العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

بحث في فريضة صلاة الجماعة على الكفاية وأنه أعدل الأقوال

إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
الهداية إلى القول بأن صلاة الجماعة فرض على الكفاية

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعه بإحسان إلى يوم الدين وبعد : فكثير من الناس قد تهاون في صلاة الجماعة ، وقد تضافرت النصوص على فضل صلاة الجماعة عن صلاة المنفرد كقوله r: « صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة »[1] ،وقوله r : «الصلاة في جماعة تعدل خمسا وعشرين صلاة»[2] ،وقوله r : «أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم إليها ممشى فأبعدهم والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجراً من الذي يصليها ثم ينام »[3] ،ومن هذه النصوص يُتبَين عِظم ثواب صلاة الجماعة ، وعظم ثواب العبادة يدل على عظمة هذه العبادة وأفضليتها ، ولذلك فصلاة الجماعة مِن أفضلِ العبادات ومن أجَلِّ الطَّاعات لذلك حرص عليها الصحابة أشد الحرص ، واسمعوا قول ابن مسعود رضي الله عنه : ( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدَى وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ )[4] ، وإني لأتعجب ممن يترك ما واظب عليه النبي rوأصحابه والسلف الصالح ،ويترك مساجد الرب الكريم ،ويفوت على نفسه هذا الثواب العظيم ، ويعلل ذلك أن صلاة الجماعة سنة ، وليست فرضا ،والعلماء قد اختلفوا في حكم صلاة الجماعة على ثلاثة أقوال منهم من قال أنها فرض عين ومنهم من قال إنها سنة ومنهم من قال أنها فرض كفاية ، وأعدل هذه الأقوال القول بأنها فرض كفاية ، وقد عزمت على كتابة بحث في هذه المسألة لبيان الرأى الراجح فيها ، وأسميته : ( الهداية إلى القول بأن صلاة الجماعة فرض على الكفاية ) وكان مكونا من مقدمة وتمهيد وستة فصول وخاتمة فما كان من توفيق فمن الله ، وما كان من خطأ أو نسيان فالله ورسوله منه براء وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه والصلام عليكم و رحمة الله .
تمهيد : تعريفات لابد منها : الأحكام الشرعية هي الأحكام المتلقاة من الشرع أي التي أخذناها من الشرع ، و الشرع هو ما أنزله الله من الأحكام ، والأحكام التي أنزلها الله منها ما يتعلق بالعلم بأركان الإيمان ،وتسمى أحكام علمية أو عقدية ،ويختص بها علم العقيدة ومن الأحكام التى أنزلها الله ما يتعلق بكيفية العمل من عبادات ومعاملات (أفعال المكلفين ) وتسمى الأحكام العملية ،ويختص بها علم الفقه ، ومن الأحكام التى أنزلها الله ما يتعلق بسلوك الناس مع أنفسهم ومع غيرهم وتسمى الأحكام التهذيبية ويختص بها علم الأخلاق أو الآداب أو السلوك فالخلاصة أن الأحكام الشرعية ثلاثة : أحكام علمية وأحكام عملية وأحكام تهذيبية . والأحكام العملية من العبادات والمعاملات منها ما أمر الشرع بفعلها ومنها ما أمر الشرع بتركها ومنها ما سكت عنها ، وما أمر الشرع بفعله إما أن يكون على سبيل الإلزام بفعله ،ويسمى ( الواجب أو الفرض ) أو يكون على سبيل التخيير في فعله ،ويسمى ( المندوب أو المستحب ) وما أمر الشرع بتركه إما على سبيل الإلزام بتركه ويسمى الحرام وأما على سبيل التخيير في تركه ويسمى المكروه ،وما سكت عنه الشرع فالإنسان مخير في فعله أوتركه ،ويسمى المباح أو الجائز ،والواجب والمستحب والمباح والمكروه والحرام بالأحكام التكليفية الخمسة . والمشروع ما شرع الله فعله وجوبا أو استحبابا ،وضده الممنوع وهو ما منع الشرع فعله تحريما أو كراهة .والواجب العيني هو ما أمر الله بفعله من جميع المكلفين ،ولايجزئ قيام مكلف به عن الآخر كالصلاة والصوم والزكاة والحج واجتناب المحرمات والواجب الكفائي هو ما أمر الله بفعله من مجموع المكلفين ،وليس من كل فرد فيها بحيث إذا قام به البعض فقد أدى الواجب وسقط الأثم عن الباقين ،وإذا لم يقم به أي فرد من المكلفين أثموا جميعا فالله أمر أن توجد في الأمة ، ولم يأمر كل فرد بفعلها ؛لأن المصلحة تتحقق بوجودها في بعض المكلفين ،ولا تتوقف على قيام كل مكلف بها.
فصل1 : اختلاف العلماء في حكم صلاة الجماعة :
أجمع العلماء على مشروعية صلاةِ الجماعةِ لكنهم اختلفوا في فرضيتها بين قائل بأنها فرض عين و قائل بانها سنة وقائل بأنها فرض كفاية وممن قال بأنها فرض عين عطاء والأوزاعي وأحمد وأبو ثور ، وابن خزيمة وابن المنذر وابن حبان و داود الظاهري و اختاره ابن تيمية. وروي عن داود الظاهري ،و هو رواية عن أحمد واختاره ابن عقيل أنها شرط لصحة الصلاة ، وممن قال أنها فرض كفاية الشافعي ، وكثير من الحنفية والمالكية .وممن قال أنها سنة الأحناف والمالكية [5] .
فصل2 : أدلة القائلين بسنية صلاة الجماعة :
و استدل القائلين بسنية صلاة الجماعة بما يلي :
1- حديث يزيد بن الأسود ، قال : " شهدت مع رسول الله rحجته ، فصليت معه الصبح في مسجد الخيف ، فلما قضى صلاته انحرف ، فإذا هو برجلين في آخر القوم لم يصليا ، قال : علي بهما " . فجيء بهما ترعد فرائصهما . قال : ما منعكما أن تصليا معنا ؟ " . فقالا : يا رسول الله : قد صلينا في رحالنا[6] . قال : " فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم ، فإنها لكما نافلة " [7] .
