من الموسوعة الفقهية الكويتية
احْتِيَاطٌ
التَّعْرِيفُ :
1 -
مِنْ مَعَانِي الاِحْتِيَاطِ لُغَةً : الأَْخْذُ فِي الأُْمُورِ بِالأَْحْزَمِ وَالأَْوْثَقِ ، وَبِمَعْنَى الْمُحَاذَرَةِ ، وَمِنْهُ الْقَوْل السَّائِرُ : أَوْسَطُ الرَّأْيِ الاِحْتِيَاطُ ، وَبِمَعْنَى الاِحْتِرَازِ مِنَ الْخَطَأِ وَاتِّقَائِهِ (1) .
وَيَسْتَعْمِل الْفُقَهَاءُ الاِحْتِيَاطَ بِهَذِهِ الْمَعَانِي كَذَلِكَ . أَمَّا الْوَرَعُ فَهُوَ اجْتِنَابُ الشُّبُهَاتِ خَوْفًا مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ (2) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ :
2 -
كَثِيرٌ مِنَ الأَْحْكَامِ الْفِقْهِيَّةِ تَثْبُتُ لأَِجَل الاِحْتِيَاطِ ، فَمَنْ نَسِيَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ مِنْ يَوْمَيْنِ لاَ يَدْرِي أَيَّ الْيَوْمَيْنِ أَسْبَقَ ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ ثُمَّ الظُّهْرَ فِي أَحَدِ الاِحْتِمَالاَتِ ، وَالْبَاعِثُ عَلَى ذَلِكَ الاِحْتِيَاطُ . وَلِتَعَارُضِ الاِحْتِيَاطِ مَعَ أَصْل بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ ، وَمَعَ
قَاعِدَةِ التَّحَرِّي وَالتَّوَخِّي عِنْدَ الْحَرَجِ ، يَأْتِي التَّرَدُّدُ وَالْخِلاَفُ فِي الأَْحْكَامِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الاِحْتِيَاطِ . وَيَذْكُرُ الأُْصُولِيُّونَ مَا عَبَّرَ عَنْهُ الأَْنْصَارِيُّ شَارِحُ مُسْلِمٍ الثُّبُوتَ أَنَّهُ " لَيْسَ كُل مَا كَانَ أَحْوَطَ يَجِبُ ، بَل إِنَّمَا هُوَ فِيمَا ثَبَتَ وُجُوبُهُ مِنْ قَبْل ، فَيَجِبُ فِيهِ مَا تَخْرُجُ بِهِ عَنِ الْعُهْدَةِ يَقِينًا ، كَالصَّلاَةِ الْمَنْسِيَّةِ ، كَمَا إِذَا فَاتَتْ صَلاَةٌ مِنْ يَوْمِ فَنَسِيَهَا ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لِيَخْرُجَ عَنْ عُهْدَةِ الْمَنْسِيَّةِ يَقِينًا " قَال : " وَمِنْهُ نِسْيَانُ الْمُسْتَحَاضَةِ أَيَّامَهَا يَجِبُ عَلَيْهَا التَّطَهُّرُ لِكُل صَلاَةٍ أَوْ لِوَقْتِ كُل صَلاَةٍ " عَلَى خِلاَفِ تَفْصِيلِهِ فِي " حَيْضٌ " .
ثُمَّ ذَكَرَ الْحَالَةَ الثَّانِيَةَ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْفِعْل احْتِيَاطًا فَقَال : " أَوْ كَانَ الْوُجُوبُ هُوَ الأَْصْل ثُمَّ يَعْرِضُ مَا يُوجِبُ الشَّكُّ ، كَصَوْمِ الثَّلاَثِينَ مِنْ رَمَضَانَ ، فَإِنَّ الْوُجُوبَ فِيهِ الأَْصْل ، وَعُرُوضُ عَارِضِ الْغَمَامِ لاَ يَمْنَعُهُ ، فَيَجِبُ احْتِيَاطًا ، لاَ كَصَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ ، فَلاَ يَثْبُتُ الْوُجُوبُ لِلاِحْتِيَاطِ فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ ؛ لأَِنَّ الْوُجُوبَ فِيهِ لَيْسَ هُوَ الأَْصْل ، وَلاَ هُوَ ثَابِتٌ يَقِينًا (1) " .
مَوَاطِنُ الْبَحْثِ :
3 -
يَذْكُرُ الأُْصُولِيُّونَ فِي بَابِ تَعَارُضِ الأَْدِلَّةِ تَرْجِيحَ الدَّلِيل الْمُقْتَضِي لِلتَّحْرِيمِ عَلَى مَا يَقْتَضِي غَيْرَهُ مِنَ الأَْحْكَامِ لاِسْتِنَادِ ذَلِكَ التَّرْجِيحِ لِلاِحْتِيَاطِ ، وَفِي تَعَارُضِ الْعِلَل تَرْجِيحُ الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّحْرِيمِ عَلَى
الْمُقْتَضِيَةِ لِغَيْرِهِ . وَذَكَرُوا أَيْضًا مَسْأَلَةَ جَرَيَانِ الاِحْتِيَاطِ فِي الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ وَالتَّحْرِيمِ ، فِي الْبَابِ نَفْسِهِ أَيْضًا . وَمَحَل ذَلِكَ الْمُلْحَقُ الأُْصُولِيُّ . وَيَذْكُرُ الْفُقَهَاءُ الْقَوَاعِدَ الْمَبْنِيَّةَ عَلَى الاِحْتِيَاطِ ، وَمِنْهَا قَاعِدَةُ تَغْلِيبِ الْحَرَامِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْحَرَامِ وَالْحَلاَل ، وَمَا يَدْخُل فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَمَا يَخْرُجُ عَنْهَا ، فِي كُتُبِ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ .