شهاب الدين الإدريسي
:: عضو مؤسس ::
- انضم
- 20 سبتمبر 2008
- المشاركات
- 324
- التخصص
- التفسير وعلوم القرآن
- المدينة
- مكناس
- المذهب الفقهي
- مالكي
يشيع بين الأوساط المعرفية قلة وندرة العطاء المالكي في أصول الفقه ، وهي دعوى قد تجد مستندها في مقالات بعض المالكية أنفسهم ، فهناك تجاوز للمذهب المالكي وإغفال لإبداعات رجاله ، ولست هنا بمعرض الدعاية للمذهب ، وإنما ذلك من باب إحقاق الحق ، ولتوسيع معرفة من لا يعرف المذهب المالكي ورجاله خاصة في الغرب الإسلامي .
وفيما يلي تصرف مني في بحث لأستاذي وشيخي الدكتور محمد التمسماني ، أستاذ الأصول في كلية أصول الدين بتطوان المغربية ، تحت عنوان : " المدرسة المالكية الأصولية وإبداع المغاربة فيها " ، شارك به في ندوة نظمتها جامعة الحسن الثاني بالبيضاء تحت موضوع : " التراث المالكي في الغرب الإسلامي " ..
إن التوسط الذي وصف به المقري أهل الأندلس في علم الأصول في نفح الطيب (1) لا يعني التقليد والإختصار في كل حال ، فكما يظهر في مجال التقليد يظهر أيضا في مجال الإبداع والتطوير ، وعلى أي فإن التاريخ يشهد للمغاربة عامة والمالكية منهم خاصة بالإبداع والإبتكار والتفوق في هذا العلم ، ومراعاة لهذا الجانب فإن اصول الفقه في الغرب الإسلامي مر بأربعة أطوار هي :
1-طور البناء والتأسيس يمثل القرن : 1-2-3 :
نعلم جميعا أن الإمام مالكا رحمه الله لم يكتب في الأصول كتابا مستقلا مثل ما فعل الإمام الشافعي ، ولا يعني هذا أنه لم يتكلم في مسائل الأصول ولم يكن لديه قانون يرجع إليه عند الإستدلال ، فهذا الإمام أبو بكر بن العربي يقول في مقدمة كتابه " القبس في شرح موطأ مالك بن أنس " : " هذا كتاب القبس في شرح موطأ ابن أنس – رحمه الله – وهو أول كتاب ألف في شرائع الإسلام وهو آخره ، لأنه لم يؤلف مثله ، إذ بناه مالك – رضي الله عنه – على تمهيد الأصول للفروع ، ونبـــه فيه على معظم أصول الفقه التي ترجع إليها مسائله وفروعـــــه "(2).
وتبع الإمام مالكا في منهجه هذا تلامذته الذين أخذوا عنه وانتشروا في الآفاق ، وإذا كانت هذه الفترة الزمنية من تاريخ أصول الفقه تميزت كما يقول مؤرخو الأصول بسيطرة الرسالة على المناهج الأصولية وبتأثر الأصول بعلم الكلام ، وبظهور مدرستين أصوليتين هما : مدرسة المتكلمين الشافعية ، ومدرسة الفقهاء الحنفية .
ترى : أين كانت المدرسة المالكية الأصولية ؟
انشغل علماء المذهب المالكي في هذه المرحلة بتقعيد القواعد والتأسيس والبناء ، وقد أسهم في ذلك أصوليو المذهب في المشرق والمغرب وتوضيح ذلك :
عندما رجع الإمام الشافعي من العراق إلى مصر – جعلت آراؤه الجديدة تدب في الناس مما اضطر بعض علماء المذهب المالكي أن يدخلوا في صراع حاد ضده ، مما حمله على افستقلال بمذهبه ، وقد قام المالكية بالرد عايه وانتقدوا كتبه وخاصة الرسالة ، كما انتقدوا من قبل المذهب الحنفي ومدرسته الأصولية ، وهذه نماذج من ذلك :
1- الف الإمام محمد بن عبد الحكم المصري المالكي ( ت : 269 هـ ) الذي كان معجبا بآراء الشافعي كتابا في الرد على الإمام الشافعي وآخر في الرد على الأحناف ، وآخر في الإنتصار للمذهب المالكي
2- ألف الإمام يحيى بن عمر الكناني الأندلسي القيرواني ( ت : 289 هـ ) كتاب الرد على الشافعي .
