العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الإمام محمد بن إدريس الشافعي

أحمد بن فخري الرفاعي

:: مشرف سابق ::
إنضم
12 يناير 2008
المشاركات
1,432
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
باحث اسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
الإمام الشافعي
اسمه ونسبه :
هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد ابن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة ابن كعب بن لؤي بن غالب، الامام، عالم العصر، ناصر الحديث، فقيه الملة، أبو عبد الله القرشي ثم المطلبي الشافعي المكي، الغزي المولد، نسيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابن عمه، فالمطلب هو أخو هاشم والد عبدالمطلب. "سير أعلام النبلاء" 10/5

فأما جدهم السائب المطلبي، فكان من كبراء من حضر بدرا مع الجاهلية، فأُسر يومئذ، وكان يُشَبَّهُ بالنبي صلى الله عليه وسلم، ووالدته هي الشفاء بنت أرقم بن نضلة، ونضلة هو أخو عبدالمطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم، فيقال: إنه بعد أن فدى نفسه، أسلم . "تاريخ بغداد" 2/58
وابنه شافع له رؤية، وهو معدود في صغار الصحابة . " أُسد الغابة " 2/501
وولده عثمان تابعي، لا أعلم له كبير رواية.
وكان أخوال الشافعي من الأزد.

مولده ونشأته :
ولد بغزة ، سنة (150) وهي مدينة باسلة معروفة تقع في جنوب فلسطين ، على حدود مصر ، قريبة من عسقلان ، وفيها مات هاشم بن عبد مناف جد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبها قبره، ولذلك يقال لها: غزة هاشم.

قال ابن عبد الحكم: لما حملت والدة الشافعي به، رأت كأن المشتري خرج من فرجها، حتى انقض بمصر، ثم وقع في كل بلدة منه شظية، فتأوله المعبرون أنها تلد عالما، يخص علمه أهل مصر، ثم يتفرق في البلدان .
قال الذهبي في : "السير" عقب هذه الرواية : " هذه رواية منقطعة. "
قلت : والشافعي رحمه الله ملأ علمه الأرض وليس مصر فحسب .

قال الشافعي: وُلِدتُ باليمن - يعني القبيلة، فإن أُمَّهُ أزدية - قال: فخافت أمي علي الضيعة، وقالت: الحق بأهلك، فتكون مثلهم، فإني أخاف عليك أن تُغلَب على نسبك، فجهزتني إلى مكة، فقدمتها يومئذ وأنا ابن عشر سنين، فصرت إلى نسيب لي، وجعلت أطلب العلم، فيقول لي: لا تشتغل بهذا، وأقبل على ما ينفعك، فجعلت لذتي في العلم . آداب الشافعي " لابن أبي حاتم 21، 22، و " مناقب الشافعي " للبيهقي 1 / 73، 74 .

قال الحافظ ابن حجر : قال الحافظ شمس الدين الذهبي شيخ شيوخنا: هذا القول غلط إلا أن يريد باليمن قبيلة.

قال ابن أبي حاتم: سمعت عمرو بن سواد: قال لي الشافعي: ولدت بعسقلان، فلما أتى علي سنتان، حملتني أمي إلى مكة.

وقال ابن عبد الحكم: قال لي الشافعي: ولدت بغزة سنة خمسين ومئة، وحملت إلى مكة ابن سنتين.
قال الربيع بن سليمان : وُلِدَ الشافعي يوم مات أبو حنيفة.
قلت : سبحان من أقام على الناس حجته : مات إمام ، ووُلِد إمام .

توفي أبوه شابا ، فنشأ الإمام يتيما . وحُبِبَ اليه الرمي والعلم في سن مبكر.
قال عمرو بن سواد: قال لي الشافعي: كانت نهمتي في الرمي وطلب العلم، فنلت من الرمي حتى كنت أصيب من عشرة عشرة، وسكت عن العلم، فقلت: أنت والله في العلم أكبر منك في الرمي . تاريخ بغداد 2/59-60 .

طلبه للعلم :
طلب الإمامُ العلمَ في وقت مبكر ، وساعده على ذلك انتقاله الى مكة في وقت مبكر .

قال الحميدي: سمعت الشافعي يقول: كنت يتيما في حجر أمي، ولم يكن لها ما تعطيني للمعلم، وكان المعلم قد رضي مني أن أقوم على الصبيان إذا غاب، وأخفف عنه .

وعن الشافعي قال: كنت أكتب في الأكتاف والعظام، وكنت أذهب إلى الديوان، فأستوهب الظهور، فأكتب فيها.

وعن الشافعي قال: أتيت مالكا وأنا ابن ثلاث عشرة سنة - كذا قال، والظاهر أنه كان ابن ثلاث وعشرين سنة - قال: فأتيت ابن عم لي والي المدينة، فكلم مالكا، فقال: اطلب من يقرأ لك.
قلت: أنا أقرأ، فقرأت عليه، فكان ربما قال لي لشئ قد مر: أعده، فأعيده حفظا، فكأنه أعجبه، ثم سألته عن مسألة، فأجابني، ثم أخرى، فقال: أنت تحب أن تكون قاضيا .

قال الربيع: سمعت الشافعي يقول: قدمت على مالك، وقد حفظت " الموطأ " ظاهرا، فقلت: أريد سماعه، قال: اطلب من يقرأ لك.
فقلت: لا عليك أن تسمع قراءتي، فإن سهل عليك قرأت لنفسي

قال ابن عبد الحكم: سمعت الشافعي يقول: قرأت القرآن على إسماعيل بن قسطنطين، وقال: قرأت على شبل، وأخبر شبل أنه قرأ على عبد الله بن كثير، وقرأ على مجاهد، وأخبر مجاهد أنه قرأ على ابن عباس.

قال أبو عبيد: رأيت الشافعي عند محمد بن الحسن، وقد دفع إليه خمسين دينارا، وقد كان قبل ذلك دفع إليه خمسين درهما، وقال: إن اشتهيت العلم، فالزم.
قال أبو عبيد: فسمعت الشافعي يقول: كتبت عن محمد وقر بعير، ولما أعطاه محمد، قال له: لا تحتشم.
قال: لو كنت عندي ممن أحشمك ما قبلت برك .

قلت :أحشمك : يعني أستحيي منك .

قال أحمد بن أبي سريج: سمعت الشافعي يقول: قد أنفقت على كتب محمد ستين دينارا، ثم تدبرتها، فوضعت إلى جنب كل مسألة حديثا، يعني: رد عليه .

قال هارون بن سعيد: قال لي الشافعي: أخذت اللبان سنة للحفظ، فأعقبني صب الدم سنة.

قلت : اللبان : نبت صمغي ويسمى الكندر .

قال الحميدي : سمعت مسلم بن خالد الزنجي يقول للشافعي: أفت يا أبا عبد الله، فقد والله آن لك أن تفتي - وهو ابن خمس عشرة سنة .

شيوخه :
تلقى الشافعي العلم عن جماعة كبيرة من الأشياخ أخص بالذكر منهم :
1- مسلم بن خالد الزنجي مفتي مكة .
2- داود ابن عبدالرحمن العطار،
3-عمه محمد بن علي بن شافع، فهو ابن عم العباس جد الشافعي .
4-سفيان بن عيينة .
5- عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي .
6- سعيد بن سالم .
7- فضيل بن عياض .
8- عبد العزيز الدراوردي
9- عطاف بن خالد .
10- إسماعيل بن جعفر .
11- إبراهيم بن سعد .
12- الامام مالك بن أنس فقيه المدينة .
13- محمد بن الحسن، فقيه العراق .
14- اسماعيل بن علية .
15- هشام بن يوسف القاضي .
تلاميذه :
للشافعي مجموعة كبيرة من التلاميذ ، وبعضهم كانوا من أقرانه رحمه الله ، وقد أفرد الدارقطني كتاب "من له رواية عن الشافعي " في جزأين . فمنهم :
1- عبد الله بن الزبير الحميدي.
2- أبو عبيد القاسم بن سلام .
3- الإمام أحمد بن حنبل .
4- سليمان بن داود الهاشمي .
5- أبو يعقوب يوسف البويطي .
6- أبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي .
7- حرملة بن يحيى .
8- موسى بن أبي الجارود المكي .
9- عبد العزيز المكي صاحب " الحيدة " تلك المناظرة المشهورة،وهي مطبوعة ، وقد اختلف أهل العلم في صحة نسبتها اليه .
10- حسين بن علي الكرابيسي .
11- إبراهيم بن المنذر الحزامي
12- الحسن بن محمد الزعفراني .
13- أحمد بن محمد الازرقي .
14- أحمد بن سعيد الهمداني
15- أحمد بن أبي شريح الرازي .
16- أحمد بن يحيى بن وزير المصري
17-أحمد بن عبدالرحمن الوهبي .
18- ابن عمه إبراهيم بن محمد الشافعي
19- إسحاق بن راهويه .
20- إسحاق بن بهلول .
21- أبو عبد الرحمن أحمد بن يحيى الشافعي المتكلم .
22- الحارث بن سريج النقال.
23- حامد بن يحيى البلخي .
24- سليمان بن داود المهري .
25- عبد العزيز بن عمران بن مقلاص .
26- علي بن معبد الرقي .
27- محمد بن يحيى العدني .
28- يونس بن عبدالاعلى .
29- الربيع ابن سليمان المرادي .
30- الربيع بن سليمان الجيزي .
31- محمد بن عبد الله بن عبد الحكم .

ملاحظات :
1- هذه الحلقة الأولى في سيرة الإمام الشافعي وسيعقبها حلقات ان شاء الله
2-هذه الترجمة منقولة من "سير أعلام النبلاء " بتصرف .
3- سأثبت قائمة مراجع ترجمة الإمام في نهاية هذا البحث ان شاء الله لمن أراد أن يتوسع في ترجمته .
 

أحمد بن فخري الرفاعي

:: مشرف سابق ::
إنضم
12 يناير 2008
المشاركات
1,432
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
باحث اسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
عبدالحميد بن صالح الكراني;1790 قال:
ما شاء الله لا قوة إلا بالله
ختم الله لك بخير أخي أبا عبدالله
موضوع جداً يستحق التثبيت
وهو في طريقه لذلك
متى أشعرتني بانتهائك منه


اللهم آمين
ولكم بمثله يا أخانا الحبيب .
ونسأل الله القبول والعون

وليعذرني الاخوة على التقصير ، فكثرة المشاغل أحيانا تحول بيننا وبين أن يخرج العمل على الوجه الذي نحبه ونرتضيه .
لكن عذرنا أن ما لا يدرك كله لا يترك كله .

وسأعيد النظر في هذه الترجمة التي كتبتها على شكل عجالة مختصرة .

فقد وجدت فيها بعض السقط ، وسبقات القلم .
 

أحمد بن فخري الرفاعي

:: مشرف سابق ::
إنضم
12 يناير 2008
المشاركات
1,432
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
باحث اسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
الحلقة الأخيرة (معدلة)

الحلقة الأخيرة (معدلة)

رحلته :
ذكر أبو اسماعيل الهروي في " ذم الكلام " بسنده عن المزني سمعت الشافعي قال : " إني كنت لأسير الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد " . توالي التأسيس 59

ويمكن أن نلخص الكلام في رحلات الإمام على الوجه الآتي :

المرحلة الأولى من عمره : وفيها سني الطلب الأولى وقد كانت في مكة شرفها الله ، وفيها أخذ تلقى العلوم على شيوخها مثل : الزنجي فقيه مكة ، وسفيان بن عيينة شيخ الحديث فيها .

الرحلة الأولى : خرج من مكة الى هذيل ليتعلم العربية والشعر وأخبار الناس .

الرحلة الثانية :يَمّمَ نحو المدينة النبوية ليسمع من أعلامها مثل الإمام مالك فقيه المدينة وشيخ الحديث فيها ، وغيره من الأئمة ، فقصدها وقد كان اجتاز العشرين من عمره ، وبقي فيها إلى أن وافت المنيةُ شيخَ المدينة سنة 179 ، وقد قرأ في هذه الرحلة "الموطأ " على الامام مالك وحصّل فيها علما غزيرا . وفي المدينة بدأت ملامح العلم تترسم بشكل واضح في شخصيته ، وظهرت خطوطها .
ولما توفي الإمام مالك رجع الشافعي الى بلده التي فيها نشأ ، وعلى أرضها ترعرع .

