العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الاتجاهات الفقهية في فقه حديث "لقيط بن صبرة" في باب مفطرات الصيام

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الاتجاهات الفقهية في فقه حديث "لقيط بن صبرة" في باب مفطرات الصيام
فقه حديث "لقيط بن صبرة": (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما).

المطلب الأول: نص الحديث:
عن لقيط بن صبرة رضي الله عنه قال: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما) أخرجه الخمسة.
وهو حديثٌ صحيحٌ، أكاد أقول: بإجماع أهل الصنعة.

المطلب الثاني: مسالك أهل العلم في فقه الحديث في باب المفطرات:
هناك مسلكان رئيسان في المسألة :

المسلك الأول: هو اعتباره دالا على أحكام مفطرات الصيام.
وهذا مسلك الجمهور، وعليه عامة أهل العلم، ومنهم الأئمة الأربعة، وجملة أصحابهم.
وهؤلاء أيضاً على طريقتين:
الطريقة الأولى: التوسع في الاستدلال به، وهي طريقة غالب الفقهاء.
الطريقة الثانية: تقييد الاستدلال به في مناطق محدودة، وهي طريقة جماعة من المالكية والشافعية، واختارها بعض الفقهاء كالولوالجي من الحنفية، وابن تيمية من الحنابلة.

المسلك الثاني: اعتباره غير دالٍ على أحكام مفطرات الصيام:
وهذا مسلك جماعةٍ قليلةٍ مِنْ أهل العلم، لم أره إلا عن اثنين، وهما:
1- ابن حزم الظاهري.
2- يوسف القرضاوي.
وبما سبق يتبين:

أن هناك اتجاهين رئيسين في دلالة حديث لقيط بن صبرة على أحكام مفطرات الصيام، وهما:
1- اعتباره دالا.
2- اعتباره غير دال.

كما تبين:
أنه عند التفصيل تتسع القسمة لتكون مشمولة ثلاث اتجاهات، فيقال:
لأهل العلم في دلالة حديث لقيط بن صبرة على مفطرات الصيام مسالك ثلاثة:
المسلك الأول: التوسع في دلالته. [الجمهور].
المسلك الثاني: تقييد دلالته.[طائفة قليلة].
المسلك الثالث: عدم دلالته.[طائفة أقل].
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
المطلب الثالث: مراتب الاستدلال بهذا الحديث:
الاتجاه الأول: اعتبار حديث "لقيط بن صبرة" غير دال على أحكام المفطرات:

وتبنى هذا الاتجاه ابن حزم الظاهري، ويوسف القرضاوي، ولكل واحد منهما مأخذ مختص في بيان عدم إفادة الحديث للدلالة على المفطرات:


أولاً: ابن حزم الظاهري:


ومستنده في ذلك كما يلي:

§ ليس في حديث لقيط بن صبرة: أنه يفطر الصائم بالمبالغة في الاستنشاق.
§ وإنما فيه: إيجاب المبالغة في الاستنشاق لغير الصائم، وسقوط وجوب ذلك عن الصائم فقط، لا نهيه عن المبالغة، فالصائم مخير بين أن يبالغ في الاستنشاق، وبين أن لا يبالغ فيه، وليس في سقوط الفرض ما يوجب المنع منها.

قلت: ما ذكره ابنُ حزمٍ رحمه الله يتفق مع أصوله الظاهرية، ولذلك فقد غلَّط بعضَ أصحابه مِنْ أهل الظاهر الذين اعتبروا حديث لقيط دالاً على نهي الصائم عن المبالغة في الاستنشاق؛ وسبب تغليطه إياهم هو ما سبق أن حديث لقيط بن صبرة ليس فيه ذلك، وإنما فيه أمر غير الصائم بالمبالغة، أما أمر الصائم فمسكوتٌ عليه، فيبقى في دائرة الإباحة.


ثانياً: يوسف القرضاوي:


حاول الـ د. القرضاوي حفظه الله أن يجيب عن حديث لقيط بن صبرة؛ لأنه كان له أثر في توسيع دائرة المفطرات، فذكر بعض الملاحظات على هذا الحديث، وهي كالتالي:


1- أنه لم يرد في الصحيحين، مما يدل على أن رتبتهما دون ما اشترطاه في صحيحيهما.


2- أنه على التسليم بصحة الحديث فإنه لم يجيء بلفظ عام، بل جاء خطابا خاصا لشخص معين يسأل عن الوضوء.


3- أنه لم ينص على أن الماء إذا وصل إلى الجوف من طريق الأنف يفطر، بل كل ما فيه النهي عن المبالغة في حالة الصوم، فقد يدخل الماء عند المبالغة إلى فمه، ومن فمه إلى جوفه، وقد ينهى عن الشيء وإن لم يفطر، وقد جاء عن بعض السلف في أشياء معينة قالوا: لا تفطر ولكن ينهى عنها.

4- أنه على التسليم بأن وصول الماء إلى الجوف من الأنف يفطر، فإنه لا يسلم بالتوسع في إلحاق أشياء أخرى بهذا، لأن الأصل في العبادات الوقوف عند النص، ولا يتوسع في القياس فيها، ولأن هذا الحديث جاء على خلاف الأصل في أمر الصيام، فيحفظ ولا قياس عليه.

وفي كلام الدكتور القرضاوي جملة مِنْ الملاحظات، وهي كما يلي:
1- قوله: (إن الحديث ليس في الصحيحين مما يدل على أنه لم يرد في الصحيحين، مما يدل على أن رتبتهما دون ما اشترطاه في صحيحهما.)، وهذا مسلَّمٌ، وليس يعني في الأمر شيئا، فليس يشترط في اعتبار النصوص أن تكون في رتبة أحاديث الصحيحين؛ فإن دائرة الحديث الصحيح المحتج به أوسع مِنْ دائرة الصحيحين، وهذا بإجماع الأمة، وعلى رأسهم الإمامان البخاري ومسلم.
على أن الحاكم خرَّجه على شرط الشيخين، وذكر عذراً في عدم إخراج الشيخين له، وهو التفرد عن الصحابي، وناقشه أهل العلم في هذا العذر، وأن في الصحيحين جملة مما هو على هذا النمط.
وسبق أن العلماء على تصحيح الحديث وقبوله، ولا يكاد يعرف مَنْ أعله، إلا في بعض التفاصيل.
وما كنتُ أحب للشيخ يوسف القرضاوي على علو منزلته أن يتعرَّض للحديث الصحيح، ولو كان لديه ما يقوله غير ما ذكره لقاله، مما يؤكد أنه لا مطعن له في الحديث من ناحية السند.
أما الطعن في المتن، فالنقاش معه سيأتي في الملاحظات التالية.
2- أما عدم عموم الحديث، وأنه جاء خاصاً لشخص معيَّن سأله عن الوضوء، فغريبٌ أن يصدر مِنْ مثل الشيخ القرضاوي الذي كان دأبه الخوض في معاني النصوص، وإرسال الرشاء في أغوارها، فليس الكلام في عموم النص، وإنما الكلام في فقهه، وهو كافٍ؛ إذ لا فرق يُتخيَّل بين لقيط بن صبرة في هذا الحكم وبين غيره، وعلى مَنْ ادَّعى تخصيصه بلقيط أن يبدي لنا وجه اختصاصه، وسببه، وأنَّى، فعادت الدعوى تنطق على صاحبها الذي أقامها.
وظاهرٌ: أن مراد القرضاوي هو أن الحكم الوارد في واقعة عين ليس كالحكم الوارد في خطاب عام.
فنعم، والأمر كذلك:
لكن هذه الطريقة إنما تفيد في أحوالٍ دون أحوال، كالتعارض، فالعام البات أولى من الخاص المحتمل.
ثم إن استعماله هاهنا ضعيفٌ جداً؛ إذ الكلام في أحكام الوضوء والصيام، وبخطابٍ قولي، ولرجلٍ وافدٍ عن قومه.
فما كل موضع يصلح أن يتطلب فيه الحكم العام البات، وما كل موضع يصلح أن يضعف الحديث المعين في القصة.
ويبدو أن القرضاوي توهَّم تعارضاً بين نصوص المفطرات العامة في قصرها على الأكل والشرب والجماع، وبين حديث لقيط بن صبرة، فرام توهين حديث لقيطٍ بها.
وهذا يفتقر إلى مقدمة، وهي إثبات المعارضة، وسيظهر من هذا البحث ضعف هذا التوهم، وأن حديث لقيط بن صبرة منتظمٌ تماماً في نصوص المفطرات العامة، وعلى هذا عامة الأمة، وإن اختلفوا في فقهه، وطريقة نظمه مع نصوص المفطرات العامة، على ما هو مبين في هذا المبحث.
3- ذكر القرضاوي: أن نهي الصائم عن المبالغة لا يلزم منه الإفطار.
وقد حاول ابنُ حزم أن يفرض هذا اللازم مقدَّرا، فذكر أنه لو قال امرؤ بإبطال الصوم بمجرد المبالغة في الاستنشاق، لكان أدخل في التمويه ؛ لأنه ليس فيه وصول الماء إلى الحلق: أثر ولا عثير، ولا إشارة، ولا دليل، وإنما هو التكهن في السنن بما يوافق آراءهم.
أقول تعقيباً على كلام الإمامين: وهو كذلك، ولذا لم يقل أحدٌ فيما أعلم أن الفطر يحصل بمجرد المبالغة في الاستنشاق، وإنما كان كلام الفقهاء وخلافهم فيما إذا وصل الماء إلى الداخل من المبالغة، وكان عامة كلامهم في فقه الحديث، وفي المعنى مِنْ استثناء الصائم من المبالغة في الاستنشاق، وأنه خوف وصول الماء إلى الجوف ولو لم يكن من منفذ معتاد.

