العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

خلاصة الكلام في حكم الحجامة حال الصيام

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه..
أما بعـد:

فهذه إحدى المسائل الكبار التي تتعارك فيها الأنظار، وتتضايق فيه الأفكار؛ لظهور تعارض بين النصوص، والأقيسة، والأصول..

فالقول بالفطر بالاحتجام من مفردات مذهب الإمام أحمد، وهو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم ، وجماعة من أهل الحديث كابن المنذر وابن خزيمة والأوزاعي والدارمي وإسحاق رحمهم الله أجمعين؛ لحديث شدّاد ورافع بن خديج رضي الله عنهما مرفوعاً : ( أفطر الحاجم والمحجوم ) أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجه.

ولكنّ المشهور من مذهب أحمد الاقتصار على الحجامة وعدم قياس غيرها مما ينتج عنه سحب دم كثير عليها ، إذ العلة غير معقولة المعنى ، والأمر تعبدي لا يقاس عليه .
واختار شيخ الإسلام تعدية ذلك لكل ما كان مثل الحجامة في المعنى كفصاد أو تشريط أو أي طريقة يخرج بها الدم كخروجه بالحجامة، وهو وجه في المذهب.

وذهب الجمهور إلى أن الحجامة لا تفسد الصوم؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: احتجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو محرم، واحتجم وهو صائم. البخاري وغيره. وجاء : وهو محرمٌ صائم .
ورواه البخاري في صحيحه أيضاً بلفظ : احتجم النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو صائم.

استدل الحنابلة ومن وافقهم بما يلي:
1- حديث شداد، وقد رواه أكثر من ستة عشر صحابياً ، ويؤيده عمل الصحابة من تأخيرهم الحجامة إلى الليل .
وأجيب : بأن عمل الصحابة ليس صريحاً في كونهم يرون الفطر بالحجامة ، ولعل هذا التأخير إلى الليل خشية الضعف الذي يؤدي إلى الفطر، ويؤيد ذلك أن أنساً -رضي الله عنه- سُئِل: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال : لا، إلا من أجل الضعف. البخاري ) .

2- قالوا: حديثنا قول وحديث ابن عباس فِعل ، والقول مقدم على الفعل .
ويجاب عن هذا : بأنه ترجيح ، ولا يصار إليه إلا عند عدم إمكان الجمع، وعدم ثبوت نسخ .

3- حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أولى بالنسخ من حديثنا ؛ لأنه يلزم بالقول بنسخ حديثنا مخالفة الأصل (براءة الذمة) مرتين .. لأن حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- موافق لحكم الأصل .
وأجيب : بأن هذا غير مسلَّم ، ثم ما الذي يمنع مثل هذا ؟!.. ثم إنه معارَضٌ بقول جماعة من العلماء: أن الخبر المبقي للبراءة الأصلية مقدَّم على الرافع لها.

4- أن لفظة : ( وهو صائم ) في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- ليست ثابتة ، قال أحمد وغيره: هي خطأ من قبيصة .
وأجيب : بأن هذا القول من الإمام أحمد قد قابله إخراج الإمام البخاري للحديث في صحيحه المجمع على قبول ما فيه مما هو على شرطه .

5- أن ما ذكرنا من القول بالتفطير بالحجامة موافق للقياس الصحيح من أن كل ما يخرج من البدن وربما سبّب ضعفاً: مفطر .. مثله مثل القيء وخروج دم الحيض والاستمناء .
ويجاب : بأن هذا يسقُط إن ثبتت الرخصة فيه؛ لأنه لا يصار إلى مثل هذا إذا قابل نصا، وإلا كان قياساً فاسد الاعتبار.

وقال الجمهور :
1- حديث شداد منسوخ ؛ لأنه ثبت في بعض رواياته أنه كان عام الفتح ، وحديث ابن عباس في حجة الوداع إذ لم يصحب ابن عباس رسول الله محرماً إلا فيها .
وأجيب : بأنه لا يسلَّم بدعوى النسخ ؛ لأنه لم يثبت صيام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع ، ولعل صيامه لم يكن حال إحرامه – كما جاء في لفظ البخاري : ( احتجم وهو محرم ، واحتجم وهو صائم ) – فيكون قوله: "وهو محرم صائم" من قبيل اختلاط الرواة، وتكون كل حادثة مستقلة عن الأخرى .

2- أن حديث شداد منسوخ ، لأنه ثبت ما يدل على نسخه من حديث النسائي في الكبرى وابن خزيمة في صحيحه بإسناد صحيح عن أبي سعيد -رضي الله عنه-: أرخص النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحجامة للصائم. وأحاديث أُخر.. والرخص إنما تكون بعد العزيمة .

3- حمل حديث شداد على المجاز، لوجود الأدلة الصارفة عن حمله على الحقيقة :
أ‌- فقد يكون " أفطر " بمعنى ذهب أجرهما ، ويؤيده بعض روايات الحديث من أنهما كانا يغتابان.

ورد ابن خزيمة في صحيحه دعوى فطرهما بالغيبة فقال: ( و جاء بعض أهل الجهل بأعجوبة في هذه المسألة فزعم أن النبي صلى الله عليه و سلم إنما قال : (أفطر الحاجم و المحجوم) لأنهما كانا يغتابان، فإذا قيل له : فالغيبة تفطر الصائم ؟ زعم أنها لا تفطر الصائم، فيقال له : فإن كان النبي -صلى الله عليه و سلم- عندك إنما قال : (أفطر الحاجم و المحجوم) لأنهما كانا يغتابان، و الغيبة عندك لا تفطر الصائم، فهل يقول هذا القول من يؤمن بالله؟ يزعم أن النبي صلى الله عليه و سلم أعلم أمته أن المغتابَين مفطران؟ و يقول هو : بل هما صائمان غير مفطرين! فخالف النبي صلى الله عليه و سلم الذي أوجب الله على العباد طاعته و اتباعه ...)

