العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

إغراء المال

إنضم
5 مارس 2023
المشاركات
207
الإقامة
قطر الدوحة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عمار الرشيدي
التخصص
فقه وأصول
الدولة
قطر
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
الحنبلي
٤٥. إغراء المال يمثل فتنة حتى للإنسان المتدين، وأن الإنسان في لحظة من اللحظات تتحرك جوانب الشر فيه، فكيف يمكن الوقاية من ذلك؟

الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛
فالإنسان خليط من الخير والشر؛ ليس في قلبه خير بحت ولا شر مجرد؛ بل هو خليط من الإثنين.
نفس مطمئنة ونفس أمارة بالسوء ونفس لوامة ولكن بدرجات متفاوتة. قد يكون الخير عنده في الواجهة، والشر في القاع. لكن الشر الذي في القاع ليس ميتا، قد يكون نائما، نعم، ولكن ليس ميتاً. النائم يحتاج إلى من يوقظه؛ أي نائم إذا لم يستيقظ بذاته يحتاج إلى داعٍ يدعوه لليقظة، هكذا الشر النائم بمجرد أن يأتي الداعي الذي يدعوه لليقظة أو الاستيقاظ؛ يستيقظ وينازع الخير الذي في الواجهة وهنا على حسب النسبة والتناسب بينهما في القوة والضعف.
فإذا كان الشر يستطيع أن يغلب الخير أخذ هو الواجهة ورد الخير إلى الطاعة. مثل ماذا؟ مثل سكرة المال، إنسان يرى مالاً سائباً متاحاً يستطيع أن يبسط يده عليه ولا يكتشفه أحد، هكذا يظن، فهنا الشر نائم في أعماقه وهو كان من أهل الخير، يصلي ويصوم، لكن الشر عنده كان نائماً، وما كان ثمة دواعٍ تدعو الشر فيه لليقظة؛ لذلك كان الخير مسيطر عليه، وهو يعيش في سلام مع هذا الخير، بمجرد أن جاء من يدعو الشر الذي في أعماقه لليقظة، وهذا الشر لم يجد رادعا؛ استيقظ الشر واحتل الواجهة وتراجع الخير للخلف أو للقاع حسب النسبة.
لما أخذ الشر الواجهة؛ سيطر على ناصية هذا الإنسان. وصار يسحب ناصيته في كل جهة. مثل قول سيدنا عمر رضي الله عنه: يقول إن للمال سكرة كسكرة الخمر.
تخيل معي، واحد يشرب خمر ويسكر، كيف يسكر من المال؟ هو ما يشرب المال بفمه، الذي يشرب المال هو عينه وقلبه، بمجرد ان يتشرب ويتشرب المال بعينه وقلبه يسكر عقله، وإذا سكر دخل في دائرة الشر والحرام، فيسرق، وقد يقتل.
وهذا يفسر لنا قول النبي صلى الله عليه وسلم:" لا يسرق المؤمن حين يسرق وهو مؤمن"؛ لأن الإيمان رادع، الآن الإيمان راح عنه، وتراجع القهقري، والشر في الواجهة. والخير في القاع، اذاً لما سرق، سرق في حالة غير إيمانية. لكن لو كان في نفس حالته الإيمانية، كان إيمانه يردع شره، ويبقيه في القاع كما هو.
(إن للمال سكرة مثل سكرة الخمر)، وهنا نفرق بين المال الذي في حرز وتقطع فيه اليد، والذي يسرق من غير حرز ليس فيه قطع يد، لأن النفس داعية له لكون الحصول عليه سهلا والطمع فيه أدعى، لكن المال إذا كان في حرز ومغلق عليه ففيه قطع اليد، فما الذي دعاه لكسر الصندوق الحديدي مثلا ويسرق منه؟ نسأل الله العفو والعافية، والحمد لله رب العالمين.
 
أعلى