وجه الدلالة : قوله r: ( فَإِنَّهَا لَكما نَافِلَة ) فِيهِ تَصْرِيح بِأَنَّ الثَّانِيَة نَافِلَة ،وأن صلاتهما في المنزل أجزأت عنهما ، ولم ينكر عليهما الصلاة في المنزل وبين أن عليهما إذا دخلا المسجد أن يصليا مع الجماعة نافلة ،وهذا يدل أن صلاة الجماعة ليست فرض .
2- حديث عن عبدالله بن سرجس قال : قال رسول الله r: « إذا صلى أحدكم في بيته ثم دخل المسجد والقوم يصلون فليصل معهم تكون له نافلة »[8] ، و حديث يزيد بن الأسود قال : قال رسول الله r: « إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الإمام ولم يصل فليصل معه فإنها له نافلة »[9] .
وجه الدلالة : قوله r( فَإِنَّهَا لَهُ نَافِلَة ) فِيهِ تَصْرِيح بِأَنَّ الثَّانِيَة نَافِلَة ،والصلاة الأولى فرض ،و قوله r( إذا صلى أحدكم في رحله ) يدل على جواز صلاة الفريضة في المنزل ،ولو كانت صلاة الجماعة فرض ما جازت صلاة الفريضة في المنزل .
3- حــديث ابن عمر أن رسول الله r: « صــلاة الجماعة تفضـــل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة »[10] وجه الدلالة :قوله r: ( تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ ) فلَوْ لَمْ تَكُنْ صَلَاةُ الْفَذِّ مُجْزِئَةً لَمَا وُصِفَتْ بِأَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُهَا لما في صيغة أفضل من اقتضاء الاشتراك والتفاضل والباطل لا فضيلة فيه ،والمفاضلة إنما تكون حقيقتها بين فاضلين جائزين قوله r: ( بسبع وعشرين درجة ) فقد حَدَّ المفاضلة بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً فَلَوْ لَمْ تَكُنْ لِصَلَاةِ الْفَذِّ دَرَجَةٌ مِنْ الْفَضِيلَةِ لَمَا جَازَ أَنْ يُقَالَ إِنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ تَزِيدُ عَلَيْهَا سَبْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً وَلَا أَكْثَرَ وَلَا أَقَلَّ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِصَلَاةِ الْفَذِّ مِقْدَارٌ مِنْ الْفَضِيلَةِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ تَتَقَدَّرَ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا بِدَرَجَاتٍ مَعْدُودَةٍ مُضَافَةٍ إلَيْهَا ،وقوله صلاة الفذ صيغة عموم فيشمل المصلي منفردا لعذر أو غيره ،فإن قيل هذا الاستدلالُ ضعيفٌ فالمرادَ بالأفضلية هنا : بيانُ ثوابِ صلاةِ الجماعةِ ، وأنَّ أجرَها أفضلُ وأكثرُ، لا حُكمَ صلاةِ الجماعةِ، وذِكْرُ الأفضليَّة لا ينفي الوجوب كقوله تعالى : ﴿ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾[11] فجعل غض البصر عما حرم خير من إطلاق البصر ،وغض البصر عما حرم واجب ،وإطلاق البصر لما حرم ،و أيضا كقوله تعالى : ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾[12] فجعل السعي إلى الجمعة خير من البيع ،والسعي إلى الجمعة واجب والبيع حرام ،فنقول لهم المفاضلة إنما تكون حقيقتها بين فاضلين جائزين ،وصرفها إلى غير ذلك مجاز لا يجوز إلا بقرينة صارفة كصرفها للمبالغة دون التفضيل ﴿ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ ﴾[13] ،وصرفها لاسم فاعل في قول المؤذن الصلاة خير من النوم أي ذات خير ،ويمكن أن نقول أن الآيتين السابقتين على حقيقتهما ،وهما من باب مسايرة الناس فيما يتوهمونه حتى يتضح لهم ما هم عليه من الخطأ أي لو سلمنا جدلا أن هذه الأشياء المحرمة فيها خير و زكاة فأمر الله هو الأفضل والأزكى أما الحديث الذي فيه تفضيل صلاة الجماعة على صلاة الفرد فلا يصح أن نقول التفاضل بين صلاة الفرد منفرد وصلاته في جماعة على سبيل المجاز لورود ما ينفي أن المفاضلة على سبيل المجاز فقد أتى الحديث بلفظ تفضل[14] وبلفظ تزيد[15] و وبلفظ تعدل[16] وبلفظ أفضل[17] ، وأيضا قد حَدَّ رسول الله r المفاضلة بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً فَلَوْ لَمْ تَكُنْ لِصَلَاةِ الْفَذِّ دَرَجَةٌ مِنْ الْفَضِيلَةِ لَمَا جَازَ أَنْ يُقَالَ إِنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ تَزِيدُ عَلَيْهَا سَبْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً وَلَا أَكْثَرَ وَلَا أَقَلَّ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِصَـلَاةِ الْفَـذِّ مِقْـدَارٌ مِنْ الْفَضِيــلَةِ فَـلَا يَصِـحُّ أَنْ تَتَقَدَّرَ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا بِدَرَجَاتٍ مَعْدُودَةٍ مُضَافَةٍ إلَيْهَا . 4- قوله r : «أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم إليها ممشى فأبعدهم والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجراً من الذي يصليها ثم ينام »[18] . وجه الدلالة : قوله r : ( أعظم أجرا ) فهو دليل على اشتراك من صلى الفريضة منفردا مع من صلاها في جماعة في أصل الأجر ،ويستلزم ذلك جواز الصلاة منفردا. 5- قوله r: « من أكل من هذه الشجرة الخبيثة شيئا فلا يقربنا في المسجد يا أيها الناس إنه ليس لي تحريم ما أحل الله ولكنها شجرة أكره ريحها »[19]. وجه الدلالة : هذا الحديث صريح في التخلف عن الجماعة في المساجد بسبب أكل الثوم ، واللازم عن ذلك أحد أمرين : إما أن يكون أكل الثوم مباحاً وصلاة الجماعة غير واجبة على الأعيان أو تكون الجماعة واجبة على الأعيان ،ويمتنع أكل الثوم ،وقد سكت النبي r عن النهي عن أكل الثوم ،والقاعدة لا يجوز تأخير البيان وقت الحاجة ، والسكوت في معرض الحاجة بيان [20] أي أن أكل الثوم مباح ،ويستلزم منه جواز الصلاة في المنزل لأن لازم المباح مباح ، ويؤكد هذا قوله r : ( ليس لي تحريم ما أحل الله ) فهذا يستلزم ألا تكون الجماعة في المسجد واجبة على الأعيان ، فأكل الثوم جائز ،ومن لوازمه : ترك صلاة الجماعة في حق آكله للحديث ،ولازم الجائز جائز فترك الجماعة في حق آكله جائز ،وذلك ينافي الوجوب عليه .
