العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

اغتصاب منصب الفتيا والعبث بأوراق الفقهاء.

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
[font=sc_tarablus]اغتصاب منصب الفتيا والعبث بأوراق الفقهاء[/font]







· لا يطبب إلا الطبيب ولا يهندس إلا المهندس فلم لا تجري العملية ذاتها على الفقه فلا يفقه إلا الفقيه؟


· قيل قديماً: الفقه أبازير العلوم لأنه يأخذ من كل علم، ويجري في كل فن، أما اليوم فالأدق أن يقال: الناس أبازير الفقه، فقد ابتذل: فالسلطان يفتي والكتاب الأخضر واقعة متلبسة، والمفكرون الذين يحسبون أن الفكر منحصر في أدمغتهم: كان الفقه برمته أحد مسارح أفكارهم، وباختصار معتصر: الكل يفتي!.


· الفقه منصبٌ شريف حُسِد عليه أهله، وضربت على إثره فيوز "الخصوم"، فقد استغرق الفقه كامل شؤون الحياة، من أمر الإنسان ونفسه، وعبادته ربه، إلى فقه أسرته، إلى معاملات مجتمعه وقضايا اقتصاده، إلى سياسة بلده، وعلاقته بالخارج، قضايا السلم وقضايا الحرب، يضرب أبعد من الخيال، وفي الفقه التقديري أسقطت المسائل المعاصرة بأدمغة أبي حنيفة ورفاقه.


· إن اغتصاب منصب الفتوى ليس حكراً على المتطفلين والدخلاء، فإنه يقع فيه كثير من أهل الدين والصلاح، فهو اغتصاب اندرج في إحدى غفلات الصالحين، هذا مع إحسان الظن.


· لك أن تقول عنهم: هم متخصصون إلا في "الفقه" فهو حرمٌ منتهك، لأن المتخصصين في غيره هم في الغالب خارج إطار الناس، فآخر يرد على أرسطوطاليس المتوفى قبل أن يخترعوا التاريخ الميلادي والهجري، وآخر منهمك في حرف "حتى" و"لعل"، وثالثٌ ورابع وخامس استغرقوا في دقائق من العلوم، هي علوم جليلة؟ قد نقول: نعم، ولكنها يقينا خارج واقع الناس، إن الفقيه يكاد يكون هو الذي يعيش هموم الناس وتفاصيل ساعاتهم، فحسدوا على ذلك فزوحموا من غيرهم بضغط أسئلة الصحيفة، ولقاء البرنامج، فهذا المجتمع وهذه أسئلته فإما أن تواكبوه، وإما أن المجتمع سيعتزلكم، فواكبوا وانتهكوا وتجرؤوا، فارتفعوا في أعين الرعاء وسقطوا من عيون العلم والفضيلة.


· إن الاضطرار إلى عملية الاغتصاب يفسرها طول الطريق الفقهي، فهو أوسع علوم الشريعة، وكتاب الطهارة الصلاة والبيوع، هذه الأبواب الثلاثة، يزن كل واحدٍ منها علوماً كاملة بغيرها، وإن الاستمرار في هذا الطريق مع موت الهمم والعزائم يعني الانقطاع عن الدنيا قبل قطعه، فالفقه لم يكن يوماً نصب أعينهم، ولا مسقط أنظارهم، وإنما هو مزلق ألسنتهم، علاقتهم بالفقه أشبه ما تكون بالألعاب الدائرية الكبيرة التي ترفعهم قريباً من الدور التاسع ثم تهوي بهم إلى أسِّ مصعدهم، وقعر مطلعهم.


· من زمان كان الذي يتكلم في مسألة فقهية، ينظر في كتب أصحابه في المذهب، وينظر ماذا قالوا، ويجمع أشباه المسألة ونظائرها، فإن كان أرفع درجة نظر في كتب المذاهب الأخرى، وتخير منها، أما اليوم فلا تعدو المسألة عند نطاق عريض أكثر من رأي وذوق، ولا يحتاج البت في الحكم أكثر من التعبير عن الرأي الشخصي، فيالله وقد آل حكم الله خبطاً بين أذواق المتذوقين.


