د. فؤاد بن يحيى الهاشمي
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 29 أكتوبر 2007
- المشاركات
- 9,059
- الكنية
- أبو فراس
- التخصص
- فقه
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الموضوع من إعداد: ثمرات المطابع.
-------------------------------
تأليف : أحمد حسن
الناشر : دار اقرأ للطباعة والنشر والتوزيع- دمشق - سوريا
رقم الطبعة : الأولى
تاريخ الطبعة: 01/03/2002
نوع التغليف: عادي ( ورقي )
عدد الأجزاء : 1
عدد الصفحات : 454
حجم الكتاب : 17 × 24 سم
السعر : 33.0 ريال سعودي ($8.80)
التصنيف : / فقه / نظريات فقهية
الجامعة : كلية الشريعة - جامعة دمشق
تاريخ الحصول على الدرجة :
نوع الدرجة : دكتوراه
نبذة عن الكتاب :
هذه رسالة مهمة تعالج موضوع الأجرة والإجارة ، ذلك الموضوع الذي يقول فيه بعض الباحثين ، كالدكتور عبد الوهّاب أبو سليمان : إن المطبوع من البحوث عن الإجارة وما يتعلق بها ، نادر ، بل في حكم المعدوم .
وَمن هنا فإن الحاجة ماسة إلى أمثال هذه الرسائل التي تعرض الفروض الفقهيّة بلغة العصر ، وتتعرض لمسائل الحوادث والنوازل في هذا الباب، بناء على الضوابط الشرعية .
يهدف هذا البحث إلى صياغة فقهيّة جديدة لمسألة الأجور ، تُجمع فيها المادة العلميّة ، ثم تنظم ضمن عناوين عامة تجمع الفروع الفقهية في هذا الباب .
يضاف إلى ذلك دراسة المسائل المستجدة في الباب ، وتخريجها على أساس مذاهب الفقهاء .
كما يهدف البحث أيضاً إلى إعطاء صورة واضحة لمعنى أجرة المثل ، إضافة إلى محاولة التأصيل لمسألة تقدير الأجور والأرزاق ، ودراستها من جذورها الفقهيّة ، من أجل عرض مسائل الاقتصاد الإسلامي من ينابيعه الصافية .
وَقد سلك المؤلف في بحثه هذا : المنهج الاستقرائي ، وذلك بتتبع الجزئيات الفقهية المتناثرة ، ووصفها ضمن عناوين مستقلة ، ثم اتباع المنهج التحليلي بدراسة مضمون النص الفقهي ، ومناقشته ، للوصول إلى وجهة نظر تعبّر عن الحكم الشرعي .
كما سلك المؤلف طريقة البحث الفقهي المقارن ، بعرض المسألة الفقهية ، ثم ذكر آراء العلماء ودلائلهم فيها ، ومناقشتها وصولاً للرأي الراجح ، ولم يخرج المؤلف عن المذاهب الأربعة السنّية إلى غيرها إلاّ على سبيل الندرة .
B وَقد جاءت خطة البحث كما لخصها لنا المؤلف على النحو التالي :
جاءت موضوعات الرسالة ضمن تمهيد ، وثلاثة أبواب ، وخاتمة .
"تضمّن التّمهيد تعريفاً موجزاً بعقد الإجارة ، في ثلاثة مباحث ، تضمّنت تعريف الإجارة ، وبيان مشروعيتها ، وأركانها ، وأهمّيتها في الحياة العمليّة .
وعقدت الباب الأوّل لبيان شروط الأجرة والمستأجر عليه ، فجعلته ثلاثة فصول ، تضمّن الفصل الأول شروط الأجرة ، والفصل الثاني شروط المنفعة عندما يكون العقد على منفعة ، والفصل الثالث شروط العمل عندما يكون العقد على عمل .
وخصّصت الباب الثاني لبيان أنواع الأجور ، فقسمته إلى فصلين ، تحدّثت في الفصل الأول عن أنواع الأجر المسمّى في خمسة مباحث ، تضمنّت الأجرة بالنّقود ، والعروض ، والنفقة ، والمنفعة ، والحصّة .
وتحدّثت في الفصل الثاني عن أجر المثل في خمسة مباحث تضمّنت أجر المثل في الإجارة ، والجعالة ، والشّركات ، والوكالة ، وعقود استثمار الأرض .
أما الباب الثالث ، ففصّلت فيه تقدير الأجور وبيان استحقاقها ، وقسمته إلى فصلين جعلت الفصل الأول لتقدير الأجور ، فضمّنته ثلاثة مباحث حَوَت تقدير أجور العمّال في القطاع الخاص وأجور الأعيان ، وتقدير أجور موظّفي الدّولة ، وتقدير أجر المثل .
وتضمّن الفصل الثّاني استحقاق الأجور في مبحثين ، جعلت الأوّل لبيان وقت استحقاق الأجر المسمّى والآثار المترتّبة عليه ، والثّاني لبيان وقت استحقاق أجر المثل .
ثم ختمت الرسالة بأهمّ النّتائج والمقترحات "
الخلاصة : أبـرز النتـائج : -
أولاً : تعد الإجارة المورد الأساسي لكثير من الناس سواء في ذلك إجارة الأشخاص أم إجارة الأعيان ، فشرع الله تعالى الإجارة تيسيراً على الناس ، وتسهيلاً لهم في معاشهم ، وليست هذه المشروعية على إطلاقها ، بل هي مقيدة بقيود وضوابط تضمن أمن المجتمع وسلامته ، وتمنع النزاع والخلاف ، وتطبع العبد بطابع العبودية لله عز وجل من خلال انصياعه للشريعة .
