العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

أصول الفقه في سطور الجزء الثاني طرق استنباط الأحكام مع تطبيقات فقهية وعقدية

إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
أخوتاه سنبدأ بإذن الله دراسة طرق استنباط الأحكام مع تطبيقات فقهية وعقدية حتى يستعملها طالب العلم في حياته الفقهية والعقدية ونبدأ بالدرس الثامن
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
أصول الفقه في سطور الدرس الثامن

أصول الفقه في سطور الدرس الثامن

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعه بإحسان إلى يوم الدين وبعد : فهذه دروس مبسطة لعلم أصول الفقه لمن يرغب في تعلمه حتى يكون الطالب على دراية لا بأس بها بهذا العلم العظيم فيستعمله في حياته الفقهية فأسأل الله التوفيق والسداد .


أخوتاه سندرس الليلة إن شاء الله مقدمة لطرق استنباط الأحكام فهيا نحيا في رحاب هذا الدرس نستقي منه علما ينفعنا في الدنيا والآخرة .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
طرق استنباط الأحكام

طرق استنباط الأحكام

أخوتاه قد جاء باب طرق الاستنباط ،وهذا الباب يسمي أيضا تفسير النصوص ،ويسمى أيضا دلالات الألفاظ ،وإن فهمت هذا الباب ستسطيع بسهولة إن شاء الله تفهم الأحكام الشرعية من النصوص الشرعية فهما صحيحا تفهم مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم تستطيع تفسير كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم تستطيع إخراج الفوائد والدرر من الكتاب والسنة تستطيع أن تعرف بعض أسباب اختلاف أقوال العلماء فمن أسباب اختلاف العلماء اختلاف فهمهم لنصوص الكتاب والسنة فقد يفهم العالم من نصوص الكتاب والسنة خلاف المراد باختلاف فهم دلالات الألفاظ وكيفية دلالتاها على المعنى وهل واضحة في دلالتها على معناها أم لا ؟ و نصوص الكتاب والسنة باللغة العربية ،وفهم الأحكام من نصوص الكتاب والسنة يحتاج مراعاة الأساليب في اللغة العربية وطرق الدلالة فيها ، ولذلك الأصوليين أخذوا قواعد وضوابط فهم الكلام العربي ليتوصلوا به إلى فهم الأحكام من النصوص الشرعية ،وسموا هذا الباب طرق استنباط الأحكام وهذه القواعد المستمدة من اللغة العربية سموها القواعد الأصولية اللغوية أو دلالات الألفاظ .


و عندنا قواعد شرعية لفهم النصوص وقواعد لغوية ،والقواعد اللغوية تختص بعلاقة اللفظ ( الكلمات ) بالمعنى ، وهي ثلاثة فصول : فصل يتكلم عن وضع اللفظ للمعني فلو وضع لمعنى واحد لجميع أفراد المعنى كان عاما ،وإذا وضع لمعنى واحد لبعض الأفراد أو فرد من الأفراد كان خاصا ،وإذا وضع لأكثر من معنى كان مشتركا هذا فصل والفصل الآخر دلالة اللفظ على المعنى يعني هل اللفظ واضح دلالته على معناه أم غير واضح ؟ ،والفصل الآخير كيفية دلالة اللفظ على المعنى يعني كيف فهمت المعنى من العبارة نفسها الجملة نفسها و يسمى دلالة العبارة ،ولا من لازم الكلام يعني هذا الكلام يستلزم شيء آخر ، ويسمى دلالة الإشارة أم فهمت الكلام بتقدير محذوف كلمة تقدرها غير موجودة وتسمى دلالة الاقتضاء ،أم فهمت الكلام لأن حكم الذي سكت عنه أولى من المنطوق به أو يساويه ويسمى دلالة النص أو فحوى الخطاب أو مفهوم الموافقة ،وضده مفهوم المخالفة أي تعليق الحكم على قيد إذا انتفى القيد انتفى الحكم فهمتوا .


الجزء الثاني القواعد الشرعية ثلاثة فصول أيضا هي مقاصد التشريع ( الهدف من أحكام الشريعة ) و الناسخ والمنسوخ والتعارض والترجيح ،والقواعد الشرعية لا تقل في الأهمية عن القواعد اللغوية فلكي تفسر النصوص الشريعية تفسيرا صحيحا لابد من معرفة مقاصد الشرع العامة من تشريع الأحكام ،ويجب عليه أن يعرف القواعد التي يستفيد منها في دفع التعارض بين النصوص أو بين الأحكام ؛ لذلك يحتاج أيضا لمعرفة الناسخ والمنسوخ ،وقواعد الترجيح بين الأدلة اصبر وستفهم إن شاء الله رويدا ورويدا
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
تطبيق قواعد استنباط الأحكام على النصوص الشرعية والقوانين

تطبيق قواعد استنباط الأحكام على النصوص الشرعية والقوانين

واعلموا اخوتاه أن هذه القواعد تطبق على نصوص الشرع ، وعلى القوانين و المراسيم والقرارات ، يعني هذه القواعد ضرورية لتفسير أي نص شرعي أو قانوني مكتوب باللغة العربية ، لأنها بمثابة ضوابط وقواعد لفهم العبارة المكتوبة باللغة العربية ،و لذلك يحتاجها المختص في الشريعة والمختص في القانون ،ولذلك قررت جميع كليات القانون والحقوق تدريس علم أصول الفقه للاستفادة منه ،والاستعانة به عمليا في فهم النصوص وتطبيقها .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
القواعد اللغوية : وضع اللفظ للمعنى

القواعد اللغوية : وضع اللفظ للمعنى

ناتي للقواعد اللغوية قلنا أنها تتعلق بألفاظ النصوص من جهة إفادتها للمعاني تقول لي ماذا تعني ألفاظ النصوص ؟ الجواب ألفاظ النصوص هي الكلمات التي استعملها الشرع من أجل إفهامنا المعنى المراد .


