- انضم
- 23 أكتوبر 2007
- المشاركات
- 8,687
- الجنس
- ذكر
- الكنية
- أبو أسامة
- التخصص
- فقـــه
- الدولة
- السعودية
- المدينة
- مكة المكرمة
- المذهب الفقهي
- الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
تُعدُّ مرحلة اختيار الموضوع، وبناء خطِّة البحث الرَّكيزة المعرفيَّة والمنهجيَّة لأيِّ مشروع علميِّ رصين، ولاسيَّما في علم الفقه وأصوله، الذي يتميَّز بتركيبته المعقَّدة؛ نظرًا لطبيعة هذا العلم؛ إذ يتداخل فيه الثَّابت الشَّرعي مع المتغيَّر الاجتهادي، ويتطلَّب فهمًا تأصيليًّا للنُّصوص، ووعيًا بمقاصدها الكليَّة والجزئيَّة، ومَلَكة اجتهاديَّة تمكِّنه من استثمارها في النَّوازل، وتطبيقها على الوقائع المتجدِّدة؛ ليظلَّ البحث متجذِّرًا في التُّراث، ومنفتحًا على التَّجديد؛ لأَنَّ علم الفقه وأصوله يقوم على الفهم الدَّقيق للنُّصوص، وتنزيلها على الوقائع المعاصرة؛ ومن هنا يظهر التَّحدِّي بين الإضافة لما سبق، والتَّجديد في ضوء الواقع.
ولذلك فإِنَّ هذه المرحلة لحظة حاسمة في تحديد ملامح الإضافة العلميَّة، والتَّوازن بين المحافظة على الأصول، والتَّجديد المنضبط في ضوء معطيات العصر وحاجاته، وإليك عدَّة نقاط يتبين بها المراد.
أوَّلًا: مقدِّمة عامَّة حول الموضوع:
من أهمِّ المراحل التَّأسيسيَّة لأيِّ مشروع علمي: مرحلة اختيار الموضوع وإعداد خطة البحث؛ فهي تمثِّل المنطلق الذي تتحدَّد من خلاله ملامح البحث واتِّجاهاته، كما تُشكِّل البوصلة التي توجِّه الباحث نحو غايته المعرفيَّة، وتؤطِّر جهوده ضمن مسار منهجي واضح، وتزداد أهميَّة هذه المرحلة في العلوم التي تمتاز بطبيعة مركَّبة، كالفقه وأصوله؛ لما تتطلَّبه من تأنٍّ في الاختيار، ودقَّة في البناء، وخبرة في التَّعامل مع المصادر والنُّصوص.
فالفقه وأصوله ليسا مجرَّد علوم معياريَّة تجريديَّة، بل هما عِلْمَان يتفاعلان تفاعلاً حيويًّا مع الواقع، ويستندان إلى نصوص منضبطة في مبانيها، عميقة في معانيها، ويهدفان إلى تحقيق المقاصد الكبرى للشَّريعة عبر تنزيل الأحكام على الوقائع المتجدِّدة.
ومن هنا فإِنَّ اختيار الموضوع في هذا الحقل يتجاوز مجرَّد الاصطفاء العشوائي، ليغدو ممارسة اجتهاديَّة تتطلَّب استحضار البعد التَّاريخي للمسائل، واستيعاب واقعها المعاصر، ورصد ما نُقِّب فيها من قبل، وما بقي محتاجًا إلى تأصيل، أو تجديد، أو تفعيل.
كما أَنَّ إعداد خطَّة البحث في هذا السِّياق لا ينحصر في ترتيب العناصر، وتحديد العناوين، بل يُشكِّل بناءً معرفيًّا دقيقًا، يُظهر تمكُّن الباحث من مادَّته، وقدرته على استثمار أدواته الأصوليَّة والمنهجيَّة في معالجة الإشكالات المطروحة، وتحقيق التَّوازن بين الثَّوابت الشَّرعيَّة والمستجدَّات الواقعيَّة.
وهذا التَّوازن هو جوهر التَّجديد الأصيل، لا التَّجاوز المنفلت، ويُعدُّ من أبرز التَّحدِّيات المعرفيَّة التي تواجه الباحث في هذا المجال.