4- لم يميز الشيخ يوسف القرضاوي الاستدلال الصحيح بالحديث من الاستدلال الخطأ، حيث أهمل الاستدلال الصحيح للفقهاء من إلغاء وصف المنفذ [الفم] اعتبارا بالنافذ [الماء]، واشتغل ببيان الاستدلال الخطأ منه، وإن وجود الغلط في بعض وجوه الاستدلال به عند الفقهاء لا يفسِّر الإعراض عن الوجوه الصحيحة من الاستدلال به.



تعليق على رأي ابن حزم والقرضاوي في عدم دلالة حديث "لقيط بن صبرة" على أحكام المفطرات:


كان هذا القول منهما مخالفاً لقول عامة أهل العلم:

§ فابن حزم رحمه الله وإن احتُمِل هذا منه التفاتاً إلى أصوله الظاهرية فإنه يبقى أن مِنْ أصحابه الظاهريين ممن تقدَّموه: مَن اعتبروا حديث لقيط بن صبرة دالا على نهي الصائم على المبالغة في الاستنشاق، نصوا على هذا لظهوره في الحديث، مع ما هم فيه من الأصول الظاهرية.
§ أما القرضاوي، فكان هذا القول منه انكساراً في فروع مدرسته المعنوية، التي تكثر الالتفات إلى معاني النصوص، وأظن ظنا أن سبب ذلك هو مبالغته في تحديد الِإفطار بالأكل والشرب حتى إنه رجح كما سيأتي - عدم الإفطار بالإبر المغذية التي تعطى للمريض بديلا للأكل والشرب، فمبالغته في التيسير كان لها أثر سلبي على أصله في المعاني.
§ والذي جمع هذين الرجلين في الشذوذ بهذا القول هو الإفراط:
فابن حزم أفرط في الاقتصار على ظاهر اللفظ، والقرضاوي أفرط في الاقتصار على المفطرات المجمع عليها التفاتاً إلى التيسير.
ولا أشك: أن هذا القول مِن الشذوذ بمكان، ولولا ما غلب على جماعات من المعاصرين من الجنوح إلى ظاهر اللفظ، أو الاستغراق في معناه، لما كان للتعريج على هذا القول معنىً، ولو أتيت إلى عاميٍ، واستنفدت جهدك لتقنعه بكلام هذين الرجلين في عدم دلالة حديث لقيط بن صبرة على مفطرات الصيام لما اقتنع، لشدة ظهور المعنى فيه.
 
التعديل الأخير:
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
زادك الله فقهاً وبصيرة ..

تأصيل في المنتهى من الروعة، ومناقشة للأدلة ومآخذ الاستدلال ليس ثمة ما يرام وراءه ..
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الاتجاه الثاني: توسيع دلالته على المفطرات:
وهذا - كما سبق - مسلك الجمهور، وغلب ذلك على فقهاء المذاهب الأربعة، على ما هو مسجَّل في مصنفاتهم مِنْ وقائع الاستدلال بالحديث، وإن كان المالكية أقل من غيرهم في ذلك.

وفي الجملة تتم عملية الاستدلال عندهم بهذا الحديث عبر مقدمتين ونتيجة:
فالمقدمة: أن الخشية مِن المبالغةفي الاستنشاق هو وصولها إلى الدماغ، ولو لم يكن كذلك لم يكن للنهى عن المبالغة معنى.
والنتيجة:
1- أن الدماغ جوف، يفسد الصوم بوصول شيء إليه.
2- عدم اعتبار المنفذ المعتاد.

وللفقهاء في تحقيق هذا الاستدلال تصاريف ترجع إلى تفسير أو توسيع أو تقييد بعض ما سبق:
ومن الوجوه الصحيحة التي قرروها:
أن الحديث دالٌ على وقوع الفطر بالمعنى، وإنْ لم يكن على صورة الفطر، وصورة الفطر هو الأكل والشرب، ولم يكن وصول الماء مِنْ المبالغة في الاستنشاق على هيئتها، ومع ذلك كان مفطراً، مما يدل على أن المناط هو معنى الأكل والشرب لا صورتهما.

وقد ظهر توسيع الفقهاء لباب المفطرات، استناداً إلى حديث لقيط بن صبرة من خلال النظر إلى المحددات الثلاثة:

1- الجوف.

2- المنفذ.

3- العين المفطرة.


وذلك كما يلي:


وقع توسعهم للجوف:


باعتبارهم الدماغ جوفاً فرعياً إضافة إلى الجوف الأصلي وهو البطن، وكان هذا منهم بناء على مقدمتين:


الأولى: أن الماء المبالغ به يصل إلى الدماغ.


الثاني: أن ما يصل إلى الدماغ وهو الجوف الفرعي، يصل إلى البطن وهو الجوف الأصلي.


وفي هذا نظر لما يلي:


أولأً: ليس في حديث لقيط بن صبرة ما يفيد أن المخوف هو وصول الماء إلى الدماغ، وإن جرى على ذلك كلام كثير من الفقهاء.


ثانياً: أثبت علم التشريح أنه لا منفذ بين الدماغ إلى الجوف


ثالثاً: الماء المستنشق له منفذٌ إلى الجوف الأصلي، وهو البطن، وهذا واقعٌ، ومعروفٌ بين الناس، وثابتٌ طباً.

