د / ربيع أحمد ( طب ).
:: متخصص ::
- إنضم
- 4 يناير 2008
- المشاركات
- 1,323
- التخصص
- طبيب تخدير
- المدينة
- الجيزة
- المذهب الفقهي
- ما وافق الدليل
لقد ردد بعض الفضلاء ، وهم ممن تتلمذنا على كتبهم وأشرطتهم ومحاضراتهم أن جواز كشف المرأة الوجه ليس مذهب جمهور العلماء ،وهذا لا يصح فأمهات الكتب تأبى ذلك لكن المخالف استدل ببعض أقوال الفقهاء الذين يوجبون تغطية الوجه وهم يفرقون بين العورة داخل الصلاة والعورة خارجها ، وحمل هذا القول بدل أن يكون قول الموجبين تغطية الوجه وحدهم بأنه قول جل العلماء ، والقاعدة أنه لا ينتسب لساكت قول ،ولا نتقول على أحد شيئا لم يقله فكيف إذا كان قوله غير ذلك ،و لا أحد من المسلمين ينكر مشروعية النقاب ،و نحن المسلمين نجل علمائنا ومشايخنا ودعاتنا ولا أحد معصوم إلا النبي صلى الله عليه وسلم ،وهذا شيئا من التعقيب على من يقول بذلك تذكرة لي ولطلبة العلم ،وهذا الكلام فقط لتصحيح هذه المقولة ،و تغطية وجه المرأة مشروعة بالإجماع وأقل ما فيها السنية وهو أصح الأقوال عند التحقيق وبالله التوفيق : بسم الله أبدأ وبه اهتدي وعليه اتوكل قد يستدل من يقول ليس مذهب جمهور العلماء كشف المرأة وجهها بما يلي :
قول ابن قدامة : (( وقال مالك و الأوزاعي والشافعي : جميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها، وما سوى ذلك يجب ستره في الصلاة )).
وقول ابن القيم: (( العورة عورتان: عورة في الصلاة، وعورة في النظر، فالحرة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين، وليس لها أن تخرج في الأسواق ومجامع الناس كذلك )) .
وقول البيضاوي في تفسير قوله تعالى: (( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها)): (( والمستثنى هو الوجه والكفان لأنهما ليستا من العورة، والأظهر أن هذا في الصلاة لا في النظر، فإن كل بدن الحرة عورة، لا يحل لغير الزوج والمحرم النظر إلى شيء منها إلا لضرورة))
وقول الصنعاني : )) ويباح كشف وجهها حيث لم يأت دليل بتغطيته، والمراد كشفه عند صلاتها بحيث لا يراها أجنبي، فهذه عورتها في الصلاة، وأما عورتها بالنظر إلى نظر الأجنبي إليها فكلها عورة كما يأتي تحقيقه )) . وقال هؤلاء الأفاضل : (( نبّه شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالة "الحجاب" إلى أنه من أخطاء متأخري الفقهاء ذكر عورة المرأة في باب شروط الصلاة، وأنه نتيجة لذلك ربط كثير منهم بين عورة المرأة داخل الصلاة وخارجها - مع أنه لا تلازم - إذ بعض ما يجوز كشفه داخلها لا يجوز خارجها، وبعض ما يلزمها تغطيته في الصلاة لا يلزمها خارجها، كتغطية الرأس في الصلاة أو خارجها عند المحارم، ومثل كشف الوجه داخل الصلاة وتغطيته خارجها عند الأجانب )) فنقول باديء ذي بدء من المعلوم لدى علماء السنة أن الحق لا يعرف بالرجال و لكن يعرف الرجال بالحق و قول ابن قدامة الحنبلي فهو معارض بقوله في ( المغني ) : (( وقال القاضي : يحرم النظر إلى ما عدا الوجه والكفين ؛لأنه عورة ،ويباح النظر إليهما مع الكراهة إذا أمنت الفتنة ونظر لغير شهوة ؛لأنه ليس بعورة فلم يحرم النظر إليه بغير ريبة كوجه الرجل )) فهل القاضي يتحدث عن وجه المرأة في الصلاة أم حكم عام في الصلاة وغيرها ؟ ووجه الرجل مكشوف في الصلاة وغير الصلاة ؟ والنظر للمرأة هل غالبا يكون في الصلاة أم خارج الصلاة ؟ من يرد أن يخصص قول القاضي فليأت بدليل منه من أقواله .أما قول ابن تيمية وابن القيم و البيضاوي والصنعاني فهم أصلا ممن يقولون بوجوب تغطية الوجه فطبيعي أن يقولوا هناك فرق بين عورة المرأة في الصلاة وخارج الصلاة نريد دليلا من الفقهاء الذين يقولون بجواز كشف المرأة الوجه ، ويستدلون على ذلك بأدلة من الكتاب والسنة ،وليس من الفقهاء الذين يقولون بوجوب التغطية ؟ انظر لقول ابن قدامة في المغني : (( ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة النظر أي للخاطب إلى وجهها وذلك لأنه ليس بعورة وهو مجمع المحاسن، وموضع النظر ولا يباح له النظر إلى ما لا يظهر عادة )) و قوله أيضا في المغني : (( وقال بعض أصحابنا: المرأة كلها عورة، لأنه قد روي في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: المرأة عورة. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. ولكن رخص لها في كشف وجهها وكفيها، لما في تغطيته من المشقة، وأبيح النظر إليه لأجل الخطبة، لأنه مجمع المحاسن )).
