العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

أنت بالروح لا بالجسد إنسان

إنضم
5 مارس 2023
المشاركات
58
الإقامة
قطر الدوحة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عمار الرشيدي
التخصص
فقه وأصول
الدولة
قطر
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
الحنبلي
المشاكل الحياتية كالريح بدرجاتها منها الخفيف ومنها الشديد ومنها الإعصار.
والناس كالأشجار على درجاتها منها الخفيفة الجذور ومنها المتوسطة الجذور ومنها المتجذرة في الأرض إلى الأعماق.
فالأولى كالإنسان ضعيف الايمان، والثانية كمتوسط الايمان، والثالثة كقوي الإيمان القريب من ربه.
فتأتي الريح فتقلع الاولى وتهز الثانية ولا تؤثر في الثالثة. ومن لم يمد جذوره في أوقات الرخاء اقتلعته الرياح في أوقات الشدة. وكلما كان الانسان صاحب روح قوية قريبة من الله ذاكرة له مطيعة متصدقة مصلية قائمة قانتة متطوعة صابرة متسامحة واصلة بارة صائمة صادقة؛ كان ذلك أدعى لصده القوي لكل ريح ولو عاتية تهب عليه بالصبر والتحمل والمكابدة. وكلما كان متكاسلاً مطيعا لهواه خالدًا إلى الأرض مطيعًا لغريزته وشيطانه ونفسه وشهواته غافلاً ساهيًا، كان أدعى لتهاويه وانهياره امام أية ريح ولو خفيفة.
والروح البشرية تحتاج لغذائها الطبيعي السماوي وبكثافة في أحيان كثيرة؛ لتتغلب على الروح الخبيثة سيما إن كانت المعركة داخل الجسد الواحد فكلما قويت الأولى تقهقرت الثانية والعكس بالعكس. والغافل المغبون من يغذي الروح الشريرة فتتغلب على الروح الطيبة؛ فيشقى ويهلك باختياره ذلك لنفسه أو تهاونه أو تكاسله أو هوان همته وخلوده للأرض واتباع الهوى وترك الجهاد والهروب من ألم الروح الشريرة بمنحها مطلبها؛ ليعود الألم مضاعفًا دون مطلوب جديد يقدمه؛ لأنه في الحقيقة أفلس ولم يعد أمامه إلا الخيار بين العودة للروح الطيبة ومنحها مطلبها السماوي أو الاستسلام واليأس ومن ثم الهلاك. فامنح الروح غذاءها السماوي بالتوازي مع منحك غذاء الجسد، وإن كان لا بد من الزيادة ففي غذاء الروح لأنك خلقت أصلاً للعبادة لا للطعام والشراب، فجوع الجسد لنقاء الروح لا العكس فتشقى وتهلك.
والروح مع الجسد كالسيارة على الطريق كلما كان الطريق فارغًا من الشواغل، وواسعًا كلما كانت السيارة سريعة وخفيفة، وكلما كان الطريق مزدحماً بالشواغل أو العوائق كلما كانت السيارة ثقيلة وبطيئة، فَنَقِّ الجسد من فضول الطعام والشراب والنوم والخوف والقلق والحزن والغضب والهم والخلافات والغفلة والوهم؛ تسرع روحك وتخف، وأسكت الخمس الكاوية (الحواس الخمس) يضاء موطن العلة وهو القلب.
والروح في علاقتها مع الشيطان كمصارعين في حلبة بينهما كر وفر إلا المخلصين، فخير لمن سمت روحه أن يجهز على شيطانه بقوة لا أن يتراخى فيعطى الشيطان فرصة للنهوض والمقاومة أو الهجوم ومن ثم الغلبة والتفوق.
لا تتخلى عن روحك في زمن الترف وتجعلها أسيرة جسدك وغفلتك وطول أملك، حتى لا تتخلى هي عنك في زمن البأس، زمن خوفك وقلقك، واعلم أنك في كلا الزمنين: الترف أو البأس أنت بالروح لا بالجسد؛ إنسان.
 
أعلى