رابعاً: أن اعتبار التخوف في الحديث من المبالغة في الاستنشاق هو وصول الماء إلى الجوف (البطن) يتوافق مع المفطرات المجمع عليها، بينما اعتبار التخوف من وصوله إلى الدماغ، ثم تقرير أن الدماغ جوف هو أمرٌ زائد على المفطرات المجمع عليها، وإذا تعارض احتمالان أحدهما يتفق مع المجمع عليه، والآخر زائد عليه، فإن الموافق أولى منه لتأيده بالمعنى المجمع عليه، فإرجاعه إليه أولى من اعتبار جوفٍ ثانٍ؛ فكيف وقد بيَّن الطب الحديث ألا منفذ أصلاً بين الدماغ والجوف.
خامساًً: قرر أن الدماغ ليس بجوف: جماعةٌ من الفقهاء القدامى، فهو اتجاه بارز لدى المالكية والشافعية، وذكره الطحاوي، ونص عليه الأحمدان: القرافي وابن تيمية.
ومن المعاصرين: ابن عثيمين، والمباركفوري صاحب كتاب مرعاة المفاتيح.
وأكد كلُّ هؤلاء: أن المخوف في حديث لقيط بن صبرة إنما هو وصول الماء إلى الحلق من منفذ الأنف، وليس للدماغ فيه مدخل.

وبما سبق: يتبين أنه لا داعي لاعتبار جوفٍ فرعي، وهو الدماغ؛ فإنه أمرٌ وإن التبس على بعض الفقهاء المتقدمين فإنه ينبغي ألا يبقى الأمر على التباسه؛ لاتضاحه اليوم بحمد الله.


ثم وقع مِنْ بعضِ الفقهاء توسيعٌ آخر في تفسير الجوف الفرعي إضافةً إلى الدماغ:


فألحقوا بهما:


1- الدبر.


2- والمثانة.


مما لم يحققه الدليل الخاص، ومستندهم في ذلك أنها كالدماغ لها مجرىً إلى المعدة.

أما توسّعهم في المنافذ:
فهو إلحاقهم بعضَ المنافذ بالأنف مع الاختلاف المعنوي بينهما، كالعين، والأذن، والإحليل فإنه لا منفذ مفتوح نافذٍ لها إلى الجوف الأصلي وهو البطن، كما ثبت ذلك في طب التشريح.
فاعتبار حديث لقيط بن صبرة للأنف منفذاً ملتئمٌ مع المفطرات المجمع عليها؛ لأنه منفذٌ مفتوح إلى جوف البطن، ويكون عن طريقه تسريب الماء أو الدواء، فهو ملحقٌ بالفم معنىً وإن كان لا يشبهه صورة من جهة طريقة الإدخال.
وإن على مَنْ أراد إلحاق منفذٍ بالفم أن يلتزم بالمعنى الذي جاز مِنْ أجله اعتبار الأنف منفذا.

أما توسعهم في اعتبار المفطر:


فهو إلحاقهم جملة من الأشياء التي ليس لها حكم الأكل والشرب مثل الكحل، وحقنة الشرج، ودهن الأذن.


وحديث لقيط بن صبرة لا يسعفهم لأن الذي فيه إنما هو الماء وهو مفطرٌ بالإجماع، وليس من جنسه ما ذكروه.

قلت: سيأتي إن شاء الله مزيد مناقشة وبحث عند عرض الاتجاه الثالث الآتي لاتصال الكلام به.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الاتجاه الثالث: اتجاه تقييد دلالة لقيطٍ على المفطرات:
فأصحاب هذا الاتجاه: يعتبرون حديث لقيط بن صبرة دالاً على أحكام مفطرات الصيام.
بخلاف أصحاب الاتجاه الأول [ابن حزم، القرضاوي]: الذين ألغوا دلالته على أحكام المفطرات.
لكنهم مع ذلك: لم يتوسَّعوا في الاستدلال به كتوسع أصحاب الاتجاه الثاني؛ بل قيَّدوه في مناطق محدودة.
وأصحاب هذا الاتجاه: وإن لم يكونوا بحجم الفريق الثاني الموسِّعين لدائرة المفطرات، إلا أنه يبقى أن لهم حضوراً واضحاً في كتب الفقهاء، فهم يمثلون جماعة من فقهاء المذاهب الأربعة، فهو مذهب طائفة من المالكية، لاسيما العراقيين منهم، ومن المصريين القرافي، ومن الأندلسيين ابن عبد البر، وهو أيضاً مذهب الوالوالجي من الحنفية، وابن تيمية من الحنابلة، واتجاهٌ معروف لدى الشافعية، وأخذ به جماعةٌ مِن المعاصرين.

وهذا الفريق هو أحد طرفي المضيقين في المفطرات، فالفقهاء باعتبار التوسيع والتضييق على طريقتين رئيستين:
1- توسيع دائرة المفطرات [الجمهور].
2- تضييق دائرة المفطرات.

وهؤلاء المضيقون على طريقتين أيضاً:
1- الطريقة القياسية.
2- الطريقة الظاهرية.

وأصحاب هذا الاتجاه المذكورين في هذا المبحث: هم من المضيقين القياسيين، لأن الكلام فيمن اعتبر حديث لقيط بن صبرة، واعتبر القياس والمعنى فيه، لكن لم يتوسع في الاستدلال به، وهي طريقة القياسيين، ووافقهم جماعة من أهل الظاهر أيضاً.

أما مَنْ لم يعمل القياس والمعنى في حديث لقيط بن صبرة: فهذه هي الطريقة الظاهرية، والتي مثلها أحسن تمثيل ابن حزم الظاهري وساعده فيها القرضاوي على إغراقه في المعاني.

ترتيب كلام أصحاب الاتجاه الثاني في تقييد الاستدلال بحديث لقيط بن صبرة:

§ قرروا أن حديث لقيط بن صبرة متفقٌ مع قياس باب المفطرات، يظهر ذلك مِنْ خلال النظر إلى محدِّدات المفطِّرات الثلاث:

o العين المفطرة.
o المنفذ.
o الجوف.

بيان ذلك كما يلي:
§ فالعين المفطرة: الورادة في حديث لقيط بن صبرة هي الماء؛ وهو مفطرٌ بالإجماع ، وكلام الشارع قد دل على اعتبار هذا الوصف وتأثيره، فكان المنع منه مِنْ تمام الصوم، والمعنى الموجود في وصول الماء من المبالغة في الاستنشاق، موجود في الأصل الثابت بالنص والإجماع؛ فالمناسبة ظاهرة، والحكم ثابت على وفقه.

§ أما المنفذ: فهو الأنف، وهو ملحقٌ بالفم معنىً؛ فإن مَنْ نشق الماء بمنخريه فإنه ينزل إلى جوفه، ولو لم يرد النص بذلك لعلم بالعقل أن هذا من جنس الشرب؛ فإنهما لا يفترقان إلا في دخول الماء من الفم، وذلك غير معتبر، بل دخول الماء إلى الفم وحده لا يفطر لعدم تأثيره، وإنما هو طريق إلى الفطر.

§ أما الجوف: فقد تبين بما سبق، أنه البطن، وأن الماء يصل إليه من المبالغة في الاستنشاق عن طريق الحلق.

فيتبين لنا مما سبق أن فقه حديث لقيط بين صبرة يتفق مع المحددات الثلاث المجمع عليها:
1- العين المفطرة.
2- المنفذ.
3- الجوف.

و به يعلم: أن الحديث مؤكدٌ لأحكام المفطرات المجمع عليها لا مؤسساًَ زائداً عليها.