لذلك فإِنَّ هذا الموضوع يسعى إلى بيان أهميَّة هذه المرحلة في البحث العلمي الأصولي والفقهي، واستجلاء معايير الاختيار العلمي الرَّصين للموضوع، وضوابط إعداد خطَّة بحث متكاملة؛ تضمن للباحث السَّير على منهجيَّة واضحة، وتفتح له أفق الإضافة الحقيقيَّة في سياق علمي لا يزال –رغم تاريخه العريق– مفتوحًا على إمكانات الاجتهاد وفتوحات التَّجديد.
ثانيًا: مفهوم اختيار الموضوع في الفقه والأصول:
1. تعريف اختيار الموضوع:
هو تحديد قضيَّة فقهيَّة أو أصوليَّة قابلة للبحث العلمي، تحقِّق أهدافًا علميَّة، أو واقعيَّة، وتسمح بالإضافة الجديدة، أو التَّجديد المنهجي.
2. ضوابط اختيار الموضوع:
• الأصالة: ألَّا يكون مكرَّرًا دون فائدة.
• الواقعيَّة: أن يكون مرتبطًا بقضايا معاصرة، أو مشكلات حقيقيَّة.
• القدرة على التَّناول: توفُّر المصادر، ووضوح الإشكال، مع إمكانيَّة البحث.
• الإضافة العلميَّة: أن يفتح بابًا لفهم جديد، أو يعيد بناء مسألة بطريقة أفضل.
ثالثًا: أنواع الإضافة والتَّجديد في اختيار الموضوع:
1. الإضافة:
وتكون غالبًا في:
• جمع متفرِق.
• ترتيب مبعثر.
• توسيع مختصر.
• دراسة مقارنة.
2. التَّجديد:
ويتحقَّق غالبًا في:
• معالجة نازلة جديدة.
• تطوير في النَّظر الفقهيِّ أو الأصولي.
• طرح منهج تأصيلي مغاير.
• نقد الأقوال التُّراثيَّة في ضوء المعطيات الحديثة.
رابعًا: كتابة خطَّة البحث: الهيكل العام:
1. العنوان:
• يجب أن يعكس طبيعة الموضوع: هل هو تجديدي أم إضافي؟.
• مثال إضافي: “القياس عند المالكية في باب المعاملات: دراسة تطبيقية”.
• مثال تجديدي: “بناء مقاصد الشَّريعة من خلال قواعد أصول الفقه: مدخل تكاملي معاصر”.
2. مقدمة الخطَّة:
• تعريف عام بالموضوع.
• سبب اختياره.
• المشكلة العلميَّة.
• الهدف من البحث.
• منهجيَّة البحث.
3. أهميَّة الموضوع:
• أهميَّة نظريَّة: في تطوير المفاهيم الفقهيَّة والأصوليَّة.
• أهميَّة تطبيقيَّة: في معالجة مشكلات الواقع.
4. الدِّراسات السَّابقة:
• عرض سريع لأبرز الأعمال.
• بيان أوجه النَّقص فيها.
• تبيين كيف أنَّ البحث يمثِّل إضافة أو تجديدًا.
5. إشكالية البحث (أو سؤاله الرَّئيس):
• ما المسألة الجوهريَّة التي يريد البحث حلَّها؟
6. الفرضيَّات أو التَّساؤلات الفرعيَّة:
• أسئلة أو فرضيَّات تبيِّن المسار العلمي للبحث.
7. المنهجيَّة:
• منهج استقرائي؟، تحليلي؟، مقارن؟، تأصيلي؟، نقدي؟.
8. خطَّة البحث (الفصول والمباحث):
• يجب أن ترتبط كلُّ الفصول بالإضافة أو التَّجديد المقصود.
• مثال عفوي لخطَّة بحث تجديدي:
• الفصل الأوَّل: مفاهيم التَّجديد في أصول الفقه.
• الفصل الثَّاني: الإطار التَّقليدي للمقاصد.
• الفصل الثَّالث: بناء المقاصد وفق مستجدات الواقع.
• الفصل الرَّابع: نموذج تطبيقي في النَّوازل الاقتصاديَّة.
9. مصادر البحث:
• مصادر تراثيَّة.
• دراسات معاصرة.
• مقالات حديثة.
خامسًا: نصائح عمليَّة بين الإضافة والتَّجديد:
1. لا تخلط بين التَّكرار والتَّوسعة: فالتَّوسعة الجادَّة تُعدُّ إضافة.