الرحلة الثالثة : قدّر الله له أن يسافر الى اليمن ، وهناك تقلّد عملا له علاقة بالديوان ، ثم علا صيتُه ، وََرُقِّي في عمله ، فنصحه شيوخه أن يترك الخدمة في اليمن ، وأن يرجع الى العلم ، فقد كانوا يرون له شأنا عظيما .
وقبل أن يتخذ قراره بترك العمل ، دقّتِ المحنةُ بابَه ، وأبى الله له الا أن يكون كما كان ، الامام العلم المشهور الذي ملأ الأرض علما . فقد حسده بعض الحساد ، فقد خافوا من منافسته لهم في الدنيا ، فكتب أحد الولاة الى هارون الرشيد أن جماعة من العلوية ظهرت عندنا ، وإني أخاف أن يخرجوا عليك ، وذكر الشافعي فيهم ، فطلب الرشيد ان يُحملوا اليه ، وكان فيهم الإمام الشافعي .

الرحلة الرابعة : كانت هذه الرحلة من غير اختيار من الشافعي ، ليتم الله أمرا كان مفعولا فكانت رحلته الأولى الى بغداد ، رحلةً رغم أنفه ، فقد وُضع رهن الاعتقال في بغداد ريثما يُبَتُّ في أمره ، فكان يَتردّدُ على محمد بن الحسن الشيباني تلميذ الامام أبي حنيفة ، ثم كانت محاكمته ، ونجا منها بفضل الله تعالى ، وأكرمه الرشيد ، ووصله ببعض المال .
ومكث ببغداد ما شاء الله له أن يمكث ، ولازم محمد بن الحسن ، حتى أخذ عنه معظم علومه ، وأخذ العلم من شيوخ بغداد ، وكانت بغداد آنذاك عاصمة الخلافة ، ومنارة العلم ، ومقصد الطلبة من كل أنحاء الأرض ، ثم رجع الإمام الى مكة .

وفي مكة صار الشافعي شيخها الذي لا يُزاحم ، وانتشر أمره ، وبَعُدَ صيتُه ، وصار الناس يقصدونه من خارج مكة ،

الرحلة الخامسة : رجع إلى بغداد ، ولكنه في هذه المرة ذهب باختياره ، وذهب مُعلما ومتعلما ، فقد تكاملت شخصيته العلمية ، وصار له خطه الواضح في العلم ، وارتقى منبر الإمامة ، فَعُقِدت له حلقة العلم ، وأقبل أهل العلم على مجالسه ، وصارت حلقته من أكبر الحلقات ، واستطاع الشافعي أن يترك أثرا كبيرا في نفوس أهل العلم ، واستطاع أن يجمع أهل الحديث والفقه إليه ، وصار شيخ بغداد بلا منازع ، ومكث في بغداد سنتين .
ثم رجع إلى مكة .

الرحلة السادسة : رجع مرة ثالثة إلى بغداد سنة 198 . وبقي فيها أشهرا .

الرحلة السابعة : بدا له أن يسافر إلى مصر ، فقصدها في أواخر سنة 199 ، ونشر مذهبه فيها ، وأعاد النظر في بعض المسائل وهو في مصر ، فَوُلِد المذهب الجديد ، وكانت حلقة العلم التي يعقدها في مصر لا تُضاهى ، وكان يُدَرِّس مختلف العلوم رحمه الله . وخلَّف الشافعي في مصر أربعة من تلاميذه ، وهم الذين نشروا علمه ، وهم : الربيع بن سليمان ، وأبو يعقوب يوسف بن يحيى البويطي ، واسماعيل بن يحيى المزني ، ومحمد بن عبدالله بن عبدالحكم .

مصنفاته :
كان الشافعي مكثرا من التصنيف ، وقد ساق ابن حجر في توالي التأسيس جملة طيبة منها ، فمنها :
1- الرسالة القديمة 2- ثم الجديدة 3- اختلاف الحديث 4- جماع العلم 5- ابطال الاستحسان 6- أحكام القرآن 7- صفة الأمر والنهي 8- يان الفرض 9- اختلاف مالك والشافعي 10-اختلاف العراقيين 11- اختلافه مع محمد بن الحسن 12- كتاب علي وعبدالله 13- فضائل قريش 14- كتاب الأم 15- الحجة .


وفاته: كان الشافعي رحمه الله رجلا مسقاما كثير الأمراض ، وكان يشكو البواسير ، وفي آخر أيامه كانت الحمى أخذت منه مأخذا عظيما .

قال المزني: دخلت على الشافعي في مرضه الذي مات فيه، فقلت: يا أبا عبد الله، كيف أصبحت ؟ فرفع رأسه، وقال: أصبحت من الدنيا راحلا، ولاخواني مفارقا، ولسوء عملي ملاقيا، وعلى الله واردا، ما أدري روحي تصير إلى جنة فأهنيها،أو إلى نار فأعزيها، ثم بكى.
وأنشأ يقول:
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي *** جعلت رجائي دون عفوك
سلما تعاظمني ذنبي فلما قرنته *** بعفوك ربي كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل *** تجود وتعفو منة وتكرما
فإن تنتقم مني فلست بآيس *** ولو دخلت نفسي بجرمي جهنما
ولولاك لم يغوى بإبليس عابد *** فكيف وقد أغوى صفيك آدما
وإني لآتي الذنب أعرف قدره ***وأعلم أن الله يعفو ترحما
طبقات الشافعية للسبكي 1/156

وبعد حياة حافلة مليئة بالعلم والتعليم ، حضرته الوفاة في بعد العصر من يوم الجمعة آخر يوم من رجب سنة أربع ومائتين .
وقد عقد الحافظ ابن حجر فصلا في كتابه " توالي التأسيس" في وفاة الامام الشافعي .

من خصائص شخصية الامام :
لقد تميزت شخصية الإمام الشافعي بكثير من الخصائص لكني هنا سأقتصر على بعضها بما يتناسب مع هذا البحث المختصر ، وسأذكر مثالا واحدا مبينا لِلخِصِّيصة التي أذكرها ، فمنها :
1- النسب الشريف :
ذكرنا فيما تقدم في نسبه الشريف أنه قرشي مطلبي ، وبيّنا هناك صلته بالنبي صلى الله عليه وسلم .
قال الامام أحمد بن حنبل: "إذا سُئلت عن مسألة لا أعرف فيها خبرا، قلت فيها بقول الشافعي، لأنه إمام قرشي، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " عالم قريش يملأ الارض علما " إلى أن قال أحمد: وإني لأدعو للشافعي منذ أربعين سنة في صلاتي ". الحلية 9/65

2- مجدد هذه الأمة على رأس المائة الثانية :تقدم قول الامام أحمد من طرق عنه: "إن الله يقيض للناس في رأس كل مئة من يعلمهم السنن، وينفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب، قال: فنظرنا، فإذا في رأس المئة عمر بن عبد العزيز، وفي رأس المئتين الشافعي"

3- الذاكرة القوية :
قال المزني : سمعت الشافعي يقول : " حفظت القرآن وأنا ابن سبع ، وحفظت "الموطأ" وأنا ابن عشر " . توالي التأسيس 54
وقال مصعب الزبيري :" قرأ الشافعي أشعار هذيل حفظا ، ثم قال لي : لا تخبر أحدا .توالي التأسيس 54

4- حسن الفهم :قال حرملة: سُئل الشافعي عن رجل في فمه تمرة، فقال: إن أكلتها، فامرأتي طالق، وإن طرحتها، فامرأتي طالق، قال: يأكل نصفا، ويطرح النصف . الحلية 9/143

قال المزني : قال لي الشافعي : "حضرت مالك بن أنس ، وأنا أسمع منه الحديث ، ولي دون الأربع عشرة سنة ، فجاءه رجل فوقف عليه ، ثم قال له : إني رجل أبيع القمّاري فبعت قُمّريا على هذه ، فرده إلي فقال : ما له صوت ، فحلفت بالطلاق أنه لا يسكت ، فقال : أوسكت ؟ قلت : نعم قال :أنت حانث .
قال الشافعي : فتبعته فقلت له : يا رجل كيف حلفت ؟
قال : حلفت بما سمعت .
قال : فقلت له : صياحُه أكثرُ أم سكوته ؟
فقال : صياحه .
فقلت : مر فإن امرأتك لك حلال .
قال : فماذا أصنع وقد أفتاني مالك بما أفتى ؟
فقال : عُد إليه فقل له : إن في مجلسك من أفتاني بأنّ امرأتي هي لي حلال وأَومئ إليّ ، ودعني وإياه ،فرجعَ ورجعتُ وجلستُ فيما بين الناس .
فقال له : إني رأيت أن تنظر في يميني .
قال : أليس قد أفتيناك بأنك حانث .
فقال : في مجلسك من أفتاني بأن امرأتي هي لي حلال .
قال : أفي مجلسي ؟
قال : نعم .
قال : ومن هو ؟
فأومأ إليّ فقال لي مالك : أنت أفتيته بذلك ؟
قلت : نعم .
قال : ولماذا أفتيته بذلك .
قلت له : سمعتك تروي عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة بنت قيس : "إذا حللت فإذنيني " فلما حلّت ، قالت له : قد خطبني معاوية وأبو جهم فقال : "أما معاوية فصعلوك لا مال له ، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه " وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبا جهم يضع عصاه عن عاتقه ويتصرف في أموره ، فإنما نُسب إلى ضرب النساء فذكر أنه لا يضع عصاه عن عاتقه وحَمَلَه على الأغلب من أمره ، وإني سألته وقلت : سكوته أكثر أم صياحه ؟ فقال : صياحه ، فأفتيته بذلك .
قال : فتبسم مالك ، وقال : القول قولك" . تاريخ دمشق 51/305

5- موسوعية المعرفة :قال الامام أحمد بن حنبل :الشافعي فيلسوف في أربعة أشياء: في اللغة، واختلاف الناس، والمعاني، والفقه . مناقب الشافعي 2/41
ومن العلوم التي برع فيها :
اللغة :
قال عبدالملك بن هشام اللغوي: طالت مجالستنا للشافعي، فما سمعت منه لحنة قط .
قلت(الذهبي ) : أنى يكون ذلك، وبمثله في الفصاحة يضرب المثل، كان أفصح قريش في زمانه، وكان مما يؤخذ عنه اللغة. السير10/49

الطب :
من أقواله في الطب :
"عجبا لمن يحتجم ثم يأكل من ساعته كيف يعيش ".
" من أكل الاترج، ثم نام، لم آمن أن تصيبه ذبحة".
" ثلاثة أشياء دواء من لا دواء له وأعيت الاطباء مداواته: العنب، ولبن اللقاح، وقصب السكر، لولا قصب السكر ما أقمت ببلدكم ".

قال حرملة : "كان غلامي أعشى، لم يكن يبصر باب الدار، فأخذت له زيادة الكبد، فكحلته بها فأبصر" . السير 10/56.

السير:
قال مصعب بن عبد الله الزبيري : "ما رأيت أحدا أعلم بأيام الناس من الشافعي ".مناقب الشافعي 1/488

قال يونس الصدفي: كان الشافعي إذا أخذ في أيام الناس قلت: هذه صناعته. السير 10/75

الأنساب :
نقل الامام ابن سريج عن بعض النسابين قال: "كان الشافعي من أعلم الناس بالانساب، لقد اجتمعوا معه ليلة، فذاكرهم بأنساب النساء إلى الصباح، وقال: أنساب الرجال يعرفها كل أحد ". مناقب الشافعي 1/488

الشعر : ذكرت نفحات وعبقات من شذى شعره .

6- كمال العقل :
قال أبو عبيد: "ما رأيت أحدا أعقل من الشافعي" ، وكذا قال يونس بن عبدالأعلى، حتى إنه قال: "لو جمعت أمة لوسعهم عقله " . مناقب البيهقي 2/185
وقد تقدم قول معمر بن شبيب: سمعت المأمون يقول: قد امتحنت محمد بن إدريس في كل شئ، فوجدته كاملا .

