العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

تبديل الثوابت وتغيير المبادئ

إنضم
5 مارس 2023
المشاركات
207
الإقامة
قطر الدوحة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عمار الرشيدي
التخصص
فقه وأصول
الدولة
قطر
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
الحنبلي
٤٧. لما يأتي شيخ عمره خمسة وسبعين سنة، أو أستاذ ويبدل مواقفه وهو في هذا السن، إن كنت ولابد فاسكت وامتنع والزم الصمت، لأن أنت الآن تغير موقفك هذا، وموقفك السابق لم تقله إلا وقد تثبت منه، فأنت عندك منهج وعندك قدرة على التثبت وعندك طرقك الخاصة وتثبت صحة ما تقول، ثم أنت تنقلب بهذه السرعة نتيجة واقع مؤلم تعيشه الأمة، ما هو تفسيرك لهذا التغير في المواقف هذه يا شيخ؟
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله؛ وبعد؛
فالجواب موجود في القرآن:( فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ)، إذا تعرض للأذى في الله، هنا يُوضع أمام سلطتين، السلطة الربانية، والسلطة البشرية، ويوازن هو بينهما.
إذا كان عاش قناعات ذاتية وبناها على مدار السنين الماضية، وكانت هذه القناعات قناعات يقينية فسوف يقدم سلطان الله على سلطان البشر، مثلاً: الشيخ كشك؛ يقولون له عبد الناصر سيقتلك، يقول هذا غاية المنى، الشيخ عبدالعزيز الطريفي وهو شاب مسجون الآن في السعودية يقول: أن اللذين تخلوا الآن على الصحوة؛ لما كانوا في الصحوة ما عاشوها بقلوبهم، لذلك انتكسوا، عاشوها شكلاً ومظهراً، وظننا فيهم انهم رجال الصحوة، الذي لا ينتكس هو من عاش الحدث بقلبه وبنى من الحدث قناعات ذاتية يقينية متينة لا يتخلى عنها، الآن عندنا عوض القرني وعايض القرني وهم أولاد عم، لكن عوض القرني عنده قناعات ذاتية أن العالم لابد ان يكون شجاعا، ولو أنه سيهلك في سبيل ذلك، وسيد قطب ما كان عالما دينيا، كان أديباً، ورغم ذلك وقف أمام عبدالناصر، وقال أنا بنيت قناعات ذاتية وعلى استعداد أن أهلك دونها، فلا أخشى السجن ولا أخشى حتى القتل، فلما جاؤوا وقالوا له يا سيد قطب قل كلمة تستسمح بها عبدالناصر، قال أنا أكبر من ان استسمح الباطل، قالوا قل كلمة تفلت بها من الموت، قال إن كنت على حق فمرحبا بالموت على الحق، كيف هذا الصمود؟! شاب عنده عشرين سنة فقط، أيام ثورة 25 يناير ويخرج وعنده قناعات ذاتية أنه على حق ويقول: هي رصاصة وبس، شكة ومش هتحس، يعني خارج للموت، الإخوان الذين في السجون الآن يقولون لم نكن سكارى عندما قلنا إن الموت في سبيل الله أسمى أمانينا، ما كنا سكارى؛ قلناها بحق، وقلناها بيقين، وقلناها بصدق، وما زلنا على العهد.
إذاً الانتكاسة جاءت من أين عند الذين تغيروا وانقلبوا على مواقفهم، أنهم لم يبنوا قناعات يقينية، وهذه القناعات اليقينية لم ترسخ في قلوبهم، ولم تتجذر هذه القناعات ولم تتمدد تماما، وإنما مرت بقلوبهم مرور الكرام، فلما أُختبروا في ذلك رسبوا وسقطوا وانكشفوا، قال تعالى:( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)، الفتنة للتمحيص لتعرف الصادق من الكاذب، فاكتشفنا أن لله سنة كونية، ما هي السنة الكونية؟ أن يوضع الذهب على النار، ليعرف هل هو ذهب أم نحاس، وما نزكي أنفسنا.
لكن هناك سؤال يطرح نفسه الآن، هل تظن أن له عذر في انقلابه على مواقفه؛ لأن بعض الإخوان في الدعوة يغيرون مواقفهم لغايات سامية ما يعلمها إلا هم، ربما يغيرون المسار للاستمرارية هم يظنون أو يقولون: والله إذا أنا سأختفي فالأفضل أن أستمر، فيحتالون لذلك.
نقول هو له عذر في حالة واحدة أن تكون الظروف التي يمر بها هي نفس الظروف التي مر بها عمار بن ياسر رضي الله عنه، عمار قال يا رسول الله ما تركوني من العذاب حتى قلت فيك ما قلت، قال وكيف تجد قلبك قال مطمئن بالإيمان، قال فإن عادوا فعد، فهل هم في نفس الظروف، هذا هو السؤال ليسوا في ظروف عمار ابن ياسر رضي الله عنه. والله أعلم.
 
أعلى