العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

ملكية المغصوب: أحواله وأحكامه

د. ياسر محمد جابر

:: مطـًـلع ::
إنضم
5 مارس 2023
المشاركات
119
الإقامة
قطر الدوحة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عمار الرشيدي
التخصص
فقه وأصول
الدولة
قطر
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
الحنبلي
١٠٠. ملكية المغصوب
أحواله وحكامه

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
................

المطلب الاول: أقوال المذاهب في مدى تملك الغاصب للمغصوب:
اتفق الفقهاء على أن بقاء المغصوب على حالته التي كان عليها عند المالك يوجب رده كما هو، ولا يعدل عنه إلى المثل أو القيمة، ثم اختلفوا في أمور أخرى على النحو التالي:
أولاً- الحنفية: قالوا بأن الغاصب يملك الشيءَ المغصوب بعد ضمانه، من وقت حدوث الغصب، حتى لا يجتمع البدل والمبدل في ملك شخص واحد وهو المالك، وينتج عن التملك أن الغاصب لو تصرَّف في المغصوب بالبيع أو الهبة قبل أداء الضمان ينفُذُ تصرُّفه، كما تنفذ تصرفات المشتري في المشترى شراء فاسدا، وكما لو غصب شخص عينا فعيبها، فضمنه المالك قيمتها، ملكها الغاصب؛ لأن المالك ملك البدل كله، والمبدل قابل للنقل، فيملكه الغاصب؛ لئلا يجتمع البدلان في ملك شخص واحد، لكن لا يحل في رأي أبي حنيفة ومحمد للغاصب الانتفاع بالمغصوب، بأن يأكله بنفسه أو يطعمه غيره قبل أداء الضمان، وإذا حصل فيه فضل يتصدق بالفضل استحسانا، وغلة المغصوب المستفادة من إركاب سيارة مثلا لا تطيب له.
يقول الكاساني (ت 587 هج) في بدائع الصنائع:" وأما صفة الملك الثابت للغاصب في المضمون: فلا خلاف بين أصحابنا في أن الملك الثابت له يظهر في حق نفاذ التصرفات، حتى لو باعه، أو وهبه، أو تصدق به قبل أداء الضمان ينفذ، كما تنفذ هذه التصرفات في المشترى شراء فاسداً".
وقال أبو يوسف:" يحل للغاصب الانتفاع بالمغصوب بالضمان، ولا يلزمه التصدق بالفضل إن كان فيه فضل؛ لأن المغصوب مملوك للغاصب من وقت الغصب، عملا بالقاعدة: (المضمونات تملك بأداء الضمان مستندا إلى وقت الغصب)".
وبذلك يكون منطلق الحنفية في تملك الغاصب للمغصوب هو الضمان، وبمجرد الضمان تنتقل ملكية المغصوب إلى الغاصب من وقت الغصب، ويحق له التصرف فيه - ولو قبل أدائه للضمان - إذا لم يبق المغصوب على حالته التي كان عليها عند المغصوب منه.
ومن تطبيقات ذلك عند الحنفية أنهم فرقوا بين المغصوب الذي يهلك والمغصوب الذي ينمو ويزيد:
فقال أبو يوسف - رحمه الله - فيمن غصب نوى فصار نخلا أنه يحل الانتفاع به، كما في الحنطة إذا زرعها.
وقال في الفسيل إذا غرسه فصار نخلا أنه يكره الانتفاع به، حتى يرضي صاحبه؛ لأن النوى يعفن ويهلك، والفسيل يزيد في نفسه.
ثانياً – المالكية: قالوا إن الغاصب يملك المغصوب إن اشتراه من مالكه أو ورثه عنه، أو غرم له قيمته بسبب التلف أو الضياع أو النقص أو نقص في ذاته، لكن يمنع الغاصب من التصرف في المغصوب برهن أو كفالة خشية ضياع حق المالك، ولا يجوز لمن وهب له منه شيء قبوله ولا الأكل منه ولا السكنى فيه، مثل أي شيء حرام. أما إن تلف المغصوب عند الغاصب أو استهلكه (فات عنده) فالأرجح عندهم أنه يجوز للغاصب الانتفاع به، لأنه وجبت عليه قيمته في ذمته؛ فقد أفتى بعض المحققين بجواز الشراء من لحم الأغنام المغصوبة إذا باعها الغاصب للجزارين، فذبحوها؛ لأنه بذبحها ترتبت القيمة في ذمة الغاصب، إلا أنهم قالوا:" ومن اتقاه فقد استبرأ لدينه وعرضه، والمعنى أن الغاصب يتملك بالضمان الشيء المغصوب من يوم التلف".