2. اجعل التَّجديد منضبطًا بالأصول: لا يُقبل الخروج عن منهج السَّلف بحُجَّة التَّجديد.
3. اجعل عنوانك دالًّا على الإضافة أو التَّجديد.
4. احذر من التَّجديد الإنشائي غير المدعوم بالأدلَّة.
خاتمة:
إن الجمع بين الإضافة إلى التُّراث، والتَّجديد في المنهج أو الفكرة، هو التَّحدِّي الحقيقي للباحث في الفقه وأصوله. فالبحث النَّافع هو الذي يملأ فراغًا، أو يفتح أفقًا جديدًا، ويجمع بين التَّأصيل والانطلاق للتَّطبيق، وبين احترام الموروث ومواكبة الواقع.
			
			ولذلك فإِنَّ هذه المرحلة لحظة حاسمة في تحديد ملامح الإضافة العلميَّة، والتَّوازن بين المحافظة على الأصول، والتَّجديد المنضبط في ضوء معطيات العصر وحاجاته، وإليك عدَّة نقاط يتبين بها المراد.
أوَّلًا: مقدِّمة عامَّة حول الموضوع:
من أهمِّ المراحل التَّأسيسيَّة لأيِّ مشروع علمي: مرحلة اختيار الموضوع وإعداد خطة البحث؛ فهي تمثِّل المنطلق الذي تتحدَّد من خلاله ملامح البحث واتِّجاهاته، كما تُشكِّل البوصلة التي توجِّه الباحث نحو غايته المعرفيَّة، وتؤطِّر جهوده ضمن مسار منهجي واضح، وتزداد أهميَّة هذه المرحلة في العلوم التي تمتاز بطبيعة مركَّبة، كالفقه وأصوله؛ لما تتطلَّبه من تأنٍّ في الاختيار، ودقَّة في البناء، وخبرة في التَّعامل مع المصادر والنُّصوص.
فالفقه وأصوله ليسا مجرَّد علوم معياريَّة تجريديَّة، بل هما عِلْمَان يتفاعلان تفاعلاً حيويًّا مع الواقع، ويستندان إلى نصوص منضبطة في مبانيها، عميقة في معانيها، ويهدفان إلى تحقيق المقاصد الكبرى للشَّريعة عبر تنزيل الأحكام على الوقائع المتجدِّدة.
ومن هنا فإِنَّ اختيار الموضوع في هذا الحقل يتجاوز مجرَّد الاصطفاء العشوائي، ليغدو ممارسة اجتهاديَّة تتطلَّب استحضار البعد التَّاريخي للمسائل، واستيعاب واقعها المعاصر، ورصد ما نُقِّب فيها من قبل، وما بقي محتاجًا إلى تأصيل، أو تجديد، أو تفعيل.
كما أَنَّ إعداد خطَّة البحث في هذا السِّياق لا ينحصر في ترتيب العناصر، وتحديد العناوين، بل يُشكِّل بناءً معرفيًّا دقيقًا، يُظهر تمكُّن الباحث من مادَّته، وقدرته على استثمار أدواته الأصوليَّة والمنهجيَّة في معالجة الإشكالات المطروحة، وتحقيق التَّوازن بين الثَّوابت الشَّرعيَّة والمستجدَّات الواقعيَّة.
وهذا التَّوازن هو جوهر التَّجديد الأصيل، لا التَّجاوز المنفلت، ويُعدُّ من أبرز التَّحدِّيات المعرفيَّة التي تواجه الباحث في هذا المجال.
لذلك فإِنَّ هذا الموضوع يسعى إلى بيان أهميَّة هذه المرحلة في البحث العلمي الأصولي والفقهي، واستجلاء معايير الاختيار العلمي الرَّصين للموضوع، وضوابط إعداد خطَّة بحث متكاملة؛ تضمن للباحث السَّير على منهجيَّة واضحة، وتفتح له أفق الإضافة الحقيقيَّة في سياق علمي لا يزال –رغم تاريخه العريق– مفتوحًا على إمكانات الاجتهاد وفتوحات التَّجديد.
ثانيًا: مفهوم اختيار الموضوع في الفقه والأصول:
1. تعريف اختيار الموضوع:
هو تحديد قضيَّة فقهيَّة أو أصوليَّة قابلة للبحث العلمي، تحقِّق أهدافًا علميَّة، أو واقعيَّة، وتسمح بالإضافة الجديدة، أو التَّجديد المنهجي.