واللفظ عند الأصوليين له أربعة أقسام لأربعة اعتبارات :


القسم الأول : باعتبار وضع اللفظ للمعنى ،وينقسم إلى ثلاثة فروع : العام و الخاص والمشترك واللفظ العام هو اللفظ الموضوع لمعنى واحد ،ويدل على جميع أفراده بلا حصر كقولك المؤمنين معناها كل مؤمن أو كل المؤمنين أي لم تحصر عدد المؤمنين بعدد معين . مثال آخر : الذين جاهدوا تدل على جميع الذين جاهدوا يعني كل الذين جاهدوا . مثال آخر : حرم الله الميتة يعني كل الميتة أو كل ميتة .

واللفظ الخاص هو اللفظ الموضوع لمعنى واحد ، ويدل على فرد أو بعض أفراد معناه بحصر مثلا قولك الولد تقصد ولد بعينه بالذات ،وكقولك محمد تقصد شخص بعينه أو المرأة تقصد هذا الجنس بعينه أو بالذات ،وقولك مليون مدرسة قد حصرت عدد المدارس بعدد معين .

واللفظ المشترك هو اللفظ الذي وضع لأكثر من معنى مثلا قولك العين قد يراد حاسة الإبصار على أو البئر أو حرف العينأو الجاسوس ؛ لأن العرب كانوا يقولون أهم ما في الجاسوس عينيهفالجاسوس الذي بلا عين لا ينفع فهذا من باب ذكر الشيء بأهم شيء فيه كذكر الرقبة ، و إرادةكل الشخص أرأيتم كل هذه المعاني وضعت للفظ العين ، مثال آخر : لفظ القرء قد يراد بها طهر المرأة ، و قد يراد بها الحيض .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
استعمال اللفظ للمعنى

استعمال اللفظ للمعنى

القسم الثاني : باعتبار استعمال اللفظ في المعنى الموضوع له ،فلو استعمل اللفظ فيما وضع له يكون حقيقة ،ولو استعمل في غير ما وضع له يكون مجازا .

مثال ذلك : الدابة ، فإن حقيقتها العرفية ذات الأربع من الحيوان ، فتحمل عليه في كلام أهل العرفو كلمة السيارة في اللغة تطلق على الجماعة أو القافلة أما في العرف فتطلق على وسيلة المواصلة المعروفة .

و قولك رأيت القمر يتكلم فيستحيل أن يكون هذا الكلام على الحقيقة ؛ لأن الكلام من صفات البشر و القمر ليس بشراً إذاً هذا مجاز شبه الإنسان بالقمر لوجود علاقة بينه وبين القمر وهي الجمال.

وقولك على شخص أنه شجاع فهذا حقيقة أما قولك على شخص أنه أسد فهذا مجاز لاستحالة أن يكون الشخص أسداً فالأسد حيوان أما هذا الشخص فإنسان أي أنك شبهت هذا الشخص بالأسد لوجود علاقة بينه وبين الأسد ، وهي الشجاعة .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
القواعد اللغوية : دلالة اللفظ على المعنى

القواعد اللغوية : دلالة اللفظ على المعنى

القسم الثالث : باعتبار دلالة اللفظ على المعنى إذا دل على معناه بوضوح يكون واضح المعني ،وإذا دل على معناه بخفاء يكون غير واضح المعنى

مثـلا كلمة ﴿ وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾[1]تدل بوضوح على حلية البيع ،و حرمة الربا

وقوله تعالى : ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا ﴾[2] لفظ السارق عام يشمل كل سارق سواء سرق بحرز أو من غير حرز ،وسواء سرق القدر الذي تقطع به اليد أو لا و في انطباق حد السرقة على كل سارق خفاء فهي تدل على المعنى بغير ضوح .

[1]- البقرة من الآية 275
[2]- المائدة من الآية 38
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
القواعد اللغوية : كيفية دلالة اللفظ على المعنى

القواعد اللغوية : كيفية دلالة اللفظ على المعنى

القسم الرابع : باعتبار كيفية دلالة اللفظ على المعنى يعني كيفية فهم المعنى من اللفظ ،وهو أربعة : دلالة العبارة ودلالة الإشارة ودلالة الاقتضاء ودلالة الدلالة أو مفهوم الموافقة وضده مفهوم المخالفة فالمعنى لو عرف من النص نفسه يكون ذلك عن طريق دلالة العبارة

كقوله تعالى : ﴿ وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ ﴾ العبارة نفسها الجملة نفسها تدل على حلية البيع

والمعنى إذا عرف عن طريق لازم الكلام ،و ليس سياق الكلام كان دلالة إشارة مثل قوله تعالى : ﴿ َوعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾[1] الكلام نفسه دل على وجوب نفقة الوالدات المرضعات و كسوتهن على الوالد ،وعلى أن نسب الولد إلى الأب دون الأم فقوله ﴿ َوعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ ﴾ يفيد الإيجاب على الأب ، وقوله : ﴿ لَهُ ﴾ يفيد أن نسب الولد للأب بسبب حرف اللام الذي دل على الاختصاص والتملك وقوله ﴿ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ ﴾ يفيد الإنفاق والكسوة ،كل ما عرفناه كان بدلالة العبارة يعني الكلام نفسه ،وممكن نعرف من قوله : ﴿ لَهُ ﴾ أن الأب هو المطالب بوجوب الانفاق على ولده فقط فكما لا يشاركه أحد في نسبة الولد إليه لا يشاركه أحد في النفقة عليه فعدم وجوب مشاركة غير الأب في النفقة ليس من سياق الكلام وليس من الكلام نفسه ، وهذا ليس في سياق الكلام ، ولا في الكلام نفسه لكن هذا لازم الكلام أي هذا الكلام يستلزم كلام آخر

مثلا رميت الملابس في النار تعرف أن الملابس احترقت لأن رميها في النار يستلزم احتراقها أنت لم تقل أنها احترقت لكن هذا لازم كلامك ،وقولك وضع الورق في الماء يستلزم تبلله أنت لم تقل تبلل لكن هذا لازم الكلام .

