العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

من فتاوى ابن الصلاح وتعليق الأستاذ سعيد بن محمد السناري

إنضم
16 ديسمبر 2007
المشاركات
290
إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . أما بعد :
فهذه فتوى للعلامة ابن صلاح حول الاعتداد باأهل الظاهر وتعليق الأستاذ الفاضل الشيخ سعيد بن محمد السناري على هذه الفتوى فقد أجاد وأفاد في تعليقه جزاه الله خيراً أسأل الله العلي القدير أن تنتفعوابها .
مسألة :هل كان داود الظاهري (1) صاحب المذهب ـ رضى الله عنه ـ ممن يعتدبه في انعقاد الإجماع في زمانه أم لا ؟ وهل كان بحيث إذا حدثت حادثة في زمانه فخالف فيها وحده يعد خارقا للإجماع ، وكذلك من لم ير نقض الوضوء بالنوم إلا إذا أخبر بخروج الحدث كسعيد بن المسيب وأبى موسى الأشعرى هل ينعقد الأجماع بدونهم أم لا (2) ؟
أجاب ـ رضى الله عنه ـ : أما الاعتداد بداود ـ يرحمه الله ـ في الإجماع وفاقا وخلافا ، مهما وقع فيه الاختلاف بين الفقهاء والأصوليين منا ومن غيرنا ، فذكر الأستاذ الإمام أبو إسحاق الإسفر ائينى (3) ـ رحمه الله ـ أن اهل الحق اختلفوا :
(فذهب الجمهور منهم ) إلى أن نفاة القياس لا يبلغون منزلة الا جتهاد ، ولا يجوز توليهم القضاء وهذا ينفى الاعتداد بداود فى الإجماع !! ونقل صاحبه الآستاذ أبو منصور البغدادى عن أبى على ابن أبى هريرة وطائفة من متأخرى الشافعيين أنه لا اعتبار بخلافه وسائر نفاة القياس فى فروع الفقه ، لكن يعتبر خلافهم في الأصوليات (4) .
وقال الأمام أبو المعالى ابن الجوينى (5) ما ذهب اليه ذووالتحقيق : أنا لا نعد منكرى القياس من علماء الأمة وحملة الشريعة ، فإنهم أولا باقون على عنادهم فيما ثبت استفاضة وتواترا (6)، وأيضا فإن معظم الشريعة صادرة عن الاحجتهاد والنصوص لا تفى بالعشرمن أعشار الشريعة (7)!! فهؤلاء ملتحقون بالعوام ،وكيف يدعون مجتهدين ولا اجتهاد عندهم (8)؟! وهذا منه نوع إفراط.
وكان أبو بكر الرازي (9) من أئمة المحققين يذهب في داود وأضرابه إلى نحو هذا المذهب ويغلو ، فذكر داود في مقدمة كتابه في " أحكام القرآن " (10) ومال عليه فأفرط ، وقال فيما قال : لو تكلم داود في ـ مسألة حادثة في عصره وخالف فيها بعض أهل زمانه لم يكن خلافاً عليهم (11) .
قال : " وكان ينفى حجج العقول ومشهور عنه أنه كان يقول :" بل على العقول " وقال بعد كلام كثير : ولأجل ذلك لم يعد خلافه أحد من الفقهاء خلافا ولم يذكروه (12 ) في كتبهم ، فقد أنعقد الإجماع على اطراحه وترك الاعتدادبه " (13) هذا رأى الرازى فيه وهو كما ترى لا يخلو عن نوع من الحيف الذى قد كان فيه ، وكان شديد الميل والعصبية على من يخالفه من حيث إنه قد وصف داود هذا الموضع من كتابه بما يأباه عنه الثابت المعروف من زهده وتحريه .
