العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الزواج من المسيحية

د. ياسر محمد جابر

:: مطـًـلع ::
إنضم
5 مارس 2023
المشاركات
119
الإقامة
قطر الدوحة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عمار الرشيدي
التخصص
فقه وأصول
الدولة
قطر
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
الحنبلي
١١٠. هل المسيحيون أهل كتاب أم كفار مشركون، وهل يجوز للمسلم الزواج من مسيحية تقول إن الله هو عيسى عليه السلام؟
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذه مسألة خلافية والجمهور على أنهم أهل كتاب، وابن عمر وآخرون على كفرهم.
وبعد اجتهاد ونظر فالذي أؤمن به أنه من قال من النصارى إن عيسى رسول الله وآمن برسالته فهو من أهل الكتاب وله أحكام أهل الكتاب، ونسميهم أهل كتاب كما سماهم الله تعالى في كتابه تمييزًا لهم عن الكفار والمشركين.
ومن قال من النصارى إن عيسى هو الله أو ابن الله أو الروح القدس او الله واحد تجلى في أقانيم ثلاثة: ذاته الحقيقية وعيسى وروح القدس فنقول فيه ما قاله الله عز وجل في قرآنه العظيم:
﴿ لَقَد كَفَرَ الَّذينَ قالوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ المَسيحُ ابنُ مَريَمَ قُل فَمَن يَملِكُ مِنَ اللَّهِ شَيئًا إِن أَرادَ أَن يُهلِكَ المَسيحَ ابنَ مَريَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرضِ جَميعًا وَلِلَّهِ مُلكُ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَما بَينَهُما يَخلُقُ ما يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ ﴾ المائدة: ١٧.
﴿ لَقَد كَفَرَ الَّذينَ قالوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ المَسيحُ ابنُ مَريَمَ وَقالَ المَسيحُ يا بَني إِسرائيلَ اعبُدُوا اللَّهَ رَبّي وَرَبَّكُم إِنَّهُ مَن يُشرِك بِاللَّهِ فَقَد حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الجَنَّةَ وَمَأواهُ النّارُ وَما لِلظّالِمينَ مِن أَنصارٍ ﴾ المائدة: ٧٢.
﴿ لَقَد كَفَرَ الَّذينَ قالوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِن إِلهٍ إِلّا إِلهٌ واحِدٌ وَإِن لَم يَنتَهوا عَمّا يَقولونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذينَ كَفَروا مِنهُم عَذابٌ أَليمٌ﴾ المائدة: ٧٣
ونؤمن بأن الله لم ينص في كتابه على تكفير النصارى لفظًا ولكن كفر منهم طائفة بعينها هي التي قالت في عيسى أقوالًا ضالة ومنحرفة.
ونصل ونبر كما امر ربنا كل من لم يقاتلنا او يحاربنا او يعادينا من أهل الكتاب ومن غيرهم، ونقسط معه ونعدل دون المودة القلبية القائمة على المحبة وأن الله نهانا عنها في كتابه.
ونؤمن أن اهل الكتاب لا يرضون عنا حتى نتبع ملتهم وأنهم لو رضوا عنا مع اقامتهم على باطلهم فهذا نقصان منا في إيماننا وعلامة على اتباعهم وموالاتهم.
وإذا كانت المرأة القائلة بأن الله ثالث ثلاثة وأن الله هو المسيح ابن مريم كافرة بنص القرآن، وإذا كان الله تعالى حرم على المسلمين نكاح الكافرات والمشركات كما في قوله تعالى:
﴿ وَلا تَنكِحُوا المُشرِكاتِ حَتّى يُؤمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤمِنَةٌ خَيرٌ مِن مُشرِكَةٍ وَلَو أَعجَبَتكُم وَلا تُنكِحُوا المُشرِكينَ حَتّى يُؤمِنوا وَلَعَبدٌ مُؤمِنٌ خَيرٌ مِن مُشرِكٍ وَلَو أَعجَبَكُم أُولئِكَ يَدعونَ إِلَى النّارِ وَاللَّهُ يَدعو إِلَى الجَنَّةِ وَالمَغفِرَةِ بِإِذنِهِ وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنّاسِ لَعَلَّهُم يَتَذَكَّرونَ ﴾[البقرة: ٢٢١]، فلا يجوز بذلك وبالدليل الصريح نكاح المسلم من مسيحية تقول إن الله هو المسيح.
وأرى أن ذلك أعظم في الكفر من كفر كفار مكة الذين أقروا لله بالخلق والتدبير رغم عبادتهم للأصنام، وإقرارهم بأنهم عبدوا الأصنام لتقربهم إلى الله زلفى. ولم يزعموا أن الله هو الأصنام ذاتها. لكن بعض النصارى عبد عيسى عليه السلام ليس تقربًا إلى الله بل تقربا لعيسى نفسه. وزعم أن الله هو عيسى ذاته.
ومن نافلة القول أن نبين أن عقيدة التثليث في المسيحية حصلت على مشروعيتها زورا من مجمع نيقيه ٣٢٥ م وأن المسيحية قبل ذلك كانت ديانة سماوية صحيحة تؤمن بأن عيسى عليه السلام رسول وعبد لله كسائر الرسل إلى أن تدخل اليهودي بولس بيد التحريف في عقيدة المسيحيين بعد إعلانه التنصر وزعم أن المسيح عيسى له طبيعتان طبيعة بشرية وطبيعة إلهية فخالفه قس يسمى أريوس واشتد الخلاف حتى علم به الملك قسطنطين اليهودي فانتهزها فرصة للتفرقة بين المسيحيين والسيطرة عليهم فدعاهم لمجمع نيقيه واستمع منهم ثم أقر عقيدة التثليث وحارب عقيدة التوحيد نكاية في الوحدة المسيحية.
فانقسم المسيحيون إلى بروتستانت موحدين بقيادة أريوس وإلى كاثوليك مثلثين بقيادة القس بطرس في مدينة الإسكندرية.
هذا والله اعلى وأعلم.
 
أعلى