د. ياسر محمد جابر
:: مشارك ::
- انضم
- 5 مارس 2023
- المشاركات
- 240
- الإقامة
- قطر الدوحة
- الجنس
- ذكر
- الكنية
- أبو عمار الرشيدي
- التخصص
- فقه وأصول
- الدولة
- قطر
- المدينة
- الدوحة
- المذهب الفقهي
- الحنبلي
١٧٧. نرى كثيراً من رؤساء الدول الغربية يتقبلون نقد شعوبهم، وبعضهم قد يُضرب ويعفو، ويُسب ويعفو، ومنهم من يذهب لعمله بدراجة هوائية، بينما في بلادنا نرى مظاهر العظمة والتفاخر حتى بين العامة من الناس، فهل هذه أخلاق الإسلام؟!
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛
فالتواضع يرفع صاحبه، وإن لم يكن مسلما، نعم! وبعض الأجانب من غير المسلمين، يتحلى بأخلاق إسلامية، ويطبقها بشكل مذهل، فلا يُتصور في بلادنا رئيس دولة ولا وزيرها ولا عمدة قريتها ولا خفيرها، يقبل بركوب عجلة هوائية ويذهب بها إلى عمله السنوات الطوال، ولا رئيس دولة يسلم مقاليد الحكم لخلفه بترحاب ويسر ورضا، لكن هذا يفعل رجل غربي أجنبي هو: مارك روتة، حاكم هولندا.
فبعد 14 عاماً من حكم هولندا كواحدة من أغنى دول أوروبا، ودّع مقر الحكومة بطريقة غير مألوفة ورائعة أذهلت العالم كله، ولاقت إعجابه، فقد سلم مقاليد الحكم لسلفه بسلاسة وبساطة، ثم ركب دراجته الهوائية التي طالما ركبها طوال سنوات حكمه، قاصداً منزله، بينما كاميرات الصحفيين تلاحقه، وهي توثّق هذه اللحظة التاريخية، والجمهور في الشوارع يصفّق له، ودّع الحكم وسلمه لسلفه دون صراعات ولا دماء.
لقد اعتاد «مارك روته» على الذهاب إلى مقر حكمه والعودة منه بهذه الدراجة البسيطة، وكانت له مواقف جميلة استحضرها رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين أثار «روته» إعجابهم، فنشروا صورة له وهو ينظف الأرض بنفسه بعد أن نحى العاملة، لأن كوب القهوة قد سقط منه على الأرض، هذا النموذج المبهر أثار إعجاب الجميع، عرباً وعجماً. سينقل «مارك روته» إلى منصب دولي أرفع وأعلى، ولعل الإعجاب الأوروبي بتواضعه وحُسن إدارته هو ما دفع لاختياره أميناً للحلف الأطلسي.
ما هذا التواضع؟! ومن أين أتى بهذه البساطة والثقة والحميمية مع شعبه؟! صورة «مارك روته» وهو يخرج مفتاح قفل الدراجة من جيبه ويفتحها ثم يتحرك بها كانت غاية في الإبهار، ففراش المدرسة عندنا يأبى أن يركب الدراجة الهوائية، فكيف بحاكم هولندا الغنية والقوية لا يستخدم سوى دراجته الهوائية ذهاباً وإياباً أثناء الحكم وبعده.
ما فعله «مارك روته» جعلني أتذكر حديث الرسول، صلى الله عليه وسلم، الذي تنبأ فيه بقوله «تقوم الساعة والروم أكثر الناس»، وقد اهتم الصحابي الجليل عمرو بن العاص بهذا الحديث، لأنه خبر الروم كثيراً في رحلاته التجارية المكوكية إلى مصر والشام قبل إسلامه، فعدد أسباب ذلك في خصال أربع «إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وأرحمهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة حسنة جميلة وأمنعهم من ظلم الملوك».
ليس العيب في الإسلام، بل العيب في المسلمين، الذين تخلوا عن أخلاق دينهم وأسوة نبيهم، وصحابته الكرام، أسود الجهاد، نور البلاد، خير العباد.
