العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

أطروحة دكتوراه في حكم الشريعة الإسلامية في المكاسب المالية الحديثة

إنضم
31 ديسمبر 2007
المشاركات
13
التخصص
الدراسات الإسلامية ـ الفقه
المدينة
الجديدة
المذهب الفقهي
المذهب المالكي
أطروحة جامعية
نوقشت يوم الثلاتاء12فبراير2002بكلية الآداب بنمسيك بالدارالبيضاء بالمغرب أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في الفقه الإسلامي في موضوع"المكاسب المالية الحديثة في الإجتهاد الفقهي المعاصر:بين الحظر والإباحة"تقدم بها الباحث عبد العظيم محمد مجيب بإشراف الأستاذ الدكتور احمد الريسوني،وكانت لجنة المناقشة مكونة من الأساتذة:الدكتور محمد الروكي والدكتورعقى النماري والدكتورسعيد بن كروم،وحصل الباحث على درجة دكتوراه الدولة بتقدير حسن جدا.
وفيما يلي ملخص هذه الأطروحة:


حكم الشريعة الإسلامية
في المكاسب المالية للمعاملات الحديثة
تأليف
الدكتور عبدالعظيم مجيب







خلاصة البحث
إن أهمية الموضوع تنطلق من ذاته،فهو مكون من عنصرين أساسيين:"المعاملات والمال "ودراسة فقه المعاملات لا تقل قيمة عن الحاجة إلى معرفة أحكام العبادات،بل إن هذه الأخيرة أمرها تعبدي شخصي يتعلق بموضوع بين العبد وربه،أما المعاملات فالعلاقة فيها متعدية بين العبد وربه،والإنسان وأخيه الإنسان،وأثرها يعود على الشخص نفسه وعلى دينه وعلى مجتمعه الذي يعيش فيه،لهذا كان من الواجب دراسة فقه المعاملات.
أما العنصر الثاني،فإن المال قوام الحياة،ومن أهم أسباب سعادة الإنسان أو شقائه،لهذا نظرت الشريعة إليه هذه النظرة الواقعية،فأوجدت نظاما عاما لتحصيله،وأحاطته بسياج يمنع الاعتداء عليه من مالكه أومن غيره،فجعلته أحد الكليات الخمس،وفي الوقت نفسه أوجبت عليه حقوقا وقيودا.
وقد اتسعت المعاملات المالية المعاصرة اتساعا كبيرا،وتنوعت العقود وتعقدت،وتشعبت صور البيوع وتعددت،ومن الواجب تتبع الصور المستحدثة ومعرفة موقف الشريعة منها،ووضع الضوابط المناسبة لعموم الأحكام حتى لا تبقى حبيسة صور تاريخية.ولتحقيق هذه الغاية رأيت ضرورة ملاحقة الأحداث الجديدة التي أفرزتها التطورات الحديثة،لأعالجها وفق منهج علمي صحيح،متجاوزا العرض الأمين لأقوال فقهائنا الأقدمين،والاستفادة من تراثنا ومواكبة تطورات العصر عن طريق ربط الأحكام الشرعية بالواقع في مختلف المجالات.
إن دراسة موضوع المكاسب المالية نادرة الوجود رغم تناثرها في الكتب الفقهية القديمة والحديثة،وفي أبواب المعاملات.فلم أجد من أفرد البحث فيها إلا مؤلفات معدودة،أقدمها "الاكتساب في الرزق المستطاب"لمحمد بن الحسن الشيباني،وكتاب"الخراج" لأبي يوسف رفيقه في المذهب،و"الأموال"لأبي عبيد القاسم بن سلام،و"الخراج"ليحيى بن آدم، و"البركة في فضل السعي والحركة" لمحمد الوصابي الحبشي،وغيرها من الكتب المحدودة ذكرتها معاجم المؤلفات والمؤلفين.
ولم أجد من كتب في"المكاسب"وبهذا العنوان إلا الحارث بن أسد المحاسبي الصوفي(ت243هـ)وسماه:"المكاسب والورع والشبهة،وبيان مباحها ومحظورها،واختلاف الناس في طلبها والرد على الغالطين فيه"وحتى إن وجدت هذه الدراسات،فإنها خاصة بأهل زمانها ومتعلقة بمشاكل عصرهم.
