العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مقال في خطأ القول بالعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال

إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعه بإحسان إلى يوم الدين وبعد : فهذه كلمة لمن يقول بالعمل بالحديث الضعيف أخذا بأقوال بعض أهل العلم ، والقاعدة الحق لا يعرف بالرجال ولكن يعرف الرجال بالحق ،وبداية حكم العمل بالحديث الضعيف يحتاج إلى تفصيل فالعمل بالضعيف في العقائد: لا يجوز إجماعاً ،و العمل به في الأحكام الجمهور على منعه ،والعمل به في الفضائل والتفسير و المغازي والسير: فبعض أهل العلم على جواز الاحتجاج به في هذه الأبواب شريطة أن يكون ضعفه غير شديد وأن يندرج تحت أصل عام وأن لا يعتقد عند العمل به ثبوته بل يعتقد الاحتياط. ونقل النووي الإجماع على العمل به في فضائل الأعمال[1] لكن الخلاف فيه منقول عن جمع من أهل العلم فممن قال لا يجوز ابن العربي[2] و حكاه ابن سيد الناس في عيون الأثر عن يحيى بن معين ونسبه في فتح الغيث لأبي بكر بن العربي ثم قال والظاهر أن مذهب البخاري ومسلم ذلك أيضاً[3]فمسلم قد شنع في رواية الأحاديث الضعيفة [4] ،وهو مذهب ابن حزم[5]



[1] - وقال النووي في كتابه " الأذكار " قال العلماء من المحدثين و الفقهاء و غيرهم : يجوز و يستحب العمل في الفضائل و الترغيب و الترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعاوأما الأحكام كالحلال والحرام والبيع و النكاح و الطلاق وغير ذلك فلا يعمل فيها إلا بالحديث الصحيح أو الحسن إلا ان يكون في احتياط في شيء منذلك.انتهى. وقال النووي في( التقريب ) : يجوز عند أهل الحديث الضعيف ورواية ما سوى الموضوع من الضعيف و العمل به من غيربيان ضعفه في غير صفات الله و الأحكام .انتهى.

[2] - انظر تدريب الراوي للسيوطي 1/252

[3] - قواعد التحديث للقاسمي ص 113

[4] - قد أطال الإمام مسلم في التشنيع على رواة الأحاديث الضعيفة والمنكرة في مقدمة صحيحه.

