عبد الله بن محمد
:: مخالف لميثاق التسجيل ::
- إنضم
- 7 مايو 2009
- المشاركات
- 30
- التخصص
- حديث
- المدينة
- القاهرة
- المذهب الفقهي
- محمدي المذهب
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب " إثارة العزم في الرد على ابن حزم " عثرتُ على اسمه اتفاقا أثناء تجريدي لفوائد " الغيث المسجم في شرح لامية العجم " للصلاح الصفدي ..وقد
فتَّشْتُ في بطون الدفاتر عن صاحب هذا الكتاب : فلم أظفر عنه بشيئ حتى الآن ! ولعلني لم أُمْعن البحث كما ينبغي !
لكن : نقل الصفدي عنه طرفا من نقْضه على ابن حزم والظاهرية في مسألة : ( غسل الإناء من ولوغ الكلب ، وما يتفرع عنها من مسائل ... ) .
فانكشف لي بادئ الرأي : أن الرجل لا يعدو أن يكون واحدا من مقلدة المتمذهبين الذين ضاعت مواهبهم في الانتصار لأقوال مُقَلَّديهم دون الله ورسوله !!
وقد استنبطتُ من حروف كلامه : أنه كان يرتسم خُطى أسلافه في امتطاط جواد تعصبهم ، وإشهار سيوف نَزَقهم ؛ للانتقام من الظاهرية عموما ، وأبي محمد ابن حزم خصوصا ! بعد تلك الفضيحة التي فضح بها أبو محمد الفارسي : كلَّ مقلد ومتعصب على ظهر البسيطة مما كان موجودا ، ومما لم يخْلُقْه الله بعدُ !
ولا بأس : إن ذكرنا هذا المثال ، من ذلك الكتاب الغائب الحال ! حتى يقف كل منصف على أساليب القوم في إشفاء غيظهم الذي لن يُشفى حتى يُشفى ذلك المحموم الذي أشرف على الهلاك ! وجاءه الموت من كل جانب ! فنقول :
أخبرنا الشيخ الصالح أبو أنس أسامة بن السيد بن عبيد الأثري الحنفي المصري – إجازة بالمشافهة – عن شيخه عبد العزيز بن الصديق الغماري عن محمد عبد الحي الكتاني عن شيخه عبد الله بن درويش السكري الحنفي عن شيخه عبد الرحمن بن محمد الكزبري عن شيخه عمر بن عقيل المكي عن شيخه محمد مرتضى الزبيدي عن شيخه حسن بن عليّ العجيمي عن شيخه البرهان إبراهيم الميموني عن شيخه الشمس الرملي عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري عن شيخه عز الدين ابن الفرات المصري عن العلامة الأديب صلاح الدين الصفدي أنه قال في كتابه " الغيث المسجم في شرح لامية العجم " [ 1 / 38 / طبعة المطبعة الأزهرية القديمة ] .
: ( إذا عجز الفقيه عن تعليل الحكم في المسألة قال : ( هذا تعبُّد ) كما يُعلِّل المالكي غسل الإناء سبعا من ولوغ الكلب ؛ لأنه قائل بطهارته ، فإذا أُورِدَ عليه الحديث وهو : ( طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبعا ) قال : هذا شيئ تعبَّدنا الله به ...
والحديث : رواه مالك في الموطأ عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : (إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات ) وفي حديث مسلم : (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن ) وفي حديث آخر : ( وعفروه الثامنة في التراب ) ..................... )
ثم قال الصفدي : ( وقال ابن حزم : وروى ابن القاسم عن مالك أنه : "إن كان في الإناء ماء أُرِيق وغسل سبع مرات ، وإن كان فيه لبن أو زيت : أُكلْ ذلك ! ثم لا يُغسل الإناء سبعا ، لا أقل ولا أكثر ! " وروى ابن وهب عن مالك أنه قال : " يُشرب الماء ، ويُأكل اللبن ، والزيت ، ثم يُغسل الإناء سبع مرات ! "
قال [ يعني ابن حزم ] : وكلتا هاتين الروايتين [ يعني عن مالك ] : مخالفة لما أمر به رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ...................... )
ثم قال الصفدي : ( قال صاحب : " إثارة العزم في الرد على ابن حزم " : إن ابن حزم وأهل الظاهر في معزل عن فقه هذه المسألة وشبهها !! ولا شك أن هذه الأحاديث جاءت هكذا !؟ وقال الله – تعالى – في الكلاب : { فكلوا مما أمسكن عليكم } ..