ثانياً : الأصل أن الإجارة ترد على المنافع لا الأعيان ، فلا يصح استهلاك العين في الإجارة ، ويستثنى من هذا الأصل العام جواز استهلاك العين أصالة أو تبعاً إذا لزمت الحاجة إليها .
ثالثاً : يمكن تكيف عقد الصيانة إن تضمن تقديم عين من قبل العامل على أنه بيع أو إجارة ، إذا أمكن العلم بمقدار ما يلزم من قطع الغيار ، أو كان يتوقع تغير القطع ضمن فترة زمنية محددة من استعمال الجهاز .
وإن تضمن عقد الصيانة كون قطع الغيار على مالك العين ، ومن العامل العمل وحده ، فيمكن تخريجه على أساس الإجارة ، شريطة كون الأجير أجيراً خاصاً يقدر نفعه بمدة زمنية لا بعمل .
رابعاً : التقوم الشرعي للمستأجر عليه – المنفعة والعمل – شرط من شروط ورود عقد الإجارة عليه ، فإن كان المستأجر عليه غير متقوم شرعاً حرم الاستئجار عليه ، كاستئجار آلات اللهو المحرمة ، ولاستئجار على الغناء المحرم ، والاستئجار على تشيد الكنائس والبيع وترميمها ، والاستئجار على العمل في البنوك الربوية .
خامساً : إذا أمكن استغلال العين لمنافع مباحة ولمنافع محرمة ، ثم صرح المستأجر بغرضه المحرم ، كاستئجار محل لبيع الخمر أو للعب القمار ، أو استئجار دارٍ للدعارة ، فالعقد باطل ولا أجر فيه لحرمة الغرض المستأجر له .
وإن كان غرضه المنفعة المباحة ، لكنه أستغل العين المستأجرة في ما بعد لغرض محرم ، فالعقد صحيح لازم ، وليس للمؤجر فسخه ، بل يأمر المستأجر بإزالة المنكر ، فإن أصر المستأجر على المعصية رفع المؤجر الأمر إلى الحاكم ، وللحاكم فسخ العقد أو إجارة العين لمصلحة المستأجر ضمن المدة التي ملك فيها منافع العين .
سادساً : التقوم العرفي للمنفعة شرط من شروط ورود الإجارة عليها ، وهذا التقوم يخضع للعرف ، طبقاً لاختلاف الزمان والمكان ، فما عده الناس منفعة متقوّمة ، شريطة كون المنفعة متقومة شرعاً .
سابعاً : جرى العرف الاجتماعي المعاصر على كون الابتكار يتضمن منفعة مالية متقومة ، ومن ثم يجوز خضوعه للإجارة بعد إحرازه في وعاء مادي .
ثامناً : العناصر المعنوية للمحل التجاري من الاسم التجاري ، والعلامة التجارية ، والعنوان التجاري عندما يقوم بدور الاسم التجاري ، تتضمن منافع متقومة في عرفنا المعاصر ، ومن ثم يجوز ورود الإجارة عليها شريطة بقاء مزاياها التي أكسبتها القيمة .
تاسعاً : تجوز إجارة الرخص التجارية لتضمنها منافع متقومة ، وقد جرى العرف المعاصر على ماليتها .
عاشراً : الشهادات العلمية التي تخول حاملها فتح محل لبيع الأدوية ، كشهادة الصيدلي والطبيب البيطري والمهندس الزراعي تعد منافع مالية متقومة في عرفنا المعاصر ، لأن حاملها قد بذل الجهد والمال في سبيل تحصيلها ، وهي محرزة في الورقة المسجلة ، المدون فيها أهلية حاملها العلمية ، ومعتمدة من الجهات الرسمية .
حادي عشر : تجوز إجارة الشهادات العلمية لمن يحمل المؤهل العلمي ذاته ، إذ قد يكون أحدهم لديه المؤهل العلمي المطلوب لممارسة بيع الأدوية ، لكن لظرفٍ ما منع من امتلاك المحل الذي يخوله ممارسة هذه المهنة بشهادته العلمية .
كذلك تجوز إجارة الشهادات العلمية ذات الصلة بمحلات بيع الأدوية لمن يرغب فتح مستودع لبيع الأدوية ، ولو لم يحمل المؤهل العلمي ، لأنه يقوم بتوزيع الدواء على حاملي المؤهلات العلمية لا على الجمهور المستهلكين .
ولا تجوز إجارة الشهادات العلمية ذات الصلة بمحلات بيع الأدوية لمن يرغب بفتح صيدلية وهو لا يحمل المؤهل العلمي المطلوب ، لأن تلك الشهادات العلمية – وإن تضمنت منافع مالية متقومة – إلا أن مبدأ سد الذرائع في الفقه الإسلامي يمنع إجارتها ، لأن فتح هذا الباب ذريعة لحصول الضرر في المجتمع ، فأي خلل في بيع وصفة طبية قد يودي بحياة الإنسان أو الحيوان أو النبات ، والمحافظة على الأبدان والأموال مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية ، فيحظر التصرف الضار بهما .
ثاني عشر : إن قرار مجمع الفقه الإسلامي في تخريج جواز بدل الخلو إذا كان ضمن مدة الإجارة محل نظر من حيث تسمية هذه الإجارة خلواً ، لأنه ليس خلواً وإنما إجارة للعين المستأجرة ، والخلو المتعارف عليه لا يتقيد بمدة زمنية .
