العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

دعوى الاحتكام للعقل دون النقل،

إنضم
5 مارس 2023
المشاركات
58
الإقامة
قطر الدوحة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عمار الرشيدي
التخصص
فقه وأصول
الدولة
قطر
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
الحنبلي
يرى البعض أن الاحتكام إلى العقل والتعاون البشري هما الحل لمشاكل المسلمين بعيداً عن المرجعية الإسلامية وتحكيم النصوص.

وهي دعوى علمانية أو إلحادية، والدعوى العلمانية لا تعترف بدخول الدين في الدنيا، والدعوى الإلحادية لا تعترف بالدين أصلا، ولهؤلاء وهؤلاء نتساءل: من قال إن العقل والتعاون مختلفان عن الإسلام؟
القرآن الكريم حافل بالدعوة إلى العقل والتعاون. والسنة النبوية حافلة بالدعوة الى العقل والتعاون. قال تعالى في كتابه العزيز:
(أفلا يعقلون) (لآيات لقوم يعقلون) (وما يعقلها إلا العالمون) (لآيات للعالمين)
(هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) (أليس منكم رجل رشيد) اي عاقل.
(وتعاونوا على البر والتقوى)
ومن السُنَّة:
(اعقلها وتوكل) وهو من العقل والتفكير السليم.
(المؤمن كَيِّس فَطِن): اي زكي عاقل عنده فراسة.
(أحبُ الناس الى الله أنفعهم للناس) (كان الله في عون العبد ما كان العبد في عون اخيه)، فإذا كان الإسلام يشمل العقل والتعاون، وإذا كان العقل والتعاون هما الحل،
إذن الإسلام هو الحل، وهذا تركيب منطقي، ولكي يفهمه الآخر عليه بدراسة المنطق والمقدمات والنتائج، ولو درس المنطق فقد درس علمًا عقليًا.
ألا يكفي أنَّ أول كلمة في الإسلام هي اقرأ؟

لماذا القراءة؟
لاستنارة العقل.
فأين المشكلة اذن؟
المشكلة ليست في الإسلام، ولكن في فهمه وتطبيقه بشكل صحيح. فالسكين تصلح للطبخ وتقطيع الفاكهة وتساعدك في أمور حياتية نافعة، فإن استخدمها انسان في القتل؛ فهل المشكلة في ذات السكين؟! وأنها لم تعد حلًا صالحًا لكثير من أمور الحياة؟ أم أن المشكلة في القاتل الذي أساء فهم وظيفة السكين وطبقها بشكل مناقض وفاسد؟ السكين لا تُتهم بدلا من القاتل، والسكين لا تسجن ولا يقتص منها، بل القاتل هو الذي يتهم ويسجن ويقتل، فمن أساء الفهم والتطبيق يتحمل سوء فهمه وعقوبة تطبيقه الفاسد. وإن كان سوء الفهم شيء قبيح من أبناء الدين، فإن عدم الفهم المطلق سيكون أشد قبحًا ممن لا ينتسب لدين، ومصيبته أعظم وجهله جهل مركب لا بسيط، لكونه لا ديني، ولكونه لا يفهم مطلقًا، فيا رثائي لحاله، على سوء خياله.
والعلاقة بين الإسلام والعقل علاقة الكل بالجزء والعام بالخاص، فالعقل آلة من آلات الدين الإسلامي. لكن يبقى سؤالٌ يُوجه لكل ملحد: أنتم ترفضون الاحتكام للدين في الحياة، وتقبلون الاحتكام للعقل، أليس كذلك؟!!
فهل العقل واحد مطلق؟ أم عقول متعددة؟!!
وهل العقول المتعددة عقول متفقة؟ أم عقول مختلفة ومتفاوتة؟!!
وهل على تفاوتها تسير في اتجاه واحد؟ ام تسير أحيانًا أو غالبًا في اتجاهات متناقضة؟
وإذا كانت متناقضة فمن منها يستحق الإيمان به ومن منها يستحق الكفر به؟
وإذا كان بعضها على صواب فيؤمن به وبعضها على خطأ فيكفر به فهل آمنتم بالعقل الصحيح وكفرتم بالعقل الخطأ أم آمنتم بالجميع أم كفرتم بالخطأ؟ وما مقياس الخطأ والصواب وإلى من يحتكم في التمييز بينهما؟
وإذا كان الله واحد والعقول متعددة والله مطلق والعقول متفاوتة وأحيانا متناقضة فأيهما أحق بالإيمان الله أم العقل؟!!
أجيبونا عن هذه الأسئلة ان كان لديكم جوابًا.

ثم إن دعواكم العقلانية في ميدان الإلحاد حجة عليكم في إثبات الوجود الالهي، من حيث أنكم تنكرون وجود الله بحجة عدم الرؤية، فهل رأيتم العقل؟
فيكون جوابكم: نؤمن بالعقل لوجود أثره وهو الفكر، فيكون جوابنا: نؤمن بالله لوجود أثره وهو الخلق.
فتقبلون بجوابكم وتردُّون جوابنا؛ فدل ذلك على وجود هوى في النفس.
فسقطت حجتكم وأنتم لا تشعرون.
 
أعلى