7- حسن التصنيف :
تقدم قول يحيى بن أكثم في الامام الشافعي لما سأله الضاغاني عن أبي عبيد والشافعي، أيهما أعلم ؟
قال: " أبو عبيد كان يأتينا هاهنا كثيرا، وكان رجلا إذا ساعدته الكتب، كان حسن التصنيف من الكتب، وكان يرتبها بحسن ألفاظه لاقتداره على العربية، وأما الشافعي، فقد كنا عند محمد بن الحسن كثيرا في المناظرة، وكان رجلا قرشي العقل والفهم والذهن، صافي العقل والفهم والدماغ، سريع الاصابة - أو كلمة نحوها - ولو كان أكثر سماعا للحديث، لاستغنى أمة محمد صلى الله عليه وسلم به عن غيره من الفقهاء "

وقد تقدم قول الامام أحمد : " ما أحد مس محبرة ولا قلما، إلا وللشافعي في عنقه منة ".

8- قوة الحجة في المناظرة:
قال ابن عبد الحكم: ما رأيت الشافعي يناظر أحدا إلا رحمته ولو رأيت الشافعي يناظرك لظننت أنه سبع يأكلك، وهو الذي علم الناس الحجج . السير 10/50

قال هارون بن سعيد الأيلي: "لو أن الشافعي ناظر على أن هذا العمود الحجر خشب لغلب، لاقتداره على المناظرة " . حلية الأولياء 9/103
قلت وفي الجزء السابع من "كتاب الأم" بعض هذه المناظرات .

9- صاحب فراسة :
قال الربيع : "كنت أنا والمزني والبويطي عند الشافعي، فنظر إلينا، فقال لي: أنت تموت في الحديث، وقال للمزني: هذا لو ناظره الشيطان، قطعه وجدله، وقال للبويطي: أنت تموت في الحديد" .
قال: فدخلت على البويطي أيام المحنة، فرأيته مقيدا مغلولا ".مناقب الشافعي 2/136

وجاءه رجل مرة، فسأله - يعني الشافعي - عن مسألة، فقال: أنت نساج ؟ قال: عندي أجراء. السير 1/40

قال الحميدي : " قال الشافعي: خرجت إلى اليمن في طلب كتب الفراسة حتى كتبتها وجمعتها ". مناقب البيهقي 2/136

قال الربيع: "مرَّ أخي، فرآه الشافعي، فقال: هذا أخوك ؟
ولم يكن رآه .
قلت: نعم . مناقب الشافعي 2/130

وقال المزني : " كنت أمشي مع الشافعي في الجامع إذ دخل رجل يدور على النيام ، فقال الشافعي للربيع : قم فقل له : ذهب لك غلام أسود مصاب بأحدى عينيه ؟
قال الربيع : فقمت اليه ، فقلت له : فقال : نعم . فقلت : تعال، فجاء الى الشافعي ، فقال أين عبدي ؟
فقال : مرّ تجده في السجن ."

وأختم ترجمته بقول الذهبي في " السير " 10/99 :
" لا نُلام والله على حُبِّ هذا الإمام، لأنه من رجال الكمال في زمانه رحمه الله " .

مراجع ترجمته:
التاريخ الكبير 1 / 42، التاريخ الصغير 2 / 302، الجرح والتعديل 7 / 201، حلية الاولياء 9 / 63 - 161، الفهرست 263، مناقب الشافعي للبيهقي، الانتقاء: 65 - 121، تاريخ بغداد 2 / 56 - 73، طبقات الفقهاء للشيرازي: 48 - 50، طبقات الحنابلة 1 / 280، ترتيب المدارك 2 / 382، الانساب 7 / 251 - 254، تاريخ ابن عساكر 14 / 395 - 418 و 15 / 1 - 25، صفة الصفوة 2 / 95، مناقب الشافعي للرازي، معجم الادباء 17 / 281 - 327، تهذيب الاسماء واللغات 1 / 44 - 67، وفيات الاعيان 4 / 163 - 169، المختصر في أخبار البشر 2 / 28 - 29، تهذيب الكمال لوحة 1160، تذهيب التهذيب 3 / لوحة 180 / 2، تاريخ الاسلام 11 / 29 ب - 39 أ، تذكرة الحفاظ 1 / 361 - 363، الكاشف 3 / 17، عيون التواريخ 7 / لوحة 172 - 183، الوافي بالوفيات 2 / 171 - 181، مرآة الجنان 2 / 13 - 28، طبقات الشافعية للسبكي: انظر الجزء الاول، البداية والنهاية 10 / 251 - 254، الديباج المذهب 2 / 156 - 161، غاية النهاية 2 / 95، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 1 / 21، تهذيب التهذيب 9 / 25، توالي التأسيس بمعالي ابن إدريس، النجوم الزاهرة 2 / 176، 177، طبقات الحفاظ: 152، حسن المحاضرة 1 / 303 - 304، خلاصة تذهيب الكمال: 326، طبقات المفسرين 2 / 98، مفتاح السعادة 2 / 88 - 94، تاريخ الخميس 2 / 335، طبقات الشافعية لابن هداية الله: 11 - 14، شذرات الذهب 2 / 9 - 11، شرح إحياء علوم الدين 1 / 191 - 201، الرسالة المستطرفة: 17.
 
التعديل الأخير:

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,147
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
اللهم آمين
ولكم بمثله يا أخانا الحبيب .
ونسأل الله القبول والعون
آمين ...
وليعذرني الاخوة على التقصير ، فكثرة المشاغل أحيانا تحول بيننا وبين أن يخرج العمل على الوجه الذي نحبه ونرتضيه .
صدقت والله يا أخي ... وهذا قاسم مشترك لدى الكثير ...
لكن عذرنا أن ما لا يدرك كله لا يترك كله .
عين الصواب ...
وسأعيد النظر في هذه الترجمة التي كتبتها على شكل عجالة مختصرة .
فقد وجدت فيها بعض السقط ، وسبقات القلم .
بانتظار الصيغة النهائية لاعتماده
ومهلاً في تحريره؛ ليخرج بصورة جيدة ...
وفقك الله وأعانك وسددك ...
ودمت للملتقى من أوائل بُـنـاتِه وحُـمـاتِه ...
......
 

أحمد بن فخري الرفاعي

:: مشرف سابق ::
إنضم
12 يناير 2008
المشاركات
1,432
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
باحث اسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
الإمام الشافعي ناصر الحديث

الإمام الشافعي ناصر الحديث

الامام الشافعي ناصر السنة
اسمه ونسبه :
هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عُبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مَنَاف بن قُصيّ بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، الإمام، عالم العصر، ناصر الحديث، فقيه الملة، أبو عبد الله القرشي ثم المطلبي الشافعي المكي، الغزي المولد، نسيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابن عمه، فالمطلب هو أخو هاشم والد عبدالمطلب. "سير أعلام النبلاء" 10/5

فأما جدُّهم السائب المطلبي، فكان من كُبراء من حضر بدرا مع الجاهلية، فأُسر يومئذ، وكان يُشَبَّهُ بالنبي صلى الله عليه وسلم، ووالدته هي الشفاء بنت أرقم بن نضلة، ونضلة هو أخو عبدالمطلب جدّ النبي صلى الله عليه وسلم، فيقال: إنه بعد أن فدى نفسه، أسلم . "تاريخ بغداد" 2/58
وابنه شافع له رؤية، وهو معدود في صغار الصحابة . " أُسد الغابة " 2/501
وولده عثمان تابعي، وليس له كبير رواية.
وكان أخوال الشافعي من الأزد.

مولده ونشأته :
ولد بغزة ، سنة (150) وهي مدينة باسلةٌ معروفة تقع جنوب فلسطين ، على حدود مصر ، قريبة من عسقلان ، وفيها مات هاشم بن عبد مناف جَدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبها قبره، ولذلك يقال لها: غزة هاشم.
وقيل : وُلِد بعسقلان .

قال ابن عبد الحكم: لما حَملت والدة الشافعي به، رأت كأن المشتري خرج من فرجها، حتى انقض بمصر، ثم وقع في كل بلدة منه شظية، فتأوله المعبرون أنها تلد عالما، يخص علمه أهل مصر، ثم يتفرق في البلدان .
قال الذهبي في : "السير" عقب هذه الرواية : " هذه رواية منقطعة. "
قلت : والشافعي رحمه الله ملأ الأرضَ علما ولم يقتصر علمه على منطقة دون غيرها .


وقال ابن عبد الحكم: قال لي الشافعي: ولدت بغزة سنة خمسين ومئة، وحملت إلى مكة ابن سنتين.

قال ابن أبي حاتم : قال عمرو بن سوّاد : قال لي الشافعي : " وُلِدت بعسقلان ، فلما أتى عليّ سنتان حملتني أُمي إلى مكة " . توالي التأسيس 51
قال الحافظ ابن حجر عَقِب هذه الرواية : " وهذا سند صحيح كالشمس ، ولكنه لا مخالفة بينه وبين الذي قبله ، لأن عسقلان هي الأصل في قديم الزمان ، وهي وغزة متقاربتان ، وعسقلان هي المدينة ، فحيث قال الشافعي "غزة" أراد القرية ، وحيث قال " عسقلان" أراد المدينة .

وَرُوِي عن الشافعي أنه قال : وُلِدتُ باليمن - يعني القبيلة، فإن أُمَّهُ أزدية - قال: فخافت أمي علي الضيعة، وقالت: الحق بأهلك، فتكون مثلهم، فإني أخاف عليك أن تُغلَب على نسبك، فجهزتني إلى مكة، فَقَدِمتُها يومئذ وأنا ابن عشر سنين، فصرت إلى نسيب لي، وجعلت أطلب العلم، فيقول لي: لا تشتغل بهذا، وأقبل على ما ينفعك، فَجُعِلت لذتي في العلم . آداب الشافعي " لابن أبي حاتم 21، 22، و " مناقب الشافعي " للبيهقي 1 / 73، 74 .

قال الحافظ ابن حجر : " قال الحافظ شمس الدين الذهبي شيخ شيوخنا: هذا القول غلط إلا أن يريد باليمن القبيلة، وسبقه الى نحو ذلك البيهقي في " المدخل" ، وقد يكون الراوي وَهِم فقال (ولدت) وإنما أراد (نشأت) .
ثم قال : " والذي يجمع الأقوال : أنه ولد بغزة عسقلان ، ولما بلغ سنتين حوّلته أمه الى الحجاز ، ودخلت به إلى قومها ، وَهُم من أهل اليمن ، لأنها كانت أزدية ، فنزلت عندهم ، فلما بلغ عشرا خافت على نسبه الشريف أن يُنسى ويضيع فحولته الى مكة "

قال الربيع بن سليمان : وُلِدَ الشافعي يوم مات أبو حنيفة.
قلت : سبحان من أقام الحجة على الناس : مات إمامٌ ، وخَلَفَهُ إمام .

توفي والد الشافعي شابا ، فنشأ الإمامُ يتيما . وحُبِبَ إليه الرمي والعلم في سن مُبكِّر.
قال عمرو بن سواد: قال لي الشافعي: كانت نهمتي في الرمي وطلب العلم، فّنِلتُ من الرمي حتى كنت أُصيب من عشرة عشرة، وسكت عن العلم، فقلت: أنت والله في العلم أكبر منك في الرمي . تاريخ بغداد 2/59-60 .

طلبه للعلم :
طلبَ الإمامُ العلمَ في وقت مُبَكِّر ، وظهر تَيَقُّظه ونباهته ، وصفاء ذهنه ، إضافة الى حافظته القوية ، ظهر كُلّ ذلك مع بداية طلبه للعلم وساعده على التقدم والنبوغ انتقاله وهو صغير السن إلى مكة شرفها الله .