وقال الإمام الثعلبي ( 427هـ ) في تفسيره : (( ولا يبدين زينتهن الخفية التي أمرن بتغطيتها ولم يبح لهن كشفها في الصلاة وللأجنبيين وهي ما عدا الوجه والكفين وظهور القدمين إلا لبعولتهن أو آباء بعولتهن .........)) .
قال الإمام الشيرازي الشافعي ( 467هـ ) في المهذب : (( وأما الحرة فجميع بدنها عورة، إلا الوجه والكفين قال ابن عباس: وجهها وكفيها ، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- " نهى المحرمة عن لبس القفازين والنقاب " ولو كان الوجه والكف عورة لما حرم سترهما، ولأن الحاجة تدعو إلى إبراز الوجه للبيع والشراء، وإلى إبراز الكف للأخذ والعطاء، فلم يجعل ذلك عورة)) .
قال الإمام السمعاني (489هـ ) في تفسيره : (( على هذا يجوز النظر إلى وجه المرأة وكفيها من غير شهوة ، وإن خاف الشهوة غض البصر )) .
وقد قال النووي الشافعي في ( المجموع ) : (( وكذا المذهب إطلاق أنهما ليس بعورة ومما استدل به في ذلك أن الحاجة تدعو إلى إبراز الوجه عند البيع والشراء وإلى إبراز الكفين للأخذ والعطاء فلم يجعل ذلك عورة )) فهل النووي يتحدث عن عورة المرأة في الصلاة كما يقول هؤلاء الأفاضل ؟ وهو يعلل بعلة لا تصلح أن تكون في الصلاة بل خارج الصلاة ؟ وقال الإمام السرخسي الحنفي (483 هـ) في المبسوط : (( ثم لا شك أنه يباح النظر إلى ثيابها ولا يعتبر خوف الفتنة في ذلك فكذلك إلى وجهها وكفها )) فهل السرخسي يتحدث عن النظر للمرأة في الصلاة وهو يعلل بعلة لا تصلح أن تكون في الصلاة بل خارج الصلاة فقد قاس جواز النظر للوجه على جواز النظر للثياب في حالة خوف الفتنة ؟
وقال الإمام المرغيناني الحنفي ( 593 هـ ) في ( الهداية )(( ولا يجوز أن ينظر الرجل إلى الأجنبية إلا وجهها وكفيها فإن كان لا يأمن الشهوة لا ينظر إلى وجهها إلا لحاجة(( . فهل المرغيناني يتحدث عن النظر للمرأة في الصلاة ، وهو يقول ( لا ينظر لوجهها إلا لحاجة ) .
وقال الإمام البابرتي الحنفي ( 786 هـ ) في ( العناية شرح الهداية ) : (( إذا خاف الشهوة لم ينظر من غير حاجة )) فهل البابرتي يتحدث عن النظر للمرأة في الصلاة ، وهو يقول ( لم ينظر من غير حاجة) .