· من أٍسباب تتايع الناس في الفتوى هو عدم الخوف من العواقب، فلو أخطأ في فتوى ماذا يحصل؟ عقاب من الله! لا بأس؛ فإنه أيضاً غفور رحيم، لكن الخطأ في التطبب معناه زيادة المرض أو عطبه وهلاكه، والخطأ في الهندسة معناه خلل البنيان؛ إذن هو حضور "الدنيا" وغياب "الآخرة"، فهي غفلة مركَّبة.


· ليتهم اغتصبوا واندسوا، بل اغتصبوا واستهزؤوا، فالفقيه هو عالم الحيض، وهو الذي يدور في دورات المياه، أما هم فقد تصدوا لأمور الأمة العظام، وانتدبوا لقيادتها، ومع ذلك تجد أحدهم يفتي في أن الحيض لا يمنع من العمل، وأنه يصح أن تكون الحائض قاضية، فلا تصادم بين الحيضة والقضية وبينهما اشتراك الضاد والياء، فهو قياس مستمد من "الاشتقاق الكبير"! وهو أقوى ما يمكن أن يحكى من أنواع الأقيسة! ثم إن الحيض في أول فورته سبب كافي للإجازة المرضية، والحيض لا يمنع الجنس، وأن الحيض والحيض، وفي الحقيقة إن كان الحيض أحد مسائل الفقهاء، فإن كثيرا من هؤلاء تدور قضاياه بين الجنس ولوث الحيض النجس بإجماع العلماء.


· هذا اغتصاب منصب الفتوى فماذا عن العبث بأوراق الفقهاء؟ يقولون: إن هناك من تحذلق فأراد أن يبهرج مقالته استمدادا من تزييف مقالات الفقهاء:
- فالأقوال في نقض الوضوء من أكل لحم الإبل ثلاثة: النقض وعدم النقض، هذان قولان معروفان، والصواب التفصيل وهو التفريق بين روث وبول ما يؤكل لحمه وبول وروث ما لا يؤكل!
- اختلفوا في تأويل الصفات على ثلاثة أقوال: مذهب السلف القدامى: التفويض، ومذهب المتأخرين التحريف: والصواب التفريق بين العلة التعبدية والعلة المعقولة المعنى!.
- كما يجوز للرجل التعدد فإنه يجوز لها أيضاً أن تعدد!! أما أن للذكر مثل حظ الأنثيين فهو حديث ضعيف!وإن صح حمل على أنثييه التي في خصيته!.
- الاختلاط جائز ما لم يصل إلى اختلاط المياه والأنساب!!.


· لا بد من إجراءات حمائية، وخطوات فعلية تجاه وقف الاستمرار المشين نحو انتهاك حرم الشريعة، فواعجباً إذا تكلم في الرئيس قامت الدنيا، وأوقفت الصحيفة، وسحب السفير، وساءت العلاقات، وانتفضت الصحف، ويساء إلى حمى الشريعة وكأن أمراً لم يكن! فأين رجالُه؟


· أقترح تفعيل دور المحاكم، وتصيد غلطات أحد المشاهير ثم جعله عبرة في جلسات المحاكم، على ما فيها من ضعف، وما أندر القاضي ذو النفوذ إن لم يكن قد مات ونسي! وأخشى ما أخشاه أن يصيرنا المتهم ذو النفوذ عبرة لغيرنا! لا، وبشهادة القاضي الماجن! ويا حسرة!.


