العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الاعتراض على الحدود الشرعية

انضم
5 مارس 2023
المشاركات
240
الإقامة
قطر الدوحة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عمار الرشيدي
التخصص
فقه وأصول
الدولة
قطر
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
الحنبلي
١٧٨. يعترض البعض من العلمانيين على الحدود التي شرعها الله تعالى كحد القطع في السرقة وحد الجلد والرجم في الزنا وحد القصاص في القتل والديات في الجروح، فكيف يُرد على هؤلاء؟!
الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛
فقد شرع الله تعالى الحدود لحفظ الحقوق والأعراض؛ بخلق الرادع الذي يردع هوى الإنسان وطبعه وميله للشر؛ فلا ينتهك عرضا ولا يأكل حقا بالظلم.
والله تعالى هو خالق الإنسان وأعلم بمكنونات نفسه، وما يقبع فيه من توحش وتشهي للجريمة والاعتداء، فإنه قد يصل أحيانا لأن يكون أشد ضراوة من الوحوش في غاباتها، فإن الوحوش تسكن بالشبع، والإنسان إذا شبع جاع وطمع، وبغى ورتع، وأفسد وألحد، إلا من رحم الله وعصم.
وهؤلاء الذين يعترضون على الحدود كتشريع، أين هم من الواقع، فالحدود معطلة في بلاد المسلمين، ولا تنفذ حقيقة، فهل نظروا في أثر ذلك على المجتمعات التي يعيشون فيها، هل يعلمون بإحصاءات الزنا وأولاد السفاح، واختلاط الأنساب ...الخ.
هم يريدون لنا نسخة من البلاد الغربية، فماذا عن أولئك؟
عندهم برنامج تلفزيوني يسمَّى (أنت لست الأب)
ويُعد هذا البرنامج من أنجح البرامج التلفزيونية التي تُعرض في الولايات المُتَّحدة الأمريكية.
تقوم فكرة البرنامج بأن تقوم امرأة بدعوة عددٍ من الرجال الذين أقامت معهم علاقة جنسيَّة للبرنامج، وذلك ليخضعوا لفحص الحمض الوراثي (DNA) لكي تعرف من هو والد طفلها أو طفلتها ؟!!
والبرنامج قدَّم أيضاً أزواجاً دعوا زوجاتهم للتأكُّد من نَسَبِ أطفالهم إليهم، وكانت النتيجة سلبيَّةٌ أيضاً !! وبذلك ظهرت خيانة بعض الزوجات.
والبرنامج يُعرض منذ العام 1991 ومُكوَّن من 19 موسم و 3500 حلقة، في كل حلقة يتم عرض 3 حالات على الأقل، ويُعرض على قناة NBC الأمريكية.
هذا البرنامج يُظهِر مدى الانحلال الأخلاقي وضياع الأنساب الذي يُعاني منه المجتمع الأمريكي خصوصاً، والغربي على العموم.
لأجل ذلك يُحاربون نظام الأُسرة في المجتمعات الإسلاميَّة عموماً والعربية على الخصوص، وذلك عبر المنظمات النسويَّة المُتمرِّدة على الدين والقِيم، أو ما تُسمَّى بمنظمات حقوق المرأة، بدعوى أنَّ الإسلام ظلم المرأة.
هذا البرنامج يكشِف لنا مدى الاضطهاد والإهانة التي تُعاني منها المرأة الأمريكية وهي تبحث عن هويَّة والد طفلها.
وبعد ذلك كله يأتيك شخص مخدوع يظن أنه مُسلمٌ حقاً، لينتقد شريعتنا لتحريمها مثل هكذا علاقاتٍ تحت ستار الحُريّة الشخصيَّة، ثُمَّ يطعن في الحدود التي شرَّعها ﷲ لحفظ العِرض ومنع اختلاط الأنساب، وأنَّ هذه جاهليَّةٌ وتصرُّفاتٌ ولَّى عنها الزمن.
الله تعالى شرع الحدود وجعل لها مقاصد، ومن أول مقاصدها الردع عن الفعل، وليس العقاب على الفعل، العقاب يأتي لاحقا على من لم يرتدع، ولم يخف ولم يتهيب، وتجرأ وبغى وظلم، فهل مثل هذا يستحق الرحمة؟ (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون) لعلكم ترتدعون وتنتهون وتخافون.
هل يريد هؤلاء للمجتمع المسلم أن يكون غابة حيوانية شهوانية فاسدة؟!
ومن المؤسف القول إن بعض هذه المجتمعات المسلمة التي عطلت الحدود تأخذ طريقها إلى أخلاق الغابة بالفعل، أخلاق الوحوش، قال تعالى:﴿ إنْ هُم إلَّا كالأنعامِ بَلْ هُم أضلُّ سَبيلا). والله أعلم.
 
أعلى