السني والمتكلم

[د. ياسر محمد جابر]

٨٩. لماذا يرفض السني مناظرة المتكلم؟
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد؛
فلا يليق بالسني ذلك لأسباب كثيرة؛ منها:
1. السُّني يناظر بالأدلة، والمتكلم يناظر بالفلسفة، ولا يصح مناظرة القران والسنة بالفلسفة.
لماذا؟ لأنهما وحيين من عند الله. والفلسفة من انتاج العقل البشري فيها صواب وخطأ وحق وباطل. ونفع وزيغ.
2. السني رجل مؤدب متواضع، والمتكلم يسفه خصمه ويسبه ويصفه بالجهل وعدم العلم.
3. السني مباشر لا يلف ولا يدور، والمتكلم متحور متلون يخرج عن الموضوع ويطرح أسئلة فرعية بعيدة تفسد المناظرة والنقاش.
4. السني يستدل برأي الصحابة والأئمة الأربعة، والمتكلم يستدل بأقوال المعتزلة والمتكلمة والعقلانيين المجردين.
5. السني يتوقف في علم الغيب ولا يناقشه، والمتكلم يناقش العلم الغيبي الذي ليس فيه نص ولا خبر ككلام الله قبل الخلق وهل هو على العرش بعد نزوله إلى السماء الدنيا ام لا ...وهذه أمور غيبية ما شاهدها الانسان ولا أخبر بها.
6. السني يؤمن أن المؤمنين من أهلة القبلة تجمعهم أخوة الإيمان وهي اقوى من أخوة الإنسانية وأخوة النسب، والمتكلم والعقلاني والعلماني والليبرالي والاشتراكي يؤمن أن المسلمين اليهود والنصارى تجمعهم أخوة الإنسانية وهي أقوى عندهم من أخوة الإيمان والدين.
7. السني يؤمن بأن النص لا يصرف عن ظاهره إلا بقرينة شرعية او معقولة كاستحالة إجراء المعنى على الظاهر: كقوله تعالى: (وهو معكم أينما كنتم) لا تعني وجوده بذاته معنا في كل مكان لأن الإنسان يدخل مكان الحمام. تعالى الله علوا كبيرا، والمتكلم يؤمن بأن للعقل حرية التلاعب بالنصوص لقرائن ويخترع قرائن لغوية وعقلية ومنطقية وكلامية وفلسفية مصادمة للنص: كقول الله تعالى: بل يداه مبسوطتان.
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "وكلتا يدي ربي يمين"؛ فالمتكلم يفسر اليد هنا بالقدرة.
وهذا مصادم للنص. لأننا لو وضعنا كلمة قدرة بدل اليدين لا يستقيم المعنى.
8 . السني: يقدم الدلالات الشرعية على الدلالات اللغوية والظاهر مقدم على التأويل. أما المتكلم فالعكس تماما.
9. السني يؤمن أن الإيمان تصديق القلب وقول اللسان وعمل الجوارح، والمتكلم يؤمن بأن الإيمان تصديق فقط ولا يلزم القول ولا العمل؛ فالذي لا ينطق الشهادتين بلسانه ولا يصلي ولايصوم ولا يزكي ولا يحج هو مؤمن عند المتكلمة.
10. السني يستند لفهم العقل السليم الموافق بالفطرة السليمة للأدلة السليمة، والمتكلم يستند لبنايات المنطق السليمة شكلا، المنتجة لبنايات معرفية باطلة مضمونا ويحكم بقوانين أرسطو وأفلاطون البشرية في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
لذلك لا تصح المناظرة ابتداء ومبدئياً بين سني ومتكلم. والله أعلم.