يقول الصاوي المالكي(ت1241هج) في حاشيته على الشرح الصغير:" ومن أكل من شيء بعد فوته فلا غرم عليه، وهل يجوز بعد الفوات الأكل منه؟ الراجح في المذهب الجواز؛ ولذا أفتى بعض المحققين بجواز الشراء من لحم الأغنام المغصوبة إذا باعها الغاصب للجزارين فذبحوها لأنه بذبحها ترتبت القيمة في ذمة الغاصب".
وقال ابن عرفة(1230هج):" وحاصله أن الحرام لا يجوز قبوله ولا الأكل منه ولا السكنى فيه ما لم يفت عند الظالم وتتعين عليه القيمة، وإلا جاز على الأرجح (أي مع خوف الفوات والهلكة) ومن اتقاه فقد استبرأ لدينه وعرضه".
وبذلك يكون منطلق المالكية في مسألة تملك الغاصب للمغصوب هو الضمان، أو أن يؤول المغصوب إلى الغاصب بشراء أو ميراث، ونحوه. وذلك إذا لم يبق المغصوب على حالته، ولا يملك الغاصب الاصل بل الانتفاع به فقط، وفي حدود ضيقة، وهي خوف فوات الشيء بالفساد أو الهلكة.
ثالثاً: الشافعية والحنابلة
رأوا أن الغاصب لا يملك العينَ المغصوبة بدفع القيمة؛ لأنه لا يصلح أن يمتلكه بالبيع - أو غيره من التصرفات - لعدم القدرة على التسليم، وبناءً عليه تحرُمُ عندهم تصرفات الغاصب أو غيره ولا تصح؛ لحديث:" مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ ".
وقال الشافعية: إن ذهب المغصوب من يد الغاصب وتعذر رده كان للمغصوب منه المطالبة بالقيمة لأنه حيل بينه وبين ماله، فوجب له البدل كما لو تلف المال، وإذا قبض المغصوب منه البدل ملكه لأنه بدل ماله فملكه كبدل التالف، فإن رجع المغصوب وجب على الغاصب رده على المالك، فإذا رده وجب على المغصوب منه رد البدل؛ لأنه ملكه بالحيلولة بينه وبين ماله المغصوب، وقد زالت الحيلولة فوجب الرد.
وبذلك يكون منطلق الشافعية والحنابلة في مسألة تملك الغاصب للمغصوب، أن جميع تصرفات الغاصب لا تكون سبباً في نقل الملكية، ومنها الضمان بالقيمة، إلا أن يحال بين المالك وملكه ولا يبق من وسيلة لتحصيل حقه إلا بأخذ القيمة.
يقول النووي(ت676ه) في المجموع:" إذا أراد الغاصب أن يبذل قيمة المغصوب، وطالب المغصوب منه بغصبه، وامتنع من أخذ قيمته فالقول قول المغصوب منه ويجبر الغاصب على طلبه والتزام مئونته، لان المالك لا يجبر على إزالة ملكه ".
ويقول أيضاً:" فإذا اعتدى باستهلاك بعضه لم يجز أن يقوى عليه باستهلاك كله، ولان ما لم يلزم غرم جميعه باستهلاك أكثره قياسا على النقص المتميز، ولان ما لم يكن تمييز بعضه موجبا لغرم جميعه لم يكن عدم تمييزه موجبا لغرم جميعه قياسا على النقص الأقل".
وقال ابن قدامة (ت620هج):" المالك محكم في ملكه، والغاصب غير محكم، فإن أراد الغاصب قلعه (غراس الارض)، ومنعه المالك لم يملك قلعه؛ لأن الجميع ملك للمغصوب منه، فلم يملك غيره التصرف فيه بغير إذنه".
مسألة: إذا وجد الشيء المغصوب بعد أن أخذ المغصوب منه قيمته، فإلى من تكون ملكية المغصوب؟
قال النووي:" إن وجد الشيء المغصوب بعد أخذ قيمته فقد اختلفوا في حكمه:
فذهب الشافعي ومالك إلى أنه باق على ملك المغصوب منه يأخذه ويرد ما أخذ من قيمته.
وقال أبو حنيفة: يكون المغصوب ملكا للغاصب بما دفعه من قيمته ما لم يكونا قد تكاذبا في قيمته".
