العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

منع الزوجة من العمل وعليها ديون

د. ياسر محمد جابر

:: مطـًـلع ::
إنضم
5 مارس 2023
المشاركات
119
الإقامة
قطر الدوحة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عمار الرشيدي
التخصص
فقه وأصول
الدولة
قطر
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
الحنبلي
١٢٦. زوج يريد من زوجته ترك العمل فجأة، وعليها التزامات وأقساط ويقول لها: أنا غير ملزم بدفعها عنك، رغم إن هذا قراره هو، ويُلزمها بتسديد أقساطها لأنه يعلم أن معها مال خاص بها، هل هذا يجوز؟!
مع العلم أنها غير معترضة على ترك العمل بشرط أن يدفع التزاماتها لأنه هو الذي يريد منها ترك العمل وليست هي، فما حكم الشرع؟!
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله وبعد،
فالأصل الشرعي أن الزوج من حقه منعها من العمل، ولا تخرج بدون إذنه.
وفي الحديث الصحيح ان السيدة عائشة أرادت أن تذهب لبيت والديها، فقالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم:" أتأذن لي أن آتي أبوي...فأذن لي رسول الله) صحيح البخاري.
وخروج الزوجة بغير إذن من زوجها لا شك انه سيغضبه، وغضب الزوج على زوجته بحق ورد فيه حديث صحيح،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " ثَلَاثَةٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لَهُمْ صَلَاةً: إِمَامُ قَوْمٍ، وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا غَضْبَانُ، وَأَخَوَانِ مُتَصَارِمَانِ (متخاصمان).
وورد الإجماعٌ من أئمة المذاهب الأربعة وأتباعهم، على وجوب استئذان المرأة لوليها عند الخروج من بيتها إلا في حالات محدودة لا دائمة تعد من قبيل الضرورة الدينية أو الدنيوية فقط لا غير، وهذا يؤكد أن الحكم في هذه المسألة محل اتفاق واشتهار، بل اعتبر الفقهاء المذاهب الأربعة وأتباعهم خروج المرأة من بيت الزوجية بلا إذن من النشوز المحرم الذي يوجب منع النفقة، ومن تلك الأقوال:
قال الكاساني الحنفي: (وله أن يمنعها من الخروج من البيت؛ لأن الإسكان حقه).
وقال الحدادي العبادي الحنفي (وإن نشزت فلا نفقة لها حتى تعود إلى منزله: النشوز خروجها من بيته بغير إذنه بغير حق) .
قال مالك: له أن يمنعها من الخروج.
وقال الحطاب المالكي: (النفقة تسقط أيضا بخروج المرأة من بيت زوجها بغير إذنه.
وقال ابن جزي الكلبي المالكي (تسقط نفقتها بالنشوز وهو منع الوطء والخروج بغير إذنه).
وقال في المجموع:(إذا انتقلت الزوجة من منزل الزوج الذي أسكنها فيه إلى منزل غيره بغير إذنه وخرجت من البلد بغير إذنه، فهي ناشزة، وسقطت بذلك نفقتها) .
وقال زكريا الأنصاري الشافعي (والنشوز، نحو الخروج من المنزل إلى غيره بغير إذن الزوج.
وقال ابن قدامة: (وللزوج منعها من الخروج من منزله إلى ما لها منه بد...ولا يجوز لها الخروج إلا بإذنه).
وقال المرداوي: (وله منعها من الخروج عن منزله، بلا نزاع. من حيث الجملة. ويحرم عليها الخروج بلا إذنه).
وقال البهوتي الحنبلي: (وحيث خرجت بلا إذنه بلا ضرورة، فلا نفقة لها ما دامت خارجة عن منزله إن لم تكن حاملاً؛ لنشوزها).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (لا يحل للزوجة أن تخرج من بيتها إلا بإذنه.... وإذا خرجت من بيت زوجها بغير إذنه كانت ناشزة عاصية لله ورسوله.
قال ابن باز رحمه الله تعالى: وعلى الزوج أن يراعي حقها، وأن يتلطف بها، وأن يحسن عشرتها، فيأذن لها في الخروج المناسب الذي ليس فيه منكر، وليس فيه إعانة على منكر من باب المعاشرة بالمعروف، ومن باب جمع الشمل، فلا ينبغي له أن يشدد، ولا يجوز لها أن تعصيه في المعروف.
وبحسب السؤال الوارد فإن الزوج إن ترك زوجته تخرج، وتعمل وتستدين أو تقترض وتتحمل مسؤوليات وتبعات، وترتبط بعهود واتفاقيات، فهو ضامن لها عند العجز عن السداد لأنه وليها وله القوامة عليها، ويكون ذلك إذا منعها من باب أولى.
فإذا منعها مع ما عليها من الديون فيسمى تعسفاً في استعمال الحق، والأصل انه لا ضرر ولا ضرار.
والأصل في مثل هذه الأسئلة السماع من الطرفين لتحرير محل النزاع، فقد يكون السؤال قد صيغ بطريقة تتحيز للسائل، فلابد من سماع الطرف الآخر،
وعلى كل فالمسألة محكومة بتقديم أعلى المصلحتين وأدنى المفسدتين.
وإذا ثبت أن الزوج يعاند أو يتعنت فعليه الضمان.
وإذا ثبتت مفسدة كبيرة ظاهرة للزوج من خروجها، ربما تعود بالضرر العاجل على الزوج أو الأولاد او البيت، وكان معها مال مدخر في البيت أو البنك، فتقعد عن العمل، وتسدد من مدخراتها الموجودة بالفعل، لأن نفاد هذه المدخرات أهون من خراب البيت بالطلاق أو الشقاق ونحوه.
والزوج له القوامة وهي على ذمته، وداخلة في ولايته، بل يحق له أن يمنعها من الخروج للمسجد أو لحفظ القرآن إن ظهرت فتنة محققة تضر بها وبزوجها، وما هو فرض مقدم على ما هو نافلة، واستثنى العلماء فريضة الحج إذا توفر للزوجة الزاد والراحلة والمحرم، فليس له أن يمنعها من أداء الفرض لكونه ركن من أركان الإسلام، وتكليف خاطب به الشرع كلا من الرجل والمرأة على سواء.
والله أعلم.
 
أعلى