والذى اختاره الأستاذ أبو منور في هذا ، وذكر أنه الصحيح من المذهب : أنه يعتبر خلافه فى الفقه الذى استقر عليه الأمر آخرا فيما هو الأغلب الأعرف من صفوة الأئمة المتأخرين الذين أوردوا مذاهب داود فى إثبات مصنفاتهم المشهورة فى الفروع كالشيخ : أبى حامد الإسفرائيني ، وصاحبه المحاملى وغيرهما ـ رضى الله عنهم ـ فإنه لو لا اعتدادهم بخلافه لما أوردوا مذاهبه في أمثال مصنفاتهم هذه لمنافاة موضوعها لذلك وبهذا أجبت مستخيرا الله تعالى مستعينا مما بناه داود من مذاهبه على أصله فى نفى القياس الجلى ، وما اجتمع عليه القياسيون من أنواعه أو على غيره من أصوله التى قام الدليل القاطع على بطلانها ،فاتفاق من عداه فى مثله على خلافه إجماع منعقد ، وقوله فى مثله معدود خارقا للإجماع (14) وكذلك قوله فى المتغوط في الماء الراكد (15) وتلك المسائل الشنيعة فيه ، وكقوله فى الربا فيماسوى الأشياء الستة (16) ، فخلافه في هذا وأمثاله غير معتدبه لكونه مبنيا على ما يقطع بطلانه (17) ، والاجتهاد الواقع على خلاف الدليل القاطع كاجتهاد من ليس من أهل ألاجتهاد فى إنزالهم بمنزلة مالا يعتدبه وينقض الحكم (18) .
وهذا الذى اخترته يثبت بدليل القول بتحرير تجزُّؤ منصب الاجتهاد وقد تقرر جواز ذلك ، وأن العالم قد يكون مجتخهدا فى نوع دون غيره ، والعلم عند الله سبحانه وتعالى .
ثم لا فرق فيما ذكرناه بين زمانه وما بعده ، فإن المذاهب لاتموت بموت أصحابها ، وأما من لم يرفض وضوء النائم إلا إذا أخبر بخروج حدث كأبى موسى الأشعرى وسعيد بن المسبب ـ رضى الله عنهما ـ إن كان سعيد قال ذلك فإنه غير معروف عنه (19) ، فالإجماع لا ينعقد مع خلافهما فإن أبا موسى أحد فقهاء الصحابة ومن المفتين فى عصرهم ، وكان سعيد صدرا فى العلم والفتيا وغيرهما فى ذلك الصدر وترجح على أجلاء التابعين ، وكان السؤال عن انعقاد الإجماع فى المسألة خاصة على خلاف هذا لقول ، فعدم انعقاده فيها فى ذلك العصر لازم من هذا ، وأما فيما بعده فقدأجمع على خلافه فيمن قال : إن الإجماع بعد عصر المختلفين على احد قوليهم إجماع صيح رافع للخلاف ، فقد تحقق عنده انعقاد الإجماع فى المسألة على خلاف ذلك القول ، ومن قال : إنه لا يرفع الخلاف فلا إجماع في هذه المسألة مطلقا ، وهذا المذهب هو الصحيح فى ذلك . والله اعلم .[ فتاوى ابن الصلاح : 88 ـ 93 ] .

ــــــــــــ التعليق ـــــــــــــــــ
(1) هو : الإمام الحافظ الفقيه البارع امام أهل الظاهر ، أبو سليمان داود بن على بن خلف الأصبهانى الأسد الكاشر !! وهذا السؤال وصمة عار في جبين الفقه الإسلامى !! فإن داود هذا في الاجتهاد ، والاستنباط ، وسعة الحديث ، وجودة المناظرة ، والا عتصام بالدليل ليس له نظير ـ بعد أحمد وإسحاق ـ في عصره قاطبة !!وهو أعلم وأفقه وأزهد وأعبد من كل من لا يعتبر خلافه شيئا !! ممن ذكرهم المؤلف ومن جاء بعدهم وقلدهم في هذا الهذيان !! بل لم يتكلم فيه أحد أعلم منه أصلا إلا أن يكون أحمد بن حنبل !! ومقدار داود في العلم والدين يظهر من قول الحافظ قاسم بن أصبغ : ذاكرت ابن جرير الطبرى ـ انت تعرف من هو ابن جرير ؟! وابن سريج ـ وانت تعرف أيضا منزلة أبى العباس ابن سريج ؟! ـ في كتاب ابن قتيبة في الفقه فقالا : ليس بشيء !!فإذا أردت الفقه فكتب أصحاب الفقه ، كالشافعى وداود ونظرائهما ... ثم قالا : ولا كتب أبى عبيد الفقيه ) !!