المطلب الثاني: تحرير محل النزاع
اتفق الفقهاء على أن بقاء المغصوب على حالته التي كان عليها عند المالك يوجب رده كما هو، ولا يعدل عنه إلى المثل أو القيمة، ثم اختلفوا فيما إذا تغيرت صفة المغصوب بزيادة او نقص أو تلف أو خوف فوات بالهلكة أو الفساد، على قولين: الأول يقول بملكية الغاصب للمغصوب. والقول الثاني يقول ببقاء المغصوب في ملكية صاحبه. ثم اختلف القائلون بملكية الغاصب في توقيت الملكية، فمنهم من قال بتملكه من وقت الغصب أو من وقت الضمان ولو قبل أداءه وله حرية التصرف، ومنهم من قال لا يتملكه إلا بعد أداء الضمان.
المطلب الثالث: أدلة المذاهب
أولاً: أدلة الحنفية
1 - في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبح الانتفاع بالمغصوب قبل إرضاء المالك، لما في حديث رجل من الأنصار: { أن امرأة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجيء بالطعام فوضع يده، ثم وضع القوم فأكلوا، فنظر آباؤنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوك لقمة في فمه، ثم قال: أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها فأرسلت المرأة قالت: يا رسول الله، إني أرسلت إلى البقيع يشتري لي شاة ، فلم أجد، فأرسلت إلى جار لي قد اشترى شاة أن أرسل إلي بها بثمنها فلم يوجد، فأرسلت إلى امرأته فأرسلت إلي به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أطعميه الأسارى} .
وجه الدلالة: أمر - عليه الصلاة والسلام - بأن يطعموها الأسارى» فأثبت الملكية للغصب، لكن لما كان ملكا لا يحل شرعاً لغاصبه؛ لم ينتفع به ولا أطلق لأصحابه الانتفاع به، ولو كان حلالا طيبا لأطلق مع خصاصتهم وشدة حاجتهم إلى الأكل، ولأن الطيب لا يثبت إلا بالملك المطلق، ولأن في هذا الملك شبهة العدم؛ لأنه يثبت من وقت الغصب بطريق الاستناد، والمستند يظهر من وجه ويقتصر على الحال من وجه، فكان في وجوده من وقت الغصب شبهة العدم، فلا يثبت به الحل والطيب، ولأن الملك من وجه حصل بسبب محظور، أو وقع محظورا بابتدائه، فلا يخلو من خبث، ولأن إباحة الانتفاع قبل الإرضاء يؤدي إلى تسليط السفهاء على أكل أموال الناس بالباطل، وفتح باب الظلم على الظلمة، وهذا لا يجوز.
2 - القياس
ووجه القياس أن المغصوب مضمون لا شك فيه، وهو مملوك للغاصب من وقت الغصب على أصل أصحابنا، فلا معنى للمنع من الانتفاع وتوقيف الحل على رضا غير المالك، كما في سائر أملاكه، ويطيب له الربح؛ لأنه ربح ما هو مضمون ومملوك، وربح ما هو مضمون غير مملوك يطيب له عنده لما نذكر، فربح المملوك المضمون أولى.
ثانياً: دليل المالكية
1 - عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه و سلم قال:" من أعتق شقصا (شيئاً قليلاً) له أو شقيصاً له في مملوك فخلاصه عليه في ماله إن كان له مال؛ فإن لم يكن له مال قوم العبد قيمة عدل ثم استسعي لصاحبه في قيمته غير مشقوق عليه".
وجه الدلالة: جواز ضمان المغصوب بالقيمة، عند فواته: أي فوات رده كما هو أو بالمثل.
ثالثاً: أدلة الشافعية والحنابلة
1 - قول الحق تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29].
وجه الدلالة: أن في الآية دليلاً على تحريم أكل أموال الناس بالباطل كالغصوب وغيرها إلا أن تكون عن تراض ووفق ما أحلّ الله.
2 - قوله تعالى {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 188]
وجه الدلالة: قال القرطبي: الخطاب بهذه الآية يتضمن جميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم، والمعنى: لا يأكل بعضكم مال بعض بغير حق. فيدخل في هذا: القمار والخداع والغصوب وجحد الحقوق، وما لا تطيب به نفس مالكه، أو حرمته الشريعة وإن طابت به نفس مالكه.
3 - وفي الحديث عن سعيد بن زيد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول" من أخذ شبرا من الارض ظلما طوقه من سبع أرضين ".
وجه الدلالة: إذا كان لا يُحل شبر من الأرض، فبمفهوم المخالفة لا يحل الأكثر.