و قال ابن عبد البر المالكي في ( التمهيد ) : (( وجائز أن ينظر إلى ذلك منها(أي الوجه والكفين) كل من نظر إليها بغير ريبة ولا مكروه، وأما النظر للشهوة فحرام تأملها من فوق ثيابها لشهوة، فكيف بالنظر إلى وجهها مسفرة )) فهل ابن عبد البر يتحدث عن النظر لوجه المرأة في الصلاة أم هذا حكم عام ؟ هل ثبت عن ابن عبد البر أنه يقول هذا في عورة المرأة في الصلاة فقط أما خارجها فجميعها ؟
وقال الإمام الإمام الكاساني الحنفي 587هـ في ( بدائع الصنائع ) : (( فلا يحل النظر للأجنبي من الأجنبية إلا الوجه والكفين )) . فهل الكاساني يتحدث عن النظر لوجه المرأة في الصلاة أم هذا حكم عام ؟
قال الإمام البغوي الشافعي في ( شرح السنة ) : (( فإن كانت أجنبية حرة فجميع بدنها عورة في حق الرجل لا يجوز له أن ينظر إلى شئ منها إلا الوجه واليدين إلى الكوعين وعليه غض البصر عن النظر إلى وجهها ويديها أيضاً عند خوف الفتنة )) . فهل البغوي يتحدث عن النظر لوجه المرأة في الصلاة أم هذا حكم عام ؟
قال ابن حجر الهيثمي في ( الفتاوى الكبرى ) : (( وحاصل مذهبنا أن إمام الحرمين نقل الإِجماع على جواز خروج المرأة سافرة وعلى الرجال غضّ البصر )) فيستحيل قطعا القول بأن هذا في الصلاة ؟
ثم أقول سلمنا جدلا أن جواز كشف الوجه يكون في الصلاة على قول العلماء ،والكل يعلم أن النساء كن يصلين في المسجد خلف الرجال ولم يكن هناك حاجز ،والرجل يأتي يصلى فإذ به يرى وجه هذه ووجه هذه وجمال هذه فكيف يستقيم هذا مع تشريع ربنا الحكيم إذ لو كان وجه المرأة عورة لبين سبحانه وتعالى أنه لا يجوز للمرأة التي تصلي أمام غير المحارم أن تصلي مكشوفة الوجه ، فهي بهذا تكون معينة على شيء حرام ؟ وأيضا في هذا القول اتهاما للشريعة بالتناقض إذا كيف تجعل عقوبة المعصية في الحرم مضاعفة ،ولم توجب على النساء تغطية الوجه في الحج،وهذا زمان فتن بل النساء يكن بجانب الرجال ،والناس في الحرم منهم من يأتي ليسرق ومنهم من يأتي لمنفعة ومنهم من يأتي لكي يقول الناس أنه حاجا ومنهم من يأت للحج لكنه رجل شهواني فداعي التغطية في الحرم أشد من التغطية في غير الحرم لمضاعفة العقوبة في الحرم ؟!!! فإذا قالوا أوجبت الشريعة على الجنسين غض البصر إذن لما لا تقولون هذا في المسألة التي نحن بصددها ،وتوجبون ما لم يوجبه الله على النساء ؟ ،وقد أفتى ابن عقيل الحنبلي ردا على سؤال وجه إليه عن كشف المرأة وجهها في الإحرام -مع كثرة الفساد اليوم-: أهو أولى أم التغطية. فأجاب: بأن الكشف شعار إحرامها، ورفع حكم ثبت شرعا بحوادث البدع لا يجوز، لأنه يكون نسخا بالحوادث، ويفضي إلى رفع الشرع رأسا. وليس ببدع أن يأمرها الشرع بالكشف، ويأمر الرجل بالغض، ليكون أعظم للابتلاء، كما قرب الصيد إلى الأيدي في الإحرام ونهى عنه ( بدائع الفوائد لابن القيم ) .
حقا حقا جمهور الفقهاء قال بأن الوجه والكفين ليسا بعورة في الصلاة والبعض استثني أيضا ظاهر القدم فهذا شيء والمسألة التي نحن فيها شيء آخر ، وإليكم بعض نقولات أهل العلم التي فيها أن عورة المرأة جميع جسدها عدا الوجه والكفين عند الجمهور : قال ابن عبد البر المالكي في التمهيد : (( على هذا أكثر أهل العلم وقد أجمعوا على أن المرأة تكشف وجهها في الصلاة والإحرام)) انظروا استدل بهذا الإجماع على صحة ما ذهب إليه أكثر الفقهاء ، وكذلك قال ابن رشد أنه مذهب جمهور العلماء كما في بداية المجتهد . المذهب الظاهري : قال ابن حزم الظاهري في في المحلى : (( ومن المرأة جميع بدنها حاشا الوجه والكفين )) .
المذهب المالكي : قال الإمام عبد الرحمن شهاب الدين البغدادي في إرْشَادُ السَّالِك إلىَ أَشرَفِ المَسَالِكِ فِي فقهِ الإمَامِ مَالِك : (( وَالْحُرَّةُ كُلُّهَا عَوْرَةٌ إِلاَّ وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا وَالسَّاتِرُ الْحَصِيفُ لا الشَّافُّ )).
