من الهجرة هجرة التخلف

[ياسر جابر الجمّال]

​

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد ( صلى الله عليه وسلم )، وبعد ..

المعاني الشرعية حول الهجرة النبوية متعددة ومتنوعة وِفْقَ القراءات المنفتحة والروافد الثقافية لدى القارىء والمبدع والمُتَلقي، ولا يمكن استيفاء معاني الهجرة النبوية جُملةً وتفصيلا بأي حال من الأحوال، وهذا من حكمة الله (عزوجل) ألا تنقضي الدروس والعِبَر من الهجرة النبوية المباركة؛ حتى يظل المسلون في تأمل دائم يستخلصون الدروس منها على أمتداد الزمن.

إنني في هذه الكلمات المقتضبة لا أحب الاستراد في ذكر معانٍ للهجرة سبق وأن ذكرها علماء الأمة، وإنما أريد الإيمائة إلى إشارة جديدة، لعلها تفيدنا في مستقبلنا القادم.

هذه الإشارة هي الهجرة من التخلف إلى التقدم والنهوض من جديد، الهجرة لا تعني الانتقال من مكان إلى مكان فقط، وهَجْر مجموعة من البشر أو الأفكار أو غير ذلك، فكل ذلك معانٍ لا يمكن إنكارها، لكن مانريد التأكيد عليه أن هجرة التخلف بكافة صِوَره سواء العلمي أو العملي؛ درس مهم من دورس الهجرة النبوية .

لا يمكن لنا أن نحقق الهجرة الحقيقة ونحن نرزح تحت وطأة التخلف في كافة الميادين والحقول المعرفية، هذا يستوجب علينا القيام بالهجرة العقلية الكبرى من الجهل إلى نور المعرفة، من الظلام إلى النور، ومن الانغلاق إلى الانفتاح، هذا هو معنى الهجرة الذي نحتاجه الآن، لا يمكن لنا ترديد ذكرى الهجرة ونحن نعيش على التقليد والتبعية في كافة الحقول المعرفية على الرغم من أن من معاني الهجرة التمايز والاستقلال الفكري والمعرفي للأمة، وهذه بداية الانتقال من الجهل إلى العلم وهجر التخلف .

 

[أسامة بن حسن البلخي]

بسم الله الرحمن الرحيم​

الحمد لله رب العالمين ؛ والصلاة والسلام على أكرم المرسلين وعلى آله و صحبه أجمعين وبعد : جزاكم الله كل خير ، على هذه اللفتة الطيبة ، و استكمل معك ما تحرص عليه ، ومن أهم ما يجب هجرانه و لا أظن أنه دون الواجب درجة ، وفي أعلى الأمور مرتبة هو ( هجران الجدل )
{ وَجَٰدَلُواْ بِٱلْبَٰطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ ٱلْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ ۖ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ } ؛ { وكان الإنسان أكثر شيء جدلا } (ما ضَلَّ قومٌ بعدَ هُدًى كانوا عليهِ إلَّا أوتوا الجدَلَ ثمَّ تلا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ هذهِ الآيةَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ
الراوي : أبو أمامة الباهلي | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي | الصفحة أو الرقم : 3253 | خلاصة حكم المحدث : حسن | التخريج : أخرجه الترمذي (3253) واللفظ له، وابن ماجه (48)، وأحمد (22164) )
فما من تضييع لطالب العلم أن يؤت الجدل ، ويمضي وقتاً به ، و يغفل عن استكمال خصال الخير في نفسه من فهم أو علم أو ذكر ، و ما لماحق يمحق القلب و الخير و يصحر الروح ويجعلها قاحلة خاوية لا تنبت و لا تنفع عطشانا ، و لا تنتفع بماء ...
في نشأة طالب العلم فليبتعد كل البعد عن الاهتمام بمقولات الجدل وهو لايمتلك للحق ميزانا ، وهو يتبع بعضا من العلماء الذين يثق بهم و ليعلم أن الإسلام أتمه الله و أكمله فما لهذه التشويشات التي يوردها عليه الشيطان من مكان حاجة في عقله أو قلبه أو عمله ، وليتق الله فيما أمره الله به وهو عنه غافل .
وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يكمل لنا هجرتنا و يعيننا على تزينها بحق ( عنْ مَعقِلِ بن يسارٍ، ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: العِبَادَةُ في الهَرْجِ كهِجْرةٍ إلَيَّ رواهُ مُسْلمٌ )