3- ألف أبو بكر أحمد بن مروان المالكي المصري ( ت : 298 هـ) كتابا في الرد على الشافعي وآخر في فضائل مالك .
4- ألف القاضي اسماعيل بن اسحاق البغدادي ( ت : 298 هـ ) كتاب الرد على أبي حنيفة ، وآخر في الرد على محمد بن الحسن الشيباني .
5- وجاء في ترجمة عبد الملك بن القاضي القرطبي الطليطلي ( ت : 303 هـ) من الديباج المذهب قال ابن فرحون : " وألف في نصرة مذهب مالك تآليف منها كتاب : الذريعة إلى علم الشريعة ، وكتاب الدلائل والإعلام على أصول الأحكام ( 3 ) " .
6- ألف الإمام محمد بن أبي زيد القيرواني ( ت : 380 هـ) كتاب الإقتداء بأهل المدينة ، وكتاب الذب عن مذهب مالك .
فكل هذه الكتب وغيرها تقرر بأن المدرسة الأصولية المالكية كانت موجودة وأنها لم تتأثر بتلك المؤثرات مما جعلها لم تشتهر ، وخاصة إذا علمنا أن الإعتزال في هذه الحقبة الزمنية أصبحت له دولة ولأهله صولة وجولة .
ثم إن المالكية لم يكونوا مستعدين لأن يتأثروا ، فلهم فيما دونوه في الشرق كفاية .
ومن مصنفات المالكية المغاربة زيادة على ما سبق في هذا الطور :
1-كتاب الناسخ والمنسوخ لعبد الملك بن حبيب الأندلسي ( ت : 239 هـ ) .
2-كتاب الناسخ والمنسوخ لقاسم بن اصبغ القرطبي ( ت : 340 هـ ) .
3-كتابا : الإتفاق والإختلاف ، وكتاب الفتيا لأبي عبد الله محمد بن الحارث الخشني ( ت : 374 هـ ) .
4-كتاب الدلائل إلى أمهات المسائل لأبي محمد الأُصَيْلي ( ت : 392 هـ ) .
5-كتاب الناسخ والمنسوخ في ثلاثين جزءا لأبي المطرف عبد الرحمن بن فطيس القرطبي ( ت : 402 هـ ) .
2- طور الإبداع والشمول :
في أواخر القرن الرابع الهجري وبداية الخامس ، عرف علم أصول الفقه بسبب الفتن الداخلية - وخاصة فتنة البربر التي أودت بحياة العدد الكبير من الأئمة والعلماء ابتداء من سنة 403 هـ - نوعا من الركود ، وطغت النظريات الكلامية على الساحة إلى أن برز نجم الإمام الهمام أبي الوليد سليمان بن خلف الباجي ( ت: 474 هـ ) ، وفي ذلك يقول ابن العربي رحمه : " ولولا أن الله تعالى من بطائفة تفرقت في ديار العلم وجاءت بلباب منه كالقاضي أبى الوليد الباجي وأبي محمد الأصيلي ، فرشوا من ماء العلم على هذه القلوب الميتة وعطروا انفاس هذه الأمة الذفرة لكان الدين قد ذهب "
فكلام ابن العربي يفاد منه أن الباجي هو مجدد الأصول في هذه المرحلة وبه ابتدأ هذا الطور ، ثم انقسم الصوليون المغاربة بعد ذلك إلى فريقين :
* فريق أبدع في علم الأصول إبداعا مباشرا .
* فريق أبدع إبداعا غير مباشر .
الطائفة الأولى هم العلماء الذين صنفوا في هذا العلم مصنفات جامعة شاملة مستقلة ، تضمنت اجتهادات أصولية ومن أشهرهم :
1- الإمام ابن رشد الجد .
2- الإمام أبو بكر بن العربي .
3-الإمام ابن رشد الحفيد .
4-الإمام الشريف التلمساني .
5-الإمام الشاطبي .
6- الإمام ابن البنا المراكشي .
وأما الطائفة الثانية ، فهم العلماء الذين توجهت عنايتهم إلى كتب الأئمة في الأصول من المالكية والشافعية ، وتلك هي كتب القاضي عبد الوهاب البغدادي وإمام الحرمين الجويني والحجة الغزالي ، والإمام الرازي ، والآمدي والإمام القرافي ، والأرموي ، وابن الحاجب .