فصل3 : أدلة القائلين بأنها فرض عين : واستدل القائلين بأنها فرض عين بما يلي : 1- قوله تعالى : ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾[21] وجه الدلالة : قوله تعالى : ﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ قال مقاتل :( أمرهم أن يركعوا مع الراكعين من أمة محمد r )[22]،وقال ابن كثير ( قوله تعالى : ﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ أي : وكونوا مع المؤمنين في أحسن أعمالهم ، ومن أخص ذلك وأكمله الصلاة )[23] ، و مع تقتضي المعية والجمعية فأمرهم الله بالصلاة مع شهود الجماعة[24] ،والأمر يفيد الوجوب ما لم تات قرينة [25] ،ونوقش هذا الدليل بأن الآية ليست نصا في وجوب الجماعة فالمعية لا تستلزم الاختلاط أو المصاحبة في المكان، وإنما تدل على مطلق المصاحبة كما هو مقرر في كتب اللغة [26] قال الراغب الأصفهاني :( مع : يقتضي الاجتماع إما في المكان نحو هما معاً في الدار أو في الزمان نحو ولدا معاً ، وإما في الشرف والرتبة نحو : هما معاً في العلو ويقتضى معنى النصرة )[27] ،وعلى هذا فقوله تعالى : ﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ لو سلمنا أن معناه صلوا مع المصلين فهو ليس نصا في وجوب شهود الجماعة ،وهو كقوله تعالى : ﴿ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾[28] فلو أمر الله مريم عليها السلام بالصلاة في جماعة ما أمرها بطول القيام ؛لأنها مأمومة ،والمأموم تابع للإمام ،فدل هذا أن المقصود من قوله ﴿ وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ ليس أمرها بشهود الجماعة ،ومعنى الآية : يا مريم أخلصي عبادةَ ربك لوجهه خالصًا، واخشعي لطاعته وعبادته مع من خشع له من خلقه، شكرًا له على ما أكرمك به من الاصطفاء والتَّطهير من الأدناس، والتفضيل على نساء عالم دَهرك[29] ، ويمكن أن يكون قوله تعالى : ﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ كقوله تعالى : ﴿ َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [30] أي كونوا منهم ،ومثلهم ،وهي كقولهم سر مع السائرين واستغفر مع المستغفرين وأذكر الله مع الذاكرين ، وكل هذا لا يقتضى الِاخْتِلَاطَ وَالْمُجَاوَرَةَ الْحِسِّيَّةَ ،و المعنى المختار هو ما قاله الطبري في تفسيره : ( هذا أمرٌ من الله جل ثناؤه - لمن ذكر من أحبار بني إسرائيل ومنافقيها - بالإنابة والتوبة إليه، وبإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، والدخولِ مع المسلمين في الإسلام، والخضوع له بالطاعة؛ ونهيٌ منه لهم عن كتمان ما قد علموه من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، بعد تظاهر حججه عليهم، بما قد وصفنا قبل فيما مضى من كتابنا هذا، وبعد الإعذار إليهم والإنذارِ، وبعد تذكيرهم نعمه إليهم وإلى أسلافهم تعطُّفًا منه بذلك عليهم، وإبلاغًا في المعذرة )[31]. 2- قوله تعالى : ﴿ وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ﴾[32] وجه الدلالة : أن الله أمر بصلاة الجماعة فى حال الخوفِ ، ففى حالِ الأمنِ أولى ،ولوكانت فرضَ كِفايةٍ لسَقَطَ الفرضُ بصلاةِ الطائفة الأُولى. مناقشة الاستدلال : ليس في الآية دليل على وجوب صلاة الجماعة فالآية تتحدث عن جواز صلاة الخوف بدليل قوله تعالى : ﴿ وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ﴾ وليست الآية ( وإذا كنت فيهم فأقم لهم الصلاة ) و قولهم : إن هذا الوقت وقت خوف وشدة فذلك صحيح ، ولكن تعليمهم للصلاة بهذه الكيفية قد يكـون فيه حذر أكثر من صلاتهم فرادى ؛لأن الفئة الواقفة إزاء العدو حارسة للأخرين فإذا وجدت فرصـة للعــدو للهجوم عليهم بغتة نبهتـهم الفرقة الحارسة ليقطعوا صلاتهم ويقاوموا عدوهم وذلك منتهى الدقة والحذر نعم تدل الآية على عظم قدر الصلاة جماعة عند المسلمين الأولين ويعرفون أن الصلاة تذلل لخالقهم وخضوع لا ينبغي إهماله حتى في أحرج المواقف وأخطرها. 3- حديث أبي هريرة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : « وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ ثُمَّ أُخَالِفَ[33] إِلَى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا[34] سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ[35] حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ»[36] وجه الدلالة : هَمَّ النبىr بأن يحرق بيوت تاركي صلاة الجماعة لكنَّه لم يفعلْ ؛ لأنَّه لا يُعاقِبُ بالنَّارِ إلا رَبُّ النَّارِ ، فظاهرالحديث في كونها فرض عين ؛ لأنها لو كانت سنة لم يهدد تاركها بالتحريق ، ولو كانـت فرض كفاية لكانت قائمة بالرسول ومن معه، ونوقش الدليل بأنه على خلاف الدعوى فقوْلُهُ r : ( ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ ) دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ حُضُورَ الْجَمَاعَةِ لَيْسَ بِفَرْضٍ عَلَى