مثال آخر قوله صلى الله عليه وسلم : «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف… »[2]يفيد حرمة الموسيقى فقوله صلى الله عليه وسلم : ( يستحلون الحر وهو الزنا والخمر والمعازف ) أي يجعلونها حلالاً أو يعتقدون حلها ،وهذا يستلزم أنها محرمة في الأصل ، وقوله صلى الله عليه وسلم: « صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة : مزمار عند نعمة ، ورنة عند مصيبة »[3] و لعنه صلى الله عليه وسلم الصوت الصادر من المزمار والصوت الصادر عند المصيبة يستلزم النهي عن سماعهما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصوت الذى يصدر من المزمار ،والصوت الذى يصدر من المزمار هو صوت المزمار أي الموسيقى الصادرة من المزمار فدل هذا على تحريم الموسيقى ،

والمعنى إذا عرف عن طريق تقدير محذوف بحيث يتوقف فهم الكلام عليه كان دلالة اقتضاء مثل تحريم الميتة الإنسان ليس له علاقة بالميتة ولكن له علاقة بفعل خاص بالميتة ،وهو أكلها فيكون المعنى تحريم أكل الميتة ،تحريم الخمر الإنسان ليس له علاقة بالخمر ، و لكن له علاقة بفعل خاص بالخمر ،وهو شربها فيكون المعنى تحريم شرب الخمر ،

والمعني إذا عرف ؛ لأن المسكوت عنه أولى من المنطوق به ( قياس الأولى ) أو يساويه في الحكم ( قياس التساوي ) كان مفهوم موافقة مثل قوله تعالى : ﴿ إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ ﴾[4] فإذا كان الشرك الأكبر لا يغفره الله فكذلك الكفر الأكبر ؛ لأنه يساويه في الحكم ،وإذا كانت زيارة القبور للتذكرة مستحبة فزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم من باب أولى ، وإذا حرم السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فتحريم زيارة قبر من سواه من باب أولى ،وأيضا التنبيه بالأدني تنبيه بالأعلى ؛لأن الأدنى إذا دخل في الحكم فمن باب أولى الأعلى ،وإذا أمر الكافر بفروع الشريعة من عبادات ومعاملات فمن باب أولى أصولها ،وهو الدخول في الإسلام .

وضد مفهوم الموافقة مفهوم المخالفة ،وهو تعليق الحكم على قيد إذا انتفى القيد انتفى الحكم مثل قوله صلى الله عليه وسلم : « إنما الأعمال بالنيات »[5] معناه ثواب العمل الصالح متوقف على النية الصالحة ،ويفهم منها أن العمل الصالح بلا نية صالحة لا يثاب المرء عليه ، قولنا لا إله إلا الله يفهم منها غير الله ليس بإله ،وقوله صلى الله علييه وسلم : « من حلف بغير الله فقد أشرك »[6] يفهم من الحديث أن من حلف بالله لا ينطبق عليه هذا الحكم ألا و هو الشرك .


[1]- البقرة من الآية 233
[2]- صحيح البخاري رقم5590 ، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبى داود رقم 4039
[3]- صحيح الترغيب والترهيب للألباني حديث رقم 3527
[4]- النساء من الآية 48
[5]- رواه البخاري في صحيحه
[6]- صححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود رقم 2787
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
القواعد الشرعية لاستنباط الأحكام

القواعد الشرعية لاستنباط الأحكام

القواعد الشرعية لاستنباط الأحكام : أخوتاه يوجد العديد من القواعد الشرعية التي ينبغي أن تراعى عند استنباط الأحكام من النصوص كما تجب مراعتها في استنباط الأحكام فيما لا نص فيه ليكون التشريع محققا ما قصد به ،ومحققا مصالح الناس ،والعدل بينهم ،وأهم هذه القواعد مقاصد الشريعة ،والناسخ والمنسوخ ،والتعارض والترجيح بين الأدلة .

ومقاصد الشريعة هي تحقيق مصالح العباد و دفع الضرر عنهم وأعظم مصلحة يهدف التشريع لها هو تحقيق الإيمان ،وأعظم مفسدة يهدف التشريع لدفعها الكفر .

و النسخ هو رفع حكم دليل شرعي أو لفظه بدليل من الكتاب والسنة متأخر عنه ويسمى الحكم الأول بالمنسوخ ،ويسمى هذا الرفع النسخ ،ويسمى الدليل المتأخر الناسخ مثلا تغيير القبلة السنة جاءت بأن القبلة جهة المسجد الأقصى ،ونسخ هذا الحكم بتغيير القبلة ،وأيضا قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن زيارة القبور ثم نسخ الحكم .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
تعريف التعارض

تعريف التعارض

و التعارض هو تقابل دليلان ، بحيث يمنع مدلول إحداهما مدلول الأخرى ، مثل أن يكون أحداهما مثبت لشيء والأخر نافي فيه ، ولا يمكن أن يقع التعارض بين دليلين لكن قد يقع التعارض في نظر المجتهد ،ولايوجد تعارض في الحقيقة

