- انضم
- 23 أكتوبر 2007
- المشاركات
- 8,687
- الجنس
- ذكر
- الكنية
- أبو أسامة
- التخصص
- فقـــه
- الدولة
- السعودية
- المدينة
- مكة المكرمة
- المذهب الفقهي
- الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
المبادئ الأصوليَّة والقضائيَّة في كتاب عمر بن الخطَّاب إلى أبي موسى الأشعريِّ: قراءةٌ تحليليَّة
المقدِّمة:
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على سيِّدنا محمدٍّ خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، والتَّابعين وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين، أَمَّا بعد.فإنَّ البحث في اجتهادات الصَّحابة -رضي الله عنهم- يكشف عن عمق فقههم، ويُظهر بُعد نظرهم، وكيف جمعوا بين نصوص الوحي ومقاصده، وأسَّسوا بذلك القواعد الكبرى للفقه والأصول، ومن أبرز ما وصلنا في هذا الباب كتاب عمر بن الخطَّاب -رضي الله عنه- إلى أبي موسى الأشعريِّ -رضي الله عنه-، وهو نصٌّ جامعٌ لأصول القضاء والاجتهاد، يجدر بالباحثين دراسته دراسةً تحليليَّةً أصوليَّةً كاشفةً عن مكنونه ودرره.
وهذه مساهمةٌ في قراءة تحليليَّةٍ لهذه الوثيقة، بما تحملها من قواعد أصوليَّةٍ وقضائيَّةٍ وأخلاقيَّةٍ راسخة، أُنبِّه إلى قيمتها العلميَّة والتَّأسيسيَّة، وأهميَّتها في مسار الاجتهاد والقضاء، بما يفتح آفاقاً للباحثين لمزيد من الدِّراسات المتعمِّقة في هذا النَّصِّ الفريد وما يماثله من تراث الصَّحابة والتَّابعين -رضي الله عنهم-.
وتُعدُّ هذه الوثيقة من الاجتهاد المؤسِّس لفهم منهج الصَّحابة في أصول الفقه والقضاء، إذ كانوا يتعاملون مع النَّوازل والمستجدَّات بروح واعية تجمع بين النصِّ والاجتهاد، وبين مراعاة المقاصد ومصالح النَّاس.
ومن أبرز الشَّواهد على ذلك كتاب أمير المؤمنين عمر بن الخطَّاب -رضي الله عنه- إلى قاضيه أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-، وهو نصٌّ جامعٌ لقواعد الاجتهاد والقضاء، عدَّه العلماء مرجعاً تأسيسيَّاً في الفقه وأصوله، ومدوَّنة قضائيَّة مبكِّرةً في صدر الإسلام.
عرض النَّصِّ: «كتب عمر إلى أبي موسى الأشعريِّ -رضي الله عنهما-: من عبدالله عمر أمير المؤمنين إلى عبدالله بن قيس، سلامٌ عليك، فإِنِّي أحمد إليك الله الذي لا إله إِلَّا هو، أَمَّا بعد: فإِنَّ القضاء فريضةٌ محكمةٌ، وسُنَّةٌ متَّبعة، فافهم إذا أُدْلِي إليك، وأنفذ إذا تبيَّن لك؛ فإِنَّه لا ينفع تكلُّمٌ بحقٍّ لا نفاذ له، آسِ بين النَّاس في مجلسك، وفي وجهك وعدلك؛ حتَّى لا يطمع شريفٌ في حيفك، ولا ييأس ضعيفٌ من عدلك، فالبيِّنة على من ادَّعى، واليمين على من أنكر، والصُّلح جائزٌ بين النَّاس إِلَّا صلحاً أحلَّ حراماً أو حرَّم حلالاً، ولا يمنعك من قضاءٍ قضيت به اليوم فراجعت فيه نفسك، وهُديت فيه لرشدك، أن تراجع فيه الحقَّ؛ فإِنَّ الحقَّ قديمٌ، ولا يبطل الحقَّ شيءٌ، وإِنَّ مراجعة الحقِّ خيرٌ من التَّمادي في الباطل، الفَهْمَ الفَهْمَ فيما يتلجلج في نفسك ممَّا ليس في قرآنٍ ولا سُنَّة، ثُمَّ اعرف الأشباه والأمثال، وقس الأمور عند ذلك، ثُمَّ اعمد إلى أحبِّها إلى الله، وأشبهها بالحقِّ فيما ترى، فاجعل لمن