أما في العصر الحاضر فقد كتب الكثيرون من الفقهاء والباحثين في كل موضوع من الموضوعات التجارية والمهنية والبنكية والتأمينية،بل في كل فرع من الفروع السابقة،ورغم وجود المناقشات العلمية لكثير من القضايا الفقهية،فإني لم أر بحثا شاملا لكل المعاملات،وخاصة فيما يتعلق بالمداخل الناجمة عنها،فأكثر المناقشات وأغلب المؤلفات تتعلق بحكم التعامل من حيث الجواز وعدمه،وليس في إباحة المكسب وحرمته،أو متعلقة بالجانب التاريخي ومراحل تطورها،وتوضيح الإيجابيات والسلبيات،وطرح البدائل فيها،دون إعطاء الحكم المناسب في هذه الممارسات إلا من إجابات فردية أو قرارات لبعض الهيئات الفقهية.والدراسات السابقة لها قيمتها وفائدتها بل هي الأرضية للمكاسب نفسها، لما يوجد من التلازم بين المعاملات ومداخلها،وما هذه الأخيرة إلا فرع عن الأولى،ولكن الدخل يحتاج إلى حكم يخصه،لذا رأيت أن يكون عملي مساهمة في إتمام مشروع ليكون البنيان مكتملا.فالذي يهمني من المعاملات التجارية حكم ثمنهاوربحها،ومن الأعمال المهنية حكم أجرتها،ومن المعاملات البنكية حكم فوائدها،وفي التأمينات حكم تعويضاتها.
و لا أقول:إني جمعت كل المكاسب المالية في العصر الحديث لأن الإحاطة بها أمر غير ممكن،ولكن أقول:إني ذكرت أغلب المعاملات وأهمها،والتي أمكنني التعرف عليها في مختلف مجالاتها،كما لا أقول:إن ما قلته هو الصحيح،ولكن حاولت الاستدلال على الحكم بالصحيح.
نهجت منهج الاستقراء والترجيح،فحاولت استقراء أهم المعاملات المعاصرة وبينت موقف الشريعة منها، إذ رجعت إلى الكتب التفسيرية والحديثية والفقهية والاقتصادية والبنكية والتأمينية واللغوية، والدوريات الخاصة والعامة، واستقيت منها مادة رسالتي وهي في مجملها تربو على ستمائة مصدر،وجمعت شتات هذه الثروة الفقهية والنصوص الشرعية والتوصيات الجماعية،وحاولت استقراء تحصيل المكاسب فيها،ووسائل مصادر الأموال في مختلف الميادين التجارية والمهنية والاجتماعية والرياضية والبنكية والتأمينية،واقتصرت على المسائل المهمة والمشاكل المالية التي لها قيمتها في الحياة البشرية،وصنفت المادة العلمية حسب مجالاتها ورتبتها حسب أبوابها،ووضعت منهجية في التحليل والترتيب حاولت الالتزام بها منذ بداية البحث إلى نهايته،وذلك بوضع تمهيد لكل باب أو فصل أو مبحث أو مطلب، أبين من خلاله أهمية الموضوع أو أطرح فيه إشكاليته أو أربطه بسابقه حتى تتضح الصورة ويكتمل البنيان.
أعرف بالموضوع لغة واصطلاحا،وإن كان التعريف متفقا عليه اكتفيت ببعض التعريفات،وأحلت على الباقي في مصادره،وإن كان مختلفا فيه اخترت أنسبها أو حاولت جمعها في تعريف بصياغتي راعيت فيه معاني المعرف وحدود التعريف،بحيث يشمل الموضوع ويفي بمقصوده،مع الوضوح في اللفظ والبساطة في المعنى،وإن كان الموضوع سبق تعريفه أشرت إلى موضعه.
وعرفت بالمصطلحات الفقهية،وخرجت بها من التعقيد اللفظي والمعنوي إلى الدلالة البسيطة،إما بتصويرها وبيان حقيقتها أو بضرب الأمثلة المناسبة لها.
ثم أنتقل إلى الموضوع فأحدد أنواعه إن كانت متعددة،مبينا حكم كل نوع فيها، وذلك بذكر الآراء الفقهية الواردة فيه،وأدلة كل فريق وتعليله،مراعيا في ذلك الترتيب الزمني في العرض،فأبدأ بالفقهاء المتقدمين:الحنفية فالمالكية فالشافعية فالحنابلة فالظاهرية،ثم أعرض آراء المعاصرين لأنها فرع عن المتقدمين.وفي عرض المحدثين أقدم الفتاوى الفردية على القرارات الجماعية،لأن هذه الأخيرة نتاج للأولى.وبهذه المنهجية أكون قد جمعت بين الأصل المتمثل في المذاهب الفقهية القديمة،والفرع المتمثل في الفتاوى المعاصرة،وجمعت بين الاجتهادات الفردية والجماعية.