الْأَعْيَانِ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ rلَا يُخْبِرُ عَنْ نَفْسِهِ بِمَا يَكُونُ فِيهِ مَعْصِيَةٌ ، ولو كانت صلاة الجماعة فرضا ما تركها النبي rلكي يذهب لبيوت تاركي صلاة الجماعة ليؤدبهم فالقاعدة أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ، وأيضا لو كانت صلاة الجماعة فرضاً لقال rحين توعد بالإحراق من تخلف عن الجماعة : لم تجزئه صلاته ،وعليه أن يعيدها ؛ والنهى منصب على فعل الصلاة نفسه فيقتضى فساد هذه الصلاة ؛ ولأنه وقت البيان ؛ ولأن صلاتهم فى البيوت دالة على أنهم يعتقدون أن صلاتهم فى البيوت مجزئة عن الصلاة فى المسجد فلو كانت واجبة لبين r ،وأيضاً كونه rترك تحريقهم بعد التهديد فلو كان واجباً ما عفا عنهم ،وإن قيل أنهrلايهم إلا بما يجوز له فعله لو فعله ،وأما الترك فلا يدل على عدم الوجوب لاحتمال أن يكونوا انزجروا بذلك ،وتركوا التخلف الذي ذمهم بسببه يرد عليهم بأن قوله r : لا يشهدُون الصَّلاةَ دال على أن عدم شهود الصلاة من صفاتهم ،والتعبير بالفعل المضارع يدل على الاستمرار أى هم من عادتهم أنهم لا يشهدون الجماعة ، فلوكان ترك صلاة الجماعة محرم ،ومنهى عنه لما لم يقل النبى r قد حبطتت صلاتهم ،وعليهم إعادتها ؟ وإن كان قوله r لزجرهم فالزجر غاية ما فيه المنع والمنع دائر بين التحريم والكراهة ، ولا يجوز القول بالتحريم إلا بدليل صحيح صريح ،و الحديث لا يستفاد منه حرمة ترك الجماعة أصلاً فالحديث فيه إلى رجال لا يشهدون ،وليس إلى الرجال الذين لا يشهدون ،وكلمة رجال أى رجال معينين من الذين لا يشهدون الجماعة ،وهم المنافقون ؛ لقوله لو يعلم أحدهم الخ ؛ لأن هذا الوصف لائق بالمنافقين لا بالمؤمن الكاملوَسِيَاق الْحَدِيث يَقْتَضِيه ، فَإِنَّهُ لَا يُظَنّ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ الصَّحَابَة أَنَّهُمْ يُؤْثِرُونَ الْعَظْم السَّمِين عَلَى حُضُور الْجَمَاعَة مَعَ رَسُول اللَّه rوَفِي مَسْجِده . 4- جديث أبي هريرة t قـالَ : أتَى النّـبيَّ rرَجُلٌ أعْمَى فَقَالَ : يَا رَسُولَ الله إنّهُ لَيْسَ لي قَائِدٌ يَقُودُني إلى المَسْجِدِ فَرَخّص لَهُ فَلَمّا وَلّى دَعَاهُ فَقَالَ : " هَلْ تَسْمـَعُ النِّـدَاءَ بِالصَّلاةِ ؟ قالَ : نَعَمْ قالَ : " فَأَجِبْ "[37] وجه الدلالة : هذا الحديث نص في وجوب الجماعة بالمسجد على من سمع الأذان ولو كان أعمى ، ليس له قائد يأتي به إلى المسجد ،ونوقش الدليل أنه لا دلالة فيه لكون صلاة الجماعة فرض عين ؛ لأن النبي rرخص لعتاب حين شكا بصره ان يصلى في بيته وحديثه في الصحيحين قالوا وإنما معناه لا رخصة لك تلحقك بفضيلة من حضرها ، ويؤيد هذا أن حضور الجماعة يسقط بالعذر بإجماع المسلمين . 5- حديث :( لاصلاة لجار المسجد إلا في المسجد)[38]، ونوقش الدليل أنه حديث ضعيف ،والضعيف لا يحتج به . 6- حديث : (مَنْ سَمِعَ النِّداءَ فلم يأت فَلا صَلاةَ لَهُ إلا مِنْ عُذْرٍ ) . وجه الدلالة : الأصل أن نفي الشيء يحمل على نفي الوجود إن أمكن وإلا فنفي الصحة فدل ذلك على أن صلاة الجماعة فرض. مناقشة الدليل :هذا الحديث صحيح وقفه لا رفعه قال الشيخ أبو مالك كمال بن السيد فى صحيح فقه السنة : أعل بالوقف[39] قال على القارى فى عمدة القارى : رواه ابن عدى وضعفه ، وقال أبو العلا المباركفورى فى تحفـة الأحوذى: وقال البيهقي الموقوف أصح ورواه العقيلي في الضعفاء من حديث جابر،وضعفه ورواه ابن عدي من حديث أبي هريرة وضعفه[40]. مناقشة الاستدلال : إذا ورد في الأدلة شيء تقدمته لا النافية ، فإن عندنا في حكم هذا النفي ثلاث مراتب على الترتيب بحيث لا نتنقل إلى الأخرى إلا إذا لم يمكن حمل النفي على الأولى ، أما إذا كان حمله على الأولى لا يلزم منه مانع فإنه يجب حمله عليها ،ولا يعدل عنه لغيره ،فأول هذه المراتب : أننا نحمل النفي على نفي الحقيقة أي نفي وجوده إذا أمكن أي نقول : إن هذا الشيء المنفي ليس بموجودٍ أصلاً ؛ لأن هذا هو حقيقة النفي ، والأصل حمل الكلام على الحقيقة المتبادرة للذهنفإن كان حمله على الوجود ممكنًا فالقول به المتعين لكن إذا لم يمكن حمله على نفي الوجود فإننا حينئذٍ ننتقل إلى المرتبة الثانية وهو : نفي الصحة ، أي أن الفعل المنفي قد يتحقق وجوده لكن تتخلف صحته ، ذلك لأن الشيء إذا أمكن وجوده فإنه لا يمكن حمل النفي على نفي وجوده فننتقل إلى المرتبة التي تليها وهي نفي الصحة فنقول : هذا النفي يعود إلى نفي الصحة أي إذا فعل الشيء المنفي فإنه يقع باطلاً لا تبرأ به الذمة إذا كان عبادة ، ولا يترتب عليه أثره إن كان معاملة، ولا يجوز لنا أن نقول بالمرتبة الثالثة مع إمكاننا حمل النفي على المرتبة الثانية ،وإذا تعذر الحمل على نفى الصحة فإنا نحمله على نفى الكمال ومنها : قوله r : ( لا صلاة بحضرة طعام ،ولا هو يدافعه الأخبثان ) رواه مسلم ، فهنا قال : ( لا صلاة ) فالصلاة هنا فعل منفي والأصل أن يحمل النفي على الوجود ، ولكن حمله عليه هنا متعذر ؛ لأنه قد يصلي الإنسان بحضرة الطعام ، فننتقل إلى المرتبة الثانية وهي نفي الصحة ، فنظرنا إذا الأمر لا يمكن لأنه قد أجمع العلماء إلا من شذ أن الصلاة بحضرة الطعام صحيحة ، وكذلك مع مدافعة الأخبثين ، فالحمل على عدم الصحة أيضًا متعذر ، فننتقل إلى المرتبة الثالثة وهي نفي الكمال ، فنقول : أي لا صلاة كاملة ،وعلى هذا فهذا الحديث(( فلا صلاةَ له إلا مِن عُذْرٍ)) نقول بأن النفى نفى كمال لا نفى صحة ،ودليل ذلك قوله r : ((صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة))[41] ؛ لأنه لو كان فرضاً لم تجز للفذ صلاته كما أن الفذ لا يجزئه يوم الجمعة أن يصلى قبل صلاة الإمام ظهراً . 