ادَّعى حقَّاً غائباً أو بيِّنةً أمداً ينتهي إليه؛ فإن أحضر بيِّنةً أُخِذَ بحقِّه، وإن عجز عنها استحللت عليه القضيَّة، فإِنَّه أبلغ في العذر، وأجلى للعمى. المسلمون عدولٌ بعضهم على بعض إِلَّا مجلوداً في حدٍّ، أو مجرَّباً عليه شهادة زور، أو ظنيناً في ولاءٍ أو قرابة؛ فإِنَّ الله -تبارك وتعالى- تولَّى منكم السَّرائر، ودرأ عنكم بالبيِّنات والأيمان، وإِيَّاك والغلق والغلظ والضَّجر والتَّأذِّي بالنَّاس عند الخصوم والتَّنكُّر للخصوم في مواطن الحقِّ، التي يوجب الله فيه الأجر، ويحسن فيه الذُّخر، فمن خلُصت نيَّته ولو على نفسه، كفاه الله ما بينه وبين النَّاس، ومن تزيَّن للنَّاس بما يعلم الله أَنَّه ليس في قلبه، شانه الله؛ فإِنَّ الله لا يقبل من عبده إِلَّا ما كان له خالصاً، فما ظنُّك بثواب الله -عزَّ وجلَّ- وعاجل رزقه، وخزائن رحمته، والسَّلام عليك ورحمة الله»([1]).
أَوَّلاً: التَّحليل الأصوليُّ في الكتاب:
اشتمل كتاب عمر بن الخطَّاب -رضي الله عنه- على جملة من القواعد الكبرى؛ التي صارت معالم بارزة في أصول الفقه والقضاء؛ وهذا بيانها بإيجازٍ على النَّحو الآتي:
عرض النَّصِّ: «كتب عمر إلى أبي موسى الأشعريِّ -رضي الله عنهما-: من عبدالله عمر أمير المؤمنين إلى عبدالله بن قيس، سلامٌ عليك، فإِنِّي أحمد إليك الله الذي لا إله إِلَّا هو، أَمَّا بعد: فإِنَّ القضاء فريضةٌ محكمةٌ، وسُنَّةٌ متَّبعة، فافهم إذا أُدْلِي إليك، وأنفذ إذا تبيَّن لك؛ فإِنَّه لا ينفع تكلُّمٌ بحقٍّ لا نفاذ له، آسِ بين النَّاس في مجلسك، وفي وجهك وعدلك؛ حتَّى لا يطمع شريفٌ في حيفك، ولا ييأس ضعيفٌ من عدلك، فالبيِّنة على من ادَّعى، واليمين على من أنكر، والصُّلح جائزٌ بين النَّاس إِلَّا صلحاً أحلَّ حراماً أو حرَّم حلالاً، ولا يمنعك من قضاءٍ قضيت به اليوم فراجعت فيه نفسك، وهُديت فيه لرشدك، أن تراجع فيه الحقَّ؛ فإِنَّ الحقَّ قديمٌ، ولا يبطل الحقَّ شيءٌ، وإِنَّ مراجعة الحقِّ خيرٌ من التَّمادي في الباطل، الفَهْمَ الفَهْمَ فيما يتلجلج في نفسك ممَّا ليس في قرآنٍ ولا سُنَّة، ثُمَّ اعرف الأشباه والأمثال، وقس الأمور عند ذلك، ثُمَّ اعمد إلى أحبِّها إلى الله، وأشبهها بالحقِّ فيما ترى، فاجعل لمن ادَّعى حقَّاً غائباً أو بيِّنةً أمداً ينتهي إليه؛ فإن أحضر بيِّنةً أُخِذَ بحقِّه، وإن عجز عنها استحللت عليه القضيَّة، فإِنَّه أبلغ في العذر، وأجلى للعمى. المسلمون عدولٌ بعضهم على بعض إِلَّا مجلوداً في حدٍّ، أو مجرَّباً عليه شهادة زور، أو ظنيناً في ولاءٍ أو قرابة؛ فإِنَّ الله -تبارك وتعالى- تولَّى منكم السَّرائر، ودرأ عنكم بالبيِّنات والأيمان، وإِيَّاك والغلق والغلظ والضَّجر والتَّأذِّي بالنَّاس عند الخصوم والتَّنكُّر للخصوم في مواطن الحقِّ، التي يوجب الله فيه الأجر، ويحسن فيه الذُّخر، فمن خلُصت نيَّته ولو على نفسه، كفاه الله ما بينه وبين النَّاس، ومن تزيَّن للنَّاس بما يعلم الله أَنَّه ليس في قلبه، شانه الله؛ فإِنَّ الله لا يقبل من عبده إِلَّا ما كان له خالصاً، فما ظنُّك بثواب الله -عزَّ وجلَّ- وعاجل رزقه، وخزائن رحمته، والسَّلام عليك ورحمة الله»([1]).