قال الحميدي: سمعت الشافعي يقول: "كنت يتيما في حجر أُمي، ولم يكن لها ما تُعطيني للمعلم، وكان المعلمُ قد رَضِي مني أن أقوم على الصبيان إذا غاب، وأخفف عنه ، فلما جمعت القرآن دخلت المسجد ، فكنت أجالس العلماء ، فأحفظ الحديث أو المسألة ، وكانت دارنا في شعب الخيف ، فكنت أكتب في العظم ، فإذا كَثُر طرحته في جرة عظيمة " . " . آداب الشافعي 24 ، وتوالي التقديس 54

وقال أحمد بن عبد الرحمن بن وهب : سمعت الشافعي يقول :" قدمتُ مكة وأنا ابن عشر أو شبهها ، فصرتُ الى نسيب لي ، قال فرآني أطلب العلم فقال لي : لا تَعجَل بهذا ، وأقبل على ما ينفعك – يعني التكسب – قال : فَجُعِلت لذّتي في العلم وطلبه حتى رزق الله منه ما رزق " . توالي التأسيس 53

وقال الحميدي سمعت الشافعي يقول : "كنت يتيما في حجر أمي كنت أكتب في الأكتاف والعظام، وكنت أذهب إلى الديوان، فأستوهب الظهور، فأكتب فيها ". السير

وعن الشافعي قال: "أتيت مالكا وأنا ابن ثلاث عشرة سنة - كذا قال، والظاهر أنه كان ابن ثلاث وعشرين سنة - قال: فأتيت ابن عم لي والي المدينة، فكلَّم مالكا، فقال: اطلب من يقرأ لك.
قلت: أنا أقرأ، فقرأت عليه، فكان ربما قال لي لشئ قد مر: أعده، فأعيده حفظا، فكأنه أعجبه، ثم سألته عن مسألة، فأجابني، ثم أخرى، فقال: أنت تحب أن تكون قاضيا" . مناقب الشافعي 1/101

قال الربيع: سمعت الشافعي يقول: " قدمت على مالك، وقد حَفِظتُ " الموطأ " ظاهرا، فقلت: أريد سماعه، قال: اطلب من يقرأ لك.
فقلت: لا عليك أن تسمع قراءتي، فإن سهل عليك قرأت لنفسي " . السير 10/12

قال ابن عبد الحكم: سمعت الشافعي يقول: " قرأت القرآن على إسماعيل بن قسطنطين، وقال: قرأت على شبل، وأخبر شبل أنه قرأ على عبد الله بن كثير، وقرأ على مجاهد، وأخبر مجاهد أنه قرأ على ابن عباس" . السير 10/13

قال أبو عبيد: رأيت الشافعي عند محمد بن الحسن، وقد دفع إليه خمسين دينارا، وقد كان قبل ذلك دفع إليه خمسين درهما، وقال: إن اشتهيت العلم، فالزم.
قال أبو عبيد: "فسمعت الشافعي يقول: كتبت عن محمد وقر بعير، ولما أعطاه محمد، قال له: لا تحتشم.
قال: لو كنت عندي ممن أحشمك ما قبلت برك ". السير 10/14

قلت :أحشمك : يعني أتحرج منك ، وهذا دلالة على كبير مكانته عنده .

قال أحمد بن أبي سريج: سمعت الشافعي يقول: " قد أنفقت على كتب محمد ستين دينارا، ثم تدبرتها، فوضعت إلى جنب كل مسألة حديثا، يعني: رد عليه " . السير 10/14

قال هارون بن سعيد: قال لي الشافعي: "أخذت اللبان سنة للحفظ، فأعقبني صب الدم سنة" . السير 10/15

قلت : اللبان : نبت صمغي ويسمى الكندر .

قال الحميدي : سمعت مسلم بن خالد الزنجي يقول للشافعي: "أفت يا أبا عبد الله، فقد والله آن لك أن تفتي - وهو ابن خمس عشرة سنة ". السير 10/15

قال المزني : قيل للشافعي ، كيف شهوتك للعلم ؟
قال :أسمع بالحرف مما لم أسمعه ، فتودّ أعضائي أن لها أسماعا تتنعم به مثل ما تنعمّت به الأذنان .
فقيل له : كيف حرصُك عليه ؟
قال : حرصُ الجّموع المنوع في بلوغ لَذَّته للمال .
فقيل له : فكيف طلبك له ؟
قال : طلب المرأة المضلة ولدها ليس لها غيره "
. توالي التأسيس 105-106

شيوخه :
تلقى الشافعي العلم عن جماعة كبيرة من الأشياخ أخص بالذكر منهم :
1- مسلم بن خالد الزنجي مفتي مكة .
2- داود بن عبدالرحمن العطار،
3-عمه محمد بن علي بن شافع، فهو ابن عم العباس جد الشافعي .
4-سفيان بن عيينة .
5- عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي .
6- سعيد بن سالم .
7- فضيل بن عياض .
8- عبد العزيز الدراوردي
9- عطاف بن خالد .
10- إسماعيل بن جعفر .
11- إبراهيم بن سعد .
12- الامام مالك بن أنس فقيه المدينة .
13- محمد بن الحسن، فقيه العراق .
14- اسماعيل بن علية .
15- هشام بن يوسف القاضي .

تلاميذه :
للشافعي مجموعة كبيرة من التلاميذ ، وبعضهم كانوا من أقرانه رحمه الله ، وقد أفرد الدارقطني كتاب "من له رواية عن الشافعي " في جزأين . فمنهم :
1- عبد الله بن الزبير الحميدي.
2- أبو عبيد القاسم بن سلام .
3- الإمام أحمد بن حنبل .
4- سليمان بن داود الهاشمي .
5- أبو يعقوب يوسف البويطي .
6- أبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي .
7- حرملة بن يحيى .
8- موسى بن أبي الجارود المكي .
9- عبد العزيز المكي صاحب " الحيدة " تلك المناظرة المشهورة،وهي مطبوعة ، وقد اختلف أهل العلم في صحة نسبتها اليه .
10- حسين بن علي الكرابيسي .
11- إبراهيم بن المنذر الحزامي
12- الحسن بن محمد الزعفراني .
13- أحمد بن محمد الازرقي .
14- أحمد بن سعيد الهمداني
15- أحمد بن أبي شريح الرازي .
16- أحمد بن يحيى بن وزير المصري
17-أحمد بن عبدالرحمن الوهبي .
18- ابن عمه إبراهيم بن محمد الشافعي
19- إسحاق بن راهويه .
20- إسحاق بن بهلول .
21- أبو عبد الرحمن أحمد بن يحيى الشافعي المتكلم .
22- الحارث بن سريج النقال.
23- حامد بن يحيى البلخي .
24- سليمان بن داود المهري .
25- عبد العزيز بن عمران بن مقلاص .
26- علي بن معبد الرقي .
27- محمد بن يحيى العدني .
28- يونس بن عبدالاعلى .
29- الربيع ابن سليمان المرادي .
30- الربيع بن سليمان الجيزي .
31- محمد بن عبد الله بن عبد الحكم .

حليته:
صنف الحافظ ابن الصلاح جزءا صغيرا في "حلية الامام الشافعي " قال فيه :
"كان الامام الشافعي رحمه الله طويلا ، سائل الخدين ، قليل لحمة الوجه ، طويل العنق ، ، طويل القصب ،، أسمر ، خفيف العارضين ، يخضب لحيته بالحناء حمراء قانية ، حسن الصوت والسمت ، عظيم العقل ، جميل الوجه ، مهيبا فصيحا ، من آدب الناس لسانا ...... كان وارد الأرنبة على أنفه أثر جدري ، بادي العنفقة ، أبلج ، مفلج الأسنان " . "حلية الشافعي" لابن الصلاح .

صوته :
كان الإمام الشافعي حسن الصوت رقيقه .
قال الامام أحمد: كان الشافعي إذا تكلم كأن صوته صَنْج أو جرس من حسن صوته . "مناقب الشافعي " للبيهقي 2 /45 و"الوافي بالوفيات" 1/122

قال بحر بن نصر : كنا إذا أردنا أن نبكي قال بعضنا لبعض : قوموا بنا إلى هذا الفتى المطلبي يقرأ القرآن فإذا أتيناه استفتح القرآن حتى يتساقط الناس ويكثر عجيجهم بالبكاء من حسن صوته فإذا رأى ذلك أمسك عن القراءة . " الوافي بالوفيات " 2/122

لباسه وزينته :
قيل للربيع كيف كان لباس الشافعي ؟
قال كان مقتصدا فيه ، يلبس الثياب الرفيعة من الكتان والقطن البغدادي ، ربما لبس قلنسوة ليست مشرقة جدا ، ويلبس كثيرا العمامة والخف .

قال ابن عبد البر في الانتقاء : كان رحمه الله يعتم بعمامة كبيرة كأنه أعرابي ، أما خاتمه فقد قال الربيع : ويتختم – أي الشافعي في يساره ونقش خاتمه : " كفى بالله ثقة لمحمد بن ادريس " . " الانتقاء ص 92
وفي رواية ابن أبي حاتم : " الله ثقة محمد بن ادريس " آداب الشافعي ومناقبه ص 276 .

أسرته :
تزوج الشافعي امرأة واحدة ، وهي : حمدة بنت نافع بن عنبسة بن عمرو بن عثمان بن عفان . "الانتقاء" ص 62

أولاده : رُزِقَ الشافعيُّ رحمه بولدين وبنية ، أما ولداه فأولهما محمد أبو عثمان ، وهو من زوجه حمدة ، وقد كان من أهل العلم .
والثاني : محمد أيضا ، وهو من جارية له ، وقد توفي صغيرا.
وأما ابنته : فهي زينب رحمهم الله جميعا .

شمائله وأخلاقه :
ورعه وعبادته واجتهاده :
قال الربيع بن سليمان : "كان الشافعي قد جَزَّأَ الليل، فثلثه الأول يكتب، والثاني يصلي، والثالث ينام ". "حلية الأولياء" 9/125.
قال الذهبي في " السير" : "أفعاله الثلاثة عبادة بالنية".

وقال حسين الكرابيسي: " بِتُّ مع الشافعي ليلة، فكان يصلي نحو ثلث الليل، فما رأيته يزيد على خمسين آية، فإذا أكثر، فمئة آية، وكان لا يمرُّ بآيةِ رحمة إلا سأل الله، ولا بآية عذاب إلا تعوذ، وكأنما جُمِعَ له الرجاء والرهبة جميعا " . "مناقب الرازي " ص 127 .

وقال سويد بن سعيد : "كنت عند سفيان، فجاء الشافعي، فسلم، وجلس، فروى ابنُ عُيَينة حديثا رقيقا،فَغُشِيَ على الشافعي، فقيل: يا أبا محمد، مات محمد بن إدريس، فقال ابن عيينة: إن كان مات، فقد مات أفضل أهل زمانه ". حلية الأولياء (9/95) .

قال الربيع بن سليمان من طريقين عنه، بل أكثر: "كان الشافعي يختم القرآن في شهر رمضان ستين ختمة".
ورواها ابن أبي حاتم عنه، فزاد: كل ذلك في صلاة ." مناقب الرازي ص 127

قال الربيع، سمعت الشافعي يقول: "ما شبعت منذ ست عشرة سنة إلا مرة، فأدخلت يدي فتقيأتها".
رواها ابن أبي حاتم عن الربيع، وزاد: "لأن الشبع يثقل البدن، ويقسي القلب، ويزيل الفطنة، ويجلب النوم، ويضعف عن العبادة". " الحلية " 9/130 ، و"توالي التأسيس " ص 67 .

قال حرملة : سمعت الشافعي يقول: "ما حلفت بالله صادقا ولا كاذبا ". " توالي التأسيس " ص 67

كرمه وحلمه وسماحة نفسه :
قال يونس الصدفي: "ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يوما في مسألة، ثم افترقنا، ولقيني، فأخذ بيدي، ثم قال: يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخوانا وإن لم نتفق في مسألة ". تاريخ دمشق لابن عساكر

قال أبو ثور: "قَلَّ ما كان يمسك الشافعي الشئ من سماحته ". "آداب الشافعي " ص 126

قال عمرو بن سواد: "كان الشافعي أسخى الناس على الدينار والدرهم والطعام، فقال لي الشافعي: أفلست من دهري ثلاث إفلاسات، فكنت أبيع قليلي وكثيري حتى حلي بنتي وزوجتي، ولم أرهن قط ". "الحلية "9/77 و132

قال الربيع: "أخذ رجل بركاب الشافعي، فقال لي: أعطه أربعة دنانير، واعذرني عنده" . " الحلية " 9/130 .