وهناك طائفة ثالثة ألفت في الأصول كتبا مستقلة لكنها لم تكن من أهل الإختصاص .
وإليك نماذج مما ألفه المغاربة في الأصول في هذه المرحلة :
1- جامع واضحات الدلالات : لأبي عبد الله محمد بن السراي القرطبي ( ت : 443 هـ ) .
2- الشواهد في إثبات خبر الواحد : لأبي عمر بن عبد البر النمري ( ت : 463 هـ ) .
3- أحكام الفصول في إحكام الأصول : لأبي الوليد سليمان بن خلف الباجي .
4- الحدود في الأصول : له أيضا .
5- الإشارات في الأصول : له أيضا .
6- الناسخ والمنسوخ : له أيضا ولم يتمه .
7- المقدمات الممهدات : لأبي الوليد محمد بن رشد الجد ( ت : 520 هـ ) .
8- تعلقة في الأصول : لأبي بكر الطرطوشي ( ت : 520 هـ ) .
9- التنبيه على الأسباب الموجبة لاختلاف الأمة : لابن السيد البطليوسي ( ت : 521 هـ ) .
10- المدخل في الأصول : لأبي بكر اليابري ( ت : 523 هـ ) .
11- إيضاح المحصول من برهان الأصول : لأبي عبد الله المازري ( ت : 536 هـ ) .
12- التمحيص في الأصول : بي بكر بن العربي المعافري الإشبيلي : ( ت : 543 هـ ) .
13- المحصول في الأصول : له أيضا .
14- نكت المحصول : له أيضا .
15- الناسخ والمنسوخ : له أيضا .
16- الإستيفاء : له أيضا .
17- مدارك الحقائق : لأبي الحسن علي بن المقري الغرناطي ( ت : 557 هـ ) .
18- الضروري في أصول الفقه : لأبي الوليد محمد بن رشد الجد ( ت : 595 هـ ) .
19- منهاج الأدلة : له أيضا .
20- تعاليق على المستصفى لأبي الحسن سهل بن محمد الأزدي ( ت : 639 هـ ) .
21- مختصر المستصفى وحواش على مشكلاته في الأصول : لأبي العباس أحمد بن محمد بن الحاج ( ت : 639 هـ ) .
22- الرد على كتاب المعالم للرازي : لأحمد بن عمير التونسي ( ت : 658 هـ ) .
23- شرح المستصفى : لأبي جعفر أحمد الغرناطي ( ت : 699 هـ ) .
24- مختصر الفروق للقرافي : لأبي عبد الله البقوري ( ت : 707 هـ ) .
25- شرح الإشارات للباجي : لأحمد بن ابراهيم الغرناطي ( ت : 708 هـ ) .
26- أنوار البروق في تعقب مسائل القواعد والفروق للقرافي : للقاسم بن الشاط السبتي ( 723 هـ ) .
27- منتهى السول في علم الأصول : لأحمد بن البنا المراكشي ( ت : 726 هـ ) .
28- شرح التنقيح للقرافي : له أيضا .
29- تقييد كبير على الحاصل : لمحمد بن عبد النور التونسي ( ت : 726 هـ ) .
30- تقريب الوصول إلى علم الأصول : لأبي القاسم محمد بن جزي الغرناطي ( ت : 741 هـ ) .
31- تقييدات على التنقيح : لأبي عبد الرحمن التادلي الفاسي ( ت : 741 هـ ) .
32- شرح مختصر ابن الحاجب : لشمس الدين السفاقسي ( ت : 744 هـ ) .
33- مفتاح الوصول في بناء الفروع على الأصول : للشريف التلمساني ( ت : 771 هـ ) .
34- شرح مختصر ابن الحاجب : ليحيى الرهوني ( ت : 774 هـ ) .
35- الفية في الأصول : لأبي عبد الله الغرناطي التلمساني ( ت: 776 هـ ) .
36- الموافقات : لأبي اسحاق الشاطبي ( ت : 790 هـ ) .
37- تحفة الواصل في شرح الحاصل : لأبي عبد الله القفصي ( ت: 796 هـ ) .