أَوَّلاً: التَّحليل الأصوليُّ في الكتاب:
اشتمل كتاب عمر بن الخطَّاب -رضي الله عنه- على جملة من القواعد الكبرى؛ التي صارت معالم بارزة في أصول الفقه والقضاء؛ وهذا بيانها بإيجازٍ على النَّحو الآتي:
- إدراك أَنَّ القضاء فريضةٌ وسُنَّةٌ: مستمدٌّ من قوله: «فإِنَّ القضاء فريضةٌ محكمةٌ، وسُنَّةٌ متَّبعة»، وهو تقريرٌ لمكانة القضاء في الإسلام؛ إِذْ هو من الأعمال الشَّرعيَّة المستندة إلى الكتاب والسُّنَّة.
- الفهم والإنفاذ: مستمدٌّ من قوله: «فافهم إذا أُدْلِي إليك، وأنفذ إذا تبيَّن لك؛ فإِنَّه لا ينفع تكلُّمٌ بحقٍّ لا نفاذ له»، وفيه دعوةٌ إلى الفهم العميق، والإنفاذ الحاسم، كما أَنَّه يقرِّر أَنَّه لا يكفي العلم بالحقِّ دون تطبيقه؛ فالعمل بالحقِّ شرطٌ في نفاذه.
- إقامة العدل والمساواة في القضاء: مستمدَّةٌ من قوله: «آسِ بين النَّاس في مجلسك، وفي وجهك وعدلك»، وهو أصلٌ يُقرِّر المساواة بين الخصوم في مجلس القضاء؛ منعاً للتَّمييز؛ فلا اعتبار لجاهٍ أو نسب.
- قواعد الإثبات (البيِّنة واليمين): مستمدَّةٌ من قوله: «فالبيِّنة على من ادَّعى، واليمين على من أنكر»، وهذا أصلٌ عظيمٌ في باب الإثبات، وهي قاعدةٌ أصوليَّةٌ راسخةٌ؛ أصبحت قاعدةً كليَّةً، وأصلاً جامعاً في نظام الإثبات القضائيِّ في الشَّريعة.
- مشروعيَّة الصُّلح: مستمدَّةٌ من قوله: «والصُّلح جائزٌ بين النَّاس إِلَّا صلحاً أحلَّ حراماً أو حرَّم حلالاً»، وهو تأصيلٌ لجواز الصُّلح بين النَّاس إِلَّا فيما يخالف نصوص الشَّرع.
- مبدأ الرُّجوع إلى الحقِّ: مستمدٌّ من قوله: «ولا يمنعك من قضاءٍ قضيت به اليوم فراجعت فيه نفسك، وهُديت فيه لرشدك، أن تراجع فيه الحقَّ؛ فإِنَّ الحقَّ قديمٌ»، وهو أصلٌ في الحثِّ على مراجعة النَّفس عند الخطأ، وجواز العدول عن الاجتهاد السَّابق إذا تبيَّن الخطأ، وفيه تأكيدٌ لمبدأ تصويب الاجتهاد، واعتبار خيريَّة الرُّجوع إلى الحقِّ وعدم التَّمادي في الباطل.
- التَّحذير من التَّمادي في الباطل: مستمدٌّ من قوله: «وإِنَّ مراجعة الحقِّ خيرٌ من التَّمادي في الباطل»، وهو من أعظم قواعد الاستدراك في الاجتهاد.
