(( كيفية معرفة المذهب الحنبلي ))
- المشهور من المذهب عند متأخري الحنابلة: ما اتفق عليه كتابا " الإقناع والمنتهى " لأنهما أكثر كتب المذهب تحريراً،
فإن اختلفا فينظر في: " التنقيح، والإنصاف، وتصحيح الفروع، والغاية " فأيهما وافقوا فهو المذهب،
والغالب أن المذهب ما في المنتهى، لأنه أكثر تحريراً من الإقناع.
- قال العلامة السفاريني (ت:1188هـ) في وصيته لأحد تلاميذه النجديين:
" عليك بما في الكتابين: الإقناع والمنتهى، فإذا اختلفا فانظر ما يرجحه صاحب الغاية ". اهـ.
انظر: المدخل المفصل لبكر أبو زيد 2/786، واللآلئ البهية لمحمد السماعيل ص 78.
- وقال أحمد بن عوض (ت:1101هـ): " قال شيخنا [ أي: الشيخ عثمان بن قائد النجدي (ت:1097هـ) ] نقلاً عن بعضهم:
صريح المنتهى مقدم على صريح الإقناع،
وصريح الإقناع مقدم على مفهوم المنتهى،
ومفهوم المنتهى مقدم على مفهوم الإقناع،
وإذا اختلف قول صاحب المنتهى وقول صاحب الإقناع في حكم مسألة، فالمرجح قول صاحب الغاية ". اهـ.
من كتاب علماء نجد لابن بسام 5/135، في أثناء ترجمة الشيخ عثمان النجدي.
- وقال الشيخ علي الهندي في كتابه مقدمة في بيان المصطلحات الفقهية ص 4:
" المذهب عند المتأخرين: هو ما أخرجه المرداوي في كتابه التنقيح، والحجاوي في كتابه الإقناع، وابن النجار في كتابه المنتهى، واتفقوا على القول به.
وإن اختلفوا: فالمذهب ما اتفق على إخراجه والقول به، اثنان منهم.
وإذا لم يتفقوا: فالمذهب ما أخرجه صاحب المنتهى، على الراجح، لأنه أدق فقها من الاثنين.
وقد يفضل بعضهم: الإقناع لكثرة مسائله، ولا مشاحة في الاصطلاح ". اهـ.
نقلاً عن اللآلئ البهية ص 77 .
- إلا أن بعض علماء المذهب من النجديين، لهم تعقبات على اتجهات الشيخ مرعي في الغاية، لكن قد اثنى على الكتاب كثير من علماء المذهب، وتقدم ذكر ثناء السفاريني وغيره على الغاية، وممن أثنى على الكتاب أيضا:
- الرحيباني (ت:1240هـ) في مقدمة شرح الغاية حيث قال عنه:
" من أجل كتب المذهب قدرا, وأجمعها لمهمات مسائله طرا, مشتملا على فوائد لم يسبق إليها, وحاويا لفرائد تعقد الخناصر عليها، من صحيح النقول, وغرائب المنقول ". اهـ.
- وقال حسن الشطي (ت:1274هـ) في مقدمة مِنْحَة مُوْلِي الفتح 1/ن:
" ولا شك أن مؤلف المتن [ أي متن الغاية ] أتى بأبحاث مفيدة لا يستغني الطالب عنها، ولا بد للمحصل منها،
وقد اعترض بعض أهل العلم من النجديين: بأن أبحاثه مخالفة للمنقول، ولا موافِق له في ذلك، وأنَّها مخالفة للقواعد، ولكلام فقهاء المذهب.
وليس الأمر كما قال، فإن الكثير منها ما هو صريح في بحث غيره، ومنها ما هو مفهوم كلامهم، ومنها الموافق للقواعد، ومنها ما له نظائر في كلامهم تؤيده، ويؤخذ من عباراتهم،
إلا النادر منها على حسب ما يظهر،
وربما يذكر الفرع في غير محله لمناسبة، ويبحثه فيه، وقد صرح ببحثه الأصحاب في بابه ". اهـ.
- وقال عنه ابن بدران في المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل ص227:
" كتاب جليل، سلك فيه مسالك الاجتهاد، فأورد فيه اتجاهات له كثيرة، يعنونها بلفظ: ( ويتجه )،
ولكنه جاء متأخرا على حين فترة من علماء هذا المذهب، وتمكن التقليد من أفكارهم، فلم ينتشر انتشار غيره ". اهـ.
- ولذلك قال الشيخ محمد السماعيل في اللآلئ البهية في كيفية الاستفادة من الكتب الحنبلية ص 78 بعد أن نقل كلام الشيخ علي الهندي السابق:
" والذي أراه أنهما إذا اختلفا - يعني المنتهى والإقناع - فالرجوع إلى غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى، وشرحه مطالب أولي النهى ". اهـ.
- ولتوضيح ذلك، أذكر هذه المسألة:
- مسألة: في حكم شد المرأة وسطها بما لا يشبه الزنار، خارج الصلاة:
- مفهوم الإقناع: لا يكره. حيث قال: " ويكره لامرة شد وسطها في الصلاة، ولو بغير ما يشبه الزنار ". اهـ.
قال شارح الإقناع: فمفهومه كلامه: أنه لا يكره لها شد وسطها خارج الصلاة بما لا يشبه الزنار. اهـ.
- وقال في التنقيح والمنتهى والغاية: ويكره لامرأة شد وسطها مطلقًا.
- فالمعتمد من المذهب في هذه المسألة: قول صاحب المنتهى، لموافقته للتنقيح والغاية. والله أعلم.
مراجع المسألة: التنقيح ص61، كشاف القناع عن متن الإقناع 1/328، شرح منتهى الإرادات 1/148، مطالب أولي النهى شرح غاية المنتهى 1/345.