العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

العناد مع الله

إنضم
5 مارس 2023
المشاركات
238
الإقامة
قطر الدوحة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عمار الرشيدي
التخصص
فقه وأصول
الدولة
قطر
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
الحنبلي
٥٥. أعيش في الحياة بعيدا عن الله تعالى، لا أصلي ولا أقرأ القرآن، ولا ولا... وتعرضت لمحن كثيرة، لكني كنت أزيد بعداً، ولا يلين قلبي، وقد يقسو قلبي أكثر وأعترض وأبتعد، وأشعر أني لو مت على هذا سأكون في النار فماذا أفعل؟
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد؛
فمستويات العلاقة مع الله تختلف وتتعدد، وتوجد ثلاث شرائح هي أهمها:
شريحة فطرية تعبد الله بالفطرة، وبإخلاص ولا تجد تعبا ولا مشقة في العبادة.
وشريحة لا تتعلم حتى تتأل، وشريحة عنيدة لا تتعلم وإن تتألم.
الآن النص القرآني سيحدثنا عن الشريحة الثالثة، طائفة من الناس طغت وابتعدت عن الله، والله تعالى يرى أنها لا ترجع الا بالابتلاء؛ فيبتليهم حتى يرجعوا، وليرى هل يرجعون أم هم متمادين في الطغيان؟ حينئذ كيف ستكون العقوبة من الله، فالله يصور لنا هذا في مشهد محكم، يقول سبحانه وتعالى ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰٓ أُمَمٍۢ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَٰهُم بِٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ﴾ ، يعني يعودون الى الله ويتذللون ويخضعون لله، ﴿ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ فلولا إذ جاءهم بأسنا يعني ابتلاؤنا؛ تضرعوا، يعني هذا كان المطلوب منهم، فلولا: لولا أداة امتناع، لكن هذا لم يحصل، (فلولا اذ جاءهم بأسنا تضرعوا ، ولكن قست قلوبهم)، قلوبهم قاسية في النعمة، وقلوبهم قاسية في الابتلاء، شيء عجيب، ولكن قست قلوبهم رغم الابتلاء، لا زال الكبر والغرور يتملكهم، (فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون)، هنا ستأتي العقوبة، لأن قلوبهم قست في النعمة وقلوبهم استمرت على القسوة في الابتلاء، لكن العقوبة ستأتي بشكل غير متوقع، كيف ستأتي العقوبة؟ ستأتي العقوبة هنا بأن يوسع عليهم في النعم أكثر، ويزيدهم منها، هنا تأتي العقوبة على مرحلتين، مرحلة المد في النعم ثم مرحلة أن يأخدهم فجأة، (فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء)، فتحنا على فرعون أبواب السلطة، فنسي وقام في الناس يقول أنا ربكم الأعلى. فتحنا على قارون أبواب المال، فنسي وقال إنما أوتيته على علم عندي.
فتحنا على النمرود أبواب الملك فنسي وجادل إبراهيم عليه السلام قائلاً: أنا أحيي واميت.
وابتلينا آل فرعون بالسنين وبالجراد والقمل والآيات التسع مع سيدنا موسى، حتى توسلوا إلى موسى ادعو ربك يكشف عنا العذاب، وابتلى قارون وابتلى النمرود، (فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء)، حدائق وسلطة ومال وأولاد وضيعات حتى فرحوا بما أوتوا، فرح فرعون وقال أنا ربكم الأعلى، وفرح قارون وقال إنما أوتيته على علم عندي، و فرح النمرود وقال أنا أحيي وأميت، وأتى بشخص وحكم عليه بالقتل فضربه بالسيف، وقال للآخر عفوت عنك، فقال لسيدنا إبراهيم الآن أنا أحييته، أمت هذا وأحييت هذا، فلما وجد سيدنا إبراهيم أنه غبي لا يفهم، فانتقل إلى قضية أخرى يُعجزه فيها، قال (فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب)، (فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون)، ومنها إبليس ومنها الابلاس وهو انقطاع الخير كله، (فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين) والحمد هنا لأنها نعمة، انقطاع الظالمين من الدنيا نعمة.
فنقول للسائل: الصحيح أن تجاهد نفسك ولا تستسلم للشيطان يزين لك العناد والقسوة والتمادي.
 
أعلى