كقوله تعالى : ﴿ وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ﴾ مع قوله: ﴿ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ﴾ إلى قوله: ﴿ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ مع أن الكتابية مشركة، فالآن تعارض نصان ، ولكن يقولون: إن هذا عام، وهذاخاص، فيحمل العام على الخاص، فيكون العموم مخصص للنص الذي فيه الخصوص

وتذكر أخي طالب العلم بأن العلمَ بالمذاكرة .... والدرسِ والفكرةِ والمناظرةِ والعلم يحتاج لهمة عالية ونفوس واعية وقلوب مخلصة لرضا الله راجية وليس العلم ما نقل في الدفاتر ولكن العلم ما ثبت في الخواطر . إلى اللقاء في الدرس القادم إن شاء الله سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
أصول الفقه في سطور الدرس التاسع

أصول الفقه في سطور الدرس التاسع

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعه بإحسان إلى يوم الدين وبعد : فهذه دروس مبسطة لعلم أصول الفقه لمن يرغب في تعلمه حتى يكون الطالب على دراية لا بأس بها بهذا العلم العظيم فيستعمله في حياته الفقهية فأسأل الله التوفيق والسداد .

أخوتاه سندرس الليلة إن شاء الله تقسيم الكلام إلى الحقيقة والمجاز ،ودليل هذا التقسيم ،والرد على من نفى هذا التقسيم و بعض التطبيقات على هذا التقسيم في الحياة الفقهية والعقدية فهيا نحيا في رحاب هذا الدرس نستقي منه علما ينفعنا في الدنيا والآخرة .
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ما شاء الله تبارك الله
عيني عليك باردة
بارك الله في علمك وعملك
تغيب حتى نقول: لن ترجع
ثم تأتي بالغنائم فتغمسنها بها غمسا حتى نقول: حسبنا، حسبنا.
بقي أن أقول: كثير من أعضاء الملتقى ومن غير أعضاء الملتقى يثنون على موضوعاتك بيد أنهم يشتكون من صغر الخط، وقد طلبت من المشرف العام أن يكون الخط الافتراضي أكبر من الخط الحالي، فحتى ذاك الوقت ففضلا لا أمرا، كبر الخط من خلال التنسيق، فموضوعاتك ما شاء الله تبارك الله بغزارتها العلمية أصبحت علما على المنتدى.
وأعرف بعض طلبة العلم لا يقرأ الموضوع إلا أن يكون منسقا.
 
التعديل الأخير:
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
تعريف الكلام و الحقيقة والمجاز

تعريف الكلام و الحقيقة والمجاز

أخوتاه قسم العلماء الكلام من حيث استعماله إلى حقيقة ومجاز ،و الكلام هو اللفظ الموضوع لمعنى ،وهو إما اسم أو فعل أو حرف ،و كلمة لفظ خرج بها الكتابة والإشارة فلو كتبنا رسالة ،واليناها فهذا ليس بكلام ؛لأنه ليس لفظا ،وإذا اشرت لك أن تجلس فهذا ليس بكلام ؛لأنه ليس لفظا .

أخوتاه اللفظ في اللغة العربية قد يستعمل فيما وضع له في اللغة فلا يحتاج لدليل لكي يفهم معناه ، وهذا يسميه غالب علماء اللغة حقيقة

وقد يستعمل اللفظ في غير ما وضع له في اللغة لعلاقة بين اللفظ و المعنى المراد ( المنقول إليه ) ، فيحتاج هذا اللفظ لدليل يدل على معناه ،و هذا يسميه غالب علماء اللغة مجاز لذلك

فالحقيقة هي ما سبق إلى الفهم من معنى اللفظ دون الحاجة لدليل ( قرينة ) ، و المجاز هو ما لا يسبق إلى الفهم من معنى اللفظ إلا بوجود دليل

فقولك رأيت الرجل يتكلم حقيقة فمن الطبيعي أن يتكلم الإنسان ، و الرجل إنسان أما قولك رأيت القمر يتكلم فيستحيل أن يكون هذا الكلام على الحقيقة ؛ لأن الكلام من صفات البشر و القمر ليس بشراً إذاً هذا مجاز شبه الإنسان بالقمر لوجود علاقة بينه وبين القمر و هي الجمال ، وقولك على شخص أنه شجاع فهذا حقيقة أما قولك على شخص أنه أسد فهذا مجاز لاستحالة أن يكون الشخص أسداً فالأسد حيوان أما هذا الشخص فإنسان أي أنك شبهت هذا الشخص بالأسد لوجود علاقة بينه وبين الأسد ، وهي الشجاعة .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
أقسام الحقيقة و أهمية هذا التقسيم

أقسام الحقيقة و أهمية هذا التقسيم

بعد أن عرفنا ما هو اللفظ الحقيقي ، و قلنا هو اللفظ المستعمل فيما وضع له نريد أن نعرف أقسام الحقيقة فنقول تنقسم الحقيقة إلي ثلاثة أقسام : حقيقة لغوية وحقيقة شرعية وحقيقة عرفية

فالحقيقة اللغوية هي : اللفظ المستعمل فيما وضع له في اللغة . مثال ذلك الصلاة ، فإن حقيقتها اللغوية الدعاء ، فتحمل عليه في كلام أهل اللغة ، والحج في اللغة القصد فيحمل فى كلام أهل اللغة على ذلك ، و الصيام في اللغة الإمساك فيحمل في كلام أهل اللغة على ذلك .


