العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الحجاب والنقاب

إنضم
5 مارس 2023
المشاركات
207
الإقامة
قطر الدوحة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عمار الرشيدي
التخصص
فقه وأصول
الدولة
قطر
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
الحنبلي
٣٢. يخرج علينا في وسائل الإعلام والنت من يقول إن النقاب والحجاب بدعة، ولا دليل عليهما من القرآن ولا السنة، ويُلَبِسُون على العامة مما لا حظ وافر من العلم لديهم؛ فيرجى الرد بوضوح واختصار دون الدخول في متاهات الاختلافات والأقوال.

الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فمن الأدلة على شرعية ووجوب الحجاب:
أولاً. من القرآن:
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَ أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) الأحزاب.
والعبرة بمجموع النصوص لا بمفرداتها فإن قيل قد قال البعض بترك الوجه دون غطاء نقول لا تتوقف عند دليل واحد وقم باستقراء جميع النصوص وانظر ما يترجح لك منها.
ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى بعدها: (ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين): أي حتى الرجال الأجانب أو الغرباء أنهن حرائر ولسن إماء وقد يكون منهم فيتعرضون بالأذى لهن بنظرة أو كلمة أو ما هو أكبر.
وهذا هو المعنى الذي ذكره المفسرون الخاص بطبيعة المجتمع زمن الوحي
سبب المعنى يشمل الواقع الحالي والعبرة ليست بخصوص السبب أي النزول ولكن العبرة بعموم اللفظ أي أن اللفظ يتسع لكل المعاني التي تقبل الدخول فيه.
وإذا كانت الآية للتمييز بين الحرائر والجواري فليس اليوم حرائر وجواري لكن العلة موجودة وهي الإيذاء والحكم يدور مع العلة وجودا وعدما.
ومن هذه المعاني معرفة وجه المرأة اليوم والتعرض لها بالأذى. ويمكنك ان تقيس حال النساء والخادمات اليوم على وضع الجارية والحرة بنسبة التشابه.
ثانيا من السنة:
عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان". صحيح. ومعلوم أن أجمل ما في المرأة غالبا هو وجهها الذي تعرف به، فإذا استشرفها الشيطان في العموم فإن الوجه يتأكد بالخصوص.
- ويتأكد النقاب والحجاب بثلاثة أحاديث عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
قالت:" كان صفوان السلمي من وراء الجيش فأصبح عند منزلي أي موضعي فرأى سواد إنسان نائم فعرفني حين رآني وكان رآني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي" أي حجبت وجهها وسترته عنه، وهو ما يسمى اليوم بالنقاب.
رواه البخاري (3910) ومسلم (2770).
وعنها أيضا قالت " يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله وليضربن بخمرهن على جيوبهن شققن مروطهن فاختمرن بها". رواه البخاري (4480).
قال ابن حجر: قوله:" فاختمرن " أي: غطين وجوههن". "فتح الباري" (8 / 490).
وهو في معنى النقاب.
وعنها قالت:" كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا کشفناه".
رواه أبو داود (1833)، وأحمد (24067) ومعنى سدلت جلبابها على وجهها هو نفس المعنى من لبس النقاب اليوم، والنتيجة واحدة هي ستر الوجه وإخفاؤه عن الرجال.
ثالثا: من كلام أهل العلم:
ذكر عبيدة السلماني وغيره من العلماء أن نساء المؤمنين كن يدنين عليهن وثبت في الصحيح أن المرأة المحرمة بحج أو عمرة تنهى عن الانتقاب والقفازين، وهذا يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في المجتمع الإسلامي.
الجلابيب من فوق رؤوسهن حتى لا يظهر إلا عيونهن لأجل رؤية الطريق.
لأنه إذا كانت النساء زمن الوحي لا يلبسن النقاب والقفازين فلا توجد حاجة إذن للنهي عنهما للمرأة المحرمة بحج أو عمرة لأنهما، أي النقاب والقفازين، سيكونان في حكم العدم والعدم لا أمر فيه ولا نهي. وما ثبت من كشف النساء للوجه فمعناه الكشف قبل نزول الأمر بالحجاب. وقال الإمام أحمد: المرأة كلها عورة حتى الظفر واتفق أئمة المذاهب على وجوب النقاب للمرأة عند فساد الزمان وانتشار الفتن أو كانت هي بنفسها جميلة فاتنة. قلت: وهل من عاقل ينكر الفساد وانتشار الفتن في زمننا وانتشار النت والمعاكسات جهاراً نهاراً والتحرش والمجون إلا أن يكون قادراً على إنكار الشمس في وضح النهار؟!
وعجبت لأحدهم يقول قد كان في زمن النبوة من يزني ويشرب الخمر ويؤذي النساء فلا يُستدل بفساد الزمن على وجوب النقاب، وأسأله:
ألا تعرف قاعدة الحكم للغالب ؟!! فهل كان ذلك غالباً على مجتمع الصحابة مثلما هو غالب اليوم على مجتمعاتنا المعاصرة؟!!! فهو إذن قياس مع الفارق لاختلاف المقيس والمقيس عليه. وهذه مشكلة الفتوى بدون تخصص ولا معرفة قواعد الاجتهاد والاستنباط، المسلمة سواء كانت جميلة او غير جميلة: فأما الجميلة فلأن جمالها يكون فاتنا للقلوب المريضة وما أكثرها في زمننا، ويجلب لها المضايقات والأذى والمعاكسات والطمع والتربص. وأما غير الجميلة فلفساد الناس وقلة المروءة وانتشار الفتن وقلة الدين. والله تعالى أعلى وأعلم.
لذا فالراجح بعد الاطلاع على الأدلة وأقوال أهل العلم وقراءة الواقع والنظر في دفع الضرر وجلب المصلحة ومراعاة المآلات هو وجوب النقاب على المرأة.
 
أعلى