ب‌- وقد يكون بمعنى : عرّضا أنفسهما للفطر بهذا الفعل، أو : أوشكا أن يفطرا.
فالحاجم عرَّض نفسه للفطر بمصه القارورة، والمحجوم لأجل الضعف.
وأجيب عنه: بأن هذا استنباطٌ لوصف يعود على النص بالإبطال.

وقد يحمل على أنه دعاء عليهما، لا على أنه خبر عن فطرهما.
وأجيب عنه: بأنه احتمال لا دليل عليه.

وقال ابن خزيمة -رحمه الله- راداً قول الجمهور : ( إنما احتجم وهو محرم صائم في السفر لأنه لم يكن قط محرماً مقيماً ببلده، والمسافر إذا نوى الصوم له الفطر بالأكل والشرب والحجامة وغيرها ، فلا يلزم من حجامته أنها لا تفطر ، فاحتجم وصار مفطراً ، وذلك جائز ) .
وأجاب الخطابي في " معالم السنن " عما ذكره ابن خزيمة: ( وهذا تأويل باطل ، لأنه قال : احتجم وهو صائم فأثبت له الصيام مع الحجامة ، ولو بطل صومه بها لقال أفطر بالحجامة ).
قال النووي في شرح المهذب : ( ولأن السابق إلى الفهم من قول ابن عباس رضي الله عنهما: ( احتجم وهو صائم ) الإخبار بأن الحجامة لا تبطل الصوم ، ويؤيده باقي الأحاديث المذكورة . والله أعلم ) .

( قلت ) : الذي يترجح عندي أن الحجامة لا تفطر الصائم ، وإن كانت مكروهة إن خشي الضعف بها، ويتأيد هذا بما ورد عند أبي داود عن ابن أبي ليلى عن رجل صحب النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الحجامة للصائم والمواصلة ولم يحرِّمهمـا إبقاءً على أصحابه. قال الحافظ: (وإسناده صحيح)، وقال النووي في المجموع شرح المهذب: (بإسنادٍ على شرط البخاري ومسلم).والله أعلم.

وأما الحاجم ، وهو الذي يمص الدم بواسطة القارورة ، فقد قال شيخ الإسلام في شرح العمدة : ( وأما الذي يحجم غيره ، فقال أكثر أصحابنا : يفطر أيضاً ) .
ويظهر أن هناك خلافاً داخل المذهب في حق الحاجم ، ولعل المشهور عندهم: أنه يفطر؛ لظاهر الحديث، وبناءً على اعتبارهم أن إفطار الحاجم والمحجوم أمر تعبدي لا دخل للقياس فيه .

وعلى القول بالتفطير بها؛ لا يصح قياس الدم الخارج من خلع سن أو خروج الرعاف أو خروج الدم من الجراحة أو سحب الدم اليسير للتحليل أو خروج دم الاستحاضة على الحجامة؛ لأن تأثيرها على البدن ليس كتأثير الحجامة، بخلاف الفصد والتبرع بالدم ونحوه.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
بارك الله فيكم ونفع بكم
ولا تدري مدى السرور الذي هجم علي حين بدأت أرى توافقاً معكم في جملة من المسائل، ومنها هذه المسألة، وقد كتبت فيها العام الماضي بحثاً عنوانه : تقرير مذهب الجمهور في مسألة الفطر في الحجامة في 88 صفحة أعرض هنا مقدمته وخلاصته:

المقدمة:
[تقرير مذهب الجمهور في مسألة الفطر بالحجامة]
المسلك الصحيح في مسألة الفطر بالحجامة [بحسب رأي الباحث]: هو قول جمهور أهل العلم مِن الحنفية والمالكية والشافعية، أن الحجامة لا تفطر الصائم.
وقد أطال ابن عبد البر القرطبي رحمه الله النفسَ في تحرير رأي الجمهور، حتى قال – وهو بعدُ لم يستتم كلامه-: "وهذا بيان تهذيب هذه المسألة من طريق الأثر، ومن طريق القياس والنظر."([1])
وكان أصلُ هذا البحث هو تقرير رأي الجمهور مِنْ خلال المادة التي عرضها ابن عبد البر مع شيء مِن الترتيب، ثم عرضتُ بعد ذلك بعض الإضافات والزيادات، فأثبتها، إلا أن أصل المادة بقيت متميزة من جهة ابن عبد البر، غير أن البحث بعد ذلك طال واتسع، لاسيما وقد استغرقت في الجواب عن بعض كلام ابن تيمية، فلم يعد الكلام على هيكله الأول، فعدت إلى ترتيب البحث كدراسة مستقلة، تهدف إلى تقرير رأي الجمهور، والجواب عن الاعتراضات التي ترد عليه، وهذا كالاعتذار عن إخراج البحث بصورة غير معتادة، وقد يستحسن هذا بعض أهل الأدب والصياغة من جهة كسر الجمود الأكاديمي الذي بات يقدم عروضاً مكرورة تشبه من حيث الجمود العرض القديم للمتون والشروح والحواشي، والتي لفعها من حر الأكاديميين ما لفعها! فما أشبه الليلة بالبارحة!.
كما أفيد أنه قد استعصت علي الأجوبة عن بعض أدلة الحنابلة، فبديتُ فيها على صورة المتكلِّف، وهو مقام لا يعجب المنصف، فأزحت حسيكة النفس بالاعتراف، وطرح المكابرة، فإن بقي شيء، فأسأل الله عز وجل أن يغفر لي، وأن يعفو، وأن يصفح.
والله يعلم، كم مِنْ مبحث قد تعثر بعد أن استقام عوده بسبب أن الحديث فيه علة، خصوصا وأن المخالف في هذه المسألة هم أئمة الحنابلة الذين بلغوا في إحكام المادة الحديثية المقام المعروف، بدءا بأحمد، ومرورا بابن تيمية، وانتهاء بتلميذيه: ابن عبد الهادي، وابن القيم.
إلا أن ما انتهيت إليه مِنْ مقتضيات أدلة الجمهور أوقفني على قبول قولهم، ولم تكن أدلة الحنابلة على وجاهتها كافية في إعاقة قول الجمهور، هذا، والله ولي التوفيق والسداد، ومنه نستلهم الرشد والصواب.
وسيكون الكلام في هذه المسألة على أربعة أقسام:
القسم الأول: الخلاف في المسألة.
القسم الثاني: سبب الخلاف في المسألة.
القسم الثالث: الخلاف من جهة تعارض النصوص.
القسم الرابع: الخلاف من جهة تعارض آثار الصحابة.
القسم الخامس: الخلاف من جهة النزاع في وقوع معنى الإفطار في الحجامة.
القسم الثالث: أدلة الحنابلة، ومناقشتها.
القسم الرابع: أساب ترجيح قول الجمهور بنفي كون الحجامة مفطرة للصائم، وكيف الجواب على حديث "أفطر الحاجم والمحجوم".
القسم الخامس: خلاصة المسألة.