[5] - قال ابن حزم في الملل والنحل : (( ما نقله أهل المشرق والمغرب أو كافة عن كافة أو ثقة عن ثقة حتى يبلغ إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن في الطريق رجلاً مجروحاً بكذب أو غفلة أو مجهول الحال، فهذا يقول به بعض المسلمين ولا يحل عندنا القول به ولا تصديقه ولا الأخذ بشيء منه ))
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
و هيا أخوتي نعرف معنى قول بعض الأئمة : (( العمل بالضعيف في فضائل الأعمال )) فهل معناه أن الحديث الضعيف يعمل به في النوافل دون الفرائض والأحكام ؟ أم أن المقصود بذلك أن العمل أولا ثابت بدليل شرعي صحيح ، ولكن جاء في فضل ثوابه حديث ضعيف ، فيقولون لا بأس بالعمل بهذا الحديث رجاء هذا الثواب لأن أصل الحديثصحيح ؟ فمن العلماء من يقول يصح ابتداء الحكم الشرعي ، بناءا على هذا الحديث الضعيف ، بمعنى أنه يثبت به حكمشرعي استقلالا ،وهذا قول الكمال بن الهمام حيث قال بأن الحديث الضعيف يثبت به الاستحباب[1] ،ومنهم من يقول يجوز رواية هذاالحديث في الترغيب والترهيب ، بشرط أن يكون أصل العمل المرغب فيه ، أو المرهب منه ثابتا بدليل شرعي صحيح غير هذا الحديث الضعيف ،وألا يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله وألا يكون الضعف شديدا و هذا القول هو المشهور عند الجمهور ،مثال : عن عائشة مرفوعاً : (( من صلى بين المغرب والعشاء عشرين ركعة، بنى الله له بيتاً في الجنة )) أخرجه البيهقي بسند ضعيف . فهذا الحديث في فضائل الأعمال ، والفضل هنا قوله ( بنى الله له بيتاً في الجنة) هذا الفضل لا يجوز إيراده ؛ لأن أصل العمل وهو صلاة عشرين ركعة بين المغرب والعشاء ، لم يثبت بدليل صحيح ولا حسن. فلا يجوز حينئذ أن يورد حديث ضعيف في فضله . ،وقد استدراك العز بن عبد السلام ، رحمه الله ، على ابن الصلاح ، رحمه الله ، قوله بجواز صلاة الرغائب ، لأن أصلها (أي الصلاة) ، ثابت بأدلة شرعية معتبرة ، ولكن تفصيلات هذه الصلاة من الهيئات والركعات لم تثبت بدليل شرعي معتبر ،قال ابن تيمية : (( ولا يجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة التي ليست صحيحة ولا حسنة، لكن أحمد بن حنبل وغيره من العلماء جوزوا أن يروى في فضائل الأعمال ما لم يعلم أنه ثابت، إذا لم يعلم أنه كذب. وذلك أن العمل إذا علم أنه مشروع بدليل شرعي، وروى في فضله حديث لا يعلم أنه كذب، جاز أن يكون الثواب حقاً. ولم يقل أحد من الأئمة إنه يجوز أن يجعل الشىء واجباً أو مستحباً بحديث ضعيف. ومن قال هذا فقد خالف الإجماع. وهذا كما أنه لا يجوز أن يحرم شيء إلا بدليل شرعي، لكن إذا علم تحريمه وروي حديث في وعيد الفاعل له، ولم يعلم أنه كذب، جاز أن يرويه. فيجوز أن يروى في الترغيب والترهيب، ما لم يعلم أنه كذب، لكن فيما علم أن الله رغب فيه، أو رهب منه بدليل آخر غير هذا الحديث المجهول حاله ))[2] معنى هذا الكلام أنه ليس معنى العمل بالحديث الضعيف أننا نستحب عبادة لمجرد ورود حديث ضعيف بها ، فإنهذا لم يقل به أحد من العلماء و المعنىأنه إذا ثبت استحباب عبادة معينة بدليل شرعي صحيح كقيام الليل مثلا ، ثم جاء حديث ضعيف في فضل قيام الليل فإنه لا بأس من العمل بهذا الحديث الضعيف حينئذ ، ومعنى العمل به روايته لترغيب الناس في هذه العبادة مع رجاء الفاعل لها أن ينال هذا الثواب الوارد في الحديث الضعيف .


[1] - قال ابن الهمام في كتاب الجنائز من فتح القدير: ( الاستحباب يثبت بالضعيف غير الموضوع )

[2] - مجموع الفتاوى لابن تيمية 1/ 250-251
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
والقول الثالث للعلماء أنه لا تجوز رواية الحديث الضعيف ولا العمل به مطلقاً، حتى الرواية، إلا أن يروى لبيان ضعفه، وهذا القول مشهور عن ابن حزم ، وأما قول ابن الهمام ، رحمه الله ، بجواز أن يثبت الاستحباب بحديث ضعيف ، فقول غيرمسلم به ، إلا على أصول الأحناف ، الذين توسعوا في الاستدلال ،فاحتجوا بالمرسل ، وهو من أنواع الضعيف ، فلا عجب أن يحتجوا في إثبات الاستحباببأحاديث ضعيفة ،وأما القول الثاني فعللوا أنه إذا جاز لنا أن نروي أخبار بني إسرائيل في بر الوالدين مثلاً، أو أخبار بني إسرائيل في المحافظ على الصلاة جملة، أو المحافظة على طاعة اللـه جملة، وأجازها لنا النبي r أن نرويها رغم أننا ليس عندنا سند ثابت إلى ذلك النبي الذي قال هذه المقالة، ولا سند ثابت إلى ذلك الرسول الذي قال ذلك الكلام، أو ذلك الحواري الذي قال هذا القول أو ذلك الأثر، ليس عندنا دليل، فإذا جاز لنا ذلك فمن باب أولى أن نأخذ أقوال النبي r التي لا نعلم أنها كذب لنحث الناس بها للقيام بأعمال صالحة ،وقالوا أيضا لأن العمل بالحديث الضعيف في هذه الحال لا يترتبعليه محظور شرعي كالقول باستحباب عبادة لم تثبت في الشرع ، بل إن حصل له هذا الثوابو إلا فلا ضرر عليه
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
والجواب عن هذه الاستدلالات أنه لا اجتهاد مع النص فقد قال تعالى : (( َولاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ))[1] أي ولا تتبع ما لا تعلم، بل تأكَّد وتثبَّت ففي الآية الأمر بأخذ الدين بتثبت وبما أن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم من الدين فلا بد أن نأخذها بتثبت فكيف نأخذها ونقول بها و نعلم أنها ضعيفة ؟ و قال النبي : (( من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ))[2] وقال أيضا : (( من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين ))[3].وهذا الحديث نص في التثبت في الرواية ،ونقل الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم خشية الكذب عليه فكيف بمن يعرف أنه يروي حديثا ضعيف قد يكون النبي قاله وقد لا يكون ؟ فإن كان قاله ،ولم نروه فهناك الصحيح عنه ،وإن لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قاله فقد كذبنا عليه ،وإذا كان في الحديث نهي عن رواية الحديث الضعيف فمن باب أولى النهي عن العمل به ،وقال صلى الله عليه وسلم : (( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ))[4]



