العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

شيء من الفهم والرحمة

إنضم
5 مارس 2023
المشاركات
58
الإقامة
قطر الدوحة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عمار الرشيدي
التخصص
فقه وأصول
الدولة
قطر
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
الحنبلي
ما يكون من عصبية النساء بسبب أمور صحية ونفسية تترك بصماتها كحمل، ورضاع، وعمليات جراحية، وطباع متأصلة بالوراثة؛ فيجب على الأزواج استقبال ذلك بشيء من التفهم والتسامح، والمساعدة على الهدوء، والمصالحة والاسترخاء، والعودة من دائرة العوارض النفسية إلى دائرة تحكيم العقل والإيمان وامتصاص ذلك بحالة من المداعبة والطرائف واللطائف، طالما لم يكن بسوء نية من الزوجة أو سوء أخلاق، فكما أن الليل والنهار والحمل والرضاع والخدمة والتربية تأخذ جميعها من قوة المرأة البدنية، فكذلك يأخذ من قوتها النفسية فلم تعد تلك المرأة واسعة الأفق حليمة النفس والعقل المحتفظة برزانتها ووقارها.
فالشفقة من الزوج هو ما يليق بتقدم الزوجة في العمر، واحتراما للعشرة التي دامت سنينًا، مالم يفقده شيئا من قوامته، وسلطته الأسرية، وكرامته كرجل، كرمه الله ورفع درجته، وجعل العقدة بيده، فمن حاربه في قوامته فإنما يحارب الله ورسوله، وكتابه، وشرعه.
وتكره المرأة - في الغالب لا العموم - أن يقال عن زوجها أنه طيب، وتفرح إن قيل شديد وعنيف وشراني(عنده شر) وقاسي، ظنًا منها أن هذه الصفات كفيلة بحمايتها كأنثى ضعيفة، تحتاج لرجل يدافع عنها ولو بالتهور، والاندفاع والصوت العالي، والرسم المزيف، ولو أدى ذلك إلى أن يرمي بنفسه في التهلكة فيقتل أو يسجن أو يخسر ما وراءه وما أمامه، إلا ما رحم ربي من النساء العاقلات المؤمنات الحافظات للغيب بما حفظ الله، لكنها على العكس من ذلك تريده زوجًا طيبًا داخل البيت، رومانسيًا إلى أبعد الحدود، فإذا تحقق لها ذلك؛ اتهمت زوجها في قرارة نفسها باللين، وضعف الشخصية، وسعت لانتزاع السلطة الأسرية منه، لتكون لها القوامة بالإثم والجهل، وهو ما يشعر به الرجل في عيون زوجته، وكلامها، وتغير لهجتها معه، من الأدب، والرقة، والصوت الهادي الوديع، إلى الصوت العالي، والحدة في النظر، والاندفاع في الرد عليه، والتربص لكلامه، وعدم التسامح معه، والقصاص من كل فتيل ونقير وقطمير- وبعض ذلك راجع إلى طبع أو ظروف نفسية أو جسدية تعذر المرأة بها غالبًا - فينقلب الرجل من طيبته، ورومانسيته، ولينه، وحبه، وعطفه على زوجته، إلى رجل عصبي، غشيم، مندفع، قاسٍ، فظ، غليظ؛ لأنه لم يجد تقديرًا لصفاته الحميدة من زوجته التي أحبها، وبذل قلبه وعاطفته لها، وإن كان شرذمة من الرجال يستسلمون للنساء، فإن الغالبية منهم تأبى ذلك وترده بالقوة، أو بالقهر، أو بالهجر، أو بالبعاد، أو حتى بالانفصال.
والمرأة التي تستغل طيبة زوجها، وترى حنانه، وعطفه، نقاط ضعف في شخصيته، وتتجرأ عليه بسبب لينه ومزاحه، لا تستحق منه كل هذه الصفات الطيبة، ولا يلام إن عاملها بالشدة، والغلظة؛ فلا يوجد رجل يقبل على نفسه أن يكون ضعيفًا أمام زوجته ولو بصفة طيبة حميدة، الرجل يحب أن يكون قويًا في بيته، لكن النساء لا شواطئ لبحورهن، ولا يفهمن أنفسهن، يحببن الطيبة من الرجال ويعتبرونها ضعفًا، ويكرهن القسوة ويعتبرنها قوة وشجاعة، ويتهمن القاسي بعدم الحب، ويتهمن الطيب بقلة الشدة، ويطلبن من القاسي الرحمة، ويطلبن من الطيب إظهار الصوت العالي، والشدة والعنف، ويرون الطيب ألعوبة أو خاتمًا يُلبس في الأصبع، أو سهل الانقياد، والسيطرة، ويرون الرجل الشديد صعبًا ولا يعرف الرومانسية، والحب والكلام الغزلي الجميل، ويكذبن على الطيب معتقدين أنه ساذج، وسيصدق كل شيء دون بحث أو نقد، أو تفتيش، ويكرهن الرجل المترصد، المتربص، المترقب، المحاسب، غير الغافل ولا المتغافل، المتيقظ لكل واردة، وشاردة، وتافهة، ويحببن الرجل المغرور ، المتكبر المعجب بنفسه، وتود لو أنه عبد خادم عند قدميها، يلبي لها كل شيء دون اعتراض، ولا تقصير، ولو في خيط إبرة، وتحتال على الطيب بالحجج، والمبررات لتصل إلى ما تريد، وتخشى الرجل الفظَّ الغليظ وتهاب أن تسأله شيئًا، وترى الطيبة المستمرة من الرجل مللًا للحياة الزوجية، وتسارع بطلب الطلاق من كلمة تعنيف أو تشديد أو خلاف عابر من خلافات الحياة.
ولا يُعجب النساء العجب العجاب، وهذا من نقصان عقلهن، وقلة تأملهن، وسوء تقديرهن للأمور.
فالرجل متهم دائمًا، إن كان حليمًا طُلب منه أن يغضب ويغار وينتقم، وإن غضب طلب منه التفاهم والحلم والتسامح، وإن كان ساكنًا عاقلًا رزينًا طلب منه أن يكون (فشارًا: أي التفاخر الكاذب) كصاحب بطولات وهمية، يتحدث بها ليغري قلوب النساء الساذجات، ممن لا يملكون حاسة التمييز بين الغث والسمين، وينخدعن بقشور الكلام، والزبد الجفاء الذي لا ينفع ولا يبقى في الأرض؛ بل رغاوى وفقاعات تزول سريعًا، لكنها فقاعات خادعة، كسراب خادع، تنخدع له القلوب الغبية، والعقول القاصرة، والنفوس غير السوية.
فكان الله في عون الرجال من أهل الطيبة، والحنان، والكرم، في زمن يعتبرهم السذج ضعفاء؛ فينقلبون مرغمين عن صفاتهم الطيبة الحميدة لرجال عصبيين، يظهرون القسوة، ويخفون الرحمة؛ لئلا يكونوا ضعفاء أو مستضعفين؛ فلله درهم وكان الله تعالى في عونهم.
والله المستعان ومنه السداد.

د. ياسر جابر
باحث وكاتب
 
أعلى