http://www.mmf-4.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=17509#_ftnref1([1]) الاستذكار 3/325

---------------------------------------------
القسم الرابع:خلاصة المسألة:
يترجح لدي والعلم عند الله مذهب جمهور أهل العلم في عدم عدِّ الحجامة مِنْ جملة مفطرات الصائم.
وسبب هذا الترجيح يعود إلى أمور، سبق تفصيلها، أجملها في ما يلي:
ترجيح قول الجمهور ينقسم إلى
· ترجيح من جهة الأثر.
· ترجيح من جهة النظر.
أما الترجيح من جهة الأثر:
فإن الجمهور لهم ثلاثة مسالك في ترجيح حديث ابن عباس في احتجامه عليه الصلاة والسلام وهو محرم على حديث (أفطر الحاجم والمحجوم):
المسلك الأول: الترجيح من جهة الجمع.
المسلك الثاني: الترجيح من جهة النسخ.
المسلك الثالث: الترجيح من جهة الإسقاط.
النصوص جاءت على ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: نصوص مجملة تفيد الإفطار بالحجامة.
الوجه الثاني: نصوص مجملة تفيد عدم الإفطار بالحجامة.
الوجه الثالث: نصوص مفصَّلة تفيد ما يلي:
1- أن الإفطار بالحجامة هو الحال الأولى.
2- أن عدم الإفطار بالحجامة هو الحال الثانية.
3- الترخيص للصائم بالحجامة بعد المنع.
4- بيان علة المنع من الحجامة، وهي الإبقاء على الصائم، وأن الحجامة تجهده وتضعفه، وكل هذا زيادة علم في المعنى توجب تأثيرا في الحكم.

5- ثبوت احتجامه عليه الصلاة والسلام وهو صائم.
6- بيان الصحابة رضوان الله عليهم لعلة المنع مِن الحجامة، وهو ضعف الصائم، وهذا معنى قد يوجب عليه الفطر، فهو آيل إلى الإفطار بالحجامة لا أنه مفطرا بها ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: [أفطر الحاجم والمحجوم] أي كاد أن يفطر أو سيصبح مفطراً، فهو من إطلاق الشيء إلى مآله.
7- بيان الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في الحجامة للصائم بعد أن منع منها، وأن المنع إنما كان في الأمر الأول.
8- ذهاب جمهور الصحابة إلى عدم عدِّ الحجامة من المفطرات، مع رواية بعضهم لحديث: (أفطر الحاجم والمحجوم)، وهو عمدة القائلين بالإفطار.
9- ليس في الحجامة معنى الإفطار الذي ثبت بالنص والإجماع، فهو ليس أكلا، ولا هو شربا ولا هو جماعا، ولا هو في معنى أحدها.
10- يتأكد هذا القول على القول بعدم الفطر مِن القيء مطلقا أو حصر علة الفطر به بسبب عود الطعام، فيكون التفطير بالحجامة غريبا في باب المفطرات.
11- يؤيد تأويل حديث (أفطر الحاجم والمحجوم) بأنه قارب الفطر هو أنه وقع في السفر، والسفر سبب للفطر، فإذا ما صاحبه الحجامة فإنه لا مناص من الفطر حينئذ، فالحجامة سبب للإفطار لا أنها هي بنفسها مفطرة.
12- يؤيد هذا التأويل ذكر الحاجم، ولا معنى في باب المفطرات لكونه مفطرا، وتأويل فطر الحاجم يشفع لتأويل فطر المحجوم.
13- يحتمل نسح حديث (أفطر الحاجم والمحجوم) ولا أجزم به، ويقوى هذا الاحتمال ببعض آثار الصحابة المفيدة أنه كان مفطرا، ثم نسخ، وجاء الترخيص به، كما ورد عن أنس وأبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
14- من موانع الأخذ بظاهر حديث: (أفطر الحاجم والمحجوم) أنه جاء بإضافة الإفطار للحاجم أيضاً مع عدم اتضاح المعنى الموجب لفطره، فدل على أن الحديث ليس على ظاهره.
15- الأخذ بظاهر حديث {أفطر الحاجم والمحجوم}مشكل من جهتين:
الجهة الأولى: إعماله حتى على الجاهل بالحكم، كما هو ظاهر قصة الحديث، وهذا يشكل على الأصل المقرر عند جماعة من أهل العلم في عدم الإفطار بما كان خطأ أو جهلا أو نسيانا، وذلك لأن الصوم مِنْ باب الترك، والفطر من باب المنهيات، والإنسان إذا فعل ما نهي عنه ناسيا أو مخطئا أو جاهلاً كان وجود ذلك الفعل كعدمه في حق الله.
الجهة الثانية: الإفطار بالحاجم، مع أن الحاجم قد يسلم من دخول شيء إلى جوفه، ومجرد الاحتمال لا يوجب حصول الفطر، فالصيام المستيقن لا يزول بحصول الشك، بل قد لا يكون هناك شك أصلاً.
16- الظاهرية وإن وافقوا الحنابلة في الفطر بالقيء عمداً وفي الحجامة، إلا أن عمدتهم النص، ولا سلطان لنا عليهم في أبواب القياس والمعاني؛ إذ هي من جملة الأصول الباطلة عندهم.
 
