العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الأسماء والصفات

د. ياسر محمد جابر

:: مطـًـلع ::
إنضم
5 مارس 2023
المشاركات
119
الإقامة
قطر الدوحة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عمار الرشيدي
التخصص
فقه وأصول
الدولة
قطر
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
الحنبلي
١٤٦. هل من رسالة واضحة في أسماء الله وصفاته تجمع بين أهل العلم في عصرنا وتوحد كلمتهم؟
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛
فهذه رسالة إلى الفرق الإسلامية المعاصرة حول العقيدة الصحيحة بإذن الله تعالى في توحيد الأسماء والصفات:
١- نؤمن بأسماء الله الحسنى وصفاته العلى بما أثبته الله تعالى لذاته في كتابه وأثبته له رسوله صلى الله بالدليل الصحيح دون تعطيل او تمثيل أو تشبيه أو تكييف أو تحريف.
٢- نثبت معاني الأسماء والصفات على ما يليق بالله عز وجل، يحكمنا قوله تعالى: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).
٣- لا نخوض في ظاهر النص ولا في باطنه، لا بحمل على حقيقة ولا بتأويل، إلا بما ورد فقط من الخبر في كتاب ربنا، أو سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، أو قول صحابي كريم، او دلت قرينة ما على معنى ما، ولا نقدم العقل على النقل، ولا الدلالة اللغوية على الدلالة الشرعية.
٤- نتوقف عن الخوض في كل ما لم يخبرنا به الله تعالى عن ذاته، ونعتبره من علوم الغيب، ولا نخوض فيه باستنباطات عقلية أو مغالطات منطقية أو اجتهادات لغوية أو ملاسنات كلامية.
٥- لا نؤمن بعلم الكلام، ونقول هو مفرق للأمة، لأنه يقوم على استنتاجات عقلية، بغير قواعد ولا أصول، والعقول تتفاوت، فهو علم غير منضبط، ولا يُعول عليه في إظهار حق، ولا إبطال باطل، لأنه يقوم على بناءات منطقية قد تكون سليمة شكلًا لكنها باطلة مضمونًا وجوهرًا، ونقول إن البناءات المنطقية السليمة، لا تستلزم حتمًا بناءات معرفية صحيحة؛ فقد تكون سليمة وتؤدي إلى بناءات معرفية باطلة، وبضاعة أهل الكلام في معظمها من هذا النوع.
٦- من طلبنا للمناظرة من أهل الكلام امتنعنا عن مناظرته؛ لأنه لا تصح المناظرة ابتداء بين طالب علمٍ وطالب جدلٍ، أو بين متبع حقٍ ومتبع باطل، أو بين من خلصت نيته، وبين من اتبع هواه.
٧- نؤمن بأن علم الكلام حجة على أهله بما أحدثوه من فرقة، ونفرة، واختلاف، وتشرذم، وشقاق في عقيدة أهل القبلة الواحدة. ومن كان من المعاصرين داعيًا لعلم الكلام أو عاملًا به أو بانيًا لمقدماتٍ منطقيةٍ، ونتائج وإن بدت سليمة ظاهريًا فأثمرت بناءات معرفية باطلة، أو كان متعصبا لغير الدليل، أو كان مقدسا للرجال، مستدلا بكلامهم، مقدما لهم على كتاب الله وسنة رسوله، فهو في كل ذلك من الضالين الذين يدعون إلى الضلالة، والفرقة في صفوف المسلمين، وتشتيت جهودهم، وإضاعة أوقاتهم، وإشغال عقولهم، واستنفاد طاقاتهم، فيما هو ضره أكثر من نفعه، وباطله يغلب حقه.
٨- نقول لكل الفرق المختلفة على توحيد الأسماء والصفات: تعالوا إلى كلمة سواء تحفظ لأهل قبلتنا وحدتهم وقوتهم وعقيدتهم، في عالم يتحالف فيه الأعداء، ويتكتل فيه الخصوم وتتشابك فيه المصالح، تعالوا جميعا إلى كلمة سواء - يرحمنا ويرحمكم الله - وهي أن يسعنا جميعا في توحيد الأسماء والصفات فيه ما وسع النبي صلى الله عليه وسلم، والرعيل الأول من المسلمين، وخير قرون الإسلام، فنسكت مثلما سكتوا، ونمسك مثلما أمسكوا، ولا نسأل عن ذلك سؤالا لم يسألوه، ولا نجيب جوابًا لم يجيبوه، ونعد الخوض فيما لم يخوضوا فيه من البدع