قلت : والجدير بالذكر أن كثيرا من هذه الكتب إما ضاع بضياع الأندلس ، أو بغرق الكثير منها مع أصحابها ، أو أنها ما زالت في رفوف المكتبات الخاصة يبخل بها أصحابها ضنا بها على طلابها ، أو في رفوف المكتبات العامة تأكلها الأرضة وينخرها السوس ، لضعف الهمم ولاننعدام الدعم المالي الذي يسهم في إخراجها إلى الوجود .
هذا نهاية هذا الطور وسنعرج فيما بعد إن شاء الله على تتمة الأدوار .
وكتبه يوسف حميتو
وفيما يلي تصرف مني في بحث لأستاذي وشيخي الدكتور محمد التمسماني ، أستاذ الأصول في كلية أصول الدين بتطوان المغربية ، تحت عنوان : " المدرسة المالكية الأصولية وإبداع المغاربة فيها " ، شارك به في ندوة نظمتها جامعة الحسن الثاني بالبيضاء تحت موضوع : " التراث المالكي في الغرب الإسلامي " ..
إن التوسط الذي وصف به المقري أهل الأندلس في علم الأصول في نفح الطيب (1) لا يعني التقليد والإختصار في كل حال ، فكما يظهر في مجال التقليد يظهر أيضا في مجال الإبداع والتطوير ، وعلى أي فإن التاريخ يشهد للمغاربة عامة والمالكية منهم خاصة بالإبداع والإبتكار والتفوق في هذا العلم ، ومراعاة لهذا الجانب فإن اصول الفقه في الغرب الإسلامي مر بأربعة أطوار هي :
1-طور البناء والتأسيس يمثل القرن : 1-2-3 :
نعلم جميعا أن الإمام مالكا رحمه الله لم يكتب في الأصول كتابا مستقلا مثل ما فعل الإمام الشافعي ، ولا يعني هذا أنه لم يتكلم في مسائل الأصول ولم يكن لديه قانون يرجع إليه عند الإستدلال ، فهذا الإمام أبو بكر بن العربي يقول في مقدمة كتابه " القبس في شرح موطأ مالك بن أنس " : " هذا كتاب القبس في شرح موطأ ابن أنس – رحمه الله – وهو أول كتاب ألف في شرائع الإسلام وهو آخره ، لأنه لم يؤلف مثله ، إذ بناه مالك – رضي الله عنه – على تمهيد الأصول للفروع ، ونبـــه فيه على معظم أصول الفقه التي ترجع إليها مسائله وفروعـــــه "(2).
وتبع الإمام مالكا في منهجه هذا تلامذته الذين أخذوا عنه وانتشروا في الآفاق ، وإذا كانت هذه الفترة الزمنية من تاريخ أصول الفقه تميزت كما يقول مؤرخو الأصول بسيطرة الرسالة على المناهج الأصولية وبتأثر الأصول بعلم الكلام ، وبظهور مدرستين أصوليتين هما : مدرسة المتكلمين الشافعية ، ومدرسة الفقهاء الحنفية .
ترى : أين كانت المدرسة المالكية الأصولية ؟
انشغل علماء المذهب المالكي في هذه المرحلة بتقعيد القواعد والتأسيس والبناء ، وقد أسهم في ذلك أصوليو المذهب في المشرق والمغرب وتوضيح ذلك :
عندما رجع الإمام الشافعي من العراق إلى مصر – جعلت آراؤه الجديدة تدب في الناس مما اضطر بعض علماء المذهب المالكي أن يدخلوا في صراع حاد ضده ، مما حمله على افستقلال بمذهبه ، وقد قام المالكية بالرد عايه وانتقدوا كتبه وخاصة الرسالة ، كما انتقدوا من قبل المذهب الحنفي ومدرسته الأصولية ، وهذه نماذج من ذلك :
1- الف الإمام محمد بن عبد الحكم المصري المالكي ( ت : 269 هـ ) الذي كان معجبا بآراء الشافعي كتابا في الرد على الإمام الشافعي وآخر في الرد على الأحناف ، وآخر في الإنتصار للمذهب المالكي
2- ألف الإمام يحيى بن عمر الكناني الأندلسي القيرواني ( ت : 289 هـ ) كتاب الرد على الشافعي .
3- ألف أبو بكر أحمد بن مروان المالكي المصري ( ت : 298 هـ) كتابا في الرد على الشافعي وآخر في فضائل مالك .
4- ألف القاضي اسماعيل بن اسحاق البغدادي ( ت : 298 هـ ) كتاب الرد على أبي حنيفة ، وآخر في الرد على محمد بن الحسن الشيباني .