[1]- الإسراء من الآية 36

[2] - رواه أحمد وأصحاب السنن الستة وغيرهم

[3] - رواه مسلم في صحيحه

[4]- صححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود رقم 4917
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
وهنا سؤال هام هل احتج الإمام أحمد بالحديث الضعيف ؟ سوف يجيبك ابن تيمية فقد قال : (( ومن نقل عن أحمد أنه كان يحتج بالحديث الضعيف الذى ليس بصحيح ولا حسن فقد غلط عليه، ولكن كان في عرف أحمد بن حنبل ومَن قبله من العلماء أن الحديث ينقسم إلى نوعين: صحيح وضعيف، والضعيف عندهم ينقسم إلى ضعيف متروك لا يحتج به، وإلى ضعيف حسن.. وأول من عرف أنه قسم الحديث ثلاثة أقسام صحيح وحسن وضعيف هو أبو عيسى الترمذي في جامعه، والحسن عنده ما تعددت طرقه، ولم يكن في رواته متهم، وليس بشاذ فهذا الحديث، وأمثاله يسميه أحمد ضعيفاً ويحتج به. ولهذا مثَّل أحمد الحديثَ الضعيف الذي يحتج به بحديث عمرو بن شعيب وحديث إبراهيم الهجري ونحوهما وهذا مبسوط في موضعه ))[1] وقال ابن القيم : (( الحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح وقسم من أقسام الحسن. ولم يكن يقسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف، بل إلى صحيح وضعيف . وللضعيف عنده مراتب ، فإذا لم يجد في الباب أثراً يدفعه ، ولا قول صاحب ، ولا إجماعاً على خلافه ، كان العمل به عنده أولى من القياس ))[2] وقال أيضاً ابن رجب : (( وكان الإمام أحمد يحتج بالضعيفالذي لم يرد خلافه، ومراده بالضعيف قريب من مراد الترمذي بالحس ))[3]

[1] - مجموع الفتاوى لابن تيمية 1/ 251-252

[2] - إعلام الموقعين لابن القيم 1/31

[3] - شرح علل الترمذي 1/337
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في قول أحمد : ( إذا جاء الحلال والحرام شدّدنا في الأسانيد وإذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا في الأسانيد) (( وكذلك ما عليه العلماء بالعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ليس معناه إثبات الاستحباب بالحديث الذي لا يحتج به، فإن الاستحباب حكم شرعي فلا يثبت إلا بدليل شرعي، ومن أخبر عن الله أنه يحب عملاً من الأعمال من غير دليل شرعي فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله كما لو أثبت الإيجاب أو التحريم ))[1] ،ومن العلماء الذين يقولون بكلامي العلامة الألباني[2] ومقبل ابن هادي[3] و ابن عثيمين[4] وعبد الكريم خضير [5] هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وكتب ربيع أحمد بكالوريوس الطب الأحد 13/1/2008م


