رد: ما تحرير مذهب السادة الحنفية في مسألة بيع الكلب؟
السلام عليكم
بارك الله فيكم
ماذا يجيب الحنفية عن النصوص الدالة على أن ثمن الكلب خبيث، والنهي عن ثمنه.
مسألة الكلاب؛ من المسائل المُختلف فيها عند الفقهاء.. فالكلاب نجسة العين عند الشافعية والحنابلة، وخالفهم الحنفية والمالكية.
ولا يجوز بيع الكلاب عند من قال بأنها نجسة العين، وهم الشافعية والحنابلة واستدلوا على ذلك: بأن الشارع حرَّم ثمن الكلب كما جاء ذلك عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن. وغيرها من النصوص الصريحة في ذلك وهي كثيرة، وهي دالة على تحريم بيع الكلب؛ لأن تحريم الثمن يلزم منه تحريم البيع؛ ولأنه نجس العين، فلا يجوز بيعه كالخنزير. إلا أن ثمة ترخيص في الانتفاع به للحراسة والاصطياد للحاجة والضرورة، وذلك لا يدل على جواز بيعه؛ لأنه -كما سبق- نجس العين، وحرَّم الشارع ثمنه.
أما عند الحنفية: فإنه يجوز بيع الكلاب! وحجتهم في ذلك: بأن الكلب مال؛ لأنه منتفع به شرعًا؛ لأن الشارع أباح الانتفاع به في الاصطياد والحراسة فكان محلًّا للبيع، فقال تعالى: (مُكّلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَا عَلَّمضكُم اللهُ) [المائدة: 4]. وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من اقتنى كلبًا ليس بكلب صيد ولا ماشية ولا أرض فإنه ينقص من أجره قيراطان كل يوم). فأخذوا من هذا النص جواز بيعه؛ لأن الشارع أباح الانتفاع به! .
وأجاز المالكية بيعه مع الكراهة؛ لأنه طاهر العين عندهم. وبالرُّغم من نجاسة الكلاب عند بعض الفقهاء فإن فيها منافع كثيرة، كالحراسة والصيد، وتستخدم اليوم في الأمن، كالكلاب البوليسية التي تستخدم في معرفة المجرمين والمخدرات ونحوها، وبالتالي فإنه تنطبق على الكلام شروط المال المتقوم، فيجوز بيعها بالرُّغم من نجاستها، طبقًا للقاعدة عند الحنفية: "أن جواز البيع يتبع الضمان" وهذه القاعدة ثبت بها جواز بيع بعض النجاسات التي فيها منفعة للإنسان دون أن يكون فيها ضرر به، وقد رخَّص الشارع في بيع الكلاب النافعة. أما النهي عن ثمن الكلب فمحمول على الكلب الذي لم يؤذن في اتخاذه، وخص منه ما أذن في اتخاذه.
وأنصح بمُراجعة كتاب "أثر الخلاف الفقهي في القواعد المُختلف فيها ومدى تطبيقها في الفروع المُعاصرة" وهو عبارة عن رسالة علمية نال بها المؤلف درجة دوكتوراه للدكتور/ محمود إسماعيل مُحمد مشعل. ص(394- 395).
وكتاب "منهج الحنفية في نقد الحديث بين النظرية والتطبيق" رسالة ماجستير للدكتور/ كيلاني مُحمد خليفة.
والله أعلم.