فهذه الأحاديث : معارضة لعموم القرآن !! وعموم القرآن مقدم عند كثير من العلماء !
وقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : لعدي بن حاتم : " إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله فكل مما أمسكن عليك ، قلتُ : وإن قتلن ؟ قال : وإن قتلن ... "
ولم يأمره بغسل الصيد ! ولو كان ريق الكلاب نجسا ؛ لأمره بغسله ، ولم يُؤخِّر البيان عن وقت الحاجة ........ ) انتهى ..
قلتُ : هكذا يقول صاحب : " إثارة العزم ! " وقد أثار بنقده ما كان يردده أسلافه من غلاة المالكية وغيرهم إزاء كلام أبي محمد الفارسي في هذا الصدد !
ومَنْ أخبر القوم : أن الظاهرية – لاسيما أبي محمد الفارسي منهم – كانوا يرون العلة في غسل الإناء سبعا من ولوغ الكلب : هي النجاسة عندهم ! حتى يصح لكل مغامر أن يشغب عليهم بمثل ما فهموه من حديث عدي بن حاتم الماضي قريبا ! ؟
كيف : وتعليل النصوص عند أئمة الظاهرية مردود البتة ! اللهم إلا إذا جاء النص ومعه علته منصوصا عليها وحسب .
فإذا كان : مناط غسل الإناء سبعا من ولوغ الكلب عند الظاهرية : هو مطلق الامتثال لنصوص الشريعة الصحيحة الصريحة في هذا الباب : ارتدَّ كل تشنيع طائش من كنانة كل متهور إليه ليصيب مقاتله !
وهل من يُريد تعكير صفو مذهب الظاهرية في تلكم المسألة مع جهله بمسالك القوم في الاحتجاج : يكون مُنْتهجاً نهج الاستقامة فيما هو بسبيله من الأخذ والرد في ميدان النقد ! أم يكون قابعا في سراديب قلة علمه ! مسترسلا في ركضه خلف سمادير أغلاطه وسوء فهمه ! ؟
ولو تأمَّل متأمل : لعلم أن التشنيع على الظاهرية هنا : هو والتشنيع عليهم في قضية البول في الماء الراكد : كلاهما يخرجان من مشكاة واحدة ! أعني مشكاة : قلة التبصر في مغزى استدلالات أئمة القوم – وعلى رأسهم أبي محمد الفارسي – بنصوص الوحْييْن !
وإذا كان صاحب " إثارة العزم " لا يرضى إلا بإلزام أئمة الظاهرية ما لا يلزمهم ! يعني في دعوى أن العلة عندهم في غسل الإناء سبعا : هي نجاسة لعاب الكلب ! فلا بأس إن جاريناه في تلك الدعوى العريضة جدا !
ولا بأس إنْ سلَّمنا له – ولأسلافه – بصحة تلك المقدمة المتصدِّعة ! إذ ليس في موافقته – وغيره – على هذا الفهم العقيم : ما يبيح لهم الرشْق في هذا المعترك بنبال الملام ، إزاء نحور أئمة القوم الأعلام ! فضلا عن أن يكونوا على الحق في تلكم القضية البتة ..
ولهؤلاء يُقال : أنتم قد درجتم على ضرب النصوص بعضها ببعض ! فمتى كان في صريح السنة ما ينابذ مذاهبكم ! إذا بكم تُزْبدون وتُرغون ! ثم ترفعون عقيرتكم قائلين أو هاذِين : ( هذا معارض لعموم القرآن ! ) كما فاه بذلك صاحب " إثارة العزم " فيما مضى عنه سابقا !!
وقد تسلّط بتلك الداهية [ أعني : صَكَّ النصوص في وجه بعض !] : طوائف من غلاة المقلدة وأهل الرأي في إبطال دلالات كثير من صرائح نصوص السنة النبوية ! حتى تصفو لهم مذاهبهم من الكدر ! وتتجمَّل أقوالهم الساقطة عند أهل الأثر ! فشانوا محاسن الشريعة بتلك الضروب من تعطيل ما أنزل الله ! بل وطَرَقُوا لخصومهم من أقحَّاح أهل البدع والأهواء ، ما يتذرعون به في التنكب عن نصوص السنة النبوية إلا ما راق لهم وحسب ! مع التشنيع الفاحش على الحفاظ والنقَلة ورواة الأخبار ! في كونهم يروون المتناقضات ! ويتناقلون المتعارضات ! كما فعل أبو القاسم الكعبي المعتزلي في كتابه : ( قبول الأخبار والطعن على المحدثين ! ) ومثله الصاحب ابن عباد وجماعة من صناديد أئمة الضلال !