[1] - مجموع الفتاوى لابن تيمية 18/65

[2] - القاعدة الثانية عشرة في مقدمة كتابه ( تمام المنة ) وأيضا في كتابه الثمر المستطاب

[3] - المقترح في أجوبة أسئلة المصطلح السؤال ؟ هل يعمل بالحديث الضعيف

[4] - قال رحمه الله : ((الذي يظهر لي : أن الحديث الضعيف لا تجوز روايته، إلا مبيناً ضعفه مطلقاً،لاسيما بين العامة، لأن العامة متى ما قلت لهم حديثاً، فإنهم سوف يعتقدون أنه حديثصحيح، وأن النبي صلى الله عليه وسلّم قاله )) شرح المنظومة البيقونية

[5] - له كتاب قيم بعنوان: ( الاحتجاج بالحديث الضعيف).
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
زادك الله قوة وعلما وبصيرة
ولا زلت لنا نافعا ومباركا
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,147
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
"""" وقال أيضاً ابن رجب : (( وكان الإمام أحمد يحتج بالضعيف الذي لم يرد خلافه، ومراده بالضعيف قريب من مراد الترمذي بالحس )) """"

جزاكم الله خيرا شيخنا د ربيع ..

لكن مع كلام ابن رجب وقفة ، إذ لا بد لنا من تبيين مراد الترمذي من حكمه على حديث بالحسن ؟
 
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
من المعلوم أن اصطلاحات الترمذي في أحكامه على الحديث قد أثارت الجدل طويلا ، خصوصا فيما يتعلق بقوله : حسن صحيح ، أو حسن غريب أو ما أشبهه من اصطلاحات قد بيّن شيئا منها هو في مقدمة كتابه ، وترك شيئا آخر أحار العلماء والمحدثين ..

أما بالنسبة إلى قول الترمذي : حسن ، فلا يمكن اعتباره نفس اصطلاح الجمهور .
فقد ذكر رحمه الله تعالى في آخر كتاب العلل أن "الحسن ما تعددت طرقه ولم يكن فيهم متهم بالكذب ولم يكن شاذا ، وهو دون الصحيح الذي عرف عدالة ناقليه وضبطهم" .
فانظر - رحمك الله - إلى اشتراطه سلامة الحديث من المتهمين بالكذب ، وسلامته من الشذوذ ، وهذا يشترك فيه الحسن مع الضعيف ضعفا يسيرا .
ولذلك ذهب نفر من المحدثين والعلماء إلى اعتبار "الحسن" عند الترمذي موازيا للضعيف ضعفا يسيرا عند الجمهور .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية :
"والضعيف كان عندهم نوعان : ضعيف ضعفا لا يمتنع العمل به ، وهو يشبه الحسن في اصطلاح الترمذي ، وضعيف ضعفا يوجب تركه ، وهو الواهي " .اهـ .