كذا نقله الذهبى في سير أعلام النبلاء [13 / 102 ] وقبل ذلك قد قال الذهبى : داود بن على بن خلف الأمام البحر الحافظ العلامة ، عالم الوقت أبو سليمان ... ، وقال الخطيب في تاريخه [8/ 369 ] : كان إمام ورعا ناسكا زاهدا كثير الحديث .. ، وقال أبو عمرو المستملى : رأيت داود بن على يرد على إسحاق بن راهويه ـ وهو جبل في الحفظ والاجتهاد ـ وما رأيت احد قبله ولا بعده يرد عليه هيبة له ) .
هكذا رواه الخطيب في تاريخه [8 / 370 ] بسند صحيح إلى أبى عمرو المستلمى . فمثل هذا الإمام المغوار الذى هو من محاسن الأسلام والمسلمين . تتطاول عليه ألسنه إمام الحرمين وأبى بكر الجصاص وأبى على ابن أبى هريرة والقاضى حسين ، وأبى إسحاق السفراييني ، وجماعة كثيرين !! وكل هؤلاءـ سوى الجصاص ـ لو سُئلوا البرهان في صحة حديث ـ مثلا ـ لضاقت عليهم الأرض بما رحبت !! وحسبنا الله ونعم الوكيل . وسيأتى المزيد .
(2) هذا من أعجب ما يطرق الأسماع !! وهل يقول بعدم الاعتبار بخلاف أبى موسى الأشعرى وابن المسيب إلا من به مس من جنون !! والجنون فنون !!.
(3) مضت ترجمته في المسألة [رقم50 ] .
(4)قلت : وهذا تناقض أيضا !! بل نفاة القياس أئمة حفاظ فقهاء أمثال الجبال !! لا ينعقد بخلافهم إجماع على وجه ألأرض عند من يعلم أقدارهم ومنازلهم . أما من جهل كل ذلك ، وتعامى عما هنالك !! وصار يعتبر
خلاف من شاء !! ويسقط خلاف من لا يشاء !! كأن الإجماع إجماعه!!فمثل هذا لا يُنظر إليه !! ولا يعول عليه !! ومن يجهل مقدار الأئمة الظاهريين فقد سقط معه الكلام !! .
(5)هو: عبد المللك بن عبد الله بن يوسف ألإمام الكبير ، والفقيه النحرير ، أبو المعالى أبن الجوينى المعروف بإمام الحرمين ، وهو على علو كعبه في الفقه وقواعد النظر كان منحرف الاعتقاد ـ وقد رجع إلى مذهب السلف قبل موته ـ وله شطحات في أصول الاعتقاد أجارك الله منها !! وكان طويل اللسان على كثير من أهل السنة أمثال الحافظ أبى نصر الوائلى وغيره .أما معرفته بالحديث ورجاله !!قتلك فضيحة لا تغسلها مياه الأنهار !! وقد سئم الحافظ من تعقبه في تصحيح الأحاديث وتضعيفها في كتابه التلخيص !! فمثله إذا تكلم في داود وأصحابه لا يُحسن الكلام أصلا !!بل وقد يصل كلامه إلى حد الهذيان !! كما سيأتى .
(6)أين وجد هذا عن نفاة القياس ؟! وهل كلامه هنا إلا شهادة على نفسة بقلة الاطلاع على اختلاف أهل العلم حتى في القياس !! وهل نفاة يوافقونه على تواتر القول بالقياس حتى يروق له التشينع عليهم ؟! وقد أطال أبومحمد أبن حزم النفس جدا في أبطال القياس بكتابة الأحكام [2 / 160 ] وأتى بعصى موسى التى تلقف ما يأفكون !! وأنا منذ قديم ـ وحتى الان أفتش عن احد من العلماء قد ناقش أبن حزم في ابطاله القياس ـ نقاشا تفصيليا فلا أجد !! اللهم إلا أن يكون أبن القيم في "الإعلام " ولكن بطريقة غير مباشره وقد أغفل كثير مما انفرد به أبو محمد ابن حزم فى مناقشة القياسيين !! وعلى كل حال : فالقول بالقياس أو عدمه من مسائل الاختلاف قديما ـ إلا عند من جهل ـ والتشنيع على مجتهد لا يصدر إلامن مقلد جامد !! أو متعصب فظ !! أو جاهل لا يدري ما يقول !!.