فَشَاَنَ هؤلاء وهؤلاء : الشريعةَ شَيْناً لا تغسله محيطاتُ العالم !! حتى سقطوا من حيث قاموا ! وهامو في بحور أوهامهم حتى عاموا !! وقد شرحنا فضائح الفريقين في مكان آخر ..
وعودٌ على بدءٍ فنقول : ليس في حديث عدي بن حاتم الذي ذكره صاحب " إثارة العزم " ما يلزم أن يكون لعاب الكلب غير نجس !
فحاصل ما فيه : أنه مخصص لعموم تلك الأدلة القاضية بنجاسة ريق الكلاب وحسب ! فكأن حديث عدي بن حاتم قد جاء رخصة ، لمشقة التحرز من معالجة ما أمسكه الكلاب من الصيد الحلال ، وبهذا أجاب غير واحد من حُذاق الأئمة المجتهدين ..
وهذا الجواب : لمن يرى نجاسة ريق الكلب ! أما من يَنْحي مذهب أبي محمد الفارسي والظاهرية : في أن الأمر بغسل الإناء سبعا من ولغ الكلب : هو أمر تعبُديٌّ محض ، فلا يلزمه ما أورده عليه صاحب : " إثارة العزم " أصلا ! كما مضى بيان ذلك سابقا ..
والحاصل : أن كل من يناهض الظاهرية في تلكم المسألة بمثل ما ناهضهم به صاحب " إثارة العزم " لا يكون إلا مقرا بقلة اطلاعه ، مع سعة دائرة تنطَّعه ، إزاء برهان خصومه فيما هو بصدد مناطحتهم فيه !!
ويُرْثَىَ لمن يُطْلق لسانه بكل عدوان : في جبال الأئمة ، وشوامخ الأمة ، في مثل تلك المسائل التي تدور في فلكها رَحَىَ الاجتهاد ، والأخذ والرد بين فقهاء العباد ...
وهناك صنوف من الدهماء : تراهم لا يُرْعون عن سفههم وطيشهم ! إلا بعد أن تُعْرك آذانهم ! وتُشدَّ أطرافهم ! و يَعْمَلُ في أجسادهم : مِبْضَعُ التقريع والتوبيخ !
ولنا عودة بعد عودة ، كما للحق صولة بعد جولة ..
والحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .....
وكتبه : أبو المظفر سعيد بن محمد السِنَّاري القاهري .. ذلك الأثيم العاثر . سامحه الله ...
فتَّشْتُ في بطون الدفاتر عن صاحب هذا الكتاب : فلم أظفر عنه بشيئ حتى الآن ! ولعلني لم أُمْعن البحث كما ينبغي !
لكن : نقل الصفدي عنه طرفا من نقْضه على ابن حزم والظاهرية في مسألة : ( غسل الإناء من ولوغ الكلب ، وما يتفرع عنها من مسائل ... ) .
فانكشف لي بادئ الرأي : أن الرجل لا يعدو أن يكون واحدا من مقلدة المتمذهبين الذين ضاعت مواهبهم في الانتصار لأقوال مُقَلَّديهم دون الله ورسوله !!
وقد استنبطتُ من حروف كلامه : أنه كان يرتسم خُطى أسلافه في امتطاط جواد تعصبهم ، وإشهار سيوف نَزَقهم ؛ للانتقام من الظاهرية عموما ، وأبي محمد ابن حزم خصوصا ! بعد تلك الفضيحة التي فضح بها أبو محمد الفارسي : كلَّ مقلد ومتعصب على ظهر البسيطة مما كان موجودا ، ومما لم يخْلُقْه الله بعدُ !
ولا بأس : إن ذكرنا هذا المثال ، من ذلك الكتاب الغائب الحال ! حتى يقف كل منصف على أساليب القوم في إشفاء غيظهم الذي لن يُشفى حتى يُشفى ذلك المحموم الذي أشرف على الهلاك ! وجاءه الموت من كل جانب ! فنقول :
أخبرنا الشيخ الصالح أبو أنس أسامة بن السيد بن عبيد الأثري الحنفي المصري – إجازة بالمشافهة – عن شيخه عبد العزيز بن الصديق الغماري عن محمد عبد الحي الكتاني عن شيخه عبد الله بن درويش السكري الحنفي عن شيخه عبد الرحمن بن محمد الكزبري عن شيخه عمر بن عقيل المكي عن شيخه محمد مرتضى الزبيدي عن شيخه حسن بن عليّ العجيمي عن شيخه البرهان إبراهيم الميموني عن شيخه الشمس الرملي عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري عن شيخه عز الدين ابن الفرات المصري عن العلامة الأديب صلاح الدين الصفدي أنه قال في كتابه " الغيث المسجم في شرح لامية العجم " [ 1 / 38 / طبعة المطبعة الأزهرية القديمة ] .