المذهب الحنبلي : قال ابن قدامة في عمدة الفقه : (( والحرة كلها عورة إلا وجهها وكفيها )).
المذهب الشافعي : قال النووي في روضة الطالبين : (( وأما المرأة فإن كانت حرة فجميع بدنها عورة إلا الوجه والكفين ظهرهما وبطنهما إلى الكوعين )) .
المذهب الحنفي : قال أبو جعفر الطحاوي في شرح معاني الآثار : (( أبيح للناس أن ينظروا إلى ما ليس بمحرَّم عليهم من النساء إلى وجوههن وأكفهن وحرم ذلك عليهم من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى )) . من المعاصرين القائلين بما بأن وجه المرأة ليس بعورة عند جمهور العلماء :
قال مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا ( وهذا ليس بإجماع طبعا لكن قراد فقهاء المجمع فقط وليس كل الفقهاء )): (( إن حجاب المرأة المسلمة عند جمهور العلماء ستر جميع بدنها عدا الوجه والكفين إذا لم تخش فتنة فإن خيفت الفتنة يجب سترهما أيضا )) (موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة للدكتور علي السالوس ص 763 دار الثقافة قطر مكتبة دار القرآن الطبعة العاشرة ). قال الدكتور محمد بلتاجي أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة : (( هناك اختلاف قديم متجدد بين العلماء في تحديد ما الذي ينبغي أن تستره المرأة عن الرجال الأجانب ( من ليس بزوج و لا محرم لها ) : فالكثرة منهم يرون أن ما يجب تغطيته عنهم هو كل بدنها ما عدا الوجه والكفين ، وبعضهم يرى أن الوجه والكفين من العورة أيضا )) ( مكانة المرأة في الإسلام للدكتور محمد البلتاجي ص 290 دار السلام الطبعة الثالثة 2005 م ) . قال الدكتور القرضاوي في فتاوى معاصرة : (( ولم يقل أحد بأن الوجه عورة إلا في رواية عن أحمد -وهو غير المعروف عنه- وإلا ما ذهب إليه بعض الشافعية. والذي تدل عليه النصوص والآثار، أن الوجه والكفين ليسا بعورة، وهو ما روي عن ابن عباس وابن عمر وغيرهما من الصحابة والتابعين والأئمة، واستدل ابن حزم -وهو ظاهري يتمسك بحرفية النصوص- بقوله تعالى: (وليضربن بخمرهن) على إباحة كشف الوجه، حيث أمر بضرب الخمر على الجيوب لا على الوجوه، كما استدل بحديث البخاري عن ابن عباس أنه شهد العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه عليه السلام خطب بعد أن صلى، ثم أتى النساء، ومعه بلال، فوعظهن وذكرهن وأمرهن أن يتصدقن. قال : فرأيتهن يهوين بأيديهن يقذفنه -أي المال- في ثوب بلال. قال : فهذا ابن عباس بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى أيديهن، فصح أن اليد من المرأة ليست بعورة )). وهذا الكلام أيضا كلام الدكتور محمد عبد المقصود والدكتور عبد الله بدر ممن تتلمذنا على أشرطته ، وكلام العلامة الألباني في جلباب المرأة المسلمة و الرد المفحم نخلص من هذا أن القول بأن وجه المرأة ليس بعورة ليس قول جمهور الفقهاء كما نسبه البعض لهم ، وقول جمهور الفقهاء أن الوجه ليس بعورة والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وكتبه ربيع أحمد 26/12/2007
تنبيه : تعقيب هام على البحث لا بد من قرأته
أولا : الكاتب يقول بقول جمهور العلماء في هذه المسألة ، وهو سنية النقاب ، وليس معنى أن النقاب سنة أنه يترك لكن هذا في المقام الأول لمن لا تستطيع لبسه لسبب من الأسباب التي ابتلينا بها في هذا العصر كمنع الزوج امرأته من لبس النقاب ولا حول ولا قوة إلا بالله امرأة تستن بما فرضه الله على نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا الزوج ( ربنا يهديه ) لا يريدها أن تفعل السنة فما دام الأمر سنة وبيتها مهدد بالخراب فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها ،وهذا كلام الدكتور محمد عبد المقصود والدكتور عبد الله بدر والكثير من علماء الشريعة وأنتم تعلمون أن قيام الله كان فرض في حق النبي صلى الله عليه وسلم سنة لغيره ، والنقاب بإجماع العلماء فرض في حق أمهات المؤمنين حفظا لجناب النبوة والنظر بشهوة إليهن أعظم إثما وجرما من النظر بشهوة لأي امرأة غيرهن ، و عليهن من الأحكام ما ليس على غيرهن، ولهذا قال تعالى : ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ) .