- الاجتهاد بالقياس والنَّظر: مستمدٌّ من قوله: «الفَهْمَ الفَهْمَ فيما يتلجلج في نفسك ممَّا ليس في قرآنٍ ولا سُنَّة، ثُمَّ اعرف الأشباه والأمثال، وقس الأمور عند ذلك، ثُمَّ اعمد إلى أحبِّها إلى الله، وأشبهها بالحقِّ فيما ترى»، وهو أصلٌ في القياس والاجتهاد؛ إِذْ دعا إلى التَّأمُّل في الأشباه والنَّظائر، والبحث عن الأقرب إلى مقاصد الشَّرع.
- تنظيم الإجراءات القضائيَّة: مستمدٌّ من قوله: «فاجعل لمن ادَّعى حقَّاً غائباً أو بيِّنةً أمداً ينتهي إليه؛ فإن أحضر بيِّنةً أُخِذَ بحقِّه، وإن عجز عنها استحللت عليه القضيَّة، فإِنَّه أبلغ في العذر، وأجلى للعمى»، وفيه تأصيلٌ لإجراءات التَّقاضي؛ حتَّى لا يبقى النِّزاع معلَّقاً، بل يُعطى المدَّعي أجلٌ محدَّدٌ لإحضار البيِّنة.
- العدالة في الشَّهادة: مستمدَّةٌ من قوله: «المسلمون عدولٌ بعضهم على بعض إِلَّا مجلوداً في حدٍّ، أو مجرَّباً عليه شهادة زور، أو ظنيناً في ولاءٍ أو قرابة»، وفيه تقريرٌ لقاعدة العدالة الأصليَّة عند المسلمين، مع استثناءاتٍ محدودةٍ ترفع العدالة.
- الاعتماد على البيِّنات والأيمان: مستمدٌّ من قوله: «فإِنَّ الله -تبارك وتعالى- تولَّى منكم السَّرائر، ودرأ عنكم بالبيِّنات والأيمان»، وهذا أصلٌ في اكتفاء القضاء بالظَّاهر، وإلى الله تُحال السَّرائر، وهي قاعدةٌ مهمَّةٌ في القضاء.
- الأخلاق القضائيَّة: مستمدَّةٌ من قوله: «وإِيَّاك والغلق والغلظ والضَّجر والتَّأذِّي بالنَّاس عند الخصوم والتَّنكُّر للخصوم في مواطن الحقِّ، التي يوجب الله فيه الأجر، ويحسن فيه الذُّخر»، وفيه تأصيلٌ لأدب القاضي مع المتقاضين، وتحذيرٌ من الاستعلاء أو التَّضجُّر، والنَّهي عن الغلظة والتَّأذِّي بالنَّاس، والدَّعوة إلى حسن التَّعامل مع الخصوم.
- الإخلاص أساس العمل: مستمدٌّ من قوله: «فمن خلُصت نيَّته ولو على نفسه، كفاه الله ما بينه وبين النَّاس، ومن تزيَّن للنَّاس بما يعلم الله أَنَّه ليس في قلبه، شانه الله؛ فإِنَّ الله لا يقبل من عبده إِلَّا ما كان له خالصاً، فما ظنُّك بثواب الله -عزَّ وجلَّ- وعاجل رزقه، وخزائن رحمته»، وفيه تأصيلٌ لمبدأ النِّيَّة والإخلاص في القضاء والاجتهاد، وبيان أَنَّ الإخلاص أساس العمل، والتَّحذير من الرِّياء والتَّزيُّن للنَّاس؛ المفسِد للعمل.
ثانياً: التَّعليق:
هذا الكتاب من عمر -رضي الله عنه- يُعدُّ مدونةً قضائيَّةً وأصوليًّةً سبقت القوانين الوضعيَّة بقرون؛ كما أَنَّه يعكس بجلاء منهج الصَّحابة في الاجتهاد؛ ويُلحظ ذلك في الآتي:
- أَنَّه جمع بين النُّصوص الشَّرعيَّة والمصلحة العمليَّة في تنظيم القضاء.
- أَنَّه جمع بين الجانب التَّشريعيِّ الذي يؤسِّس القواعد الكبرى للعدالة، والجانب الإجرائيِّ الذي ينظِّم خطوات الخصومة، والجانب الأخلاقيِّ الذي يُزكِّي عمل القاضي.
- أَنَّه أظهر فيه وعي الصَّحابة بالمقاصد الشَّرعيَّة؛ كالعدل، ورفع الظُّلم، وحماية الحقوق.