والكلام المذكور ينتج عنه :
أن الحسن عند الترمذي هو الضعيف ضعفا يسيرا عند المحدثين بصفة عامة .
وعليه :
1- فكلام ابن رجب لا يخرج عما ذكره الناس ونقلوه عن الإمام أحمد تجويزه العمل بالضعيف في الفضائل ، وتقديمه على آراء الرجال .
على أن المقصود بالضعيف هنا : ما كان ضعفه يسيرا .
2- أن ابن تيمية يرى - كما يتضح هذا من كلامه المنقول - جواز العمل بالحديث الضعيف ضعفا يسيرا .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
جزاكم الله شيخنا رأفت على هذا المجهود النفيس ،وسامحني على التأخير فأنا مشغول بأمور كثير ة ووجهة نظري شيخنا الكريم أطال الله عمركم وزاد فضلكم ونفعنا بعلمكم أن ابن رجب قال قريب و لم يقل نفس مراد الترمذي ،ولا يستلزم قول ابن رجب أن يكون قول أحمد ابن حنبل مثل قول الترمذي تماما يعني غاية كلامه ليس الضعيف بالضعيف المتبادر للذهن لكن الضعيف الذي هو دون الصحيح مرتبة ومما يؤيد هذا الفهم أن ابن رجب في شرح علل الترمذي : (( واعلم أن الترمذي - رحمه الله - خَرّج في كتابه الحديث الصحيح ، والحديث الحسن وهو ما نزل عن درجة الصحيح و كان فيه بعض ضعف )) ،وأيضا غالب الحسن عند الترمذي حسن لذاته أو لغيره وليس ضعيفا والعبرة بالغالب فليس معني : أن ليس كل ما يقول عنه الترمذي حسنا يكون حسنا ) أن يكون الحسن عنده الضعيف ضعفا يسيرا .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
وقول الترمذي : (( ما ذكرنا في هذا الكتاب من حديث حسن فإنما أردنا به حسن إسناده عندنا, كل حديث يروى لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب و لا يكون الحديث شاذاً و يرى من غير وجه نحو ذلك, فهو عندنا حديث حسن )) فاشتراط سلامة الحديث من المتهم بالشذوذ والكذب مع تعدد الطرق (و يرى من غير وجه نحو ذلك ) يدل على أنه يقصد الحسن لغيره أي الحديث في النهاية حسن ،وليس ضعيفا .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
و قول شيخ الإسلام ابن تيمية)) : والضعيف كان عندهم نوعان : ضعيف ضعفا لا يمتنع العمل به ، وهو يشبه الحسن في اصطلاح الترمذي ، وضعيف ضعفا يوجب تركه ، وهو الواهي )) لا بد أن ننظر له من سياق كلامه كله فهو قال : )) وأما قسمة الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف فهذا أول من عرف عنه أنه قسمه هذه القسمة أبو عيسى الترمذي ، ولم تعرف هذه القسمة عن أحد قبله، وأما من قبل الترمذي من العلماء فما عرف عنهم هذا التقسيم الثلاثي لكن كانوا يقسمونه إلى صحيح وضعيف، والضعيف عندهم نوعان: ضعيف ضعفاً لا يمتنع العمل به وهو الضعيف المنجبر، وهو الشبيه بالحسن عند الترمذي ؛ وضعيف ضعفاً يوجب تركه وهو الواهي وهو الضعيف جداً الذي يرويه الكذاب أو المتهم بالكذب أو شديد الغفلة والخطأ )) فابن تيمية تكلم أولا عن التقسيم إلى ثلاثة أقسام و اردفه بأن القدامى كانوا يقسمون الحديث إلى قسمين لا ثلاثة يعني يريد أن يؤكد أن الحديث الحسن عند القدامي يدخل في الضعيف ،لفقده شرط تمام الضبط وذكر أن الضعيف قسمان وذكر أن الذي يوجب تركه هو الضعيف ضعفا يوجب تركه يعني الضعيف اصطلاحا أما الآخر فهو الضعيف المنجبر يعني بين خفة الضبط و بين السلامة من الشذوذ والكذب وكثرة الطرق يعني الحسن لنفسه والحسن لغيره ،ويكون الضعف في الحديث الحسن إذا نظرنا إليه نظرة مجردة ليس بحديث صحيح فيشمل الحسن لنفسه والحسن لذاته .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
وكلام ابن تيمية لا يدل على أنه يعمل بالحديث الضعيف ضعفا يسيرا ولا أن القدامى كانوا يعملون بالحديث الضعيف ضعفا يسرا فكيف يعمل بالحديث الضعيف ضعفا يسيرا ،وهو قال الضعيف المنجبر على أقصى أحواله يمكن أن نقول الحديث الذي ارتقى إلى مرتبة الحسن وارتفع إلى مصاف الحجة بما انضم إليه من الشواهد والمتابعات والروايات الأخرى (الحسن لغيره ) وكلمة منجبر ،وكلمة لا يمتنع العمل به أقل ما يقال في ما تدلان عليه هذا وإلا فيدخل فيها الحسن لذاته لأن الضعف يسير بسبب خفة الضبط . وإذا كان الضعيف المنجبر هو الضعيف ضعفا يسيرا فأين ذكر ابن تيمية للحديث الحسن عند القدامى لأننا عندنا صحيح وضعيف وضعيف فإما أن نقول الضعيف الأول هو الحسن والثاني هو الضعيف المعروف ،وإما أن نقول لم يتكلم عن الحسن وهذا مستبعد .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
لو سلمنا جدلا بأن أحمد يحتج بالضعيف ضعفا يسيرا فقول أحمد ليس بحجة ،ولا أحد يقول له بالعصمة وأقول العلماء يحتج لها ولا يحتج بها ،و الأحاديث الضعيفة لا يحتج بها فكيف يحتج في دين الله بشيء علم أنه ضعيف ولم يغلب على الظن أنه صحيح أو علم أنه صحيح فالحسن لغيره و لذاته يغلب على الظن صحته أما من لم يرتق لدرجة الحسن كيف يغلب على ظننا صحته ونعلم أن فيه ضعف وقد نهينا أن نتبع الظن .
 