إنضم
13 فبراير 2009
المشاركات
24
التخصص
شريعة
المدينة
بلبيس
المذهب الفقهي
لا يوجد
بارك الله فيكم أبا يوسف.

من قال بأنها تفطر؛ ألا يصح أن يلحق بها نحو تبرع بدم، لا بإثبات الجامع؛ فالحكم تعبدي كما يظهر، لكن إلحاقا بنفي الفارق ؟
 

الفصيح

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
27 أغسطس 2008
المشاركات
2
التخصص
دارس بدار العلوم لغة عربية ودراسات اسلامية
المدينة
كفر الشيخ
المذهب الفقهي
حنبلي
[bor=00cc00]
[align=center]
أسأل الله أن يزيدكم علماً وينفع بكم هذه الطريقة لطرح المسائل الفقهية ممتازة
[/align]
[/bor]
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
بارك الله فيكم أبا يوسف.

من قال بأنها تفطر؛ ألا يصح أن يلحق بها نحو تبرع بدم، لا بإثبات الجامع؛ فالحكم تعبدي كما يظهر، لكن إلحاقا بنفي الفارق ؟

وفيك بارك

ولكن اختياركم القول بأنه تعبدي.. يلزم منه أنه لا يقاس عليه غيره.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
[bor=00cc00]
[align=center]
أسأل الله أن يزيدكم علماً وينفع بكم هذه الطريقة لطرح المسائل الفقهية ممتازة
[/align]
[/bor]

جزاك الله خيراً وأثابــك
 

أبو محمد السوري

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
22 أغسطس 2008
المشاركات
9
التخصص
طالب علم
المدينة
سوريا
المذهب الفقهي
الحنبلي
الحمد لله رب العالمين00والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أمَّا بعد :
بارك الله فيكم إخوتي في هذا الملتقى الطيب المبارك00وزادكم الله علماً وفضلاً00أمَّا بخصوص هذا الموضوع ، فقد كتبتُ فيه بحثاً موسعاً ، أثبت فيه أنَّ حديث :" افطر الحاجم والمحجوم "0حديثاً صحيحاً محكماً غير منسوخ ، واسميته :" تنبيه أولي الفهم والرسوخ إلى خطأ من قال أنَّ حديث أفطر الحاجم والمحجوم منسوخ "0والبحث يغلب عليه الطابع الحديثي ، إلاَّ أنَّي قد تكلمتُ على فقه هذا الحديث ، عندما حاولتُ الإجابة على أدلة القائلين بنسخه ، و الله اسأل أن ينفع فيه طلاب العلم ، و لا تنسونا إخوتي من صالح دعائكم0
أخوكم من بلاد الشام
أبو محمد السوري
 

المرفقات

  • تنبيه أولي الفهم والرسوخ.doc
    840.5 KB · المشاهدات: 0
إنضم
5 سبتمبر 2009
المشاركات
8
الكنية
أبو إبراهيم
التخصص
فقه
المدينة
الأحساء
المذهب الفقهي
الحنفي
أسأل المولى أن يبارك بعلمك ولك جزيل الشكر على بحث هذه المسألة التي تضاربت فيها الأقوال والنقول
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,140
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
أسأل المولى أن يبارك بعلمك ولك جزيل الشكر على بحث هذه المسألة التي تضاربت فيها الأقوال والنقول
مرحباً بأخينا فيصل الإحسائي من البلدة الطيبة التي يألفها من عاش فيها ...
وذكرياتي بالأحساء وإن كانت غير كافية؛ إلا أن مكثي بها لسنة واحدة شعرت بالامتزاج الأخوي في جملته بين عقلاء أهل المذاهب ...
والأحساء أنموذج فريد في بابه؛ ولربما هو الذي أورثني إنشاء هذا الملتقى، ولذا أجدني جدُّ سعيد بالتحاق أخينا فيصل من مدرسة الحنفية؛ فحيَّ هلاً؛ وإن ملتقى السادة الحنفية به عوز لا يكاد يخفى على من اطلع عليه.
ورحم الله امرءاً ملأ ثغرة، وأعان على وضع لبنة ...
ولعلك داعيتنا إلى بقية إخوانه من المتميزين في بقية المذاهب.