- أَنَّه أكَّد على مرونة الاجتهاد؛ إِذْ إِنَّ القاضي ليس معصوماً، بل مأمورٌ بمراجعة نفسه إذا تبيَّن له الحق.
- أَنَّ فيه توازن بين النَّصِّ الشَّرعيِّ (القرآن والسُّنَّة) والاجتهاد العقليِّ (القياس، الأشباه والنَّظائر).
- أَنَّه أظهر نضج الفكر الأصوليِّ والمقاصديِّ في عهد الصَّحابة رضوان الله عليهم؛ حيث فتحوا باب القياس والاجتهاد والنَّظر في المصالح، مع الحرص على الموازنة بين الحقِّ الثَّابت والمصلحة الرَّاجحة، كما كشف عن وعيٍ مؤسَّسيٍّ مبكِّرٍ للدَّولة الإسلاميَّة.
- أَنَّه جمع بين القواعد الكبرى: (العدل، البيِّنة، الصُّلح، الرُّجوع إلى الحقِّ) وبين الجانب الأخلاقيِّ: (الإخلاص، حسن التَّعامل مع الخصوم).
لذلك عدَّ العلماء هذا الكتاب وثيقةً قضائيَّةً وتشريعيَّةً مبكِّرةً، ودليلاً على أَنَّ الفقه الإسلاميَّ منذ بداياته قائمٌ على الاجتهاد المنضبط؛ ولذلك اعتمد عليه الأصوليُّون، وعدُّوه أصلاً من أصول الاجتهاد، والفقهاء جعلوه أصلاً في باب القضاء.
ثالثاً: الخاتمة، وفيها ذكر أهمِّ النَّتائج، وأبرز التَّوصيات:
يُعَدُّ كتاب عمر بن الخطَّاب إلى أبي موسى الأشعريِّ -رضي الله عنهما- نصَّاً شاهداً، يبرز ريادة التَّشريع الإسلاميِّ في تأسيس قواعد العدالة، ووضع ضوابط للإجراءات القضائيًّة؛ بما ينسجم مع مقاصد الشًّريعة.
كما أَنَّه يمثِّل وثيقةً متكاملةً جمعت بين أصول الفقه، وقواعد القضاء، ومكارم الأخلاق، فجاء دليلاً على سبق الشَّريعة في بناء منظومةٍ عدليَّةٍ متوازنةٍ تحفظ الحقوق، وتحقِّق المصالح، وتضمن العدالة بين النَّاس؛ وفيما يلي أهمُّ النَّتائج وأبرز التَّوصيات التي أسفرت عنها هذه القراءة التَّحليليَّة:
أهمُّ النَّتائج:
أَوَّلاً: يتبيَّن من خلال كتاب عمر بن الخطَّاب إلى أبي موسى الأشعريِّ -رضي الله عنهما- أَنَّ الصَّحابة مارسوا الاجتهاد تطبيقاً عمليَّاً على أساسٍ من الوحي والمقاصد، فأسَّسوا بذلك قواعد عمليَّة في أصول الفقه والقضاء.
ثانياً: ركَّز الكتاب على أَنَّ القضاء فريضةٌ وسنَّةٌ، وأَنَّ العدالة لا تتحقَّق إِلَّا بالمساواة بين الخصوم، واعتماد البيِّنات والأيمان، ومشروعيَّة الصُّلح بضوابط الشَّرع، والرُّجوع إلى الحقِّ متى ظهر.
ثالثاً: أرسى الكتاب منهجاً واضحاً للاجتهاد عند غياب النَّصِّ؛ وذلك عبر القياس والنَّظر في الأشباه والنَّظائر، ممَّا يُظهر سبق الصَّحابة إلى تأسيس أصول الاستنباط والاجتهاد.
رابعاً: لم يقتصر الكتاب على الجانب الإجرائيِّ، بل قدَّم صورةً متكاملة للقضاء؛ حيث نظَّم إجراءات التَّقاضي، وحدَّد آجال البيِّنات، وبيَّن شروط العدالة في الشَّهادة، مع الاكتفاء بالظَّاهر وترك السَّرائر إلى الله تعالى.
خامساً: اهتمَّ النَّصُّ بالبعد الأخلاقيِّ للقاضي، فحذَّر من الغِلظة والضَّجر والتَّأفُّف من النَّاس، وأوصى بالإخلاص، مبيِّناً أَنَّ العمل لا يُقبل إِلَّا إذا كان خالصاً لوجه الله، وأَنَّ الرِّياء سبب للشَّين والخذلان.