ثالث عشر : لا يصح القول بوجود خلاف في هذا العصر في أخذ الأجر على القربات الدينية التي تصح النيابة فيها ، لأن الفقهاء اختلفوا في الاستئجار عليها حين كان للقائمين بها أرزاق من بيت المال ، أما وإن الأرزاق قد انقطعت ، فينبغي أن لا يكون هناك خلاف في صحة الاستئجار عليها ، إذ لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان .
رابع عشر : تجوز إجارة الأرض للإنتاج الزراعي بالنقود وبالمنافع وبالعروض ، أياً كانت العروض ، بعد أن يبيح الشارع التعامل بها ، وتحمل أحاديث النبي عن إجارة الأرض على ورودها لإرشاد الأنصار إلى إعارتها للمهاجرين رضي الله عنهم نظراً لحاجتهم ، وتحمل أيضاً على المنع من إجارتها بشيءٍ مجهول .
خامس عشر : تجوز إجارة الدار مقابل ترميمها ، شريطة تحديد نوع العمل اللازم لها بحيث تكن ضبط المقدار اللازم لها ، ويحمل على الوسط .
سادس عشر : إن استئجار الأجير للعمل بحصةٍ شائعةٍ من الإنتاج ، كعمل السائق في قيادة وسيلة النقل مقابل نسبة مئوية من الغلة ، يجوز عند بعض الحنفية وبعض المالكية إن جرى العرف بذلك ، ويجوز عند الحنابلة وبعض السلف ولو لم يجري العرف به .
سابع عشر : إن التخريج الذي ذكره الونشريسي المالكي في جواز الاستئجار بحصة من الإنتاج عند تقابل المنفعتين ، يجعل نصف منفعة العامل بإزاء نصف منفعة العين ، يعد تخريجاً معتمداً باتفاق الفقهاء ، لعدم الجهالة ، ولا اختلاف جنس المنفعتين .
ثامن عشر : أجر المثل هو قيمة المنفعة في سوق العرض والطلب عندما يكون السوق حراً من أي قيد .
تاسع عشر : يجوز استئجار الشريك في شركة الأملاك عند الجمهور خلافاً للحنفية .
ويبدو جواز استئجار الشريك في شركة العقود بعد انعقادها عند الجمهور خلافاً للحنفية ، لأنها بعد الانعقاد تكون في حكم شركة الأملاك .
عشرين : تقدر أجور العمال في القطاع الخاص ، والأجير المشترك ، وأجور الأعيان في ظل الظروف الطبيعية للسوق على أساس اتفاق الإرادتين على أجر معلوم ، ويخضع ذلك التقدير في الغالب لسوق العرض والطلب .
واحداً وعشرين : تقدر أجور العمال في القطاع الخاص والأجير المشترك وأجور الأعيان في ظل ظروف استغلال السوق على أساس قيمة المنفعة ، وذلك بتسعير الأعمال من قبل الإمام ، ليعيد التوازن بين الأجر الاسمي والأجر الحقيقي للمنفعة من خلال إلزام الناس بأجر المثل .
ثانياً وعشرين : الرزق مصطلح فقهي له دلالات متعددة ، فتارة يستخدم بمعنى العوض المادي لقاء عمل موظفي الدولة ، فيكيف على إنه أجر .
وتارة يستخدم بمعنى ما يعطى من الدولة لمن فرغ نفسه للقيام بعمل من الأعمال الدينية التي لا يصح الاستئجار عليها عند بعض الفقهاء ، فمن منع الاستئجار عليها كَيَّف الرزق مقابلها على أنه إحسان من الدولة ، مع مراعاة أنه لا يعطى إلا مقابل القيام بعمل ، وسبب ذلك كون تلك الأعمال من القربات الدينية الواجبة ، ولأن فاعلها ينال ثواب من الله ، وهو عامل لنفسه فلا تكون الأجرة والمنفعة له .
وتارة يكيف الرزق بمعنى الإحسان المحض من الدولة لرعاياها وهو ما يسمى بالضمان الاجتماعي الذي تقوم به الدولة .
رابعاً وعشرين : إن ما ورد من اشتراط العلم بالأجر ، يتساهل فيه فيما يتعلق بأجر موظفي الدولة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نص على أجر مقدر بالكفاية فيما يتعلق بمرتب موظفي الدولة .
خامساً وعشرين : إن تقدير أجور موظفي الدولة لا يخضع لقانون العرض والطلب ، بل يكون مقدراً على أساس كفاية الموظف ، وتختلف الأجور تبعاً لارتفاع الأسعار ، وعدد من يعول الموظف ، وتبعاً لاختلاف البلدان والوظائف .
سادساً وعشرين : لما كان تقدير أجور موظفي الدولة يقوم على معايير تختلف باختلاف الأشخاص والأزمنة والأمكنة ، دل هذا على أن الاقتصاد الإسلامي يقرر مبدأ التفاوت في الدخول ، لأنه اقتصاد يقوم على العدالة ، وليس من العدالة فرض مرتب متساوٍ لجميع موظفي الدولة .
سابعاً وعشرين : إذا رأى الحاكم أن يزيد في مرتبات موظفي الدولة على مقدار الكفاية ، فإن له ذلك ، وهو ما ذهب إليه الحنفية والحنابلة في قولٍ ، وقد أيده ابن خلدون في تحليلٍ اقتصادي ٍ لمسألة زيادة مرتبات موظفي الدولة ، مبيناً أن تلك الزيادة تعود على الدولة والمجتمع بالنفع ، لأن زيادة مرتبات الموظفين تؤدي إلى زيادة النفقات ، فيكثر الطلب على السلع والمنافع ، وتنشط حركة السوق فيعم الرخاء .