و الحقيقة الشرعية هي : اللفظ المستعمل فيما وضع له في الشرع مثال ذلك : الصلاة ، فإن حقيقتها الشرعية أقوال وأفعال مخصوصة تفتتح بالتكبير وتختتم بالتسليم ، فتحمل في كلام أهل الشرع على ذلك ، والصيام في الشرع هو الإمساك عن الطعام والشراب وغشيان النساء بنية التعبد من طلوع الفجر إلى غروب الشمس فيحمل في كلام أهل الشرع على ذلك ، و الحج في الشرع هو قصد البيت الحرام لأداء أفعال مخصوصة من الطواف والسعي وغير ذلك فيحمل في عرف أهل الشرع على ذلك

أما الحقيقة العرفية فهي : اللفظ المستعمل فيما وضع له في العرف . مثال ذلك : الدابة ، فإن حقيقتها العرفية ذات الأربع من الحيوان، فتحمل عليه في كلام أهل العرف ، و كلمة السيارة في اللغة تطلق على الجماعة أو القافلة أما في الشرع فتطلق على وسيلة المواصلة المعروفة وقسمنا الحقيقة إلى هذه الثلاثة أقسام حتى نحمل كل لفظ على معناه الحقيقي في موضع استعماله ، فيحمل في استعمال أهل اللغة على الحقيقة اللغوية ، و في استعمال الشرع على الحقيقة الشرعية ، وفي استعمال أهل العرف على الحقيقة العرفية .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
اختلاف العلماء في المجاز و أدلة ثبوته

اختلاف العلماء في المجاز و أدلة ثبوته

أخوتاه قد اختلف العلماء في ثبوت المجاز فقال الجمهور بثبوته ، ونفاه البعض كأبي إسحاق الإسفريني[1] وابن تيمية[2] وابن القيم[3] من القدامى ، والشنقيطي[4] وابن عثيمين[5] من المعاصرين .

نأتي الآن لأدلة ثبوت المجاز فنقول أدلة ثبوت المجاز كثيرة ، و منها عمل العرب بمقتضى المجاز فالعرب كانوا يفهمون المعنى الموضوع للفظ في اللغة عند إطلاقه ، ويفهمون المعنى غير الموضوع للفظ في اللغة عند تقييده

فالعرب استعملت بعض الألفاظ في معنيين عند الإطلاق يفهم المعنى الموضوع لهذه الألفاظ في الأصل ، وعند التقييد يفهم المعنى المنقول إلى هذه الألفاظ فكلمة أسد عند الإطلاق يراد بها السبع ، وعند نسبتها لإنسان ( تقييد ) يراد بها الشجاعة ،

و العرب عند إطلاق كلمة الحمار عند الإطلاق يراد بها البهيمة ،وعند نسبتها لإنسان ( تقييد ) يراد بها الغباء والحماقة ،والعرب عند إطلاق كلمة القمر تريد هذا الجرم السماوي ، وعندما تنسبه إلى إنسان تريد الجمال والحسن والعرب عند إطلاق ال*** تريد هذا الحيوان المعروف ، وعندما تنسبه لإنسان تريد الوقاحة والحقارة ،والعرب عند إطلاق كلمة النخلة تريد هذه النخلة المعروفة ، وعندما تنسبها لإنسان تريد الطول ،ولو كان المعنيان قد وضعا في الأصل معاً للفظ لما سبق إلى الفهم أحد المعنيين دون الحاجة لدليل ( القرينة )

ومن أدلة وجود المجاز ذكر بعض علماء القرون الثلاثة الأول المجاز كأبي عبيدة معمر بن المثني 114 هـ - 210 هـ عالم لغة له كتاب مجاز القرآن[6] وله كتاب المجاز[7] ، ومن العلماء الذين ذكروا المجاز الخليل الفراهيدي 100هـ -174 هـ قال في كتابه الجمل في النحو : ( و كذلك يلزمون الشيء الفعل ولا فعل وإنما هذا على المجاز كقول الله جل وعز في البقرة ﴿فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ ﴾[8] والتجارة لا تربح فلما كان الربح فيها نسب الفعل إليها ومثله : ﴿جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ ﴾[9] ولا إرادة للجدار )[10] ، ولأبي العباس أحمد بن يحيى المشهور بثعلب النحوي المتوفى سنة 291هـ كتاب قواعد الشعر أكثر من ذكر الاستعارة فيه والاستعارة ضرب من المجاز

وقال ابن السراج النحوي المتوفى 316 هـ في كتابه الأصول في النحو : ( وجائز أن تقول لا قام زيد ولا قعد عمرو تريد الدعاء عليه وهذا مجاز )[11]

وقال أبو العباس المبرد في كتابه المقتضب : ( وقد يجوز أن تقول أعطي زيدا درهم وكسي زيدا ثوب لما كان الدرهم والثوب مفعولين كزيد جاز أن تقيمهما مقام الفاعل وتنصب زيداً ؛ لأنه مفعول فهذا مجاز )[12]

ومن الفقهاء الذين ذكروا المجاز في كتبهم محمد بن الحسن الشيباني 132 هـ - 189 هـ حيث قال في كتابه الجامع الصغير: ( فالحاصل أن أبا يوسف أبى الجمع بين النذر واليمين ؛ لأن هذا الكلام للنذر حقيقة ولليمين مجاز والحقيقة مع المجاز لا يجتمعان تحت كلمة واحدة فإن نواهما فالحقيقة أولى بالاعتبار ؛ لأن الحقيقة معتبر في موضعه والمجاز معتبر في موضعه )[13]

ومن علماء الحديث الذين ذكروا المجاز في كتبهم ابن قتيبة حيث قال ابن قتيبة : ( والنبات لا يجوز أن يكون شراباً ، وإن كان صاحبه يستغني مع أكله عن شرب الماء إلا على وجه من المجاز ضعيف ، وهو أن يكون صاحبه لا يشرب الماء فيقال إن ذلك شرابه ؛ لأنه يقوم مقام شرابه فيجوز أن يكون قال هذا إن كانت الجن لا تشرب شراباً أصلاً )[14]

ومن هنا ندرك أن المجاز ثابت في كتب الفقه واللغة والحديث في القرون الثلاثة الأول فهذا دليل على وجود المجاز .


[1] - عزاه له ابن السبكي في جمع الجوامع في أصول الفقه
[2] - انظر رسالته في الحقيقة والمجاز في مجموع الفتاوى
[3] - انظر كتابه الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة المجلد الثاني
[4] - انظر كتابه منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز
[5] - - انظر كتابه شرح نظم الورقات و شرح الأصول من علم الأصول
[6] - انظر الفهرست لمحمد بن إسحاق النديم ص79 دار المعرفة 1398 هـ
[7] - انظر كتاب كشف الظنون لمصطفى الرومي الحنفي 2/1456 دار الكتب العلمية 1413 هـ
[8] - البقرة من الآية 16
[9] - الكهف من الآية 77
[10] - الجمل في النحو للفراهيدي ص73 حققه الدكتور فخر الدين قباوة سنة النشر 1416 هـ
[11] - الأصول في النحو لابن السراج 1/400 مؤسسة الرسالة 1408 هـ الطبعة الثالثة تحقيق الدكتور عبد الحسين الفتلي
[12] - المقتضب للمبرد 4/51 عالم الكتب بيروت تحقيق محمد عبد الخالق عظيمة
[13] - الجامع الصغير لابن الحسن الشيباني ص 142عالم الكتب بيروت 1406 هـ
[14] - غريب الحديث لابن قتيبة 1/ 272 مطبعة العاني بغداد 1397 هـ تحقيق الدكتور عبد الله الجبوري
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
أدلة نفي المجاز و مناقشتها

أدلة نفي المجاز و مناقشتها

نأتي لأدلة من نفى المجاز ونناقشها فرغم وضوح أدلة وجود المجاز إلا أن بعض العلماء الأفاضل خالف و نفى المجاز ، وأدلتهم أشهرها عدم قول سلف الأمة كالخليل ومالك والشافعي وغيرهم من اللغويين والأصوليين وسائر الأئمة بالمجاز فهو إذن قول حادث

والجواب على ذلك أنه لو سلمنا جدلاً تنزلاً معهم بعدم قول أحد من السلف بالمجاز فليس معنى هذا عدم وجود المجاز فلا ينتسب لساكت قول ، وهناك فرق بين وجود العلم و تدوين العلم فالعلم موجود في ذهن العلماء ، ولكن لم يقم أحد بتدوينه بعد وكان المجاز مستقراً في نفوس العرب

فالعربي مثلاً لم يقسم الكلام إلى اسم وفعل وحرف ، و لكن استخدم الاسم والحرف والفعل فالتدوين يكشف عن وجود الشيء ( العلم )، وليس منشئا له فوجود العلم يعرف بالعمل بمقتضى العلم ويعرف بتدوينه ، والعرب كانوا يفهمون معنى للفظ عند الإطلاق ويفهمون معنى أخر للفظ عند التقييد فالأول سميناه حقيقة والثاني مجاز ولا مشاحة في الاصطلاح ثم قد ذكر بعض علماء اللغة والفقه والحديث المجاز في كتبهم ، وعليه يسقط هذا الدليل

و أنكر نفاة المجاز أن يكون للغة وضع أول تفرع عنه المجاز باستعمال اللفظ في غير ما وضع له ، و القول بأن أصل اللغة إلهام من الله ثم كان النطق بألفاظ مستعملة فيما أريد منها نقول هذا الكلام غير مسلم ؛ فالخلاف في أصل اللغات و واضع اللغة هل اللغة كانت بإلهام من الله أم بالتقليد أم بالتوقيف ؟

فالخلاف في واضع اللغة يثبت أن للغة وضعا فالوضع ملازم لكل مذهب من هذه المذاهب ، والمراد بالوضع النطق أول مرة باللفظة دالا على معناه سواء كان مصدره الإلهام أو التقليد أو التوقيف والخروج عن الدلالة الأولى للألفاظ مستساغ ومعقول ، فبعد استقرار استعمال الكلمة فيمعناها الذي كانت هي من أجله يقع فيها التصرف باستعمالها في دلالة أخرى هي الدلالةالمجازية ،وتلازم الوضع للاستعمال مثل تلازم الحياة للحي ، ويستحيل استعمال لفظ بمعزل عن اللفظ نفسه، كما يستحيل وضع لفظ بمعزل عن الاستعمال ؛ لأن الواضع يضع اللفظ ويعينه للدلالة على معنى، و تصور وضع لفظ دون أن تكون حقيقة معناه ومسماه ماثلة في ذهن الواضع مستحيل

فمن يرى أن أصل اللغة إلهام من الله ، واستعمال لا وضع متقدم على الاستعمال . فحين ألهم الله الإنسان أن يستعمل كلمة ( بحر) لصحة هذا الاستعمال فلابد من أحد أمرين إما رؤية مجتمع الماء عيانا حين الاستعمال أو تخيل تلك الصورة إذا لم تكن حاضرة مرئية. وفي كلتا الحالتين فكلمة بحر اخترعت مقرونة بالاستعمال إما حسا وإمامعنى. و مستحيل أن تخترع كلمة (بحر) أو توضع و ليس في ذهن الواضع أو المخترع تصور لمسماها فلو سلمنا أن الاستعمال سابق على الوضع فالكلمة في أول استعمال لها حقيقة، وحين تستعمل استعمالا ثانيا بينه وبين الاستعمال الأول صلة معتبرة ، ووجد في السياق دليل يرجح أو يوجب الأخذ بمعنى الاستعمال الثاني دون الأول كان المجاز لا محالة

