أبو أيمن أمين الجزائري.
:: متابع ::
- انضم
- 31 مايو 2024
- المشاركات
- 16
- الإقامة
- الجزائر العاصمة
- الجنس
- ذكر
- الكنية
- أبو أيمن
- التخصص
- أصول الفقه - فقه
- الدولة
- الجزائر
- المدينة
- الجزائر العاصمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
فلا يخفى على طلاب العلم ما حصل من خلاف بين العلماء في حكم إخراج #زكاة_الفطر نقداً، وذلك بين الجمهور القائلين بوجوب إخراجها قوتا، وعدم جواز إخراجها نقداً، بل نقله النووي عن عامة الفقهاء(1)، وبين أبي حنيفة ومن وافقه القائلين بجواز إخراجها نقداً، ولاشك ولاريب أن القول الراجح هو ما ذهب إليه جماهير أهل العلم للأدلة الصريحة في ذلك.
-وفي هذه العجالة اليسيرة، أحببت أن أذكر أهم ما استدل به القائلون بجواز إخراج زكاة الفطر نقداً، ثم أعقب ذلك بجواب أهل العلم عنها، سائلا المولى -عزوجل- التوفيق والتيسير، إنه سميع قريب.
■فالدليل اﻷول:
-ما ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه في بيان فريضة زكاة الحيوان وفيه:[من بلغت عنده من اﻹبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين أو عشرين درهما ً](2)، الحديث، ففيه اعتبار القيمة.
●وأجاب عنه أهل العلم: بأنه ليس فيه التنصيص على أن القيمة صارت بدﻻ عن العين، بدليل أنه جعل الحقة عوضاً عن الجذعة، لكن لما كانت الحقة أقل من الجذعة أضاف معها شاتين أو عشرين درهما ليكمل المقدار من باب الجبران، ﻷن الحقة ﻻ تساوي الجذعة، فتأمل.
■الدليل الثاني:
-ما ذكره البخاري تعليقاً عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال ﻷهل اليمن
ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس مكان الشعير و الذرة أهون عليكم، وخير ﻷصحاب النبيﷺ بالمدينة)(3).
●ويجاب عنه: بأن سنده ضعيف، لانقطاعه وإرساله، قال الإمام أبو بكر الإسماعيلي: "ﺇﺫا ﻛﺎﻥ ﻣﺮﺳﻼ ﻓﻼ ﺣﺠﺔ ﻓﻴﻪ"، وقد أعله الدارقطني باﻹرسال وقال:"طاووس لم يدرك معاذا"؛ وبه أعله ابن الملقن، وقال الحافظ: "هو إلى طاوس إسناد صحيح، لكنه لم يسمع من معاذ فهو منقطع"، وبه أعله القسطلاني، والألباني(4).
●ثم إن متنه فيه خلاف لبعضهم، فقد قال فيه:"من الجزية" بدل"الصدقة"، ذكره أبو بكر اﻹسماعيلي.(5).
●وعلى فرض ثبوته، فإنه يحمل على الحاجة أو المصلحة،
"وأنه خاص لمعاذ لحاجة علمها بالمدينة، رأى أن المصلحة في ذلك، وقامت الدﻻلة على أن غيره ﻻ يجوز له أخذها"(6).
■الدليل الثالث: (التعليل):
-قالوا:إن المقصود من أداء زكاة الفطر إغناء الفقير، فيحصل ذلك بالقيمة أو بالعين، وسد الخلة بأداء القيمة أنفع للفقير.
●وأجيب عنه: بأن اﻷمر لو كان كذلك لفعله النبيﷺ، ولما فاته ذلك، وﻷرشد اﻷمة إلى ذلك ما دام أن فيه نفعاً للفقير، سيما وأن التعامل بالنقود كان قائماً في زمنه عليه الصلاة والسلام، ومظنة العمل موجودة، إضافة إلى"اﻟﻘﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﺣﻘﻮﻕ اﻟﻨﺎﺱ ﻻ ﺗﺠﻮﺯ ﺇﻻ ﺑﺘﺮاﺽ ﻣﻨﻬﻤﺎ، ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻠﺰﻛﺎﺓ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻓﻴﺠﻮﺯ ﺭﺿﺎﻩ، ﺃﻭ ﺇﺑﺮاﺅﻩ"(7).