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
جزاكم الله خيرا - أخي الحبيب د ربيع - فموضوعاتك زاخرة بالفوائد البديعة ..الدالة على مستوى رفيع من التحقيق والنقد والتمحيص ..
وهذا بعد فضل الله ومنته يعود إلى طول ملازمة لكتب العلم ، وإنعام النظر فيها ..فالله أسأل أن يبارك فيك وفي علمك ..وأن ينفع بك .. إنه أكرم مسؤول .
وبعد :
فالمراد هنا تحقيق نسبة معنى الكلام إلى الإمام أحمد فيما يتعلق بالعمل بالحديث الضعيف ، وليس المراد الاحتجاج بكلامه رحمه الله تعالى ، فلا حجة بقول دون قول الله ورسوله .
والذي دار حوله التعليق هنا هو كلام ابن رجب رحمه الله تعالى في إثباته أن مراد الإمام أحمد بالضعيف الذي يعمل به في الأحوال المخصوصة هو مراد الترمذي من قوله : حديث حسن .
فجاء الاستطراد في معنى قول الترمذي : حديث حسن ، لأن لهذا تعلقا برأي الإمام أحمد في العمل بالحديث الضعيف .

إذا ضبطنا المسألة هنا ، وحاولنا تحرير محل النزاع ..كان لنا عود إن شاء الله لاستكمال الحديث ..والله يرعانا ويرعاكم .
 
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
أقول : لا بد لنا أن نبين رأي الإمام أحمد رحمه الله تعالى في العمل بالحديث الضعيف وفق الضوابط المتفق عليها ، ووفق الشروط التي وضعها العلماء - وقد ذكرتَها جزاك الله خيرا أثناء متن الموضوع أولا .

ما ذكره ابن رجب من أن المعني بالحديث الضعيف عند الإمام أحمد هو مقصود الترمذي بالحسن . كلام مهم في بيان حقيقة مقصود الإمام أحمد بالضعيف الذي يُعمل به .
فالحسن عند الترمذي كما يعرّفه هو : "الحسن ما تعددت طرقه ولم يكن فيهم متهم بالكذب ولم يكن شاذا ، وهو دون الصحيح الذي عرف عدالة ناقليه وضبطهم" .
وكلام الرجل في تعريف اصطلاحه مقدم على كلام كل أحد آخر ، فالضعيف عنده ما تحققت فيه الشروط المذكورة من خلوّه من المتهمين ، وسلامته من الشذوذ ، وتعددت طرق وروده .
وليس هذا بحال من الأحوال ما يسمى عند الجمهور : الحديث الحسن . بل هو ما يشترك فيه - في اصطلاح الجمهور :
1-الحديث الحسن لغيره .
2-والحديث الضعيف ضعفا يسيرا ، بحيث يصلح للانجبار بغيره .

وعليه فقول ابن رجب رحمه الله تعالى : "ومراده بالضعيف قريب من مراد الترمذي بالحسن" ، وقول شيخ الإسلام ابن تيمية :
"وهو يشبه الحسن في اصطلاح الترمذي" منبئٌ عما ذكرتُ والله أعلم .

