العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

التوازن بين الروح والجسد

د. ياسر محمد جابر

:: مطـًـلع ::
إنضم
5 مارس 2023
المشاركات
119
الإقامة
قطر الدوحة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عمار الرشيدي
التخصص
فقه وأصول
الدولة
قطر
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
الحنبلي
١٢٧. أريد أن أسألك ماذا يعني: عندما كنت أقرأ القرآن الكريم في الماضي لم أكن أفهمه، وعندما اكتشفت ظلمي لنفسي، وعندما اكتشفت الناس الظالمين والسيئين، وغير المؤمنين، الذين مروا في حياتي، أصبحت أفهم القرآن، وأصبحت أعلم عن ماذا يتكلم الله سبحانه؟ وكل يوم يمر أشعر بأنه يجب عليّ أن أكون مع الله.
أمر بمرحلة لم يعد يهمني فيها الجاه ولا المال، ولم يعد يهمني العمل الخاص أو الوظيفة.
أنا خسرت كل شيء مادي، وأصبح لدي مشكلة في الوثوق في الناس، والعمل معهم، وأصبح لدي نوع من عدم اهتمامي بالماديات، أحاول أن أحارب هذا الشعور، لكن دون جدوى لا أعلم لماذا، ولا أعلم ما يجب عليّ فعله، فقلت لنفسي دعني أسأل الشيخ لعله يطلعني عن شيء غافل عني.
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،
فإرضاء الله تعالى غاية والحفاظ على النفس وسيلة ولن تستطيع أن ترضي الله إلا بالحفاظ على نفسك
وللحفاظ على النفس تحتاج للمال للطعام والشراب والملبس والعلاج والمسكن والزوجة والأولاد،
فالإسلام دين وسطية، تأخذ من الدنيا ما يعينك على أمر الأخرة، فالجائع والمريض والمحتاج الذي لا مال له سيمد يده للناس غالباً، وفي ذلك ذل السؤال والحاجة، والمؤمن يجب ان يكون عزيزاً، طالما كان قادراً على العمل،
والاسلام ليس دين الرهبانية والتعبد في الصوامع والكهوف والمساجد فقط، وليس هو دين المادية والمال وعبادة الدنيا والشهوات، بل هو دين وسطي يشتمل على وسائل وأسباب، وكذلك يشتمل على غايات وأهداف، ويجب عدم الانحياز التام الكامل لطرف منهما حتى لا يحدث خلل في الحياة.
بل يجب التوازن والموازنة، فالمؤمن متوازن متسق متناسق متكامل، شمولي الفكر والثقافة.
والله سبحانه وتعالى يقول (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا) الإسراء.
أي خذ من الدنيا حقك المشروع لك بالحلال، وابتغ في كل ذلك رضا الله تعالى، فتناول طعامك لتتقوى به على عبادة الله، والبس ثوبك وتجمل لأن الله جميل يحب الجمال، ويحب ان يرى أثر نعمته على عبده، وتناول الدواء لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالتداوي وقال: لكل داء دواء فتداووا، وحافظ على نفسك لأن الله تعالى قال: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما).
وحافظ على زوجتك وأولادك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. واطلب العلم، وخالق الناس بخلق حسن، وأحسن لمن أساء إليك، ولا تخن من خانك، واصبر على طباع الناس، ومشاكلهم، لأنهم بشر لهم عيوب وليسوا ملائكة.
وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً قادراً يسأل الناس فأمره بالعمل ونهاه عن السؤال.
ورأى عمر رضي الله عنه رجالاً في المسجد تفرغوا للعبادة فأمرهم بالخروج والعمل، وقال: إن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، وهي العملات المالية في ذلك العصر.
فما سبب المشكلة التي تعاني منها؟
السبب أن الشيطان يريد أن يجعلك على أقصى اليمين بعد أن كنت في أقصى الشمال، يريد أن يجعل المسلم متميعاً، متساهلاً، متحرراً، شهوانياً جاهلاً، فإذا عجز عن ذلك حاول أن يجعله متزمتاً متصلباً متحجراً انعزالياً انطوائياً، ساخطاً على الناس، والمجتمع، زاهداً في المال، والعمل، والزوجة، والعيال، والطعام، والملبس، هاجراً للحياة مترهباً في البيت أو المسجد، أو في صومعة.
والطرفان: التميع أو التحجر يهلكان الإنسان وينتهيان به غالباً إلى ما لا يحمد عقباه كالانغماس في الشهوات، أو اليأس من الرحمات.
لذلك قال الله تعالى:(وكذلك جعلناكم أمة وسطاً) فاحذر من الغلو واليأس واعتزال الحياة، لأن الدين ليس في اعتزال الحياة بل في اعتزال الحرام. فاعتزل الحرام، وعش حياتك، واعبد ربك، وصلِّ وتنفل، وصم وأفطر، وقم واقنت، وادع وتبتل، وكل واشرب، والبس واخرج، واعمل واسع، ولاعب ولدك، ومازح زوجتك، وصل أرحامك، وبر والديك...الخ. ثم استعن على وسوسة الشيطان بالرقية الشرعية، والتداوي بزيت الزيتون وخليط المسك الاسود إدهانا، وبالماء البارد المرقي شربا واغتسالا، واقرأ سورة البقرة والمعوذات وأذكار الصباح والمساء. حفظكم الله من كل سوء وجميع المسلمين.اللهم آمين.
 
أعلى