أبرز التَّوصيات:
تُعدُّ التَّوصيات العلميَّة ميداناً رحباً لتوجيه الباحثين نحو موضوعات أصيلة تخدم التُّراث الأصوليَّ والفقهيَّ، وتفتح آفاقاً لدراساتٍ معمَّقةٍ في اجتهادات الصَّحابة والتَّابعين -رضوان الله عليهم-.
ويمكن أن تُبنى رسائل علميَّة متخصِّصة على كتاب عمر بن الخطَّاب إلى أبي موسى الأشعريِّ خاصَّة، أو على منهج الصَّحابة والتَّابعين في الاجتهاد والقضاء عامَّة؛ ومن أبرز تلك التَّوصيات اقترح عشرة عناوين تصلح موضوعاتٍ للبحث، مقسَّمة على المحاور الآتية: (الخلفاء الرَّاشدون - بقيَّة الصَّحابة - فقهاء الصَّحابة - التَّابعون)، وفيما يلي بيانها:
أَوَّلاً: في خصوص كتاب عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه:
ثالثاً: الخاتمة، وفيها ذكر أهمِّ النَّتائج، وأبرز التَّوصيات:
يُعَدُّ كتاب عمر بن الخطَّاب إلى أبي موسى الأشعريِّ -رضي الله عنهما- نصَّاً شاهداً، يبرز ريادة التَّشريع الإسلاميِّ في تأسيس قواعد العدالة، ووضع ضوابط للإجراءات القضائيًّة؛ بما ينسجم مع مقاصد الشًّريعة.
كما أَنَّه يمثِّل وثيقةً متكاملةً جمعت بين أصول الفقه، وقواعد القضاء، ومكارم الأخلاق، فجاء دليلاً على سبق الشَّريعة في بناء منظومةٍ عدليَّةٍ متوازنةٍ تحفظ الحقوق، وتحقِّق المصالح، وتضمن العدالة بين النَّاس؛ وفيما يلي أهمُّ النَّتائج وأبرز التَّوصيات التي أسفرت عنها هذه القراءة التَّحليليَّة:
أهمُّ النَّتائج:
أَوَّلاً: يتبيَّن من خلال كتاب عمر بن الخطَّاب إلى أبي موسى الأشعريِّ -رضي الله عنهما- أَنَّ الصَّحابة مارسوا الاجتهاد تطبيقاً عمليَّاً على أساسٍ من الوحي والمقاصد، فأسَّسوا بذلك قواعد عمليَّة في أصول الفقه والقضاء.
ثانياً: ركَّز الكتاب على أَنَّ القضاء فريضةٌ وسنَّةٌ، وأَنَّ العدالة لا تتحقَّق إِلَّا بالمساواة بين الخصوم، واعتماد البيِّنات والأيمان، ومشروعيَّة الصُّلح بضوابط الشَّرع، والرُّجوع إلى الحقِّ متى ظهر.
ثالثاً: أرسى الكتاب منهجاً واضحاً للاجتهاد عند غياب النَّصِّ؛ وذلك عبر القياس والنَّظر في الأشباه والنَّظائر، ممَّا يُظهر سبق الصَّحابة إلى تأسيس أصول الاستنباط والاجتهاد.
رابعاً: لم يقتصر الكتاب على الجانب الإجرائيِّ، بل قدَّم صورةً متكاملة للقضاء؛ حيث نظَّم إجراءات التَّقاضي، وحدَّد آجال البيِّنات، وبيَّن شروط العدالة في الشَّهادة، مع الاكتفاء بالظَّاهر وترك السَّرائر إلى الله تعالى.
خامساً: اهتمَّ النَّصُّ بالبعد الأخلاقيِّ للقاضي، فحذَّر من الغِلظة والضَّجر والتَّأفُّف من النَّاس، وأوصى بالإخلاص، مبيِّناً أَنَّ العمل لا يُقبل إِلَّا إذا كان خالصاً لوجه الله، وأَنَّ الرِّياء سبب للشَّين والخذلان.
أبرز التَّوصيات:
تُعدُّ التَّوصيات العلميَّة ميداناً رحباً لتوجيه الباحثين نحو موضوعات أصيلة تخدم التُّراث الأصوليَّ والفقهيَّ، وتفتح آفاقاً لدراساتٍ معمَّقةٍ في اجتهادات الصَّحابة والتَّابعين -رضوان الله عليهم-.