2. ضوابط اختيار الموضوع:
• الأصالة: ألَّا يكون مكرَّرًا دون فائدة.
• الواقعيَّة: أن يكون مرتبطًا بقضايا معاصرة، أو مشكلات حقيقيَّة.
• القدرة على التَّناول: توفُّر المصادر، ووضوح الإشكال، مع إمكانيَّة البحث.
• الإضافة العلميَّة: أن يفتح بابًا لفهم جديد، أو يعيد بناء مسألة بطريقة أفضل.
ثالثًا: أنواع الإضافة والتَّجديد في اختيار الموضوع:
1. الإضافة:
وتكون غالبًا في:
• جمع متفرِق.
• ترتيب مبعثر.
• توسيع مختصر.
• دراسة مقارنة.
2. التَّجديد:
ويتحقَّق غالبًا في:
• معالجة نازلة جديدة.
• تطوير في النَّظر الفقهيِّ أو الأصولي.
• طرح منهج تأصيلي مغاير.
• نقد الأقوال التُّراثيَّة في ضوء المعطيات الحديثة.
رابعًا: كتابة خطَّة البحث: الهيكل العام:
1. العنوان:
• يجب أن يعكس طبيعة الموضوع: هل هو تجديدي أم إضافي؟.
• مثال إضافي: “القياس عند المالكية في باب المعاملات: دراسة تطبيقية”.
• مثال تجديدي: “بناء مقاصد الشَّريعة من خلال قواعد أصول الفقه: مدخل تكاملي معاصر”.
2. مقدمة الخطَّة:
• تعريف عام بالموضوع.
• سبب اختياره.
• المشكلة العلميَّة.
• الهدف من البحث.
• منهجيَّة البحث.
3. أهميَّة الموضوع:
• أهميَّة نظريَّة: في تطوير المفاهيم الفقهيَّة والأصوليَّة.
• أهميَّة تطبيقيَّة: في معالجة مشكلات الواقع.
4. الدِّراسات السَّابقة:
• عرض سريع لأبرز الأعمال.
• بيان أوجه النَّقص فيها.
• تبيين كيف أنَّ البحث يمثِّل إضافة أو تجديدًا.
5. إشكالية البحث (أو سؤاله الرَّئيس):
• ما المسألة الجوهريَّة التي يريد البحث حلَّها؟
6. الفرضيَّات أو التَّساؤلات الفرعيَّة:
• أسئلة أو فرضيَّات تبيِّن المسار العلمي للبحث.
7. المنهجيَّة:
• منهج استقرائي؟، تحليلي؟، مقارن؟، تأصيلي؟، نقدي؟.
8. خطَّة البحث (الفصول والمباحث):
• يجب أن ترتبط كلُّ الفصول بالإضافة أو التَّجديد المقصود.
• مثال عفوي لخطَّة بحث تجديدي:
• الفصل الأوَّل: مفاهيم التَّجديد في أصول الفقه.
• الفصل الثَّاني: الإطار التَّقليدي للمقاصد.
• الفصل الثَّالث: بناء المقاصد وفق مستجدات الواقع.
• الفصل الرَّابع: نموذج تطبيقي في النَّوازل الاقتصاديَّة.
9. مصادر البحث:
• مصادر تراثيَّة.
• دراسات معاصرة.
• مقالات حديثة.
خامسًا: نصائح عمليَّة بين الإضافة والتَّجديد:
1. لا تخلط بين التَّكرار والتَّوسعة: فالتَّوسعة الجادَّة تُعدُّ إضافة.
2. اجعل التَّجديد منضبطًا بالأصول: لا يُقبل الخروج عن منهج السَّلف بحُجَّة التَّجديد.
3. اجعل عنوانك دالًّا على الإضافة أو التَّجديد.
4. احذر من التَّجديد الإنشائي غير المدعوم بالأدلَّة.
خاتمة:
إن الجمع بين الإضافة إلى التُّراث، والتَّجديد في المنهج أو الفكرة، هو التَّحدِّي الحقيقي للباحث في الفقه وأصوله. فالبحث النَّافع هو الذي يملأ فراغًا، أو يفتح أفقًا جديدًا، ويجمع بين التَّأصيل والانطلاق للتَّطبيق، وبين احترام الموروث ومواكبة الواقع.
 
				
 
		