وقال الربيع: "كان الشافعي مارا بالحذائين، فسقط سوطه، فوثب غلام، ومسحه بكمه، وناوله، فأعطاه سبعة دنانير" . " مناقب الشافعي " 2/223

قال الربيع: "تزوجت، فسألني الشافعي: كم أصدقتها ؟ قلت: ثلاثين دينارا، عجلت منها ستة.
فأعطاني أربعة وعشرين دينارا " " آداب الشافعي " ص 127

قال الربيع: "كان بالشافعي هذه البواسير، وكانت له لبدة محشوة بحلبة يجلس عليها، فإذا ركب، أخذت تلك اللبدة، ومشيت خلفه، فناوله إنسان رقعة يقول فيها: إنني بقال، رأس مالي درهم، وقد تزوجت، فأعني، فقال: يا ربيع، أعطه ثلاثين دينارا واعذرني عنده.
فقلت: أصلحك الله، إن هذا يكفيه عشرة دراهم، فقال: ويحك ! وما يصنع بثلاثين ؟ أفي كذا، أم في كذا - يعد ما يصنع في جهازه – أعطه ". تاريخ ابن عساكر .

قال الزبير بن سليمان القرشي، عن الشافعي، قال : "خرج هرثمة، فأقرأني سلام أمير المؤمنين هارون، وقال: قد أمر لك بخمسة آلاف دينار.
قال: فحمل إليه المال، فدعا بحجام، فأخذ شعره، فأعطاه خمسين دينارا، ثم أخذ رقاعا، فصر صررا، وفرقها في القرشيين الذين هم بالحضرة ومن بمكة، حتى ما رجع إلى بيته إلا بأقل من مئة دينار ". آداب الشافعي ص 127

قال الربيع: أخبرني الحميدي قال: "قدم الشافعي صنعاء، فضربت له خيمة، ومعه عشرة آلاف دينار، فجاء قوم، فسألوه، فما قلعت الخيمة ومعه منها شئ" .
رواها الأصم وجماعة عن الربيع . مناقب الشافعي ص 128

قال ابن عبد الحكم: " كان الشافعي أسخى الناس بما يجد، وكان يمر بنا، فإن وجدني، وإلا قال: قولوا لمحمد إذا جاء يأتي المنزل، فإني لا أتغدى حتى يجئ " "حلية الأولياء" 9/132

قال زكريا الساجي : حدثني ابن بنت الشافعي سمعت أمي تقول :
"دخلت علينا امرأة وأبي نائم ، ومعها صبي ، فجعلت تحدّث ، فبكى الصبي ، فوضعت يدها على فيه ، وخرجت خوفا من أن يستيقظ أبي ببكائه ، وكانت له هيبة ، فلما استيقظ أُخبر بذلك ، فآلى على نفسه أن لا ينام الا والرحى يُطحنُ بها عند رأسه ". "توالي التأسيس" ص 113

قال احمد بن خالد الخلال : سمعت الشافعي يقول : "ما ناظرت أحدا فأحببت أن يخطيء " " ."توالي التأسيس "ص 114

وقال الحسن بن علي الكرابيسي : سمعت الشافعي يقول : " ما ناظرت أحدا قط الا أحببت أن يوفق أو يسدد وبعان ، ويكون عليه رعاية من الله وحفظ ، وما ناظرت أحدا الا ولم أبال بين الله الحق على لساني او لسانه ". "توالي التأسيس " ص 114

ثناء العلماء عليه :
قال عبد الرحمن بن مهدي سمعت مالكا يقول : " ما يأتيني قرشيّ أفهم من هذا الفتى " توالي التأسيس 74

قال محمد بن الحسن : " إن تكلم أصحاب الحديث يوما فبلسان الشافعي " . توالي التأسيس 77

وقال ابن وهب : " الشافعي من أئمة العلماء " توالي التأسيس 78

وقد تقدم ما رواه الحميدي عن مسلم بن خالد الزنجي أنه قال للشافعي: أفت يا أبا عبد الله، فقد والله آن لك أن تفتي - وهو ابن خمس عشرة سنة .

قال جعفر ابن أخي أبي ثور الكلبي، عن عمه : "كتب عبد الرحمن بن مهدي إلى الشافعي وهو شاب أن يضع له كتابا فيه معاني القرآن، ويجمع قبول الاخبار، وحجة الاجماع، وبيان الناسخ والمنسوخ، فوضع له كتاب " الرسالة " . تاريخ بغداد 2/64-65 .
قلت : يقصد هنا " الرسالة " القديمة ، وللشافعي " الرسال" الجديدة ، وهي التي وصلتنا .

قال أبو ثور: قال لي عبدالرحمن بن مهدي: " ما أصلي صلاة إلا وأنا أدعو للشافعي فيها " . " توالي التأسيس " ص 58 .

قال أحمد بن محمد بن بنت الشافعي: سمعت أبي وعمي يقولان: " كان سفيان بن عيينة إذا جاءه شئ من التفسير والفتيا، التفت إلى الشافعي، فيقول: سلوا هذا " . "مناقب البيهقي" 2/240

قال يحيى القطان: مما نقله البيهقي في " المدخل " له: ما رأيت أعقل - أو قال أفقه - من الشافعي، وأنا أدعو الله له أخصه به .السير 10/81

قال أبو عبيد:" ما رأيت أحدا أعقل من الشافعي" .
وكذا قال يونس بن عبدالاعلى، حتى إنه قال: "لو جمعت أمة لوسعهم عقله " السير 10/15

قال أبو عبد الله الصاغاني : "سألت يحيى بن أكثم عن أبي عبيد والشافعي، أيهما أعلم ؟
قال: أبو عبيد كان يأتينا هاهنا كثيرا، وكان رجلا إذا ساعدته الكتب، كان حسن التصنيف من الكتب، وكان يرتبها بحسن ألفاظه لاقتداره على العربية .
وأما الشافعي، فقد كنا عند محمد بن الحسن كثيرا في المناظرة، وكان رجلا قرشي العقل والفهم والذهن، صافي العقل والفهم والدماغ، سريع الاصابة - أو كلمة نحوها - ولو كان أكثر سماعا للحديث، لاستغنى أمة محمد صلى الله عليه وسلم به عن غيره من الفقهاء " . السير 10/17

قال معمر بن شبيب: سمعت المأمون يقول: " قد امتحنت محمد بن إدريس في كل شئ، فوجدته كاملا " " توالي التأسيس " ص 56


قال الميموني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: "ستة أدعو لهم سحرا، أحدهم الشافعي " سير أعلام النبلاء 10/45

قال قتيبة بن سعيد : "مات الثوري ومات الورع، ومات الشافعي وماتت السنن، ويموت أحمد بن حنبل وتظهر البدع " " مناقب البيهقي " 2/250 .

قال أبو ثور الكلبي: "ما رأيت مثل الشافعي، ولا رأى هو مثل نفسه" السير 10/46.

وقال أيوب بن سويد: "ما ظننت أني أعيش حتى أرى مثل الشافعي ". توالي التأسيس ص 55.

قال أحمد بن حنبل من طرق عنه: "إن الله يقيض للناس في رأس كل مئة من يعلمهم السنن، وينفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب، قال: فنظرنا، فإذا في رأس المئة عمر بن عبد العزيز، وفي رأس المئتين الشافعي " . تاريخ بغداد 2/62 . و" الحلية " 9/97-98 .

قال حرملة: سمعت الشافعي يقول: " سميت ببغداد ناصر الحديث" . "تاريخ بغداد 2/62

قال الفضل بن زياد: سمعت أحمد يقول: " ما أحد مس محبرة ولا قلما، إلا وللشافعي في عنقه منة ". " توالي التأسيس " ص 57

وعن أحمد: " كان الشافعي من أفصح الناس " " توالي التأسيس " ص 60 .

قال إبراهيم الحربي: " سألت أبا عبد الله عن الشافعي، فقال: "حديث صحيح، ورأي صحيح " . " سير أعلام النبلاء 10/47

قال الحسن الزعفراني: " ما قرأت على الشافعي حرفا من هذه الكتب، إلا وأحمد حاضر " . " تاريخ بغداد" 2/68

وقال إسحاق بن راهويه: " ما تكلم أحد بالرأي - وذكر جماعة من أئمة الاجتهاد - إلا والشافعي أكثر اتباعا منه، وأقل خطأ منه، الشافعي إمام " . " تاريخ بغداد " 2/65

وعن أبي زرعة الرازي، قال: " ما عند الشافعي حديث فيه غلط " .

وقال أبو داود السجستاني: " ما أعلم للشافعي حديثا خطأ" .
وقال الذهبي في " السير " تعقيبا على هاتبن الروايتين : " هذا من أدل شئ على أنه ثقة حجة حافظ ، وناهيك بقول مثل هذين" . "سير أعلام النبلاء" 10/47

وقال الذهبي في " السير " أيضا " : " وقد صنف الحافظ أبو بكر الخطيب كتابا في ثبوت الاحتجاج بالإمام الشافعي.

وما تكلم فيه إلا حاسد أو جاهل بحاله، فكان ذلك الكلام الباطل منهم موجبا لارتفاع شأنه، وعلو قدره، وتلك سنة الله في عباده: { يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا } الاحزاب: 69 و 70 " .


قال عن يونس بن عبدالاعلى: "ما كان الشافعي إلا ساحرا ما كنا ندري ما يقول إذا قعدنا حوله، كأن ألفاظه سكر .
وكان قد أُوتي عذوبة منطق، وحسن بلاغة، وفرط ذكاء، وسيلان ذهن، وكمال فصاحة، وحضور حجة." " السير " 10 / 48

قال أحمد بن أبي سريج الرازي: "ما رأيت أحدا أفوه ولا أنطق من الشافعي " توالي التأسيس 58

وقال الاصمعي: " أخذت شعر هذيل عن الشافعي " مناقب الشافعي 2/44

وقال الزبير بن بكّار: أخذت شعر هذيل ووقائعها عن عمي مصعب بن عبد الله، وقال: أخذتها من الشافعي حفظا . " مناقب الشافعي 2/45

قال إبراهيم بن أبي طالب الحافظ: "سألت أبا قدامة السرخسي عن الشافعي، وأحمد، وأبي عبيد، وابن راهويه فقال: الشافعي أفقههم ." " السير " 10/54

قال محمد بن مسلم بن وارة : " قلت لاحمد: ما ترى لي من الكتب أن أنظر فيه، رأي مالك، أو الثوري، أو الاوزاعي ؟ فقال لي قولا أجلهم أن أذكره، وقال: عليك بالشافعي، فإنه أكثرهم صوابا وأتبعهم للآثار " ." الحلية " 9/97

قال محمد بن يعقوب الفرجي: سمعت علي بن المديني يقول: " عليكم بكتب الشافعي " . مناقب الشافعي 2/248

قال أبو بكر الصومعي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: " صاحب حديث لا يشبع من كتب الشافعي" . السير 10/57

قال أبو نعيم بن عدي الحافظ: " سمعت الربيع مرارا يقول: " لو رأيت الشافعي وحسن بيانه وفصاحته، لعجبت، ولو أنه ألف هذه الكتب على عربيته التي كان يتكلم بها معنا في المناظرة، لم نقدر على قراءة كتبه لفصاحته، وغرائب ألفاظه، غير أنه كان في تأليفه يوضح للعوام " . توالي التأسيس 77

قال مصعب بن عبد الله: " ما رأيت أحدا أعلم بأيام الناس من الشافعي " مناقب الشافعي 1/488

وقال المبرد: "كان الشافعي من أشعر الناس، وآدب الناس،وأعرفهم بالقراءات " . مناقب الشافعي 2/48




شذرات من أقواله :
من أقواله في التمسك بالسنة:
قال ابن عبد الحكم، سمعت الشافعي يقول: " لو علم الناس ما في الكلام والأهواء، لَفَرُّوا منه كما يفرون من الأسد " سير أعلام النبلاء 10 /18

وقال أيضا : " كان الشافعي بعد أن ناظر حفصا الفرد يكره الكلام، وكان يقول: والله لأن يفتي العالم، فيقال: أخطأ العالم خير له من أن يتكلم فيقال: زنديق، وما شئ أبغض إليّ من الكلام وأهله ".
قال الذهبي تعقيبا : "هذا دال على أن مذهب أبي عبد الله أن الخطأ في الاصول ليس كالخطأ في الاجتهاد في الفروع" .