5- وجاء في ترجمة عبد الملك بن القاضي القرطبي الطليطلي ( ت : 303 هـ) من الديباج المذهب قال ابن فرحون : " وألف في نصرة مذهب مالك تآليف منها كتاب : الذريعة إلى علم الشريعة ، وكتاب الدلائل والإعلام على أصول الأحكام ( 3 ) " .
6- ألف الإمام محمد بن أبي زيد القيرواني ( ت : 380 هـ) كتاب الإقتداء بأهل المدينة ، وكتاب الذب عن مذهب مالك .
فكل هذه الكتب وغيرها تقرر بأن المدرسة الأصولية المالكية كانت موجودة وأنها لم تتأثر بتلك المؤثرات مما جعلها لم تشتهر ، وخاصة إذا علمنا أن الإعتزال في هذه الحقبة الزمنية أصبحت له دولة ولأهله صولة وجولة .
ثم إن المالكية لم يكونوا مستعدين لأن يتأثروا ، فلهم فيما دونوه في الشرق كفاية .
ومن مصنفات المالكية المغاربة زيادة على ما سبق في هذا الطور :
1-كتاب الناسخ والمنسوخ لعبد الملك بن حبيب الأندلسي ( ت : 239 هـ ) .
2-كتاب الناسخ والمنسوخ لقاسم بن اصبغ القرطبي ( ت : 340 هـ ) .
3-كتابا : الإتفاق والإختلاف ، وكتاب الفتيا لأبي عبد الله محمد بن الحارث الخشني ( ت : 374 هـ ) .
4-كتاب الدلائل إلى أمهات المسائل لأبي محمد الأُصَيْلي ( ت : 392 هـ ) .
5-كتاب الناسخ والمنسوخ في ثلاثين جزءا لأبي المطرف عبد الرحمن بن فطيس القرطبي ( ت : 402 هـ ) .
2- طور الإبداع والشمول :
في أواخر القرن الرابع الهجري وبداية الخامس ، عرف علم أصول الفقه بسبب الفتن الداخلية - وخاصة فتنة البربر التي أودت بحياة العدد الكبير من الأئمة والعلماء ابتداء من سنة 403 هـ - نوعا من الركود ، وطغت النظريات الكلامية على الساحة إلى أن برز نجم الإمام الهمام أبي الوليد سليمان بن خلف الباجي ( ت: 474 هـ ) ، وفي ذلك يقول ابن العربي رحمه : " ولولا أن الله تعالى من بطائفة تفرقت في ديار العلم وجاءت بلباب منه كالقاضي أبى الوليد الباجي وأبي محمد الأصيلي ، فرشوا من ماء العلم على هذه القلوب الميتة وعطروا انفاس هذه الأمة الذفرة لكان الدين قد ذهب "
فكلام ابن العربي يفاد منه أن الباجي هو مجدد الأصول في هذه المرحلة وبه ابتدأ هذا الطور ، ثم انقسم الصوليون المغاربة بعد ذلك إلى فريقين :
* فريق أبدع في علم الأصول إبداعا مباشرا .
* فريق أبدع إبداعا غير مباشر .
الطائفة الأولى هم العلماء الذين صنفوا في هذا العلم مصنفات جامعة شاملة مستقلة ، تضمنت اجتهادات أصولية ومن أشهرهم :
1- الإمام ابن رشد الجد .
2- الإمام أبو بكر بن العربي .
3-الإمام ابن رشد الحفيد .
4-الإمام الشريف التلمساني .
5-الإمام الشاطبي .
6- الإمام ابن البنا المراكشي .
وأما الطائفة الثانية ، فهم العلماء الذين توجهت عنايتهم إلى كتب الأئمة في الأصول من المالكية والشافعية ، وتلك هي كتب القاضي عبد الوهاب البغدادي وإمام الحرمين الجويني والحجة الغزالي ، والإمام الرازي ، والآمدي والإمام القرافي ، والأرموي ، وابن الحاجب .
وهناك طائفة ثالثة ألفت في الأصول كتبا مستقلة لكنها لم تكن من أهل الإختصاص .
وإليك نماذج مما ألفه المغاربة في الأصول في هذه المرحلة :
1- جامع واضحات الدلالات : لأبي عبد الله محمد بن السراي القرطبي ( ت : 443 هـ ) .