7- قوله r : « ما من ثلاثة في قرية ،ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية قال السائب يعني بالجماعة الجماعة في الصلاة »[42]. وجه الاستدلال: ترك صلاة الجماعة الذي هو نوع من غلبة الشيطان على الشخص يجب تجنبه فدل ذلك على أن صلاة الجماعة فرض عين ،و من ترك سنة بل السنن كلها مع المحافظة على الواجبات لا يقال فيه : " غلب عليه الشيطان " كما يشير إلى ذلك حديث الأعرابي : " دخل الجنة إن صدق " ، ونوقش بأن المطالب بصلاة الجماعة مجموع الأفراد في القرية لا كل فرد فيها ؛ لقوله r: ( لا تقام فيهم ) وليس ( لا يصلون الصلاة ) . 8- عن مالك بن الحويرث قال : أتيت النبي rأنا وصاحب لي فلما أردنا الانصراف قال لنا : « إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما »[43]،وأيضاً قال: أتينا رسول الله rونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة وكان رسول الله rرحيماً رفيقاً فظن أنا قد اشتقنا إلى أهلنا فسألنا عمن تركناه من أهلنا فأخبرناه فقال ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا عندهم وعلموهم ومروهم إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ،وليؤمكم أكبركم .رواه النسائى مناقشة الاستدلال : الحديث دل على أن صلاة الجماعة فرض لكن على مجموع الأفراد ، وليس كل الأفراد بدليل أن أبى يزيد بن الأسود يزيد بن الأسود قال : قال رسول الله r: « إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الإمام ،ولم يصل فليصل معه فإنها له نافلة »[44] فالنبي r لم ينكر على من يصلي في بيته ، ولو كانت واجبة لأنكر عليهما ؛ولأنها لو كانت واجبة لكانت شرطاً لها كالجمعة .
9- عن ابنِ مسعود أنَّه قال: « لقد رَأيتُنَا يعني : الصحابة مع رسولِ الله r ، وما يتخلَّفُ عنها إلا منافقٌ معلومُ النِّفاقِ، ولقد كان الرَّجلُ يُؤتَى به يُهادَى بين الرَّجُلينِ حتى يُقامَ في الصَّفِ» رواه مسلم. وجه الدلالة : كان الرَّجُلُ يُؤتَى به يمشي بين الرَّجلُين حتى يقامَ في الصَّفِّ دَلَّ ذلك على اهتمامهم بها،وأنَّهم يَرون وجوبَها وامتناعَ التخلُّفِ عنها، ونوقش الدليل بأنه قول صحابى ليس فيه إلا حكاية المواظبة على الجماعة ، وعدم التخلــف عنها ، ولا يستدلى بمثل هذا على الوجوب ،وفيه دليل لمن خص الوعيد بالتحريق فى حديث أبى هريرة بالمنافقين .
فصل4 : أدلة القائلين بفريضة صلاة الجماعة على الكفاية : واستدل القائلين بأن صلاة الجماعة فرض كفاية : 1- قوله r : « ما من ثلاثة في قرية ،ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية قال السائب يعني بالجماعة الجماعة في الصلاة »[45] فقوله r: ( لا تقام فيهم ) وليس ( لا يصلون الصلاة ) دليل على أن الشرع طلب فعل صلاة الجماعة من مجموع الناس ، وليس كل فرد منهم بحيث إذا فعل البعض سقط الأثم عن الآخرين . 2– حديث مالك بن الحويرث قال : أتيت النبي rأنا وصاحب لي فلما أردنا الانصراف قال لنا : « إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما »[46]،فقد أمر النبي بأن يصلون جماعة إذا حضرت الصلاة ، والأمر يقتضي الوجوب فصلاة الجماعة واجبة ،و هذا الوجوب يفهم مع قوله r: « صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة »[47] ،وقوله : « إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الإمام ،ولم يصل فليصل معه فإنها له نافلة »[48] و قوله r : «أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم إليها ممشى فأبعدهم والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجراً من الذي يصليها ثم ينام »[49]وقوله r: « من أكل من هذه الشجرة الخبيثة شيئا فلا يقربنا في المسجد يا أيها الناس إنه ليس لي تحريم ما أحل الله ولكنها شجرة أكره ريحها »[50]وهذه الأحاديث تدل على جواز صلاة الفرد منفردا فالمفاضلة حقيقتها بين فاضلين جائزين ؛ لأن الحرام لا فضيلة له ،و حَدَّ المفاضلة بعدد من الدرجات دليل على جواز صلاة المنفرد ؛ لأنه إِذَا لَمْ يَكُنْ لِصَلَاةِ المنفرد مِقْدَارٌ مِنْ الْفَضِيلَةِ لاَ يَصِحُّ أَنْ تَتَقَدَّرَ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا بِدَرَجَاتٍ مَعْدُودَةٍ مُضَافَةٍ إلَيْهَا ،وعدم إنكار النبي rعلى من صلي في بيته ، ولو كانت صلاة الجماعة واجبة وجوبا عينيا لأنكر ذلك ؛ ولأنها لو كانت واجبة لكانت شرطاً لها كالجمعة ، ولو كانت صلاة الجماعة واجبة وجوبا عينيا لأمر النبي r باجتناب أكل الثوم بدلا من أن ينهى من أكله عن الإتيان إلى المسجد لصلاة الجماعة فما لايتم الواجب إلا به فهو واجب كما هو مقرر في أصول الفقه [51] فجمعا بين النصوص أدلة جواز صلاة المنفرد و أدلة فريضة الجماعة تكون صلاة الجماعة فرض على الكفاية . 3- لا يجوز الإطباق على ترك صلاة الجماعة ؛ لأنها شعيرة إسلامية بل من أعظم شعائر الإسلام ، وقد داوم النبي rوالسلف الصالح عليها ، وعلى إقامتها في المساجد ، فإذا قامت الجماعة في المسجد فصلاة المنفرد في بيته جائزة .


