العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

التعالي والفوقية

إنضم
5 مارس 2023
المشاركات
212
الإقامة
قطر الدوحة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عمار الرشيدي
التخصص
فقه وأصول
الدولة
قطر
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
الحنبلي
١٥٣. ما أسباب تكبر البعض في العلاقات الاجتماعية وعلاقات العمل؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد؛
فكثير من الناس يضعون هبات الله تعالى لهم في غير موضعها، وبدلا من وضعها في التواضع؛ يضعونها في التعالي، وبدلا من خفض الجناح، يركنون للفوقية والغرور، والله تعالى يغار على خلقه، ويغضبه أن يتكبر عبد بنعمته على عباده، فيحول النعمة التي هي سبب كبره وفوقيته وتعاليه؛ إلى نقمة يحمل همها ليلا ونهارا؛ فلا يعرف لذة لطعام، ولا راحة لبال، ولا هناءً في نوم.
وغرور الإنسان وتكبره يجلب له كره الناس، وحسدهم له، وتمني زوال تلك النعمة عنه؛ لأن الآخر في الواقع متضرر من وجودها بين يديه بتكبره وتعاليه بها عليه.
ومن أسباب التعالي والغرور:
عدم الفهم السليم لقيمة الدنيا ككل فهي ككل لا تساوي عند الله جناح بعوضة، وهي ككل تسمى دنيا من التدني، فالتعالي بالتدني حمق وخبل، وهي ككل غرور لأهلها؛ فالغرور بالغرور مسلبة للعقل الصحيح، والنظر الصريح.
والدنيا ككل مزرعة لا حصاد وبناء لا سكن، وغربة لا وطن، فالانخداع بالزرع قبل حصاده والتباهي بالبناء قبل سكنه والاغترار بالغربة عن الوطن هو ضياع للأعمار وعيش في الأوهام وجهل بحقيقة الذات، وزيغ عن المصير والمآل.
ومن أسباب الفوقية والتعالي التميز في المال أو العلم أو القوة أو السلطة أو الجاه أو اللون أو الجنس، فأما المال فبسطه وقبضه من الله تعالى، (يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر). وأما العلم فهو حجة على صاحبه في فوقيته وغروره لأنه إن لم يدعه علمه للتواضع؛ فبم يتواضع؟!
وأما القوة فهي نعمة لصاحبها في الخير ونقمة عليه في الشر، وأما السلطة فحقيقتها الخدمة أن يكون خادما راعيا مسؤولا؛ لا أن يكون متسلطا مغرورا، وينادي أبو مسلم الخولاني، معاوية رضي الله عنهما: يا أجير المؤمنين، فيقول له الناس بل أمير المؤمنين، فيقول معاوية: هو أعلم بما يقول.
وأما اللون أو الجنس فذلك خلق الله تعالى وهو خارج عن حيلة البشر وأسبابهم، وقدراتهم الذاتية، فهو أدعى لعدم التعالي والفوقية أكثر من المال والعلم والسلطة التي تحصل بشيء من الأسباب المبذولة والجهود المضنية.
واليوم ترى هذه الفوقية والتعالي في معاملة الرئيس للمرؤوس، والزوج لزوجته أو أولاده، ورب البيت لسائقه أو خادمه، والمواطن للغريب الوافد، بل لا يزال الغرور باللون والجنس قائما، وهو من نفايات العنصرية المقيتة.
 
أعلى