العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

8×7= إبداع ابن دقيق العيد

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
8×7= إبداع ابن دقيق العيد


استخرج ابن دقيق العيد رحمه الله من حديث البراء بن عازب "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع" أكثر من أربعمائة فائدة وكثيرٌ منها من العيار الثقيل، ذوات المباحث الطوال في 343 صفحة من المجلد الثاني من شرح الإلمام في طبعته الحديثة لدى دار النوادر، فهرس هذه الفوائد من هذا الحديث فقط يقع في 24 صفحة !
ثم إن هذه الفوائد قاصرة على الكلام على الوجه الرابع من الحديث في فوائد ومسائله، وثمة فوائد أخرى في الوجوه الثلاثة الأولى من الكلام على ترجمة الرواة وعلى تصحيحه وعلى مفردات ألفاظه وعلى ما فيه من العربية والمعاني بفوائد تربو على الثلاثين.

وسأذكر هنا أنموذجاً مختصراً من أحد أبحاثه المطولة في هذه الفوائد؛ للنظر كيف اقتنص هذه الفوائد ثم كيف نظمها ثم كيف ساقها....
يقول الأستاذ ابن دقيق العيد:
§ الأومر والنواهي في حديث البراء بن عازب تعود إلى فصلين:
o فالأوامر تعود إلى حق المسلم على أخيه على رواية"المقسم".
o والنواهي ترجع إلى ما يرجع إلى اللباس أو الاستعمال.([1])
فقد لاحظ الأستاذ:
أن الأوامر جاءت في نطاق معين، وأن النواهي جاءت في نطاق آخر، ونبه إلى أن هذا التقسيم إنما يصح بناء على رواية "المقسم" أما على الرواية الأخرى فلا يستقيم.
وهذا يفيدنا فائدة مهمة في منهجية الاستنباط:
وهو أن الاستنباط قد يختلف لاختلاف الألفاظ والروايات

ثم انتقل إلى الأوامر، فقال:
§ هذا الذي ذكره الصحابي في جانب الأمر يتعلق النظر فيه:
1- بالأمر: هل هو على الوجوب أو الندب؟
2- والمأمور: هل المخاطبون بالأمر على الأعيان أو على الكفاية؟
3- والمأمور لأجله: فينظر في عمومه وخصوصه.
يقول الأستاذ: ينشأ من هذه الأنظار أقسام متعددة، بعضها يتعذر الحمل عليه، وبعضه يمكن ويتوقف على الدليل.
القسم الأول: أن يكون الأمر للوجوب على الأعيان، والعموم بالنسبة إلى المأمور من أجله.
الثاني: أن يكون الوجوب على الأعيان لا على العموم بالنسبة إلى المأمور من أجله.
الثالث: أن يجب على الكفاية على العموم بالنسبة إلى أفراد المأمور من أجله.
الرابع: أن يجب على الكفاية لا على العموم بالنسبة على أفراد المأمور من أجله.
الخامس: أن يكون الأمر للندب، ويكون فيه هذه الأقسام الأربعة كلها.
وهذه الأقسام تجري في كل نوع من هذه السبعة المذكورة في الحديث فتزيد الأقسام وترتقي إلى ستة وخمسين قسما من ضرب ثمانية في سبعة. ([2])
قلت: هذه الأقسام فقط بالنظر إلى الأوامر دون النواهي.
مثاله:
يقول الأستاذ:
فيما يمكن من هذه الأقسام بالنسبة إلى عيادة المريض:
أما القسم الأول: فمقتضاه أن يجب على كل مسلم عيادة كل مريض، وهذا القسم ممتنع جزما، ولا استمر عليه عمل الأمة.
وأما القسم الثاني فمقتضاه: أن يجب على كل مسلم عيادة مطلق المرضى.
أي أنه يجب على كل مسلم: القيام بهذه الوظيفة بالجملة حتى يَعصي مَنْ مات ولم يعد مريضا ما وهذا ممكن، بل هو مقتضى الحديث إذا قلنا بالعموم بالنسبة إلى المخاطبين، وقد تعذر العموم بالنسبة إلى المرضى فيجئ منه ما قلناه وهو أن يجب على الجميع عيادة مطلق المرضى، أو مطلق عيادة المرضى فإن قام الإجماع على أن هذه الوظيفة لا تجب على الأعيان بالنسبة إلى مطلق العيادة، أو مطلق المرضى امتنع هذا القسم لأمر من خارج لا لعدم دلالة اللفظ عليه.
واعلم أنه قد ورد في بعض فروض الكفايات: ما يدل على مثل هذا الحكم وهو قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "من مات، ولم يغز، ولم يحدث نفسه بالغزو، مات على شعبة من النفاق" فإن لفظ "من" للعموم فيقتضي طلب الجهاد، أو العزم من كل أحد عليه أي على مطلق الجهاد.
وأما القسم الثالث: وهو الوجوب على الكفاية مع العموم في المرضى
فمقتضاه: أن تجب في حق كل مريض عيادة عائد وجوبا على الكفاية يسقط بفعل البعض، فهذا قسم مختلف فيه...فهذا...محافظ على صيغة العموم في المريض وليس محافظا على العموم في ضمير المخاطبين، وأما على المذهب المشهور فإنما يجب عيادة مريض يضيع بترك عيادته، فلا يستقيم الوجوب في حق جميع المرضى على هذا.
وأما القسم الرابع: وهو أن يجب على الكفاية عيادة مطلق المريض لا على العموم فهذا ثابت على مذهب الجمهور لأنه يجب عيادة مريض يضيع بترك العيادة وجوبا على الكفاية، هذا إذا حمل الأمر على الوجوب.
أما إذا ذا حمل على الندب فالقسم الأول:
وهو أن يستحب لكل أحد عيادة كل مريض فهذا لا يتأتى لأن بعض المرضى واجب العيادة على بعض الناس، وذلك يضاد الاستحباب في حق الجميع.
والقسم الثاني: وهو أن يستحب في حق كل أحد عيادة بعض المرضى فهذا ثابت.
والقسم الثالث: وهو أن يستحب في حق البعض عيادة كل مريض، فهذا ثابت في حق من سقط الفرض عنه.
والقسم الرابع: وهو أن يستحب في حق البعض عيادة بعض المرضى، ولا شك أيضا في وقوع هذا ولا خلاف فيه. ([3])

([1]) شرح الإلمام (2/39).

([2]) شرح الإلمام 2/42

([3]) شرح الإلمام 2/46-48
 
التعديل الأخير:
أعلى