2- الشواهد في إثبات خبر الواحد : لأبي عمر بن عبد البر النمري ( ت : 463 هـ ) .
3- أحكام الفصول في إحكام الأصول : لأبي الوليد سليمان بن خلف الباجي .
4- الحدود في الأصول : له أيضا .
5- الإشارات في الأصول : له أيضا .
6- الناسخ والمنسوخ : له أيضا ولم يتمه .
7- المقدمات الممهدات : لأبي الوليد محمد بن رشد الجد ( ت : 520 هـ ) .
8- تعلقة في الأصول : لأبي بكر الطرطوشي ( ت : 520 هـ ) .
9- التنبيه على الأسباب الموجبة لاختلاف الأمة : لابن السيد البطليوسي ( ت : 521 هـ ) .
10- المدخل في الأصول : لأبي بكر اليابري ( ت : 523 هـ ) .
11- إيضاح المحصول من برهان الأصول : لأبي عبد الله المازري ( ت : 536 هـ ) .
12- التمحيص في الأصول : بي بكر بن العربي المعافري الإشبيلي : ( ت : 543 هـ ) .
13- المحصول في الأصول : له أيضا .
14- نكت المحصول : له أيضا .
15- الناسخ والمنسوخ : له أيضا .
16- الإستيفاء : له أيضا .
17- مدارك الحقائق : لأبي الحسن علي بن المقري الغرناطي ( ت : 557 هـ ) .
18- الضروري في أصول الفقه : لأبي الوليد محمد بن رشد الجد ( ت : 595 هـ ) .
19- منهاج الأدلة : له أيضا .
20- تعاليق على المستصفى لأبي الحسن سهل بن محمد الأزدي ( ت : 639 هـ ) .
21- مختصر المستصفى وحواش على مشكلاته في الأصول : لأبي العباس أحمد بن محمد بن الحاج ( ت : 639 هـ ) .
22- الرد على كتاب المعالم للرازي : لأحمد بن عمير التونسي ( ت : 658 هـ ) .
23- شرح المستصفى : لأبي جعفر أحمد الغرناطي ( ت : 699 هـ ) .
24- مختصر الفروق للقرافي : لأبي عبد الله البقوري ( ت : 707 هـ ) .
25- شرح الإشارات للباجي : لأحمد بن ابراهيم الغرناطي ( ت : 708 هـ ) .
26- أنوار البروق في تعقب مسائل القواعد والفروق للقرافي : للقاسم بن الشاط السبتي ( 723 هـ ) .
27- منتهى السول في علم الأصول : لأحمد بن البنا المراكشي ( ت : 726 هـ ) .
28- شرح التنقيح للقرافي : له أيضا .
29- تقييد كبير على الحاصل : لمحمد بن عبد النور التونسي ( ت : 726 هـ ) .
30- تقريب الوصول إلى علم الأصول : لأبي القاسم محمد بن جزي الغرناطي ( ت : 741 هـ ) .
31- تقييدات على التنقيح : لأبي عبد الرحمن التادلي الفاسي ( ت : 741 هـ ) .
32- شرح مختصر ابن الحاجب : لشمس الدين السفاقسي ( ت : 744 هـ ) .
33- مفتاح الوصول في بناء الفروع على الأصول : للشريف التلمساني ( ت : 771 هـ ) .
34- شرح مختصر ابن الحاجب : ليحيى الرهوني ( ت : 774 هـ ) .
35- الفية في الأصول : لأبي عبد الله الغرناطي التلمساني ( ت: 776 هـ ) .
36- الموافقات : لأبي اسحاق الشاطبي ( ت : 790 هـ ) .
37- تحفة الواصل في شرح الحاصل : لأبي عبد الله القفصي ( ت: 796 هـ ) .
قلت : والجدير بالذكر أن كثيرا من هذه الكتب إما ضاع بضياع الأندلس ، أو بغرق الكثير منها مع أصحابها ، أو أنها ما زالت في رفوف المكتبات الخاصة يبخل بها أصحابها ضنا بها على طلابها ، أو في رفوف المكتبات العامة تأكلها الأرضة وينخرها السوس ، لضعف الهمم ولاننعدام الدعم المالي الذي يسهم في إخراجها إلى الوجود .
هذا نهاية هذا الطور وسنعرج فيما بعد إن شاء الله على تتمة الأدوار .
وكتبه يوسف حميتو