(7) هذه مقولة شيطانية !! والقائل بها ينادى على نفسه بالجهل الشديد بنصوص الكتاب والسنة ووجوه النظر والاستنباط !! وقد شنع المحقق ابن القيم في كتابه الإعلام [1 / 166 ] تشنيعا عظيما جدا على قائل هذه المقولة العجفاء !! وجعل القائل بها من غلاة القياسيين !! وقال تاج المجهدين الإمام الشوكانى فى " الإرشاد " [1 / 313 ] : ثم دعوى أن نصوص الشريعة لا تفى بعشر معشارها !! لا تصدر إلا عمن لم يعرف نصوص الشريعة حق معرفتها .. " .
وسئل شيخ الإسلام عن هذه المقوله السخيفة !! فى الفتاوى [1 / 152 ] فقال : هذا القول قاله طائفة من أهل الكلام والرأي كأبى المعالى ـ هو ابن الجوينى الماضى ـ وغيره وهو خطا بل الصواب الذى عليه جمهور أئمة المسلمين : أن النصوص وافيه بجمهور أحكام أفعال العباد ، ومنهم من يقول : أنها وافية بجميع ذلك ـ وهم الظاهريون والحق معهم بلا شك أصلا ـ وأنما أنكر ذلك من أنكر ه ، لأنه لم يفهم معانى النصوص العامة التى هى أقوال الله ورسوله ، وشمولها لأحكام العباد .. " راجع كلامه .
(8) أنظر نص كلام ابن الجوينى في كتابه البرهان [2 / 537 ] طبعة دار الوفاء ، وقوله وكيف يدعون مجتهدين ولا اجتهاد عندهم !! فهذا هو ألإجحاف بعينه ، وعدم الإنصاف بنصه وفصه !! وقد شهد المحققون من جميع الطوائف بجلالة قدر الظاهرية وعلو كعبهم في الفقه والحديث حتى قال خاتمة المجتهدين ، ورأس الأئمة المحققين : صديق حسن خان في كتابه أبجد العلوم [3 / 147 ]والظاهرية :هم أئمة الأمة وسلفها ، وقدوة المسلمين في كل زمان ، ومذهبهم أصفى مذاهب عالم الإمكان "إى والله . لقد صدق وأجاد ، وأحسن وأبدع وأفاد .
وعن ابن حزم ـ وهو من متأخرى الظاهرية ـ يقول شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى [4 / 19] بعد كلام طويل " ... وإن كان له ـ أى لابن حزم ـ من الإيمان والدين والعلوم الواسعة الكثيرة ما لا يدفعه إلا مكابر , ويوجد في كتبه من كثرة الاطلاع على الأقوال ، والمعرفة بالأحوال ،والتعظيم لدعائم الإسلام ، ولجانب الرسالة مالا يجتمع مثله لغيره ، فالمسألة التى يكون فيها حديث ، يكون جانبه فيها ظاهر الترجيح ، وله من التمييز بين الصحيح والضعيف ، والمعرفة بأقول السلف مالا يكاد يقع مثله لغيره من الفقهاء .." .
قلت : وهذا والله الحق الذى به قامت السموات والأرض . والله الموعد .
(9) هو : أحمد بن على الإمام الكبير الشان ، إمام الفقهاء الحنفية ، صاحب أحكام القران والفصول فى الأصول ، وغير ذلك من المؤلفات النافعة جدا . لكنه كان متعصبا جدا لأبى حنيفة ومذهبه !!كغالب الحنفية ـ شديد الحمل على المذاهب الأخرى !! وهو الذى يقول فى أحكامه [1 / 140 ] عن الحافظ زكريا الساجى : غير مأمون !! مع كونه لا يدانى الساجى في الحفظ والمعرفة ولو بخطوة !! والساجى أحفظ منه عشرين مرة !! وله فى هذا الكتاب عبارات جافه فى حق مالك والشافعى وأضرابهما !! فكيف يسلم منه داود ؟!
(10) هذه المقدمة هى المسماة : الفصول في الأصول وقد أفرزها الطابعون لكتابه أحكام القرآن عنه !! وحقها أن تكون متصلة به ، لكونها مقدمة تمهيد لأحكام القرآن . و كلامه هذا فى [2 / 303 ] من الفصول .