ثامناً وعشرين : إن تقرير الاقتصاد الإسلامي مراعاة من يعول الموظف عند تقدير
أجره ، بحيث يكفيه مرتبه ولو ازداد عدد أفراد أسرته – حافز للموظفين على إكثار النسل – مادامت الدولة تتولى الإنفاق عليهم .
تاسعاً وعشرين : يقدر أجر المثل المقومون من أهل الخبرة بمعرفة الأسعار ، معتمدين في تقديرهم على عوامل تتمثل في اعتبار الشبه بين العامل المقرر له أجر المثل وبين أمثاله من العمال ، وكذلك بين العين الواجب أجر المثل عند استيفاء منفعتها أو تفويتها وبين الأعيان المشابهة لها . واعتبار زمان الاستئجار ومكانه لاختلاف الأسعار فيهما ويكون تقدير أجر المثل بالنقود وإن قدر الأجر عند العقد بغيرها ، لأن أجر المثل قيمة المنفعة ، والنقد هو القيمة ، ولو أختلف أجر المثل فالوسط .
ثلاثين : يستحق الأجر في إجارة الأعيان وإجارة الأجير الخاص عند انتفاء القيود المؤثرة في وقت استحقاق الأجر ، مياومة ، أو في اجتياز كل مرحلة بالنسبة لوسائل النقل ، لأن المدة تعد من جوهر تلك الإجارات ، فيستحق الأجر شيئاً فشيئاً بمضي المدة أما الأجير المشترك – إذا انتقلت القيود المؤثرة في وقت استحقاق أجره – فإنه يستحق الأجر بالفراغ من العمل .
واحداً وثلاثين : ليس للأجير الخاص أن يعمل لغير مستأجره الأول ضمن الأوقات التي خصصها له ، فإن عمل للمستأجر الثاني ضمن الوقت الذي خصصه له المستأجر الأول ، ينقص من أجره بمقدار الوقت الذي صرفه للمستأجر الثاني عند الحنفية ، أما عند المالكية فالمستأجر الأول بالخيار بين أن يأخذ من أجيره ما عمله للمستأجر الثاني وبين أن يحسم من الأجرة التي خصصها لأجيره بمقدار ما يصرف من الوقت للمستأجر الثاني .
وأما الحنابلة فتارة قالوا يرجع المستأجر الأول على الأجير بقيمة ما عمل للثاني ، وتارة قالوا يرجع بالأجر المسمى الذي أخذه أجيره من المستأجر الثاني ، وقد رجح المرداوي القول الأول ورجح القاضي القول الثاني .
ثانياً وثلاثين : للأجير الخاص أن يعمل لغير مستأجره الأول بعد انتهاء ساعات العمل التي حددها له المستأجر الأول ، ويستحق الأجر كاملاً ؛ على أنه يراعي أن لا يكون العمل الثاني مضراً بالأول فيسبب للعامل إرهاقاً لنفسه بحيث يقصر في أداء عمله الأول .
ثالثاً وثلاثين : إذا غاب الأجير الخاص عن العمل بسبب أداء الصلوات الخمس وسننها ، استحق الأجر مدة غيابه ، لأن تلك الأوقات مستثناة من الإجارة بحكم الشرع ؛ إلا أنه ينبغي تخفيف الصلاة مع إتمامها .
رابعاً وثلاثين : لا تعد الإجارة عذراً في ترك الأجير صلاة الجمعة في المعتمد عند الفقهاء ، ويستحق الأجر ما لم تطل مدة غيابه ، فإن طال غيابه عن العمل أكثر من ربع مدة عمله في النهار سقط من أجره مدة غيابه ، جمعاً بين حق الله وحق العبد .
خامساً وثلاثين : إذا غاب الأجير الخاص عن العمل من غير عذر ، سقط أجره مدة غيابه ؛ وكذلك إذا غاب عن العمل لعذرٍ سقط أجره مدة غيابه ، لآن الأجر عوض المنفعة ، فلا يُستحقّ الأجر ما لم تسلم المنفعة ؛ إلا إذا جرى العرف بالمسامحة عند الغياب لعذر ، أو أشترط الأجير ذلك .
وليس للأجير الخاص أن ينيب غيره في عمله إلا بموافقة من المستأجر ، فإن لم يأذن المستأجر بذلك فلا يستحق الأجر مدة غيابه .
& أما التوصيــات فهي : -
أولاً : ضرورة النظر في مرتبات موظفي الدولة ، ليتحقق لهم حد الكفاية ، كما هو مقرر في النظام الاقتصادي الإسلامي ، لأن هذا المبدأ كفيل بنشر العدل بين أفراد المجتمع وإغلاق باب الرشاوي ، التي يعد السبب الأساسي في فشوها في هذا العصر عدم كفاية مرتبات الموظفين لمواكبة غلاء الأسعار ، وازدياد الحاجيات ، ولن تستقر الأحوال ، ولن يزول الفساد إلا بعد تحسين مرتبات هذه الفئة .
ثانياً : ضرورة النظر في الإجازات التي أمتنع المستأجرون فيها من تسليم الدور لمالكيها ، وقد وقف القانون مع هذه الفئة على حساب المؤجرين .
فينبغي النظر بعين العدالة وعدم إرغام المؤجرين بذلك ، فإن قضت الضرورة بإلزام المؤجر بالإجارة ، فينبغي إعطاؤه أجر المثل لا المسمى .