ويمكن أن تُبنى رسائل علميَّة متخصِّصة على كتاب عمر بن الخطَّاب إلى أبي موسى الأشعريِّ خاصَّة، أو على منهج الصَّحابة والتَّابعين في الاجتهاد والقضاء عامَّة؛ ومن أبرز تلك التَّوصيات اقترح عشرة عناوين تصلح موضوعاتٍ للبحث، مقسَّمة على المحاور الآتية: (الخلفاء الرَّاشدون - بقيَّة الصَّحابة - فقهاء الصَّحابة - التَّابعون)، وفيما يلي بيانها:
أَوَّلاً: في خصوص كتاب عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه:
- الأصول القضائيَّة والفقهيَّة في كتاب عمر بن الخطَّاب إلى أبي موسى الأشعريِّ -رضي الله عنهما-، دراسةٌ أصوليَّةٌ مقارنة.
- الأصول التَّشريعيَّة والأخلاقيَّة في كتاب عمر إلى أبي موسى الأشعري-رضي الله عنهما-، تحليلٌ نصِّيٌّ ومقاصدي.
- القواعد الإجرائيَّة في كتاب عمر إلى أبي موسى الأشعري -رضي الله عنهما-، وأثرها في تطوُّر الإجراء القضائيِّ الإسلاميِّ.
ثانياً: الخلفاء الرَّاشدون ومناهجهم:
- منهج الخلفاء الرَّاشدين في الاجتهاد والقضاء، دراسةٌ تأصيليَّةٌ في ضوء مصادر التَّشريع.
- أثر اجتهادات الخلفاء الرَّاشدين في تأسيس قواعد أصول الفقه.
ثالثاً: بقيَّة الصَّحابة رضوان الله عليهم:
- الاجتهاد عند الصَّحابة بعد الخلفاء الرَّاشدين رضوان الله عليهم أجمعين، دراسةٌ في النَّوازل والأقضية.
- منهج الصَّحابة رضوان الله عليهم في التَّرجيح بين النَّصِّ والاجتهاد، قراءةٌ تحليليَّةٌ في آثارهم.
رابعاً: فقهاء الصَّحابة رضوان الله عليهم:
- فقهاء الصَّحابة رضوان الله عليهم ومناهجهم في الاستنباط، دراسةٌ مقارنةٌ بين ابن مسعودٍ وابن عباسٍ وابن عمرَ رضوان الله عليهم.
- القواعد الفقهيَّة المستخلصة من فتاوى فقهاء الصَّحابة رضوان الله عليهم، جمعٌ ودراسةٌ.
خامساً: التَّابعون:
- مدرسة التَّابعين في الاجتهاد والأصول، من الرِّواية إلى التَّأسيس العلمي.
([1]) أخرجه ابن شبَّة في تاريخ المدينة (2/775) واللَّفظ له، والدَّارقطنيُّ في سننه (5/367-369)، في كتاب: في الأقضية والأحكام وغير ذلك، كتاب عمر t إلى أبي موسى الأشعري، حديث رقم: (4471)، (4472)، والبيهقيُّ في السُّنن الكبير (20/402)، في كتاب: أدب القاضي، باب: إنصاف الخصمين في المدخل عليه، والاستماع منهما، والإنصات لكلِّ واحدٍ منهما حتَّى تنفد حجَّته، وحسن الإقبال عليهما، برقم: (20490)، والبيهقيُّ -أيضاً- في السُّنن الصَّغير (4/133)، كتاب: آداب القاضي، باب: ما على القاضي في الخصوم والشُّهود، برقم: (3259)، وابن عبدالبرِّ في الاستذكار (7/103-104)، في كتاب: الأقضية، باب: ما جاء في الشَّهادات، برقم: (1388)، والخطيب البغداديُّ في الفقيه والمتفقِّه (1/493)، ذكر ما روي عن الصَّحابة والتَّابعين في الحكم بالاجتهاد وطريق القياس، والشَّجري في ترتيب الأمالي الخميسية (2/326)، في القضاة وإكرام الشُّهود، وما يتَّصل بذلك، برقم: (2628)، قال الألبانيُّ في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السَّبيل (8/241) «صحيح».
 
				
 
		