ويبقى الجواب: عن توسيع الجمهور دلالته، وهذا موعد وفاء ما أرجأنا الكلام عنه سابقا، فنقول وبالله التوفيق:

وقع مِنْ بعضِ الفقهاء توسيعٌ للمفطرات من خلال حديث لقيط بن صبرة، وذلك بالنظر في الجوف والمنفذ والعين المفطرة:


أما المنافذ:

o فإنه ليس في حديث لقيط بن صبرة في وصول الماء من المبالغة في "الاستنشاق":
اعتبار جميع المنافذ: فالحديث إنما اعتبر منفذاً مفتوحاً (وهو الأنف)، وله طريق إلى الجوف (البطن)، فلا يصح أن يلحق به دربٌ غير نافذ، كالعين والأذن والإحليل، وقد أكَّد هذا علم التشريح الحديث.

وبهذا نعلم أنهم توسّعوا في المنافذ؛ وذلك من خلال إلحاق بعض المنافذ بالأنف مع الاختلاف المعنوي بينهما، كالعين والأذن فإنه لا منفذ مفتوح لهما إلى الجوف الأصلي وهو البطن، كما ثبت ذلك في طب التشريح.


فاعتبار حديث لقيط بن صبرة للأنف منفذاً وجيهٌ معتبر؛ لأنه منفذٌ مفتوح إلى جوف البطن، ويكن عن طريقه تسريب الماء أو الدواء، فهو ملحقٌ بالفم معنىً وإن كان لا يشبهه صورة من جهة طريقة الإدخال.


وعلى مَنْ أراد إلحاق منفذٍ بالفم أن يلتزم بالمعنى الذي جاز مِنْ أجله إلحاق الأنف به.

o وليس في حديث لقيط بن صبرة في وصول الماء من المبالغة في "الاستنشاق":
اعتبار أي داخلٍ: وإنما فيه اعتبار الماء، وهو مفطرٌ بالإجماع فلا يصح أن يلحق به الكحل، وفتائل الحقنة مثلاً فليسا هما من جنس الأكل والشرب.
وكيف: يقاس على الماء المنصوص عليه، والذي يغذي البدن، ويزول به العطش، ويطبخ الطعام، ويتولد الدم ما ليس من جنس الأكل والشرب!
فإن الكحل: لا يغذي البتة ولا يدخل أحد كحلا إلى جوفه لا من أنفه ولا مِنْ فمه.

وحقنة الشرج: لا تغذي بل هي للإسهال تستفرغ ما في البدن ... وهي لا تصل إلى المعدة.

فإن قيل: ما دام أنكم تفطرون الداخل عن طريق الفم بكل داخل ولو لم يكن مغدياً، فقولوا كذلك في الداخل عن طريق غير الفم، فأي داخل يكون مفطراً، مثله مثل الداخل إلى الفم؟
والجواب: نعم، الداخل من الفم مفطر، ولو لم يكن مغذياً، والداخل من غيره إلى الجوف يكون مفطراً ولو لم يكن مغذياً بشرط أن يكون فيه معنى الأكل والشرب، فالدواء غير غذاء وهو مفطر من الفم ومن غيره.

وإنما قلنا ما قلناه في الكحل والفتائل ونحوها:
لأنه استقر لدينا أنها لا تدخل إلى الجوف، فقصدنا أن تتسع حجتنا فبينا الفرق بين وصفها، وبين الوصف المذكور في حديث لقيط بن صبرة، فإن المذكور في حديث لقيط بن صبرة هو الماء المجمع على حصول الإفطار به، أما الكحل والفتائل وشبهها، فليست هي من جنسها، ولا أحد يأكلها، مما يؤكد تباعدها عن أحكام المفطرات، وأن قصد وصولها إلى الجوف هو من البعد بمكان؛ ناهيك عن نزاعنا إياهم في وصولها إلى الجوف.

وبهذا نعلم: أنهم ألحقوا جملة من الأشياء التي ليس لها حكم الأكل والشرب، اتكاء على حديث لقيط بن صبرة وهو لا يسعفهم لأن الذي فيه إنما هو الماء وهو مفطرٌ بالإجماع، وليس مثله، الكحل، وحقنة الشرج، ودهن الأذن.


وبذلك يظهر بجلاء ضعف ما ذكروه مِنْ حججٍ قياساً على وصول الماء مِن المبالغة الاستنشاق الذي خيف وقوعه على الصائم في حديث لقيط بن صبرة.




وتلخيصاً لما سبق نقول:
استدلال الفقهاء بحديث لقيط بن صبرة له جهتان

الجهة الأولى: تحقيق معناه، وهو أن العبر بما ألحق بالأكل والشرب هو المعنى لا الصورة، فإن الحديث قد دل على أنه لا يشتراط أن يكون الداخل إلى الجوف مِن المنفذ المعتاد، وهو الفم، فما كان في معنى الأكل والشرب ألحق به ولو لم تتحق فيه صورتهما.


الجهة الثانية: التوسع في دلالته على المفطرات بثلاثة أمور:


1- الجوف.


2- المنفذ.


3- العين المفطرة.


فاعتبروا أو بعضهم مع الجوف الأصل: أجوافاً فرعية وهي الدماغ والدبر والمثانة.


وسبق بيان عدم صحتها.


واعتبروا منافذ غير منفذ الفم: فهم اعتبرو الأنف بدلالة حديث لقيط بن صبرة، وهو منفذٌ ثابتٌ بالنص والمعنى.


واعتبروا منافذ غير منصوصة ولا المعنى يعضدها بوصول الداخل إليها إلى الجوف، وهذه المنافذ هي العين والأذن، والإحليل، وفي الفرج والدبر تفصيل.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الخلاصة:

لأهل العلم في حديث لقيط بن صبرة مسلكان رئيسان:


1- اعتباره دالاً على مفطرات الصيام، وهذا قول عامة أهل العلم.


2- اعتباره غير دال، وهو قول ابن حزم والقرضاوي.


والراجح: المسلك الأول، والثاني مسلكٌ شاذ وغريب.



ثم انقسم القائلون بدلالته على أحكام المفطرات على طريقتين اثنتين:


الطريقة الأولى: توسيع دلالته على المفطرات.


باعتبار أمور:


1- أن الماء المبالغ به إنما يصل إلى الدماغ، فيكون الدماغ بذلك جوفاً كالبطن لأنه يصل إليه، وبعضهم ألحق الدبر والمثانة، فتحصل هناك ثلاثة أجواف فرعية إلى جانب الجوف الأصلي.


2- إلحاق بقية المنافذ بالأنف بجانب أنها منافذ غير معتادة مثل الأنف.


3- إفساد الصوم بكل واصل.


وهذه طريقة الجمهور في الجملة ولهم تفاصيل.



الطريقة الثانية:تقييد دلالته على المفطرات.


وذلك بالقول أن ما في حديث لقيط بن صبرة متفقٌ مع المفطرات المجمع عليها، فهو ماء ينفذ من منفذ واصل إلى جوف البطن، ولا فرق بينه وبين الشرب إلا في صورة المنفذ: فأحدهما الأنف والآخر الفم، وهما يشتركان في أنهما منفذان واصلان إلى جوف البطن.


أما الدماغ فلا منفذ له إلى الجوف (البطن)، كما أثبت الطب الحديث وبالتالي لا يكون جوفاً مستقلا، فتكون النتيجة ألا يقع الفطر بمجرد وصول العين المفطرة إلى الدماغ، كما أنه لا يصح إلحاق جوف آخر اشترك مع الدماغ في المعنى في كون عدم النفوذ إلى الجوف الأصلي.


كما أنه لا يصح إلحاق منفذ غير نافذ إلى جوف البطن.
 