-------------------------------
نظرية الأجور في الفقه الإسلامي
تأليف : أحمد حسن
الناشر : دار اقرأ للطباعة والنشر والتوزيع- دمشق - سوريا
رقم الطبعة : الأولى
تاريخ الطبعة: 01/03/2002
نوع التغليف: عادي ( ورقي )
عدد الأجزاء : 1
عدد الصفحات : 454
حجم الكتاب : 17 × 24 سم
السعر : 33.0 ريال سعودي ($8.80)
التصنيف : / فقه / نظريات فقهية
الجامعة : كلية الشريعة - جامعة دمشق
تاريخ الحصول على الدرجة :
نوع الدرجة : دكتوراه
نبذة عن الكتاب :
هذه رسالة مهمة تعالج موضوع الأجرة والإجارة ، ذلك الموضوع الذي يقول فيه بعض الباحثين ، كالدكتور عبد الوهّاب أبو سليمان : إن المطبوع من البحوث عن الإجارة وما يتعلق بها ، نادر ، بل في حكم المعدوم .
وَمن هنا فإن الحاجة ماسة إلى أمثال هذه الرسائل التي تعرض الفروض الفقهيّة بلغة العصر ، وتتعرض لمسائل الحوادث والنوازل في هذا الباب، بناء على الضوابط الشرعية .
يهدف هذا البحث إلى صياغة فقهيّة جديدة لمسألة الأجور ، تُجمع فيها المادة العلميّة ، ثم تنظم ضمن عناوين عامة تجمع الفروع الفقهية في هذا الباب .
يضاف إلى ذلك دراسة المسائل المستجدة في الباب ، وتخريجها على أساس مذاهب الفقهاء .
كما يهدف البحث أيضاً إلى إعطاء صورة واضحة لمعنى أجرة المثل ، إضافة إلى محاولة التأصيل لمسألة تقدير الأجور والأرزاق ، ودراستها من جذورها الفقهيّة ، من أجل عرض مسائل الاقتصاد الإسلامي من ينابيعه الصافية .
وَقد سلك المؤلف في بحثه هذا : المنهج الاستقرائي ، وذلك بتتبع الجزئيات الفقهية المتناثرة ، ووصفها ضمن عناوين مستقلة ، ثم اتباع المنهج التحليلي بدراسة مضمون النص الفقهي ، ومناقشته ، للوصول إلى وجهة نظر تعبّر عن الحكم الشرعي .
كما سلك المؤلف طريقة البحث الفقهي المقارن ، بعرض المسألة الفقهية ، ثم ذكر آراء العلماء ودلائلهم فيها ، ومناقشتها وصولاً للرأي الراجح ، ولم يخرج المؤلف عن المذاهب الأربعة السنّية إلى غيرها إلاّ على سبيل الندرة .
B وَقد جاءت خطة البحث كما لخصها لنا المؤلف على النحو التالي :
جاءت موضوعات الرسالة ضمن تمهيد ، وثلاثة أبواب ، وخاتمة .
"تضمّن التّمهيد تعريفاً موجزاً بعقد الإجارة ، في ثلاثة مباحث ، تضمّنت تعريف الإجارة ، وبيان مشروعيتها ، وأركانها ، وأهمّيتها في الحياة العمليّة .
وعقدت الباب الأوّل لبيان شروط الأجرة والمستأجر عليه ، فجعلته ثلاثة فصول ، تضمّن الفصل الأول شروط الأجرة ، والفصل الثاني شروط المنفعة عندما يكون العقد على منفعة ، والفصل الثالث شروط العمل عندما يكون العقد على عمل .
وخصّصت الباب الثاني لبيان أنواع الأجور ، فقسمته إلى فصلين ، تحدّثت في الفصل الأول عن أنواع الأجر المسمّى في خمسة مباحث ، تضمنّت الأجرة بالنّقود ، والعروض ، والنفقة ، والمنفعة ، والحصّة .
وتحدّثت في الفصل الثاني عن أجر المثل في خمسة مباحث تضمّنت أجر المثل في الإجارة ، والجعالة ، والشّركات ، والوكالة ، وعقود استثمار الأرض .
أما الباب الثالث ، ففصّلت فيه تقدير الأجور وبيان استحقاقها ، وقسمته إلى فصلين جعلت الفصل الأول لتقدير الأجور ، فضمّنته ثلاثة مباحث حَوَت تقدير أجور العمّال في القطاع الخاص وأجور الأعيان ، وتقدير أجور موظّفي الدّولة ، وتقدير أجر المثل .
وتضمّن الفصل الثّاني استحقاق الأجور في مبحثين ، جعلت الأوّل لبيان وقت استحقاق الأجر المسمّى والآثار المترتّبة عليه ، والثّاني لبيان وقت استحقاق أجر المثل .
ثم ختمت الرسالة بأهمّ النّتائج والمقترحات "
الخلاصة : أبـرز النتـائج : -
أولاً : تعد الإجارة المورد الأساسي لكثير من الناس سواء في ذلك إجارة الأشخاص أم إجارة الأعيان ، فشرع الله تعالى الإجارة تيسيراً على الناس ، وتسهيلاً لهم في معاشهم ، وليست هذه المشروعية على إطلاقها ، بل هي مقيدة بقيود وضوابط تضمن أمن المجتمع وسلامته ، وتمنع النزاع والخلاف ، وتطبع العبد بطابع العبودية لله عز وجل من خلال انصياعه للشريعة .