ثانيا : قطعا القرآن والسنة يخالف من يقول يجوز النظر لوجه المرأة عند خوف الفتنة ،ونقلي لبعض من يقول يجوز النظر لوجه المرأة عند خوف الفتنة إنما فقط لرد على من يدعي إجماع النساء العملي على تغطية وجوههن و من يقول العلماء إنما قالوا بجواز كشف الوجه في الصلاة وليس خارجها .
قول ابن قدامة : (( وقال مالك و الأوزاعي والشافعي : جميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها، وما سوى ذلك يجب ستره في الصلاة )).
وقول ابن القيم: (( العورة عورتان: عورة في الصلاة، وعورة في النظر، فالحرة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين، وليس لها أن تخرج في الأسواق ومجامع الناس كذلك )) .
وقول البيضاوي في تفسير قوله تعالى: (( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها)): (( والمستثنى هو الوجه والكفان لأنهما ليستا من العورة، والأظهر أن هذا في الصلاة لا في النظر، فإن كل بدن الحرة عورة، لا يحل لغير الزوج والمحرم النظر إلى شيء منها إلا لضرورة))
وقول الصنعاني : )) ويباح كشف وجهها حيث لم يأت دليل بتغطيته، والمراد كشفه عند صلاتها بحيث لا يراها أجنبي، فهذه عورتها في الصلاة، وأما عورتها بالنظر إلى نظر الأجنبي إليها فكلها عورة كما يأتي تحقيقه )) . وقال هؤلاء الأفاضل : (( نبّه شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالة "الحجاب" إلى أنه من أخطاء متأخري الفقهاء ذكر عورة المرأة في باب شروط الصلاة، وأنه نتيجة لذلك ربط كثير منهم بين عورة المرأة داخل الصلاة وخارجها - مع أنه لا تلازم - إذ بعض ما يجوز كشفه داخلها لا يجوز خارجها، وبعض ما يلزمها تغطيته في الصلاة لا يلزمها خارجها، كتغطية الرأس في الصلاة أو خارجها عند المحارم، ومثل كشف الوجه داخل الصلاة وتغطيته خارجها عند الأجانب )) فنقول باديء ذي بدء من المعلوم لدى علماء السنة أن الحق لا يعرف بالرجال و لكن يعرف الرجال بالحق و قول ابن قدامة الحنبلي فهو معارض بقوله في ( المغني ) : (( وقال القاضي : يحرم النظر إلى ما عدا الوجه والكفين ؛لأنه عورة ،ويباح النظر إليهما مع الكراهة إذا أمنت الفتنة ونظر لغير شهوة ؛لأنه ليس بعورة فلم يحرم النظر إليه بغير ريبة كوجه الرجل )) فهل القاضي يتحدث عن وجه المرأة في الصلاة أم حكم عام في الصلاة وغيرها ؟ ووجه الرجل مكشوف في الصلاة وغير الصلاة ؟ والنظر للمرأة هل غالبا يكون في الصلاة أم خارج الصلاة ؟ من يرد أن يخصص قول القاضي فليأت بدليل منه من أقواله .أما قول ابن تيمية وابن القيم و البيضاوي والصنعاني فهم أصلا ممن يقولون بوجوب تغطية الوجه فطبيعي أن يقولوا هناك فرق بين عورة المرأة في الصلاة وخارج الصلاة نريد دليلا من الفقهاء الذين يقولون بجواز كشف المرأة الوجه ، ويستدلون على ذلك بأدلة من الكتاب والسنة ،وليس من الفقهاء الذين يقولون بوجوب التغطية ؟ انظر لقول ابن قدامة في المغني : (( ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة النظر أي للخاطب إلى وجهها وذلك لأنه ليس بعورة وهو مجمع المحاسن، وموضع النظر ولا يباح له النظر إلى ما لا يظهر عادة )) و قوله أيضا في المغني : (( وقال بعض أصحابنا: المرأة كلها عورة، لأنه قد روي في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: المرأة عورة. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. ولكن رخص لها في كشف وجهها وكفيها، لما في تغطيته من المشقة، وأبيح النظر إليه لأجل الخطبة، لأنه مجمع المحاسن )).