ولعلك تطالع هذا الرابط:
https://feqhweb.com/vb/threads/1515#post8398
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
الحمد لله رب العالمين00والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أمَّا بعد :
بارك الله فيكم إخوتي في هذا الملتقى الطيب المبارك00وزادكم الله علماً وفضلاً00أمَّا بخصوص هذا الموضوع ، فقد كتبتُ فيه بحثاً موسعاً ، أثبت فيه أنَّ حديث :" افطر الحاجم والمحجوم "0حديثاً صحيحاً محكماً غير منسوخ ، واسميته :" تنبيه أولي الفهم والرسوخ إلى خطأ من قال أنَّ حديث أفطر الحاجم والمحجوم منسوخ "0والبحث يغلب عليه الطابع الحديثي ، إلاَّ أنَّي قد تكلمتُ على فقه هذا الحديث ، عندما حاولتُ الإجابة على أدلة القائلين بنسخه ، و الله اسأل أن ينفع فيه طلاب العلم ، و لا تنسونا إخوتي من صالح دعائكم0
أخوكم من بلاد الشام
أبو محمد السوري

جزاك الله خيراً، وسأطالع بحثكم إن شاء الله

وللتنبيه: فأنا لا أنازع في صحة الحديث، ولا أعول كثيراً على القول بنسخه كما تقدم أعلاه

ولك الشكر الجزيل على هذا الإسهام العلمي أخي الكريم
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي

رشيد سعيد طاهر

:: متابع ::
إنضم
25 سبتمبر 2009
المشاركات
9
التخصص
إرضاء الله
المدينة
ولاية تيبازة
المذهب الفقهي
نبوي
( قلت ) : الذي يترجح عندي أن الحجامة لا تفطر الصائم ، وإن كانت مكروهة إن خشي الضعف بها، ويتأيد هذا بما ورد عند أبي داود عن ابن أبي ليلى عن رجل صحب النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الحجامة للصائم والمواصلة ولم يحرِّمهمـا إبقاءً على أصحابه. قال الحافظ: (وإسناده صحيح)، وقال النووي في المجموع شرح المهذب: (بإسنادٍ على شرط البخاري ومسلم).والله أعلم
.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبحان الله الجماعة كلهم هنا
في هذا الملتقى وأنا لا أدري

جزا الله خيراً صاحب الموضوع والمشاركين فيه
أخي أبا يوسف التواب – حفظكم الله
فقد علّق الأخ السوري في بحثه – المذكور في المشاركة 9 - على استدلالكم بهذا الحديث
فليتكم تنظرون فيه

 
إنضم
29 أغسطس 2008
المشاركات
26
التخصص
لغة ودراسات قرآنية
المدينة
جبل عمور
المذهب الفقهي
مذهب الإمام مالك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
جزى الله الأخ الشيخ خير الجزاء على طرحه لهذا الموضوع الفقهي الذي اختلف فيه العلماء قديما وحديثا، ولا بأس بإبداء رأيي في هذه المسألة قصد إثراء الموضوع لعلنا نصل إلى قول راجح إن شاء الله
أولا: الذي يظهر لي والله أعلم أن القول بفساد صوم المحتجم المتعمد القاصد لذلك، هو القول الراجح لقوة أدلته وتأييد عمل السلف له، وإليكم الأدلة:
- عن ثوبان الهاشمي مولى النبي صلى الله عليه وسلم، وشداد بن أوس رضى الله عنهما عـن النبــي صلى الله عليه وسلم أنـه قــال:(أفطر الحاجـم والمحجــوم)) صحيح: أخـرجه أبو داود (رقم 2359–2360 – 2361– 2362 كتاب الصيام باب: في الصائم يحتجم)، وابـن ماجـه (رقم 1680– 1681باب: ما جاء في الحجامة للصائم)، والنسائي في "الكبرى" (2/217 – 218 – 219)، وأحمد (4/122– 123–124) وغيرهم.
قـال البخاري كما في "العلل الكبير" للترمذي (1/362 ط. الأقصى): ((ليس في هذا الباب شيء أصح من حديث شداد بن أوس وثوبان، فقلنا لـه: كيف! بما فيه من الاضطراب؟ فقال: كلاهما عندي صحيح؛ لأن يحي بن أبي كثير روى عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان وعن أبي الأشعث عن شداد بن أوس روى الحديثين جميعاً، وهكذا ذكروا عن علي بن المديني أنه قال: حديث شداد بن أوس وثوبان صحيحان )).
- وعن أبي العالية قال: دخلت على أبي موسى الأشعري وهو أمير البصرة عند المغرب، فوجدته يأكل تمراً قال: احتجمت، قال: ألا احتجمت نهاراً؟ قال: تأمرني أن أهريق دمي وأنا صائم)) أخرجه النسائي في "الكبرى" ( 2/233 رقم 3214 ) وابن أبي شيبة، وإسناده صحيح إلى أبي موسى، ولا يصح مرفوعاً.
- وعن سالم ((أن ابن عمر كان يحتجم وهو صائم، ثم تركه بعد، وكان إذا غابت الشمس احتجم )) أخرجه عبد الرزاق (4/211) بإسناد صحيح .
- وجاء عن حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر: ((كان يحتجم وهو صائم، قال: فبلغه حديث أوس؛ فكان إذا كان صائماً احتجم بالليل ))، صحيح أخرجه أحمد كما في "مسائل عبد الله" (ص 182 رقم 683 ط. المكتب الإسلامي) .
وهذا يقوي القول بأن من ترك من الصحابة الحجامة وهو صائم لأجل الإفطار لا الضعف.
- وأخرج عبد الرزاق (4/211) بسند صحيح، عن معمر عن أيوب به، ولفظه ((كان يحتجم وهو صائم ثم تركه، فكان يصنع المحاجم، فإذا غربت الشمس أمر أن يشرط، قال: فلا أدري أكرهه أم شيء بلغه)).
ـ قال شيخ الإسلام رحمه الله:(إنّ الصحابة رضوان الله عليهم عَلِموا أن النهي آخر الأمرين، كما تقدم عن ابن عمر وغيره، ولهذا رجعوا عن القول بالاحتجام إلى تركه، وأبو موسى وابن عباس كانا يكرهان الحجامة للصائم، وهما ممن رويا حجامة النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم، بل عليهما مدار الحدث)) شرح العمدة كتاب الصيام (1/443) .
ـ وقال أبو داود: سمعت أحمد ناظره رجل في الحجامة للصائم، فقال الرجل لأحمد: ثابتٌ عن أنس: كره الحجامة للصائم مخافة الضعف كما في البخاري قال: أحمد رُوي عن أنس:أنهّ احتجم في السراج، وابن عمر احتجـم بالليل وأبو موسى يعني- الأشعري- احتج بهذا في ترك الحجامة، ولم يحتج فيه بشيء يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم"مسائل أحمد" برواية أبي داود ( ص 130 رقم 626) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: ((وكل ما اختلف فيه الصحابة مما يشبه هذا؛ مثل: اختلافهم في انتقاض الوضوء بمس الذكر ونحوه، فإن المُثبت منهم يجب أن يكون معه علم خَفِيَ على الناس؛ لأن هذا ابتداء شريعة؛ لا يجوز أن يثبت بالقياس، بخلاف النفي؛ فإنه يكفي فيه البراءة الأصلية)) كتاب الصيام من "شرح عمدة الأحكام" (1/438 .)
هذا عرض للأدلة باختصار، والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد الأمين وعلى آله وصحبه والتابعين.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


