العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

شبهة الوثنية في الحج

إنضم
5 مارس 2023
المشاركات
207
الإقامة
قطر الدوحة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عمار الرشيدي
التخصص
فقه وأصول
الدولة
قطر
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
الحنبلي
٣. يزعم البعض أن المسلمين يعبدون أصناما مثل الكعبة والحجر الأسود ورمي الجمرات ...الخ، ومن هؤلاء مسلمون سافروا للغرب ورجعوا يرددون هذه الأقاويل فكيف نرد عليهم؟
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،
فعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- (أنَّه جَاء إِلى الحَجَر الأَسوَدِ، فَقَبَّلَه، وقال: إِنِّي لَأَعلَم أَنَّك حَجَرٌ، لا تَضُرُّ ولا تَنفَعُ، ولَولاَ أَنِّي رَأَيتُ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- يُقَبِّلُك مَا قَبَّلتُك).
ومن هذا الحديث يأخذ المسلم منهجيته في التعامل مع الأمور الدينية المخالفة للعقل وهذه المنهجية كالتالي: إذا ثبت الخبر بالرؤية أو السند الصحيح أنه من الله أو من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن المؤمن يسلم لله تعالى متعبدا بالأمر وإن كان يخالف العقل.
والفرق بيننا وبين اليهود والنصارى أنهم حرفوا النصوص وزعموا أنها أوامر من عند الله، ولم يأتوا لها بأسانيد صحيحة تثبت أن موسى أو عيسى عليهما السلام قالوا ذلك، ومعظم أخبارهم تخالف العقل، فنحن المسلمون نشترط ثبوت الشيء بسند صحيح لنتعبد به لله وإن خالف عقولنا.
واليهود والنصارى والشيعة وغلاة الصوفية يتعبدون لله بأشياء تخالف العقل وليس لها سند صحيح، ولا خبر ثابت، وعباد الأصنام عبدوها بدون أمر من الله تعالى لا بسند ولا بغير سند، والملحدون ينكرون وجود الله بلا خبر ثابت أو غير ثابت.
أما المسلم فالمقياس عنده في الأمور الدينية هو ثبوت الخبر بها، فإن ثبت مسح الخفين أعلى الجورب أو أن بول الإبل فيه علاج من بعض الأمراض، أو ثبت له الإسراء والمعراج، أو انشقاق القمر، أو كلام الشجر...الخ، فهو يسلم ويقول: سمعنا وأطعنا.
وعليه يرفض الأخبار التي لم تثبت، وإن كانت موافقة للعقل تماما لكن لا يعدها دينا من الله، فيرفض البدع والموضوع والشاذ والمنكر...الخ؛ فنحن أمة السند، وقد أفنى علماء السند أعمارهم في التحقق من الأخبار ووضعوا لها شروطا مشددة، وقد ثبت الطواف وتقبيل الحجر ورمي الجمرات بالأدلة الصحيحة الثابتة المتواترة، لذلك فنحن نسلم ونتعبد بها لله تعالى.
فإن قيل إن عباد الأصنام عبدوها تقربا بها إلى الله، قالوا: (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) وأنتم تتعبدون بالمناسك تقربا إلى الله ففيه شبه، قلنا:
١. الله تعالى لم يأمرهم بعبادة الأصنام، وأمرنا نحن بالتعبد له بهذه الرموز.
٢. لم يشرع الله لهم التقرب بها، وشرع لنا التقرب له بهذه الرموز.
٣. هم اعترفوا بعبادتهم إياها، وكان ذلك من تلقاء أنفسهم وبتزيين الشيطان لهم، وكانوا يسجدون لأصنامهم، ويذبحون لها، ويقربون لها القرابين، ويطلبون منها الرزق والشفاء والعون، وهي لا تبصر ولا تسمع، ولا تضر ولا تنفع.
ونحن لا نعبدها، ولا ترى من يقف أمام الكعبة أو الحجر الأسود يقول: يا كعبة اشفيني أو ارزقيني، أو يا حجر أعني أو ارزقني ولدا أو مالا، ولا نخصها بركوع ولا سجود ولا ذبح ولا دعاء.
٤. ولله تعالى المثل الأعلى: هؤلاء المروجون لشبهة الوثتية في مناسك الحج يقفون جامدين متصلبين أمام أعلام بلادهم يؤدون التحيات ويرتلون الأناشيد، محدقين الأبصار كأن على رؤوسهم الطير، فهل معنى ذلك أنهم يعبدون هذه الأعلام الجامدة، وأن ذلك من الوثتية؟ أم أن المقصود بالتحية تلك البلدان التي ترمز لها تلك الأعلام، وأنها مجرد رموز لمعاني مقصودة مثل الانتماء والوحدة، فلله تعالى المثل الأعلى، فقد جعل الله لنا رموزا وجعل لها معاني وتعبدنا بذلك واشترط في قبول العبادة صرف العبادة لوجهه وحده، لا لكعبة ولا حجر ولا إنس ولا جن، فكيف يقبلون برموز يؤدون بها التحية لبلدانهم، ولم يقبلوا برموز نؤدي بها العبادة لربنا؟! فحجتهم داحضة، فيها من الهوى والهوان ما هو جلي ظاهر للعيان. والله أعلم.
 
التعديل الأخير:
أعلى