فإذا ابتعدنا عن مراد الترمذي بالحسن ، ووقفنا مع كلام الإمام أحمد نفسه وجدنا كلامه يدل دلالة واضحة على مقصوده بالحديث الضعيف الذي يُعمل به ، وهو الضعيف ضعفا يسيرا ولا ريب ، وليس هو الحسن بحال .
من ذلك :
ما ذكره السخاوي رحمه الله :
((أبو داود يخرج الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره وهو أقوى عنده من رأي الرجال وهو تابع في ذلك شيخه الإمام أحمد فقد روينا من طريق عبد الله بن أحمد بالإسناد الصحيح إليه قال سمعت أبي يقول لا تكاد ترى أحدا ينظر في الرأي إلا وفي قلبه غل والحديث الضعيف أحب إلى من الرأي))
قال ((فسألته عن الرجل يكون ببلد لا يجد فيها إلا صاحب حديث لا يدري صحيحه من سقيمه وصاحب رأي فمن يسأل قال يسأل صاحب الحديث ولا يسأل صاحب الرأي)) وذكر ابن الجوزي في الموضوعات أنه كان قدم الضعيف على القياس .اهـ .
فتبين بما لايدع مجالا للشك أنه رحمه الله تعالى يرى بالحديث الضعيف الذي يُعمل به الضعيف فعلا عند المحدثين ، إلا أن الضعيف عندهم قسمان : قسم ضعفه يسير ، وآخر شديد الضعف ، لا يصلح لا للمتابعة ولا لغيرها ، وليس الكلام في مثل هذا .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
جزاكم الله خيرا شيخنا رأفت على هذا الجهد المبارك ،وعلى هذه المشاركات الطيبة وأسأل الله أن يطيل عمركم ويمتعنا بعلومكم ويزيد من فضلكم ويحفظكم من كل مكروه وسوء ووجهة نظري شيخنا ما يلي : باديء ذي بدء تعريف الحسن اضطرب فيه العلماء ،ومما يدل على ذلك قول الذهبي في الموقظة : (( ثم لا تطمع بأن للحسن قاعدةً تندرج كل الأحاديث الحسان فيها ؛ فأنا على إياسٍ من ذلك ، فكم من حديثٍ تردد فيه الحفاظ هل هو حسنٌ أو ضعيفٌ أو صحيحٌ )) . وقال ابن دقيق العيد في الاقتراح : (( وفي تحرير معناه اضطرابٌ ))
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
و تعريف ابن حجر في النخبة : (( وخبر الآحاد بنقل عدلٍ تامّ الضبط ، متصل السند غير معللٍ ولا شاذٍ : هو الصحيح لذاته … فإن خفّ الضبط ، فالحسن لذاته )) ،و عرفه القطان القطّان في بيان الوهم والإيهام : (( الحسن معناه الذي له حال بين حالي الصحيح والضعيف )) وشرط الحسن لذاته نفس شرط الصحيح ، إلا أنّ راوي الصحيح تامّ الضبط ، وراوي الحسن لذاته خفيف الضبط . وسمّي حسناً لذاته ؛ لأنّ حسنه ناشئ عن توافر شروط خاصّة فيه ، لا نتيجة شيء خارج عنه .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
وتعريف الترمذي : (( الحسن ما تعددت طرقه ولم يكن فيهم متهم بالكذب ولم يكن شاذا ، وهو دون الصحيح الذي عرف عدالة ناقليه وضبطهم )) ذكر شروط الحديث الحسن وسقوط شرط فيها يلغي إطلاق لفظ الحسن على الحديث سلامة الحديث من متهم و الشذوذ ،و تعدد الطرق مما يدل على أن قصده بالحسن الحسن لغيره ، فعدم الشذوذ يدل على ضبط الحديث وأنَّه لم يدخله الوهم والخطأ و تعدد الطرق يستفاد منه أن حفظ الراوي الأول لم يختلَّ في هذا الحديث خاصة ،والحديث إذا جاء من جهتين أو جهات، و قد علم أن المخبرين لم يتواطئا على اختلاقه وعلم أن مثل ذلك لا تقع الموافقة فيه اتفاقا بلا قصد علم أنه ثابت مثل شخص يحدث عن واقعة جرت و يذكر تفاصيل ما فيها من الأقوال والأفعال ويأتي شخص قد علم أنه لم يواطئ الأول فيذكر ما ذكره الأول من تفاصيل الأقوال والأفعال فيعلم قطعا أن تلك الواقعة حق في الجملة فإنه لو كان كل منهما كذبها عمدا أو خطأ لم يتفق في العادة أن يأتي كل منهما بتلك التفاصيل التي تمنع العادة اتفاق الاثنين عليها بلا مواطأة من أحدهما لصاحبه .
 
أعلى