وفي عرض الآراء الفقهية أبدأ بالقائلين بالإباحة غالبا لأنها هي الأصل في التشريع،ثم أذكرآراء القائلين بالكراهة لأنها واسطة بين حكمين،ثم أذكر آراء المانعين لأن التحريم حكم طارئ.
وفي استعراض الأدلة أرتبها حسب قوتها في التشريع،فأصدر الحكم بالنصوص الشرعية من القرآن أولاثم السنة،ثم الإجماع إن وجد،ثم التعليلات والأقيسة العقلية،مبيناوجه الدلالة في الدليل،ووجه الاستنباط في التعليل.
وإن كان في الموضوع خلاف ذكرت أسبابه وعلته،أوحاولت أن ألتمس له التعليل بدليل شرعي أو اعتبار واقعي أو تعليل عقلي،أراه مناسبا للحكم مع الإشارة إليه.
واخترت في الدراسة والتحليل منهج التوسط والاعتدال،وإن كان في الموضوع مسائل عديدة اكتفيت منها بالمفيدة، ووضعت الضوابط التي تحكمها وتحكم نظائرها مما يشبهها من القضايا الجديدة.
ولم أستقرئ جميع الفتاوى الشرعية في القضية الواحدة،واكتفيت ببعضها لأني أرى أن الإحاطة بجميع الأقوال غير ممكن،ولأن الحكم الشرعي في المعاملات إما جائز اتفاقا فيندرج في المباح أو ممنوع اتفاقا فيدخل في الحرام أو مختلف فيه فيختلف حكمه باختلاف الراجح من دليله،وفي جميع الأحوال فذكر البعض يغني عن الجميع.
وسلكت في عرض الأدلة منهج التلخيص والاختصار،واكتفيت بالقوي من التعليل والصحيح من الآثار،وأحلت على غيرهما في مصادرهما. فإن كان للموضوع أدلة كثيرة من النصوص الشرعية أو التعليلات العقلية اكتفيت ببعضها، وإن كان النص القرآني أو الحديثي طويلا اقتصرت على الشاهد فيه الذي يخدم الموضوع ويفيد في الاستدلال.وإن كانت المناقشات طويلة في النص الشرعي أو الفقهي، حاولت تلخيصها والاقتصار على أهمها.وفي الحديث حذفت السند واكتفيت بالراوي الأول والأخير ومصدره،إلا إذا رأيت في ذكره فائدة يتعلق بها الحكم،كأن يكون في بعض الرواة كلام جرحا أو تعديلا.وإن كان في الموضوع إجماع اكتفيت بذكره والإشارة إلى مرجعيته دون تفصيل القول فيه إلا إذا كان للإجماع نقض فأشير إليه.
وفي حال سؤال موجه إلى بعض الفقهاء أوالهيئات أحذف اسم السائل وأكتفي بنص السؤال وجوابه،لأنه هو المهم،ولأن الحكم الشرعي عام والعبرة بعموم الحكم وجهة الجواب لا بخصوص السبب وصاحب السؤال،وتوخيت الاقتصار على الحكم ودليله،لأنه هو المقصود بذاته دون غيره.
وقدمت في التقسيم العام المعاملات التجارية،لأنها أصل المعاملات وأساس المعاوضات،فالتاجر نفسه والعامل والموظف هدفهم من تحصيل مكاسبهم المادية،هو شراء ما يحتاجون إليه ويقيم حياتهم،وذلك لا يتم إلا عن طريق التجارة ، وأردفته بالأعمال المهنية، لأن التجارة نفسها تقوم عليه،وأتبعت المكاسب المهنية بالبنكية،لأن التاجر والعامل وغيرهم ممن ليسوا تجارا و لا عمالا قلما ينفكون عن التعامل مع البنك،وصار وجوده كالضروري في الحياة المالية،وأخرت البحث في التأمين الذي عمت به البلوى مؤخرا في جميع المجالات المتقدمة وفي غيرها،وحتى فى المعاملات البنكية نفسها، فالقرض لا يؤدى من البنك إلى العميل إلا إذا حسم منه مبلغ التأمين.
ورغم أن بعض المباحث التي أدرسها فيها القديم والحديث فقد اعتبرتها حديثة لأسباب :
أولا: إن الناس لا زالوا يتعاملون بها ولكثرة الأسئلة والمناقشات الواردة حولها على العلماء والمجامع الفقهية.