· في رأيي أن من أهم أسباب ابتذال منصب "الفتيا" للغاديين والرائحين هو عمليات السذجنة التي يقع فيها حتى جماعة من المتفقهة أنفسهم، فهو علمٌ سهل تدور أطرافه بين الجواز والتحريم، فالكرة إما أن تقع داخل المرمى فتكون هدفاً محسوباً وإما أن تطوِّح خارجه فتقع لغواً، ومن ذلك الدعوة العريضة إلى فتح باب الاجتهاد وتسهيل أدواته، فقد غدا من رجاله من لا تجتمع له سوى بضعة عشرة قاعدة خنق الفقه في فانوسها، ويخرج منها عفريتاً يضرب في كل اتجاه.


· لئن كان ابن الوزير والصنعاني سعوا إلى توسيع دائرة الاجتهاد لما رأوا من المبالغة في تضييق دائرته حتى كان المجتهد الأصولي لا يخرج عن دائرة مذهبه، فما أحرانا اليوم أن نحدد دائرته لما رأينا أن الطفيلي يخبط على رؤوس الفقهاء، وقد فتحوا باب الاجتهاد حتى خلعوه فصار مدخلاً لكل ذي لسان؛ فما أجدر الباب أن يعود إلى محله ولو على ترقيعاته، فدفع الصائل لا يشترط له شرط، ثم إذا دُفِع الصائل نفكر حينها في صنع باب مثالي!.

يا سادة، إنما رام ابن الوزير والصنعاني حل القفل المحكم دون المجتهدين لا إباحة اغتصاب منصب الفتيا، وانتهاك حرمته، والعبث بأوراق الفقهاء.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
أحسن الله إليكم أخي فؤاد
لي مداخلة متعلقة بموضوعكم
ما رأيكم فيمن يقال له: قال أبو حنيفة، وقال الشافعي....الخ من أقوال أئمتنا الذين تلقتهم الأمة وفقههم بالقبول
قيقول لك: أقول لك قال الله ورسوله، وتقول لي: قال أبو حنيفة والشافعي
وغالب من رأيت من هؤلاء الرعاع، لا يجيد لغة ولا منطقا ولا حتى شيئا من علوم الآلة
وينتصب كالطاووس رادا قول الأئمة، ظنا منه أنهم تركوا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لأهوائهم.
وظنا منه: أنه قد اطلع على ما في كتاب الله وسنة رسوله ما لم يطلع عليه الأئمة رضوان الله عليهم جميعاً.

كنت عندما أصدف أمثال هؤلاء الرعاع أقول لهم:
من قال بقولك هذا؟ فيقول: الشيخ الفلاني
أقول له: إذا لم تبلغ رتبة الاجتهاد
وتقلد غيرك من المعاصرين
فأنا أولى منك بتقليد من تلقتهم الأمة بالقبول
وأذكره بأن من تنقل عنه من المعاصرين لم يبلغ معشار ما بلغ ابن الهمام في مذهبنا، حتى أن بعضهم قال أنه بلغ رتبة الاجتهاد المطلق، ومع ذلك لا يلتفت لأقواله إذا خالف معتمد المذهب.
ورحم الله الشيخ الحامد عندما كتب كتابه: لزوم اتباع المذاهب حسما للفوضى الدينية.

هذا ما جال في خاطري، لكثرة ما يعكر صفوه هؤلاء ممن رطّ وزأط.
بانتظار تعليقكم أخي فؤاد، وبقية الإخوة.
ودمتم بخير وعافية.

بارك الله فيكم
نعم، في مقام التقليد، لا قيمة للاستدلال، وتقليد الأئمة أولى من تقليد المتأخرين فضلا عن المعاصرين، ومراتب الاستدلال حينئذ متأخرة، وإنما تأتي للانتصار أو للمدافعة، لا لتحصيل الحكم الشرعي.
لكن في مقام الاستدلال والبحث العلمي لا قيمة للتقليد ولو كانوا الأئمة الكبار.
نعم، أدرك أن مرادك هو تصدر غير المتأهلين واتكاؤهم على النصوص، وهم في الحقيقة صورة معدلة من أقوال شيوخهم.
فالتقليد ضارب في جذوره داخل المدارس الاجتهادية شاؤوا أم أبوا!
وأعد موضوعاً يسر الله تمامه بعنوان: "قوالب التقليد المتجددة داخل المدارس الاجتهادية"
بل أقول: وفي داخل مدرسة ابن حزم وابن تيمية، وهما أشهر مدرستين قاومت التقليد.
وقد نشرت أحد مواد هذا البحث بعنوان: "طليعة الامتدادات الحزمية"
https://feqhweb.com/vb/threads/4053
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
موضوع خطير وأسلوب ممتع ، لكن أخي الكريم هل يحتاج الفقه لتقرير مكانته أنْ يُعرِّضَ بالعلم المستطيل ... بذكر الانهماك في حتَّى ونحوها!