عمار محمد مدني

:: عضو مؤسس ::
إنضم
14 ديسمبر 2007
المشاركات
721
التخصص
هندسة صناعية
المدينة
مكة المكرمة + الظهران
المذهب الفقهي
حنبلي
attachment.php
 

المرفقات

  • 1.jpg
    1.jpg
    105.9 KB · المشاهدات: 0
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
جزاك الله خيرا يا عمار وجعل ذلك في مواززين حسناتك.
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
متابعون ... لا تعليق في هذا الدرس ... نسلم بكل ما ذكرت
 
إنضم
22 مارس 2008
المشاركات
392
الكنية
أبو صهيب
التخصص
الفقه
المدينة
طيبة
المذهب الفقهي
حنبلي
شكر الله لكم شيخنا
ثمة إشكالات وسؤالات:
1- ذكرتم أن الجوف هو البطن وكأنها مسلمة من المسلمات، وكلام الفقهء فيها غير متفق:
[font=&quot]هل هو باطن البدن [ماوراء الجلد] أو هو المعدة أو هو ما يوصل إلى المعدة أو هو الجهاز الهضمي -كما يقول بعض المعاصرين، أو هو كل مجوف في البدن أو هو كل مجوف له قوة تحيل الغذاء أو كل مجوف يوصل للمعدة؟ وينبني على هذا مسائل كثيرة جدا قديمة ومعاصرة... والذي يبدو لي أن كلام الحنابلة في هذا غير متفق، ويمكن تقسيمه على أقسام/[/font][font=&quot][/font]
[font=&quot]أولا/ ما يدل على أن الجوف هو كل مجوف في البدن ينفذ للمعدة/ في المغني/ [يفطر بكل ما أدخله إلى جوفه أو مجوف في جسده كدماغه وحلقه ونحو ذلك مما ينفذ إلى معدته] ونحوها في الشرح الكبير وفي الإقناع وشرحه/ [أَوْ أَدْخَلَ إلَى جَوْفِهِ أَوْ مُجَوَّفٍ فِي جَسَدِهِ كَدِمَاغِهِ وَحَلْقِهِ وَبَاطِنِ فَرْجِهَا ، وَتَقَدَّمَ فِي ] بَابِ [ الِاسْتِطَابَةِ إذَا أَدْخَلَتْ أُصْبُعَهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ ] أَيْ / نَحْوُ الدِّمَاغِ وَالْحَلْقِ وَبَاطِنِ فَرْجِهَا كَالدُّبُرِ [ مِمَّا يُنْفِذُ إلَى مَعِدَتِهِ شَيْئًا مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ ] على أن مثل هذه العبارات قد تدل على المغايرة بين الجوف والمجوف -عندهم- بسبب العطف، وفي شرح المنتهى/ [[ أَوْ أَدْخَلَ إلَى جَوْفِهِ شَيْئًا ] مِنْ كُلِّ مَحَلٍّ يَنْفُذُ إلَى مَعِدَتِهِ [ مُطْلَقًا ]]---[/font]
[font=&quot]ثانيا/ ما يدل على أنه كل مجوف في قوة تحيل الغذاء/ في الإنصاف/ [مثل ذلك في الحكم / لو أدخل شيئا إلى مجوف فيه قوة تحيل الغذاء أو الدواء من أي موضع كان ولو كان خيطا ابتلعه كله أو بعضه أو طعن نفسه أو طعنه غيره بإذنه بشيء في جوفه فغاب كله أو بعضه فيه]---[/font][font=&quot][/font]
[font=&quot]ثالثا/ ما يدل على أن الجوف كل مجوف في البدن/ في الشرح الممتع/ [«إلى جوفه» أي/ إلى مجوف في بدنه]، وبعض كلامهم في الجائفة يشعر بهذا.---[/font]
[font=&quot]رابعا/ ما يدل على أنه باطن البدن/ في مطالب أولي النهى/ [ولا يفسد صوم إن [ دخل في قبل ] - كإحليل ، [ ولو ] كان القبل [ لأنثى - غير ذكر أصلي كإصبع وعود ] ، وذكر خنثى مشكل بلا إنزال ؛ لأن مسلك الذكر من الفرج في حكم الظاهر كالفم لوجوب غسل نجاسة ، وإذا ظهر حيضها إليه فسد صومها ، ولو لم يخرج ، ولو كان في حكم الباطن لم يفسد صومها حتى يخرج منه ، ولم يجب غسله كالدبر ، وإنما فسد صومها بإيلاج ذكر الرجل فيه لكونه جماعا لا لكونه وصولا إلى باطن ، بدليل أنه لو أولج أصبعه في قبلها فإنه لا يبطل صومها ، والجماع يفسد لكونه مظنة الإنزال ، فأقيم مقام الإنزال ؛ ولهذا يفسد به صوم الرجل وإن لم ينزل ، ولم يصل إلى جوفه شيء ، أفاده في " المستوعب " و " الفروع " ، وقالا / وأبلغ من هذا أنه لو قطر في إحليله أو غيب فيه شيئا فوصل إلى المثانة لم يبطل صومه ، نص عليه ، فإذا لم نفطره بذلك ، والمثانة في حكم الباطن ، فمسلك الذكر من قبل المرأة ، وهو في حكم الظاهر أولى [ خلافا له ] ، أي / لصاحب " الإقناع " في قوله / وإن أولج بغير أصلي في أصلي فسد صومها فقط ، لأن داخل فرجها في حكم الباطن فيفسد بإدخال غير الأصلي كأصبعها وأصبع غيرها ، وأولى ] في الإقناع وشرحه/ [[ وإن أولج بغير أصلي في أصلي فسد صومها فقط ] أي / دون الخنثى [ ؛ لأن داخل فرجها في حكم الباطن فيفسد ] صومها [ بإدخال غير ] الفرج [ الأصلي كأصبعها وأصبع غيرها وأولى ] أي / إفساد صومها بإدخال الفرج غير الأصلي أولى من إفساده بإدخال أصبع في فرجها ، [ وكلامهم ] أي / الأصحاب [ هنا يخالفه ] حيث قالوا / لا يفسد صوم واحد منهما إلا أن ينزل [ إلا أن نقول / داخل الفرج في حكم الظاهر والله أعلم ] وقد صرح به في المستوعب وغيره واستدل بأنه يجب غسله من النجاسات ، كالفم وإذا ظهر دم حيضها إليه ولم يخرج معه فسد صومها ولو كان في حكم الباطن لم يفسد صومها حتى يخرج منه ولم يجب غسله كالدبر وإذا ثبت أنه في حكم الظاهر ، فهو كفمها وعمق سرتها وطي عكنها ، وإنما فسد صومها بإيلاج ذكر الرجل فيه ، لكونه جماعا لا لكونه وصولا إلى باطن بدليل أنه لو أولج أصبعه في قبلها فإنه لا يفسد صومها ، والجماع يفسد لكونه مظنة الإنزال فأقيم مقام الإنزال كما أقيم مقامه في وجوب الغسل ؛ ولهذا يفسد به صوم الرجل وإن لم ينزل ولم يصل إلى جوفه شيء .]---[/font]
 
إنضم
22 مارس 2008
المشاركات
392
الكنية
أبو صهيب
التخصص
الفقه
المدينة
طيبة
المذهب الفقهي
حنبلي
الإشكال الثاني:
ذكرتم أن علم التشريح أثبت أن العين ليست منفذا للجوف (البطن حسب رأيكم) وبعض الباحثين ذكر خلاف هذا وذكر أنها منفذ وأن التشريح أثبت ذلك، فهلا حررتم ذلك
في كتاب الخليل في المفطرات (أن علماء التشريح يثبتون أن الله خلق العين مشتملة على قناة تصلها بالأنف، ثم البلعوم.)
 