-قال جامعه:
فبان بهذا أن ما استدل به القائلون بجواز إخراج زكاة الفطر نقدا هي أدلة لا يعول عليها، ولا تقاوم أدلة الجمهور القائلين بعدم جواز ذلك، كون أدلتهم(الجمهور) قوية وصريحة في وجوب إخراجها قوتا، كمثل حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال:[فرض رسول اللهﷺ زكاة الفطرِ صاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صاعًا مِن شَعِيرٍ على العَبْدِ والحر، والذكرِ والأُنْثى، والصغيرِ والكَبِيرِ مِنَ المسلمينَ، وأَمَرَ بها أنْ تُؤَدّى قبل خُرُوجِ النّاسِ إلى الصَّلاة](8)ِ، فنص على القدر والصفة، وقد نص أهل العلم على أن "الشريعة إذا نصت على القدر والصفة فلا يصح العدول عنهما"، وهذا موجود في هذا الحديث كما هو ظاهر، فكان نصا في المسألة، ولهذا قال ابن قدامة: "ﻓﺈﺫا ﻋﺪﻝ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺗﺮﻙ اﻟﻤﻔﺮﻭﺽ"(9)، بل إن التنصيص في الحديث على القوت دليل على أن الحكم في خصوصه، والله أعلم.
-وهذا آخر ما تيسر، والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكتب:
أبو أيمن أمين الجزائري.
___________________________
1)-شرح مسلم للنووي(٦٠/٧).
2)-رواه البخاري(١٤٥٣).
3)-ذكره البخاري تعليقاً(٣٣٦/٣).
4)-أنظر:سنن الدارقطني(٤٨٧/٢)، السنن الكبرى (١٩٠/٤)، التوضيح شرح الجامع الصحيح(٣٦٣/١٠)ﻻبن الملقن، تغليق التعليق(١٢/٣)، إرشاد الساري(٤٠/٣)، تدريب الراوي(١٦٤/١)، تمام المنة(٣٧٩).
5)-سنن البيهقي(١٩٠/٤)، وانظر: المبدع(٣٢٣/٢).
6)-أنظر: شرح البخاري ﻻبن بطال(٤٤٩/٣).
7)-أنظر: أنظر: المحلى(٢٥٩/٤). وانظر رسالة "زكاة الفطر"(ص٢٦) لشيخنا الفاضل محمد علي فركوس-حفظه الله-.
8)-رواه البخاري(١٥٠٣)واللفظ له، ومسلم(٩٨٤).
9)-المغني(٨٧/٣)
فلا يخفى على طلاب العلم ما حصل من خلاف بين العلماء في حكم إخراج #زكاة_الفطر نقداً، وذلك بين الجمهور القائلين بوجوب إخراجها قوتا، وعدم جواز إخراجها نقداً، بل نقله النووي عن عامة الفقهاء(1)، وبين أبي حنيفة ومن وافقه القائلين بجواز إخراجها نقداً، ولاشك ولاريب أن القول الراجح هو ما ذهب إليه جماهير أهل العلم للأدلة الصريحة في ذلك.
-وفي هذه العجالة اليسيرة، أحببت أن أذكر أهم ما استدل به القائلون بجواز إخراج زكاة الفطر نقداً، ثم أعقب ذلك بجواب أهل العلم عنها، سائلا المولى -عزوجل- التوفيق والتيسير، إنه سميع قريب.
■فالدليل اﻷول:
-ما ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه في بيان فريضة زكاة الحيوان وفيه:[من بلغت عنده من اﻹبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين أو عشرين درهما ً](2)، الحديث، ففيه اعتبار القيمة.
●وأجاب عنه أهل العلم: بأنه ليس فيه التنصيص على أن القيمة صارت بدﻻ عن العين، بدليل أنه جعل الحقة عوضاً عن الجذعة، لكن لما كانت الحقة أقل من الجذعة أضاف معها شاتين أو عشرين درهما ليكمل المقدار من باب الجبران، ﻷن الحقة ﻻ تساوي الجذعة، فتأمل.
■الدليل الثاني:
-ما ذكره البخاري تعليقاً عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال ﻷهل اليمن

●ويجاب عنه: بأن سنده ضعيف، لانقطاعه وإرساله، قال الإمام أبو بكر الإسماعيلي: "ﺇﺫا ﻛﺎﻥ ﻣﺮﺳﻼ ﻓﻼ ﺣﺠﺔ ﻓﻴﻪ"، وقد أعله الدارقطني باﻹرسال وقال:"طاووس لم يدرك معاذا"؛ وبه أعله ابن الملقن، وقال الحافظ: "هو إلى طاوس إسناد صحيح، لكنه لم يسمع من معاذ فهو منقطع"، وبه أعله القسطلاني، والألباني(4).