: ( إذا عجز الفقيه عن تعليل الحكم في المسألة قال : ( هذا تعبُّد ) كما يُعلِّل المالكي غسل الإناء سبعا من ولوغ الكلب ؛ لأنه قائل بطهارته ، فإذا أُورِدَ عليه الحديث وهو : ( طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبعا ) قال : هذا شيئ تعبَّدنا الله به ...
والحديث : رواه مالك في الموطأ عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : (إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات ) وفي حديث مسلم : (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن ) وفي حديث آخر : ( وعفروه الثامنة في التراب ) ..................... )
ثم قال الصفدي : ( وقال ابن حزم : وروى ابن القاسم عن مالك أنه : "إن كان في الإناء ماء أُرِيق وغسل سبع مرات ، وإن كان فيه لبن أو زيت : أُكلْ ذلك ! ثم لا يُغسل الإناء سبعا ، لا أقل ولا أكثر ! " وروى ابن وهب عن مالك أنه قال : " يُشرب الماء ، ويُأكل اللبن ، والزيت ، ثم يُغسل الإناء سبع مرات ! "
قال [ يعني ابن حزم ] : وكلتا هاتين الروايتين [ يعني عن مالك ] : مخالفة لما أمر به رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ...................... )
ثم قال الصفدي : ( قال صاحب : " إثارة العزم في الرد على ابن حزم " : إن ابن حزم وأهل الظاهر في معزل عن فقه هذه المسألة وشبهها !! ولا شك أن هذه الأحاديث جاءت هكذا !؟ وقال الله – تعالى – في الكلاب : { فكلوا مما أمسكن عليكم } ..
فهذه الأحاديث : معارضة لعموم القرآن !! وعموم القرآن مقدم عند كثير من العلماء !
وقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : لعدي بن حاتم : " إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله فكل مما أمسكن عليك ، قلتُ : وإن قتلن ؟ قال : وإن قتلن ... "
ولم يأمره بغسل الصيد ! ولو كان ريق الكلاب نجسا ؛ لأمره بغسله ، ولم يُؤخِّر البيان عن وقت الحاجة ........ ) انتهى ..
قلتُ : هكذا يقول صاحب : " إثارة العزم ! " وقد أثار بنقده ما كان يردده أسلافه من غلاة المالكية وغيرهم إزاء كلام أبي محمد الفارسي في هذا الصدد !
ومَنْ أخبر القوم : أن الظاهرية – لاسيما أبي محمد الفارسي منهم – كانوا يرون العلة في غسل الإناء سبعا من ولوغ الكلب : هي النجاسة عندهم ! حتى يصح لكل مغامر أن يشغب عليهم بمثل ما فهموه من حديث عدي بن حاتم الماضي قريبا ! ؟
كيف : وتعليل النصوص عند أئمة الظاهرية مردود البتة ! اللهم إلا إذا جاء النص ومعه علته منصوصا عليها وحسب .
فإذا كان : مناط غسل الإناء سبعا من ولوغ الكلب عند الظاهرية : هو مطلق الامتثال لنصوص الشريعة الصحيحة الصريحة في هذا الباب : ارتدَّ كل تشنيع طائش من كنانة كل متهور إليه ليصيب مقاتله !
وهل من يُريد تعكير صفو مذهب الظاهرية في تلكم المسألة مع جهله بمسالك القوم في الاحتجاج : يكون مُنْتهجاً نهج الاستقامة فيما هو بسبيله من الأخذ والرد في ميدان النقد ! أم يكون قابعا في سراديب قلة علمه ! مسترسلا في ركضه خلف سمادير أغلاطه وسوء فهمه ! ؟
ولو تأمَّل متأمل : لعلم أن التشنيع على الظاهرية هنا : هو والتشنيع عليهم في قضية البول في الماء الراكد : كلاهما يخرجان من مشكاة واحدة ! أعني مشكاة : قلة التبصر في مغزى استدلالات أئمة القوم – وعلى رأسهم أبي محمد الفارسي – بنصوص الوحْييْن !