وقال الإمام الثعلبي ( 427هـ ) في تفسيره : (( ولا يبدين زينتهن الخفية التي أمرن بتغطيتها ولم يبح لهن كشفها في الصلاة وللأجنبيين وهي ما عدا الوجه والكفين وظهور القدمين إلا لبعولتهن أو آباء بعولتهن .........)) .
قال الإمام الشيرازي الشافعي ( 467هـ ) في المهذب : (( وأما الحرة فجميع بدنها عورة، إلا الوجه والكفين قال ابن عباس: وجهها وكفيها ، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- " نهى المحرمة عن لبس القفازين والنقاب " ولو كان الوجه والكف عورة لما حرم سترهما، ولأن الحاجة تدعو إلى إبراز الوجه للبيع والشراء، وإلى إبراز الكف للأخذ والعطاء، فلم يجعل ذلك عورة)) .
قال الإمام السمعاني (489هـ ) في تفسيره : (( على هذا يجوز النظر إلى وجه المرأة وكفيها من غير شهوة ، وإن خاف الشهوة غض البصر )) .
وقد قال النووي الشافعي في ( المجموع ) : (( وكذا المذهب إطلاق أنهما ليس بعورة ومما استدل به في ذلك أن الحاجة تدعو إلى إبراز الوجه عند البيع والشراء وإلى إبراز الكفين للأخذ والعطاء فلم يجعل ذلك عورة )) فهل النووي يتحدث عن عورة المرأة في الصلاة كما يقول هؤلاء الأفاضل ؟ وهو يعلل بعلة لا تصلح أن تكون في الصلاة بل خارج الصلاة ؟ وقال الإمام السرخسي الحنفي (483 هـ) في المبسوط : (( ثم لا شك أنه يباح النظر إلى ثيابها ولا يعتبر خوف الفتنة في ذلك فكذلك إلى وجهها وكفها )) فهل السرخسي يتحدث عن النظر للمرأة في الصلاة وهو يعلل بعلة لا تصلح أن تكون في الصلاة بل خارج الصلاة فقد قاس جواز النظر للوجه على جواز النظر للثياب في حالة خوف الفتنة ؟
وقال الإمام المرغيناني الحنفي ( 593 هـ ) في ( الهداية )(( ولا يجوز أن ينظر الرجل إلى الأجنبية إلا وجهها وكفيها فإن كان لا يأمن الشهوة لا ينظر إلى وجهها إلا لحاجة(( . فهل المرغيناني يتحدث عن النظر للمرأة في الصلاة ، وهو يقول ( لا ينظر لوجهها إلا لحاجة ) .
وقال الإمام البابرتي الحنفي ( 786 هـ ) في ( العناية شرح الهداية ) : (( إذا خاف الشهوة لم ينظر من غير حاجة )) فهل البابرتي يتحدث عن النظر للمرأة في الصلاة ، وهو يقول ( لم ينظر من غير حاجة) .
و قال ابن عبد البر المالكي في ( التمهيد ) : (( وجائز أن ينظر إلى ذلك منها(أي الوجه والكفين) كل من نظر إليها بغير ريبة ولا مكروه، وأما النظر للشهوة فحرام تأملها من فوق ثيابها لشهوة، فكيف بالنظر إلى وجهها مسفرة )) فهل ابن عبد البر يتحدث عن النظر لوجه المرأة في الصلاة أم هذا حكم عام ؟ هل ثبت عن ابن عبد البر أنه يقول هذا في عورة المرأة في الصلاة فقط أما خارجها فجميعها ؟
وقال الإمام الإمام الكاساني الحنفي 587هـ في ( بدائع الصنائع ) : (( فلا يحل النظر للأجنبي من الأجنبية إلا الوجه والكفين )) . فهل الكاساني يتحدث عن النظر لوجه المرأة في الصلاة أم هذا حكم عام ؟
قال الإمام البغوي الشافعي في ( شرح السنة ) : (( فإن كانت أجنبية حرة فجميع بدنها عورة في حق الرجل لا يجوز له أن ينظر إلى شئ منها إلا الوجه واليدين إلى الكوعين وعليه غض البصر عن النظر إلى وجهها ويديها أيضاً عند خوف الفتنة )) . فهل البغوي يتحدث عن النظر لوجه المرأة في الصلاة أم هذا حكم عام ؟