إنضم
22 مارس 2008
المشاركات
392
الكنية
أبو صهيب
التخصص
الفقه
المدينة
طيبة
المذهب الفقهي
حنبلي
الإشكال الثالث:
تكرر وسيتكرر في كلامكم كلمة (معنى الأكل والشرب)
والحكم بكون الشيء في معنى الأكل والشرب أو ليس في معنى الأكل والشرب هو محل النزاع بعينه فلا يصح الاستدلال به
بيان ذلك أن الشرع نص على الفطر بالأكل والشرب ودل الإجماع عليه، وبعد بيان حقيقة الأكل والشرب يبحث عن علة الفطر بهما (معناهما) لإجراء القياس (عند من يقول به) فإما أن يقال هو تعبدي أو العلة قاصرة أو متعدية (وهو مذهب الجمهور كما يظهر من تفاريعهم)
فما هي تلك العلة (المعنى) ؟
يحتمل:
1- التغذية.
2-الدخول للجوف.
3-الدخول للجوف من منفذ معتاد.
فهذه الاحتمالات هي (معنى الأكل والشرب) فلايصح أن يقال في الشيء ليس في معنى الأكل والشرب قبل تحرير ماهو معنى (علة) الأكل والشرب.
فلعلك تتحفنا بتحرير هذه المسألة فلها ارتباط وثيق بحديث لقيط
أكر شكري وامتناني وقد أفدت كثيرا من هذه الدورة
 
إنضم
22 مارس 2008
المشاركات
392
الكنية
أبو صهيب
التخصص
الفقه
المدينة
طيبة
المذهب الفقهي
حنبلي
الإشكال الرابع:
ورد في كلامكم (المغذي وغير المغذي) وهذه عبارة يوردها كثير من المعاصرين دون تحرير معنى التغذية:
هل المغذي هو ما أقام البدن وأغنى عن الطعام والشراب تماما؟
أو هو ما أفاد البدن ولو لم يغن عن الطاعم والشراب تماما؟
وما حال ما يغني عن صنف من الأطعمة ولا يغني عن جميع الطعام؟ هل هو مغذ أو لا؟
شكر الله لكم
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
الإشكال الثالث:
تكرر وسيتكرر في كلامكم كلمة (معنى الأكل والشرب)
والحكم بكون الشيء في معنى الأكل والشرب أو ليس في معنى الأكل والشرب هو محل النزاع بعينه فلا يصح الاستدلال به
بيان ذلك أن الشرع نص على الفطر بالأكل والشرب ودل الإجماع عليه، وبعد بيان حقيقة الأكل والشرب يبحث عن علة الفطر بهما (معناهما) لإجراء القياس (عند من يقول به) فإما أن يقال هو تعبدي أو العلة قاصرة أو متعدية (وهو مذهب الجمهور كما يظهر من تفاريعهم)
فما هي تلك العلة (المعنى) ؟
يحتمل:
1- التغذية.
2-الدخول للجوف.
3-الدخول للجوف من منفذ معتاد.
فهذه الاحتمالات هي (معنى الأكل والشرب) فلايصح أن يقال في الشيء ليس في معنى الأكل والشرب قبل تحرير ماهو معنى (علة) الأكل والشرب.
فلعلك تتحفنا بتحرير هذه المسألة فلها ارتباط وثيق بحديث لقيط
أكر شكري وامتناني وقد أفدت كثيرا من هذه الدورة

جزاك الله خيراً
وأستأذن الشيخ أبا فراس أن أعلق، وأرجو أن يبين الأمر، ويفيدنا بتحديد ما يتفق مع كلامه وما لا يتفق:

الذي بدا لي من خلال متابعة موضوعات الدورة أن الضابط في ذلك عند الشيخ أبي فراس أن المفطِّر هو: "العين الواصلة إلى الجوف عن عمد وذكر من منفذ مفتوح"، ولكنه يلحق بهذا الإبر المغذية وما أشبهها باعتبار معنى آخر.

والمنفذ المفتوح -أو الدرب النافذ- هو الفم والأنف..
وأما العين والأذن والدبر فمثلها ليس منفذاً للجوف في الحقيقة؛ فلا يجوز إلحاقها بالفم والأنف للفارق، و(على هذا يحمل تعبيره -أحيانا- بأنها ليست منافذ، وإن تحصل منها دخول شيء للجوف إلا أنه غير مراعى حكماً، كما في الداخل عبر مسام الجلد مثلاً على فرض أنه وصل منه شيء إلى الجوف= لا يفسد الصوم).