ثانيا : قد تكون هذه المعاملات قديمة في الأصل، ولكنها حديثة في الصياغة والأسلوب بدخول عناصر جديدة فيها.
ثالثا : إن أغلب المعاملات المالية حتى البنكية رغم حداثتها فهي جديدة من حيث المنهج وطرق التعامل، أما الأصل فهو معروف منذ القدم، لأنها لا تخرج عن قرض أو وديعة.
وقد رأيت معظم الباحثين في هذه القضايا المعاصرة منقسمين إلى فريقين:أحدهما يغلب عليه التساهل في الأحكام متأثرا بالمدنية الحديثة ويريد مسايرة الظروف من منظوره الخاص،فيخضع الأحكام الشرعية للأوضاع الاجتماعية، والثاني يجمد على آراء معينة، ويرى من الورع تـرك المشتبه فيه نجاة بالدين، فيسلك مسلـك التحريم، وحاولت بعملي هذا ألا أكون في واحد من الاتجاهين،وعمدت إلى البحث عن الحكم في القضية ودليلها بغض النظر عن قائله، وإذا لم أجد نظرت في الدليل والتعليل،وقارنت بين آراء الباحثين فيها وخرجت برأي في حكمها.
ولم يقتصر عملي على الجمع والتصنيف،والترتيب والتنظيم،بل امتد إلى الدراسة والتوظيف. فقد جمعت ما تفرق من المكاسب المالية في مظانها،وعنونت لذلك بترجمة رأيتها موافقة لأغراض البحث وأهدافه،ولم أكتف بسرد الأقوال وتحقيق النصوص،بل كانت لي وقفات طويلة مناقشا ومعللا،ومرجحا مؤيدا أو معارضا. فكنت أقف عند النص أتأمله،وأحاول استنباط الحكم وأفهمه،وأبحث عن الصحيح من الدليل، والسليم من التعليل،معتمدا النصوص الشرعية وموظفا القواعد الأصولية والفقهية.
ولما كانت طبيعة الموضوع تقتضي المقارنة بين الآراء الفقهية فقدكنت أبحث عن دليل أصحابها ومناقشته،لأخلص إلى الراجح من الأقوال أو الجمع بينها إن أمكن وهذا أحسن.ولم ألتزم بمذهب معين ولا برأي خاص،بل كنت أرجح ما رجحه الدليل وأكده التعليل في الفقه القديم أو الحديث،وكثيرا ما أرجح القرار الجماعي إذا لم يتبين لي وجه الرجحان،لأنه أسلم من الخطأ وأدعى في الاطمئنان.والتزمت في دراستي الاستدلال بالمصادر الشرعية والقواعد الفقهية،وعملت على توثيق النصوص القرآنية بذكر السورة ورقم الآية،وفي الأحاديث النبوية ببيان درجتها والإشارة إلى مصادرها،وقارنت بين أقوال الفقهاء وبينت الراجح منها،متوخيا الحكم الصحيح المبني على الدليل القوي والمصلحة المعتبرة،وأرجأت مناقشة الفقهاء وردودهم إلى نهاية الموضوع لأدرجها في المناقشة والاختيار،وأبني عليها ترجيحي في الأحكام،وإن كان في الأدلة مناقشات طويلة لخصتها وأحلت على التفصيل في مصادرها.
وحاولت الرجوع إلى المصادر المعتمدة في كل مذهب،وإذا نقلت من غيرها ولم أتمكن من الوصول إليها أشرت إليها بواسطتها.وعندما أذكر رأي الجمهور في المسألة قد أجمعه في إحالة واحدة،لأن هذه المراجع غالبا في الفقه المقارن،فهي تذكر المذهب المعتمد وغيره،كشرح فتح القدير،وبداية المجتهد،والمجموع،والمغني،ونيل الأوطار،وسبل السلام وإن كانت في أصلها مصادر مذهبية.
وتوخيت البساطة في الأسلوب والاختصار في العرض والبعد عن التعقيد اللفظي والمعنوي الموجود في العبارات الفقهية القديمة مراعاة للغة السائدة في العصر الحديث.
حاولت أن أترصد الآراء الفقهية والفتاوى الفردية والقرارات الجماعية، لأعرف مدى موافقة العلماء المعاصرين للفقهاء المتقدمين و مخالفتهم، وهل استطاع المعاصرون أن يضيفوا في الفقه شيئا في التأصيل والتقعيد ؟ فوجدتهم يعتمدون أصول السابقين وقواعدهم، ويطبقون آراءهم واجتهاداتهم، وأن الحداثة في الشكل لا في الجوهر، وعلمت أن المتقدمين ألفوا في عصرهم وعالجوا مشاكل زمنهم، ووضعوا الأسس لقضايا قد تأتي بعدهم، وعلى المتأخرين أن يعرفوا كيف يوظفوا الأصول القديمة لعلاج القضايا المستجدة.
