العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

تواليف مالكية مهمة59:القوانين الفقهية في تلخيص مذهب المالكية، والتنبيه على مذهب الشافعية والحنفية والحنبلية / لابن جزي

شهاب الدين الإدريسي

:: عضو مؤسس ::
إنضم
20 سبتمبر 2008
المشاركات
376
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
مكناس
المذهب الفقهي
مالكي
اعتنت المدارس الفقهية الإسلامية بالتصنيف في فقه الخلاف العالي أو ما يسمى اليوم بالفقه المقارن، وكان للمدرسة المالكية السّبق في هذا المجال؛ إذ كانت البداية مع أبي سعيد القزويني (ت نحو 390هـ) في كتابيه:«المعتمد في الخلاف»، و«الإلحاف في مسائل الخلاف»، ثم القاضي عبد الوهاب البغدادي (ت422هـ) في: «أوائل الأدلة»، و«الإشراف على مسائل الخلاف»، وغيرهما من فطاحل المالكية، أمثال ابن عبد البر النمري (ت463هـ)، وأبي عبد الله الأوسي (ت537هـ)، وابن رشد الحفيد (ت595)، إلى حدود القرنين السابع والثامن الهجريين، حيث ظهر ببلاد الأندلس العالم المشارك الفقيه الأصولي المفسر المجاهد أبو القاسم محمد بن أحمد بن محمد ابن جُزَيّ الكلبي الغرناطي المالكي (ت741هـ)، فأضاف وأبدع بتأليفه لكتاب:«القوانين الفقهية في تلخيص مذهب المالكية والتنبيه على مذهب الشافعية والحنفية والحنبلية»،وهوتصنيف مهم في بابه، لما تميز به عن سلفه من إيجاز في العبارة، وعدم إيراد للأدلة والتعليلات.

ويظهر أن ابن جزي كان مستشعراً أهمية كتابه، فاحتفى به أَيَّما احتفاء؛ إذ يفيدنا في مقدمة الكتاب أن قوانينه تنيف على سائر الكتب الموضوعة في الفن بثلاثة فوائد، أولها: أنه جمع فيه بين تمهيد المذهب وذكر الخلاف العالي، بخلاف غيره من الكتب، وثانيها: أنه لَمَحَه بحسن التقسيم والترتيب، وسهّله بالتهذيب والتقريب حتى قَرّب البعيد ولَيّن الشديد، وثالثها: أنه قصد فيه الجمع بين الإيجاز والبيان مع صعوبة اجتماعهما.

أما عن موضوع الكتاب فهو يتناول قوانين الأحكام الشرعية، ومسائل الفروع الفقهية على مذهب إمام المدينة: مالك بن أنس الأصبحي، وبيان كثير من أوجه الاتفاق والاختلاف الذي بينه وبين الإمام الشافعي، والإمام أبي حنيفة النعمان، والإمام أحمد بن حنبل، هذا مع التنبيه على مذهب غيرهم من أئمة المسلمين، أمثال: سفيان الثوري، والحسن البصري، وإسحاق بن راهويه، وداود الظاهري، والأوزاعي، والليث بن سعد، وغيرهم.

وجاء الكتاب مجزءاً إلى ثلاثة أقسام رئيسية، افتتحه بمقدمة مهّد فيها للموضوع وأهميته، مع بيان اصطلاح الكتاب وترتيبه، فكان القسم الأول في العقائد قدّم فيه لعقيدة سُنّية وجيزة، والقسم الثاني الأكبر والأهم في الفقه، وقَسّمه بدوره إلى قسمين: القسم الأول: فقه العبادات، وضم عشرة كتب وهي: كتاب الطهارة، وكتاب الصلاة، وكتاب الجنائز، وكتاب الزكاة، وكتاب الصيام والاعتكاف، وكتاب الحج، وكتاب الجهاد، وكتاب الأيمان والنذور، وكتاب الأطعمة والأشربة والصيد والذبائح، وكتاب الضحايا والعقيقة والختان، والقسم الثاني: فقه المعاملات، وضمّ بدوره عشرة كتب، وهي: كتاب النكاح، وكتاب الطلاق وما يتصل به، وكتاب البيوع، وكتاب العقود المشاكلة للبيوع، وكتاب الأقضية والشهادات، وكتاب الأبواب المتعلقة بالأقضية، وكتاب الدماء والحدود، وكتاب الهبات وما يجانسها، وكتاب العتق وما يتعلق به، وكتاب الفرائض والوصايا. وكل كتاب من هذه الكتب يتكون في الغالب من عشرة أبواب، وتُشَكّله بشكل عام فصول، وأحيانا يتألف من مسائل، وداخل الأبواب هناك تقسيمات جزئية أخرى تحمل عناوين مثل: فروع أو فرع، بيان، تكميل، تلخيص.

والحاصل من منهج ابن جزي، أنه توخّى التقسيم العشاري أو العشريني في الكتاب، وهو ما سار عليه في توطئته لكتابه «التسهيل لعلوم التنزيل»، وهذا التقسيم وإن كانت له مزية العلوق بالذهن، إلا أنه في كثير من المواضع يؤدي إلى إهمال فروع تقتضي الذكر أو إضافة أخرى لاستكمال العدد.