قال الحسين بن علي الكرابيسي: "قال الشافعي: كل متكلم على الكتاب والسنة فهو الجد، وما سواه، فهو هذيان".
وقال يونس بن عبدالاعلى: قال الشافعي: "لا يقال: لم للأصل، ولا كيف " . مناقب الشافعي 2/30

قال حرملة : سمعت الشافعي يقول: "الخلفاء خمسة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعمر بن عبد العزيز" آداب الشافعي 189

قال الربيع : سمعت الشافعي يقول: "قراءة الحديث خير من صلاة التطوع، وقال: طلب العلم أفضل من صلاة النافلة " . آداب الشافعي 97

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا يونس، قلت للشافعي: صاحبنا الليث يقول: لو رأيت صاحب هوى يمشي على الماء ما قبلته.
قال: قصر، لو رأيته يمشي في الهواء لما قبلته " . آداب الشافعي 184

قال المزني: سمعت الشافعي يقول: "من تعلم القرآن عَظُمَت قيمتُه، ومن تكلم في الفقه نما قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في اللغة رق طبعه، ومن نظر في الحساب جزل رأيه، ومن لم يصن نفسه، لم ينفعه علمه " . مناقب الشافعي للرازي 78

قال الربيع: سمعت الشافعي يقول: " المراء في الدين يقسي القلب، ويورث الضغائن " .

وقال صالح جزرة: سمعت الربيع يقول: قال الشافعي: "يا ربيع، اقبل مني ثلاثة: لا تخوضن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن خصمك النبي صلى الله عليه وسلم غدا، ولا تشتغل بالكلام، فإني قد اطلعت من أهل الكلام على التعطيل.
وزاد المزني: ولا تشتغل بالنجوم " سير أعلام النبلاء 10/28

وقال حرملة: قال الشافعي: "كل ما قلته فكان من رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف قولي مما صح، فهو أولى، ولا تقلدوني" آداب الشافعي 67-68
قال الربيع: سمعت الشافعي يقول: "إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بها، ودعوا ما قلته".

وسمعته يقول - وقد قال له رجل: تأخذ بهذا الحديث يا أبا عبد الله ؟ فقال: "متى رويت عن رسول الله حديثا صحيحا ولم آخذ به، فأشهدكم أن عقلي قد ذهب ". مناقب الشافعي 1/472-474

وقال الحميدي: روى الشافعي يوما حديثا، فقلت: أتأخذ به ؟ فقال: "رأيتني خرجت من كنيسة ؟ أو علي زنار ؟ حتى إذا سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا لا أقول به " مناقب الشافعي 1/472

كلمات مضيئة :
قال الاصمعي، عن الشافعي: " أصل العلم التثبيت، وثمرته السلامة، وأصل الورع القناعة، وثمرته الراحة، وأصل الصبر الحزم، وثمرته الظفر، وأصل العمل التوفيق، وثمرته النجح، وغاية كل أمر الصدق " . السير 10/41

وعنه أيضا قال: سمعت الشافعي يقول: "العالم يسأل عما يعلم وعما لا يعلم، فيثبت ما يعلم، ويتعلم ما لا يعلم، والجاهل يغضب من التعلم، ويأنف من التعليم " المرجع السابق

وعن الشافعي: "بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد " . المرجع السابق

قال يونس الصدفي: قال لي الشافعي: " ليس إلى السلامة من الناس سبيل، فانظر الذي فيه صلاحك فالزمه " الحلية 9/122

وعن الشافعي قال: "ما رفعت من أحد فوق منزلته إلا وضع مني بمقدار ما رفعت منه".

وعنه: "ضياع العالم أن يكون بلا إخوان، وضياع الجاهل قلة عقله، وأضيع منهما من واخى من لا عقل له ".

وعنه: "إذا خفت على عملك العُجب، فاذكر رضى من تطلب، وفي أي نعيم ترغب، ومن أي عقاب ترهب ، فمن فكر في ذلك صغر عنده عمله" .

وعنه : "آلات الرياسة خمس: صدق اللهجة، وكتمان السر، والوفاء بالعهد، وابتداء النصيحة، وأداء الأمانة ". السير 10/42

قال أبو ثور: سمعت الشافعي يقول: "ينبغي للفقيه أن يضع التراب على رأسه تواضعا لله، وشكرا لله" . السير

قال الربيع: سمعت الشافعي يقول: "لم أر أحدا أشهد بالزور من الرافضة"

وقال: "لا يبلغ في هذا الشأن رجل حتى يضر به الفقر، ويؤثره على كل شئ" .

وقال يونس بن عبدالاعلى: سمعت الشافعي يقول: "يا يونس، الانقباض عن الناس مكسبة للعداوة، والانبساط إليهم مجلبة لقرناء السوء، فكن بين المنقبض والمنبسط ".

وقال لي: "رضى الناس غاية لا تدرك، وليس إلى السلامة منهم سبيل، فعليك بما ينفعك فالزمه" .
وعن الشافعي: "العلم ما نفع، ليس العلم ما حفظ ".

وعنه: "اللبيب العاقل هو الفطن المتغافل ".

وعنه: "لو أعلم أن الماء البارد ينقص مروءتي ما شربته "

وقال الذهبي في " السير " 10/98: وبلغنا عن الامام الشافعي ألفاظ قد لا تثبت، ولكنها حكم، فمنها:
" ما أفلح من طلب العلم إلا بالقلة " .

وعنه قال: " ما كذبت قط، ولا حلفت بالله، ولا تركت غسل الجمعة، وما شبعت منذ ست عشرة سنة، إلا شبعة طرحتها من ساعتي ".

وعنه قال: "من لم تُعِزُّه التقوى، فلا عِزَّ له ".

وعنه: "ما فزعت من الفقر قط".

"طلب فضول الدنيا عقوبة عاقب بها الله أهل التوحيد ".

وقيل له: مالك تكثر من إمساك العصا، ولست بضعيف ؟ قال: "لأذكر أني مسافر ".

وقال: "من لزم الشهوات، لزمته عبودية أبناء الدنيا".

وقال: "الخير في خمسة: غنى النفس، وكف الاذى، وكسب الحلال، والتقوى، والثقة بالله " .

وعنه: "أنفع الذخائر التقوى، وأضرها العدوان".

وعنه: "اجتناب المعاصي، وترك ما لا يعنيك، ينور القلب، عليك بالخلوة، وقلة الاكل، إياك ومخالطة السفهاء ومن لا ينصفك، إذا تكلمت فيما لا يعنيك ملكتك الكلمة، ولم تملكها ".

وعنه: "لو أوصى رجل بشئ لاعقل الناس، صرف إلى الزهاد ".

وعنه: "سياسة الناس أشد من سياسة الدواب ".

وعنه: " العاقل من عقله عقله عن كل مذموم ".

وعنه: "للمروءة أركان أربعة: حسن الخلق، والسخاء، والتواضع، والنسك ".
وعنه: "لا يكمل الرجل إلا بأربع: بالديانة، والامانة، والصيانة، والرزانة" .
وعنه: "ليس بأخيك من احتجت إلى مداراته ".

وعنه: "علامة الصديق أن يكون لصديق صديقه صديقا ".
وعنه: "من نم لك نم عليك ".

وعنه قال: "التواضع من أخلاق الكرام، والتكبر من شيم اللئام، التواضع يورث المحبة، والقناعة تورث الراحة " .

وقال:" أرفع الناس قدرا من لا يرى قدره، وأكثرهم فضلا من لا يرى فضله ".

وقال: " ما ضحك من خطأ رجل إلا ثبت صوابه في قلبه "

نفحات من شعره :
ومما ينسب الى الشافعي من شعر :

قال الإمام في فضل العلم :
رأيت العلـم صاحبه كريــم *****ولو ولدته آبــاء لئــام
وليس يــزال يرفعه إلى أن***** يُعَظِّمَ أمره القوم الكــرام
ويتبعـونـه في كل حــال *****كراعي الضأن تتبعه السوام
فلولا العلم ما سعدت رجـال *****ولا عُرف الحلال ولا الحرام

وقال :
تعلم فليس المرء يولد عالـمــا *****وليس أخو علم كمن هو جاهـل
وإن كبير القوم لا علم عـنـده *****صغير إذا التفت عليه الجحافل
وإن صغير القوم إن كان عالما *****كبير إذا ردت إليه المحـافـل

وقال في لذة طلب العلم :
سهـري لتنقيـح العلوم ألذَّ لي *****من وصل غانية وطيب عنــاق
وصرير اقلامي على صفحاتها***** أحلى مـن الدّّوْكـاء والعشــاق
وألذ من نقر الفتـاة لدفهــا *****نقري لألقي الـرمل عـن أوراقي
وتمايلي طربـا لحل عويصـة***** في الدرس أشهى من مدامة ساق
وأبيت سهـران الدجى وتبيته *****نومـا وتبغي بعـد ذاك لحــاقي

وقال في حياة الذل :
ذل الحياة وهول الممات *****كلا وجدناه طعـما وبيــلا
فإن كان لا بد إحداهمـا***** فمشيا إلى الموت مشيا جميلا

وقال في الحسود :
وداريت كل الناس لكن حاسدي *****مداراته عزت وعز منالهـا
وكيف يداري المرء حاسد نعمة *****إذا كان لا يرضيه إلا زوالها

وقال في الوقوف بأبواب السلاطين :
إن الملوك بـلاء حيثما حـلـوا***** فلا يكن لك في ابوابهم ظــل
ماذا تؤمل من قوم إذا غضبـوا *****جاروا عليك وإن أرضيتهم ملوا
فاستعن بالله عن ابوابهم كرمـا *****إن الوقوف على أبوابهــم ذُلُّ

وقال في صيانة النفس :
صن النفس واحملها على ما يزينهـا***** تعش سالما والقول فيك جميـل
ولا تـوليـن النـاس إلا تجـمــلا *****نبا بك دهـرا أو جفـاك خليـل
وإن ضاق رزق اليوم فاصبر إلى غد *****عسى نكبات الدهـر عنك تزول
ولا خير في وُدَّ امــرئ متـلـون***** إذا الريح مالت، مال حيث تميل
وما أكثر الاخوان حيـن تعـدهــم***** ولكـنهم في النائبـات قليــل

وقال في القناعة :
رأيت القناعة رأس الغنى *****فصرت بأذيالها ممتســك
فلا ذا يراني على بابـه *****ولا ذا يراني به منهمــك
فصرت غنيا بلا درهـم *****أمر على الناس شبه الملك

وقال في الدعاء على الظلمة :
وَرُبَّ ظلوم قد كفيت بحربــه *****فأوقعه المقدور أي وقـوع
فما كان لي الإسلام إلا تعبــدا***** وأدعيـة لا تتقى بـدروع
وحسبك أن ينجو الظلوم وخلفه *****سهام دعاء من قِسِّي ركوع
مُريَّشة بالهدب من كل ساهــر *****مُنْهلَّة أطرافها بـدمــوع

وقال في كشف الضر :
ولرب نـازلة يضيق بها الفتى *****ذرعا وعند الله منه المخــرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها***** فرجت وكنت أظن أنها لا تفرج

وقال في الثقة بالله :
أنت حسبي وفيك للقلب حسب *****وبحسبي إن صح لي فيك حسب
لا أبالي متى ودادك لي صـح *****من الدهر ما تعرض لي خطـب

وقال في التعامل مع السفيه :
يخاطبني السفيه بكل قبح *****فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حلمـا *****كعود زاده الإحراق طيبا

رائعة من روائع الشافعي :
دع الأيام تفعل مـا تشـــاء *****وطب نفسا إذا حكم القضاء
ولا تجزع لحــادثة الليـالي *****فما لحوادث الدنيـا بقــاء
وكن رجلا على الأهوال جلدا *****وشيمتك السماحة والوفـاء
وإن كثرت عيوبك في البرايـا***** وسرك أن يكون لها غطـاء
تستر بالسخــاء فكل عيـب***** يغطيه - كما قيل- السخـاء
ولا تر للأعــداء قــط ذلا *****فإن شماتة الأعــدا بـلاء
ولا ترج السماحة من بخيـل***** فما في النار للظمآن مــاء
ورزقك ليس ينقصه التــأني *****وليس يزيد في الرزق العناء
ولا حزن يدوم ولا ســرور***** ولا بؤس عليك ولا رخـاء
إذا ما كنت ذا قلب قنــوع *****فأنت ومالك الدنيا ســواء
ومن نزلت بساحته المنايــا*****فلا أرض تقيه ولا سمــاء
وأرض الله واسعــة ولكن *****إذا نزل القضا ضاق الفضاء
دع الأيام تغدر كل حيــن***** فما يغني عن الموت الـدواء

مأخوذ من الديوان المنسوب الى الامام الشافعي ، وفيه ما لا تصح نسبته اليه



رحلته :
ذكر أبو اسماعيل الهروي في " ذم الكلام " بسنده عن المزني سمعت الشافعي قال : " إن كنت لأسير الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد " . توالي التأسيس 59

ويمكن أن نلخص الكلام في رحلات الإمام على الوجه الآتي :

المرحلة الأولى من عمره : وفيها سني الطلب الأولى وقد كانت في مكة شرفها الله ، وفيها أخذ تلقى العلوم على شيوخها مثل : الزنجي فقيه مكة ، وسفيان بن عيينة شيخ الحديث فيها .