وقد حاولت أن أستخرج من لفظه -ييعض الأسئلة- ضابطاً صريحاً -كما فعل بعض أهل العلم- فما تحصل لي ما أردت. وجوزيتم خيراً
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
شكر الله لكم شيخنا
ثمة إشكالات وسؤالات:
1- ذكرتم أن الجوف هو البطن وكأنها مسلمة من المسلمات، وكلام الفقهء فيها غير متفق:
[font=&quot]هل هو باطن البدن [ماوراء الجلد] أو هو المعدة أو هو ما يوصل إلى المعدة أو هو الجهاز الهضمي -كما يقول بعض المعاصرين، أو هو كل مجوف في البدن أو هو كل مجوف له قوة تحيل الغذاء أو كل مجوف يوصل للمعدة؟ وينبني على هذا مسائل كثيرة جدا قديمة ومعاصرة... والذي يبدو لي أن كلام الحنابلة في هذا غير متفق، ويمكن تقسيمه على أقسام/[/font]
[font=&quot]أولا/ ما يدل على أن الجوف هو كل مجوف في البدن ينفذ للمعدة/ في المغني/ [يفطر بكل ما أدخله إلى جوفه أو مجوف في جسده كدماغه وحلقه ونحو ذلك مما ينفذ إلى معدته] ونحوها في الشرح الكبير وفي الإقناع وشرحه/ [أَوْ أَدْخَلَ إلَى جَوْفِهِ أَوْ مُجَوَّفٍ فِي جَسَدِهِ كَدِمَاغِهِ وَحَلْقِهِ وَبَاطِنِ فَرْجِهَا ، وَتَقَدَّمَ فِي ] بَابِ [ الِاسْتِطَابَةِ إذَا أَدْخَلَتْ أُصْبُعَهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ ] أَيْ / نَحْوُ الدِّمَاغِ وَالْحَلْقِ وَبَاطِنِ فَرْجِهَا كَالدُّبُرِ [ مِمَّا يُنْفِذُ إلَى مَعِدَتِهِ شَيْئًا مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ ] على أن مثل هذه العبارات قد تدل على المغايرة بين الجوف والمجوف -عندهم- بسبب العطف، وفي شرح المنتهى/ [[ أَوْ أَدْخَلَ إلَى جَوْفِهِ شَيْئًا ] مِنْ كُلِّ مَحَلٍّ يَنْفُذُ إلَى مَعِدَتِهِ [ مُطْلَقًا ]]---[/font]
[font=&quot]ثانيا/ ما يدل على أنه كل مجوف في قوة تحيل الغذاء/ في الإنصاف/ [مثل ذلك في الحكم / لو أدخل شيئا إلى مجوف فيه قوة تحيل الغذاء أو الدواء من أي موضع كان ولو كان خيطا ابتلعه كله أو بعضه أو طعن نفسه أو طعنه غيره بإذنه بشيء في جوفه فغاب كله أو بعضه فيه]---[/font]
[font=&quot]ثالثا/ ما يدل على أن الجوف كل مجوف في البدن/ في الشرح الممتع/ [«إلى جوفه» أي/ إلى مجوف في بدنه]، وبعض كلامهم في الجائفة يشعر بهذا.---[/font]
[font=&quot]رابعا/ ما يدل على أنه باطن البدن/ في مطالب أولي النهى/ [ولا يفسد صوم إن [ دخل في قبل ] - كإحليل ، [ ولو ] كان القبل [ لأنثى - غير ذكر أصلي كإصبع وعود ] ، وذكر خنثى مشكل بلا إنزال ؛ لأن مسلك الذكر من الفرج في حكم الظاهر كالفم لوجوب غسل نجاسة ، وإذا ظهر حيضها إليه فسد صومها ، ولو لم يخرج ، ولو كان في حكم الباطن لم يفسد صومها حتى يخرج منه ، ولم يجب غسله كالدبر ، وإنما فسد صومها بإيلاج ذكر الرجل فيه لكونه جماعا لا لكونه وصولا إلى باطن ، بدليل أنه لو أولج أصبعه في قبلها فإنه لا يبطل صومها ، والجماع يفسد لكونه مظنة الإنزال ، فأقيم مقام الإنزال ؛ ولهذا يفسد به صوم الرجل وإن لم ينزل ، ولم يصل إلى جوفه شيء ، أفاده في " المستوعب " و " الفروع " ، وقالا / وأبلغ من هذا أنه لو قطر في إحليله أو غيب فيه شيئا فوصل إلى المثانة لم يبطل صومه ، نص عليه ، فإذا لم نفطره بذلك ، والمثانة في حكم الباطن ، فمسلك الذكر من قبل المرأة ، وهو في حكم الظاهر أولى [ خلافا له ] ، أي / لصاحب " الإقناع " في قوله / وإن أولج بغير أصلي في أصلي فسد صومها فقط ، لأن داخل فرجها في حكم الباطن فيفسد بإدخال غير الأصلي كأصبعها وأصبع غيرها ، وأولى ] في الإقناع وشرحه/ [[ وإن أولج بغير أصلي في أصلي فسد صومها فقط ] أي / دون الخنثى [ ؛ لأن داخل فرجها في حكم الباطن فيفسد ] صومها [ بإدخال غير ] الفرج [ الأصلي كأصبعها وأصبع غيرها وأولى ] أي / إفساد صومها بإدخال الفرج غير الأصلي أولى من إفساده بإدخال أصبع في فرجها ، [ وكلامهم ] أي / الأصحاب [ هنا يخالفه ] حيث قالوا / لا يفسد صوم واحد منهما إلا أن ينزل [ إلا أن نقول / داخل الفرج في حكم الظاهر والله أعلم ] وقد صرح به في المستوعب وغيره واستدل بأنه يجب غسله من النجاسات ، كالفم وإذا ظهر دم حيضها إليه ولم يخرج معه فسد صومها ولو كان في حكم الباطن لم يفسد صومها حتى يخرج منه ولم يجب غسله كالدبر وإذا ثبت أنه في حكم الظاهر ، فهو كفمها وعمق سرتها وطي عكنها ، وإنما فسد صومها بإيلاج ذكر الرجل فيه ، لكونه جماعا لا لكونه وصولا إلى باطن بدليل أنه لو أولج أصبعه في قبلها فإنه لا يفسد صومها ، والجماع يفسد لكونه مظنة الإنزال فأقيم مقام الإنزال كما أقيم مقامه في وجوب الغسل ؛ ولهذا يفسد به صوم الرجل وإن لم ينزل ولم يصل إلى جوفه شيء .]---[/font]
أولأً: أما أن المراد بالجوف كل مجوف في البدن، أو أنه ما وراء الجلد حسب ما وقع في تعبيركم:
فهذا مخالف للإجماع، ومنهم المذاهب الأربعة وأهل الظاهر، فالإجماع منعقد على عدم الفطر بالداخل عن طريق المسام، ولا عن طريق معالجة الجراح في غير الجائفة والآمة.
وكل مذهب وقعت له مسائل متعددة في عدم الفطر مع تحقق دخوله إلى ما وراء الجلد، كالتقطير في الإحليل أو في الفرج، أو الكحل، أو حتى معالجة الجائفة والآمة فضلا عن غيرها.
كما أن كل المذاهب نصت على ما اعتبرته منفذا أو جوفاً فرعياً أنه واصلٌ إلى الجوف الأصلي، تجد هذا في كلامهم عن الدماغ والدبر، وعن ما دخل في العين أو الأذن.
وكلام الفقهاء الأربعة في هذه المسائل مفصلٌ جداً، ويرجع كلامهم المجمل في إفساد الصوم بكل عين داخلة إلى الجوف (كما يقع في تعابير الشافعية والحنابلة) إلى كلامهم المفصل في معنى الجوف، وهو الجوف الأصلي أو النافذ إليه.

بالمناسبة: الشافعية والحنابلة هم أوسع المذاهب الفقهية توسيعاً لدائرة الإفطار فيما كان بابه الأكل والشرب.
ويأتي بعدهم الحنفية.
ثم المالكية الذين هم أضيق المذاهب الفقهية في هذا الباب.
والتضييق هنا يعني السعة، فمن حدد دائرة الإفطار بدائرة ضيقة فقد وسع على الناس بتقليل عدد المفطرات.
أما في باب الجماع وما ألحق به:
فإن أوسع المذاهب فيه مذهب المالكية على العكس، ثم يليهم الحنابلة، ثم يليهم ثالثاً الحنفية والشافعية، وسيأتي ذلك مفصلا إن شاء الله تعالى.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
أما كونه محيلاً للغذاء أو الدواء:
فهذا وقع لبعض الشافعية، وذكروه وجهاً مذكوراً في الكتاب إلا أن الرافعي تصدى له وبين أنه مخالف لتفريع الأكثرين، في عدم اشتراط ذلك:
بدليل اعتبارهم الواصل إلى الحلق، وليس فيه قوة تحيل الغذاء أو الدواء.
ويمكن أن يجاب على ما استشكلوه على أنفسهم بما يلي:

نعم، وقع الاتفاق على الإفطار بما وصل إلى الحلق وجاوزه، ولم يكن بذلك محيلاً للغذاء ولا للدواء، وذلك لا لأنه جوف ولكن لتحقق كونه طريقا إلى الجوف الذي يحيل الغذاء أو الدواء.