فصل5 : ترجيح القول بفريضة صلاة الجماعة على الكفاية :
لاشك أن أعدل الأقوال في حكم صلاة الجماعة هو قول من قال أنها فرض كفاية فهو يجمع بين النصوص المثبتة جواز صلاة المنفرد ،والنصوص المثبتة فريضة الجماعة ، ولم يهدر دلالة هذه النصوص ، ولا دلالة هذه النصوص ،ولأن لأنه لا يجوز الإطباق على ترك صلاة الجماعة فهي من أعظم شعائر الإسلام ، و قد أتي نص واضح من النبيr على فريضة صلاة الجماعة على مجموع الناس ، وليس على كل واحد منهم ، و هو قوله r : « ما من ثلاثة في قرية ،ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية قال السائب يعني بالجماعة الجماعة في الصلاة »[52] فقوله r: ( لا تقام فيهم ) وليس ( لا يصلون الصلاة ) دليل على أن الشرع طلب فعل صلاة الجماعة من مجموع الناس ، وليس كل فرد منهم بحيث إذا فعل البعض سقط الأثم عن الآخرين .
فصل 6: الحث على صلاة الجماعة :
ليس معنى أن صلاة الجماعة فرض كفاية وأن كل فرد ليس مطالَبا بفعلها على وجه الإلزام أن يتقاعس الفرد عنها فالتقاعس عنها ترك للتعبد لله بهذا الاجتماع ،وتفويت لثوابها العظيم ،وتقليل لسواد المسلمين في المساجد بدلا من تكثير سواد المسلمين في المساجد ، وإظهار عِزِّهم إذا دخلوا المساجدَ ثم خرجوا جميعاً بهذا الجَمْعِالغفير ، والله قد أمرنا بالمبادرة لفعل الخيرات فقال سبحانه : ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَات ﴾[53] ، ولاشك أن صلاة الجماعة من أفضل الأعمال الصالحات وأجل الطاعات ،وقد تضافرت الأحاديث في فضل صلاة الجماعة ، وها هو جمع منها : عن ابن عمر أن رسول الله r: « صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة »[54] ، وعن أبي هريرة أن رسول الله rقال : « صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ وَلَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ »[55] ومعنى الحديثين أن صلاة الفذ لها ثواب مقدر معلوم عِنْدَ الله ،و تزيد صلاة الجماعة عَلَى ثواب صلاة الفذ خمسة وعشرين أو سبعة وعشرين ، و عنْ أَبِي مُوسَى قَالَالنَّبِيُّr : «أَعْظَمُ النَّاسِ أَجْرًا فِي الصَّلَاةِ أَبْعَدُهُمْ فَأَبْعَدُهُمْ مَمْشًى وَالَّذِي يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الْإِمَامِ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الَّذِي يُصَلِّي ثُمَّ يَنَامُ »[56] ،وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ rقَالَ : « مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَرَاحَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنْ الْجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ »[57] .
الخاتمة : صلاة الجماعة من أفضل العبادات وأجل الطاعات ،وهي مشروعة بإجماع المسلمين واختلف العلماء في فرضيتها ، والراجح أنها فرض كفاية جمعا بين النصوص المثبتة جواز صلاة المنفرد والنصوص المثبتة فريضة الجماعة ،وليس معنى أنها فرض كفاية أن يتهاون الشخص فيها فالله أمرنا بالمبادرة إلى الخيرات هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وكتب ربيع أحمد سيد طب عين شمس الخميس 10 شعبان 1428هـ 23 أغسطس 2007 م