وأنكر نفاة المجاز التجريد و الإطلاق في اللغة فلا يجوزون القول بأن الحقيقة ما دلت على معناها عندالإطلاق والخلو من القرائن ، والمجاز ما دل على معناه بمعونة القيود و القرائن أي كل الألفاظ في اللغة لم ترد إلا مقيدة بقيود وقرائن توضح المعنى المراد منها فالقول بورود الألفاظ مجردة أو أنها بدون أية قرائن أو قيود تفيد معنى و بالتالي يكون المجرد منها حقيقة و المقيد بالقرائن مجاز قول خطأ ، ومعنى هذا الكلام إنكار أن يكون هناك معنى يسبق إلى الفهم عند إطلاق اللفظ ، وتجرده عن قرائن ، و هذا الكلام يخالف ظاهر القرآن حيث قال تعالى : ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾[1] وأسماء الذوات الألفاظ الدالة على الأشياء مثل: أرض-سماء-بحر- فرس- إنسان.. إلخ حين نطق الإنسان الأول بها فمن المؤكد أنه نطق بها مجردة قاصدا بها الدلالة على الصورة المتكاملة – سمعية بصرية حسية- كما هي مختزنة في خياله فآدم عليه السلام أطلق الاسماء كالشجرة والبحر ..و أراد هذه الذوات نفسها أي أطلق الشجرة و أراد الشجرة و أطلق البحر وأراد البحر فثبت أن هناك ألفاظاً مجردة عن القرائن يقصد بها الوضع الأول أو الاستعمال الأول للكلمة فالألفاظ عند تجردها عن القرائن يسبق إلى الفهم و يتبادر إلى الذهن معنى هذا المعنى هو الذي وضع اللفظ له في الأصل فعند إطلاق كلمة عين يتبادر للذهن العضو الباصر ، وعند إطلاق كلمة الأنف يقصد بها العضو الشام

فإن قيل لماذا لانقول إن تعدد المعاني من باب الاشتراك اللفظي ، وليس من باب المجاز ؟ نقول هذا لا يصح ؛ لأن اللفظ يحمل على المعنى المجازي عند وجود القرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي ، وعند عدم وجود هذه القرينة فاللفظ يحمل على المعنى الحقيقي المتبادر للفهم بخلاف الاشتراك فإنه بدون القرينة يجب التوقف

والذين نفوا المجاز أبطلوا استدلال الجمهور ببعض الآيات كقوله تعالى ﴿ فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ ﴾[2] فقالوا بأن هذا على الحقيقة ونقول لهم نسبة الإرادة إلى الجدار في الآية مجازية ؛ لأن الله يقول ( فوجدا فيها جدارا ) أي أن جملة يريد أن ينقض صفة للجدار أي هذه هي الصفة التى رأى موسى عليه السلام والخضر الجدار عليها ، والإرادة لا ترى فيستحيل قطعاً أن يكون المراد بإرادة الجدار الانقضاض الإرادة الحقيقية ، وإنما المراد اقتراب الجدار من السقوط ، وعليه فهذه الآية دليل على وجود المجاز .

وقال الذين نفوا المجاز يلزم من وجود المجاز الاختلال في التفاهم إذ قد تخفى القرينة ، نقول هذا على اعتباركم أنه لابد للفظ من قرينة تدل على معناه أما القائلون بالمجاز فيقولون ما يحتاج لقرينة هو المجاز فقط أما الحقيقة فتدل على معناها بلا قرينة هذه هي أهم حجج القوم رددنا عليها .




[1] - البقرة : 31
[2] - الكهف من الآية 77
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
ضابط القول بالمجاز في القرآن و السنة

ضابط القول بالمجاز في القرآن و السنة

أخوتاه نأتي الآن لنقطة هامة ألا وهي حد المجاز في القرآن والسنة فنقول ليس معنى وجود المجاز في القرآن والسنة القول به مطلقاً بلا دليل

فالضابط أن اللفظ إذا وجد دليل صحيح على أنه منقول عن وضعه في اللغة إلى معنى آخر وجب العمل بالمعنى المنقول إلى اللفظ و إلا فالأصل في الكلام الحقيقة ما لم يأت دليل

فليس كل ما يستحيل عقلاً يكون مستحيلاً شرعاً ؛ لأن اللغة هي المعبرة عما يستعمله الناس في أغراضهم ، والناس عقولهم لا تدرك إلا المحسوسات ، و لا تدرك الغيبيات لذا الأمور الغيبية لا نحكم فيها عقولنا

فما أخبر ربنا عنه نؤمن به ولا نحرفه عن معناه فقد قال تعالى : ﴿ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾[1] فالله أثبت أن الأشياء تسبحه فنقول كل الأشياء تسبح الله بما يليق بها أن تسبحه ،والله أعلم بكيفية هذا التسبيح ، ولا ننفي التسبيح عن هذه الكائنات لاستحالة إدراكنا هذا التسبيح .