ثانياً : الأصل أن الإجارة ترد على المنافع لا الأعيان ، فلا يصح استهلاك العين في الإجارة ، ويستثنى من هذا الأصل العام جواز استهلاك العين أصالة أو تبعاً إذا لزمت الحاجة إليها .
ثالثاً : يمكن تكيف عقد الصيانة إن تضمن تقديم عين من قبل العامل على أنه بيع أو إجارة ، إذا أمكن العلم بمقدار ما يلزم من قطع الغيار ، أو كان يتوقع تغير القطع ضمن فترة زمنية محددة من استعمال الجهاز .
وإن تضمن عقد الصيانة كون قطع الغيار على مالك العين ، ومن العامل العمل وحده ، فيمكن تخريجه على أساس الإجارة ، شريطة كون الأجير أجيراً خاصاً يقدر نفعه بمدة زمنية لا بعمل .
رابعاً : التقوم الشرعي للمستأجر عليه – المنفعة والعمل – شرط من شروط ورود عقد الإجارة عليه ، فإن كان المستأجر عليه غير متقوم شرعاً حرم الاستئجار عليه ، كاستئجار آلات اللهو المحرمة ، ولاستئجار على الغناء المحرم ، والاستئجار على تشيد الكنائس والبيع وترميمها ، والاستئجار على العمل في البنوك الربوية .
خامساً : إذا أمكن استغلال العين لمنافع مباحة ولمنافع محرمة ، ثم صرح المستأجر بغرضه المحرم ، كاستئجار محل لبيع الخمر أو للعب القمار ، أو استئجار دارٍ للدعارة ، فالعقد باطل ولا أجر فيه لحرمة الغرض المستأجر له .
وإن كان غرضه المنفعة المباحة ، لكنه أستغل العين المستأجرة في ما بعد لغرض محرم ، فالعقد صحيح لازم ، وليس للمؤجر فسخه ، بل يأمر المستأجر بإزالة المنكر ، فإن أصر المستأجر على المعصية رفع المؤجر الأمر إلى الحاكم ، وللحاكم فسخ العقد أو إجارة العين لمصلحة المستأجر ضمن المدة التي ملك فيها منافع العين .
سادساً : التقوم العرفي للمنفعة شرط من شروط ورود الإجارة عليها ، وهذا التقوم يخضع للعرف ، طبقاً لاختلاف الزمان والمكان ، فما عده الناس منفعة متقوّمة ، شريطة كون المنفعة متقومة شرعاً .
سابعاً : جرى العرف الاجتماعي المعاصر على كون الابتكار يتضمن منفعة مالية متقومة ، ومن ثم يجوز خضوعه للإجارة بعد إحرازه في وعاء مادي .
ثامناً : العناصر المعنوية للمحل التجاري من الاسم التجاري ، والعلامة التجارية ، والعنوان التجاري عندما يقوم بدور الاسم التجاري ، تتضمن منافع متقومة في عرفنا المعاصر ، ومن ثم يجوز ورود الإجارة عليها شريطة بقاء مزاياها التي أكسبتها القيمة .
تاسعاً : تجوز إجارة الرخص التجارية لتضمنها منافع متقومة ، وقد جرى العرف المعاصر على ماليتها .
عاشراً : الشهادات العلمية التي تخول حاملها فتح محل لبيع الأدوية ، كشهادة الصيدلي والطبيب البيطري والمهندس الزراعي تعد منافع مالية متقومة في عرفنا المعاصر ، لأن حاملها قد بذل الجهد والمال في سبيل تحصيلها ، وهي محرزة في الورقة المسجلة ، المدون فيها أهلية حاملها العلمية ، ومعتمدة من الجهات الرسمية .
حادي عشر : تجوز إجارة الشهادات العلمية لمن يحمل المؤهل العلمي ذاته ، إذ قد يكون أحدهم لديه المؤهل العلمي المطلوب لممارسة بيع الأدوية ، لكن لظرفٍ ما منع من امتلاك المحل الذي يخوله ممارسة هذه المهنة بشهادته العلمية .
كذلك تجوز إجارة الشهادات العلمية ذات الصلة بمحلات بيع الأدوية لمن يرغب فتح مستودع لبيع الأدوية ، ولو لم يحمل المؤهل العلمي ، لأنه يقوم بتوزيع الدواء على حاملي المؤهلات العلمية لا على الجمهور المستهلكين .
ولا تجوز إجارة الشهادات العلمية ذات الصلة بمحلات بيع الأدوية لمن يرغب بفتح صيدلية وهو لا يحمل المؤهل العلمي المطلوب ، لأن تلك الشهادات العلمية – وإن تضمنت منافع مالية متقومة – إلا أن مبدأ سد الذرائع في الفقه الإسلامي يمنع إجارتها ، لأن فتح هذا الباب ذريعة لحصول الضرر في المجتمع ، فأي خلل في بيع وصفة طبية قد يودي بحياة الإنسان أو الحيوان أو النبات ، والمحافظة على الأبدان والأموال مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية ، فيحظر التصرف الضار بهما .
ثاني عشر : إن قرار مجمع الفقه الإسلامي في تخريج جواز بدل الخلو إذا كان ضمن مدة الإجارة محل نظر من حيث تسمية هذه الإجارة خلواً ، لأنه ليس خلواً وإنما إجارة للعين المستأجرة ، والخلو المتعارف عليه لا يتقيد بمدة زمنية .