قال ابن حجر الهيثمي في ( الفتاوى الكبرى ) : (( وحاصل مذهبنا أن إمام الحرمين نقل الإِجماع على جواز خروج المرأة سافرة وعلى الرجال غضّ البصر )) فيستحيل قطعا القول بأن هذا في الصلاة ؟
ثم أقول سلمنا جدلا أن جواز كشف الوجه يكون في الصلاة على قول العلماء ،والكل يعلم أن النساء كن يصلين في المسجد خلف الرجال ولم يكن هناك حاجز ،والرجل يأتي يصلى فإذ به يرى وجه هذه ووجه هذه وجمال هذه فكيف يستقيم هذا مع تشريع ربنا الحكيم إذ لو كان وجه المرأة عورة لبين سبحانه وتعالى أنه لا يجوز للمرأة التي تصلي أمام غير المحارم أن تصلي مكشوفة الوجه ، فهي بهذا تكون معينة على شيء حرام ؟ وأيضا في هذا القول اتهاما للشريعة بالتناقض إذا كيف تجعل عقوبة المعصية في الحرم مضاعفة ،ولم توجب على النساء تغطية الوجه في الحج،وهذا زمان فتن بل النساء يكن بجانب الرجال ،والناس في الحرم منهم من يأتي ليسرق ومنهم من يأتي لمنفعة ومنهم من يأتي لكي يقول الناس أنه حاجا ومنهم من يأت للحج لكنه رجل شهواني فداعي التغطية في الحرم أشد من التغطية في غير الحرم لمضاعفة العقوبة في الحرم ؟!!! فإذا قالوا أوجبت الشريعة على الجنسين غض البصر إذن لما لا تقولون هذا في المسألة التي نحن بصددها ،وتوجبون ما لم يوجبه الله على النساء ؟ ،وقد أفتى ابن عقيل الحنبلي ردا على سؤال وجه إليه عن كشف المرأة وجهها في الإحرام -مع كثرة الفساد اليوم-: أهو أولى أم التغطية. فأجاب: بأن الكشف شعار إحرامها، ورفع حكم ثبت شرعا بحوادث البدع لا يجوز، لأنه يكون نسخا بالحوادث، ويفضي إلى رفع الشرع رأسا. وليس ببدع أن يأمرها الشرع بالكشف، ويأمر الرجل بالغض، ليكون أعظم للابتلاء، كما قرب الصيد إلى الأيدي في الإحرام ونهى عنه ( بدائع الفوائد لابن القيم ) .
حقا حقا جمهور الفقهاء قال بأن الوجه والكفين ليسا بعورة في الصلاة والبعض استثني أيضا ظاهر القدم فهذا شيء والمسألة التي نحن فيها شيء آخر ، وإليكم بعض نقولات أهل العلم التي فيها أن عورة المرأة جميع جسدها عدا الوجه والكفين عند الجمهور : قال ابن عبد البر المالكي في التمهيد : (( على هذا أكثر أهل العلم وقد أجمعوا على أن المرأة تكشف وجهها في الصلاة والإحرام)) انظروا استدل بهذا الإجماع على صحة ما ذهب إليه أكثر الفقهاء ، وكذلك قال ابن رشد أنه مذهب جمهور العلماء كما في بداية المجتهد . المذهب الظاهري : قال ابن حزم الظاهري في في المحلى : (( ومن المرأة جميع بدنها حاشا الوجه والكفين )) .
المذهب المالكي : قال الإمام عبد الرحمن شهاب الدين البغدادي في إرْشَادُ السَّالِك إلىَ أَشرَفِ المَسَالِكِ فِي فقهِ الإمَامِ مَالِك : (( وَالْحُرَّةُ كُلُّهَا عَوْرَةٌ إِلاَّ وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا وَالسَّاتِرُ الْحَصِيفُ لا الشَّافُّ )).
المذهب الحنبلي : قال ابن قدامة في عمدة الفقه : (( والحرة كلها عورة إلا وجهها وكفيها )).
المذهب الشافعي : قال النووي في روضة الطالبين : (( وأما المرأة فإن كانت حرة فجميع بدنها عورة إلا الوجه والكفين ظهرهما وبطنهما إلى الكوعين )) .