الرحلة الأولى : خرج من مكة الى هذيل ليتعلم العربية والشعر وأخبار الناس .

الرحلة الثانية :يَمّمَ نحو المدينة النبوية ليسمع من أعلامها مثل الإمام مالك فقيه المدينة وشيخ الحديث فيها ، وغيره من الأئمة ، فقصدها وقد كان اجتاز العشرين من عمره ، وبقي فيها إلى أن وافت المنيةُ شيخَ المدينة سنة 179 ، وقد قرأ في هذه الرحلة "الموطأ " على الامام مالك وحصّل فيها علما غزيرا . وفي المدينة بدأت ملامح العلم تترسم بشكل واضح في شخصيته ، وظهرت خطوطها .
ولما توفي الإمام مالك رجع الشافعي الى بلده التي فيها نشأ ، وعلى أرضها ترعرع .

الرحلة الثالثة : قدّر الله له أن يسافر الى اليمن ، وهناك تقلّد عملا له علاقة بالديوان ، ثم علا صيتُه ، وََرُقِّي في عمله ، فنصحه شيوخه أن يترك الخدمة في اليمن ، وأن يرجع الى العلم ، فقد كانوا يرون له شأنا عظيما .

وقبل أن يتخذ قراره بترك العمل ، دَقَّّتِ المحنةُ بابَه ، وأبى الله له الا أن يكون كما كان ، الامام العلم المشهور الذي ملأ الأرض علما . فقد حسده بعض الحساد ، فقد خافوا من منافسته لهم في الدنيا ، فكتب أحد الولاة الى هارون الرشيد أن جماعة من العلوية ظهرت عندنا ، وإني أخاف أن يخرجوا عليك ، وذكر الشافعي فيهم ، فطلب الرشيد ان يُحملوا اليه ، وكان فيهم الإمام الشافعي .

الرحلة الرابعة : كانت هذه الرحلة من غير اختيار من الشافعي ، ليتم الله أمرا كان مفعولا فكانت رحلته الأولى الى بغداد ، رحلةً رغم أنفه ، فقد وُضع رهن الاعتقال في بغداد ريثما يُبَتُّ في أمره ، فكان يَتردّدُ على محمد بن الحسن الشيباني تلميذ الامام أبي حنيفة ، ثم كانت محاكمته ، ونجا منها بفضل الله تعالى ، وأكرمه الرشيد ، ووصله ببعض المال .
ومكث ببغداد ما شاء الله له أن يمكث ، ولازم محمد بن الحسن ، حتى أخذ عنه معظم علومه ، وأخذ العلم من شيوخ بغداد ، وكانت بغداد آنذاك عاصمة الخلافة ، ومنارة العلم ، ومقصد الطلبة من كل أنحاء الأرض ، ثم رجع الإمام الى مكة .

وفي مكة صار الشافعي شيخها الذي لا يُزاحم ، وانتشر أمره ، وبَعُدَ صيتُه ، وصار الناس يقصدونه من خارج مكة ،

الرحلة الخامسة : رجع إلى بغداد ، ولكنه في هذه المرة ذهب باختياره ، وذهب مُعلما ومتعلما ، فقد تكاملت شخصيته العلمية ، وصار له خطه الواضح في العلم ، وارتقى منبر الإمامة ، فَعُقِدت له حلقة العلم ، وأقبل أهل العلم على مجالسه ، وصارت حلقته من أكبر الحلقات ، واستطاع الشافعي أن يترك أثرا كبيرا في نفوس أهل العلم ، واستطاع أن يجمع أهل الحديث والفقه إليه ، وصار شيخ بغداد بلا منازع ، ومكث في بغداد سنتين .
ثم رجع إلى مكة .

الرحلة السادسة : رجع مرة ثالثة إلى بغداد سنة 198 . وبقي فيها أشهرا .

الرحلة السابعة : بدا له أن يسافر إلى مصر ، فقصدها في أواخر سنة 199 ، ونشر مذهبه فيها ، وأعاد النظر في بعض المسائل وهو في مصر ، فَوُلِد المذهب الجديد ، وكانت حلقة العلم التي يعقدها في مصر لا تُضاهى ، وكان يُدَرِّس مختلف العلوم رحمه الله .

قال الربيع : لما قدم الشافعي مصر ، وقعد في مجلسه ، كان يجالسه رؤساء أصحاب الحلق : عبد الله بن عبد الحكم ونظراؤه ، وكان الشافعي حسن الوجه والخُلُق ، فَحُبِّب الى أهل مصر من الفقهاء والنبلاء والأعيان .

قال : وكان يجلس في حلقته اذا صلى الصبح فيجيئه أهل القرآن فيسألونه ، فإذا طلعت الشمس قاموا ، وجاء أهل الحديث فيسألوه عن معانيه وتفسيره ، فإذا ارتفعت الشمس قاموا ، واستوت الحلقةُ للمناظرة والمذاكرة ، فإذا ارتفع النهار تفرقوا وجاء أهل العربية والعَروض والشعر والنحو حتى يَقرُب انتصاف النهار ، ثم ينصرف الى منزله " . توالي التقديس 105

وخلَّف الشافعي في مصر أربعة من تلاميذه ، وهم الذين نشروا علمه ، وهم : الربيع بن سليمان ، وأبو يعقوب يوسف بن يحيى البويطي ، واسماعيل بن يحيى المزني ، ومحمد بن عبدالله بن عبدالحكم .

مصنفاته :
كان الشافعي مُكثرا من التصنيف ، وقد ساق ابن حجر في " توالي التأسيس " جملة طيبة منها ، فمنها :
1- الرسالة القديمة 2- ثم الجديدة 3- اختلاف الحديث 4- جماع العلم 5- ابطال الاستحسان 6- أحكام القرآن 7- صفة الأمر والنهي 8- بيان الفرض 9- اختلاف مالك والشافعي 10-اختلاف العراقيين 11- اختلافه مع محمد بن الحسن 12- كتاب علي وعبدالله 13- فضائل قريش 14- كتاب الأم 15- الحجة .



وفاته: كان الشافعي رحمه الله رجلا مسقاما كثير الأمراض ، وكان يشكو البواسير ، وفي آخر أيامه كانت الحمى أخذت منه مأخذا عظيما .

قال المزني: دخلت على الشافعي في مرضه الذي مات فيه، فقلت: يا أبا عبد الله، كيف أصبحت ؟ فرفع رأسه، وقال: أصبحت من الدنيا راحلا، ولاخواني مفارقا، ولسوء عملي ملاقيا، وعلى الله واردا، ما أدري روحي تصير إلى جنة فأهنيها،أو إلى نار فأعزيها، ثم بكى.
وأنشأ يقول:
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي *** جعلت رجائي دون عفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته *** بعفوك ربي كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل *** تجود وتعفو منة وتكرما
فإن تنتقم مني فلست بآيس *** ولو دخلت نفسي بجرمي جهنما
ولولاك لم يغوى بإبليس عابد *** فكيف وقد أغوى صفيك آدما
وإني لآتي الذنب أعرف قدره ***وأعلم أن الله يعفو ترحما
طبقات الشافعية للسبكي 1/156

وبعد حياة حافلة مليئة بالعلم والتعليم ، حضرته الوفاة بعد العصر من يوم الجمعة آخر يوم من رجب سنة أربع ومائتين .وقد عقد الحافظ ابن حجر فصلا في كتابه " توالي التأسيس" في وفاة الامام الشافعي .

من خصائص شخصية الامام :
لقد تميزت شخصية الإمام الشافعي بكثير من الخصائص لكني هنا سأقتصر على بعضها بما يتناسب مع هذا البحث المختصر ، وسأذكر مثالا واحدا مبينا لِلخِصِّيصة التي أذكرها ، فمنها :
1- النسب الشريف :
ذكرنا فيما تقدم في نسبه الشريف أنه مطلبي ، وبينا هناك صلته بالنبي صلى الله عليه وسلم .
قال الامام أحمد بن حنبل: إذا سئلت عن مسألة لا أعرف فيها خبرا، قلت فيها بقول الشافعي، لانه إمام قرشي، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " عالم قريش يملا الارض علما " إلى أن قال أحمد: وإني لادعو للشافعي منذ أربعين سنة في صلاتي . الحلية 9/65

2- مجدد هذه الأمة على رأس المائة الثانية :
تقدم قول الامام أحمد من طرق عنه: إن الله يقيض للناس في رأس كل مئة من يعلمهم السنن، وينفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب، قال: فنظرنا، فإذا في رأس المئة عمر بن عبد العزيز، وفي رأس المئتين الشافعي"

3- الذاكرة القوية :
قال المزني : سمعت الشافعي يقول : " حفظت القرآن وأنا ابن سبع ، وحفظت "الموطأ" وأنا ابن عشر " . توالي التأسيس 54

وقال مصعب الزبيري :" قرأ الشافعي أشعار هذيل حفظا ، ثم قال لي : لا تخبر أحدا .توالي التأسيس 54

4- حسن الفهم :
قال حرملة: سئل الشافعي عن رجل في فمه تمرة، فقال: إن أكلتها، فامرأتي طالق، وإن طرحتها، فامرأتي طالق، قال: يأكل نصفا، ويطرح النصف . الحلية 9/143

قال المزني : قال لي الشافعي : "حضرت مالك بن أنس ، وأنا أسمع منه الحديث ، ولي دون الأربع عشرة سنة ، فجاءه رجل فوقف عليه ، ثم قال له : إني رجل أبيع القماري فبعت قمريا على هذه فرده إلي فقال : ما له صوت ، فحلفت بالطلاق أنه لا يسكت ، فقال : أوسكت ؟ قلت : نعم قال :أنت حانث .
قال الشافعي : فتبعته فقلت له : يا رجل كيف حلفت ؟
قال : حلفت بما سمعت .
قال : فقلت له صياحه أكثر من سكوته ؟
فقال : صياحه .
فقلت : مر فإن امرأتك لك حلال .
قال : فماذا أصنع وقد أفتاني مالك بما أفتى ؟
فقال : عُد إليه فقل له : إن في مجلسك من أفتاني بأنّ امرأتي هي لي حلال وأَومئ إلي ، ودعني وإياه ،فرجعَ ورجعتُ وجلستُ فيما بين الناس .
فقال له : إني رأيت أن تنظر في يميني .
قال : أليس قد أفتيناك بأنك حانث .
فقال : في مجلسك من أفتاني بأن امرأتي هي لي حلال .
قال : أفي مجلسي ؟
قال : نعم .
قال : ومن هو ؟
فأومأ إلي فقال لي مالك : أنت أفتيته بذلك ؟
قلت : نعم .
قال : ولماذا أفتيته بذلك .
قلت له : سمعتك تروي عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة بنت قيس : "إذا حللت فإذنيني " فلما حلّت ، قالت له : قد خطبني معاوية وأبو جهم فقال : "أما معاوية فصعلوك لا مال له ، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه " وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبا جهم يضع عصاه عن عاتقه ويتصرف في أموره ، فإنما نُسب إلى ضرب النساء فذكر أنه لا يضع عصاه عن عاتقه وحمله على الأغلب من أمره ، وإني سألته وقلت سكوته أكثر أم صياحه ؟ فقال : صياحه ، فأفتيته بذلك .
قال : فتبسم مالك ، وقال : القول قولك" . تاريخ دمشق 51/305

5- موسوعية المعرفة :
قال الامام أحمد بن حنبل :الشافعي فيلسوف في أربعة أشياء: في اللغة، واختلاف الناس، والمعاني، والفقه . مناقب الشافعي 2/41

اللغة :
قال عبدالملك بن هشام اللغوي: طالت مجالستنا للشافعي، فما سمعت منه لحنة قط .
قلت(الذهبي ) : أنى يكون ذلك، وبمثله في الفصاحة يضرب المثل، كان أفصح قريش في زمانه، وكان مما يؤخذ عنه اللغة. السير10/49

الطب :
من أقواله في الطب :
"عجبا لمن يحتجم ثم يأكل من ساعته كيف يعيش ".
" من أكل الاترج، ثم نام، لم آمن أن تصيبه ذبحة".
" ثلاثة أشياء دواء من لا دواء له وأعيت الاطباء مداواته: العنب، ولبن اللقاح، وقصب السكر، لولا قصب السكر ما أقمت ببلدكم ".
قال حرملة : "كان غلامي أعشى، لم يكن يبصر باب الدار، فأخذت له زيادة الكبد، فكحلته بها فأبصر" . السير 10/56.