ولهذا يمكن أن نقول بكل ثقة: إن الشريعة الإسلامية شريعة الخلود، وإن الفقه الإسلامي مرن قادر على مواكبة كل العصور، وإن رفض الناس لتطبيق الإسلام خاصة في الناحية المالية لا يرجع لنقص فيها وإنما لضعف المنتسبين إليها إما ضعفا فكريا لأنهم لم يسبروا أغواره و لم يدرسوا فقهه أو يتعمقوا في نصوصه أو سياسيا لأنهم لم يستطيعوا التخلص من تبعية غيرهم، أو اقتصاديا لأنهم لم يستقلوا بأنفسهـم أو اجتماعيا لأنهم لم يوطنوا أنفسهم.
إن البحث في المكاسب المالية صعب المرتقى عسير المنال، لأنه يتعلق بالحرام والحلال، وإصدار الأحكام بأحدهما لا يقل أهمية عن الآخر؛ولهذا كان لا بد من البحث عن الدليل الصحيح والتعليل القوي في الفتاوى الفردية والقرارات الجماعية .
إن تشعب الموضوع وتعدد مباحثه وطول كل مبحث فيه بحيث يمكن أن يكون كل مبحث بل كل مسألة فيه بحثا مستقلا لأطروحة فضلا عن فصوله وأبوابه،ولكن حب المعرفة وصدق العزيمة شجعاني على خوض غماره وسبر أغواره، وتتبع مراحله وأطواره، ومناقشة آرائه وترجيح أحكامه، مؤمنا بأن ما لا يدرك كله لا يترك جله،معتبرا أن بحثي هذا هو أرضية قابلة للتعمق فيها والبناء عليها في كل فرع من فروعها،وإلا فموضوع كهذا يضطر الباحث فيه إلى أن يحدد موقفه من قضايا كثيرة اختلف فيها العلماء واضطربت فيها الآراء وتعددت فيها الاتجاهات، مما يجعل ترجيح رأي على آخر يحتاج إلى طول بحث وإعادة مراجعة وصبر وأناة، وتجرد من كل عاطفة مذهبية، والرغبة في الوصول إلى الحكم الصحيح مراعيا المقاصد الشرعية، كل هذا يجعل البحث صعبا، وإضافة إلى المشجعات السابقة كان تبشير الرسول ص بالأجر على كل حال كان هو الحافز الأول.
وقصدي من البحث هو بيان الحكم الشرعي في المكاسب المالية والجواب عن الأسئلة،وتوضيح الحلال من الحرام في المعاملات.وقد يقال:الحلال بيّن والحرام بيّن،فما هو الجديد الذي أريد تحقيقه ؟
أقول:إن بين الحلال والحرام معاملات مشتبهة،وهذا التشابه إن كان واردا في حق العلماء المجتهدين،فما بالك بغيرهم من عامة الناس.
ولهذا يمكن تلخيص الغاية في أربعة عناصر:
1- إجابة عن أسئلة مطروحة من طرف الآخرين ينتظرون الرد عن استفساراتهم،وحكم تصرفاتهم وأرباحهم المادية.
2- إقامة البرهان على أن الشريعة الإسلامية ليست مجرد عبادات وأخلاق،بل هي نظام معاملات ومنهج حياة، تنظم العلاقة بين الإنسان وربه،والإنسان وأخيه الإنسان.
3- إثبات أن الشريعة الإسلامية كانت ولا تزال وستظل قادرة على حل المشاكل المالية ومعالجة كل قضية.
4- الرد على من يتهم الشريعة بالتقصير وعدم القدرة على مسايرة العصر الحديث وأوضاعه المتجددة وعقوده المتطورة ومعاملاته المعقدة.
ولا أقول:إني جمعت في بحثي هذا كل جزئية أو درست كل قضية،ولكن أقول:إني تطرقت إلى أمهات المسائل وأهم القضايا،ووضع الضوابط التي تجمع بين كثير من الجزئيات.فجاء الموضوع جامعا متوسطا ليس بالمختصر المخل،ولا بالطويل الممل،وهدفي أن يجد القارئ فيه ما ينشده دون عناء في البحث أو حيرة في كثرة الأقوال،فإن أكن قد وفقت في عملي،فذاك من الله وهو كل أملي،ختاما فأرجو أن أكون قد ساهمت بعملي في أداء بعض الواجب في حق الشريعة،والله الهادي إلى سواء السبيل.

