العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

خطبة الجمعة من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم

عمار محمد مدني

:: عضو مؤسس ::
إنضم
14 ديسمبر 2007
المشاركات
721
التخصص
هندسة صناعية
المدينة
مكة المكرمة + الظهران
المذهب الفقهي
حنبلي
المدينة المنورة 1 صفر 1429ه الموافق 8 فبراير 2008م واس

أوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالمحسن القاسم أن الله تعالى خلق الإنسان وفطر فيه خصالاً حميدة وأمره بالسير والثبات عليها { فطرة الله التي فطر الناس عليها } وفيه صفات مذمومة أمر الله بمجاهدة النفس وهواها منها وفيه خصلة إن أرخى لنفسه العنان لها هلك { إن الإنسان لظلوم كفار }.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة اليوم إن النفس السليمة تحذر الظلم والطغيان وتتصف بالعدل والتقوى وقد تنزه الباري عز وجل عن الظلم فقال سبحانه { إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيما } والظلم يسلب الحقوق ويفسد المجتمع ويقهر الضعيف ويجلب الهموم ويُهلك الديار وتنهار به الأمم والبلدان ، دعا أول الرسل نوح عليه السلام على الظالمين فقال { ولا تزد الظالمين إلا تبارا }. وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج من المنزل استعاذ بالله منه فكان يقول ( بسم الله ربي أعوذ بك أن أزل أو أزل أو أُظلم أو اُظلم أو أجهل أو يُجهل علي ) ، وأمر أمته أن يتعوذوا منه ونهى المسلمين أن يتظالموا فقال ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ) .
وأفاد فضيلته أن الظلم لؤم إذ لا يُظلم إلا الضعيف قال ابن الجوزي رحمه الله [المعصية في الظلم أشد من غيره لأنه لا يقع غالباً إلا في الضعيف الذي لا يقدر على الانتصار وهو خلق ذميم يمنع الرزق عن العباد] قال تعالى { فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم }. والظلم ولو في شيء يسير تعظم فيه العقوبة ، قال عليه الصلاة والسلام ( من أخذ شبراً من الأرض ظلماً طوقه إلى سبع أراضين ). وظلم المسلم بشيع ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ( دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض ) .
ومضى فضيلة الشيخ عبدالمحسن القاسم يقول والأمم في مأمن من العذاب إذا آمنت ولم تظلم فإن ظلمت هلكت قال تعالى { وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا}. وتوعد الله الظالم بعذاب أليم ، والله لا يهديه ولا ينصره ولا يحبه قال عز وجل {والله لا يحب الظالمين }. الظالم مقطوع الدابر لا يخلد ذكراً حسناً وربك له بالمرصاد وعاقبته إلى تباب وعذابه كبير وعقوبته معجلة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم (ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم ). وقد يُمهله الله فلا يُعاقبه في الدنيا استدراجاً له ويوم القيامة يتضاعف عليه ظلمه قال عليه الصلاة والسلام ( الظلم ظلمات يوم القيامة ) ولا أنصار له ولا شفعاء ولا تقبل منه المعاذير ولا يستطع الإفداء بما في الأرض بضعفه بالنجاة من العذاب قال تعالى { ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعاً ومثله معه لافتدوا به }. وإن تولى ظالم ظالماً في الدنيا فمالهما الافتراق والنزاع قال عز وجل { وإن الظالمين لفي شقاق بعيد }. والله بقوته وقدرته ينتصر للمظلوم وجعل دعوته مستجابه قال عليه الصلاة والسلام ( ثلاث دعوات مستجابات لاشك فيهن دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد على ولده). وقال عليه الصلاة والسلام (واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ).
وزاد فضيلته يقول ادعت امرأة على سعيد بن زيد رضي الله عنه أنه أخذ أرضها فقال [ اللهم إن كانت كاذبة فأعم بصرها واقتلها في أرضها ] فأعمى الله بصرها ثم بينما هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حفرة فماتت.
