العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الغافل البخيل

إنضم
5 مارس 2023
المشاركات
238
الإقامة
قطر الدوحة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عمار الرشيدي
التخصص
فقه وأصول
الدولة
قطر
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
الحنبلي
٥١. بعض الناس لا يهتم بشيء في دنياه إلا بجمع المال، كأنه آلة لجمع المال وفي نفس الوقت هو بخيل جداً، فلا يقنع برزق ولا ينفق مما آتاه الله، فما حكم هؤلاء؟
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛
فطالما كانت عين الإنسان على المفقود فلا يشبع ولا يقنع، لذلك الرسول عليه الصلاة والسلام يقول:" لو كان لابن آدم وادياً من ذهب لأحب أن يكون له ثان، ولو كان له الثاني لابتغى الثالث. وكذلك: اثنان لا يشبعان طالب علم وطالب مال.
يقول أحدهم: لي أحد الأخوة يضارب في البورصة يقول لي اليوم ما حصلت إلا 15,000 ألف ريـال، فقال له: وغضبان؟ قال أنت تدري كم كنت أحصل في اليوم الواحد، أحصل الخمسين والستين والمئة في اليوم الواحد.
النفس تجزع أن تكون فقيرة والفقر خير من غنى يطغيها
وغنى النفوس هو الكفاف فان أبت فجميع ما في الارض لا يكفيها
فاعمل لدار غدٍ رضوان خازنها والجار أحمد والرحمــــــــــــــن ناشيها
فيقول لقيت الأخ هذا قد دارت عليه الأيام وأفلس؛ فقلت له: ليت الله أدام عليك ال 15000 ريال؛ فالقناعة أيضاً مرتبطة بتفكير الإنسان، وبالمدخل الذي يجعل الإنسان قنوعاً.
أذكر أنني قرأت مقالة لكاتب كبير عندنا في مصر وهذا الكاتب على علاقة بإنسان بسيط جداً، إنسان بسيط فقير، لكن هو يستلهم العبرة من هذا الشخص البسيط، يقول أنا دكتور جامعة ومعي كم دكتوراه، يقول أنا تعلمت درسا من هذا الانسان البسيط، عنده بيت صغير بالكاد يسعى هو وأولاده، وهذا البيت احترق بالكامل، والناس يطفئون النار، والرجل بشوش، ويقول الحمد لله، الحمد لله، يردد الحمد لله، لا جزع ولا غضب ولا سخط، راضي بقدر الله، فالناس قالوا له ما حكايتك انت بيتك انتهى، قال لأن الله سبحانه وتعالى منّ علي بنعمة من حريق هذا البيت، الآن هذه فكرة استثنائية، التركيز واستجماع الفكر على المنحة في المحنة، ليس أي شخص يقدر عليها أنك تستجمع تركيزك وتصرفه عن المحنة، فترى المنحة، هو يقول كل مرة زوجتي تذهب إلى الفرن لتخبز لنا خبزاً وتترك الولد الصغير نائما داخل البيت، وفي هذا اليوم فقط كسرت العادة وأخذت الولد معها خارج البيت، ألا تريدون أن أفرح، البيت هذا الله يخلفه إن شاء الله، لكن الولد هذا كان سيحترق، وكم لله من نعمة على الانسان، لكن ما يستشعر.