سبحان الله الجماعة كلهم هنا في هذا الملتقى وأنا لا أدري


جزا الله خيراً صاحب الموضوع والمشاركين فيه

أخي أبا يوسف التواب – حفظكم الله

فقد علّق الأخ السوري في بحثه – المذكور في المشاركة 9 - على استدلالكم بهذا الحديث










فليتكم تنظرون فيه
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وأهلاً بك أخي الكريم

أ. مما قاله الشيخ أبو محمد السوري -وفقه الله- في بحثه أن حديث ابن عباس جاء على أربعة ألفاظ، ثم قال:
(اللفظ الرابع : وهو أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم واحتجم وهو صائم0
ولعلَّ هذا اللفظ هو أصح الألفاظ الواردة في هذا الحديث الشريف - مع قلة طرقه -)
قلت: 1- قد استظهرت أن حادثة الاحتجام حال الصيام مستقلة عن حادثة الاحتجام حال الإحرام.. وهذا مبني على تقديم هذا اللفظ على اللفظ الذي جمع بين الأمرين وكأنها حادثة واحدة. وهو موافق لما ذكره الباحث الكريم.
2- لم يرتضِ الباحث الكريم القول بالنسخ، وأنا كذلك لم أعوِّل عليه، وهذا توافق بيننا.

ب. قال: (ومما لا شك فيه أنَّ حديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما ، هو الموافق لمعهود الأصل ، وأنَّ حديث أفطر الحاجم والمحجوم ، هو المخالف لهذا المعهود ، وبالتالي فإذا جاز لنا أن نحكم على أحد هذين الحديثين بالنسخ ، فإننا نحكم على حديث ابن عبَّاس بأنَّه منسوخ ، ذلك لأنَّ حديث أفطر الحاجم والمحجوم هو الحكم الزائد على هذا المعهود)0
قلت: قد أجبت عن هذا الوجه في أصل الموضوع.
ولكنه لم يدَّعِ نسخ حديث ابن عباس، فهذا توافق بيننا أيضاً.

ج. نقل كلاماً عن العلائي: " إنَّ تقديم الفعل ، يفضي إلى إبطال مقتضى القول بالكلية والعمل بالقول ، وتقديمه – أي تقديم القول – لا يؤدي إلى ذلك ، بل يحمل الفعل على أنَّه خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم "
قلت: القول بالخصوصية من أضعف ما قد يقال؛ لأن الأصل في أفعاله -صلى الله عليه وسلم- التشريـع، ولا بد من ناقل قوي جيد عن هذا الأصل لإثبات الخصوصية.

د. صحح الباحث وقْف ما جاء عن أبي سعيد: "أرخص ...." ولم يصحح رفعه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
قلت: لا إشكال على ما اخترنا ما دام أن أبا سعيد قد نسب الرخصة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ولكن الباحث الكريم يرى أن المرخِّص هو أبو سعيد الخدري نفسه، لا أنه النبي صلى الله عليه وسلم، وفي نفسي من هذا شيء.. ثم قال: (ومما لا شك فيه أنَّ لفظة:" رخَّصَ "0الواردة هنا لا تدل إلا على الإباحة)
قلت: وهو المطلوب، ولم أقل بالنسخ أصلاً؛ لعلمي بما أورده المانعون منه من أدلة ومناقشة، وهذا توافق بيننا.