وفي تناول ابن جزي للمسائل الفقهية امتاز منهجه بالإيجاز في الإشارة إلى الآراء والأقوال، وعدم إيراد أدلة أصحابها أو تعليلاتهم إلا فيما ندر، كما التزم عدم الردّ عليها أو التعقيب ترجيحاً أو تضعيفاً، مما جعله وفيّاً لطابع الاختصار الذي اختاره للكتاب، أما عن لغته فامتازت بسهولة العبارة ووضوحها، ودقة الأسلوب وإيجازه، وخلوه من التعقيد، ، فجاء كما يقول:«سهل العبارة، لطيف الإشارة، تام المعاني، مختصر الألفاظ، حقيقاً بأن يَلهَج به الحفاظ».

ولم يغفل ابن جزي بيان اصطلاحاته في الكتاب؛ إذ كشف عنها في مقدمة الكتاب من خلال أربعة عشر نقطة، بدأها بقوله:«إذا تكلّمنا في مسألة فنبدأ أولاً بمذهب مالك، ثم نتبعه بمذهب غيره، إما نصّاً وتصريحاً، وإما إشارة وتلويحاً»، وقوله:«إذا ذكرنا الإجماع والاتفاق فنعني إجماع الأمة»، وقوله:«إذا قلنا المشهور، فنعني: مشهور مذهب مالك، وفي ذلك إشعار بمخالفة غيره»، وخَتَمها بقوله:«إذا قلنا روايتان فنعني عن مالك، وأكثر ما نُقَدم القول المشهور».

وتتجلى قيمة الكتاب العلمية وأهميته في بابه من خلال النقول عنه، فهذا الإمام الموّاق (ت897هـ) يصرح بالنقل عنه في عدة مواطن من كتابه التاج والإكليل، وتبعه في ذلك الإمام الحطّاب (ت954هـ) في كتابه مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، ونقل عنه أيضاً الإمام الدسوقي (ت1230هـ) في حاشيته على الشرح الكبير، والإمام محمد عليش (ت1299هـ) في منح الجليل، وكذا صاحب الفواكه الدواني، كما نقل عنه عبد الحي الكتاني(ت1382هـ) في تراتيبه الإدارية، وغير ذلك من النقول.

ولم يكتف أهل العلم بالاقتباس والنهل من هذا الكتاب واعتماده في التوثيق، بل كان ابن المؤلف الإمام أبو محمد عبد الله ابن جزي سبّاقاً إلى الاعتناء به والتعليق عليه من خلال تقييدات لا ندري ما مصيرها وما قيمتها، وقد اعتنى بنظم القوانين الشيخ المرابط بنمحفوظ الأنصاري الشنقيطي في مؤَلَف سماه:«التحفة المرضية لنظم القوانين الفقهية»، ومع أن كتاب القوانين من المختصرات المغرية بالشرح، إلا أنه لم يجذ بعناية الشُرّاح لما سيؤدي إليه هذا الشرح فيما يبدو من إخراج للكتاب عن الغاية المقصودة منه.

طُبِع الكتاب عدة مرات، أولها طبعة النهضة بفاس عام 1354هـ، ثم طبعة عبد العزيز سيّد الأهل عن دار العلم للملايين، وتبقى هذه الأخيرة من أحسن طبعاته لمكانة محققها العلمية، ثم تلتها العديد من الطبعات التي غلب عليها الطابع التجاري أكثر منه العلمي، والكتاب لا زال بحاجة ماسة إلى تحقيق جدير بقيمته العلمية.

-----------------------------------------

الإحاطة في أخبار غرناطة:(3/20-23)،
نفح الطيب:(5/514).
 
إنضم
17 سبتمبر 2008
المشاركات
41
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
فاس
المذهب الفقهي
مالكي.بسبب وجودي في بلد مالكي وإلا فمذهبي مذهب أهل الحديث
جزى الله أخانا شهاب الدين خيرا على ما افاد به من العلم..أحببت أن أنبه إلى وجود شرح مخطوط لكتاب ابن جزي بمكتبة الملك فيصل.
هل هناك نسخة نفيسة للكتاب يمكن اعتمادها كأصل في التحقيق؟وبارك الله فيكم

 

عبدالكريم القلالي

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
15
التخصص
دراسات إسلامية
المدينة
ترجيست
المذهب الفقهي
مالكي
جزاك الله خيرا على ما افدتنا به اخي ...
 
إنضم
18 نوفمبر 2009
المشاركات
55
التخصص
شريعة
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
حنبلي
أحسنت وبارك الله فيك وسدد خطاك آمين
ولي طلب آمل أن تجيبني إليه شيخنا :
وهو أن تعرف بكتب المالكية في الفقه المقارن , مع بيان أحسن طبعاتها ولكم مني الشكر, وأسأل الله لكم الأجر.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
جزاك الله خيرا
 

وصال ملك

:: متابع ::
إنضم
14 يناير 2014
المشاركات
19
التخصص
فقه و اصول
المدينة
.........
المذهب الفقهي
مالكي
رد: تواليف مالكية مهمة59:القوانين الفقهية في تلخيص مذهب المالكية، والتنبيه على مذهب الشافعية والحنفية والحنبلية / لابن جزي

السلام عليكم : شكرا و جزاكم الله كل خير على المعلومة
احناج الى نصيحة فيما يخص تحقيق مخطوط
هناك من لا يحبذ أن تكون الرسائل العلمية في تحقيق المخطوطات فماذا ترون ؟
وجزاكم الله كل خير
 
أعلى