وإذا كان صاحب " إثارة العزم " لا يرضى إلا بإلزام أئمة الظاهرية ما لا يلزمهم ! يعني في دعوى أن العلة عندهم في غسل الإناء سبعا : هي نجاسة لعاب الكلب ! فلا بأس إن جاريناه في تلك الدعوى العريضة جدا !
ولا بأس إنْ سلَّمنا له – ولأسلافه – بصحة تلك المقدمة المتصدِّعة ! إذ ليس في موافقته – وغيره – على هذا الفهم العقيم : ما يبيح لهم الرشْق في هذا المعترك بنبال الملام ، إزاء نحور أئمة القوم الأعلام ! فضلا عن أن يكونوا على الحق في تلكم القضية البتة ..
ولهؤلاء يُقال : أنتم قد درجتم على ضرب النصوص بعضها ببعض ! فمتى كان في صريح السنة ما ينابذ مذاهبكم ! إذا بكم تُزْبدون وتُرغون ! ثم ترفعون عقيرتكم قائلين أو هاذِين : ( هذا معارض لعموم القرآن ! ) كما فاه بذلك صاحب " إثارة العزم " فيما مضى عنه سابقا !!
وقد تسلّط بتلك الداهية [ أعني : صَكَّ النصوص في وجه بعض !] : طوائف من غلاة المقلدة وأهل الرأي في إبطال دلالات كثير من صرائح نصوص السنة النبوية ! حتى تصفو لهم مذاهبهم من الكدر ! وتتجمَّل أقوالهم الساقطة عند أهل الأثر ! فشانوا محاسن الشريعة بتلك الضروب من تعطيل ما أنزل الله ! بل وطَرَقُوا لخصومهم من أقحَّاح أهل البدع والأهواء ، ما يتذرعون به في التنكب عن نصوص السنة النبوية إلا ما راق لهم وحسب ! مع التشنيع الفاحش على الحفاظ والنقَلة ورواة الأخبار ! في كونهم يروون المتناقضات ! ويتناقلون المتعارضات ! كما فعل أبو القاسم الكعبي المعتزلي في كتابه : ( قبول الأخبار والطعن على المحدثين ! ) ومثله الصاحب ابن عباد وجماعة من صناديد أئمة الضلال !
فَشَاَنَ هؤلاء وهؤلاء : الشريعةَ شَيْناً لا تغسله محيطاتُ العالم !! حتى سقطوا من حيث قاموا ! وهامو في بحور أوهامهم حتى عاموا !! وقد شرحنا فضائح الفريقين في مكان آخر ..
وعودٌ على بدءٍ فنقول : ليس في حديث عدي بن حاتم الذي ذكره صاحب " إثارة العزم " ما يلزم أن يكون لعاب الكلب غير نجس !
فحاصل ما فيه : أنه مخصص لعموم تلك الأدلة القاضية بنجاسة ريق الكلاب وحسب ! فكأن حديث عدي بن حاتم قد جاء رخصة ، لمشقة التحرز من معالجة ما أمسكه الكلاب من الصيد الحلال ، وبهذا أجاب غير واحد من حُذاق الأئمة المجتهدين ..
وهذا الجواب : لمن يرى نجاسة ريق الكلب ! أما من يَنْحي مذهب أبي محمد الفارسي والظاهرية : في أن الأمر بغسل الإناء سبعا من ولغ الكلب : هو أمر تعبُديٌّ محض ، فلا يلزمه ما أورده عليه صاحب : " إثارة العزم " أصلا ! كما مضى بيان ذلك سابقا ..
والحاصل : أن كل من يناهض الظاهرية في تلكم المسألة بمثل ما ناهضهم به صاحب " إثارة العزم " لا يكون إلا مقرا بقلة اطلاعه ، مع سعة دائرة تنطَّعه ، إزاء برهان خصومه فيما هو بصدد مناطحتهم فيه !!
ويُرْثَىَ لمن يُطْلق لسانه بكل عدوان : في جبال الأئمة ، وشوامخ الأمة ، في مثل تلك المسائل التي تدور في فلكها رَحَىَ الاجتهاد ، والأخذ والرد بين فقهاء العباد ...
وهناك صنوف من الدهماء : تراهم لا يُرْعون عن سفههم وطيشهم ! إلا بعد أن تُعْرك آذانهم ! وتُشدَّ أطرافهم ! و يَعْمَلُ في أجسادهم : مِبْضَعُ التقريع والتوبيخ !
ولنا عودة بعد عودة ، كما للحق صولة بعد جولة ..
والحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .....
وكتبه : أبو المظفر سعيد بن محمد السِنَّاري القاهري .. ذلك الأثيم العاثر . سامحه الله ...