(11) مضى الكلام على هذا سابقا .
(12)هذه دعوى عريضة جدا !! وسيأتى للمؤلف أن جماعة من المتقدمين قد ذكروا مذاهب داود في كتبهم واعتدوا بخلافه ووفاقه ، ثم ما يضر داودا ومذهبه أن تورع أناس ـ وهو ورع بارد !! ـ أن يذكروه فى كتبهم !!وكفى أن يكون مذكورا فى كتب أصحابه والمنصفين من أهل العلم على ترادف الأزمان إلى أن يجمعنا الله به في جنات ونهر .
(13) انظر كلامه فى الفصول [2 / 303 ] بلفظه . وقد أجاد المؤلف وأنصف في تعقب أبى بكر الرازى على ذلك التعصب الممقوت إزاء من حفظ الله بهم الإسلام .
(14) هكذا ينحرف قلم المؤلف !! ومن أخبره أن داود الإمام قد خالف إجماعا سليما مستقيما صحيحا ؟! ومن أين للمؤلف علم بذلك ؟!فإن كان دليله على ذلك ما سيذكره فسيأتى الجواب عليه بعون الله .
(15) هذه المسألة هى عمدة من يشنع على الظاهرية عموما ، وداود وابن حزم خصوصا !! وستعرف أن المشنع هو الذى ينبغى التشنيع عليه !! بل وأن توجه سهام المقت إليه !! ونحن نذكر على عجالة خاطفة كلام ابن حزم فى هذه المسألة ، ثم نتعقبه بما يجلى معانيه ، ويفصح عن مكنون مراميه .
قال يرحمه الله فى كتابه المحلى [1 / 135] : البائل فى الماء الراكد الذى لا يجرى : حرام عليه الوضوء بذلك الماء والاغتسال به لفرض أو لغيره ، وحكمه التيمم إن لم يجد غيره ، وذلك الماء طاهر حلال شربه له ولغيره ، وإن لم يغير البول شيئا من أوصافه ، وحلال الوضوء به والغسل به ولغيره ، فلو أحدث فى الماء أو بال خارجا منه ، ثم جرى البول فيه فهو طاهر ، ويجوز الوضوء منه والغسل له ولغيره ، إلا أن يغير ذلك البول أو الحدث شيئا من أو صاف الماء ، فلا يجزئ حنيئذ استعماله اصلا له ولا لغيره .. انتهى كلامه .
وأقول : خلاصة الكلام ، وأساس المرام : أن من خالف أبن حزم في هذه المسألة وشنع عليه وعلى الظاهرية ، قد علل النهى عن وضوء البائل من الماء الذى بال فيه : بالنجاسة وحسب ، ثم ألحق بها ما شاركها فى هذه العلة وهى النجاسة ، وابن حزم يعلل النهى بالتعبد ، اى أن العلة مجهولة والطاعة واجبة مع خفاء الحكمة منها ، ثم بنى ذلك على أصل آخر وهوأنه : لا ينجس من الماء إلا ما تغير أحد أو صافه الثلاثة بالنجاسة تقع فيه ، ويوضح هذا عند ابن حزم : أن الماء الذى بال فيه من نهاه صاحب الشرع عن البول فيه إذا لم تتغير له صفة فهو طاهر مطهر ، قد نهى عنه البائل تعبدا ، ولم ينه عنه غيره ، أى من لم يبل فيه ، بل هو مأمور باستعماله ـ إذا لم يجد غيره ـ عند إرادة الصلاة ونحوها .. فتامل .. وكما ترى فمن ظن أن الظاهرية يقولون بأن العلة فى عدم النهى عن البول في الماء الراكد هى النجاسة !!!فقد وهم وهما فاحشا ، وتجرع حميما فأصبح عاطشا !! بل العلة عندهم هى التعبد وحسب ، بدليل أن ابن حزم يبيح هذا الماء لغير ذلك البائل من وضوء وشرب وغسل ، ألا فليتامل الطاعنون !! وقد أطلنا المقام جدا فى هذه المسألة مع الرد على غلط فى تصورها فى كتابنا الكبير " أنهار الدم بما قيل فى ابن تيمية وابن حزم من مدح وذم ".