خطة البحث
التمهيد

مفهوم المكاسب المالية والمعاملات الحد يثة
مفهوم المكاسب
مفهوم المال

المعاملات الحديثة

الباب الأول

المكاسب المالية في المعاملات التجارية
تمهيد
الفصل الأول:المكاسب في العقود التجارية

المبحث الأول:إجراء العقود والمعاملات المالية بالإتصالات الحديثة
المبحث الثاني:البيع المؤجل التمويلي
المبحث الثالث:بيع التقسيط

المبحث الرابع:عقد المرابحة التمويلي
المبحث الخامس:بيع السلم التمويلي أوالموازي
المبحث السادس:عقد الإستصناع التمويلي:
المبحث السابع:الإجارة التمليكية(الإيجار المنتهي بالتمليك-ليزنك)
الفصل الثاني:المكاسب التجارية في الأعيان المادية
المبحث الأول: التجارة في الأعضاء والأجزاء البشرية
المطلب الأول:المكاسب التجارية في الأعضاء البشرية
المطلب الثاني:المكاسب التجارية في الأجزاء البشرية

الفرع الأول:المكاسب التجارية في المكونات الدموية

(الدم-البلازما-الصفائح الدموية)
الفرع الثاني:المكاسب التجارية في التلقيحات الإصطناعية
(مني الرجل وبويضة المرأة
الفرع الثالث:المكاسب التجارية في لبن الآدمية (حليب الأمهات) المبحث الثاني:المكاسب التحارية في المواد التخديرية والأدوات الترفيهية