المذهب الحنفي : قال أبو جعفر الطحاوي في شرح معاني الآثار : (( أبيح للناس أن ينظروا إلى ما ليس بمحرَّم عليهم من النساء إلى وجوههن وأكفهن وحرم ذلك عليهم من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى )) . من المعاصرين القائلين بما بأن وجه المرأة ليس بعورة عند جمهور العلماء :
قال مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا ( وهذا ليس بإجماع طبعا لكن قراد فقهاء المجمع فقط وليس كل الفقهاء )): (( إن حجاب المرأة المسلمة عند جمهور العلماء ستر جميع بدنها عدا الوجه والكفين إذا لم تخش فتنة فإن خيفت الفتنة يجب سترهما أيضا )) (موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة للدكتور علي السالوس ص 763 دار الثقافة قطر مكتبة دار القرآن الطبعة العاشرة ). قال الدكتور محمد بلتاجي أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة : (( هناك اختلاف قديم متجدد بين العلماء في تحديد ما الذي ينبغي أن تستره المرأة عن الرجال الأجانب ( من ليس بزوج و لا محرم لها ) : فالكثرة منهم يرون أن ما يجب تغطيته عنهم هو كل بدنها ما عدا الوجه والكفين ، وبعضهم يرى أن الوجه والكفين من العورة أيضا )) ( مكانة المرأة في الإسلام للدكتور محمد البلتاجي ص 290 دار السلام الطبعة الثالثة 2005 م ) . قال الدكتور القرضاوي في فتاوى معاصرة : (( ولم يقل أحد بأن الوجه عورة إلا في رواية عن أحمد -وهو غير المعروف عنه- وإلا ما ذهب إليه بعض الشافعية. والذي تدل عليه النصوص والآثار، أن الوجه والكفين ليسا بعورة، وهو ما روي عن ابن عباس وابن عمر وغيرهما من الصحابة والتابعين والأئمة، واستدل ابن حزم -وهو ظاهري يتمسك بحرفية النصوص- بقوله تعالى: (وليضربن بخمرهن) على إباحة كشف الوجه، حيث أمر بضرب الخمر على الجيوب لا على الوجوه، كما استدل بحديث البخاري عن ابن عباس أنه شهد العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه عليه السلام خطب بعد أن صلى، ثم أتى النساء، ومعه بلال، فوعظهن وذكرهن وأمرهن أن يتصدقن. قال : فرأيتهن يهوين بأيديهن يقذفنه -أي المال- في ثوب بلال. قال : فهذا ابن عباس بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى أيديهن، فصح أن اليد من المرأة ليست بعورة )). وهذا الكلام أيضا كلام الدكتور محمد عبد المقصود والدكتور عبد الله بدر ممن تتلمذنا على أشرطته ، وكلام العلامة الألباني في جلباب المرأة المسلمة و الرد المفحم نخلص من هذا أن القول بأن وجه المرأة ليس بعورة ليس قول جمهور الفقهاء كما نسبه البعض لهم ، وقول جمهور الفقهاء أن الوجه ليس بعورة والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وكتبه ربيع أحمد 26/12/2007
تنبيه : تعقيب هام على البحث لا بد من قرأته
أولا : الكاتب يقول بقول جمهور العلماء في هذه المسألة ، وهو سنية النقاب ، وليس معنى أن النقاب سنة أنه يترك لكن هذا في المقام الأول لمن لا تستطيع لبسه لسبب من الأسباب التي ابتلينا بها في هذا العصر كمنع الزوج امرأته من لبس النقاب ولا حول ولا قوة إلا بالله امرأة تستن بما فرضه الله على نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا الزوج ( ربنا يهديه ) لا يريدها أن تفعل السنة فما دام الأمر سنة وبيتها مهدد بالخراب فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها ،وهذا كلام الدكتور محمد عبد المقصود والدكتور عبد الله بدر والكثير من علماء الشريعة وأنتم تعلمون أن قيام الله كان فرض في حق النبي صلى الله عليه وسلم سنة لغيره ، والنقاب بإجماع العلماء فرض في حق أمهات المؤمنين حفظا لجناب النبوة والنظر بشهوة إليهن أعظم إثما وجرما من النظر بشهوة لأي امرأة غيرهن ، و عليهن من الأحكام ما ليس على غيرهن، ولهذا قال تعالى : ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ) .
ثانيا : قطعا القرآن والسنة يخالف من يقول يجوز النظر لوجه المرأة عند خوف الفتنة ،ونقلي لبعض من يقول يجوز النظر لوجه المرأة عند خوف الفتنة إنما فقط لرد على من يدعي إجماع النساء العملي على تغطية وجوههن و من يقول العلماء إنما قالوا بجواز كشف الوجه في الصلاة وليس خارجها .