وأردف فضيلته يقول ومن ظلم فصبر زاده الله عزاً ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ثلاثة أقسم عليهن ما نقص مال عبد من صدقة ولا ظلم عبد بمظلمة فيصبر عليها إلا زاده الله بها عزاً ولا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح الله له باب فقر ). والله يٌخاصم عن المظلوم يوم القيامة ومن خصمه الله خٌصم ، قال عليه الصلاة والسلام (ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حراً فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيراً فأستوفى منه فلم يعطه أجره ). ولا يدخل المظلوم الجنة حتى يٌقتص له ممن ظلمه وتطيب نفسه .
وشرح فضيلته أن من الظلم أن يٌحال على بلد بشيوخه ونسائه وأطفاله ومرضاه المأكل والمشرب والدواء ويُمنع عن ضرورات في الحياة ، ومن الظلم حرمان العاملين حقوقهم أو إنقاصها أو المماطلة في دفعها ، قال عليه الصلاة والسلام (مطل الغني ظلم ). ومن الظلم الاعتداء على أملاك الآخرين أو سلبها أو أذيتهم فيها ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من أخذ شبراً من الأرض ظلماً طوقه إلى سبع أراضين). وأكل أموال اليتامى ظلماً من موجبات النار قال تعالى { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً }. وتقصير الزوجة في حقوق زوجها وإنكارها محاسنه والتشكي مما لم يفعله ظلم منها له قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إنكن تكفرن العشير ). وظلم الزوج زوجته أو تقصيره معها فيما أوجب الله لها من الحقوق تعد عليها قال تعالى{ ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف } ، وعدم العدل بين الزوجات والميل إلى إحداهن في القسم والنفقة ونحوهما ظلم متوعد عليه ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل ). وتفضيل الأولاد بعضهم على بعض في العطية وغيرها أو التقصير في رعايتهم وتوجيههم ظلم من الأب لهم قال عليه الصلاة والسلام ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ). ومن الظلم منع الأب ابنته من الزواج أو تزويجها من غير كفؤ لها طمعاً في مال أو غيره ، وتقديم المعلم بعض طلابه على بعض بغير حق ميل عن العدل ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن من أكبر الكبائر استطالة المرء في عرض رجل مسلم بغير حق ).
وقال فضيلته إن من ظلم العبد لنفسه ، التصوير قال النبي صلى الله عليه وسلم ، قال الله عز وجل ( ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة ). وأعظم الظلم الشرك بالله قال عز وجل { إن الشرك لظلم عظيم } فمن دعا أو نذر أو طاف أو ذبح أو حلف بغير الله فهو ظالم لنفسه لابد له من توبة ومن ظلم غيره فليتذكر قدرة الله عليه ، قال عز وجل { ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعاً}. والله يقبل توبة الظالم إذا تاب ورد المظالم إلى أهلها ، قال سبحانه { فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه }. قال ابن القيم رحمه الله [ ظلم العباد بعضهم بعضاً لا يترك الله منه شيئاً والله يستوفيه ]. ومن عدل الله أن الخلائق يقتص لهم ممن ظلمهم حتى البهائم فيما بينها ، قال عليه الصلاة والسلام (لتؤدون الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يٌقاص للشاه الجلحاء / أي التي لاقرن لها / من الشاه القرناء / أي التي لها قرن ). وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتحلل الظالم من المظلوم في الدنيا قبل حساب الآخرة فقال (من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لايكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم تكن له حسنه أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه ).
وأفاد أن ظلم الشرك لا يٌغفر إلا بالتوحيد ويجب نصر الظالم ببذل النصيحة له ليكف عن مظلمته قال الله لموسى وهارون عليهما السلام { إذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى } .
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,136
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
جزاك الله خيراً أخي عمار
وهذا الشيخ الكريم: عبدالمحسن القاسم أستمتع بسماع خطبه أيما استمتاع
نفع الله الأمة به
 
أعلى