المحدثة التي لا تلزم أهل القبلة بشيء، ونؤمن جميعا أننا بسكوتنا مثلهم، فنحن على مثل هديهم ونحن على عقيدتهم التي هي عقيدة أهل السنة والجماعة، فإن كانت فرقة ترفض أخذ النصوص على ظاهرها في هذا الشأن وأخرى ترفض التأويل؛ فلنمسك جميعنا عن الظاهر والتأويل في توحيد الأسماء والصفات كما أمسك الأولون، ونحافظ على أمتنا، واحدة الكلمة والصف والعقيدة، وما لا يؤدى الواجب إلا به فهو واجب، وتوحيد الأمة واجب والامساك عن الظاهر والتأويل يؤدي للوحدة، فصار الإمساك والسكوت واجبا على الجميع، سيما في مثل هذا الزمن الذي تحتاج فيه الأمة لخيرة سواعدها، من عالم فقيه، وشاب مجاهد ، وعمال منتجين.
تعالوا جميعا لنؤمن بأن الخوض في هذا الشأن حجة على الخائضين ومن تابعهم، ومن بادلهم وشاكلهم، وماثلهم. ونرد هؤلاء وأولئك وأتباع كلٍ إلى هَدي الكتاب والسنة والصحابة فإن لم يفعلوا حكمنا عليهم بأنهم مبتدعة، جاؤوا بما لم يأت به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام، ثم نحن من وزرهم براء، فنتبرأ منهم بكلمة واحدة منا جميعًا، ونقي الناس شرورهم وخصومتهم وفرقتهم، ولا نبادلهم الكلام بكلام، والنظر العقلي بمثله، والمغالطات المنطقية بمثلها، فنكون معينين على اتساع الخرق، وانفلات الأمر، واختلاف العقول، وتباعد القلوب، وتشتت الجهود، وضياع الأوقات، وتفكك الأمة أكثر وأكثر.
٩- نؤمن بأن الخير كل الخير فيما أخفاه الله عنا وفيما أعلنه لنا، وأن الشر كل الشر أن نعلن بغير دليل ما أَخفى، وأن نخفي بغير تقدير ما أَعلن. ونؤمن أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كتم شيئا من الوحي ولو علم من ذلك بشيء لأخبرنا به.
والرسول صلى الله عليه وسلم لم يخبرنا بكلمة حقيقية في الإثبات على الحقيقة كما يقول المثبتون، ولا أخبرنا بكلمة غير حقيقية كما يقول أهل التأويل. ولكن بلغنا عنه الخبر، فحسبنا الإيمان به كما أخبر، ونعرض عن ظاهره وتأويله لا زهداً في النظر، ولكن إبعادا للخطر.
١٠- نؤمن أن ما كان من أسماء الله وصفاته مشتركا لفظيًا مع البشر فلا يقتضي التشبيه ولا المادة ولا الجسم، ولأن الخوض في ذلك خوض فيما وراء العقول، وليس للأوهام أحكام، ولا للخيال قدرةٌ على مثال.
١١ - ونؤمن بأن أسماء الله تعالى توقيفية وأنه ما استطاع المسلم أن يعلم تسعة وتسعين اسما لله تعالى صريحة وصحيحة بأدلتها الثابتة من الكتاب والسنة، دون اشتقاق من أفعال، فذلك خير وأولى، وأكمل ويُقدم، ضرورة وحتمًا، وشرعًا، عن اشتقاق الأسماء من الأفعال، وقد ثبت لدينا تسع وتسعون اسمًا بأدلة صحية، وصريحة دون اشتقاق.
١٢ - نؤمن أن أسماء الله تعالى غير محصورة في التسعة وتسعين وأن له أسماء كثيرة هي منها، وأن من غيرها ما ربما سمى به نفسه او أنزله في كتابه او علمه أحدًا من خلقه أو استأثر به في علم الغيب عنده، فلا يعلم حقيقة ذلك كله إلا الله تعالى وحده، وهذا الاعتقاد مأخوذ عن مجموع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
١٣- نؤمن أن المسلم يتعبد بأسماء الله تعالى في الدعاء والرجاء ولا يلحد في أسمائه وصفاته، ولا ينازع الله تعالى ما اختص به ذاته، كالقدوس والمهيمن و الجبار والقهار و المتكبر، وغيرها.
١٤ - نؤمن بأن الله هو الأول كما أخبر عن ذاته، وليس القديم، وأن سلطانه هو القديم كما أخبر رسوله صلى الله عليه وسلم ، ونؤمن بأن الله هو الآخر كما أخبر عن ذاته وليس الأبدي ولا الأزلي لأنه لم يخبر بهما.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
والله تعالى أعلى وأعلم.
 
أعلى