بارك الله فيكم على هذا الاهتمام .
أما بالنسبة لبعض النقولات المفيدة لهذا التفريق فهي كثيرة ولكن أورد هنا بعضا منها ، يقول القرافي رحمه الله تعالى : " فسرت الإباحة بنفي الحرج على الإقدام على الفعل ، فيندرج فيها الواجب والمندوب والمكروه والمباح ، ولا يخرج سوى الحرام ، وهذا هو تفسير المتقدمين و الثابت في موارد السنة ، وإنما فسرها بمستوي الطرفين المتأخرون ". نفائس الأصول1/239-240 و يقول : " فحوى و لحن الخطاب ، و تنبيه الخطاب و دليل الخطاب و معقول الخطاب و مفهوم الموافقة و مفهوم المخالفة كلها اصطلاحات لعلماء الأصول المتقدمين" نفائس الأصول(2/658)
بالنسبة للنقل الأول فالمقصود والله أعلم بالمتقدمين هم السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى عصر الشافعي وإلى عصر الطبري وابن المنذر وحواليهم.
أما تفسير المباح بما استوى طرفاه فإنما هو تفسير المتأخرين من أهل الأصول بعد الصياغة للثانية للأصول والتي قد تكون من عصر الجصاص بعد نصف القرن الرابع، أو من عصر أبي بكر الباقلاني المتوفى في مطلع القرن الخامس.
فتدوين الأصول مر بمرحلتين واضحتين الأولى في عصر الشافعي، والثانية بدأت من عصر الكرخي ومرورا بعصر الباقلاني والثالثة في عصر الجويني ومن بعده الغزالي ....
فغالباً تكون التفسيرات الأصولية المتكلفة والبعيدة عن مواقع النصوص، وعن كلام اهل العلم أن تكون بدأت في العصر الثاني في التدوين حتى اكتملت مع العصر الثالث.
مع الأخذ بالاعتبار أن ثمة حلقات مفقودة في عصر التدوين الأصولي.
--------
بالنسبة للنقل الثاني عن القرافي فما دام أنه قيده بالمتقدمين من الأصوليين، وذكر من جملة من الاصطلاحات الأصولية الدقيقة فواضح أن مراده ما كان في عصر التدوين الثاني من الجصاص وإلى الباقلاني وما كان قريبا من أعصارهم.
------
وإذا صحت التفسيرات السابقة تبين لنا أن مراد القرافي من مصطلح "المتقدمين" معنيان مختلفان، دل على ذلك سياق كل نقل.
وإذا لم نستطع أن نحدد مصطلحا محددا من خلال عالم واحد فما أبعد أن نقدر على ذلك إذا وسعنا الدائرة إلى علماء الأصول أجمع.
-------
وإذا نشط الإخوة لنقل بعض النقولات أظن أننا سنصل إلى نتائج أكثر دقة.