ثالث عشر : لا يصح القول بوجود خلاف في هذا العصر في أخذ الأجر على القربات الدينية التي تصح النيابة فيها ، لأن الفقهاء اختلفوا في الاستئجار عليها حين كان للقائمين بها أرزاق من بيت المال ، أما وإن الأرزاق قد انقطعت ، فينبغي أن لا يكون هناك خلاف في صحة الاستئجار عليها ، إذ لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان .
رابع عشر : تجوز إجارة الأرض للإنتاج الزراعي بالنقود وبالمنافع وبالعروض ، أياً كانت العروض ، بعد أن يبيح الشارع التعامل بها ، وتحمل أحاديث النبي عن إجارة الأرض على ورودها لإرشاد الأنصار إلى إعارتها للمهاجرين رضي الله عنهم نظراً لحاجتهم ، وتحمل أيضاً على المنع من إجارتها بشيءٍ مجهول .
خامس عشر : تجوز إجارة الدار مقابل ترميمها ، شريطة تحديد نوع العمل اللازم لها بحيث تكن ضبط المقدار اللازم لها ، ويحمل على الوسط .
سادس عشر : إن استئجار الأجير للعمل بحصةٍ شائعةٍ من الإنتاج ، كعمل السائق في قيادة وسيلة النقل مقابل نسبة مئوية من الغلة ، يجوز عند بعض الحنفية وبعض المالكية إن جرى العرف بذلك ، ويجوز عند الحنابلة وبعض السلف ولو لم يجري العرف به .
سابع عشر : إن التخريج الذي ذكره الونشريسي المالكي في جواز الاستئجار بحصة من الإنتاج عند تقابل المنفعتين ، يجعل نصف منفعة العامل بإزاء نصف منفعة العين ، يعد تخريجاً معتمداً باتفاق الفقهاء ، لعدم الجهالة ، ولا اختلاف جنس المنفعتين .
ثامن عشر : أجر المثل هو قيمة المنفعة في سوق العرض والطلب عندما يكون السوق حراً من أي قيد .
تاسع عشر : يجوز استئجار الشريك في شركة الأملاك عند الجمهور خلافاً للحنفية .
ويبدو جواز استئجار الشريك في شركة العقود بعد انعقادها عند الجمهور خلافاً للحنفية ، لأنها بعد الانعقاد تكون في حكم شركة الأملاك .
عشرين : تقدر أجور العمال في القطاع الخاص ، والأجير المشترك ، وأجور الأعيان في ظل الظروف الطبيعية للسوق على أساس اتفاق الإرادتين على أجر معلوم ، ويخضع ذلك التقدير في الغالب لسوق العرض والطلب .
واحداً وعشرين : تقدر أجور العمال في القطاع الخاص والأجير المشترك وأجور الأعيان في ظل ظروف استغلال السوق على أساس قيمة المنفعة ، وذلك بتسعير الأعمال من قبل الإمام ، ليعيد التوازن بين الأجر الاسمي والأجر الحقيقي للمنفعة من خلال إلزام الناس بأجر المثل .
ثانياً وعشرين : الرزق مصطلح فقهي له دلالات متعددة ، فتارة يستخدم بمعنى العوض المادي لقاء عمل موظفي الدولة ، فيكيف على إنه أجر .
وتارة يستخدم بمعنى ما يعطى من الدولة لمن فرغ نفسه للقيام بعمل من الأعمال الدينية التي لا يصح الاستئجار عليها عند بعض الفقهاء ، فمن منع الاستئجار عليها كَيَّف الرزق مقابلها على أنه إحسان من الدولة ، مع مراعاة أنه لا يعطى إلا مقابل القيام بعمل ، وسبب ذلك كون تلك الأعمال من القربات الدينية الواجبة ، ولأن فاعلها ينال ثواب من الله ، وهو عامل لنفسه فلا تكون الأجرة والمنفعة له .
وتارة يكيف الرزق بمعنى الإحسان المحض من الدولة لرعاياها وهو ما يسمى بالضمان الاجتماعي الذي تقوم به الدولة .
رابعاً وعشرين : إن ما ورد من اشتراط العلم بالأجر ، يتساهل فيه فيما يتعلق بأجر موظفي الدولة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نص على أجر مقدر بالكفاية فيما يتعلق بمرتب موظفي الدولة .
خامساً وعشرين : إن تقدير أجور موظفي الدولة لا يخضع لقانون العرض والطلب ، بل يكون مقدراً على أساس كفاية الموظف ، وتختلف الأجور تبعاً لارتفاع الأسعار ، وعدد من يعول الموظف ، وتبعاً لاختلاف البلدان والوظائف .
سادساً وعشرين : لما كان تقدير أجور موظفي الدولة يقوم على معايير تختلف باختلاف الأشخاص والأزمنة والأمكنة ، دل هذا على أن الاقتصاد الإسلامي يقرر مبدأ التفاوت في الدخول ، لأنه اقتصاد يقوم على العدالة ، وليس من العدالة فرض مرتب متساوٍ لجميع موظفي الدولة .
سابعاً وعشرين : إذا رأى الحاكم أن يزيد في مرتبات موظفي الدولة على مقدار الكفاية ، فإن له ذلك ، وهو ما ذهب إليه الحنفية والحنابلة في قولٍ ، وقد أيده ابن خلدون في تحليلٍ اقتصادي ٍ لمسألة زيادة مرتبات موظفي الدولة ، مبيناً أن تلك الزيادة تعود على الدولة والمجتمع بالنفع ، لأن زيادة مرتبات الموظفين تؤدي إلى زيادة النفقات ، فيكثر الطلب على السلع والمنافع ، وتنشط حركة السوق فيعم الرخاء .