ولقد تنبأ النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الأخلاق التي وصلنا إليها، فقال من أكثر من ١٤٠٠ عام في الصحيحين: والله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم.
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وها هي الدنيا تهلكنا وتذلنا، وتضعفنا، وتذيقنا الويلات،
فاللهم النجاة، النجاة.
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛
فالتواضع يرفع صاحبه، وإن لم يكن مسلما، نعم! وبعض الأجانب من غير المسلمين، يتحلى بأخلاق إسلامية، ويطبقها بشكل مذهل، فلا يُتصور في بلادنا رئيس دولة ولا وزيرها ولا عمدة قريتها ولا خفيرها، يقبل بركوب عجلة هوائية ويذهب بها إلى عمله السنوات الطوال، ولا رئيس دولة يسلم مقاليد الحكم لخلفه بترحاب ويسر ورضا، لكن هذا يفعل رجل غربي أجنبي هو: مارك روتة، حاكم هولندا.
فبعد 14 عاماً من حكم هولندا كواحدة من أغنى دول أوروبا، ودّع مقر الحكومة بطريقة غير مألوفة ورائعة أذهلت العالم كله، ولاقت إعجابه، فقد سلم مقاليد الحكم لسلفه بسلاسة وبساطة، ثم ركب دراجته الهوائية التي طالما ركبها طوال سنوات حكمه، قاصداً منزله، بينما كاميرات الصحفيين تلاحقه، وهي توثّق هذه اللحظة التاريخية، والجمهور في الشوارع يصفّق له، ودّع الحكم وسلمه لسلفه دون صراعات ولا دماء.
لقد اعتاد «مارك روته» على الذهاب إلى مقر حكمه والعودة منه بهذه الدراجة البسيطة، وكانت له مواقف جميلة استحضرها رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين أثار «روته» إعجابهم، فنشروا صورة له وهو ينظف الأرض بنفسه بعد أن نحى العاملة، لأن كوب القهوة قد سقط منه على الأرض، هذا النموذج المبهر أثار إعجاب الجميع، عرباً وعجماً. سينقل «مارك روته» إلى منصب دولي أرفع وأعلى، ولعل الإعجاب الأوروبي بتواضعه وحُسن إدارته هو ما دفع لاختياره أميناً للحلف الأطلسي.
ما هذا التواضع؟! ومن أين أتى بهذه البساطة والثقة والحميمية مع شعبه؟! صورة «مارك روته» وهو يخرج مفتاح قفل الدراجة من جيبه ويفتحها ثم يتحرك بها كانت غاية في الإبهار، ففراش المدرسة عندنا يأبى أن يركب الدراجة الهوائية، فكيف بحاكم هولندا الغنية والقوية لا يستخدم سوى دراجته الهوائية ذهاباً وإياباً أثناء الحكم وبعده.
ما فعله «مارك روته» جعلني أتذكر حديث الرسول، صلى الله عليه وسلم، الذي تنبأ فيه بقوله «تقوم الساعة والروم أكثر الناس»، وقد اهتم الصحابي الجليل عمرو بن العاص بهذا الحديث، لأنه خبر الروم كثيراً في رحلاته التجارية المكوكية إلى مصر والشام قبل إسلامه، فعدد أسباب ذلك في خصال أربع «إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وأرحمهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة حسنة جميلة وأمنعهم من ظلم الملوك».
ليس العيب في الإسلام، بل العيب في المسلمين، الذين تخلوا عن أخلاق دينهم وأسوة نبيهم، وصحابته الكرام، أسود الجهاد، نور البلاد، خير العباد.
ولقد تنبأ النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الأخلاق التي وصلنا إليها، فقال من أكثر من ١٤٠٠ عام في الصحيحين: والله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم.
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وها هي الدنيا تهلكنا وتذلنا، وتضعفنا، وتذيقنا الويلات،
فاللهم النجاة، النجاة.