[1] - الإسراء من الآية 44
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
أهمية تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز

أهمية تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز

قد يسألني شخص ،ويقول لماذا قسمنا الكلام إلى حقيقة ومجاز ؟

والجواب : أن تقسيم الكلام إلى حقيقة و مجاز يسهل معرفة الرأي الصحيح من السقيم والراجح من المرجوح

فمن يقول هذه الكلمة مجاز ، وهي حقيقة نقول له أين الدليل على أنها مجاز ؟ فإذا لم يأتنا بالدليل فقوله مردود

وإذا كانت الكلمة مجاز وتشبث البعض بأنها حقيقة نقول لهم قد أتي ما يصرف هذه الكلمة من المعنى المجازي إلى المعنى الحقيقي ، وبذلك يفض النزاع في كثير من المسائل الدينية التي تتعلق بموضوع الحقيقة والمجاز .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
أمثلة فقهية و عقدية في استعمال الحقيقة والمجاز في بيان الأقوال الخاطئة

أمثلة فقهية و عقدية في استعمال الحقيقة والمجاز في بيان الأقوال الخاطئة

مثال (1) الرد على الأشاعرة في تأويلهم صفة اليد لله

مثال 1: الرد على قول الأشاعرة في قوله تعالى : ﴿ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ﴾[1] : أولت الأشاعرة يد الله بأنها قدرته مستدلين بقوله تعالى : ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾[2] ، وبأن الخالق والمخلوق متباينان

والجواب على ذلك أن الأصل في الكلام الحقيقة ما لم يأت دليل صحيح صريح ، و ما استدلوا به على قولهم ليس بصحيح فإثبات اليد لله لا يستلزم المماثلة بينه تعالى وبين المخلوقين

فليس معنى اتفاق التسمية اتفاق المسمى فإننا نشاهد في المخلوقات ما يتفق في الأسماء ويختلق في الحقيقة والكيفية، فنشاهد أن للإنسان يداً ليست كيد الغوريلا، وله قوة ليست كقوة الجمل، مع الاتفاق في الاسم، فهذه يد وهذه يد، وهذه قوة وهذه قوة، وبينهما تباين في الكيفية والوصف، فعلم بذلك أن الاتفاق في الاسم لا يلزم منه الاتفاق في الحقيقة

،وقد علم بالضرورة أن بين الخالق والمخلوق تبياناً في الذات ، وهذا يستلزم أن يكون بينهما تباين في الصفات ؛ لأن صفة كل موصوف تليق به، كما هو ظاهر في صفات المخلوقات المتباينة في الذوات، فقوة البعير مثلاً غير قوة الذرة

فإذا ظهر التباين بين المخلوقات مع اشتراكها في الإمكان والحدوث، فظهور التباين بينها وبين الخالق أجلى وأقوى فكما أن للخالق ذاتا لا تشبه الذوات فله صفات لا تشبه الصفات فنقول لهم ألستم تعقلون لله ذاتاً لا تشبه الذوات؟ فسيقولون: بلى! فيقال لهم: فلتعقلون له صفات لا تشبه الصفات، فإن القول في الصفات كالقول في الذات

وعلى هذا فإن الأشاعرة صرفوا الكلام عن حقيقته إلى مجازه بلا دليل صحيح ثم أنه قد ورد ما يؤكد أن اليد على الحقيقة فقد ورد إضافة اليد إلى الله بصيغة التثنية ، قال تعالى : ﴿ بلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾[3] ، والقدرة لا تثني فهي اسم معنوي كالجهل والظلم والعدل

وأيضا اليد التي أضافها الله إلى نفسه وردت على وجوه تمنع أن يكون المراد بها النعمة، أو القوة فجاءت بلفظ اليد، والكفّ ، وجاء إثبات الأصابع لله تعالى فجاءت بلفظ اليد كقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة، : «000 فيأتونه فيقولون : يا آدم! أنت أبو البشر ؛ خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحـه000»[4]

وجاءت إثبات الأصابع لله كقوله صلى الله عليه وسلم : « إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن 000 »[5]. وجاء إثبات الأنامل للهوالكف كقوله صلى الله عليه وسلم : « 000 فإذا أنا بربي عَزَّ وجَلَّ ( يعني : في المنام ، ورؤى الأنبياء حقٌ ) في أحسن صورة ، فقال : يا محمد ! فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : لا أدري رب ! قال : يا محمد ! فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : لا أدري رب ! قال : يا محمد ! فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : لا أدري رب ! فرأيته وضع كفه بين كتفي ، حتى وجدت برد أنامله في صدري000»[6].



[1] - سورة الفتح من الآية 10
[2] - الشورى من الآية11
[3] - سورة المائدة من الآية 64
[4] - رواه البخاري رقم 3340، ورواه مسلم رقم 194 .
[5] - رواه مسلم رقم 2654
[6] - صححه الألباني في تعليقه على جامع الترمذي رقم 3235
 
التعديل الأخير:
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
مثال (2 ) الرد على الأشاعرة في تأويل صفة الوجه لله

مثال (2 ) الرد على الأشاعرة في تأويل صفة الوجه لله

مثال 2 : الرد على قول الأشاعرة في قوله تعالى : ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾[1] أولت الأشاعرة وجه ربك بأنه حقيقة ربك مستدلين بقوله تعالى : ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾[2] ، وبأن الخالق والمخلوق متباينان

والجواب على ذلك أن الأصل في الكلام الحقيقة ما لم يأت دليل صحيح صريح

و ما استدلوا به على قولهم ليس بصحيح هذا الوجه فالوجه أضيف إلى الله

والمضاف إلى الله إما أن يكون شيئاً قائماً بنفسه، وإما أن يكون غير قائم بنفسه، فإن كان قائماً بنفسه فهو مخلوق، وليس من صفاته كبيت الله، وناقة الله، وإنما أُضيف إليه إما للتشريف، وإما من باب إضافة المملوك والمخلوق إلى مالكه وخالقه. وإن كان غير قائم بنفسه فهو من صفات الله، وليس بمخلوق كعلم الله، وقدرته، وعزته، وكلامه، ويده، وعينه ونحو ذلك

والوجه بلا ريب من هذا النوع؛ فإضافته إلى الله من باب إضافة الصفة إلى الموصوف ،وأيضا ذلك الوجه وصف في الآية بالجلال والإكرام،وهذا يؤكد أن المراد به حقيقة الوجه .


[1] - سورة الرحمن : 27
[2] - الشورى من الآية11
 
أعلى