●ثم إن متنه فيه خلاف لبعضهم، فقد قال فيه:"من الجزية" بدل"الصدقة"، ذكره أبو بكر اﻹسماعيلي.(5).
●وعلى فرض ثبوته، فإنه يحمل على الحاجة أو المصلحة،
"وأنه خاص لمعاذ لحاجة علمها بالمدينة، رأى أن المصلحة في ذلك، وقامت الدﻻلة على أن غيره ﻻ يجوز له أخذها"(6).
■الدليل الثالث: (التعليل):
-قالوا:إن المقصود من أداء زكاة الفطر إغناء الفقير، فيحصل ذلك بالقيمة أو بالعين، وسد الخلة بأداء القيمة أنفع للفقير.
●وأجيب عنه: بأن اﻷمر لو كان كذلك لفعله النبيﷺ، ولما فاته ذلك، وﻷرشد اﻷمة إلى ذلك ما دام أن فيه نفعاً للفقير، سيما وأن التعامل بالنقود كان قائماً في زمنه عليه الصلاة والسلام، ومظنة العمل موجودة، إضافة إلى"اﻟﻘﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﺣﻘﻮﻕ اﻟﻨﺎﺱ ﻻ ﺗﺠﻮﺯ ﺇﻻ ﺑﺘﺮاﺽ ﻣﻨﻬﻤﺎ، ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻠﺰﻛﺎﺓ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻓﻴﺠﻮﺯ ﺭﺿﺎﻩ، ﺃﻭ ﺇﺑﺮاﺅﻩ"(7).
-قال جامعه:
فبان بهذا أن ما استدل به القائلون بجواز إخراج زكاة الفطر نقدا هي أدلة لا يعول عليها، ولا تقاوم أدلة الجمهور القائلين بعدم جواز ذلك، كون أدلتهم(الجمهور) قوية وصريحة في وجوب إخراجها قوتا، كمثل حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال:[فرض رسول اللهﷺ زكاة الفطرِ صاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صاعًا مِن شَعِيرٍ على العَبْدِ والحر، والذكرِ والأُنْثى، والصغيرِ والكَبِيرِ مِنَ المسلمينَ، وأَمَرَ بها أنْ تُؤَدّى قبل خُرُوجِ النّاسِ إلى الصَّلاة](8)ِ، فنص على القدر والصفة، وقد نص أهل العلم على أن "الشريعة إذا نصت على القدر والصفة فلا يصح العدول عنهما"، وهذا موجود في هذا الحديث كما هو ظاهر، فكان نصا في المسألة، ولهذا قال ابن قدامة: "ﻓﺈﺫا ﻋﺪﻝ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺗﺮﻙ اﻟﻤﻔﺮﻭﺽ"(9)، بل إن التنصيص في الحديث على القوت دليل على أن الحكم في خصوصه، والله أعلم.
-وهذا آخر ما تيسر، والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكتب:
أبو أيمن أمين الجزائري.
___________________________
1)-شرح مسلم للنووي(٦٠/٧).
2)-رواه البخاري(١٤٥٣).
3)-ذكره البخاري تعليقاً(٣٣٦/٣).
4)-أنظر:سنن الدارقطني(٤٨٧/٢)، السنن الكبرى (١٩٠/٤)، التوضيح شرح الجامع الصحيح(٣٦٣/١٠)ﻻبن الملقن، تغليق التعليق(١٢/٣)، إرشاد الساري(٤٠/٣)، تدريب الراوي(١٦٤/١)، تمام المنة(٣٧٩).
5)-سنن البيهقي(١٩٠/٤)، وانظر: المبدع(٣٢٣/٢).
6)-أنظر: شرح البخاري ﻻبن بطال(٤٤٩/٣).
7)-أنظر: أنظر: المحلى(٢٥٩/٤). وانظر رسالة "زكاة الفطر"(ص٢٦) لشيخنا الفاضل محمد علي فركوس-حفظه الله-.
8)-رواه البخاري(١٥٠٣)واللفظ له، ومسلم(٩٨٤).
9)-المغني(٨٧/٣)