كان همي الإشارة إلى أن من أسباب "اغتصاب منصب الفتيا" هو تصدر جماعة للفتيا ممن تعلقوا بعلوم الشريعة بسبب.
وهذا ظاهر جدا.
والمقام فيه شيء من الحساسية فخططت أن أبتعد عن أماكن الخطر، وانتخبت علمين توقعت أني سأكون في مأمن من المساءلة، وهما: الفلسلفة والنحو.
ولم يدر بخلدي أني سأقع في شبكة دكتور في النحو واللغة العربية.
فعذرا أستاذنا الدكتور تامر أنيس، فليس الغرض الحط من علم اللغة العربية وإنما التنبيه على مناطق الانزلاق إلى "الفتيا" من غير المتخصصين، فالفقيه تحت الضوء، وهو المتحدث الإعلامي
وأنا اليوم في شأن أن يأتيني فيلسوف؛ فما عساني أقول له!
----------------------
 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
أحسن الله إليكم أخي فؤاد
لي مداخلة متعلقة بموضوعكم
ما رأيكم فيمن يقال له: قال أبو حنيفة، وقال الشافعي....الخ من أقوال أئمتنا الذين تلقتهم الأمة وفقههم بالقبول
قيقول لك: أقول لك قال الله ورسوله، وتقول لي: قال أبو حنيفة والشافعي
وغالب من رأيت من هؤلاء الرعاع، لا يجيد لغة ولا منطقا ولا حتى شيئا من علوم الآلة
وينتصب كالطاووس رادا قول الأئمة، ظنا منه أنهم تركوا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لأهوائهم.
وظنا منه: أنه قد اطلع على ما في كتاب الله وسنة رسوله ما لم يطلع عليه الأئمة رضوان الله عليهم جميعاً.

كنت عندما أصدف أمثال هؤلاء الرعاع أقول لهم:
من قال بقولك هذا؟ فيقول: الشيخ الفلاني
أقول له: إذا لم تبلغ رتبة الاجتهاد
وتقلد غيرك من المعاصرين
فأنا أولى منك بتقليد من تلقتهم الأمة بالقبول
وأذكره بأن من تنقل عنه من المعاصرين لم يبلغ معشار ما بلغ ابن الهمام في مذهبنا، حتى أن بعضهم قال أنه بلغ رتبة الاجتهاد المطلق، ومع ذلك لا يلتفت لأقواله إذا خالف معتمد المذهب.
ورحم الله الشيخ الحامد عندما كتب كتابه: لزوم اتباع المذاهب حسما للفوضى الدينية.

هذا ما جال في خاطري، لكثرة ما يعكر صفوه هؤلاء ممن رطّ وزأط.
بانتظار تعليقكم أخي فؤاد، وبقية الإخوة.
ودمتم بخير وعافية.



بارك الله في الإخوة

و هذا ما أسميه التقليد المذهبي الجديد.

ذكرتني بأحدهم ناقشته في مسألة فقال أن المسألة لا تحتمل الخلاف و القول الراجح فيها ظاهر و سهل فقلت له كيف ذلك و قد قال بخلاف قولك جمهور السلف و الخلف فهل قل عقلهم فلم ينتبهوا لسهولة هذة المسألة حتى قالوا بخلاف قولك الظاهر !!!!!

 
أعلى