العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

كلُّ حرام نجسٌ

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
أما بعــد:

فقد رأيت لكثير من طلبة العلم تتبعاً وتعقيباً على كلام الأئمة -رحمهم الله- في قولهم: إن التحريم يستلزم الحكم بالتنجيس، وقد سبقهم إلى ذلك الإمام الشوكاني -رحمه الله- ومن حذا حذوه، حتى قال الصنعاني -رحمه الله- في "سبل السلام" (1/76): (والحق أن الأصل في الأعيان الطهارة وان التحريم لا يلازم النجاسة؛ فإن الحشيشة محرمة طاهرة، وكذا المخدرات والسموم القاتلة لا دليل على نجاستها. وأما النجاسة فيلازمها التحريم فكل نجس محرم ولا عكس. وذلك لأن الحكم في النجاسة هو المنع عن ملابستها على كل حال، فالحكم بنجاسة العين حكم بتحريمها بخلاف الحكم بالتحريم؛ فإنه يحرم لبس الحرير والذهب وهما طاهران ضرورة شرعية وإجماعاً)...ثم أجرى هذا الحكم بالطهارة على الحُمُر والخمر فليراجع.

وأقول: إن هذا الفهم لا يظهر أنه مقصود الأئمة، عليهم رحمة الله تعالى، بل قصدوا بالتحريم: تحريم التناول، ومعنى التناول: الابتـلاع، وهذا ظاهر جداً، بل لقد احترزوا مما أورده عليهم الصنعاني رحمه الله في تعريفهم للنجاسة..

وعلى هذا ..فالإيراد على الأئمة بالذهب والحرير ليس في محله؛ إذ لا يحرم تناولهما، بل المحرَّم لبسهما (أعني: على الرجال).

فقد عرف كثير من المتقدمين النجاسة بأنها: كل عين حَرُمَ تناولها على الإطلاق مع إمكانه، لا لحرمتها، ولا لاستقذارها، ولا لضررها في بدن أو عقل.

والدليل على أن مرادهم بالتناول ما ذكرناه سياق العبارة الواضح وضوح الشمس، وعبارات الفقهاء حولها، كقول النووي في "المجموع شرح المهذب"(2/565) ناقلاً عبارة المتولي في حد النجاسة: (قال: وقولنا: على الإطلاق احتراز من السموم التي هي نبات، فإنها لا يحرم تناولها على الإطلاق بل يباح القليل منها وإنما يحرم الكثير الذي فيه ضرر. قال: وقولنا: مع إمكان التناول احتراز من الأشياء الصلبة؛ لأنه لا يمكن تناولها، وقولنا: لا لحرمته احتراز من الآدمي) وقد زادوا على عبارة المتولي حتى أخرجوا لنا التعريف المذكور أعلاه.

وهذا الحد ذكره آخرون غير الشافعية، ففي المطلع على أبواب المقنع (المطبوع مع المبدع لابن مفلح) نُقِل هذا التعريف،
بل هو مشتهر عند الشافعية والحنابلة شهرة ذائعة.. وهو كما ترى مُخرِج للمخدرات والحشيشة ونحوها.

وبغض النظر عن اعتماد هذا الحد من عدمه، فإن قول الجمهور "التحريم يلازم الحكم بالتنجيس" مقصودهم به : تحريم أكله وابتلاعه.

وهدفنا هنا بيان دقة أولئك العلماء الذين تتابعوا على اعتبار هذا الحد، وأنه لا يرِد على ما تناقله عدد كبير منهم مثل هذا الإيراد. والله تعالى أعلم.
 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
أحسنت المسألة أخي الكريم

والجواب عنها متعلق بعلة التحريم..

فالأصل في الأحكام أن تكون معللة

ولما حرم الله تعالى أكل الميتة أو الدم المسفوح -مثلاَ- أو شرب الخمر..

فالتحريم لا يخرج عن أن يكون ناشئاً عن أحد الأمور الآتية:
1- أن تكون علة التحريم حرمة المحرَّم ( كونه محترماً )
لذا تجد في باب الأطعمة: أن ما لا يجوز قتلُه يحرم أكلُه.
2- أن تكون العلة كونه مستقذراً طبعاً كالمخاط والبصاق.
3- أن يكون التحريم لمحض ضرره في بدن أو عقل كالحشيشة الجامدة.

فإن لم يكن شيء من ذلك فالعلة النجاسة، ولا بد. هذا ما أستطيع أن أدلي به في هذا الشأن، والله أعلم.

 
أعلى