ثامناً وعشرين : إن تقرير الاقتصاد الإسلامي مراعاة من يعول الموظف عند تقدير
أجره ، بحيث يكفيه مرتبه ولو ازداد عدد أفراد أسرته – حافز للموظفين على إكثار النسل – مادامت الدولة تتولى الإنفاق عليهم .
تاسعاً وعشرين : يقدر أجر المثل المقومون من أهل الخبرة بمعرفة الأسعار ، معتمدين في تقديرهم على عوامل تتمثل في اعتبار الشبه بين العامل المقرر له أجر المثل وبين أمثاله من العمال ، وكذلك بين العين الواجب أجر المثل عند استيفاء منفعتها أو تفويتها وبين الأعيان المشابهة لها . واعتبار زمان الاستئجار ومكانه لاختلاف الأسعار فيهما ويكون تقدير أجر المثل بالنقود وإن قدر الأجر عند العقد بغيرها ، لأن أجر المثل قيمة المنفعة ، والنقد هو القيمة ، ولو أختلف أجر المثل فالوسط .
ثلاثين : يستحق الأجر في إجارة الأعيان وإجارة الأجير الخاص عند انتفاء القيود المؤثرة في وقت استحقاق الأجر ، مياومة ، أو في اجتياز كل مرحلة بالنسبة لوسائل النقل ، لأن المدة تعد من جوهر تلك الإجارات ، فيستحق الأجر شيئاً فشيئاً بمضي المدة أما الأجير المشترك – إذا انتقلت القيود المؤثرة في وقت استحقاق أجره – فإنه يستحق الأجر بالفراغ من العمل .
واحداً وثلاثين : ليس للأجير الخاص أن يعمل لغير مستأجره الأول ضمن الأوقات التي خصصها له ، فإن عمل للمستأجر الثاني ضمن الوقت الذي خصصه له المستأجر الأول ، ينقص من أجره بمقدار الوقت الذي صرفه للمستأجر الثاني عند الحنفية ، أما عند المالكية فالمستأجر الأول بالخيار بين أن يأخذ من أجيره ما عمله للمستأجر الثاني وبين أن يحسم من الأجرة التي خصصها لأجيره بمقدار ما يصرف من الوقت للمستأجر الثاني .
وأما الحنابلة فتارة قالوا يرجع المستأجر الأول على الأجير بقيمة ما عمل للثاني ، وتارة قالوا يرجع بالأجر المسمى الذي أخذه أجيره من المستأجر الثاني ، وقد رجح المرداوي القول الأول ورجح القاضي القول الثاني .
ثانياً وثلاثين : للأجير الخاص أن يعمل لغير مستأجره الأول بعد انتهاء ساعات العمل التي حددها له المستأجر الأول ، ويستحق الأجر كاملاً ؛ على أنه يراعي أن لا يكون العمل الثاني مضراً بالأول فيسبب للعامل إرهاقاً لنفسه بحيث يقصر في أداء عمله الأول .
ثالثاً وثلاثين : إذا غاب الأجير الخاص عن العمل بسبب أداء الصلوات الخمس وسننها ، استحق الأجر مدة غيابه ، لأن تلك الأوقات مستثناة من الإجارة بحكم الشرع ؛ إلا أنه ينبغي تخفيف الصلاة مع إتمامها .
رابعاً وثلاثين : لا تعد الإجارة عذراً في ترك الأجير صلاة الجمعة في المعتمد عند الفقهاء ، ويستحق الأجر ما لم تطل مدة غيابه ، فإن طال غيابه عن العمل أكثر من ربع مدة عمله في النهار سقط من أجره مدة غيابه ، جمعاً بين حق الله وحق العبد .
خامساً وثلاثين : إذا غاب الأجير الخاص عن العمل من غير عذر ، سقط أجره مدة غيابه ؛ وكذلك إذا غاب عن العمل لعذرٍ سقط أجره مدة غيابه ، لآن الأجر عوض المنفعة ، فلا يُستحقّ الأجر ما لم تسلم المنفعة ؛ إلا إذا جرى العرف بالمسامحة عند الغياب لعذر ، أو أشترط الأجير ذلك .
وليس للأجير الخاص أن ينيب غيره في عمله إلا بموافقة من المستأجر ، فإن لم يأذن المستأجر بذلك فلا يستحق الأجر مدة غيابه .
& أما التوصيــات فهي : -
أولاً : ضرورة النظر في مرتبات موظفي الدولة ، ليتحقق لهم حد الكفاية ، كما هو مقرر في النظام الاقتصادي الإسلامي ، لأن هذا المبدأ كفيل بنشر العدل بين أفراد المجتمع وإغلاق باب الرشاوي ، التي يعد السبب الأساسي في فشوها في هذا العصر عدم كفاية مرتبات الموظفين لمواكبة غلاء الأسعار ، وازدياد الحاجيات ، ولن تستقر الأحوال ، ولن يزول الفساد إلا بعد تحسين مرتبات هذه الفئة .
ثانياً : ضرورة النظر في الإجازات التي أمتنع المستأجرون فيها من تسليم الدور لمالكيها ، وقد وقف القانون مع هذه الفئة على حساب المؤجرين .
فينبغي النظر بعين العدالة وعدم إرغام المؤجرين بذلك ، فإن قضت الضرورة بإلزام المؤجر بالإجارة ، فينبغي إعطاؤه أجر المثل لا المسمى .