(16) الأشياء الستة هي : الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح . وجمهور العلماء على أن هذه الستة يلحق بها ما كان في معناها ، لكن اختلفوا في ذلك اختلافاً عجيباً كلٌّ حسب احتهاده ، وخالفهم الظاهرية فقالوا : لم تأت علة معقولة عن صاحب الشرع تأذن بإلحاق ما عدا هذه الستة بها . ولا يجوز هذا إلا ببرهان من الله والرسول . وماكان ربك نسيا . وهذا هو الذي ذهب إليه جماعة من المحققين . أمثال الصنعاني والشوكاني وصديق حسن خان . ومعهم كاتب هذه السطور . ولا يوحشنا مخالفة أهل الأرض . طالما أنا مُؤيدون بما نُقوم احتجاجنا من الكتاب والسنة . والله المستعان .
(17) هذا في نظر المؤلف ومن يوافقه !! مع أن الجزم بهذا البطلان ـ فضلاً عن القطع به !! عَسِرٌّ للغاية !! ودعوى الإجماع في المسائل الماضية أغرب من عَنقاء مُغرب !! وقد مضى أن الذي عليه أهل التحقيق ـ على تسليم القول بصحة هذه الإجماعات المنخنقة والموقودة والمتردية والنطيحة !! أن خلاف الظاهرية ينخرق به إجماعات أهل العالم !!
(18) بل لا يُنقض الحكم إلا بمخالفة صريح الكتاب وصريح السنة وحسب . فاعلم هذا جيداً .
(19) قلتُ : نقله عن سعيد النووي في " شرح مسلم " [4 / 73 ] وعنه الشوكاني في نيل الأوطار [ 1 / 239 ] ولم أجده عن ابن المسيب مسنداً !! وراجع عمدة القاري [ 3 / 109 ] .
 
إنضم
16 ديسمبر 2007
المشاركات
290
تعريف بالشيخ السناري ...
هو الشيخ أبو المظفر سعيد بن محمد السناري القاهري
الشهير بالنورانى
طالب علم وشيخ مصري ومحقق كتب غاية في الخلق والنبل والتواضع
وذكر في بعض كتاباته أن له كتب ( أنهار الدم بما قيل في ابن تيمية وابن حزم من مدح وذم ) ولخَّصه في طليعته المسماة ( فارجة الهم بطليعة أنهار الدم ) وكذا كتاب : ( إيقاظ العابد بما وقع من الوهم في تنبيه الهاجد )
وله تحقيقات منها
-1 - ( تاويل مختلف الحديث ) لابن قتيبة ..
-2- ( فتاوي ابن الصلاح ) لابن الصلاح ..
-3- ( البر والصلة ) لابن الجوزي ..
وقد تشرفت بمراسلته من حوالي شهر .
وهذا كتاب تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة بتحقيق وتعليق الأستاذ سعيد بن محمد السناري
الرابط
http://www.aldahereyah.net/forums/showthread.php?t=4494
كتاب فتاوى ابن الصلاح بتحقيق الشيخ السناري على هذا الرابط مع خالص الشكر للشيخ السناري على تزويدنا بالكتاب القيم
http://www.aldahereyah.net/forums/showthread.php?t=4545
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
وذكر في بعض كتاباته أن له كتب ( أنهار الدم بما قيل في ابن تيمية وابن حزم من مدح وذم ) ولخَّصه في طليعته المسماة ( فارجة الهم بطليعة أنهار الدم )
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا
فارجة الهم هل هو منشور على الشبكة؟
 
إنضم
16 ديسمبر 2007
المشاركات
290
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا
فارجة الهم هل هو منشور على الشبكة؟

وفيكم بارك الشيخ الكريم أبا فراس
لم أحصل عليه على الشبكة وسأرجع إلى مؤلفه-وفقه الله- في أقرب وقت للاستفسار منه
 
إنضم
16 ديسمبر 2007
المشاركات
290
ذكر الشيخ سعيد السناري حفظه الله عن كتابه فيمن تكلم في ابن حزم وابن تيمية بمدح أو بذم أنه لم يطبع بعد وقد أوشكتُ على الانتهاء من طليعته المسماة : ( فارجة الهم بطليعة أنهار الدم )
 
أعلى