4 - عن عائشة أنها قالت ما رأيت صانعة طعام مثل صفية أهدت إلى النبي صلى الله عليه وسلم إناء فيه طعام فما ملكت نفسي أن كسرته فقلت يا رسول الله ما كفارته فقال:" إناء كإناء وطعام كطعام ".
وجه الدلالة: قولها: ما كفارته؟ اعتراف ضمني بوقوع ذنب. يؤكده القضاء بالتعويض.
5 - عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" على اليد ما أخذت حتى تؤديه".
وجه الدلالة: إذا كان المغصوب تالفا فهو مضمون على الغاصب؛ سواء تلف بفعله أو بغير فعله.
6 - عن سعيد بن زيد رضي الله عنه : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال:" من أحيا أرضا ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق ".
المطلب الرابع: مناقشة الأدلة
1 - رد السرخسي على من قال بأن سبب الملك يقرر الضمان على الغاصب لكي لا يجتمع البدل، والمبدل في ملك رجل واحد، بقوله:" ... ولكن هذا غلط؛ لأن الملك عندنا يثبت من وقت الغصب؛ ولهذا نفذ بيع الغاصب وسلم الكسب له".
ورد على من قال بأن الغصب هو السبب الموجب للملك عند أداء الضمان، بقوله:" إن الملك لا يثبت عند أداء الضمان من وقت الغصب للغاصب حقيقة ... ولو كان الغصب هو السبب للملك لكان إذا تم له الملك بذلك السبب يملك الزوائد المتصلة والمنفصلة كالبيع الموقوف إذا تم بالإجازة يملك المشتري المبيع بزوائده المتصلة والمنفصلة".
2 - ونوقش رأي الحنفية القائل بان الغصب سبب للتملك من وقت وقوع الغصب، بأن الغصب عدوان محض، والملك حكم مشروع مرغوب فيه، فيكون سببه مشروعا مرغوبا فيه، ولا يصح أن يجعل العدوان المحض سببا له، فإنه ترغيب للناس فيه لتحصيل ما هو مرغوب لهم به، ولا يجوز إضافة مثله إلى الشرع، فالأسلم أن يقول: الغصب موجب رد العين ورد القيمة عند تعذر رد العين بطريق الجبران مقصودا بهذا السبب، ثم يثبت الملك به للغاصب شرطا للقضاء بالقيمة لا حكما ثابتا بالغصب مقصودًا.
3 - وقال الشافعية أن الغصب عدوان محض؛ لأنه ليس فيه شبهة الإباحة بوجه ما، فلا يكون موجبا للملك ... فأدنى درجات المشروع أن يكون مرضيا به، وأن يكون مباحا، والعدوان المحض ضده، ولا يجوز أن يثبت الملك بضمان القيمة؛ لأن هذا ضمان جبران فيكون بمقابلة الفائت بالغصب، والفائت بالغصب يد المالك لا ملكه.
4 - ونوقش الرأي القائل بأن دخول التغيير على المغصوب بزيادة أو نقصان أو تغيير يسقط حق المالك في الاختيار ويعدل به عن ذلك إلى المثل أو القيمة، كالفضة يصوغها الغاصب حليا، والصفر يفعل منه قدحا والخشب يصنع منه توابيت وأبوابا، والصوف والحرير والكتان يعمل من ذلك ثيابا وما أشبه. فقال بعضهم: إن لرب هذه الأشياء أن يأخذ الفضة مصوغة والصفر معمولا والخشب مصنوعا والثياب منسوجة دون شيء يكون عليه للغاصب لقوله - صلى الله عليه وسلم -:" ليس لعرق ظالم حق".
الراجح:
أرجح رأي الشافعية والحنابلة والذي يقضي بأن الملكية لا تؤول إلى الغاصب بأي حال من الأحوال، ولا يقبل في ذلك مثل ولا قيمة، فإن كان المغصوب قد نما بالزيادة المتصلة، فيرجع بها على المالك عقابا للغاصب وتنكيلا وزجراً، وإن كان المغصوب قد شهد نقصاناً، يقبل الجبر بالمثل أو القيمة؛ فبأحدهما على الترتيب، وذلك لعدة أسباب:
1 - تواطؤ النصوص على حرمة الاعتداء على أموال الناس.
2 - لتعظيم حرمة أموال الناس، في نفوس البغاة والمعتدين والمتساهلين.
3 - حتى يعلم الغاصب أن جريمته ستؤول عليه بالخسران والنكال فينزجر، والله اعلم.
 
أعلى