المطلب الأول:المشروبات المسكرة والمواد المخدرة
الفرع الأول:المكاسب التجارية في المشروبات المسكرة
المسألة الأولى:التجارة في أصل الخمر ومكوناته
المسألة الثانية:المكاسب في تجارة المشروبات المشابهة للخمر
الفرع الثاني:المكاسب التجارية في المواد التخديرية
المسألة الأولى:المكاسب التجارية في المواد المخدرة الظاهرة الأثر
المسألة الثانية:المكاسب التجارية في المواد المخدرة الخفية الأثر(التبغ أو الدخان)
المطلب الثاني:المكاسب التجارية في الأدوات الترفيهية

الفرع الأول:الرسوم اليدوية والصور الفوتوغرافية
المسألة الأولى:المكاسب التجارية في الصور المجسمة
النقطة الأولى:المكاسب التجارية في الصور الحيوانية(بشر-حيوان)
النقطة الثانية:المكاسب التجارية في الصور الجمادية
(صور المناظر الطبيعية والعمرانية)
المسألة الثانية:المكاسب التجارية في الصور الفوتوغرافية
الفرع الثاني: المكاسب التجارية في الآلات الموسيقية
الفصل الثالث:المكاسب التجارية في الحقوق المعنوية
المبحث الأول:التعويضات المالية عن الحقوق الفكرية والأدبية(حقوق التأليف)
المطلب الأول:التعويضات المالية للمؤلف عن حق التأليف
المطلب الثاني:التعويضات المالية للورثة عن حق التأليف
المطلب الثالث:التعويضات المالية للطابع عن حقوق الطبع
المبحث الثاني:التعويضات المالية عن الحقوق الإبداعية
المبحث الثالث:التعويضات المالية عن الحقوق التجارية(بيع الاسم التجاري،والعلامة التجارية،والرخص التجارية) المبحث الرابع:بدل الخلو(بيع المفتاح)
المبحث الخامس:التعويض عن الكفالة
الفصل الرابع:حدود المكاسب في المعاملات التجارية
المبحث الأول:تحديد الثمن في المعاملات التجارية(التسعير الجبري)
المبحث الثاني:تحديد الربح في المعاوضات المالية
الباب الثاني