[1]- رواه البخاري في صحيحه كتاب الصلاة رقم 645 ، و رواه مسلم في صحيحه رقم 650

[2] - صححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود رقم 560

[3]- متفق عليه رواه البخارى رقم 853 ومسلم رقم 662

[4] - رواه مسلم في صحيحه كتاب الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى رقم 654

[5]- انظر تفسير القرطبي 1/358 – 359 دار الحديث الطبعة الثانية 1416هـ 1996م ، وانظر مجموع الفتاوى لابن تيمية المجلد الثاني ص 363 دار الفكر 1403هـ 1983م ، وانظر نيل الأوطار للشوكاني 3/130 دار الحديث الطبعة الأولى 1421هـ 2000م .

[6] - رِحَالنَا جَمْع رَحْل بِفَتْحِ الرَّاء وَسُكُون الْمُهْمَلَة هُوَ الْمَنْزِل وَيُطْلَق عَلَى غَيْره وَلَكِنَّ الْمُرَاد هُنَا الْمَنْزِل

[7] - صححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داودرقم 575 ، ورواه الترمذي رقم 219 ، ورواه النسائي في سننه رقم 858

[8] - صححه الألباني في صحيح الجامع رقم 654

[9]- صححه الألباني في صحيح الجامع رقم 657

[10]- رواه البخاري في صحيحه كتاب الصلاة رقم 645 ، و رواه مسلم في صحيحه رقم 650

[11] - سورة النور آية 30

[12] - سورة الجمعة آية 9

[13]- سورة النور من الآية 30

[14]- كحديث : « صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة » متفق عليه

[15]- كحديث : « صلاة الجماعة تزيد على صلاة الفذ خمسا وعشرين درجة » صححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود رقم 839

[16] - كحديث : «الصلاة في جماعة تعدل خمسا وعشرين صلاة» صححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود رقم 560

[17]- كحديث : « صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة » رواه مالك والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي

[18]- متفق عليه رواه البخارى رقم 853 ومسلم رقم 662

[19]- صحيح وضعيف الجامع الصغير رقم 6090

[20]- انظر القواعد الكلية والضوابط الفقهية للدكتور محمد شبير 150 – 154 دار النفائس الطبعة الأولى 1426هـ 2006م

[21]- البقرة الآية 43

[22] - تفسير ابن كثير 1/245 المحقق : سامي بن محمد سلامة الناشر : دار طيبة للنشر والتوزيع الطبعة : الثانية 1420هـ - 1999 م

[23] - تفسير ابن كثير 1/264

[24]- انظر تفسير القرطبي 1/358

[25]- انظر أصول الفقه الشيخ محمد الخضري 193 - 196 دار الحديث الطبعة الأولى 1422هـ 2001م ، وعلم أصول الفقه للشيخ عبد الوهاب خلاف 224 - 225 دار الحديث 1423هـ 2003م و شرح الأصول من علم الأصول لابن عثيمين 109 المكتبة التوفيقية ، و الواضح في أصول الفق د.محمد سليمان الأشقر 219 - 220 دار السلام الطبعة الأولى 1422هـ 2001م ، و الوجيز في أصول الفقه د.عبد الكريم زيدان 292 - 295 مؤسسة الرسالة الطبعة السابعة 1421هـ 2000 ،و علم أصول الفقه د. محمد الزحيلي 230 دارالقلم الطبعة الأولى 1425هـ 2004م ، أصول الفقه القسم الثاني الحكم الشرعي د. محمود بلال مهران 342 - 345 دار الثقافة العربية بجامعة القاهرة 1425هـ 2004م ،و الوجيز في أصول الفقه د. وهبة الزحيلي 211- 212 دار الفكر الإعادة الحادية عشرة 1427هـ 2006م

[26]- انظر الصحاح للجوهري (3/1286) تحقيق أحمد عبدالغفار عطار دار العلم للملايين بيروت ،و المحكم والمحيط الأعظم في اللغة لابن سيده (1/55) ولسان العرب لابن منظور (13/144) مع تعليق مكتب تحقيق التراث دار إحياء التراث العربي – مؤسسة التاريخ العربي بيروت،و القاموس المحيط للفيروز آبادى ص987 تحقيق مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة ودار الريان للتراث و تاج العروس من جواهر القاموس لمحمد مرتضي الزبيدي (5/514) منشورات دار مكتبة الحياة بيروت

[27] - مفردات غريب القرآن للراغب الأصفهاني (2/608)

[28]- سورة مريم آية رقم 43

[29] - تفسير الطبري 6/404 مؤسسة الرسالة المحقق : أحمد محمد شاكر الطبعة : الأولى ، 1420 هـ - 2000 م

[30]- سورة التوبة الاية 119

[31] - تفسير الطبري 1/575

[32]- النساء من الآية 102

[33] - أُخَالِف إِلَى رِجَال ، أَيْ أَذْهَب إِلَيْهِمْ .

[34] - العرق العظم بما عليه من بقايا اللحم .

[35] - مرماتين مفرد مرماة وهي ما بين ظلفَي الشاة .

[36] - رواه البخاري في صحيحه رقم 644 ،ورواه مسلم في صحيحه 651 ورواه أبوداود في سننه رقم 548 وابن ماجة في سننه رقم 791 ،وليس عندهما الجملة الأخيرة ،ورواه النسائي في سننه رقم 848 والترمذي رقم 217

[37]- رواه مسلم في صحيحه رقم 653 ،ورواه النسائي في سننه رقم 850

[38]- السلسلة الضعيفة حديث رقم 183

[39]- صحيح فقه السنة لأبى مالك مجلد1 ص 506

[40] - تحفة الأحوذى 1/ 539 دار الكتب العلمية بيروت

[41]- رواه مسلم وفى سنن النسائى رقم 837

[42]- سنن النسائى حديث رقم 847

[43]- سنن ابن ماجة رقم 979

[44]- صححه الألباني في صحيح الجامع رقم 657

[45]- سنن النسائى حديث رقم 847

[46]- سنن ابن ماجة رقم 979

[47]- رواه البخاري في صحيحه كتاب الصلاة رقم 645 ، و رواه مسلم في صحيحه رقم 650

[48]- صححه الألباني في صحيح الجامع رقم 657

[49]- متفق عليه رواه البخارى رقم 853 ومسلم رقم 662

[50]- صحيح وضعيف الجامع الصغير رقم 6090

[51]- انظر أصول الفقه الشيخ محمد الخضري 48 ، و شرح الأصول من علم الأصول لابن عثيمين 130 - 131 ، و الواضح في أصول الفق د.محمد سليمان الأشقر 39 دار السلام الطبعة الأولى 1422هـ 2001م ، و الوجيز في أصول الفقه د.عبد الكريم زيدان 299 - 300