هـ. ذكر الباحث حديث ابن أبي ليلى.. ثم قال:
(بيد أنَّنا لا نسلم بدلالة هذا الأثر على النسخ ، وذلك من وجهين :
الأول : أنّ هذا لا يعدو إلاَّ أن يكون رأياً و اجتهاداً من الصحابة رضوان الله عليهم في فهم النهي الوارد في حديث : أفطر الحاجم والمحجوم0
ومما لا شك فيه أنَّ فهمهم للنصوص الشرعية مقدم على فهم المتأخرين ،هذا فيما إذا اتفقوا على فهم واحد أو حكم واحد ، فإنَّ نصير إليه ، بل نراه من أعظم أنواع الإجماع الذي نتعبَّد الله به)
قلت: لم نستدل به على نسخٍ، ولله الحمد.. ثم إن اعتباره اجتهاداً خلاف الأصل في مثل هذه الألفاظ المنسوبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

و. ذكر أثر أنس
ثم قال: (وفي جواب أنس رضي الله عنه هذا ، ما يدل دلالة واضحة على صحة ما ذهبنا إليه من أنَّ هذا القول هو من رأيه واجتهاده وأنَّه :" لم يكن عنده رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنَّه أفطر بها ولا أنَّه رخَّصَ فيها ، بل الذي عنده كراهيتها من أجل الضعف ، ولو علم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم رخَّصَ فيها بعد الفطر بها لم يحتج أن يجيب بهذا من رأيه ، ولم يكره شيئاً رخَّصَ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم00")
قلت: ادعاء أن أنساً لم يكن عنده رواية في ذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر لا نوافق عليه، بل هو رجم بالغيب.
بل يفيد أن عدم الفطر بها مذهب ظاهر بين الصحابة رضي الله عنهم، وفهمهم وعملهم مقدَّم على فهم وعمل من بعدهم.
ومن ذلك ما ذكره هو: يقول الإمام البخاري رحمه الله ما نصه :
" ويذكر عن سعد وزيد بن أرقم وأمِّ سلمة احتجموا صياما ، وقال بكير عن أمِّ علقمة : كنَّا نحتجم عند عائشة فلا تنهى.
وقال الحافظ البيهقي :" وروينا في الرخصة في ذلك – أي في إباحة الحجامة للصائم – عن سعد بن أبي وقَّاص وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عبَّاس وعبد الله بن عمر والحسين بن علي وزيد بن أرقم وعائشة بنت الصديق رضي الله عنهم أجمعين "0




ز. ثم قال: (ومما لا شكَّ فيه ، أنَّ الجمع ممكن بين هذا النصوص – أي حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى وحديث أنس – وبين حديث النهي ، بأنَّ يحمل حديث
النهي :"على الكراهة ، وحديث الاحتجام على رفع الحظر0"
وفي ذلك يقول الإمام الشوكاني رحمه الله :" فيُجمع بين الأحاديث بأن الحجامة مكروهة في حق من كان يضعف بها...)
قلت: هذا ما قررته، ورجحته. والله الموفق
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,140
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
بارك الله فيكم جميعاً ...
تنبيه: المحجمون يكاد يتفقون على أنهم لا يحجمون إلا من أصبح ممتنعاً عن الطعام والشراب؛ ولذا يوصون من أراد الاحتجام ألا يطعم شيئاً.
وهذا ما عليه عيادات الحجامة؛ فهي تستقبل من أراد الحجامة صباحاً؛ وتوصيتهم أن يكون صائماً عن الطعام والشراب ابتداءً.
فلعل هذا لمن يرى عدم الفطر بالحجامة للصائم، أنه كان يواصل نهاره صوماً.
 

أبو محمد السوري

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
22 أغسطس 2008
المشاركات
9
التخصص
طالب علم
المدينة
سوريا
المذهب الفقهي
الحنبلي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وأهلاً بك أخي الكريم

أ. مما قاله الشيخ أبو محمد السوري -وفقه الله- في بحثه أن حديث ابن عباس جاء على أربعة ألفاظ، ثم قال:
(اللفظ الرابع : وهو أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم واحتجم وهو صائم0
ولعلَّ هذا اللفظ هو أصح الألفاظ الواردة في هذا الحديث الشريف - مع قلة طرقه -)
قلت: 1- قد استظهرت أن حادثة الاحتجام حال الصيام مستقلة عن حادثة الاحتجام حال الإحرام.. وهذا مبني على تقديم هذا اللفظ على اللفظ الذي جمع بين الأمرين وكأنها حادثة واحدة. وهو موافق لما ذكره الباحث الكريم.
2- لم يرتضِ الباحث الكريم القول بالنسخ، وأنا كذلك لم أعوِّل عليه، وهذا توافق بيننا.

ب. قال: (ومما لا شك فيه أنَّ حديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما ، هو الموافق لمعهود الأصل ، وأنَّ حديث أفطر الحاجم والمحجوم ، هو المخالف لهذا المعهود ، وبالتالي فإذا جاز لنا أن نحكم على أحد هذين الحديثين بالنسخ ، فإننا نحكم على حديث ابن عبَّاس بأنَّه منسوخ ، ذلك لأنَّ حديث أفطر الحاجم والمحجوم هو الحكم الزائد على هذا المعهود)0
قلت: قد أجبت عن هذا الوجه في أصل الموضوع.
ولكنه لم يدَّعِ نسخ حديث ابن عباس، فهذا توافق بيننا أيضاً.

ج. نقل كلاماً عن العلائي: " إنَّ تقديم الفعل ، يفضي إلى إبطال مقتضى القول بالكلية والعمل بالقول ، وتقديمه – أي تقديم القول – لا يؤدي إلى ذلك ، بل يحمل الفعل على أنَّه خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم "
قلت: القول بالخصوصية من أضعف ما قد يقال؛ لأن الأصل في أفعاله -صلى الله عليه وسلم- التشريـع، ولا بد من ناقل قوي جيد عن هذا الأصل لإثبات الخصوصية.

