العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

قول الشعر والاستشهاد به

د. ياسر محمد جابر

:: مطـًـلع ::
إنضم
5 مارس 2023
المشاركات
119
الإقامة
قطر الدوحة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عمار الرشيدي
التخصص
فقه وأصول
الدولة
قطر
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
الحنبلي
١٣٠. استشهدتُ بأبيات لطيفة من الشعر في باب الصبر فقال لي أحدهم إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: الشعر نفث الشيطان، فهل قول الشعر مطلقا هو شيء منبوذ أو محرم؟
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،
فأقول لصديقك: ثبت في صحيح البخاري قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن من الشعر لحكمة.
وقد قال عمرو بن الشريد ردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أمعك من شعر أمية؟ قلت نعم، فأنشدته بيتا فقال هيه. فأنشدته بيتا، فقال هيه، حتى أنشدته مائة قافية. قال في شرح المقنع: ليس لنا في إباحة الشعر اختلاف قد قاله الصحابة والعلماء والحاجة تدعو إليه لمعرفة اللغة والعربية والاستشهاد به في التفسير وتعرف معاني كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ويستدل به على النسب والتاريخ وأيام العرب، ويقال الشعر ديوان العرب.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسمع الشعر من حسان بن ثابت رضي الله عنه، ويأمره أن يهاجم بالشعر أهل الكفر
ويقول له: اهجوهم وروح القدس تؤيدك.
وقد قال الشعر علي بن أبي طالب رضي الله عنه والشافعي رحمه الله وغيرهم.
الشعر كلامٌ، حسنه حسن، وقبحه قبيح، وما كان حسنا طيبا فيه الحكمة والخشوع فهو مباح.
وما كان مبذولاً لشهوة أو عصبية أو جاهلية فهذا هو الذي من نفث الشيطان.
ويكره للرجل أن يتفرغ تماماً للشعر، وقد أعجب عمر رضي الله عنه شطرٌ من شعر هو:
ألا كل ما سوى الله باطلُ،
وبكى أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى من أبيات شعر سمعها.
فالشعر إن كان للاستشهادات الحسنة الطيبة فهو مستحب ومطلوب.
والحديث الوارد في السؤال لا يصح، لكن ثبت عن بعض السلف كابن القيم وغيره، قولهم: الشعر قرآن الشيطان. لكن هذا محمول على المذموم منه، وإلا فابن القيم رحمه الله تعالى له قصيدة النونية في الإسلام هي حجة في بابها ويستحب لطلاب العلم حفظها.
وقد ألف العلماء في متون العلوم الشرعية، من النظم الشعرية ما يتدارسه طلاب العلم الشرعي ليومنا هذا، كنظم القواعد الفقهية للسعدي، والرحبية في المواريث، واللامية لابن الوردي في الأدب، والشاطبية في التجويد وتحفة الأطفال ومتن الجزري، وغير ذلك الكثير في العقيدة واللغة والتفسير وأصول الفقه والحديث.
ثم أقول ناصحاً: لماذا تأخذ دليلا واحدا وتستدل به يا أخي؟! لماذا لا تجمع الأدلة والنصوص والوقائع جميعها وتنظر فيها وتفهمها؟! لماذا الانغلاق؟! (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض) والآية في سورة الشعراء استثنت الذين آمنوا وعملوا الصالحات. هذا التشدد هو الذي جعل الناس يكرهون الدعاة والدين، ويفرون منه إلى أحضان العلمانيين والمتحررين. أصبح عامة الناس يتكلمون بأن الدعاة والشيوخ حرموا كل شيء على الناس، وما هذا إلا من قبلكم ومن فهمكم الضيق للنصوص. والله تعالى جعل الإسلام دينا وسطاً.
فلماذا هذا الغلو بالوقوف على نص واحد، والافتاء به، وإهمال عشرات النصوص في نفس الباب؟!
فإن النصوص على تعددها وكثرتها قد يكون فيها ما يخصص العام ويقيد المطلق، ويفصل المجمل، ويوضح المبهم، والخاص والمقيد لهما أحكام تستقل بهما عن العام والمطلق، فكيف نأخذ حديثا عاماً (إن صح) ونفتي به جميع الأمة دون النظر للحديث الخاص الذي يأخذ حكما مختلفا.
إن آفة طلاب العلم الشرعي تصدرهم للفتوى والاعتراض والجدال والصدام والاتهام والتبديع وربما التكفير والتشريك لأنهم وقفوا على شاطئ العلم، وأخذوا طرفا منه، ولم يستوعبوا النصوص حصراً في المسألة، ولا المتون فهما في المشكلة، وليس عندهم قواعد للاجتهاد، ولا أصول للفتيا، فهاجموا العلماء وكفروهم، وبدعوهم بسبب سطحية الفهم والتفكير.
هداك الله وهدانا وهدى المسلمين جميعاً.
 
أعلى