وهذه قصة حدثت لي شخصياً: في مرة اكنت بالسيارة، وكنت أريد أن أشرب، كان في الكرسي الذي بجواري قارورة مياه، لكن وأنا في الطريق كأني ضربت فرامل، قارورة المياه نزلت تحت الكرسي، الآن أنا عطشان أريد أن أشرب، والطريق ثلاث حارات، أنا في الحارة الوسط، وعندما نزلت لأخذ القارورة من تحت وصعدت فوجئت بأن الطريق متوقف، وأمامي مباشرة سيارة لاند كروزر من النوع القديم الصلبة، ولا مخرج لي إلا أن أدخل في هذه السيارة بكامل سيارتي، وهذه الضربة ستذهب بجميع السيارة وتلغيها تماماً، وفي إشارة في منتصف الطريق ما فطنت لها، فسبحان الله، الله يسبب الأسباب، لو أخذت الحارة اليمين سأدخل في سيارة أخرى، ولو أخذت الحارة اليسار لكي اتفادى السيارة التي أمامي سأقطع الإشارة، فالله سبحانه وتعالى بدون تفكير مني ذهبت بعجلة القيادة يساراً، فنتج عن الحادث مقدمة السيارة سليمة، والبابين عن اليمين تم إلغاؤهم، ضُربت السيارة بالجنب، تم تغييرهم بأبواب جديدة، جلست أتذاكر مع نفسي المنح التي نزلت عليا في الحادث هذا، لكن قلت سبحان الله، الله حفظ لي واجهة السيارة وحفظ لي نفسي، المنح في قلب المحن، ولو علم العبد ما الله منعه عنه لأيقن أن الله منع عنه ضعف ما أصابه.
وهذه قصة حقيقة تؤيد ذلك أيضاً، المفروض نحن ندرس هذه القصة، هو حارس يحرس موقع بناء، وكل الناس تتطلع لهذا البناء عند المرور من الطريق، يقولون له هل يمكن أن نحجز فيه من الآن، يقف أمام هذا المبنى سيارات فارهة، هذا المشهد يتكرر يومياً، هذه السيارات التي تقف عنده، والناس الذين يتعاملون معه، جعله يفكر في هذا الاتجاه، لماذا انا لا أكون مثلهم؟ كل يوم تأتيني سيارة شكل، لماذا لا يكون عندي سيارة؟ ففكر، وراتبه ألف ريال فقط، قال لماذا لا أركب سيارة وأعيش حياتي مثل هؤلاء، فذهب إلى مكتب تأجير سيارات وأجر سيارة، كانت في هذا الوقت بإيجار 1500 ريال في الشهر وسلم لهم جواز سفره، وقال لهم سأدفع المبلغ آخر الشهر، إذا الطموح غير متناسب مع القدرات وغير متناسب مع الراتب، أنت ما عندك عمل إضافي، أنت لا تتوقع أن أحدا سينزل عليك ببراشوت ويقول لك اتفضل 1500 ريال إيجار السيارة، اتفضل ادفعهم، هذا الشخص عند اخر الشهر قال للمكتب أرجوكم امهلوني شهرا آخر، فقالوا له ليس لدينا مشكلة، فجاء شهر آخر وصار عليه 3000 ريال، وهو ليس معه شيء، وبخلاف السيارة هو صار يدخل مطاعم، ويعزم ناس، واشترى ملابس جديدة، الآن هو في ورطة واتصل عليه المكتب، اذا ما ترجع السيارة سنشتكي عليك، ففكر وقال لابد أن أسطو على بنك، أو أسطو على آلة صراف آلي، حتى ادفع، واستمر في هذا المستوى، فأخد أدوات من عنده من الموقع، كان عنده أدوات نجارة وعنده أدوات ثقيلة ، وراح في منطقة نائية بالسيارة على ماكينة صراف آلي، وتطلع فما وجد أحدا، ولم يفطن أن الكاميرات تنقل في التو واللحظة، ولم يمضي إلا عشر دقائق والشرطة عنده، فقابل الشرطة بأداة قتل، يريد ان يقتل رجل الشرطة، الأمر الآن تطور من سرقة إلى جريمة قتل سترتكب، رجل الشرطة استطاع أن يقبض عليه وأخذوه وتم الحكم عليه بالسجن، هذه التجربة تتكرر مع أناس كثيرين لأن سقف الطموح عندهم أكبر من الممكن، فلا هم عاشوا الحياة البسيطة التي كانوا يعيشونها، ولا هم عاشوا في المستوى الذي تمنوه، وهذا ضاع وهذا ضاع، وبين هذا وذاك أهلكوا أنفسهم.
 
أعلى