[52]- سنن النسائى حديث رقم 847

[53] - سورة البقرة من الآية 148

[54]- رواه البخاري في صحيحه كتاب الصلاة رقم 645 ، و رواه مسلم في صحيحه رقم 650

[55] - رواه البخاري في صحيحه كتاب الصلاة رقم 647 ، رواه مسلم في صحيحه رقم 649

[56]- متفق عليه رواه البخارى رقم 853 ومسلم رقم 662

[57] - رواه البخاري في صحيحه كتاب الصلاة باب فضل من غدا إلى المسجد ،ومن راح رقم 662 ،ورواه مسلم في صحيحه رقم 669
 

عصام

:: متابع ::
إنضم
18 مايو 2008
المشاركات
17
التخصص
التدبير المعلومياتي و الإلكترونيك
المدينة
تطوان
المذهب الفقهي
مالكي
جزاك الله خيرا على هذا البحث
 
إنضم
16 أبريل 2008
المشاركات
18
التخصص
علمى
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الشافعى
رد: بحث في فريضة صلاة الجماعة على الكفاية وأنه أعدل الأقوال

بارك الله فيكم ونفعنا واياكم
 
إنضم
18 يناير 2017
المشاركات
1
الكنية
أبو يوسف
التخصص
القانون الدولي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
لا أقول بالتمذهب
رد: بحث في فريضة صلاة الجماعة على الكفاية وأنه أعدل الأقوال

فالحديث فيه إلى رجال لا يشهدون ،وليس إلى الرجال الذين لا يشهدون ،وكلمة رجال أى رجال معينين من الذين لا يشهدون الجماعة
السلام عليكم ورحمة الله ،،
جزاكم الله خيراً أخي في الله على هذا البحث الطيب في هذه المسألة الشائكة رزقني الله وإياكم الإخلاص ..
فضلاً أخي الكريم أود أن أعرف ما الفارق بين ( إلى رجال لا يشهدون ) وبين ( إلى الرجال الذين لا يشهدون ) ؟
ولما حملتم كلمة ( رجال ) وهى نكرة على أنها تخص رجال معينين ؟
وسؤالي للإستفهام لا لشئ آخر علماً أني أقول بقولكم في المسألة .
 
إنضم
17 نوفمبر 2016
المشاركات
19
التخصص
محمد
المدينة
يمني
المذهب الفقهي
مندوب
رد: بحث في فريضة صلاة الجماعة على الكفاية وأنه أعدل الأقوال

جزاكم الله الف خير على ماتقدموه وقدمتواه

عندي إستفسار حول قرأت خبر اليوم في المواقع الإخباريه حول عدم وجوب صلاة الجماعة في المسجد لأحد الكتاب في المملكة .

لا اعلم صحة الخبر من عدمه
 

عيد نهار خلف

:: متابع ::
إنضم
2 أغسطس 2017
المشاركات
9
الكنية
أبو نهار الشمري
التخصص
أصول فقه
المدينة
الكويت
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: بحث في فريضة صلاة الجماعة على الكفاية وأنه أعدل الأقوال

3- حديث أبي هريرة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : « وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ ثُمَّ أُخَالِفَ[33] إِلَى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا[34] سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ[35] حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ»[36] وجه الدلالة : هَمَّ النبىr بأن يحرق بيوت تاركي صلاة الجماعة لكنَّه لم يفعلْ ؛ لأنَّه لا يُعاقِبُ بالنَّارِ إلا رَبُّ النَّارِ ، فظاهرالحديث في كونها فرض عين ؛ لأنها لو كانت سنة لم يهدد تاركها بالتحريق ، ولو كانـت فرض كفاية لكانت قائمة بالرسول ومن معه، ونوقش الدليل بأنه على خلاف الدعوى فقوْلُهُ r : ( ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ ) دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ حُضُورَ الْجَمَاعَةِ لَيْسَ بِفَرْضٍ عَلَى الْأَعْيَانِ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ rلَا يُخْبِرُ عَنْ نَفْسِهِ بِمَا يَكُونُ فِيهِ مَعْصِيَةٌ ، ولو كانت صلاة الجماعة فرضا ما تركها النبي rلكي يذهب لبيوت تاركي صلاة الجماعة ليؤدبهم

وان كنت مقلدا لقول من قال انها فرض كفاية , لكن اشنع على من يتعامل مع الشرع كتعامل الفيزيائي مع الفيزياء والجيلوجي مع الجيولوجيا وغيرها من العلوم التي لا روح فيها ولا حياة , ولا اعني به صاحب البحث الذي نفع الله به . انما اخص بذلك المقلدين

اخشى على من يرى هذا القول تخفيفا من تكاليف الشرع انه وان لم يكن في زمن تلك الحادثة ( ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ ) بجسده فيختار الميل إلى احد الفريقين من اجتمع في المسجد من الصحابة او ومن تخلف عن الصلاة من المنافقين , لكنه مال بالتأكيد مع الفريق الأخير بهواه , ورضي وعيد النبي (صلوات ربي وسلامه عليه)
نعم , القول بفرض الكفاية في هذا المسألة يرفع الحرج والجناح لمن تخلف ( لحاجة من حوائج الدنيا التي قد تفوت بتركها مصلحة ) هذا امر
والفرح بها كتخفيف من الصلاة استثقالا لها وتركها استمتاعا بمجلس لغو او غيبة , ام اخر
 
أعلى