د / ربيع أحمد ( طب ).
:: متخصص ::
- إنضم
- 4 يناير 2008
- المشاركات
- 1,323
- التخصص
- طبيب تخدير
- المدينة
- الجيزة
- المذهب الفقهي
- ما وافق الدليل
نظم الدرر في بيان مفهوم القضاء والقدر
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد : فإن الباعث على كتابة هذه الكلمة هوتعريف عامة المسلمين بمعتقد القضاء والقدربأسلوب مبسط مختصر . أخوتاه القضاء لغة : الحكم والفصل ،وشرعاً : هو ما قضى به الله سبحانه وتعالى في خلقه من إيجاد أو إعدام أو تغيير ، والقدر : مصدر قدرت الشيء أقدره إذا أحطت بمقداره ، والقدر في الشرع : هو ما قدره الله تعالى في الأزل ، أن يكون في خلقه بناء على علمه السابق بذلك ، والفرق بين القضاء والقدر أن القدر : هو تقدير لشيء قبل قضائه . والقضاء هو الفراغ من الشيء فالقدر بمنزلة تقدير الخياط للثوب فهو قبل أن يفصله يقدره فيزيد وينقص فإذا فصله فقد قضاه وفرغ منه وفاته التقدير ، وعلى هذا يكون القدر سابقاً للقضاء ، والقضاء والقدر أمران متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر ؛ لأن أحدهما بمنزلة الأساس وهو القدر ، والآخر بمنزلة البناء ، وهو القضاء فمن رام الفصل بينهما فقد رام هدم البناء ونقضه ، والله قد قدر الأشياء في الأزل ، وعلم أنها ستقع في أوقات معلومة ، وعلى صفات مخصوصة ، وقد كتب الله تلك المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ، وكل ما كتبه الله قد أراده وشاءه ، وكل شيء خلقه الله على ما قدره وشاءه فلا يكون في ملك الله إلا ما أراد ،والله قد خلق الإنسان وجعل فيه إرادة وقدرة لكي يستطيع فعل الأشياء ، والمعاصي والطاعات تصدر عن إرادة الإنسان وقدرته ،وما صدر عن المخلوق فهو مخلوق فالمعاصي مخلوقة ، والطاعات مخلوقة فلا يحتج أحد بالقدر على فعل المعاصي ،فمعني أن الله قد قدر المعصية أن الله علم في الأزل أن هذا الإنسان سيقع منه هذه المعصية التي صدرت عن إرادته فكتب ذلك وأراد ذلك فالله قدر وقوع المعصية أي علم علم غيب بوقوع المعصية من الإنسان فكتب ذلك وأراد ذلك فليس في ذلك جبر على فعل المعصية ففعل الإنسان المعصية فعل باختياره لم يجبره أحد على فعلها ،وهي صادرة عن إرادته فلماذا أراد المعصية ؟ والتسجيل الشامل للأشياء والأحداث قبلوقوعها لا ينافي الاجتهاد في العمل واتخاذ الأسباب فإن الله كما كتب المسببات كتب الأسباب ، وكما قدر النتائج ، قدر المقدمات فالأخذ بالأسباب لا ينافي القدر بل هو من القدر أيضاً ،ولا حجة لأحد على المعصية بأن الله قدرها عليه؛ لأن الله لم يجبره على المعصية ، والإنسان حين أقدم على المعصية لم يكن لديه العلم بأنها مقدرة عليه ؛ لأن الإنسان لا يعلم بالمقدر إلا بعد وقوع الشيء ، فلماذا لم يقدر قبل أن يفعل المعصية أن الله قدر له الطاعة فيقوم بطاعته؟! وكما أنه في أمور الدنيا يسعى لما يرى أن فيه خيراً ويهرب مما يرى فيه شراً ، فمن المعلوم أنه لو عرض على الإنسان من أعمال الدنيا مشروعان أحدهما يرى لنفسه الخير فيه ، والثاني يرى لنفسه الشر فيه ، من المعلوم أنه يختار المشروع الأول الذي هو مشروع الخير ولا يمكن أبداً بأي حال من الأحوال أن يختار المشروع الثاني ،وهو مشروع الشر ، فلماذا لا يعامل الإنسان نفسه هذه المعاملة في عمل الآخرة ؟! ونقول لمن يحتج بالقدر على فعل المعاصي ألا تعلم أن الله قد قدر لك الحياة ؟ يقول بلى نقول له إذا مادام الله قدر لك الحياة فلم تأكل ؟ يقول حتى لا أموت نقول له إذاً إيمانك بأن الله قد كتب لك الحياة لم يجعلك تتخلف عن فعل ما يكون سببا في بقائها ،وإذا قلت له مادام الله قد قدر أن يولد لك ولد فسوف يكون لك ولد فلا داعي للزواج يقول أنت مجنون إن الزواج سبب في إنجاب الولد إذا الإيمان بالقدر لا يمنع الإتيان بالأسباب للحصول على النتائج فإذا كتب الله الجنة على العبد فلابد للعبد من الإتيان بأسباب دخول الجنة ،ومن أراد الجنة سعى إلى ما يكون سببا في دخولها ،وإذا لم يرد العبد النار سعى إلى ما يمنعه من دخولها ، فالله جعل العبد مختاراً ليس مجبوراً ، فالقول بالجبر لا يستقيم مع الإيمان بالقدر ؛ لأن الإيمان بالقدر إيمان معه الإيمان بأن العبد مختار ،وليس بمجبر فكيف يكلف الله المجبر ؟!!! فالقول بالجبر قدح في الله ،ومن ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر الرضا واليقين فمادام كل شيء بقدر الله فلابد من الرضا واليقين ؛ لأن الله لا يقدر إلا خيراً ، فإذا قدر الله على العبد مصيبة فهو يريد منه الصبر فإذا كان مؤمناً بقضاء الله وقدره فليصبر على أقدار الله المؤلمة فالصبر من الإيمان فإن لم يصبر فكيف يقول أنه مؤمن ؟ فمن حكم تقدير الله للمصائب والمحن إظهار صادق التوكل ومحسن التفويض من المتسخط الذي لا يكف جوارحه عن الوقوع فيما حرم الله كرفع الصوت عند المصيبة وشكوى الله إلى الناس ،ومن ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر الاستغناء بالخالق عن المخلوق ؛ لأن كل شيء يصيبك من خير وشر إنما هو تقدير الله ،والمخلوق ليس إلا واسطة هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وكتب ربيع أحمد طب عين شمس الفرقة السادسة الثلاثاء 23/1/ 2007 م
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد : فإن الباعث على كتابة هذه الكلمة هوتعريف عامة المسلمين بمعتقد القضاء والقدربأسلوب مبسط مختصر . أخوتاه القضاء لغة : الحكم والفصل ،وشرعاً : هو ما قضى به الله سبحانه وتعالى في خلقه من إيجاد أو إعدام أو تغيير ، والقدر : مصدر قدرت الشيء أقدره إذا أحطت بمقداره ، والقدر في الشرع : هو ما قدره الله تعالى في الأزل ، أن يكون في خلقه بناء على علمه السابق بذلك ، والفرق بين القضاء والقدر أن القدر : هو تقدير لشيء قبل قضائه . والقضاء هو الفراغ من الشيء فالقدر بمنزلة تقدير الخياط للثوب فهو قبل أن يفصله يقدره فيزيد وينقص فإذا فصله فقد قضاه وفرغ منه وفاته التقدير ، وعلى هذا يكون القدر سابقاً للقضاء ، والقضاء والقدر أمران متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر ؛ لأن أحدهما بمنزلة الأساس وهو القدر ، والآخر بمنزلة البناء ، وهو القضاء فمن رام الفصل بينهما فقد رام هدم البناء ونقضه ، والله قد قدر الأشياء في الأزل ، وعلم أنها ستقع في أوقات معلومة ، وعلى صفات مخصوصة ، وقد كتب الله تلك المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ، وكل ما كتبه الله قد أراده وشاءه ، وكل شيء خلقه الله على ما قدره وشاءه فلا يكون في ملك الله إلا ما أراد ،والله قد خلق الإنسان وجعل فيه إرادة وقدرة لكي يستطيع فعل الأشياء ، والمعاصي والطاعات تصدر عن إرادة الإنسان وقدرته ،وما صدر عن المخلوق فهو مخلوق فالمعاصي مخلوقة ، والطاعات مخلوقة فلا يحتج أحد بالقدر على فعل المعاصي ،فمعني أن الله قد قدر المعصية أن الله علم في الأزل أن هذا الإنسان سيقع منه هذه المعصية التي صدرت عن إرادته فكتب ذلك وأراد ذلك فالله قدر وقوع المعصية أي علم علم غيب بوقوع المعصية من الإنسان فكتب ذلك وأراد ذلك فليس في ذلك جبر على فعل المعصية ففعل الإنسان المعصية فعل باختياره لم يجبره أحد على فعلها ،وهي صادرة عن إرادته فلماذا أراد المعصية ؟ والتسجيل الشامل للأشياء والأحداث قبلوقوعها لا ينافي الاجتهاد في العمل واتخاذ الأسباب فإن الله كما كتب المسببات كتب الأسباب ، وكما قدر النتائج ، قدر المقدمات فالأخذ بالأسباب لا ينافي القدر بل هو من القدر أيضاً ،ولا حجة لأحد على المعصية بأن الله قدرها عليه؛ لأن الله لم يجبره على المعصية ، والإنسان حين أقدم على المعصية لم يكن لديه العلم بأنها مقدرة عليه ؛ لأن الإنسان لا يعلم بالمقدر إلا بعد وقوع الشيء ، فلماذا لم يقدر قبل أن يفعل المعصية أن الله قدر له الطاعة فيقوم بطاعته؟! وكما أنه في أمور الدنيا يسعى لما يرى أن فيه خيراً ويهرب مما يرى فيه شراً ، فمن المعلوم أنه لو عرض على الإنسان من أعمال الدنيا مشروعان أحدهما يرى لنفسه الخير فيه ، والثاني يرى لنفسه الشر فيه ، من المعلوم أنه يختار المشروع الأول الذي هو مشروع الخير ولا يمكن أبداً بأي حال من الأحوال أن يختار المشروع الثاني ،وهو مشروع الشر ، فلماذا لا يعامل الإنسان نفسه هذه المعاملة في عمل الآخرة ؟! ونقول لمن يحتج بالقدر على فعل المعاصي ألا تعلم أن الله قد قدر لك الحياة ؟ يقول بلى نقول له إذا مادام الله قدر لك الحياة فلم تأكل ؟ يقول حتى لا أموت نقول له إذاً إيمانك بأن الله قد كتب لك الحياة لم يجعلك تتخلف عن فعل ما يكون سببا في بقائها ،وإذا قلت له مادام الله قد قدر أن يولد لك ولد فسوف يكون لك ولد فلا داعي للزواج يقول أنت مجنون إن الزواج سبب في إنجاب الولد إذا الإيمان بالقدر لا يمنع الإتيان بالأسباب للحصول على النتائج فإذا كتب الله الجنة على العبد فلابد للعبد من الإتيان بأسباب دخول الجنة ،ومن أراد الجنة سعى إلى ما يكون سببا في دخولها ،وإذا لم يرد العبد النار سعى إلى ما يمنعه من دخولها ، فالله جعل العبد مختاراً ليس مجبوراً ، فالقول بالجبر لا يستقيم مع الإيمان بالقدر ؛ لأن الإيمان بالقدر إيمان معه الإيمان بأن العبد مختار ،وليس بمجبر فكيف يكلف الله المجبر ؟!!! فالقول بالجبر قدح في الله ،ومن ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر الرضا واليقين فمادام كل شيء بقدر الله فلابد من الرضا واليقين ؛ لأن الله لا يقدر إلا خيراً ، فإذا قدر الله على العبد مصيبة فهو يريد منه الصبر فإذا كان مؤمناً بقضاء الله وقدره فليصبر على أقدار الله المؤلمة فالصبر من الإيمان فإن لم يصبر فكيف يقول أنه مؤمن ؟ فمن حكم تقدير الله للمصائب والمحن إظهار صادق التوكل ومحسن التفويض من المتسخط الذي لا يكف جوارحه عن الوقوع فيما حرم الله كرفع الصوت عند المصيبة وشكوى الله إلى الناس ،ومن ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر الاستغناء بالخالق عن المخلوق ؛ لأن كل شيء يصيبك من خير وشر إنما هو تقدير الله ،والمخلوق ليس إلا واسطة هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وكتب ربيع أحمد طب عين شمس الفرقة السادسة الثلاثاء 23/1/ 2007 م