشقري الطبعة: الأولى، 1409هـ/1989م

[5] المختلف فيهم , ص 34 , المحقق: عبد الرحيم بن محمد بن أحمد القشقري الناشر: مكتبة الرشد، الرياض، المملكة العربية السعودية الطبعة: الأولى، 1420هـ / 1999م

[6] , الكامل في ضعفاء الرجال , ج 4 ص , 389 , تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود-علي محمد معوض شارك في تحقيقه: عبد الفتاح أبو سنة الناشر: الكتب العلمية - بيروت-لبنان الطبعة: الأولى، 1418هـ1997م

[7] ج 6 ص 187, الناشر: دار الحديث- القاهرة الطبعة: 1427هـ-2006م

[8] ج 3 ص 871 ,

[9] ص 83 , المحقق: محمد شكور بن محمود الحاجي أمرير المياديني الناشر: مكتبة المنار – الزرقاء , الطبعة: الأولى، 1406هـ - 1986م

[10] ميزان الإعتدال , ج 2 ص 120 , تحقيق: علي محمد البجاوي الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت – لبنان , الطبعة: الأولى، 1382 هـ - 1963 م

[11] الجرح ةالتعديل , ج 4 ص 84 ,

[12] الطبقات لابن سعد , ج 5ص 425, تحقيق: محمد عبد القادر عطا ,الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت ,الطبعة: الأولى، 1410 هـ - 1990 م

[13] تقريب التهذيب , ص 231, المحقق: محمد عوامة ,الناشر: دار الرشيد – سوريا ,الطبعة: الأولى، 1406 - 1986

[14] الضعفاء والمتروكون , ج 1 ص 311, المحقق: عبد الله القاضي , دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة: الأولى، 1406

[15] سبق تخريجه

[16] صحيح البخاري , كتاب الزكاة , باب خرص الثمر,ج 2 ,ص 125 , المؤلف: محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر
الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) ,الطبعة: الأولى، 1422هـ

[17] شرح مشكل الآثار , ج6 ص 120 ,مؤسسة الرسالة

[18] سنن أبي داود , كتاب الصيام , باب صيام ستة أيام من شوال ,رقم الحديث 2433, المحقق: شعَيب الأرنؤوط - محَمَّد كامِل قره بللي الناشر: دار الرسالة العالمية ,الطبعة: الأولى، 1430 هـ - 2009 م

[19] نفسه

[20] سنن الدارمي , كتاب الصيام , باب صيام الستة من شوال , رقم الحديث 1906, المحقق: نبيل هاشم الغمري الناشر: دار البشائر (بيروت الطبعة: الأولى، 1434هـ - 2013م

[21] الإستذكار , ج 3 ص 379, تحقيق: سالم محمد عطا، محمد علي معوض الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة: الأولى، 1421 - 2000

[22] شرح مشكل الآثار , ج 6 ص 122إلى 124

[23] إرواء الغليل بشرح منار السبيل , ج 4 ص , 107 , رقم الحديث 950 المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني (المتوفى : 1420هـ)
إشراف: زهير الشاويش الناشر: المكتب الإسلامي – بيروت الطبعة: الثانية 1405 هـ - 1985م

[24] تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته بحاشية عون المعبود , ج 7ص 62 الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة: الثانية، 1415 هـ

[25] الموطأ , ج3 ص 447, المحقق: محمد مصطفى الأعظمي الناشر: مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية - أبو ظبي - الإمارات
الطبعة: الأولى، 1425 هـ - 2004 م

[26] الإستذكار ج 3 ص 380

[27] شرح النووي على مسلم , ج 8 ص 56, الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت الطبعة: الثانية، 1392

[28] تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي ,الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

[29] حاشية السندي , ج 1 ص 541 , المؤلف: محمد بن عبد الهادي التتوي، أبو الحسن، نور الدين السندي (المتوفى: 1138هـ) الناشر: دار الجيل - بيروت، بدون طبعة

[30] سبل السلام , ج1 , ص 582 , الناشر: دار الحديث الطبعة: بدون طبعة وبدون تاريخ

[31] نيل الأوطار , ج4 , ص 282, تحقيق: عصام الدين الصبابطي ,الناشر: دار الحديث، مصر الطبعة: الأولى، 1413هـ - 1993م

[32] عون المعبود شرح سنن أبي داود ,ج 7 ص 62 ,
 
أعلى