د. صحح الباحث وقْف ما جاء عن أبي سعيد: "أرخص ...." ولم يصحح رفعه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
قلت: لا إشكال على ما اخترنا ما دام أن أبا سعيد قد نسب الرخصة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ولكن الباحث الكريم يرى أن المرخِّص هو أبو سعيد الخدري نفسه، لا أنه النبي صلى الله عليه وسلم، وفي نفسي من هذا شيء.. ثم قال: (ومما لا شك فيه أنَّ لفظة:" رخَّصَ "0الواردة هنا لا تدل إلا على الإباحة)
قلت: وهو المطلوب، ولم أقل بالنسخ أصلاً؛ لعلمي بما أورده المانعون منه من أدلة ومناقشة، وهذا توافق بيننا.

هـ. ذكر الباحث حديث ابن أبي ليلى.. ثم قال:
(بيد أنَّنا لا نسلم بدلالة هذا الأثر على النسخ ، وذلك من وجهين :
الأول : أنّ هذا لا يعدو إلاَّ أن يكون رأياً و اجتهاداً من الصحابة رضوان الله عليهم في فهم النهي الوارد في حديث : أفطر الحاجم والمحجوم0
ومما لا شك فيه أنَّ فهمهم للنصوص الشرعية مقدم على فهم المتأخرين ،هذا فيما إذا اتفقوا على فهم واحد أو حكم واحد ، فإنَّ نصير إليه ، بل نراه من أعظم أنواع الإجماع الذي نتعبَّد الله به)
قلت: لم نستدل به على نسخٍ، ولله الحمد.. ثم إن اعتباره اجتهاداً خلاف الأصل في مثل هذه الألفاظ المنسوبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

و. ذكر أثر أنس
ثم قال: (وفي جواب أنس رضي الله عنه هذا ، ما يدل دلالة واضحة على صحة ما ذهبنا إليه من أنَّ هذا القول هو من رأيه واجتهاده وأنَّه :" لم يكن عنده رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنَّه أفطر بها ولا أنَّه رخَّصَ فيها ، بل الذي عنده كراهيتها من أجل الضعف ، ولو علم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم رخَّصَ فيها بعد الفطر بها لم يحتج أن يجيب بهذا من رأيه ، ولم يكره شيئاً رخَّصَ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم00")
قلت: ادعاء أن أنساً لم يكن عنده رواية في ذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر لا نوافق عليه، بل هو رجم بالغيب.
بل يفيد أن عدم الفطر بها مذهب ظاهر بين الصحابة رضي الله عنهم، وفهمهم وعملهم مقدَّم على فهم وعمل من بعدهم.
ومن ذلك ما ذكره هو: يقول الإمام البخاري رحمه الله ما نصه :
" ويذكر عن سعد وزيد بن أرقم وأمِّ سلمة احتجموا صياما ، وقال بكير عن أمِّ علقمة : كنَّا نحتجم عند عائشة فلا تنهى.
وقال الحافظ البيهقي :" وروينا في الرخصة في ذلك – أي في إباحة الحجامة للصائم – عن سعد بن أبي وقَّاص وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عبَّاس وعبد الله بن عمر والحسين بن علي وزيد بن أرقم وعائشة بنت الصديق رضي الله عنهم أجمعين "0




ز. ثم قال: (ومما لا شكَّ فيه ، أنَّ الجمع ممكن بين هذا النصوص – أي حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى وحديث أنس – وبين حديث النهي ، بأنَّ يحمل حديث
النهي :"على الكراهة ، وحديث الاحتجام على رفع الحظر0"
وفي ذلك يقول الإمام الشوكاني رحمه الله :" فيُجمع بين الأحاديث بأن الحجامة مكروهة في حق من كان يضعف بها...)
قلت: هذا ما قررته، ورجحته. والله الموفق
الحمد لله رب العالمين00والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أمَّا بعد :
جزاك الله تعالى أخي الحبيب :" أبو بكر باجنيد "0على هذه المناقشة العلمية الراقية ، وبارك الله لنا في علمك 00اللهمَّ آمين0
ولا شك على عن الإختلاف العلمي لا يفسد للود قضية ، إنَّي أحبك - وجمع الإخوة المشاركين - في الله0
أخوكم من بلاد الشام
أبو محمد السوري
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
أحبك الذي أحببتني له، وجزاك خيراً على ما قدمت، وبارك في الشام وأهلها.
 
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
1
التخصص
فقه وأصوله
المدينة
العاصمة
المذهب الفقهي
مالكي
سلام الله عليكم بارك لكم أساتذتنا الفضلاء على هذا التحليل والمناقشة الفقهية المتميزة لأحكام الحجامة بين أدلة الجمهور ومذهب الحنابلة إذ تعد المسألة ن مفرداتهم.
لكن سؤالي للأخ الفاضل أبو بكر باجنيد في موضوعه الرائع "خلاصة الكلام في حكم الحجامة حال الصيام "هل لكم بالإجابات على أدلة الجمهور تلك وكذا على الأحنابلة من تزويدنا بالتهميش والإحالات ومصادر معلوماتكم. رجاء أستاذنا الفاضل ارسل لنا البحث محررا بالتوثيق ومصدر كل إجابة واعتراض فإني للمسألة مهتمة وفي غاية الحاجة للمزيد تحقيق مع بعض طلبتنا بالجزائر.
بارك الله في علمكم وسدد خطاكم والسلام عليكم
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أعلى