وأقسام الجوف باعتبار إحالة الغذاء والدواء:
1) البطن والأمعاء: يحيلان الغذاء والدواء.
2) الدماغ: يحيل الدواء فقط.
3) الحلق والمثانة والأذن: لا يحيل الدواء ولا الغذاء.
والعلم التجريبي يؤيد وجهة النظر الأولى، وأن القوة المودعة في جسم الإنسان التي تحيل الداخل ليست في الدماغ ولا في الحلق ولا في المثانة، وإنما هي في البطن والأمعاء.
ولذا فالمختار أن الفطر إنما يقع بما وصل إلى الجوف الأصلي، وهو المعدة والأمعاء، ويناط بما رواء الحلق من الأعلى، وبما يمتص من الأمعاء من الأسفل، وفي حكمه ما يدخل عن طريق الإبر الوريدية التي تمد الجسم بالغذاء والدواء، والتي أصبحت منفذا معتاداً للمرضى.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
وبناء على ما ذكرت فأجد أن قول الأطباء المعاصرين أن الجوف هو الجهاز الهضمي قريبٌ جداً، ولا يرد عليه ما أدخله عليهم الدكتور أحمد خليل بمن ابتلع شيئا وجاوز الحلق إلى البلعوم ثم تقيئه، وقوله: ما الدليل على إفطار هذه الصورة؟.
وذلك لأن هذه الصورة يقع الفطر فيهابالإجماع، حتى الحنفية فهم إنما اشترطوا الاستقرار في الجامد الذي لا صلاح للبدن به كالمناظير المعاصرة.
كما أن الخلاف إنما وقع بين المالكية والحنابلة وبين الحنفية والشافعية في إناطة الإفطار بوصول العين إلى الحلق، أو إناطته بمجاوزته.
وبه نعرف أن كلام الدكتور أحمد خليل خارج أقوال الفقهاء، ناهيك عما أدخله في سؤاله من صورة التقيء، وهي مفطرة عند أكثر أهل العلم.
وإنما أتى الدكتور أحمد خليل وجماعة من المعاصرين من تأثرهم بمذهب ابن تييمة في تضييق دائرة المفطرات، ولم يحققوه فشاع نفسٌ يريد أن يقصر دائرة الإفطار على ما كان على صورة الأكل والشرب.
وسبق في حديث لقيط بن صبرة أن ابن تيمية رحمه الله إنما ذهب إلى الصورة القياسية في تحديد دائرة المفطرات لا إلى الصورة الظاهرية كما يتوهم كثير من المعاصرين ، وينسبون بعض الأقوال غلطا إلى ابن تيمية.
وقد عقد الموقع العلمي الجاد "الفقه الإسلامي" ندوة العام الماضي في اللصقات الطبية، وتبين من خلال كلام الأساتذة عدم حذقهم تفاصيل كلام الفقهاء في هذا الباب فأحدهم يقول إن العلة تعبدية!! والآخر يقول : القوة والنشاط!! والآخر يقول: الأكل والشرب وما كان قريباً منه، وأشياء أخر لا أتذكرها.
ولو أنهم ضبطوا أي مذهب، نعم أي مذهب ولو كان مذهب ابن حزم، لما أشكل عليهم شيء.
ومن أراد أن يتبنى مذهب ابن تيمية فإن مذهبه متميز وله حدود واضحة، وليس هو مذهب عائم على غرار الخطب الإنشائية، فتجد كل من أراد أن يضيق دائرة الإفطار وظف له مذهب ابن تييمة.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الإشكال الثاني:
ذكرتم أن علم التشريح أثبت أن العين ليست منفذا للجوف (البطن حسب رأيكم) وبعض الباحثين ذكر خلاف هذا وذكر أنها منفذ وأن التشريح أثبت ذلك، فهلا حررتم ذلك
في كتاب الخليل في المفطرات (أن علماء التشريح يثبتون أن الله خلق العين مشتملة على قناة تصلها بالأنف، ثم البلعوم.)

المفطرات التي طريقها منفذ الأنف أو العين أو الأذن

بالمناسبة كتاب الدكتور خليل ليس مرجعاً في الباب، وكل ما فيه فهو مأخوذ من أبحاث المجمع الفقهي، عدا ترجيحاته، وبعض ما نقله من فتاوى المعاصرين.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الإشكال الثالث:
تكرر وسيتكرر في كلامكم كلمة (معنى الأكل والشرب)
والحكم بكون الشيء في معنى الأكل والشرب أو ليس في معنى الأكل والشرب هو محل النزاع بعينه فلا يصح الاستدلال به
بيان ذلك أن الشرع نص على الفطر بالأكل والشرب ودل الإجماع عليه، وبعد بيان حقيقة الأكل والشرب يبحث عن علة الفطر بهما (معناهما) لإجراء القياس (عند من يقول به) فإما أن يقال هو تعبدي أو العلة قاصرة أو متعدية (وهو مذهب الجمهور كما يظهر من تفاريعهم)
فما هي تلك العلة (المعنى) ؟
يحتمل:
1- التغذية.
2-الدخول للجوف.
3-الدخول للجوف من منفذ معتاد.
فهذه الاحتمالات هي (معنى الأكل والشرب) فلايصح أن يقال في الشيء ليس في معنى الأكل والشرب قبل تحرير ماهو معنى (علة) الأكل والشرب.
فلعلك تتحفنا بتحرير هذه المسألة فلها ارتباط وثيق بحديث لقيط
أكر شكري وامتناني وقد أفدت كثيرا من هذه الدورة

أحسنت أخي الكريم، والأمر كما ذكرت، ولكن أعتذر بتكرار ذكرها حتى تكون منا على بال، لأن الاستغراق في تعاليل الفقهاء ربما أدى إلى إقحام الباب ما يتنافى مع معنى الأكل والشرب، أو إخراج ما اجتمع فيه معنى الأكل والشرب.

وهذا من الوضوح بمكان عند كلام الفقهاء القدامى وعند جماعة من المعاصرين.

فوجدت ضرورة إلى تأكيد هذا المعنى وهو أن النص إنما أتى بالأكل والشرب، وقد اقتصر عليه أهل الظاهر، لكن بما أننا قياسيون فلا بد أن ننضبط في معناه.

المسألة الأخرى : ما معنى الأكل والشرب:
أما التغذية :
فإنها وإن كانت من الأوصاف الجوهرية التي تقصد من الأكل والشرب فإن الشارع لم يلتفت إليها، وهو لا يقتضيه معنى الأكل والشرب لغة، فإن معناهما يحصل ولو من غير مغذي.
وعامة أهل العلم على الإفطار بكل داخل ولو لم يكن مغذياً ولا يكاد يخالف في هذا إلا طلحة بن عبيد الله والحسن بن صالح، واتجاه ساكن لدى المالكية.


أما كونه من منفذ معتاد:
فهذه طريقة أهل الظاهر وجماعة من المعاصرين.
وهذه الطريقة يردها ظاهر حديث لقيط بن صبرة.
والفقهاء الأربعة على عدم إناطة الداخل عبر المنفذ المعتاد.
وأنه يقع الإفطار بكل داخل إلى الجوف ولو كان عن طريق منفذ غير معتاد، أو عن طريق منفذ أصلاً كما يقع في المخارق غير الأصلية أو في جرح الجائفة والمأمومة عدا المالكية، ومنها اليوم الحقن الوريدية.

ويقع بين الفقهاء خلاف فيما ينفذ إلى الجوف وما لا ينفذ على ما هو معروف، ومفصل في دروس هذه الدورة.

إذن العبرة بالداخل إلى الجوف ولو كان من غير منفذ المعتاد.


وحد الجوف الأصلي:
هو من الحلق عند جماعة [المالكية والحنابلة] أو من وراء الحلق عند الحنفية والشافعية.
وينتهي بالأمعاء الغليظة كما هو عند الفقهاء الأربعة.
وألحق به الجمهور الفرج، وألحق الشافعية المثانة عبر منفذ الإحليل.
والدماغ جوف فرعي عند الجمهور خلافاً للمالكية على المصحح عندهم.
والصواب والله أعلم:
أن الجوف: يبدأ من وراء الحلق وينتهي بالأمعاء الغليظة، ويندرج فيه الداخل عن طريق الحقن الوريدية لاتصالها المباشر بها، واستفادة الجسم كله منها.
وليس من الجوف: الدماغ ومنافذه، ولا الحلق، ولا المثانة ولا الفرج ولا الدبر.
وما ذكرته هو ما يتفق مع معنى الأكل والشرب.


بالمناسبة: عملية الامتصاص إنما تجري أكثرها في الأمعاء الدقيقة وبعضها في الغليظة، أما المعدة فليس من وظيفتها الامتصاص، وإنما وظيفتها الهضم.
 
التعديل الأخير:
أعلى