المكاسب المالية في الممارسات المهنية والأعمال الاجتماعية
والمسابقات الرياضية
مفهوم الإجارة وعلاقتها بالألفاظ المشابهة لها في اللفظ والعقود المتفقة معها في المعنى
الفصل الأول:المكاسب المالية في الممارسات المهنية المبحث الأول:المكاسب المالية في الوظيفة العمومية
المبحث الثاني:المكاسب المالية في المؤسسات الخصوصية
المطلب الأول:العمل في المؤسسات البنكية
المطلب الثاني:العمل في محلات الخمور
المبحث الثالث:المكاسب في الأعمال الطبية والتجميلية
المطلب الأول:المكاسب في الأعمال الطبية
المطلب الثاني:المكاسب في العمليات التجميلية
الفرع الأول:المكاسب في التغييرات الجسدية
الفرع الثاني:المكاسب في الحلاقة وتجميل الشعر(الكوافير)
المبحث الرابع:المكاسب المالية في الأعمال الفنية
المطلب الأول:الأعمال الفنية والموسيقية
المطلب الثاني:المكاسب في الأعمال التمثيلية
الفرع الأول:المثيل المسرحي
الفرع الثاني:العمل السينمائي
الفصل الثاني :كالمكاسب المالية في الأعمال والعادات الإجتماعية
المبحث الأول:المكاسب المالية في الأعمال الإجتماعية(تأجير الأرحام)
المبحث الثاني:المكاسب المالية في العادات الإجتماعية
المطلب الأول:مايأخذه والي المخطوبة من مال للموافقة على الزواج
المطلب الثاني:مايأخذه الخاطب من مال للموافقة على الزواج(الدوطة أوالدوري)
المطلب الثالث:مايأخذه الزوج من مال زوجته بعد الزواج
الفصل الثالث:المكاسب المالية في المسابقات الفكرية والرياضية
تمهيد:مفهوم المسابقة وأصل مشروعيتها
المبحث الأول:جوائز المسابقات الفكرية
المطلب الأول:جوائز المسابقات العلمية
المطلب الثاني:جوائز الألعاب التخمينية(اليانصيب)
المبحث الثاني:جوائز المسابقات الرياضية
المطلب الأول:جوائز الرياضة البدنية
الفرع الأول:جوائز الرماية
الفرع الثاني:المكاسب في العدو الريفي(السباق على الأقدام)
المطلب الثاني:جوائز المراهنة الحيوانية
الفرع الأول:جوائز سباق الخيل
الفرع الثاني:جوائز سباق الإبل
الفرع الثالث:جوائز سباق الحيوانات الأخرى
المسألة الأولى:جوائز المسابقات في الفيلة ونحوها
المسألة الثانية:جوائز المسابقات في البغال والحمير ونحوهم
الفرع الرابع:جوائز مصارعة الحيوانات والطيور(البقروالغنم والطيور)
الباب الثالث
المكاسب المالية في المعاملات البنكية والمؤسسات الإستثمارية
الفصل الأول:المكاسب المالية في المعاملات البنكية
تمهيد:مفهوم البنك وطبيعة عمله
المبحث الأول:عوائد الخدمات البنكية(مكاسب البنك)
المطلب الأول:المعاملات البنكية الجائزة
الفرع الأول:الكفا لات المصرفية
المسألة الأولى:خطابات الضمان المصرفي
المسالة الثانية:الإعتمادات المستندية
الفرع الثاني:العمليات التحويلية
المسألة الأولى:التجارة في العملة
المسألة الثانية:التجارة في العملة الوطنية(الكمبيو)
الفرع الثالث:حفظ الأوراق المالية(نقود ومستندات)
الفرع الرابع:العوائد المالية في تحصيل الأوراق التجارية(الكمبيالة،السند الإذني،الشيك)
المطلب الثاني:المعاملات البنكية المختلف فيها
الفرع الأول:القروض البنكية
المسألة الأولى:فوائد القروض غيرالمشروطة
المسألة الثانية:فوائد القروض المشروطة
الفرع الثاني:البطاقة الإئتمانيةvisa carte
الفرع الثالث:خصم الأوراق التجارية(الكمبيالة،السند الإذني،الشيك)
المبحث الثاني:فوائد الودائع البنكية والبريدية(مكاسب العميل)
المطلب الأول:فوائد الودائع البنكية
المطلب الثاني:فوائد الودائع البريدية
المطلب الثالث:فوائد الشهادات الإستثمارية
الفرع الأول:فوائد الشهادات الإستثمارية(مجموعة:أ-ب)
الفرع الثاني:فوائد الشهادات الإسثمارية(مجموعة:ج)
المطلب الرابع:فوائد السندات البنكية(سندات التنمية)
الفصل الثاني:المكاسب المالية في المؤسسات الإستثمارية
تمهيد:مفهوم الشركات الإستثمارية وطبيعة عملها
المبحث الأول:شركة المساهمة
المبحث الثاني:شركة التضامن
المبحث الثالث:الشركة المدنية
المبحث الرابع:شركة التوصية البسيطة
المبحث الخامس:شركة المحاصة
المبحث السادس:التجارة في الأوراق المالية
المطلب الأول:التجارة في الأسهم

المطلب الثاني:التجارة في البورصة

الباب الرابع

التعويضات التأمينية
تمهيد:مفهوم التأمين وطبيعة عمله
الفصل الأول:تعويضات التأمينات التجارية
المبحث الأول:التعويضات عن الحياة الشخصية(التأمين على الحياة)
المبحث الثاني:التعويضات عن الأعيان المادية(التأمين على الأموال والممتلكات)
المبحث الثالث:التعويضات عن أخطار المسؤولية(التأمين ضد المسؤولية)
الفصل الثاني:التعويضات في التأمينات الإجتماعية
المبحث الأول:التعويضات عن التأمينات الصحية
المبحث الثاني:التعويضات عن التأمينات التقاعدية
الـخـاتــمـة

 

طارق موسى محمد

:: متفاعل ::
إنضم
5 أغسطس 2009
المشاركات
411
الإقامة
الاردن
الجنس
ذكر
التخصص
محاسبة
الدولة
الاردن
المدينة
الزرقاء
المذهب الفقهي
الحنفي
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
 
أعلى