السير:
قال مصعب بن عبد الله الزبيري : "ما رأيت أحدا أعلم بأيام الناس من الشافعي ".مناقب الشافعي 1/488

قال يونس الصدفي: كان الشافعي إذا أخذ في أيام الناس قلت: هذه صناعته. السير 10/75

الأنساب :
نقل الامام ابن سريج عن بعض النسابين قال: "كان الشافعي من أعلم الناس بالانساب، لقد اجتمعوا معه ليلة، فذاكرهم بأنساب النساء إلى الصباح، وقال: أنساب الرجال يعرفها كل أحد ". مناقب الشافعي 1/488

الشعر : ذكرت نفحات وعبقات من شعره قريبا .

6- كمال العقل :
قال أبو عبيد: ما رأيت أحدا أعقل من الشافعي، وكذا قال يونس بن عبدالاعلى، حتى إنه قال: لو جمعت أمة لوسعهم عقله مناقب البيهقي 2/185
تقدم قول معمر بن شبيب: سمعت المأمون يقول: قد امتحنت محمد بن إدريس في كل شئ، فوجدته كاملا .

7- حسن التصنيف :
تقدم قول يحيى بن أكثم في الامام الشافعي لما سأله الضاغاني عن أبي عبيد والشافعي، أيهما أعلم ؟
قال: أبو عبيد كان يأتينا هاهنا كثيرا، وكان رجلا إذا ساعدته الكتب، كان حسن التصنيف من الكتب، وكان يرتبها بحسن ألفاظه لاقتداره على العربية، وأما الشافعي، فقد كنا عند محمد بن الحسن كثيرا في المناظرة، وكان رجلا قرشي العقل والفهم والذهن، صافي العقل والفهم والدماغ، سريع الاصابة - أو كلمة نحوها - ولو كان أكثر سماعا للحديث، لاستغنى أمة محمد صلى الله عليه وسلم به عن غيره من الفقهاء
وقد تقد قول الامام أحمد : " ما أحد مس محبرة ولا قلما، إلا وللشافعي في عنقه منة ".

8- قوة الحجة في المناظرة:
قال ابن عبد الحكم: ما رأيت الشافعي يناظر أحدا إلا رحمته ولو رأيت الشافعي يناظرك لظننت أنه سبع يأكلك، وهو الذي علم الناس الحجج . السير 10/50

قال هارون بن سعيد الايلي: "لو أن الشافعي ناظر على أن هذا العمود الحجر خشب لغلب، لاقتداره على المناظرة " . حلية الأولياء 9/103
قلت وفي الجزء السابع من "كتاب الأم" بعض هذه المناظرات .

9- صاحب فراسة :
قال الربيع : "كنت أنا والمزني والبويطي عند الشافعي، فنظر إلينا، فقال لي: أنت تموت في الحديث، وقال للمزني: هذا لو ناظره الشيطان، قطعه وجدله، وقال للبويطي: أنت تموت في الحديد" .
قال: فدخلت على البويطي أيام المحنة، فرأيته مقيدا مغلولا ".مناقب الشافعي 2/136

وجاءه رجل مرة، فسأله - يعني الشافعي - عن مسألة، فقال: أنت نساج ؟ قال: عندي أجراء. السير 1/40

قال الحميدي : " قال الشافعي: خرجت إلى اليمن في طلب كتب الفراسة حتى كتبتها وجمعتها ". مناقب البيهقي 2/136

قال الربيع: "مرَّ أخي، فرآه الشافعي، فقال: هذا أخوك ؟
ولم يكن رآه .
قلت: نعم . مناقب الشافعي 2/130

وقال المزني : " كنت أمشي مع الشافعي في الجامع إذ دخل رجل يدور على النيام ، فقال الشافعي للربيع : قم فقل له : ذهب لك غلام أسود مصاب بأحدى عينيه ؟
قال الربيع : فقمت اليه ، فقلت له : فقال : نعم . فقلت : تعال، فجاء الى الشافعي ، فقال أين عبدي ؟
فقال : مرّ تجده في السجن ."


وأختم ترجمته بقول الذهبي في " السير " 10/99 :
" لا نُلام والله على حُبِّ هذا الإمام، لأنه من رجال الكمال في زمانه رحمه الله " .

استقيت كثيرا من النقول عن " سير أعلام النبلاء" وحيثما لم أذكر مرجعا فهو منقول من السير غالبا ، واستفدت من الكتب التي أفردها مؤلفوها في ترجمة الامام الشافعي ، وهي مذكورة في المراجع .

مراجع ترجمته:
العلل ومعرفة الرجال 1/1053 -1055 و 1081 ، التاريخ الكبير 1 / 42، التاريخ الصغير 2 / 302، الجرح والتعديل 7 / 201، الكنى والأسماء لمسلم 65، أخبار القضاة لوكيع 3/49 و77و258 ، المعرفة والتأريخ 1/213 و 3/138 ، نسب قريش 96 ، الكنى والأسماء للدولابي 2/59 ، الجرح والتعديل 7/201-204 رقم 1130، الثقات لابن حبان 9/30 ، حلية الاولياء 9 / 63 - 161، الفهرست 263، مناقب الشافعي للبيهقي، الانتقاء: 65 - 121، تاريخ بغداد 2 / 56 - 73، طبقات الفقهاء للشيرازي: 48 - 50، طبقات الحنابلة 1 / 280، ترتيب المدارك 2 / 382، الانساب 7 / 251 - 254، تاريخ ابن عساكر 14 / 395 - 418 و 15 / 1 - 25، صفة الصفوة 2 / 95، مناقب الشافعي للرازي، معجم الادباء 17 / 281 - 327، تهذيب الاسماء واللغات 1 / 44 - 67، وفيات الاعيان 4 / 163 - 169، المختصر في أخبار البشر 2 / 28 - 29، تهذيب الكمال 24/355، تاريخ الاسلام 14 / 304 فما بعدها ، تذكرة الحفاظ 1 / 361 - 363، الكاشف 3 / 17،سير أعلام النبلاء 10/5-99 مرآة الجنان 2/13 فما بعدها ، الوافي بالوفيات 2 / 171 - 181، مرآة الجنان 2 / 13 - 28، طبقات الشافعية للسبكي: انظر الجزء الاول، البداية والنهاية 10 / 251 - 254، الديباج المذهب 2 / 156 - 161، غاية النهاية 2 / 95، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 1 / 21، تهذيب التهذيب 9 / 25، توالي التأسيس بمعالي ابن إدريس، النجوم الزاهرة 2 / 176، 177، طبقات الحفاظ: 152، حسن المحاضرة 1 / 303 - 304، خلاصة تذهيب الكمال: 326، طبقات المفسرين 2 / 98، مفتاح السعادة 2 / 88 - 94، تاريخ الخميس 2 / 335، طبقات الشافعية لابن هداية الله: 11 - 14، شذرات الذهب 2 / 9 - 11، شرح إحياء علوم الدين 1 / 191 - 201، الرسالة المستطرفة: 17.

ملاحظة : ثبت المراجع منقول عن الثبت الموجود في "السير" و"تاريخ الاسلام" وكلاهما للحافظ الذهبي .
 
التعديل الأخير:

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,147
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
جزاك الله خيراً ...
لقد أحسنت إحساناً كبيراً ...
وسددت عوزاً وعجزاً كثيرا ...
نفعك الله ... ونفع بك ...
 

أحمد بن فخري الرفاعي

:: مشرف سابق ::
إنضم
12 يناير 2008
المشاركات
1,432
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
باحث اسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي

ابي حفص المسندي

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
1 يناير 2008
المشاركات
77
التخصص
علوم الحديث
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
أهل الحديث والأثر
أحسن الله إليكم ونفع بكم لقد أستفدنا من هذه الترجمة ولله الحمد وأري أن ندرجها إن شاء الله في مقدمة مدارسة متن ابي شجاع لما فيها من نفع وخير عظيم

والله أسال أن يعيننا ويثبتنا على طاعته انه ولي ذلك والقادر عليه


عفا الله عنا وعنكم
آمين
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,147
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
ابي حفص المسندي;2130 قال:
أحسن الله إليكم ونفع بكم لقد أستفدنا من هذه الترجمة ولله الحمد وأري أن ندرجها إن شاء الله في مقدمة مدارسة متن ابي شجاع لما فيها من نفع وخير عظيم
والله أسال أن يعيننا ويثبتنا على طاعته انه ولي ذلك والقادر عليه
عفا الله عنا وعنكم
آمين
جزاك الله خيراً أخي أبا حفص ..
وبالإمكان إدراج الرابط؛ للإحالة عليه في موضعه؛ وذلك لئلا يأخذ حيزاً كبيراً في صفحة المدارسة.
إضافة إلى أن المدارسة ستكون قريباً في ملتقى المذهب الشافعي؛ فهو الأقرب -والله أعلم- افتتاحاً من بين بقية المذاهب.
بقي تذكيرك في المدارسة إعداد ترجمة مختصرة جداً للمتن والماتن.
بالإضافة إلى أني سأنبه الإخوة على كتابة المتن بخط مكبر واضح؛ وبلون مغاير عن بقية المداخلات.
 

أحمد بن فخري الرفاعي

:: مشرف سابق ::
إنضم
12 يناير 2008
المشاركات
1,432
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
باحث اسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
أحسن الله إليكم ونفع بكم لقد أستفدنا من هذه الترجمة ولله الحمد وأري أن ندرجها إن شاء الله في مقدمة مدارسة متن ابي شجاع لما فيها من نفع وخير عظيم

والله أسال أن يعيننا ويثبتنا على طاعته انه ولي ذلك والقادر عليه


عفا الله عنا وعنكم
آمين


الأخ الكريم أبو حفص حفظكم الله

اللهم آمين واياكم

والله هذا جهد المقل ، وودت لو تيسر الوقت الكافي لنخرجها بالشكل الذي يرضيني ويرضيكم ، فاعذرونا على التقصير أيها الحبيب
 

معتز الشافعي

بانتظار تفعيل البريد الإلكتروني
إنضم
16 يناير 2009
المشاركات
1
نسل قريش وابنها المُحملُ
بالعلم والإيمان والقرآنِ
حفيد أحمد النبي المرسلِ
إلى الجميع إنسهم وجانِ
إذا ذكرت الفقه والأصولَ
رأيته الرأس في كل شانِ
إذا رمت وجودًا لمثيله
قل يا صاح في كل الزمانِ
تلميذ مالك هو الإمام
تلميذه أحمد بن الشيباني
أشافعي رحمكَ ربنا
أُدخلت وسُكِّنتَ في الجنانِ
 

حاتم سمير عبد الحميد

بانتظار تفعيل البريد الإلكتروني
إنضم
31 يوليو 2010
المشاركات
21
التخصص
محاسبة
المدينة
الاسكندرية
المذهب الفقهي
المذهب الشافعي
رد: الإمام محمد بن إدريس الشافعي

جزاكم الله خيراً
 
أعلى